ترامب تعلم من أخطاء بايدن: لا تقلل أبدًا من شأن السعودية

[ابو مهند الزهراني]

عندما يتعلق الأمر بالطاقة
يلعب الرئيس ترامب الشطرنج، لا الداما. أما الرئيس السابق جو بايدن، فلم يكن حتى يلعب لعبة "إكس أو".

فكّر: لماذا يسافر المسؤولون الأمريكيون إلى السعودية للتفاوض على السلام بين أوكرانيا وروسيا؟
لماذا لا يسافرون إلى المنتديات الدبلوماسية التقليدية مثل جنيف أو فيينا؟

لأن ترامب يعلم أن السعودية أساسية لخفض أسعار النفط والضغط على روسيا للجلوس إلى طاولة المفاوضات
كما يعلم أن ولي العهد السعودي ، محمد بن سلمان ، يتوق إلى القبول به كزعيم عالمي
وأن استضافة هذه الاجتماعات رفيعة المستوى تساعده على تحقيق ذلك.

كان بايدن قد رفض بن سلمان، ووعد في عام 2019 بجعله " منبوذا ". ولن يرتكب ترامب هذا الخطأ.

انخفضت أسعار البنزين بنسبة 11% عن العام الماضي، مما يُشعر الأمريكيين القلقين بشأن التضخم براحة بال، ويُعزز مكانة ترامب في البيت الأبيض.
كان لخفض أسعار الطاقة في حملته الانتخابية أهمية كبرى لنجاح هذه الإدارة.
أما بايدن، فقد تضررت شعبيته بشدة عندما تجاوزت أسعار البنزين 5 دولارات للغالون في عام 2022
أما بالنسبة لترامب، فالمخاطر كبيرة بنفس القدر.

انخفضت أسعار البنزين لأن سعر النفط الخام يحوم حول 67 دولارًا للبرميل ، منخفضًا من 84 دولارًا قبل عام .
لماذا هذا الانخفاض؟ هناك عوامل عديدة، أهمها أن أوبك+، ولأول مرة منذ عام 2022، وافقت على زيادة الإنتاج في أبريل .
بين الشهر المقبل وسبتمبر 2026، وافقت أوبك+ على عكس تخفيضاتها السابقة البالغة 2.2 مليون برميل يوميًا
ما لم يرتفع الطلب بشكل غير متوقع، أو يحدث خلل كبير في الإنتاج في الشرق الأوسط، فإن ارتفاع الإنتاج من شأنه
أن يُبقي الأسعار مستقرة، دون مستوى 78 دولارًا المسجل في يوم التنصيب.

ولذلك، يمكنك أن تشكر ترامب وتواصله مع ابن سلمان.

تظل المملكة العربية السعودية "المنتج المرجّح" للنفط في العالم
وزعيمة منظمة أوبك، ويوجه ولي العهد سياساتها.

وهو وراء قرار المنظمة بزيادة الإنتاج.
يتوقع بن سلمان أن يُشدّد ترامب العقوبات على إيران، مما سيقلل الإمدادات العالمية؛ وأوبك سعيدةٌ بتكثيف جهودها.

بعد توليه منصبه بفترة وجيزة، تحدث ترامب افتراضيًا إلى قادة الشركات والسياسيين العالميين في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، قائلاً :
"سأطلب أيضًا من السعودية وأوبك خفض أسعار النفط.
عليكم خفضها، وهو ما يُثير استغرابي بصراحة أنهم لم يفعلوه قبل الانتخابات
إنهم مسؤولون تمامًا، إلى حد ما، عما يحدث - ملايين الأرواح تُزهق".

كان ترامب مُحقًا؛ فالأسعار المرتفعة التي تلاعبت بها أوبك مكّنت فلاديمير بوتين من تحقيق مجهوده الحربي.
ورغم انخفاض إنتاج النفط الروسي العام الماضي، ارتفعت الإيرادات بنسبة 2% .

وقد يُسهم تعزيز أوبك للإنتاج في خفض الأسعار وتسريع عملية السلام. وقد أدى خطاب ترامب إلى انخفاض أسعار النفط بنحو 1%
وبعد ذلك بوقت قصير، أعلنت أوبك عن زيادة الإنتاج بدءًا من أبريل.

على المدى البعيد، سيعمل ترامب على زيادة إنتاج النفط الأمريكي. ولن يحدث ذلك بين عشية وضحاها
لا سيما وأن بعضًا من أكثر مصادر النفط الجديدة الواعدة تقع في مناطق مثل ألاسكا، والتي قد يستغرق إنتاجها سنوات.

لن يشجع انخفاض أسعار النفط شركات النفط على "الحفر، يا عزيزي، الحفر!"
لكن بإمكان البيت الأبيض تعزيز الاستثمار في حقول النفط من خلال عكس سياسات بايدن التي رفعت الإتاوات المطلوبة على الأراضي الفيدرالية
وفرضت رسومًا باهظة على تسربات الميثان، وحجبت تصاريح الحفر ومبيعات الإيجار. سيستجيب قطاع النفط لمثل هذه الحوافز.

ومع ذلك، تظل العلاقة بين المملكة العربية السعودية وترامب مع ابن سلمان أساسية.

بذل بايدن جهدًا كبيرًا لإهانة الزعيم السعودي، معاقبًا إياه على تدبيره المزعوم لجريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي.
كما رفض الرئيس التحدث إلى محمد بن سلمان ، قائلًا إنه سيتواصل فقط مع والده المُسن

وكان من أهم القرارات التي اتخذها بايدن إلغاء تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية
الذي كان ترامب قد فرضه عليهم، ووقف مبيعات الأسلحة الهجومية للسعوديين، وكلاهما عقّد حربهم ضد الجماعة الإرهابية في اليمن.

شجع عداء بايدن للمملكة العربية السعودية قائدها على الدعوة إلى خفض إنتاج النفط ورفع أسعاره
مما أضرّ بدوره بسمعة بايدن والولايات المتحدة.

في ظلّ ارتفاع التضخم وقلقه من اقتراب انتخابات التجديد النصفي، سافر بايدن إلى السعودية عام ٢٠٢٢
ليتوسّل زيادة إنتاج النفط.

وبدلًا من المصافحة أصرّ ين سلمان على "مصافحتة بطريقة مصافحة بوكس وهي حادثة دبلوماسية مُهينة
فشلت زيارة بايدن ، وظلّت أسعار النفط مرتفعة

وكانت النتيجة أن بايدن استنفد الاحتياطي الاستراتيجي من النفط
مما أدى إلى تقليص الكمية المخزنة إلى أدنى مستوى لها منذ عام 1984 .

سيضغط ترامب على السعوديين لإبقاء أسعار النفط منخفضة
كما يحتاج إلى مساعدتهم في حل الصراع في غزة.
تُعدّ الهجمات الأمريكية الأخيرة على الحوثيين ، وكلاء إيران وأعداء السعودية، جزءًا من المفاوضات المعقدة.
سيستمر ترامب في لعب الشطرنج