فيما اعتبر نصرا دبلوماسيا لروسيا وإيران ، أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما رسميا يوم الخميس الموافق 17 سبتمبر عن تعليق مشروع الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية والذي يعود إلى حقبة سلفه جورج بوش وكان يهدد في حال تنفيذه بإشعال حرب باردة جديدة .
وفي مؤتمر صحفي عقده بالبيت الأبيض ، برر أوباما هذا القرار بتحديث واشنطن لمعلوماتها الاستخبارية تجاه إيران ، بالإضافة إلى وجود تقديرات أمريكية بأن برنامج إيران للصواريخ الطويلة المدى لم يتطور بالسرعة التي جرى تقديرها في السابق .
التبريرات السابقة قد تكون منطقية من وجهة نظر البعض ، إلا أن الحقيقة عكس ذلك وتجد نفسها في عدة أمور من أبرزها الموقف الروسي الرافض بشدة للمشروع الصاروخي الأمريكي والذي وصل لدرجة التهديد بإشعال حرب جديدة في أوروبا على غرار الحرب العالمية الثانية.
فما أن أعلن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في 2007 عن اعتزام واشنطن إقامة منظومة دفاعية صاروخية أمريكية جديدة في التشيك وبولندا للتصدي لما أسماه الخطر الإيراني ، إلا وكشرت موسكو عن أنيابها واعتبرت أن الأمر يستهدفها هى بالأساس ويهدد أمنها القومي بل ووصفت مزاعم بوش حول استهدافه إيران بـ "السخافة" لأنه يقع داخل دول كانت تدور في فلك الاتحاد السوفيتي السابق وبالقرب من حدود روسيا.
وبالطبع في حال كهذا ، كان لابد من رد فعل روسي سريع وبدأ التفكير على الفور في إعادة نشر الأسلحة النووية الروسية في روسيا البيضاء ( بيلا روسيا ) التي تقع على الحدود مع بولندا ، كما قامت صراحة بالتهديد باستهداف بولندا في حال اصرارها على المضي قدما في تنفيذ المخطط الأمريكي وكانت الصفعة الأقوى للغرب هى اعتراف الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف رسميا باستقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا في 26 أغسطس 2008 .
كما أعلن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن بلاده قررت نشر منظومة للصواريخ الباليستية في جبل كالينينجراد الواقع بين ليتوانيا وبولندا (وهما من أعضاء حلف الناتو ) لأجل تحييد نظام الدرع الصاروخي الأمريكي عند الضرورة ، بل وهدد الرئيس الروسي أيضا باستخدام الوسائل الالكترونية للتشويش على النظام الدفاعي الأمريكي.
ورغم أن أوباما حاول منذ توليه منصبه إقناع روسيا بالتراجع عن هذا الموقف ، إلا أنه واجه مزيدا من التعنت في موقف موسكو ، ولذا لم يكن أمامه من خيار سوى إلغاء مثل هذا المشروع .
وما يؤكد الفرضية السابقة أن إدارة أوباما في حاجة ماسة لمساعدة موسكو في توصيل الإمدادات لأفغانستان ، كما أنها حريصة على الحوار مع إيران لتأمين انسحاب آمن لقواتها من العراق ، بالإضافة للأمر الأهم وهو تمسك طهران بحقها في تخصيب اليورانيوم وإعلانها بين الفينة والأخرى عن تطوير قدراتها الصاروخية .
وفي مؤتمر صحفي عقده بالبيت الأبيض ، برر أوباما هذا القرار بتحديث واشنطن لمعلوماتها الاستخبارية تجاه إيران ، بالإضافة إلى وجود تقديرات أمريكية بأن برنامج إيران للصواريخ الطويلة المدى لم يتطور بالسرعة التي جرى تقديرها في السابق .
التبريرات السابقة قد تكون منطقية من وجهة نظر البعض ، إلا أن الحقيقة عكس ذلك وتجد نفسها في عدة أمور من أبرزها الموقف الروسي الرافض بشدة للمشروع الصاروخي الأمريكي والذي وصل لدرجة التهديد بإشعال حرب جديدة في أوروبا على غرار الحرب العالمية الثانية.
فما أن أعلن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في 2007 عن اعتزام واشنطن إقامة منظومة دفاعية صاروخية أمريكية جديدة في التشيك وبولندا للتصدي لما أسماه الخطر الإيراني ، إلا وكشرت موسكو عن أنيابها واعتبرت أن الأمر يستهدفها هى بالأساس ويهدد أمنها القومي بل ووصفت مزاعم بوش حول استهدافه إيران بـ "السخافة" لأنه يقع داخل دول كانت تدور في فلك الاتحاد السوفيتي السابق وبالقرب من حدود روسيا.
وبالطبع في حال كهذا ، كان لابد من رد فعل روسي سريع وبدأ التفكير على الفور في إعادة نشر الأسلحة النووية الروسية في روسيا البيضاء ( بيلا روسيا ) التي تقع على الحدود مع بولندا ، كما قامت صراحة بالتهديد باستهداف بولندا في حال اصرارها على المضي قدما في تنفيذ المخطط الأمريكي وكانت الصفعة الأقوى للغرب هى اعتراف الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف رسميا باستقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا في 26 أغسطس 2008 .
كما أعلن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن بلاده قررت نشر منظومة للصواريخ الباليستية في جبل كالينينجراد الواقع بين ليتوانيا وبولندا (وهما من أعضاء حلف الناتو ) لأجل تحييد نظام الدرع الصاروخي الأمريكي عند الضرورة ، بل وهدد الرئيس الروسي أيضا باستخدام الوسائل الالكترونية للتشويش على النظام الدفاعي الأمريكي.
ورغم أن أوباما حاول منذ توليه منصبه إقناع روسيا بالتراجع عن هذا الموقف ، إلا أنه واجه مزيدا من التعنت في موقف موسكو ، ولذا لم يكن أمامه من خيار سوى إلغاء مثل هذا المشروع .
وما يؤكد الفرضية السابقة أن إدارة أوباما في حاجة ماسة لمساعدة موسكو في توصيل الإمدادات لأفغانستان ، كما أنها حريصة على الحوار مع إيران لتأمين انسحاب آمن لقواتها من العراق ، بالإضافة للأمر الأهم وهو تمسك طهران بحقها في تخصيب اليورانيوم وإعلانها بين الفينة والأخرى عن تطوير قدراتها الصاروخية .
أوراق وحقائق
الأوراق السابقة استخدمتها روسيا بذكاء لإجبار واشنطن على إلغاء الدرع الصاروخي ، ولعل إعلان أوباما عن تعليق العمل بالمشروع بعد أيام من الكشف عن عقد محادثات مباشرة في مطلع أكتوبر بين طهران وواشنطن بشأن أزمة البرنامج النووي الإيراني ، يؤكد أن هناك صفقات سرية تتم وراء الأبواب المغلقة وتلعب فيها روسيا وإيران دور البطولة.
وبجانب ما سبق ، فإنه هناك حقيقة أخرى قد يجهلها البعض وأجبرت أوباما على التراجع عن خطط سلفه بوش وهى الرفض الشعبي في التشيك لمشروع الدرع الصاروخي الذي كان مقررا أن يدخل مرحلة التشغيل الكامل بحلول عام 2012 ، فقد سحبت الحكومة التشيكية اتفاقية من مجلس النواب تتعلق بنشر قاعدة رادارية أمريكية في التشيك ضمن هذا المشروع بعد تأكدها من أنه سيرفضها.
وفي منتصف يوليو الماضي ، أظهرت نتائج أحدث استطلاع للرأي العام في التشيك معارضة 67 بالمائة من المواطنين التشيك وضع القاعدة الرادارية الأمريكية في بلادهم ، مقابل موافقة 26 بالمائة فقط منهم .
وأشار مركز أبحاث الرأي العام التشيكي الذي أجرى الاستطلاع إلى عدم حصول أي تغييرات ملموسة في هذا الشأن مقارنة باستطلاعات مماثلة أجريت خلال الأشهر الماضية ، لافتا إلى تأييد نحو71 بالمائة من التشيك المستطلعة آراؤهم إجراء استفتاء بهذا الخصوص .
ويبدو أن التطورات السابقة تثير فزع إسرائيل ، فهى بمثابة مؤشر على تغيير في نهج أوباما عن سلفه بوش الذي عرف عنه الانحياز الصارخ لإسرائيل حتى لو كان يتعارض في بعض الأحيان مع مصالح واشنطن ، كما أن تعليق العمل بالدرع الصاروخية وإجراء مفاوضات مباشرة بين طهران وواشنطن يجهض أو يؤجل على الأقل مخططات حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل الهادفة لتوجيه ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية .
صحيح أن البعض قد يقلل من أهمية تعليق الدرع الصاروخية بالنسبة لإيران بالنظر إلى إعلان أوباما أن الولايات المتحدة تخطط لـ"نظام دفاعي جديد ضد الصواريخ في أوروبا" سيكون من شأنه توفير قدرات الردع بشكل أسرع وأكثر فاعلية من المشروع الملغي الذي يعود إلى حقبة سلفه جورج بوش ، هذا بالإضافة إلى ما يتردد عن صفقة بين موسكو وواشنطن تتخلى بموجبها الأخيرة عن الدرع الصاروخي مقابل التزام موسكو بالموقف الغربي في التعامل مع ايران سواء في صفقة تسوية أو في تشديد العقوبات ، إلا أن الحقيقة على الأرجح عكس ما سبق ، فأوباما لم يتطرق إلى تفاصيل النظام الجديد ويعتقد على نطاق واسع أنه لا يوجد مثل هذا النظام من أساسه وإنما هو محاولة من جانبه لامتصاص غضب الجمهوريين واللوبي الصهيوني .
أيضا فإن روسيا طالما شددت على أنها لن تضحي بعلاقاتها مع إيران مقابل تراجع واشنطن عن الدرع الصاروخية ، ففي 28 مارس الماضي أكد الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف أن موسكو غير مستعدة لإبرام صفقة مع واشنطن أو أية عاصمة غربية أخرى بشأن البرنامج النووي الإيراني ، وأوضح أن التقارير التي تتحدث عن عقد موسكو صفقة مع واشنطن حول البرنامج النووي الإيراني لا أساس لها من الصحة ، مشددا على أن موقف روسيا في هذا الخصوص واضح وشفاف تماما.
وأضاف أن موسكو تربطها علاقات وثيقة وواسعة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، مشيرا إلى أن موسكو تعتبر الوکالة الدولية للطاقة الذرية أفضل مرجع للحكم بشأن البرنامج النووي الإيراني .
وتبقى الحقيقة الهامة وهى أن الدرع الصاروخية لم تكن من أجل أهداف عسكرية بالأساس وإنما هى ورقة سياسية استخدمتها واشنطن في عهد بوش لابتزاز موسكو وطهران ، إلا أنها لم تأت بأية نتائج وهذا ما أجبر أوباما على العودة للمحادثات والصفقات السياسية.
وبجانب ما سبق ، فإنه هناك حقيقة أخرى قد يجهلها البعض وأجبرت أوباما على التراجع عن خطط سلفه بوش وهى الرفض الشعبي في التشيك لمشروع الدرع الصاروخي الذي كان مقررا أن يدخل مرحلة التشغيل الكامل بحلول عام 2012 ، فقد سحبت الحكومة التشيكية اتفاقية من مجلس النواب تتعلق بنشر قاعدة رادارية أمريكية في التشيك ضمن هذا المشروع بعد تأكدها من أنه سيرفضها.
وفي منتصف يوليو الماضي ، أظهرت نتائج أحدث استطلاع للرأي العام في التشيك معارضة 67 بالمائة من المواطنين التشيك وضع القاعدة الرادارية الأمريكية في بلادهم ، مقابل موافقة 26 بالمائة فقط منهم .
وأشار مركز أبحاث الرأي العام التشيكي الذي أجرى الاستطلاع إلى عدم حصول أي تغييرات ملموسة في هذا الشأن مقارنة باستطلاعات مماثلة أجريت خلال الأشهر الماضية ، لافتا إلى تأييد نحو71 بالمائة من التشيك المستطلعة آراؤهم إجراء استفتاء بهذا الخصوص .
ويبدو أن التطورات السابقة تثير فزع إسرائيل ، فهى بمثابة مؤشر على تغيير في نهج أوباما عن سلفه بوش الذي عرف عنه الانحياز الصارخ لإسرائيل حتى لو كان يتعارض في بعض الأحيان مع مصالح واشنطن ، كما أن تعليق العمل بالدرع الصاروخية وإجراء مفاوضات مباشرة بين طهران وواشنطن يجهض أو يؤجل على الأقل مخططات حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل الهادفة لتوجيه ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية .
صحيح أن البعض قد يقلل من أهمية تعليق الدرع الصاروخية بالنسبة لإيران بالنظر إلى إعلان أوباما أن الولايات المتحدة تخطط لـ"نظام دفاعي جديد ضد الصواريخ في أوروبا" سيكون من شأنه توفير قدرات الردع بشكل أسرع وأكثر فاعلية من المشروع الملغي الذي يعود إلى حقبة سلفه جورج بوش ، هذا بالإضافة إلى ما يتردد عن صفقة بين موسكو وواشنطن تتخلى بموجبها الأخيرة عن الدرع الصاروخي مقابل التزام موسكو بالموقف الغربي في التعامل مع ايران سواء في صفقة تسوية أو في تشديد العقوبات ، إلا أن الحقيقة على الأرجح عكس ما سبق ، فأوباما لم يتطرق إلى تفاصيل النظام الجديد ويعتقد على نطاق واسع أنه لا يوجد مثل هذا النظام من أساسه وإنما هو محاولة من جانبه لامتصاص غضب الجمهوريين واللوبي الصهيوني .
أيضا فإن روسيا طالما شددت على أنها لن تضحي بعلاقاتها مع إيران مقابل تراجع واشنطن عن الدرع الصاروخية ، ففي 28 مارس الماضي أكد الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف أن موسكو غير مستعدة لإبرام صفقة مع واشنطن أو أية عاصمة غربية أخرى بشأن البرنامج النووي الإيراني ، وأوضح أن التقارير التي تتحدث عن عقد موسكو صفقة مع واشنطن حول البرنامج النووي الإيراني لا أساس لها من الصحة ، مشددا على أن موقف روسيا في هذا الخصوص واضح وشفاف تماما.
وأضاف أن موسكو تربطها علاقات وثيقة وواسعة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، مشيرا إلى أن موسكو تعتبر الوکالة الدولية للطاقة الذرية أفضل مرجع للحكم بشأن البرنامج النووي الإيراني .
وتبقى الحقيقة الهامة وهى أن الدرع الصاروخية لم تكن من أجل أهداف عسكرية بالأساس وإنما هى ورقة سياسية استخدمتها واشنطن في عهد بوش لابتزاز موسكو وطهران ، إلا أنها لم تأت بأية نتائج وهذا ما أجبر أوباما على العودة للمحادثات والصفقات السياسية.