اختبار كشف التطبيل

تنين

عضو جديد
إنضم
17 ديسمبر 2024
المشاركات
22
التفاعل
30 1 0
الدولة
Iraq
المواضيع السياسية عادة ما تشهد انقسامات في الرأي و مناقشات بين الأطراف، و هذه الأطراف عادة ما تكون مؤيدة لشخص أو لجماعة أو لحكومة و تناقش أطرافا أخرى معارضة للشخص أو للجماعة أو للحكومة.

إلى هنا يبدو الأمر حضاريا و نقاشا مثمرا يفتح الآفاق الفكرية لدى كل الأطراف المتناقشة، إلى حين أن يصطدم النقاش بحاجز "التطبيل"، هذا الحاجز المنيع الحصين الذي يمنع صاحبه من فهم وجهة نظر الطرف المقابل و يجعل من صاحبه مجرد مدافع عن شخص ما أو حكومة ما أو جماعة ما ظالم/ة أو مظلوم/ة!

النقاش مع "المطبل" عادة غير مثمر، فهو لا يغير مواقفه و إن أتيت له بآلاف الأدلة التي تثبت صحة أقوالك، و لكن هذا لا يعني أن كل من ناقشته ولم يقتنع بوجهة نظرك أنه "مطبل"؛ قد يكون الأمر ببساطة أنك لم تأت بأدلة قوية كفاية لتقنعه بتغيير وجهة نظره، أو أنه يرى أن أدلته اقوى حجة من أدلتك، أو أن تكون أنت الطرف المخطئ في النقاش و الحق مع الطرف المقابل!

كل هذا طبيعي و يبقى الأمر مثمرا فهو وإن لم يقتنع بوجهة نظرك إلا أنك أريته جانبا من الصورة لم يكن ليراه بمفرده، و الأمر ينطبق عليك أنت أيضا فمناقشك سيريك جانبا من الصورة لم تكن لتراها لوحدك، وبالمجمل كان النقاش مثمرا و إن لم يقتنع الطرفان بوجهات نظر بعضيهما البعض.

لكن كما أسلفنا الحال مختلفة مع "المطبل" فالنقاش معه ليس بمثمر و إنما عادة ما يصل للسباب والشتم و الطعن و تشخيص المسائل، فهو لا يحتمل أي انتقاد للطرف الذي يدافع عنه!

و لذلك علينا قبل أن نبدأ النقاش السياسي مع طرف ما أن نعرف من أي فئة هو؟
فئة الناقد الموضوعي أم فئة "المطبل".

معرفة ذلك مفيد على الصعيدين النفسي و الزمني، على الصعيد النفسي فهذا يريحك من ناحية أن لا تضيع طاقتك النفسية على "المطبلين" و أن تغلق الباب أمامهم حتى لا تتأذى من سماع تراهاتهم اللاعقلانية و اللامنطقية، و ان تربأ بنفسك عن السباب و الشتم الذي عادة ما يتصف به "المطبلون" فهو سلاحهم المفضل عند إفلاسهم السياسي و المنطقي.
أما على صعيد الزمني، فوقتك أثمن من أن يضيع على نقاش بيزنطي لا يؤدي إلى شيء مع هذا "المطبل".

و بعد أن عرفنا فوائد معرفة فئة من يناقشنا علينا أن نعرف كيف نميز بين الفئتين لنعرف لأي فئة ينتمي المناقش، و هنا يأتي دور اختبار كشف التطبيل.

اختبار كشف التطبيل
في بداية النقاش أو عند شكك أن الطرف المناقش عبارة عن "مطبل" يمكنك أن تستعمل عليه الاختبار، و الاختبار عبارة عن سؤال واحد و طلب واحد فقط!

السؤال هو:
هل الشخص أو الحكومة او الجماعة التي تدافع عنه/ا معصوم/ة عن الخطأ؟

بالتأكيد سيجيبك بلا، إن أجابك بنعم فهو "مطبل" من فئة غلاة التطبيل.

لكن عادة ما يكون الجواب "لا، ليسوا معصومين".

هنا نأتي للطلب و هو:
عدد لنا بضعة أخطاء قام/ت بها الحكومة أو الجماعة أو الشخص الذي تدافع عنه/ا.

عادة -و عن تجربة- يسكت "المطبل" هنا، لأنه على مدار سنين حياته لطالما شرعن و برر جميع تصرفات و قرارات حكومته أو جماعته أو الشخص الذي "يطبل" لهم/له، لذلك لم يبق لديهم أية أخطاء، فكل أفعالهم و قراراتهم قد شرعها و بررها لهم، و لذلك سيقف أمام حقيقة "تطبيله" و هي أن من يدافع عنهم قد أصبحوا معصومين و العياذ بالله، و هذا ما يرفضه هو بجوابه الأول، و لكن عند التطبيق فهو يخالف جوابه الأول لأنه لم يتخيل قط و لو للحظة أن من يدافع عنهم من الممكن ان يخطؤوا و أن يتخذوا قرارات خاطئة فعلا.

ففي حالة سكوته فهذا "مطبل"، أما لو بدأ يعدد أخطاء الحكومة أو الجماعة أو الشخص الذي يدافع عنهم/عنه فحينها هذا ناقد موضوعي يخالفك الرأي و يدافع عنهم في هذه القضية بينما هو بنفسه ينتقدهم في قضايا أخرى.

و بهذا الاختبار البسيط يمكنك أن تكتشف من أي فئة يكون مناقشك.

بل يمكنك تطبيقه على نفسك لتعرف إن كنت ناقدا موضوعيا أم أنك انحرفت عن مسارك و أصبحت "تطبل" لبعض الناس او الحكومات أو الجماعات!

ففي النهاية كلنا يضل و يخطئ و خيرنا من عاد عن خطئه و صحح مساره إذا ما انحرف عنه.
 
عودة
أعلى