ملخص "متوسع" لتطورات أزمة قناة السويس حتى بدأ العدوان الأنجلوفرنسى على
بورسعيد 1956 ....!!!! -3
خـطـط الـعـدوان الثلاثى
واجهت مصر كفائة تخطيط ضياط أركان حرب إنجلترا وفرنسا وخبرتهم العسكرية الطويلة التى توفرت لهم خلال معارك الحرب العالمية الثانية ، وهوما يمتع به ايضا بعض ضباط إسرائيل الذين هاجروا اليها من أوربا ، الى جانب توفر مصادر عسكرية وقوة طيران ساحقة وسفن بحرية حديثة وضخمة متقدمة تتفوق على ما فى حوزة مصر عدديا وكفائيا ، ولا يمكن مقارنتهم بما كانت تملكه مصر من خبرة محدودة واسلحة قديمة اكتسبتها فى عمليات 1948 ، لتقف فى معركة دفاعية قادمة ستدور فى ميدانين على إمتداد 1500 كيلومتر ، من وسط البحر الأبيض المتوسط حتى العقبة ، وتتجاوز العمليات البرية المحدودة لتتضمن عمليات مشتركة تديرها قيادات تتمتع بخبرات فائقة اكتسبتها خلال الحرب العالمية الثانية ،
اتفاقية سيفر التآمرية
وضع وزراء خارجية انجلترا "سلوين لويد" وفرنسا "جى موليه" إلى جانب وزيرة خارجية اسرائيل وقتئذ "جولدا" مائير" التى أراد دافيد بن جوريون رئيس الوزارة الاسرائيلى أن تساهم بدورها فى وضع نص اتفاق المؤامرة الثلاثية المعروفة باسم اتفاقية سيفر حسب الخطوات التالية:
أهداف العدوان الثلاثى (3)
بين تحالف دول العدوان الثلاثى تواطؤا مشتركا اتفق فى مجمله على تحطيم الإرادة العربية الحرة واختلف فى تفصيله على الوسيلة والغاية من تحقيق أهداف العدوان الثلاثى التالية
أولا: المجموعة السياسية وتمثلها بريطانيا فى هذى التواطؤ ترمز إلى استعادة هيبة بريطانيا العظمى فى الوطن العربى الكبير
ثانيا: المجموعة االعسكرية
وتمثلها فرنسا فى هذا التواطؤ تسعى إلى الانتقام لكرامة فرنسا التى أهدرت فى الجزائر كما ترمى إلى تحطيم ثورة الجزائر نفسها
ثالثا: المجموعة الانتهازية ( إسرائيل )
ترى فى تأزم الأمور وضخامة الصراع القائم بين مصر ودولتى الغرب فرصة جديرة بأن تنتهز لتلقين العرب درسا قاسيا وذلك بتحقيق نصر حاسم وسريع ضد دعامة أو قوة عسكرية وسياسية عربية وهى مصر يسمع صداه فى كافة أرجاء المحيط العربى والعالمى
وسيلة تحقيق النصر الحاسم السريع
وبتحليل أهداف العدوان الثلاثى ومهامه الموزعة على دوله الثلاثة المشتركة فيه سوف نلاحظ أن هدفهم الرئيسى كان القضاء على التجمعات العسكرية المصرية فى سيناء بعد أن تحاصرها قوات العدوان فى فخ مصيدة صحراء سيناء المفتوحة للتفوق الجوى الأنجلوفرنسى وحجزها بين القناة فى جهة الغرب وقوات اسرائيل الزاحفة فى الشرق و الوقوع تحت رحمة القذف الجوى لتفوقهم فى القذف البحرى التدميرى الثقيل من قواتهم الأنجلوفرنسية البحرية من الشمال فى البحر الابيض ومن الجنوب فى البحر الأحمر
بدء التخطيط الفعلى للعدوان
بدأ التخطيط الانجليزى للعدوان من صباح يوم 27 يوليو 1956 أى فى اليوم التإلى لإعلان الرئيس جمال عبد الناصر مساء يوم 26 يوليو فى الأسكندرية تأميم شركة القناة فقد أصدر انتونى ايدن رئيس الحكومة البريطانية أمره لرؤساء أركان حرب الأمبراطورية بإعداد خطة لعمل عسكرى يهتدف انتزاع القناة من مصر
التخطيط للحرب
تميزت خطط الغزو (المتعددة) التى وضعتها القيادة العسكرية الأنجلوفرنسية المشتركة اعتمادها على التخطيط المبدئى الذى رسمه الجنرال الفرنسى أندريه بوفر فى بداية شهر أغسطس 1956 بكثرة التعديلات ومن العوامل العسكرية التى أثرت على خطة العدو أكثر من مرة، ضرورة اختيار منطقة النزول والغزو البرمائى بما يتمشى مع ذريعة التدخل لحماية قناة السويس التى اتخذها البريطانيون حجة لهم لكى تخدم الأهداف السياسية للحرب ويتناسب أيضا مع الامكانيات الأنجلوفرنسية العسكرية وهو ما تبينه تطورات تخطيط عمليات الحرب واختيار بورسعيد كهدف بدلا من الأسكندرية رغم صعوبة الانطلاق من بورسعيد إلى القاهرة الهدف النهائى للغزو .
تطور الخطط الاستراتيجية والعسكرية للعدوان
كانت استراتيجية أركان حرب القوات المسلحة البريطانية حتى هذه اللحظة مبنية على أساس عمل بريطانيا الانفرادى والتدخل وحدها ضد مصر دون معاونة من الغير حرصا على هيبة الأمبراطورية البريطانية لكى تحقق مكاسبها وغنائمها وحدها دون شريك ولكن عندما بدأت فى وضع خطط العدوان المشتركة مع فرنسا دخل فى تفكيرهما إضافة عامل عسكرى لم يبرز فى لحظة وضع الخطة الخطة الأولى المعروفة بإسم 700 والذى سوف يتيح التعاون مع القوات الاسرائيلية المهاجمة من سيناء كما سنرى فى خطط العدوان التالية وخطتة النهائية لغزو بورسعيد بعد اختيارها هدفا للنزول العسكرى
مراحل حرب العدوان الأنجلوفرنسى والثلاثى
وضعت خطط حرب العدوان الثلاثى ودارت معاركها وفقا لأيديولوجية الحرب المحلية للمدرسة العسكرية الغربية التى تضع فى الاعتبار عاملى السرعة والحسم لحصر الحرب فى نطاق محلى محدود بتطبيق مبدأ الحشد على أشمل صورة وكانت خطة الهجوم تعتمد أساسا فى نجاحها على حسن التنسيق ودقة التنظيم بين معارك المجهود الثانوى الذى قام بقيادته وادارته مجلس الأركان الاسرائيلى والمجهود الرئيسى الذى كانت مسئولة عنه القيادة الأنجلوفرنسية المشتركة فى ابسكوبى بقبرص
ولقد بنيت الفكرة العامة لخطة الغزو على أساس توجيه ضربة جوية مركزة ومفاجئة لتدمير القوات الجوية المصرية الحديثة والتخلص من عناصر الدفاع الجوى وبذلك تتم السيطرة على سماء المنطقة بينما يستمر اقتراب الأسطول البحرى الأنجلوفرنسى المشترك من ساحل الغزو ، وبناء على الخطة، يتبع تدمير قوات الطيران المصرى فترة غارات جوية لمدة طويلة لتدمير القوات البرية المصرية المتابعة وخاصة المدرعات الحديثة (دبابات ستالين و ت 34 وسنتوريون) علاوة على تحطيم القوات البحرية المصرية فى قواعدها وفى البحر بعد فقدهم للغطاء الجوى المصرى حتى يتم تحطيم معنويات
الشعب باستخدام اساليب الحرب النفسية والتمكن من شل اقتصاد مصر وخلق الغضب والنقمة ضد الحكم الوطنى المصرى
ويلى ذلك تنفيذ المرحلة الثالثة باقتحام رأس شاطىء بورسعيد لإنشاء رؤوس جسور مناسبة توطئة للانزال البرمائى للقوات الفرنسية اللاحقة رغم العوامل السلبية التى يتصف بها الانزال فى بورسعيد
ثم يتبع الانزال انطلاق القوات الرئيسية من رأس الشاطىء للوصول إلى الاسماعيلية وإعادة احتلال القواعد والمطارات البريطانية فى منطقة القناة وخاصة قاعدة ومطار أبوصوير وفايد للأستيلاء عليهما، ويستمر تنفيذ الغزو باستئناف التقدم جنوبا إلى السويس لآستكمال احتلال منطقة القنال جغرافيا وواقعيا واستغلال النجاح "المفاجىء" بالتقدم فى حركة كماشة من اتجاهى الاسماعيلية والسويس للاستيلاء على القاهرة
معلومات المخابرات العامة تشير إلى تجمع قوات بريطانية
بعد إعلان تأميم شركة قناة السويس فى 26 يوليو 1956 ظهر جليا احتمال قيام بعض الدول الغربية بأعمال عدوانية ضد مصر وكانت المعلومات المتوفرة لدى المخابرات العامة المصرية والمخابرات العسكرية ومصادر مصر المختلفة للحصول على المعلومات تشير إلى تجمع قوات بريطانية فى قبرص ومالطة وليبيا علاوة على تجمع قوات أخرى فى العقبة وقوات بحرية من الاسطول السادس الامريكى فى شرق البحر الابيض المتوسط فيكشف الفريق حافظ إسماعيل على صفحة 52 من كتابه (11) سر ما حدث ".. فور إعلان عبدالناصر يوم 26 يوليو 1956 تأميم شركة قناة السويس تم فى الأسكندرية عقد إجتماع عسكرى خلال اليوم التالى للتأميم لهيئة أركان الحرب المصرية وللقيادة العامة القوات المسلحة برئاسة عبدالناصر وكان التقدير المبدئى ، أن منطقة القناة والقاعدة البريطانية ستكونا الهدف العسكرى المباشر لأى تعرض تقرره بريطانيا ، وبمراجعة موقف قواتها فى القواعد الواقعة فى مدى الضرب من منطقة القناة (قبرص ومالطة وليبيا وميناء العقبة) قدرت القيادة العسكرية فى إجتماعها ، إمكان القيادة البريطانية البريطانية القيام بعملية سريعة ذات هدف محدود ، ولما كانت القيادة الشرقية فى الأسماعيلية تتوفر لديها فى منطقة القناة قوة إحتياطية مخصصة لجبهة سيناء - وتشمل فرقة من المشاة ومجموعة مدرعة – لهذا تقرر تكليف هذه القوة بتأمين منطقة القناة ومنع أى محاولة بريطانية لإعادة إحتلالها
مؤامرة التواطؤ الثلاثية والإنذار البريطانى والاختلاف على البدء
بالمهاجمة (13)
رغم صدور قرار الجمعية العامة الذى تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية ورغم ما جاء فيه من أوامر واجبة التنفيذ باسم المجتمع الدولى الحريص على السلام والأمن الدوليين، المعروف ويبين موشى ديان، قائد القوات الاسرائيلية وقتها فى كتابه، بأن بريطانيا كانت تريد منه القيام بدور المعتدى على مصر، ولكنه ابدى الخوف من انتقام مصر بإرسال طائراتها لضرب المدن الاسرائيلية، وقد عالجت فرنسا الوضع بقبولها إرسال عدد من طائراتها الميستير للتمركز فى مطارات إسرائيل للتصدى لأى طائرات معادية مغيرة
ولما أصر الشركاء الفرنسيون والبريطانيون على أن تقوم إسرائيل بدور الذريعة، عالج ديان الموقف بقبوله أن يجعل العدوان الاسرائيلى يقتصر فى الساعات الأولى على مجرد القيام بمناوشات محدودة بالقرب من قناة السويس وعلى الحدود المصرية فى سيناء، وتأخير الزج بالقوات الرئيسية حتى يصدر الانذار البريطانى الفرنسى وتبدأ الغارات الجوية ويبدأ الضرب الفعلى بالقنابل للمطارات المصرية وبهذه الحيلة يعنى تتمكن إسرائيل من تقدم قواتها حتى مشارف قناة السويس اعتمادا على الانذار
جمال عبد الناصر يتلقى الإنذار (أنظر الموضوع المنفصل)
وفى الساعة الرابعة بعد الظهر سلم الانذار إلى من كل من مصر وإسرائيل والذى كان الهدف منه إسقاط الحكومة الوطنية برئاسة جمال عبد الناصر, أى إفشال الإنقلاب الثورى واخضاع مصر للسيطرة الأجنبية وإرجاع الإقطاعية على مدى متوال كما كان وضع مصر فى الماضى اذ أن كل المحاولات الدولية التى بذلت لاحتواء قرار التأميم أو التراجع عنه قد باءت بالفشل وأصبح توقع الحرب أمرا محتوما
وكان رأى الرئيس جمال عبد الناصر أن الهجوم سيقع من ناحية الغرب، ومن الإسكندرية بالذات نظرا للعوامل الجغرافية التى تساعد على قيام العمليات العسكرية وتوقعت انجلترا وفرنسا واسرائيل رفض الرئيس جمال عبد الناصر للانذار وبذلك يحصلون على سبب للتدخل العسكرى فى مصر تنفيذا للانذار فى ليلة 30 أكتوبر وقبل أن يؤجل مجلس الأمن دورته وصلت رسالة سريعة من مندوب مصر فى هيئة الأمم المتحدة
بدء العدوان الأنجلوفرنسى على مصر
بعدما وصلت أسراب من الطائرات الفرنسية إلى اسرائيل وتجمعت فى مطار اللد "تل ابيب" ولجوء انجلترا وفرنسا للمؤامرة الدنيئة باستخدام اسرائيل كمخلب قط لهما من اجل سحب قدم الجيش المصرى وجذب قواته إلى الأرض الفضاء فى سيناء فى كمين يتمكنون فيه من القضاء على القوات المصرية وإبادتها
وتبعا للخطة التآمرية بدأ العدوان بإنزال قوات محدودة (كتيبة) من رجال المظلات الاسرائيلية فى سدر الحيطان شرق ممر متلا
وأصدرت إسرائيل بيانا عسكرى بهذه المناسبة يقول ".. يعلن المتحدث بلسان جيش الدفاع الاسرائيلى أن قوات جيش الدفاع الاسرائيلى دخلت وأصابت وحدات الفدائيين فى رأس النقب والكونتيلا واحتلت مواقع غرب مركز تقاطع طرق نحل للداخل من قناة السويس.."
كما أصدر ديان تعليماته بعدم استخدام المدرعات والدخول فى معارك رئيسية قبل يوم 31 أكتوبر عندما يتأكد موقف بريطانيا وفرنسا وتظهر ردود الفعل لتدخلهما فى المعركة (14 ص 132)
كما أن القوات المسلحة المصرية اجتازت حدود صحراء النقب الاسرائيلية فى منطقة الكونتلا ورأس النقب وقام الجيش الاسرائيلى بشن هجوم على الكونتيلا على حدود مصر الشرقية فى جنوب سيناء كما توغلت قوات اسرائيلية فى صحراء سيناء على طريق القسيمة ورأس النقب
وكان دور اسرائيل فى المؤامرة حسب تخطيطهم التقدم غربا والتوجه إلى الاسماعيلية مباشرة بعد احتلال ابو عجيلة ولم يتوقف الهجوم البريطانى الاسرائيلى بل ازداد عنفا وضراوة واشتد القصف الجوى البريطانى الفرنسى على منطقة القناة فعلاوة على العدوان الاسرائيلى على مصر فى الساعة الخامسة من بعد ظهر يوم الاثنين 29 أكتوبر 1956 وهو نفس موعد المفاوضات المتفق عليه بجنيف بينما بدأ الأعتداء البريطانى ـ الفرنسى (الأنجلوفرنسى) على مصر فى مساء الأربعاء 31 أكتوبر 1956
وأعلنت وزارتا الدفاع فى بريطانيا وفرنسا أن العمليات الحربية ضد المواقع المصرية فى منطقة القناة بدأت بالفعل من الجو والبحر فى مساء 31 أكتوبر تحت قيادة بريطانية وفرنسية مشتركة تولاها الجنرال (كيتلى) القائد العام للقوات البريطانية فى شرق البحر الأبيض المتوسط ، وأعلنت القيادة الانجليزية ـ الفرنسية المشتركة من مقرها فى قبرص أن قاذفات القنابل بدأت منذ الساعة السادسة والنصف من مساء الأربعاء 31 أكتوبر بمهاجمة الأهداف العسكرية
المصرية (انظر فصل الاحصائيات )
الجنرال كيتلى يصدر أمر الاستيلاء على محطة إذاعة الشرق الأدنى لبدأ الحرب النفسية ضد مصر
فى 30 أكتوبر طلبت حكومة قبرص (البريطانية وقتذاك) أن تتسلم إذاعة الشرق الأدنى بناء على أمر رئاسة قوات الدول المتحالفة المشكلة حديثا ويذكر الكولونيل أ ج باركر فى كتابه " حرب الأيام السبعة " بأن الجنرال شارلز كيتلى أصدر قراره بتعيين البريجادير برنارد فيرجسون مدير الحرب النفسية فى رئاسة القوات المتحالفة قائدا للحرب النفسية وهكذا أصبحت المحطة وخدماتها تقع تحت أمر وتنفيذ مصلحة وأهداف الحرب النفسية لقوات الاعتداء الأنجلوفرنسية
حرب المنشورات
ولقد اتسمت عملية الهجوم على بورسعيد باللجوء إلى وسيلة المنشورات ضد الطرف الآخر كسلاح نفسى مؤثر، وواصل البريجادير فيرجسون الذى عينته بريطانيا مسئولا عن الحرب النفسية محاولته فى بورسعيد للتأثير على الروح المعنوية للشعب فى بورسعيد ومهاجمة السياسة المصرية ولابد من ملاحظة أن طائرات السرب 511 (قادفات القنابل من طراز شاكيلتون) قد قامت بإلقاء خمسمائة الف (نصف مليون) منشور دعائى فوق كل من بورسعيد والقاهرة وحظيت معسكرات الجيش المصرى المتواجدة حول القاهرة بنصيب كبير من هده المنشورات التى كانت
معلومات المخابرات العامة من داخل محيط أركان حربهم
وفى يوم 31 أكتوبر 1956 تأكدت المعلومات لدى المخابرات العامة والتى سبق رفعها إلى الرئاسة، قبل ذلك عن الاستعدادات البريطانية فى قبرص ومالطة للنزول فى منطقة قناة السويس وذلك بقيام العدو بغارات جوية مركزة ومتلاحقة على جميع المطارات المصرية بمنطقة القناة
وظهر جليا ان الهدف هو تدمير السلاح الجوى المصرى الذى سيطر فى البداية على سماء المعركة مع اسرائيل حتى هذا اليوم بالرغم من مساعدة الطيران الفرنسى للقوات الاسرائيلية بشكل كاف اعترف به الاسرائيليون نفسهم فى تقاريرهم وكتبهم عن هذه الحرب ومعاركها ، واستمرت الغارات الجوية المركزة على الأهداف والمنشآت المصرية طوال يوم الخميس 1 نوفمبر وبدأت الطائرات البريطانية والفرنسية فى اللجوء إلى الطيران المنخفض لتحقق دقة إصابة اهدافها مما سبب خسائر فادحة فى النفوس و فادحة فى المعدات وهو وضع مؤلم كان له التأثير الكبير فى توإلى الأحداث
انكشفت أبعاد المؤامرة الثلاثية
انكشفت أبعاد المؤامرة الثلاثية ببداية تنفيذ المرحلة الأولى والقذف بالقنابل اعتبارا من مساء يوم 30 اكتوبر حتى يوم 5 نوفمبر والتمهيد الجوى المركز لعملية الغزو يوم الأربعاء 31 أكتوبر والتى انتهت يوم الاثنين 5 نوفمبر وانقسم وقتها التمهيد الجوى المركز إلى ثلاث مراحل:
- المرحلة الأولى
وتستغرق 48 ساعة لتدمير القوات المصرية والدفاع الجوى وتبدأ صباح الأربعاء 31 أكتوبر وتنتهى صباح الجمعة 2 نوفمبر (45)
- المرحلة الثانية الأولى
وتستغرق 48 ساعة أيضا لتدمير القوات المسلحة ومناطق الحشد والمعسكرات والقوافل والأرتال المتحركة على الطريق والمكدسات والمخازن العسكرية وأماكن الايواء علاوة على تدمير الأهداف المدنية الاستراتيجية مثل المواصلات البرية والسكك الحديد ومراكز الارسال اللاسلكى والاذاعة وتحطيم معنويات الشعب المصرى الجوى وتبدأ صباح الجمعة 2 نوفمبر وتنتهى صباح الأحد 4 نوفمبر
[/i]
- المرحلة الثالثة
وتستغرق 48 ساعة أيضا وتشمل التمهيد الجوى ضد منطقة رأس الشاطىء فى بورسعيد وبورفؤاد لتدمير كافة الأهداف العسكرية بالمنطقة وارهاب اهإلى بورسعيد وضرب الأرتال العسكرية والطرق المؤدية إلى شاطىء الغزو وعزل ميدان المعركة عن الدور الجوى وتبدأ هذه المرحلة الأحد 4 نوفمبر وتنتهى صباح الثلاثاء 6 نوفمبر
د. يحي الشاعر
(*) يمكن الرجوع الى الصفحة التالية ، للحصول على بعض المعلومات الفنية عن السد العالى وتطورات بنائه
المعلومات أعلاه ، ملخص مقتطف من كتاب " الـوجه الآخـر للميدالية ، حرب السويس 1956 ، أسرار المقاومة السرية فى بورسعيد" بقلم يحي الشاعر
الطبعة الثانية 2006
طبع فى مطابع دار الأخبار - 6 أكتوبر القاهرة
رقم الأيداع 1848 2006
الترقيم الدولى ISBN 977 – 08 – 1245 - 5
حقوق الطبع والنشر © جميع الحقوق محفوظة للمؤلف
بورسعيد 1956 ....!!!! -3
خـطـط الـعـدوان الثلاثى
واجهت مصر كفائة تخطيط ضياط أركان حرب إنجلترا وفرنسا وخبرتهم العسكرية الطويلة التى توفرت لهم خلال معارك الحرب العالمية الثانية ، وهوما يمتع به ايضا بعض ضباط إسرائيل الذين هاجروا اليها من أوربا ، الى جانب توفر مصادر عسكرية وقوة طيران ساحقة وسفن بحرية حديثة وضخمة متقدمة تتفوق على ما فى حوزة مصر عدديا وكفائيا ، ولا يمكن مقارنتهم بما كانت تملكه مصر من خبرة محدودة واسلحة قديمة اكتسبتها فى عمليات 1948 ، لتقف فى معركة دفاعية قادمة ستدور فى ميدانين على إمتداد 1500 كيلومتر ، من وسط البحر الأبيض المتوسط حتى العقبة ، وتتجاوز العمليات البرية المحدودة لتتضمن عمليات مشتركة تديرها قيادات تتمتع بخبرات فائقة اكتسبتها خلال الحرب العالمية الثانية ،
اتفاقية سيفر التآمرية
وضع وزراء خارجية انجلترا "سلوين لويد" وفرنسا "جى موليه" إلى جانب وزيرة خارجية اسرائيل وقتئذ "جولدا" مائير" التى أراد دافيد بن جوريون رئيس الوزارة الاسرائيلى أن تساهم بدورها فى وضع نص اتفاق المؤامرة الثلاثية المعروفة باسم اتفاقية سيفر حسب الخطوات التالية:
أهداف العدوان الثلاثى (3)
بين تحالف دول العدوان الثلاثى تواطؤا مشتركا اتفق فى مجمله على تحطيم الإرادة العربية الحرة واختلف فى تفصيله على الوسيلة والغاية من تحقيق أهداف العدوان الثلاثى التالية
أولا: المجموعة السياسية وتمثلها بريطانيا فى هذى التواطؤ ترمز إلى استعادة هيبة بريطانيا العظمى فى الوطن العربى الكبير
ثانيا: المجموعة االعسكرية
وتمثلها فرنسا فى هذا التواطؤ تسعى إلى الانتقام لكرامة فرنسا التى أهدرت فى الجزائر كما ترمى إلى تحطيم ثورة الجزائر نفسها
ثالثا: المجموعة الانتهازية ( إسرائيل )
ترى فى تأزم الأمور وضخامة الصراع القائم بين مصر ودولتى الغرب فرصة جديرة بأن تنتهز لتلقين العرب درسا قاسيا وذلك بتحقيق نصر حاسم وسريع ضد دعامة أو قوة عسكرية وسياسية عربية وهى مصر يسمع صداه فى كافة أرجاء المحيط العربى والعالمى
وسيلة تحقيق النصر الحاسم السريع
وبتحليل أهداف العدوان الثلاثى ومهامه الموزعة على دوله الثلاثة المشتركة فيه سوف نلاحظ أن هدفهم الرئيسى كان القضاء على التجمعات العسكرية المصرية فى سيناء بعد أن تحاصرها قوات العدوان فى فخ مصيدة صحراء سيناء المفتوحة للتفوق الجوى الأنجلوفرنسى وحجزها بين القناة فى جهة الغرب وقوات اسرائيل الزاحفة فى الشرق و الوقوع تحت رحمة القذف الجوى لتفوقهم فى القذف البحرى التدميرى الثقيل من قواتهم الأنجلوفرنسية البحرية من الشمال فى البحر الابيض ومن الجنوب فى البحر الأحمر
بدء التخطيط الفعلى للعدوان
بدأ التخطيط الانجليزى للعدوان من صباح يوم 27 يوليو 1956 أى فى اليوم التإلى لإعلان الرئيس جمال عبد الناصر مساء يوم 26 يوليو فى الأسكندرية تأميم شركة القناة فقد أصدر انتونى ايدن رئيس الحكومة البريطانية أمره لرؤساء أركان حرب الأمبراطورية بإعداد خطة لعمل عسكرى يهتدف انتزاع القناة من مصر
التخطيط للحرب
تميزت خطط الغزو (المتعددة) التى وضعتها القيادة العسكرية الأنجلوفرنسية المشتركة اعتمادها على التخطيط المبدئى الذى رسمه الجنرال الفرنسى أندريه بوفر فى بداية شهر أغسطس 1956 بكثرة التعديلات ومن العوامل العسكرية التى أثرت على خطة العدو أكثر من مرة، ضرورة اختيار منطقة النزول والغزو البرمائى بما يتمشى مع ذريعة التدخل لحماية قناة السويس التى اتخذها البريطانيون حجة لهم لكى تخدم الأهداف السياسية للحرب ويتناسب أيضا مع الامكانيات الأنجلوفرنسية العسكرية وهو ما تبينه تطورات تخطيط عمليات الحرب واختيار بورسعيد كهدف بدلا من الأسكندرية رغم صعوبة الانطلاق من بورسعيد إلى القاهرة الهدف النهائى للغزو .
تطور الخطط الاستراتيجية والعسكرية للعدوان
كانت استراتيجية أركان حرب القوات المسلحة البريطانية حتى هذه اللحظة مبنية على أساس عمل بريطانيا الانفرادى والتدخل وحدها ضد مصر دون معاونة من الغير حرصا على هيبة الأمبراطورية البريطانية لكى تحقق مكاسبها وغنائمها وحدها دون شريك ولكن عندما بدأت فى وضع خطط العدوان المشتركة مع فرنسا دخل فى تفكيرهما إضافة عامل عسكرى لم يبرز فى لحظة وضع الخطة الخطة الأولى المعروفة بإسم 700 والذى سوف يتيح التعاون مع القوات الاسرائيلية المهاجمة من سيناء كما سنرى فى خطط العدوان التالية وخطتة النهائية لغزو بورسعيد بعد اختيارها هدفا للنزول العسكرى
مراحل حرب العدوان الأنجلوفرنسى والثلاثى
وضعت خطط حرب العدوان الثلاثى ودارت معاركها وفقا لأيديولوجية الحرب المحلية للمدرسة العسكرية الغربية التى تضع فى الاعتبار عاملى السرعة والحسم لحصر الحرب فى نطاق محلى محدود بتطبيق مبدأ الحشد على أشمل صورة وكانت خطة الهجوم تعتمد أساسا فى نجاحها على حسن التنسيق ودقة التنظيم بين معارك المجهود الثانوى الذى قام بقيادته وادارته مجلس الأركان الاسرائيلى والمجهود الرئيسى الذى كانت مسئولة عنه القيادة الأنجلوفرنسية المشتركة فى ابسكوبى بقبرص
ولقد بنيت الفكرة العامة لخطة الغزو على أساس توجيه ضربة جوية مركزة ومفاجئة لتدمير القوات الجوية المصرية الحديثة والتخلص من عناصر الدفاع الجوى وبذلك تتم السيطرة على سماء المنطقة بينما يستمر اقتراب الأسطول البحرى الأنجلوفرنسى المشترك من ساحل الغزو ، وبناء على الخطة، يتبع تدمير قوات الطيران المصرى فترة غارات جوية لمدة طويلة لتدمير القوات البرية المصرية المتابعة وخاصة المدرعات الحديثة (دبابات ستالين و ت 34 وسنتوريون) علاوة على تحطيم القوات البحرية المصرية فى قواعدها وفى البحر بعد فقدهم للغطاء الجوى المصرى حتى يتم تحطيم معنويات
الشعب باستخدام اساليب الحرب النفسية والتمكن من شل اقتصاد مصر وخلق الغضب والنقمة ضد الحكم الوطنى المصرى
ويلى ذلك تنفيذ المرحلة الثالثة باقتحام رأس شاطىء بورسعيد لإنشاء رؤوس جسور مناسبة توطئة للانزال البرمائى للقوات الفرنسية اللاحقة رغم العوامل السلبية التى يتصف بها الانزال فى بورسعيد
ثم يتبع الانزال انطلاق القوات الرئيسية من رأس الشاطىء للوصول إلى الاسماعيلية وإعادة احتلال القواعد والمطارات البريطانية فى منطقة القناة وخاصة قاعدة ومطار أبوصوير وفايد للأستيلاء عليهما، ويستمر تنفيذ الغزو باستئناف التقدم جنوبا إلى السويس لآستكمال احتلال منطقة القنال جغرافيا وواقعيا واستغلال النجاح "المفاجىء" بالتقدم فى حركة كماشة من اتجاهى الاسماعيلية والسويس للاستيلاء على القاهرة
معلومات المخابرات العامة تشير إلى تجمع قوات بريطانية
بعد إعلان تأميم شركة قناة السويس فى 26 يوليو 1956 ظهر جليا احتمال قيام بعض الدول الغربية بأعمال عدوانية ضد مصر وكانت المعلومات المتوفرة لدى المخابرات العامة المصرية والمخابرات العسكرية ومصادر مصر المختلفة للحصول على المعلومات تشير إلى تجمع قوات بريطانية فى قبرص ومالطة وليبيا علاوة على تجمع قوات أخرى فى العقبة وقوات بحرية من الاسطول السادس الامريكى فى شرق البحر الابيض المتوسط فيكشف الفريق حافظ إسماعيل على صفحة 52 من كتابه (11) سر ما حدث ".. فور إعلان عبدالناصر يوم 26 يوليو 1956 تأميم شركة قناة السويس تم فى الأسكندرية عقد إجتماع عسكرى خلال اليوم التالى للتأميم لهيئة أركان الحرب المصرية وللقيادة العامة القوات المسلحة برئاسة عبدالناصر وكان التقدير المبدئى ، أن منطقة القناة والقاعدة البريطانية ستكونا الهدف العسكرى المباشر لأى تعرض تقرره بريطانيا ، وبمراجعة موقف قواتها فى القواعد الواقعة فى مدى الضرب من منطقة القناة (قبرص ومالطة وليبيا وميناء العقبة) قدرت القيادة العسكرية فى إجتماعها ، إمكان القيادة البريطانية البريطانية القيام بعملية سريعة ذات هدف محدود ، ولما كانت القيادة الشرقية فى الأسماعيلية تتوفر لديها فى منطقة القناة قوة إحتياطية مخصصة لجبهة سيناء - وتشمل فرقة من المشاة ومجموعة مدرعة – لهذا تقرر تكليف هذه القوة بتأمين منطقة القناة ومنع أى محاولة بريطانية لإعادة إحتلالها
مؤامرة التواطؤ الثلاثية والإنذار البريطانى والاختلاف على البدء
بالمهاجمة (13)
رغم صدور قرار الجمعية العامة الذى تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية ورغم ما جاء فيه من أوامر واجبة التنفيذ باسم المجتمع الدولى الحريص على السلام والأمن الدوليين، المعروف ويبين موشى ديان، قائد القوات الاسرائيلية وقتها فى كتابه، بأن بريطانيا كانت تريد منه القيام بدور المعتدى على مصر، ولكنه ابدى الخوف من انتقام مصر بإرسال طائراتها لضرب المدن الاسرائيلية، وقد عالجت فرنسا الوضع بقبولها إرسال عدد من طائراتها الميستير للتمركز فى مطارات إسرائيل للتصدى لأى طائرات معادية مغيرة
ولما أصر الشركاء الفرنسيون والبريطانيون على أن تقوم إسرائيل بدور الذريعة، عالج ديان الموقف بقبوله أن يجعل العدوان الاسرائيلى يقتصر فى الساعات الأولى على مجرد القيام بمناوشات محدودة بالقرب من قناة السويس وعلى الحدود المصرية فى سيناء، وتأخير الزج بالقوات الرئيسية حتى يصدر الانذار البريطانى الفرنسى وتبدأ الغارات الجوية ويبدأ الضرب الفعلى بالقنابل للمطارات المصرية وبهذه الحيلة يعنى تتمكن إسرائيل من تقدم قواتها حتى مشارف قناة السويس اعتمادا على الانذار
جمال عبد الناصر يتلقى الإنذار (أنظر الموضوع المنفصل)
وفى الساعة الرابعة بعد الظهر سلم الانذار إلى من كل من مصر وإسرائيل والذى كان الهدف منه إسقاط الحكومة الوطنية برئاسة جمال عبد الناصر, أى إفشال الإنقلاب الثورى واخضاع مصر للسيطرة الأجنبية وإرجاع الإقطاعية على مدى متوال كما كان وضع مصر فى الماضى اذ أن كل المحاولات الدولية التى بذلت لاحتواء قرار التأميم أو التراجع عنه قد باءت بالفشل وأصبح توقع الحرب أمرا محتوما
وكان رأى الرئيس جمال عبد الناصر أن الهجوم سيقع من ناحية الغرب، ومن الإسكندرية بالذات نظرا للعوامل الجغرافية التى تساعد على قيام العمليات العسكرية وتوقعت انجلترا وفرنسا واسرائيل رفض الرئيس جمال عبد الناصر للانذار وبذلك يحصلون على سبب للتدخل العسكرى فى مصر تنفيذا للانذار فى ليلة 30 أكتوبر وقبل أن يؤجل مجلس الأمن دورته وصلت رسالة سريعة من مندوب مصر فى هيئة الأمم المتحدة
بدء العدوان الأنجلوفرنسى على مصر
بعدما وصلت أسراب من الطائرات الفرنسية إلى اسرائيل وتجمعت فى مطار اللد "تل ابيب" ولجوء انجلترا وفرنسا للمؤامرة الدنيئة باستخدام اسرائيل كمخلب قط لهما من اجل سحب قدم الجيش المصرى وجذب قواته إلى الأرض الفضاء فى سيناء فى كمين يتمكنون فيه من القضاء على القوات المصرية وإبادتها
وتبعا للخطة التآمرية بدأ العدوان بإنزال قوات محدودة (كتيبة) من رجال المظلات الاسرائيلية فى سدر الحيطان شرق ممر متلا
وأصدرت إسرائيل بيانا عسكرى بهذه المناسبة يقول ".. يعلن المتحدث بلسان جيش الدفاع الاسرائيلى أن قوات جيش الدفاع الاسرائيلى دخلت وأصابت وحدات الفدائيين فى رأس النقب والكونتيلا واحتلت مواقع غرب مركز تقاطع طرق نحل للداخل من قناة السويس.."
كما أصدر ديان تعليماته بعدم استخدام المدرعات والدخول فى معارك رئيسية قبل يوم 31 أكتوبر عندما يتأكد موقف بريطانيا وفرنسا وتظهر ردود الفعل لتدخلهما فى المعركة (14 ص 132)
كما أن القوات المسلحة المصرية اجتازت حدود صحراء النقب الاسرائيلية فى منطقة الكونتلا ورأس النقب وقام الجيش الاسرائيلى بشن هجوم على الكونتيلا على حدود مصر الشرقية فى جنوب سيناء كما توغلت قوات اسرائيلية فى صحراء سيناء على طريق القسيمة ورأس النقب
وكان دور اسرائيل فى المؤامرة حسب تخطيطهم التقدم غربا والتوجه إلى الاسماعيلية مباشرة بعد احتلال ابو عجيلة ولم يتوقف الهجوم البريطانى الاسرائيلى بل ازداد عنفا وضراوة واشتد القصف الجوى البريطانى الفرنسى على منطقة القناة فعلاوة على العدوان الاسرائيلى على مصر فى الساعة الخامسة من بعد ظهر يوم الاثنين 29 أكتوبر 1956 وهو نفس موعد المفاوضات المتفق عليه بجنيف بينما بدأ الأعتداء البريطانى ـ الفرنسى (الأنجلوفرنسى) على مصر فى مساء الأربعاء 31 أكتوبر 1956
وأعلنت وزارتا الدفاع فى بريطانيا وفرنسا أن العمليات الحربية ضد المواقع المصرية فى منطقة القناة بدأت بالفعل من الجو والبحر فى مساء 31 أكتوبر تحت قيادة بريطانية وفرنسية مشتركة تولاها الجنرال (كيتلى) القائد العام للقوات البريطانية فى شرق البحر الأبيض المتوسط ، وأعلنت القيادة الانجليزية ـ الفرنسية المشتركة من مقرها فى قبرص أن قاذفات القنابل بدأت منذ الساعة السادسة والنصف من مساء الأربعاء 31 أكتوبر بمهاجمة الأهداف العسكرية
المصرية (انظر فصل الاحصائيات )
الجنرال كيتلى يصدر أمر الاستيلاء على محطة إذاعة الشرق الأدنى لبدأ الحرب النفسية ضد مصر
فى 30 أكتوبر طلبت حكومة قبرص (البريطانية وقتذاك) أن تتسلم إذاعة الشرق الأدنى بناء على أمر رئاسة قوات الدول المتحالفة المشكلة حديثا ويذكر الكولونيل أ ج باركر فى كتابه " حرب الأيام السبعة " بأن الجنرال شارلز كيتلى أصدر قراره بتعيين البريجادير برنارد فيرجسون مدير الحرب النفسية فى رئاسة القوات المتحالفة قائدا للحرب النفسية وهكذا أصبحت المحطة وخدماتها تقع تحت أمر وتنفيذ مصلحة وأهداف الحرب النفسية لقوات الاعتداء الأنجلوفرنسية
حرب المنشورات
ولقد اتسمت عملية الهجوم على بورسعيد باللجوء إلى وسيلة المنشورات ضد الطرف الآخر كسلاح نفسى مؤثر، وواصل البريجادير فيرجسون الذى عينته بريطانيا مسئولا عن الحرب النفسية محاولته فى بورسعيد للتأثير على الروح المعنوية للشعب فى بورسعيد ومهاجمة السياسة المصرية ولابد من ملاحظة أن طائرات السرب 511 (قادفات القنابل من طراز شاكيلتون) قد قامت بإلقاء خمسمائة الف (نصف مليون) منشور دعائى فوق كل من بورسعيد والقاهرة وحظيت معسكرات الجيش المصرى المتواجدة حول القاهرة بنصيب كبير من هده المنشورات التى كانت
معلومات المخابرات العامة من داخل محيط أركان حربهم
وفى يوم 31 أكتوبر 1956 تأكدت المعلومات لدى المخابرات العامة والتى سبق رفعها إلى الرئاسة، قبل ذلك عن الاستعدادات البريطانية فى قبرص ومالطة للنزول فى منطقة قناة السويس وذلك بقيام العدو بغارات جوية مركزة ومتلاحقة على جميع المطارات المصرية بمنطقة القناة
وظهر جليا ان الهدف هو تدمير السلاح الجوى المصرى الذى سيطر فى البداية على سماء المعركة مع اسرائيل حتى هذا اليوم بالرغم من مساعدة الطيران الفرنسى للقوات الاسرائيلية بشكل كاف اعترف به الاسرائيليون نفسهم فى تقاريرهم وكتبهم عن هذه الحرب ومعاركها ، واستمرت الغارات الجوية المركزة على الأهداف والمنشآت المصرية طوال يوم الخميس 1 نوفمبر وبدأت الطائرات البريطانية والفرنسية فى اللجوء إلى الطيران المنخفض لتحقق دقة إصابة اهدافها مما سبب خسائر فادحة فى النفوس و فادحة فى المعدات وهو وضع مؤلم كان له التأثير الكبير فى توإلى الأحداث
انكشفت أبعاد المؤامرة الثلاثية
انكشفت أبعاد المؤامرة الثلاثية ببداية تنفيذ المرحلة الأولى والقذف بالقنابل اعتبارا من مساء يوم 30 اكتوبر حتى يوم 5 نوفمبر والتمهيد الجوى المركز لعملية الغزو يوم الأربعاء 31 أكتوبر والتى انتهت يوم الاثنين 5 نوفمبر وانقسم وقتها التمهيد الجوى المركز إلى ثلاث مراحل:
- المرحلة الأولى
وتستغرق 48 ساعة لتدمير القوات المصرية والدفاع الجوى وتبدأ صباح الأربعاء 31 أكتوبر وتنتهى صباح الجمعة 2 نوفمبر (45)
- المرحلة الثانية الأولى
وتستغرق 48 ساعة أيضا لتدمير القوات المسلحة ومناطق الحشد والمعسكرات والقوافل والأرتال المتحركة على الطريق والمكدسات والمخازن العسكرية وأماكن الايواء علاوة على تدمير الأهداف المدنية الاستراتيجية مثل المواصلات البرية والسكك الحديد ومراكز الارسال اللاسلكى والاذاعة وتحطيم معنويات الشعب المصرى الجوى وتبدأ صباح الجمعة 2 نوفمبر وتنتهى صباح الأحد 4 نوفمبر
[/i]
- المرحلة الثالثة
وتستغرق 48 ساعة أيضا وتشمل التمهيد الجوى ضد منطقة رأس الشاطىء فى بورسعيد وبورفؤاد لتدمير كافة الأهداف العسكرية بالمنطقة وارهاب اهإلى بورسعيد وضرب الأرتال العسكرية والطرق المؤدية إلى شاطىء الغزو وعزل ميدان المعركة عن الدور الجوى وتبدأ هذه المرحلة الأحد 4 نوفمبر وتنتهى صباح الثلاثاء 6 نوفمبر
د. يحي الشاعر
(*) يمكن الرجوع الى الصفحة التالية ، للحصول على بعض المعلومات الفنية عن السد العالى وتطورات بنائه
المعلومات أعلاه ، ملخص مقتطف من كتاب " الـوجه الآخـر للميدالية ، حرب السويس 1956 ، أسرار المقاومة السرية فى بورسعيد" بقلم يحي الشاعر
الطبعة الثانية 2006
طبع فى مطابع دار الأخبار - 6 أكتوبر القاهرة
رقم الأيداع 1848 2006
الترقيم الدولى ISBN 977 – 08 – 1245 - 5
حقوق الطبع والنشر © جميع الحقوق محفوظة للمؤلف
التعديل الأخير: