ملخص "متوسع" لتطورات أزمة قناة السويس حتى بدأ العدوان الأنجلوفرنسى على
بورسعيد 1956 ....!!!! - 2
أرسال الفدائيين المصريين الى الحدود
وكان الرد المصرى الطبيعى على هذه الاعتداءات أن بدأت مصر تشن حرب الفدائيين للثأر من هذه الهجمات، فقامت مجموعات مختارة من فدائيى الحرس الوطنى (كان قد تم وضعهم وقتئذ على بعض نقط الحدود، فى دور تدريبهم وتحميلهم واجبهم فى الدفاع عن الوطن إلى جانب وحدات الجيش المصرى) بالقيام بغارات داخل حدود إسرائيل (2)، وعلى هذا الأساس زاد التركيز على الأعمال الفدائية التخريبية داخل أراضى إسرائيل والتى اشترك فيها فدائيون مختارون من الحرس الوطنى بعد أن تم إعدادهم فى معسكرات التدريب المتقدم فى أنشاص يؤرخها كما يلى
الفريق كمال حسين فى كتابه "مشاوير العمر، أسرار وخفايا 70 عاما من عمر مصر فى الحرب والمخابرات والسياسة" (14) "....
الغارات الاسرائيلية المفاجئة
بناء على أوامر دافيد بن جوريون وزير الدفاع الأسرائيلى، قامت قوات الجيش الاسرائيلى بعبور خطوط الهدنة وقامت بغارات مفاجئة متعددة خلال الأعوام
1954 و 1955 و 1956 بغارة على معسكرات القوات المسلحة المصرية على الحدود المشتركة يذكر منهم على سبيل المثال وليس الحصر
• 28 فبراير 1955، بناء على أوامر دافيد بن جوريون وزير الدفاع الأسرائيلى، عبرت قوات الجيش الاسرائيلى خطوط الهدنة بغارة مفاجئة على أحد المعسكرات المصرية بالقرب من مدينة غزة حيث كانت تتواجد أيضا قوات من أفراد الحرس الوطنى ودمر الأسرائيليون بعض مراكز رئاسة الجيش المصرى الممتدة على على شريط غزة واستشهد ثمانية وثلاثون فردا كما اصيب اربعون فردا خلال قتال باسل
• أبريل 1956 تحركت القوات الأسرائيلية مرة أخرى لضرب قواعد الفدائيين فى شريط غزة وكبدت العرب خسائر فى الأرواح بلغت 73 قتيلا من المصريين
والفلسطينيين
• 11 أبريل 1956 وصل داج همرشولد سكرتير الأمم المتحدة إلى القاهرة لمقابلة عبد الناصر فى محاولة تهدئة الموقف بعدما تدهور الوضع فى المنطقة نتيجة للعمليات العسكرية من الجانب الاسرائيلى
الـحـصـــول على الـســلاح
كان عبد الناصر يفكر فى وضع خطط لمواجهة حلف بغداد عندما وقعت غارة اعتداء اسرائيل المفاجئة على إحدى معسكرات القوات المصرية بالقرب من غزة ذكرها الجنرال بيرنز رئيس مرقبى الهدنة فى تقريره الى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأن غارة غزة إعدت ودبرت بواسطة السلطات الأسرائيلية رغم اتجاج اسرائيل وادعائها بأن الغارة كانت ردا على إعتداء كمين لقوة مصرية على داورية اسرائيلية كانت تتحرك داخل الأراضى الأسرائيلية
رسخ فى ذهن جمال عبد الناصر أن حلف بغداد وغارة غزة ليسا سوى جزء من مؤامرة غربية كبرى لتدمير ثورة 23 يوليو ، ولإعادة سيطرة الإمبريالية الغربية على الوطن العربى بأكمله ولم يقف عبد الناصر مكتوف اليدين ، فأتخذ سلسلة من ألأجراءات ، ففى الواقع كانت غارة اسرائيل على غزة بمثابة الصخرة التى تحطمت عليها آمال عبد الناصر فى حسن نوايا الغرب فقد كان عبدالناصر حتى هذه الغارة يأمل فى أن ترتبط مصر مع الولايات المتحدة الأمريكية بعلاقات طيبة وبأن تبدى واشنطن استعدادها لتزويد الجيش المصرى بالأسلحة الملائمة للدفاع عن أرض الوطن ، فضلا عن معاونة اقتصادية مناسبة لمصر
فقرر عبد الناصر أولا أن يحصل على السلاح بأية طريقة لردع أية هجمات اسرائيلية مستقبلا وثانيا أن يعد بعض الفدائيين ويدربهم على حرب الفدائيين الحديثة لتوجيههم داخل الأراضى الأسرائيلية وثالا أن يدعم التضامن العربى بسلسلة من المعاهدات بين مصر وحليفاتها من الدول العربية وأخيرا أن يستكمل "حرب التكملة" بحملة تآمرية تخطط لحث العراقيين على الثورة على حكومتهم العميلة لبريطانيا
التعقيدات والمراوغات عن صفقة السلاح 1955
"... ومنذ عام 1953 بعد أن قامت الثورة بتطوير البلاد من الوجهات الاقتصادية والعسكرية طلب ناصر من الدول الغربية أن تبيعه الاسلحة، ولكن كانت هناك دائما التعقيدات والمراوغات بحجج مختلفة، بل وأعلنوا إنه لابد من حفظ التوازن فى القوى بين العرب واسرائيل ، ونفهم من ذلك أن ماعند اسرائيل يجب أن يساوى كل ماعند الدول العربية كلها ولكن هل يقنع هذا عبد الناصر ؟؟
دول الغرب تخمن كمية الأسلحة المصرية
كان من الطبيعى ، أن تحتفظ مصر بسرية صفقة الأسلحة وتعتبرها مثالا لكافة دول العالم، سر دولة مكنوما مما دعى الغرب الى أن يحاول- دون جدوى - الحصول على اسرار الصفقة وتفاصيلها ونشطت سفاراتهم وملحقيهم العسكريون فى القاهرة وجواسيسه والعديد من موظفى قنصلياتهم فى المدن المصرية وخاصة الأسكندرية والسويس وبورسعيد الحصول على أى من المعلومات التى قد تكشف عن نوعية أوكمية صفقة السلاح الشرقى لمصر ، وزاد نشاط المخابرات العامة لمقاومة التجسس فراقبوا شبكات تجسسهم ووقع بالتالى فى يديهم العديد من جواسيسهم قبضت عليهم قوات الأمن المصرية وحوكم منهم عدة بالأعدام وبقيت أسرار الصفقة مكتومة لم يصل أحد لمعرفتها أحد
مشـروع الــسد الـعـالى وبـداية الـنـهـاية
كان مشروع السد العالى وقتها بالنسبة لمصر يعتبر أهم وأكبر مشاريعها الضرورية واعتبرته ثورة 23 يوليو فى مقدمة مهامها لتحقيق التنمية الزراعية لتحقيق الرخاء بعد توفير مياه لفيضان التى تلقى دون التمكن من استعمال كافتها فى البحر الأبيض، وبذلك يمكن زيادة الرقعة الزراعية المحدودة بالإضافة إلى تفادى الجفاف وتوليد الطاقة الكهربائية لاستخدامها فى التصنيع الوطنى وتطوير البلد من وطن زراعى إلى بلد صناعي وامت الثورة فى السنين الأولى بتكليف الخبراء الالمان بإعداد الدراسات عن المشروع وظهرت من الدراسة مشكلة التمويل لضخامتها ولكن تصميم مصر على بناء السد العالى لما ينتج عنه من فوائد اقتصادية لم يثنيها عن محاولة التوصل الى اتفاق وذلك حفظا لمصالح الشعب المستقبلة ، فقد كان ذلك أول مشروع بعيد المدى فى مصر
تطورات تمويل قروض مشروع بناء السد العالى (*)
فاتجهت مصر إلى الولايات المتحدة وانجلترا والبنك الدولى وأقر المشروع خبراء البنك الدولى فى سنة 1955 ، فتقدمت كل من إنجلترا وأمريكا فى خريف 1955 بعروض جزئية للمشاركة فى تمويل قروض مشروع بناء السد العالى تبلغ فى جملتها 130 مليون دولار وأشترط لهذه المعونة موافقة البنك الدولى على تقديم قرضه لمصر البالغ 200 مليون دولار (أنظر موضوع السد العالى)
رفضت مصر شروط التمويل لمساسها بسيادتها
كان من الطبيعى أن ترفض مصر هذه الشروط لأنها تؤدى إلى سيطرة الغرب على إقتصاد مصر، ثم تنتهى بالتإلى بالإطاحة باستقلالها كما حدث لمصر فى عهد الخديو إسماعيل نتيجة لحفر وبناء قناة السويس، وهذا يعنى أن يعيد التاريخ نفسه مرة أخرى وهو وضع ترفضه الثورة ورغم ذلك الرفض لم تتخلى مصر عن هدفها فى ضرورة بناء السد الهالى لحتميته لأقتصاد
سحب أمريكا لعرضها مؤامرة وصفعة لوجه مصر
تعمد جون فوستر دالاس وزير خارجية الولايات المتحدة، بأن يستدعى السفير المصرى فى واشنطن أحمد حسين الى مكتبه وابلغه بأن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية قد وصلت الى قرار بأن غقتصاد مصر لا يستطيع أن يتحمل أعباء بناء السد العالى ، ومن ثم قررت حكومة واشنطن سحب عرضها بتقديم المعونة المالية وسلمه كتابا تعلن فيه الحكومة الأمريكية سحب عرضها وقدره 56 مليون دولار للمشاركة فى تمويل قروض مشروع بناء السد وفى نفس الوقت وزع دلاس على الصحافة نص خطاب الرفض قبل أن يصل رسميا الى الحكومة المصرية ولم يختلف الوضع فى لندن ، فقد استدعى فى اليوم التالى السير هارولد كاشيا ، الوكيل الدائم لوزارة الخارجية البريطانية للسفير المصرى فى بريطانيا وأبلغه أن بريطانيا قد قررت بدورها قررت أن تسحب العرض الذى كانت تقدمه لمصروقدره حوالى 14 مليون دولار للمشاركة فى لتكملة تمويل قروض مشروع بناء السد العالى
تأميم شركة قناة السويس ردا على سحب عرض التمويل
لم يكن قرار سحب أمريكا لعرضها فى المساهمة فى تمويل مشروع السد العالى مثار مفجأة كبيرة للدوائر السياسية ، بقدر ما أثارته الطريقة والملابسات التى تم بها هذا القرار والأسلوب الذى اتبعته لإبلاغه لمصر فقد كانت هذه صفعة لوجه مصر لم يقبلها جمال عبدالناصر ، وادلى عبدالناصر أكثر من مرة، بأن كيفية الطريقة المهينة لكرامة مصر التى أخبر بها عن سحب التمويل وليس سحب العرض فى حد ذاته قد عجلت بخطوة التأميم، فقد كان تأميم شركة قناة السويس يلح على تفكير جمال عبد الناصر منذ بدأ تفكيره فى الثورة وكان التأميم عبد الناصر ردا على محاولات تقييد يديه فى اختيار الصالح لمصر وشعبها ويرجع لمصر حقوقها المنهوبة على طول السنين لحوالى قرن كامل
العيد الرابع الثورة يوم 26 يوليو 1956 فرصة الرد على الأهانة
لاحت لعبد الناصر يوم العيد الرابع الثورة كفرصة الرد على الأهانة بأكثر منها لبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وفى الساعة السابعة مساء يوم 26 يوليو 1956 إعلن لجماهير الشعب المتجمع فى ميدان ساحة المنشية بالأسكندرية القرار بتأميم مصر للشركة العالمية لقناة السويس البحرية وسمع العالم منبهتا ولم يصق الكثير اذانهم وهكذا دخل التاريخ كطلقة حرية طغى صداها على تطور الأحداث فى الأيام والأسابيع والشهور التالية، بل يمكن تشبيهها بالدوائر التى تنشأ فى بحيرة ماء بعد القاء الحجر فيها ، ولا ابالغ اذا ادعيت بأن صدى هذه اللحظة قد واصل دوامه حتى يوم 28 ديسمبر 1970 عندما اسلم عبد الناصر روحه لربه وتوفاه الله
كانت كلمة "ديليسبس" الكود السرى لقيام مصر باللسيطرة على مكاتب ادارة الشركة العلمية لقناة السويس البحرية ، ولم يختفى هذا الأسم من ساحة تطورات الأزمة والحرب حتى يوم مغادرتة القوات الأنجلوفرنسية لأراضى مصر، فتم نسف التمثال فى الهواء وحطمت معه ذكريات ماضية للأبد
ولاح الآن بشكل واضح لبريطانيا وفرنسا شبح المشاكل لأقتصادية فور علمها بقرار تأميم مصر لقناة السويس فعلاوة على أن التأميم يعتبر ضربة مضادة ذات أثر سياسى على الدول المستعمرة وخاصة بريطانيا وفرنسا فإنها ايضا تحمل أثرا إقتصاديا كبيرا ، فبالنسبة لآنجلترا تعتبر القناة أقصر طريق لها نحو الهند ومستعمراتها فى شرق أفريقيا وجنوب آسيا كما أن الحكومة البريطانية تمتلك 40 % (اربعون فى المئة) من أسهم الشركة علاوة على مرور حوالى 70 % (سبعونفى المئة) من السفن البريطانية فى هذا الممر الملاحى الهام ، أما بالنسبة لفرنسا علاوة على مرور سفنها فى القناة ، فلها ايضا مصالح إدارية وإقتصادية فى الشركة اذ انها تلعب دورا إقتصاديا فى حياة الفرنسيين فقد كان هناك حوالى ربع مليون فرنسى يملكون أسهما فى الشركة نظرا لما تحققه من أرباح خيالية.
مؤتمر لندن تمهيدا لمسرح الضربة العسكرية ضد مصر
لذلك كان عقد مؤتمر لندن الذى ضم وزراء خارجية أمريكا وفرنسا وبريطانيا لمجرد تمهيد المسرح للضربة العسكرية البريطانية الفرنسية ضد مصر كما عقد مؤتمر لندن الثلاثى فى الفترة من 29 يوليو إلى 2 أغسطس 1956 واشترك فيه جون فوستر دلاس وزير الخارجية الأمريكى وكريستيان بينو وزير خارجية فرنسا وسلوين لويد وزير الخارجية البريطانى واتفق فيه على اعتبار عمل مصر تهديدا لحرية الملاحة فى القناة وانتقاضا لمعاهدة القسطنطينية واقترحوا فيه عقد مؤتمر تشترك فيه الدول الموقعة على المعاهدة والدول الأخرى المستخدمة للقناة ولم يخف عن القيادة فى مصر بأن هدف المؤتمر المقترح كان إنشاء هيئة دولية تتولى إدارة القناة ودعوة الدول الموالية لهم فقط للأشتراك فيه حتى يمكنهم الحصول على أغلبية الأصوات لاتخاذ هذا القرار ووضع مصر فى وضع حرج أمام الدول العالمية إذا رفضت الخضوع, وبذلك تفرض قرارات المؤتمر عليها بالقوة، وتقرر فعلا عقد المؤتمر بقاعة (لانكستر هاوس) فى لندن يوم 16 أغسطس 1956 ورفضت مصر الاشتراك فيه يوم 12 أغسطس 1956
ورغم أن الدول التى استخدمت القناة سنة 1955 بلغ 45 دولة ، فقد وجهت الدعوة إلى 24 دولة ملاحية وهى مصر واليونان واستراليا والدانمارك واثيوبيا والمانيا الغربية وفرنسا والهندواندونيسيا وايران وايطاليا واليابان وهولندا ونيوزيلندا والنرويج والباكستان والبرتغال واسبانيا والسويد وتركيا والاتحاد السوفيتى الروسي وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وحددت الدعوة هدف المؤتمر ، لبحث الأمور الخاصة بقناة السويس التى هى جزء من مصر بدون أى تشاور مع مصر صاحبة الشأن ثم عقد مؤتمر لندن الثالث ودام من 23 حتى 26 أغسطس واشتركت فيه 22 دولة وكلفت مصر الهند بالتحدث فيع نيابة عنها
شهر التنـاقض والمؤامرات والحرب
يدخل شهر أكتوبر 1956 ابواب التاريخ بصفته شهر التناقض، فقد اتسمت تطورات أحداثه بكل ما يمكن تصوره من تحركات متناقضة ومتضاربة فى هدفها ونيتها ولا يمكن وصف الا بأنه شهر الخداع والمؤمرات السرية والغدر
فأتسمت تطورات هذا الشهر بتدخل الأمم المتحدة محاولة لحل الأزمة، وبدأ المفاوضات الدولية التى كانت تخدع بها إنجلترا وفرنسا الضمير الدولى لتبعده عن نياتهما العدوانية وتوصلت المؤمرات الى هدفها بتوقيع معاهدة سيفر لأدماج اسرائيل واشراكها فى الأعتداء على مصر كذريعة لتدخل بريطانيا وفرنسا
وأشتهر الشهر ايضا بالنهديد والأنذار الأنجلوفرنسى المشهور وبداية الحرب، بينما أنزل الستار على ما تم فيه من إغتيالات ومحاولة لآسقاط طائرة اللواء
غبدالحكيم عامر من أجل التأثير على مسيرة الحرب
مؤامرة سحب المرشدين من العمل فى القناة
كان عدد المرشدين الذين يقومون بالأرشاد فى القناة يبلغ 205مرشدا منهم 29 مرشدا مصريا فقط مازال منهم 5 مرشدين تحت التدريب بينما كان عدد المرشدين الأجانب 221 مرشدا موزعين كالآتى " 61 بريطانيا، 53 فرنسيا، 14 هولنديا، 11 نرويجيا، 13 يونانيا، 3 دانمركيين، 3 بلجيكيين ، 2 إيطاليين، 3 أميركيين،3 سويديين، واسبانى واحد، ويوغسلافى واحد وبولندى واحد" و13 من جنسيات أخرى (4) كانت لهم ولعائلاتهم قوة شرائية كبيرة وتأثير واضح على الحياة التجارية فى المدينة
وقد خطط كل من جى موليه رئيس وزراء فرنسا وأنتونى إيدن رئيس وزراء إنجلترا سحب المرشدين بعد أن تم إعداد الخطة المبدأية الأولى للغزو ، وكانت مؤامرة سحب المرشدين بمثابة مبرر لها بالعدوان (4) إذا ما تسبب هذا السحب فى تعطيل الملاحة فى القناة كما كانا يقدران على أساس إمكان إدعائهما أن مصر غير قادرة على إدارة القناة وتشغيلها وهى حجة لتبرير العدوان ، وللوصول الى ذلك الهف، قام أيدن وجى موليه بتحريض إدارة شركة قناة السويس لتشجيع المرشدين على ترك العمل فى القناة وعرض عليهم رئيس الشركة جاك جورج بيكو مرتب آخر ثلاث سنوات مقدما لو رفضوا العمل مع الشركة المؤممة
انسحاب المرشدين والموظفين الأجانب منتصف ليلة 14 15 سبتمبر
وفى صباح يوم 12 سبتمبر سنة 1956 توجه بول (4) ريموند مدير إدارة الملاحة بشركة القناة إلى المهندس محمود يونس رئيس هيئة قناة السويس وأبلغه أن جميع المرشدين الأجانب وغيرهم من الفنيين والعمال ماعدا اليونانيين منهم قد أعربوا عن رغبتهم فى التقاعد اعتبارا من منتصف ليلة يوم 14 و 15 سبتمبر 1956 لعدم رضائهم عن المعاملة التى تعاملهم بها الإدارة العربية للقناة، وفى هدوء قال له يونس إنه يوافق على استقالاتهم وعلى استقالة ريمن نفسه وودعه إلى الباب مجاملة له
دور هيئة إدارة قناة السويس
نجحت الإدارة المصرية فى استعاضة المرشدين الذين تركو العمل بالمرشدين المصريين الأربعين الذين كانو بالشركة القديمة بالأضافة الى 13 مرشدا يونانيا
وتعيين 53 مرشدا جديدا منهم 47 مصريا وتعيين 15 روسيا وشاهدت مدن القناة وخاصة بورسعيد والاسماعيلية والسويس وجوها جديدة تمتلىء بالوطنية وتؤدى واجبها خير ما يكون
التطورات العالمية تدل على إقتراب الحرب
ولقد سبقت العديد من التطورات الدولية والمحلية عمليات حرب العدوان الثلاثى والاعتداء المباشرة على بورسعيد. ونظرا لأهميتها وتسهيلا لاستيعاب
القارىء لما حدث، فإننى سأدونها بشكل مختصر حتى تتكون للقارىء صورة يمكنه بعدها تصور القوات الضخمة التى واجهتها المقاومة السرية الشعبية المسلحة فى بورسعيد والتى لم يزد عدد أفرادها على مئة شخص
أغسطس وبريطانيا تناور وتستعد رغم المؤتمرات والمحادثات
ادخل هذا الشهر الذعر الى قلب بريطانيا فبدأت تتصرف كالثور الجريح فى ساحة مصارعة الثيران بعدما غرز عبدالناصر سيفه بين ضلعها موجها لقلبها فاستدعت عشرات الآلاف من جنود الأحتياطى وأوقفت تسريح من انهى خمته وبدأت فى حشد معداتها الحربية وأرجعت العديد من سفنها الحربية للخدمة ووضعت خطط العدوان لغزو مصر واتخذت حليفة لها فرنسا للتآمر كل لعشرات اللآسبب عديدة
بريطانيا تناور وتستعد رغم المؤتمرات والمحادثات
اتسم شهر سبتمبر بالمناقضات وبداية انكشاف وجه التآمر الذى تمكنت كل من بريطانيا وفرنسا من حشد العديد من الدول المتحايزة لهما وزيادة الضغط على
مصر فى محاولة لأغتصاب سيادة مصر على قناة السويس ووصلت قمة تلك المحاولات فى سحب المرشدين الفرنسيين والبريطانيين من مراكزهم فى هيئة ادارة قناة السويس مما فتح لمصر الطريق الواسع لتدعيم قبضتها على القناة بالأعتماد على العدي من ضباط السلاح البحرى المصرى وفتح الطريق لمستقبل زاهر لا نهاية له
شهر أكتوبر مجهودات الأمم المتحدة ومعاهدة التآمر وتوجيه الأنذار وبدأ الحرب
يتميز هذا الشهر بالأنزلاق النهائى الى الحرب وتمثيلية الأنذار الأنجلوفرنسى وبدء العدوان الثلاثى ومهاجمة مصر وقواعدها العسكرية وخاصة مطاراتها
العسكرية ومدنها دون تفريق بينهم وكان هذا الشهر بداية النهاية لأمبراطوريتان غربت عليهما اشمس الى الأبد
الجبهة العربية تتكون
كان الوضع يتدهور على الحدود الأسرائيلية – الأردنية بشكل مستمر، وفى 21 أكتوبر حصل الوطنيون فى الأنتخابات الأردنية على الأغلبية فى مقاعد
البرلمان وعين سليمان النابلسى رئيسا للوزارة التى تبنت إنهاء التحالف مع بريطانيا ، ومنذ 22 أكتوبر ، ناقشت مصر الموقف الأردنى مع سوريا والسعودية واتفق على تقديم معونة مالية للأردن وربطه باتفاق الدفاع المشترك المصرى – السورى ، ويفصح لفريق حافظ إسماعيل فى صفحة 59 من كتابه (11)
د. يحي الشاعر
(*) يمكن الرجوع الى الصفحة التالية ، للحصول على بعض المعلومات الفنية عن السد العالى وتطورات بنائه
المعلومات أعلاه ، ملخص مقتطف من كتاب " الـوجه الآخـر للميدالية ، حرب السويس 1956 ، أسرار المقاومة السرية فى بورسعيد" بقلم يحي الشاعر
الطبعة الثانية 2006
طبع فى مطابع دار الأخبار - 6 أكتوبر القاهرة
رقم الأيداع 1848 2006
الترقيم الدولى Isbn 977 – 08 – 1245 - 5
حقوق الطبع والنشر © جميع الحقوق محفوظة للمؤلف
بورسعيد 1956 ....!!!! - 2
أرسال الفدائيين المصريين الى الحدود
وكان الرد المصرى الطبيعى على هذه الاعتداءات أن بدأت مصر تشن حرب الفدائيين للثأر من هذه الهجمات، فقامت مجموعات مختارة من فدائيى الحرس الوطنى (كان قد تم وضعهم وقتئذ على بعض نقط الحدود، فى دور تدريبهم وتحميلهم واجبهم فى الدفاع عن الوطن إلى جانب وحدات الجيش المصرى) بالقيام بغارات داخل حدود إسرائيل (2)، وعلى هذا الأساس زاد التركيز على الأعمال الفدائية التخريبية داخل أراضى إسرائيل والتى اشترك فيها فدائيون مختارون من الحرس الوطنى بعد أن تم إعدادهم فى معسكرات التدريب المتقدم فى أنشاص يؤرخها كما يلى
الفريق كمال حسين فى كتابه "مشاوير العمر، أسرار وخفايا 70 عاما من عمر مصر فى الحرب والمخابرات والسياسة" (14) "....
الغارات الاسرائيلية المفاجئة
بناء على أوامر دافيد بن جوريون وزير الدفاع الأسرائيلى، قامت قوات الجيش الاسرائيلى بعبور خطوط الهدنة وقامت بغارات مفاجئة متعددة خلال الأعوام
1954 و 1955 و 1956 بغارة على معسكرات القوات المسلحة المصرية على الحدود المشتركة يذكر منهم على سبيل المثال وليس الحصر
• 28 فبراير 1955، بناء على أوامر دافيد بن جوريون وزير الدفاع الأسرائيلى، عبرت قوات الجيش الاسرائيلى خطوط الهدنة بغارة مفاجئة على أحد المعسكرات المصرية بالقرب من مدينة غزة حيث كانت تتواجد أيضا قوات من أفراد الحرس الوطنى ودمر الأسرائيليون بعض مراكز رئاسة الجيش المصرى الممتدة على على شريط غزة واستشهد ثمانية وثلاثون فردا كما اصيب اربعون فردا خلال قتال باسل
• أبريل 1956 تحركت القوات الأسرائيلية مرة أخرى لضرب قواعد الفدائيين فى شريط غزة وكبدت العرب خسائر فى الأرواح بلغت 73 قتيلا من المصريين
والفلسطينيين
• 11 أبريل 1956 وصل داج همرشولد سكرتير الأمم المتحدة إلى القاهرة لمقابلة عبد الناصر فى محاولة تهدئة الموقف بعدما تدهور الوضع فى المنطقة نتيجة للعمليات العسكرية من الجانب الاسرائيلى
الـحـصـــول على الـســلاح
كان عبد الناصر يفكر فى وضع خطط لمواجهة حلف بغداد عندما وقعت غارة اعتداء اسرائيل المفاجئة على إحدى معسكرات القوات المصرية بالقرب من غزة ذكرها الجنرال بيرنز رئيس مرقبى الهدنة فى تقريره الى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأن غارة غزة إعدت ودبرت بواسطة السلطات الأسرائيلية رغم اتجاج اسرائيل وادعائها بأن الغارة كانت ردا على إعتداء كمين لقوة مصرية على داورية اسرائيلية كانت تتحرك داخل الأراضى الأسرائيلية
رسخ فى ذهن جمال عبد الناصر أن حلف بغداد وغارة غزة ليسا سوى جزء من مؤامرة غربية كبرى لتدمير ثورة 23 يوليو ، ولإعادة سيطرة الإمبريالية الغربية على الوطن العربى بأكمله ولم يقف عبد الناصر مكتوف اليدين ، فأتخذ سلسلة من ألأجراءات ، ففى الواقع كانت غارة اسرائيل على غزة بمثابة الصخرة التى تحطمت عليها آمال عبد الناصر فى حسن نوايا الغرب فقد كان عبدالناصر حتى هذه الغارة يأمل فى أن ترتبط مصر مع الولايات المتحدة الأمريكية بعلاقات طيبة وبأن تبدى واشنطن استعدادها لتزويد الجيش المصرى بالأسلحة الملائمة للدفاع عن أرض الوطن ، فضلا عن معاونة اقتصادية مناسبة لمصر
فقرر عبد الناصر أولا أن يحصل على السلاح بأية طريقة لردع أية هجمات اسرائيلية مستقبلا وثانيا أن يعد بعض الفدائيين ويدربهم على حرب الفدائيين الحديثة لتوجيههم داخل الأراضى الأسرائيلية وثالا أن يدعم التضامن العربى بسلسلة من المعاهدات بين مصر وحليفاتها من الدول العربية وأخيرا أن يستكمل "حرب التكملة" بحملة تآمرية تخطط لحث العراقيين على الثورة على حكومتهم العميلة لبريطانيا
التعقيدات والمراوغات عن صفقة السلاح 1955
"... ومنذ عام 1953 بعد أن قامت الثورة بتطوير البلاد من الوجهات الاقتصادية والعسكرية طلب ناصر من الدول الغربية أن تبيعه الاسلحة، ولكن كانت هناك دائما التعقيدات والمراوغات بحجج مختلفة، بل وأعلنوا إنه لابد من حفظ التوازن فى القوى بين العرب واسرائيل ، ونفهم من ذلك أن ماعند اسرائيل يجب أن يساوى كل ماعند الدول العربية كلها ولكن هل يقنع هذا عبد الناصر ؟؟
دول الغرب تخمن كمية الأسلحة المصرية
كان من الطبيعى ، أن تحتفظ مصر بسرية صفقة الأسلحة وتعتبرها مثالا لكافة دول العالم، سر دولة مكنوما مما دعى الغرب الى أن يحاول- دون جدوى - الحصول على اسرار الصفقة وتفاصيلها ونشطت سفاراتهم وملحقيهم العسكريون فى القاهرة وجواسيسه والعديد من موظفى قنصلياتهم فى المدن المصرية وخاصة الأسكندرية والسويس وبورسعيد الحصول على أى من المعلومات التى قد تكشف عن نوعية أوكمية صفقة السلاح الشرقى لمصر ، وزاد نشاط المخابرات العامة لمقاومة التجسس فراقبوا شبكات تجسسهم ووقع بالتالى فى يديهم العديد من جواسيسهم قبضت عليهم قوات الأمن المصرية وحوكم منهم عدة بالأعدام وبقيت أسرار الصفقة مكتومة لم يصل أحد لمعرفتها أحد
مشـروع الــسد الـعـالى وبـداية الـنـهـاية
كان مشروع السد العالى وقتها بالنسبة لمصر يعتبر أهم وأكبر مشاريعها الضرورية واعتبرته ثورة 23 يوليو فى مقدمة مهامها لتحقيق التنمية الزراعية لتحقيق الرخاء بعد توفير مياه لفيضان التى تلقى دون التمكن من استعمال كافتها فى البحر الأبيض، وبذلك يمكن زيادة الرقعة الزراعية المحدودة بالإضافة إلى تفادى الجفاف وتوليد الطاقة الكهربائية لاستخدامها فى التصنيع الوطنى وتطوير البلد من وطن زراعى إلى بلد صناعي وامت الثورة فى السنين الأولى بتكليف الخبراء الالمان بإعداد الدراسات عن المشروع وظهرت من الدراسة مشكلة التمويل لضخامتها ولكن تصميم مصر على بناء السد العالى لما ينتج عنه من فوائد اقتصادية لم يثنيها عن محاولة التوصل الى اتفاق وذلك حفظا لمصالح الشعب المستقبلة ، فقد كان ذلك أول مشروع بعيد المدى فى مصر
تطورات تمويل قروض مشروع بناء السد العالى (*)
فاتجهت مصر إلى الولايات المتحدة وانجلترا والبنك الدولى وأقر المشروع خبراء البنك الدولى فى سنة 1955 ، فتقدمت كل من إنجلترا وأمريكا فى خريف 1955 بعروض جزئية للمشاركة فى تمويل قروض مشروع بناء السد العالى تبلغ فى جملتها 130 مليون دولار وأشترط لهذه المعونة موافقة البنك الدولى على تقديم قرضه لمصر البالغ 200 مليون دولار (أنظر موضوع السد العالى)
رفضت مصر شروط التمويل لمساسها بسيادتها
كان من الطبيعى أن ترفض مصر هذه الشروط لأنها تؤدى إلى سيطرة الغرب على إقتصاد مصر، ثم تنتهى بالتإلى بالإطاحة باستقلالها كما حدث لمصر فى عهد الخديو إسماعيل نتيجة لحفر وبناء قناة السويس، وهذا يعنى أن يعيد التاريخ نفسه مرة أخرى وهو وضع ترفضه الثورة ورغم ذلك الرفض لم تتخلى مصر عن هدفها فى ضرورة بناء السد الهالى لحتميته لأقتصاد
سحب أمريكا لعرضها مؤامرة وصفعة لوجه مصر
تعمد جون فوستر دالاس وزير خارجية الولايات المتحدة، بأن يستدعى السفير المصرى فى واشنطن أحمد حسين الى مكتبه وابلغه بأن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية قد وصلت الى قرار بأن غقتصاد مصر لا يستطيع أن يتحمل أعباء بناء السد العالى ، ومن ثم قررت حكومة واشنطن سحب عرضها بتقديم المعونة المالية وسلمه كتابا تعلن فيه الحكومة الأمريكية سحب عرضها وقدره 56 مليون دولار للمشاركة فى تمويل قروض مشروع بناء السد وفى نفس الوقت وزع دلاس على الصحافة نص خطاب الرفض قبل أن يصل رسميا الى الحكومة المصرية ولم يختلف الوضع فى لندن ، فقد استدعى فى اليوم التالى السير هارولد كاشيا ، الوكيل الدائم لوزارة الخارجية البريطانية للسفير المصرى فى بريطانيا وأبلغه أن بريطانيا قد قررت بدورها قررت أن تسحب العرض الذى كانت تقدمه لمصروقدره حوالى 14 مليون دولار للمشاركة فى لتكملة تمويل قروض مشروع بناء السد العالى
تأميم شركة قناة السويس ردا على سحب عرض التمويل
لم يكن قرار سحب أمريكا لعرضها فى المساهمة فى تمويل مشروع السد العالى مثار مفجأة كبيرة للدوائر السياسية ، بقدر ما أثارته الطريقة والملابسات التى تم بها هذا القرار والأسلوب الذى اتبعته لإبلاغه لمصر فقد كانت هذه صفعة لوجه مصر لم يقبلها جمال عبدالناصر ، وادلى عبدالناصر أكثر من مرة، بأن كيفية الطريقة المهينة لكرامة مصر التى أخبر بها عن سحب التمويل وليس سحب العرض فى حد ذاته قد عجلت بخطوة التأميم، فقد كان تأميم شركة قناة السويس يلح على تفكير جمال عبد الناصر منذ بدأ تفكيره فى الثورة وكان التأميم عبد الناصر ردا على محاولات تقييد يديه فى اختيار الصالح لمصر وشعبها ويرجع لمصر حقوقها المنهوبة على طول السنين لحوالى قرن كامل
العيد الرابع الثورة يوم 26 يوليو 1956 فرصة الرد على الأهانة
لاحت لعبد الناصر يوم العيد الرابع الثورة كفرصة الرد على الأهانة بأكثر منها لبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وفى الساعة السابعة مساء يوم 26 يوليو 1956 إعلن لجماهير الشعب المتجمع فى ميدان ساحة المنشية بالأسكندرية القرار بتأميم مصر للشركة العالمية لقناة السويس البحرية وسمع العالم منبهتا ولم يصق الكثير اذانهم وهكذا دخل التاريخ كطلقة حرية طغى صداها على تطور الأحداث فى الأيام والأسابيع والشهور التالية، بل يمكن تشبيهها بالدوائر التى تنشأ فى بحيرة ماء بعد القاء الحجر فيها ، ولا ابالغ اذا ادعيت بأن صدى هذه اللحظة قد واصل دوامه حتى يوم 28 ديسمبر 1970 عندما اسلم عبد الناصر روحه لربه وتوفاه الله
كانت كلمة "ديليسبس" الكود السرى لقيام مصر باللسيطرة على مكاتب ادارة الشركة العلمية لقناة السويس البحرية ، ولم يختفى هذا الأسم من ساحة تطورات الأزمة والحرب حتى يوم مغادرتة القوات الأنجلوفرنسية لأراضى مصر، فتم نسف التمثال فى الهواء وحطمت معه ذكريات ماضية للأبد
ولاح الآن بشكل واضح لبريطانيا وفرنسا شبح المشاكل لأقتصادية فور علمها بقرار تأميم مصر لقناة السويس فعلاوة على أن التأميم يعتبر ضربة مضادة ذات أثر سياسى على الدول المستعمرة وخاصة بريطانيا وفرنسا فإنها ايضا تحمل أثرا إقتصاديا كبيرا ، فبالنسبة لآنجلترا تعتبر القناة أقصر طريق لها نحو الهند ومستعمراتها فى شرق أفريقيا وجنوب آسيا كما أن الحكومة البريطانية تمتلك 40 % (اربعون فى المئة) من أسهم الشركة علاوة على مرور حوالى 70 % (سبعونفى المئة) من السفن البريطانية فى هذا الممر الملاحى الهام ، أما بالنسبة لفرنسا علاوة على مرور سفنها فى القناة ، فلها ايضا مصالح إدارية وإقتصادية فى الشركة اذ انها تلعب دورا إقتصاديا فى حياة الفرنسيين فقد كان هناك حوالى ربع مليون فرنسى يملكون أسهما فى الشركة نظرا لما تحققه من أرباح خيالية.
مؤتمر لندن تمهيدا لمسرح الضربة العسكرية ضد مصر
لذلك كان عقد مؤتمر لندن الذى ضم وزراء خارجية أمريكا وفرنسا وبريطانيا لمجرد تمهيد المسرح للضربة العسكرية البريطانية الفرنسية ضد مصر كما عقد مؤتمر لندن الثلاثى فى الفترة من 29 يوليو إلى 2 أغسطس 1956 واشترك فيه جون فوستر دلاس وزير الخارجية الأمريكى وكريستيان بينو وزير خارجية فرنسا وسلوين لويد وزير الخارجية البريطانى واتفق فيه على اعتبار عمل مصر تهديدا لحرية الملاحة فى القناة وانتقاضا لمعاهدة القسطنطينية واقترحوا فيه عقد مؤتمر تشترك فيه الدول الموقعة على المعاهدة والدول الأخرى المستخدمة للقناة ولم يخف عن القيادة فى مصر بأن هدف المؤتمر المقترح كان إنشاء هيئة دولية تتولى إدارة القناة ودعوة الدول الموالية لهم فقط للأشتراك فيه حتى يمكنهم الحصول على أغلبية الأصوات لاتخاذ هذا القرار ووضع مصر فى وضع حرج أمام الدول العالمية إذا رفضت الخضوع, وبذلك تفرض قرارات المؤتمر عليها بالقوة، وتقرر فعلا عقد المؤتمر بقاعة (لانكستر هاوس) فى لندن يوم 16 أغسطس 1956 ورفضت مصر الاشتراك فيه يوم 12 أغسطس 1956
ورغم أن الدول التى استخدمت القناة سنة 1955 بلغ 45 دولة ، فقد وجهت الدعوة إلى 24 دولة ملاحية وهى مصر واليونان واستراليا والدانمارك واثيوبيا والمانيا الغربية وفرنسا والهندواندونيسيا وايران وايطاليا واليابان وهولندا ونيوزيلندا والنرويج والباكستان والبرتغال واسبانيا والسويد وتركيا والاتحاد السوفيتى الروسي وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وحددت الدعوة هدف المؤتمر ، لبحث الأمور الخاصة بقناة السويس التى هى جزء من مصر بدون أى تشاور مع مصر صاحبة الشأن ثم عقد مؤتمر لندن الثالث ودام من 23 حتى 26 أغسطس واشتركت فيه 22 دولة وكلفت مصر الهند بالتحدث فيع نيابة عنها
شهر التنـاقض والمؤامرات والحرب
يدخل شهر أكتوبر 1956 ابواب التاريخ بصفته شهر التناقض، فقد اتسمت تطورات أحداثه بكل ما يمكن تصوره من تحركات متناقضة ومتضاربة فى هدفها ونيتها ولا يمكن وصف الا بأنه شهر الخداع والمؤمرات السرية والغدر
فأتسمت تطورات هذا الشهر بتدخل الأمم المتحدة محاولة لحل الأزمة، وبدأ المفاوضات الدولية التى كانت تخدع بها إنجلترا وفرنسا الضمير الدولى لتبعده عن نياتهما العدوانية وتوصلت المؤمرات الى هدفها بتوقيع معاهدة سيفر لأدماج اسرائيل واشراكها فى الأعتداء على مصر كذريعة لتدخل بريطانيا وفرنسا
وأشتهر الشهر ايضا بالنهديد والأنذار الأنجلوفرنسى المشهور وبداية الحرب، بينما أنزل الستار على ما تم فيه من إغتيالات ومحاولة لآسقاط طائرة اللواء
غبدالحكيم عامر من أجل التأثير على مسيرة الحرب
مؤامرة سحب المرشدين من العمل فى القناة
كان عدد المرشدين الذين يقومون بالأرشاد فى القناة يبلغ 205مرشدا منهم 29 مرشدا مصريا فقط مازال منهم 5 مرشدين تحت التدريب بينما كان عدد المرشدين الأجانب 221 مرشدا موزعين كالآتى " 61 بريطانيا، 53 فرنسيا، 14 هولنديا، 11 نرويجيا، 13 يونانيا، 3 دانمركيين، 3 بلجيكيين ، 2 إيطاليين، 3 أميركيين،3 سويديين، واسبانى واحد، ويوغسلافى واحد وبولندى واحد" و13 من جنسيات أخرى (4) كانت لهم ولعائلاتهم قوة شرائية كبيرة وتأثير واضح على الحياة التجارية فى المدينة
وقد خطط كل من جى موليه رئيس وزراء فرنسا وأنتونى إيدن رئيس وزراء إنجلترا سحب المرشدين بعد أن تم إعداد الخطة المبدأية الأولى للغزو ، وكانت مؤامرة سحب المرشدين بمثابة مبرر لها بالعدوان (4) إذا ما تسبب هذا السحب فى تعطيل الملاحة فى القناة كما كانا يقدران على أساس إمكان إدعائهما أن مصر غير قادرة على إدارة القناة وتشغيلها وهى حجة لتبرير العدوان ، وللوصول الى ذلك الهف، قام أيدن وجى موليه بتحريض إدارة شركة قناة السويس لتشجيع المرشدين على ترك العمل فى القناة وعرض عليهم رئيس الشركة جاك جورج بيكو مرتب آخر ثلاث سنوات مقدما لو رفضوا العمل مع الشركة المؤممة
انسحاب المرشدين والموظفين الأجانب منتصف ليلة 14 15 سبتمبر
وفى صباح يوم 12 سبتمبر سنة 1956 توجه بول (4) ريموند مدير إدارة الملاحة بشركة القناة إلى المهندس محمود يونس رئيس هيئة قناة السويس وأبلغه أن جميع المرشدين الأجانب وغيرهم من الفنيين والعمال ماعدا اليونانيين منهم قد أعربوا عن رغبتهم فى التقاعد اعتبارا من منتصف ليلة يوم 14 و 15 سبتمبر 1956 لعدم رضائهم عن المعاملة التى تعاملهم بها الإدارة العربية للقناة، وفى هدوء قال له يونس إنه يوافق على استقالاتهم وعلى استقالة ريمن نفسه وودعه إلى الباب مجاملة له
دور هيئة إدارة قناة السويس
نجحت الإدارة المصرية فى استعاضة المرشدين الذين تركو العمل بالمرشدين المصريين الأربعين الذين كانو بالشركة القديمة بالأضافة الى 13 مرشدا يونانيا
وتعيين 53 مرشدا جديدا منهم 47 مصريا وتعيين 15 روسيا وشاهدت مدن القناة وخاصة بورسعيد والاسماعيلية والسويس وجوها جديدة تمتلىء بالوطنية وتؤدى واجبها خير ما يكون
التطورات العالمية تدل على إقتراب الحرب
ولقد سبقت العديد من التطورات الدولية والمحلية عمليات حرب العدوان الثلاثى والاعتداء المباشرة على بورسعيد. ونظرا لأهميتها وتسهيلا لاستيعاب
القارىء لما حدث، فإننى سأدونها بشكل مختصر حتى تتكون للقارىء صورة يمكنه بعدها تصور القوات الضخمة التى واجهتها المقاومة السرية الشعبية المسلحة فى بورسعيد والتى لم يزد عدد أفرادها على مئة شخص
أغسطس وبريطانيا تناور وتستعد رغم المؤتمرات والمحادثات
ادخل هذا الشهر الذعر الى قلب بريطانيا فبدأت تتصرف كالثور الجريح فى ساحة مصارعة الثيران بعدما غرز عبدالناصر سيفه بين ضلعها موجها لقلبها فاستدعت عشرات الآلاف من جنود الأحتياطى وأوقفت تسريح من انهى خمته وبدأت فى حشد معداتها الحربية وأرجعت العديد من سفنها الحربية للخدمة ووضعت خطط العدوان لغزو مصر واتخذت حليفة لها فرنسا للتآمر كل لعشرات اللآسبب عديدة
بريطانيا تناور وتستعد رغم المؤتمرات والمحادثات
اتسم شهر سبتمبر بالمناقضات وبداية انكشاف وجه التآمر الذى تمكنت كل من بريطانيا وفرنسا من حشد العديد من الدول المتحايزة لهما وزيادة الضغط على
مصر فى محاولة لأغتصاب سيادة مصر على قناة السويس ووصلت قمة تلك المحاولات فى سحب المرشدين الفرنسيين والبريطانيين من مراكزهم فى هيئة ادارة قناة السويس مما فتح لمصر الطريق الواسع لتدعيم قبضتها على القناة بالأعتماد على العدي من ضباط السلاح البحرى المصرى وفتح الطريق لمستقبل زاهر لا نهاية له
شهر أكتوبر مجهودات الأمم المتحدة ومعاهدة التآمر وتوجيه الأنذار وبدأ الحرب
يتميز هذا الشهر بالأنزلاق النهائى الى الحرب وتمثيلية الأنذار الأنجلوفرنسى وبدء العدوان الثلاثى ومهاجمة مصر وقواعدها العسكرية وخاصة مطاراتها
العسكرية ومدنها دون تفريق بينهم وكان هذا الشهر بداية النهاية لأمبراطوريتان غربت عليهما اشمس الى الأبد
الجبهة العربية تتكون
كان الوضع يتدهور على الحدود الأسرائيلية – الأردنية بشكل مستمر، وفى 21 أكتوبر حصل الوطنيون فى الأنتخابات الأردنية على الأغلبية فى مقاعد
البرلمان وعين سليمان النابلسى رئيسا للوزارة التى تبنت إنهاء التحالف مع بريطانيا ، ومنذ 22 أكتوبر ، ناقشت مصر الموقف الأردنى مع سوريا والسعودية واتفق على تقديم معونة مالية للأردن وربطه باتفاق الدفاع المشترك المصرى – السورى ، ويفصح لفريق حافظ إسماعيل فى صفحة 59 من كتابه (11)
د. يحي الشاعر
(*) يمكن الرجوع الى الصفحة التالية ، للحصول على بعض المعلومات الفنية عن السد العالى وتطورات بنائه
المعلومات أعلاه ، ملخص مقتطف من كتاب " الـوجه الآخـر للميدالية ، حرب السويس 1956 ، أسرار المقاومة السرية فى بورسعيد" بقلم يحي الشاعر
الطبعة الثانية 2006
طبع فى مطابع دار الأخبار - 6 أكتوبر القاهرة
رقم الأيداع 1848 2006
الترقيم الدولى Isbn 977 – 08 – 1245 - 5
حقوق الطبع والنشر © جميع الحقوق محفوظة للمؤلف
التعديل الأخير: