محاولة السيسي توجيه رسائل طمأنة إلى المصريين تعكس فشل الحكومة في إعادة الأمل لهم وافتقارها إلى خطاب يهدئ قلقهم.
الأحد 2025/01/12
PartagerWhatsAppTwitterFacebook
فاتورة إعادة بناء الدولة بعد أيّ احتجاجات ليست سهلة
القاهرة- أعاد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تذكير المواطنين بالتداعيات السلبية للثورات، وتأكيده أن فاتورة إعادة بناء الدولة بعد أيّ احتجاجات ليست سهلة، وأن البلاد خرجت من ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 بصعوبة بالغة، حتى بدأت تستعيد عافيتها.
وأشار خلال كلمة ألقاها أثناء زيارته إلى الأكاديمية العسكرية، الجمعة، إلى أن “الدولة عانت طوال عشر سنوات مضت لتستعيد قدراتها مرة أخرى،” مذكرا بمساوئ الاحتجاج فبعد ثورة يناير نفد احتياطي النقد الأجنبي وأصبح من الصعب تلبية احتياجات الناس.
وتزامنت تحذيرات السيسي مع اقتراب ذكرى ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل حسني مبارك وارتفاع التململ الشعبي من الأوضاع الاقتصادية ووصول الغلاء إلى مستويات قياسية.
◄ خطاب السيسي أكد أن المعركة في الوقت الراهن هي الحفاظ على التماسك الشعبي، لأن عدو الداخل أخطر أمنيا وسياسيا من الخارج
وهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها الرئيس السيسي عن تداعيات التدهور الذي حل بالبلاد بسبب الفترة التي عاشتها مصر خلال أحداث ثورة يناير وبعدها، داعيا المواطنين إلى عدم تكرار ما حدث والتمسك بالحفاظ على بلادهم من التآمر عليها، بما قد يتسبب في إعادتها إلى نقطة الصفر، وهدم ما تم من تنمية.
وبدت نبرة الرئيس المصري عندما تطرق إلى خسائر الاحتجاجات هادئة وبسيطة وحاول خلالها توجيه خطابه إلى البسطاء، واختلفت كثيرا عن أحاديثه السابقة التي أثارت جدلا، جراء فهمها على أنها تهديد ووعيد من مجرد التفكير في الثورة.
ووجه السيسي رسائل طمأنة إلى المصريين أثناء زيارته إلى مقر الكنيسة الأرثوزوكسية ليلة الاحتفال بأعياد الميلاد، مؤكدا أنه يتابع كل الأمور، ويشعر بقلق الناس، وهو قلق مبرر، لافتا إلى أن مصر تجاوزت مثل هذه الظروف في أعوام ماضية، وكان القلق فيها مشابها بنسبة كبيرة.
وأظهرت رسائل الرئيس المصري أنه معني أكثر بإعادة صناعة الأمل وخلق حالة من التفاؤل، مشيرا إلى امتلاك الدولة إمكانيات تؤهلها لتحسين مستوى المعيشة، وأنها انتهت من مرحلة “تمهيد البناء” ووصلت إلى مرحلة “جني العوائد”، وهو ما سيظهر خلال العام الجاري.
عبدالمنعم إمام: عدم الاحتجاج لا يعني رضا المصريين بالأمر الواقع
وتعكس عودة السيسي إلى صدارة المشهد بمصارحة المصريين بالتحديات، استمرار الحكومة في عدم القدرة على إعادة الأمل، وافتقارها إلى خطاب يهدئ القلق، وهو ما تستثمره سلبا جماعة الإخوان.
وكان جزء من عدم تعليق السيسي على المشهد الداخلي الفترة الماضية، تجنب تحميله أيّ إخفاق حكومي مؤخرا، فعندما يتصدى بمفرده لطمأنة المصريين وتبديد مخاوفهم أو حثهم على الصبر قد يفقده بعضا من رصيده المعنوي.
وأكد خطاب السيسي الأخير أن المعركة في الوقت الراهن هي الحفاظ على التماسك الشعبي، لأن عدو الداخل أخطر أمنيا وسياسيا من الخارج، حيث يلعب الثاني على وتر الأزمات المعيشية والإخفاقات الحكومية لحل الأزمات الاقتصادية.
وذكر عبدالمنعم إمام رئيس حزب العدل (معارض)، عضو بمجلس النواب، أن إعادة تذكير الناس بمخاطر الثورات مرتبط بمحاولات جديدة للتحريض، ومع أنه ممن شاركوا في ثورة يناير، لكنه يقول “أي ثورة أضرارها بالغة على المجتمع والدولة، وبالتالي الاحتجاج الثوري ليس حلا“.
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أنه لا يجب الاقتناع بأن عدم الاحتجاج معناه الرضا بالأمر الواقع، لأن المصريين يُدركون جيدا حجم مخاطر التهديدات المحيطة ويتمسكون باستقرار بلدهم ولديهم وعي متصاعد، لكن مقابل ذلك يجب وجود نهج فعال لحل المشكلات المتراكمة وتقريب المسافات مع الشارع.
وظهر الإخفاق الحكومي في اعتراف السيسي بأن الدولة لم تستطع بعد أن تقنع الناس بخطة التنمية الشاملة وما زالوا يختزلون كل الجهود في شبكات الطرق والجسور والمدن الجديدة، من دون التركيز على باقي القطاعات التي تحققت فيها نجاحات تؤكد أن الدولة قوية ولديها إمكانيات ضخمة لتكون في المكانة التي تستحقها.
وجزء من مشكلة الحكومة أنها تعاني من إشكالية معقدة ترتبط بعدم امتلاك رؤية واضحة تقنع الشارع بالخطط التنموية الشاملة، حتى أصبح كل نقد يوجه إلى النظام يتعلق بتخصيص مبالغ مالية ضخمة على شبكات الطرق والجسور والمدن العملاقة.
ولفت رئيس حزب العدل إلى أن كلام الرئيس السيسي يعني أننا أمام حكومة غير سياسية، لا تستطيع الترويج للإيجابيات أو مواجهة السلبيات، ولا يمكن إنكار ما حدث من تنمية حقيقية في الدولة خلال السنوات الأخيرة، لكن سوف تظل المشكلة في الوسيط ما بين رأس السلطة وبين الشارع وهي الحكومة ومؤسساتها.
◄ رسائل الرئيس المصري أظهرت أنه معني أكثر بإعادة صناعة الأمل وخلق حالة من التفاؤل
وتساءل السيسي “هل لو كانت الدولة رفضت بناء كل هذه المدن والطرق والجسور، لما وصلت إلى مشكلة اقتصادية“.
وأجاب على نفسه بالنفي، مبررا ذلك بأن التحديات كانت أكبر، وتضاعفت بعد جائحة كورونا واندلاع بعض الصراعات الإقليمية، في سياق دفاعه عن تخصيص المليارات من الدولارات لبناء شبكة طرق عملاقة.
واعتاد خصوم النظام المصري تأليب الرأي العام ضده من بوابة أن الناس تئن من الغلاء، والحكومة تصرف مبالغ ضخمة على قطاعات ليست لها عوائد اقتصادية، وهي نبرة تلامس أوجاع شريحة من المواطنين أمام عدم وجود خطاب رسمي موثوق به يستقطب تلك الفئة ويقنعها بوجود بادرة أمل.
ويقول مراقبون إن غالبية المصريين يرفضون تكرار ما حدث خلال ثورة يناير من صعوبات، فقد ذاقوا مرارة عدم الاستقرار وتهاوي قدرات الدولة، لكن اللعب على وتر صبر الناس حفاظا على بلدهم مغامرة غير محسوبة إذا شعروا بعدم وجود بارقة نجاح أمام إصرار الحكومة على تحميلهم فوق طاقتهم بدعوى أنهم صامتون.
وجزء من خطة رفع المعنويات أن الحكومة مهدت لاقتراب الإعلان عن حزمة من القرارات الاجتماعية بتكليف رئاسي، ما يعني أن الناس على موعد مع زيادات مالية جديدة في الرواتب والمعاشات وتحريك الحد الأدنى للأجور، ومن المرجح أن يُعلن السيسي ذلك قبل ذكرى ثورة 25 يناير لقطع الطريق على التحريض الإخواني.
وسواء حققت رسائل السيسي أو خطة الحكومة أهدافها بترويض غضب الناس أم لا، فإن النظام مطالب بالتعامل مع ارتفاع منسوب القلق بحسابات دقيقة، لأن الناس مهما طال صبرهم في حاجة ملحة إلى حياة كريمة بعيدا عن أي خطاب يعيد تذكيرهم بمساوئ الاحتجاجات أو يحذرهم من مخاطر التفكير في الثورة.
الأحد 2025/01/12
PartagerWhatsAppTwitterFacebook
فاتورة إعادة بناء الدولة بعد أيّ احتجاجات ليست سهلة
القاهرة- أعاد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تذكير المواطنين بالتداعيات السلبية للثورات، وتأكيده أن فاتورة إعادة بناء الدولة بعد أيّ احتجاجات ليست سهلة، وأن البلاد خرجت من ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 بصعوبة بالغة، حتى بدأت تستعيد عافيتها.
وأشار خلال كلمة ألقاها أثناء زيارته إلى الأكاديمية العسكرية، الجمعة، إلى أن “الدولة عانت طوال عشر سنوات مضت لتستعيد قدراتها مرة أخرى،” مذكرا بمساوئ الاحتجاج فبعد ثورة يناير نفد احتياطي النقد الأجنبي وأصبح من الصعب تلبية احتياجات الناس.
وتزامنت تحذيرات السيسي مع اقتراب ذكرى ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل حسني مبارك وارتفاع التململ الشعبي من الأوضاع الاقتصادية ووصول الغلاء إلى مستويات قياسية.
◄ خطاب السيسي أكد أن المعركة في الوقت الراهن هي الحفاظ على التماسك الشعبي، لأن عدو الداخل أخطر أمنيا وسياسيا من الخارج
وهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها الرئيس السيسي عن تداعيات التدهور الذي حل بالبلاد بسبب الفترة التي عاشتها مصر خلال أحداث ثورة يناير وبعدها، داعيا المواطنين إلى عدم تكرار ما حدث والتمسك بالحفاظ على بلادهم من التآمر عليها، بما قد يتسبب في إعادتها إلى نقطة الصفر، وهدم ما تم من تنمية.
وبدت نبرة الرئيس المصري عندما تطرق إلى خسائر الاحتجاجات هادئة وبسيطة وحاول خلالها توجيه خطابه إلى البسطاء، واختلفت كثيرا عن أحاديثه السابقة التي أثارت جدلا، جراء فهمها على أنها تهديد ووعيد من مجرد التفكير في الثورة.
ووجه السيسي رسائل طمأنة إلى المصريين أثناء زيارته إلى مقر الكنيسة الأرثوزوكسية ليلة الاحتفال بأعياد الميلاد، مؤكدا أنه يتابع كل الأمور، ويشعر بقلق الناس، وهو قلق مبرر، لافتا إلى أن مصر تجاوزت مثل هذه الظروف في أعوام ماضية، وكان القلق فيها مشابها بنسبة كبيرة.
وأظهرت رسائل الرئيس المصري أنه معني أكثر بإعادة صناعة الأمل وخلق حالة من التفاؤل، مشيرا إلى امتلاك الدولة إمكانيات تؤهلها لتحسين مستوى المعيشة، وأنها انتهت من مرحلة “تمهيد البناء” ووصلت إلى مرحلة “جني العوائد”، وهو ما سيظهر خلال العام الجاري.
وتعكس عودة السيسي إلى صدارة المشهد بمصارحة المصريين بالتحديات، استمرار الحكومة في عدم القدرة على إعادة الأمل، وافتقارها إلى خطاب يهدئ القلق، وهو ما تستثمره سلبا جماعة الإخوان.
وكان جزء من عدم تعليق السيسي على المشهد الداخلي الفترة الماضية، تجنب تحميله أيّ إخفاق حكومي مؤخرا، فعندما يتصدى بمفرده لطمأنة المصريين وتبديد مخاوفهم أو حثهم على الصبر قد يفقده بعضا من رصيده المعنوي.
وأكد خطاب السيسي الأخير أن المعركة في الوقت الراهن هي الحفاظ على التماسك الشعبي، لأن عدو الداخل أخطر أمنيا وسياسيا من الخارج، حيث يلعب الثاني على وتر الأزمات المعيشية والإخفاقات الحكومية لحل الأزمات الاقتصادية.
وذكر عبدالمنعم إمام رئيس حزب العدل (معارض)، عضو بمجلس النواب، أن إعادة تذكير الناس بمخاطر الثورات مرتبط بمحاولات جديدة للتحريض، ومع أنه ممن شاركوا في ثورة يناير، لكنه يقول “أي ثورة أضرارها بالغة على المجتمع والدولة، وبالتالي الاحتجاج الثوري ليس حلا“.
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أنه لا يجب الاقتناع بأن عدم الاحتجاج معناه الرضا بالأمر الواقع، لأن المصريين يُدركون جيدا حجم مخاطر التهديدات المحيطة ويتمسكون باستقرار بلدهم ولديهم وعي متصاعد، لكن مقابل ذلك يجب وجود نهج فعال لحل المشكلات المتراكمة وتقريب المسافات مع الشارع.
وظهر الإخفاق الحكومي في اعتراف السيسي بأن الدولة لم تستطع بعد أن تقنع الناس بخطة التنمية الشاملة وما زالوا يختزلون كل الجهود في شبكات الطرق والجسور والمدن الجديدة، من دون التركيز على باقي القطاعات التي تحققت فيها نجاحات تؤكد أن الدولة قوية ولديها إمكانيات ضخمة لتكون في المكانة التي تستحقها.
وجزء من مشكلة الحكومة أنها تعاني من إشكالية معقدة ترتبط بعدم امتلاك رؤية واضحة تقنع الشارع بالخطط التنموية الشاملة، حتى أصبح كل نقد يوجه إلى النظام يتعلق بتخصيص مبالغ مالية ضخمة على شبكات الطرق والجسور والمدن العملاقة.
ولفت رئيس حزب العدل إلى أن كلام الرئيس السيسي يعني أننا أمام حكومة غير سياسية، لا تستطيع الترويج للإيجابيات أو مواجهة السلبيات، ولا يمكن إنكار ما حدث من تنمية حقيقية في الدولة خلال السنوات الأخيرة، لكن سوف تظل المشكلة في الوسيط ما بين رأس السلطة وبين الشارع وهي الحكومة ومؤسساتها.
◄ رسائل الرئيس المصري أظهرت أنه معني أكثر بإعادة صناعة الأمل وخلق حالة من التفاؤل
وتساءل السيسي “هل لو كانت الدولة رفضت بناء كل هذه المدن والطرق والجسور، لما وصلت إلى مشكلة اقتصادية“.
وأجاب على نفسه بالنفي، مبررا ذلك بأن التحديات كانت أكبر، وتضاعفت بعد جائحة كورونا واندلاع بعض الصراعات الإقليمية، في سياق دفاعه عن تخصيص المليارات من الدولارات لبناء شبكة طرق عملاقة.
واعتاد خصوم النظام المصري تأليب الرأي العام ضده من بوابة أن الناس تئن من الغلاء، والحكومة تصرف مبالغ ضخمة على قطاعات ليست لها عوائد اقتصادية، وهي نبرة تلامس أوجاع شريحة من المواطنين أمام عدم وجود خطاب رسمي موثوق به يستقطب تلك الفئة ويقنعها بوجود بادرة أمل.
ويقول مراقبون إن غالبية المصريين يرفضون تكرار ما حدث خلال ثورة يناير من صعوبات، فقد ذاقوا مرارة عدم الاستقرار وتهاوي قدرات الدولة، لكن اللعب على وتر صبر الناس حفاظا على بلدهم مغامرة غير محسوبة إذا شعروا بعدم وجود بارقة نجاح أمام إصرار الحكومة على تحميلهم فوق طاقتهم بدعوى أنهم صامتون.
وجزء من خطة رفع المعنويات أن الحكومة مهدت لاقتراب الإعلان عن حزمة من القرارات الاجتماعية بتكليف رئاسي، ما يعني أن الناس على موعد مع زيادات مالية جديدة في الرواتب والمعاشات وتحريك الحد الأدنى للأجور، ومن المرجح أن يُعلن السيسي ذلك قبل ذكرى ثورة 25 يناير لقطع الطريق على التحريض الإخواني.
وسواء حققت رسائل السيسي أو خطة الحكومة أهدافها بترويض غضب الناس أم لا، فإن النظام مطالب بالتعامل مع ارتفاع منسوب القلق بحسابات دقيقة، لأن الناس مهما طال صبرهم في حاجة ملحة إلى حياة كريمة بعيدا عن أي خطاب يعيد تذكيرهم بمساوئ الاحتجاجات أو يحذرهم من مخاطر التفكير في الثورة.
قبل ذكرى يناير 2011: السيسي يحذر المصريين من الاحتجاج | | صحيفة العرب
محاولة السيسي توجيه رسائل طمأنة إلى المصريين تعكس فشل الحكومة في إعادة الأمل لهم وافتقارها إلى خطاب يهدئ قلقهم.
alarab.co.uk