الاخلاقيات والسلوكيات المستحدثة بقلم الاستاذ محمد الخضيري الجميلي

إنضم
2 يوليو 2012
المشاركات
145
التفاعل
158 30 0
الدولة
Uruguay
الأخلاقيات والسلوكيات المستحدثة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أمرنا بالرحمة والإحسان، والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد الذي علّمنا مكارم الأخلاق.
أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدمة

في عالمنا المعاصر، نشهد تغيرًا كبيرًا في سلوكيات البشر وأخلاقياتهم، وهذا التغير يدعو للتأمل والتساؤل: أين نحن من القيم التي نشأنا عليها؟ هل ما زلنا نعيش في مجتمع يحترم الإنسانية ويقدّر معاني الرحمة، أم أن تيار الحياة المادية والتكنولوجيا قد أخذنا بعيدًا عن جوهر الأخلاق؟

واقع مؤلم

كم من مرة رأينا شخصًا مسنًا يحتاج إلى المساعدة، أو إنسانًا مريضًا أو مصابًا أو حتى فاقدًا للوعي على قارعة الطريق، بدلاً من أن نهرع لنقدم له يد العون، نرى من يسارع لالتقاط صورة أو تسجيل فيديو بغرض نشره على مواقع التواصل الاجتماعي!
تلك الظاهرة التي تفشت في مجتمعنا تعكس أزمة عميقة في منظومة القيم والأخلاق. لقد باتت الكاميرات هي اليد الأولى التي تمتد، وليس القلوب أو الأيدي الرحيمة.

أخلاق أجدادنا

أيها الأحبة، مجتمعنا الذي تربينا فيه كان مجتمعًا يقوم على الأخلاق الحميدة، حيث كانت النخوة والشهامة والعطف على المحتاجين من أبرز صفاته. كانت الجيرة مسؤولية، وكان كل شخص في الحي يشعر بواجبه تجاه الآخر. إذا رأى أحدهم محتاجًا، لم يكن يفكر للحظة، بل كان يتحرك بروح الأخوة والمروءة.

ولكن للأسف، تراجعت هذه القيم في عصرنا الحالي أمام أمواج المظاهر والتكنولوجيا، وأصبحت الإنسانية نفسها تُختزل في صورة أو مقطع فيديو.

حوادث يومية

تصوروا معي، لو أن والدك أو ابنك أو أخاك كان ملقى على الطريق في حادث ما، ولم يجد سوى عدسات الهواتف تُسلَّط عليه دون أن تمتد يدٌ لإنقاذه! كيف سيكون شعورك؟
هذه الحوادث التي تتكرر يوميًا ليست مجرد مواقف عابرة، بل هي جرس إنذار يدعونا لإعادة التفكير في أخلاقنا وسلوكياتنا.

العودة إلى الإنسانية

إخوتي الكرام، يجب أن نعود إلى جوهر إنسانيتنا، إلى تلك القيم التي تحضّنا على الرحمة والعطف والإيثار. يجب أن نتذكر أن الله أمرنا بالسعي في الخير، وأن كل موقف نمر به قد يكون اختبارًا من الله، فكيف نكون ممن يرسبون في هذا الاختبار؟

خطوات نحو التغيير

1. التربية الأسرية: يجب على كل أسرة أن تعلّم أبناءها القيم الإنسانية منذ الصغر، وأن تغرس فيهم روح العطاء والنخوة.


2. التوعية المجتمعية: على المؤسسات التعليمية والإعلامية أن تلعب دورًا في نشر الوعي حول أهمية الأخلاق الإنسانية.


3. محاربة السلوكيات السلبية: لا بد أن نتصدى لهذه الظواهر السلبية مثل تصوير المحتاجين أو المصابين، وأن ننشر ثقافة التدخل الإيجابي.


4. القدوة الحسنة: كل منا مسؤول أن يكون قدوةً في محيطه، وأن يبادر بفعل الخير دون انتظار مقابل.



الخاتمة

أيها الأحبة، دعونا نستعيد إنسانيتنا ونعود إلى القيم الأصيلة التي تربينا عليها. الحياة قصيرة، والعمل الصالح هو الذي يبقى معنا. لنكن أناسًا يتركون أثرًا طيبًا أينما حلّوا. لنساعد المحتاج، ولنمد يد العون لكل ضعيف، ولنكن رحماء بيننا.

أرجو أن تكون هذه الكلمات دعوةً لنا جميعًا للعودة إلى الأخلاق الحميدة، وأن نعمل بجد لنكون كما أرادنا الله، رحماء بيننا، ويدًا واحدة في الخير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بقلم محمد الخضيري الجميلي
 

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى