في ذكرى تفجير مقرات "المارينز" و"المظليين الفرنسيين" في بيروت 1983
وثيقة من المخابرات الخارجية في ألمانيا الشرقية تنشر للمرة الأولى تشير إلى "عماد مغنية" بعد التفجيرين بخمسة أيام فقط، رغم أنه لم يكن أحد قد سمع باسمه!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في 23 أكتوبر 1983 وقع تفجيران انتحاريان هائلان في بيروت، بفارق بضع دقائق بينهما، دمرا مقرّي "المارينز" الأميركي و "قوات المظليين" الفرنسية. وكانت القوتان تعملان في إطار قوات الاحتلال التابعة للحلف الأطلسي التي جاءت إلى بيروت صيف العام السابق، بالتنسيق مع إسرائيل، للإشراف على إخراج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان.
أدى الانفجار الأولى إلى مقتل حوالي 250 من ضباط وجنود المارينز وإصابة حوالي مئة وعشرين آخرين بجروح، بينما أدى الانفجار الثاني إلى مقتل حوالي ستين ضابطاً وجنديا من المظليين الفرنسين، وجرح العشرات.
في أرشيف مدير مخابرات ألمانيا الشرقية السابقة وثيقة عن التفجيرين يعود تاريخها إلى 28 أكتوبر 1983، أي خمسة أيام فقط بعد حصولهما. والوثيقة هي تقرير معلومات رفعه اللواء "هورست يينيكه"،رئيس الدائرة الثالثة (دائرة العالم الثالث وحركات التحرر الوطني) في مخابرات ألمانيا الشرقية إلى رئيس هذه الأخيرة الفريق "ماركوس فولف".
يتحدث التقرير، استناداً إلى ما وصفه بمصادر خاصة في بيروت ودمشق، عن أن التفجير الذي دمر مقر المارينز نجم عن شحنة وزنها طن ، بينما التفجير الثاني الذي دمر مبنى المظليين الفرنسيين نجم عن شحنة وزنها حوالي نصف طن. ويصف ما حصل بأنه "أكبر ضربة يتلقاها الجيش الأميركي في حادث واحد منذ الحرب العالمية الثانية".
وبعد أن تشير الوثيقة إلى بيان "منظمة غير معروفة سابقاً تطلق على نفسها اسم /الجهاد الإسلامي/ تبنت التفجيرين، وأعلنت أن غايتها هي طرد القوات المتعددة الجنسيات من لبنان"، تكشف أن زعيم المنظمة يدعى "عماد مغنية"، وتصفه بأنه "شاب من جنوب لبنان يبلغ من العمر ما بين 20-22عاماً". لكن أكثر من يلفت الانتباه ليس فقط الإشارة إلى أنه كان مقاتلاً في "جهاز الأمن الخاص" التابع لحركة "فتح"الفلسطينية بل وصف الوثيقة له بأنه "متأثر بخليط من الأفكار والتكتيكات التروتسكية والماوية وأفكار تشي غيفارا"!
وهذه أول إشارة من نوعها في أي وثيقة تاريخية إلى "عماد مغنية"، الذي لم يذكر اسمه إلا بعد سنوات طويلة على ذلك من قبل وكالة المخابرات المركزية التي وضعت على رأسه 25 مليون دولار وبدأت ملاحقته، بالتعاون مع الموساد والمخابرات البريطانية والفرنسية وغيرها، حتى تمكنت منه في 12 شباط 2008 بالتعاون مع النظام السوري (على سبيل المقايضة) من خلال رئيس المكتب العسكري الخاص لبشار الأسد العميد الجاسوس "محمد سليمان"، الذي أعدمه "حزب الله" في طرطوس بعد ذلك ببضعة أشهر جزاء ما اقترفت يداه.
وتشير الوثيقة الألمانية إلى أن المنظمة المذكورة (الجهاد الإسلامي) " منظمة شيعية صغيرة أسستها قوات الحرس الثوري الإيرانية التي أرسِلت إلى سوريا ولبنان صيف العام السابق (1982) للمشاركة في التصدي للغزو الإسرائيلي ودعم تحالف القوات المشتركة الفلسطينية - اللبنانية" (والجيش السوري بطبيعة الحال، فقد كان مقرها في "الزبداني" و"جديدة يابوس" قبل أن تنتقل إلى بعلبك في البقاع اللبناني).
من المعلوم أن وكالة المخابرات المركزية لم تستطع معرفة الجهة التي وقفت وراء التفجيرين، ولم تتأكد حتى الآن من ذلك إلا على سبيل التخمين. ومع هذا عمدت في العام 1985 إلى اتهام العلامة "محمد حسين فضل الله" - كذباً - بأنه "المرشد الروحي لـ"حزب الله" (مع أن الحزب لم يكن ولد رسمياً إلا قبل ذلك بثلاثة أسابيع فقط، ولم يكن لفضل الله أي علاقة بالحزب)، وبأنه "هو من أعطى التوجيهات بتنفيذ التفجيرين". ومع ذلك حاولتْ في 8آذار 1985 ، بالتعاون مع المخابرات السعودية والعميل الإسرائيلي ، العميد "سيمون قسيس" (مدير مخابرات الجيش اللبناني آنذاك)، اغتياله من خلال تفجير هائل استهدف المسجد الذي كان يؤم في المصلين في "الضاحية الجنوبية" ما أدى إلى وقوع مجزرة رهيبة راح ضحيتها أكثر من 80 من المصلين ، نساء ورجالاً، فضلاً عن مئات الجرحى منهم ومن عابري السبيل. وقد دفع الملك السعودي "فهد بن عبد العزيز" يومها 3 ملايين دولار، من خلال شيك مدفوع باسم سفيره في واشنطن "بندر بن سلطان"، كتكاليف لعملية اغتيال "فضل الله" ، كما كشف رئيس تحرير "الواشنطن بوست" ،"بوب وودوورد" (حزيران 1985)، ثم في كتابه "القناع: الحروب السرية لوكالة المخابرات المركزية" في العام 1987، نقلاً عن مدير وكالة المخابرات المركزية "وليام كيسي" الذي كان هو من أمر بتنفيذ العملية بعد موافقة رئيسه "رونالد ريغان".
الوثيقة تؤكد أن استخبارات ألمانيا الشرقية لم تكن الجهاز الأكثر احترافية ومهنية في العالم فقط، بل أن محطتها في بيروت لم تكن تغيب عنها شاردة أو واردة في الشرق الأوسط، وفي زمن قياسي لا يتعدى بضعة أيام، مهما كانت القضية معقدة.
ـــــــــــــــ
وثيقة الدائرة الثالثة في مخابرات ألمانيا الشرقية ( HVA)، لم يقم بنشرها اي منتدى عربي اخر
وثيقة من المخابرات الخارجية في ألمانيا الشرقية تنشر للمرة الأولى تشير إلى "عماد مغنية" بعد التفجيرين بخمسة أيام فقط، رغم أنه لم يكن أحد قد سمع باسمه!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في 23 أكتوبر 1983 وقع تفجيران انتحاريان هائلان في بيروت، بفارق بضع دقائق بينهما، دمرا مقرّي "المارينز" الأميركي و "قوات المظليين" الفرنسية. وكانت القوتان تعملان في إطار قوات الاحتلال التابعة للحلف الأطلسي التي جاءت إلى بيروت صيف العام السابق، بالتنسيق مع إسرائيل، للإشراف على إخراج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان.
أدى الانفجار الأولى إلى مقتل حوالي 250 من ضباط وجنود المارينز وإصابة حوالي مئة وعشرين آخرين بجروح، بينما أدى الانفجار الثاني إلى مقتل حوالي ستين ضابطاً وجنديا من المظليين الفرنسين، وجرح العشرات.
في أرشيف مدير مخابرات ألمانيا الشرقية السابقة وثيقة عن التفجيرين يعود تاريخها إلى 28 أكتوبر 1983، أي خمسة أيام فقط بعد حصولهما. والوثيقة هي تقرير معلومات رفعه اللواء "هورست يينيكه"،رئيس الدائرة الثالثة (دائرة العالم الثالث وحركات التحرر الوطني) في مخابرات ألمانيا الشرقية إلى رئيس هذه الأخيرة الفريق "ماركوس فولف".
يتحدث التقرير، استناداً إلى ما وصفه بمصادر خاصة في بيروت ودمشق، عن أن التفجير الذي دمر مقر المارينز نجم عن شحنة وزنها طن ، بينما التفجير الثاني الذي دمر مبنى المظليين الفرنسيين نجم عن شحنة وزنها حوالي نصف طن. ويصف ما حصل بأنه "أكبر ضربة يتلقاها الجيش الأميركي في حادث واحد منذ الحرب العالمية الثانية".
وبعد أن تشير الوثيقة إلى بيان "منظمة غير معروفة سابقاً تطلق على نفسها اسم /الجهاد الإسلامي/ تبنت التفجيرين، وأعلنت أن غايتها هي طرد القوات المتعددة الجنسيات من لبنان"، تكشف أن زعيم المنظمة يدعى "عماد مغنية"، وتصفه بأنه "شاب من جنوب لبنان يبلغ من العمر ما بين 20-22عاماً". لكن أكثر من يلفت الانتباه ليس فقط الإشارة إلى أنه كان مقاتلاً في "جهاز الأمن الخاص" التابع لحركة "فتح"الفلسطينية بل وصف الوثيقة له بأنه "متأثر بخليط من الأفكار والتكتيكات التروتسكية والماوية وأفكار تشي غيفارا"!
وهذه أول إشارة من نوعها في أي وثيقة تاريخية إلى "عماد مغنية"، الذي لم يذكر اسمه إلا بعد سنوات طويلة على ذلك من قبل وكالة المخابرات المركزية التي وضعت على رأسه 25 مليون دولار وبدأت ملاحقته، بالتعاون مع الموساد والمخابرات البريطانية والفرنسية وغيرها، حتى تمكنت منه في 12 شباط 2008 بالتعاون مع النظام السوري (على سبيل المقايضة) من خلال رئيس المكتب العسكري الخاص لبشار الأسد العميد الجاسوس "محمد سليمان"، الذي أعدمه "حزب الله" في طرطوس بعد ذلك ببضعة أشهر جزاء ما اقترفت يداه.
وتشير الوثيقة الألمانية إلى أن المنظمة المذكورة (الجهاد الإسلامي) " منظمة شيعية صغيرة أسستها قوات الحرس الثوري الإيرانية التي أرسِلت إلى سوريا ولبنان صيف العام السابق (1982) للمشاركة في التصدي للغزو الإسرائيلي ودعم تحالف القوات المشتركة الفلسطينية - اللبنانية" (والجيش السوري بطبيعة الحال، فقد كان مقرها في "الزبداني" و"جديدة يابوس" قبل أن تنتقل إلى بعلبك في البقاع اللبناني).
من المعلوم أن وكالة المخابرات المركزية لم تستطع معرفة الجهة التي وقفت وراء التفجيرين، ولم تتأكد حتى الآن من ذلك إلا على سبيل التخمين. ومع هذا عمدت في العام 1985 إلى اتهام العلامة "محمد حسين فضل الله" - كذباً - بأنه "المرشد الروحي لـ"حزب الله" (مع أن الحزب لم يكن ولد رسمياً إلا قبل ذلك بثلاثة أسابيع فقط، ولم يكن لفضل الله أي علاقة بالحزب)، وبأنه "هو من أعطى التوجيهات بتنفيذ التفجيرين". ومع ذلك حاولتْ في 8آذار 1985 ، بالتعاون مع المخابرات السعودية والعميل الإسرائيلي ، العميد "سيمون قسيس" (مدير مخابرات الجيش اللبناني آنذاك)، اغتياله من خلال تفجير هائل استهدف المسجد الذي كان يؤم في المصلين في "الضاحية الجنوبية" ما أدى إلى وقوع مجزرة رهيبة راح ضحيتها أكثر من 80 من المصلين ، نساء ورجالاً، فضلاً عن مئات الجرحى منهم ومن عابري السبيل. وقد دفع الملك السعودي "فهد بن عبد العزيز" يومها 3 ملايين دولار، من خلال شيك مدفوع باسم سفيره في واشنطن "بندر بن سلطان"، كتكاليف لعملية اغتيال "فضل الله" ، كما كشف رئيس تحرير "الواشنطن بوست" ،"بوب وودوورد" (حزيران 1985)، ثم في كتابه "القناع: الحروب السرية لوكالة المخابرات المركزية" في العام 1987، نقلاً عن مدير وكالة المخابرات المركزية "وليام كيسي" الذي كان هو من أمر بتنفيذ العملية بعد موافقة رئيسه "رونالد ريغان".
الوثيقة تؤكد أن استخبارات ألمانيا الشرقية لم تكن الجهاز الأكثر احترافية ومهنية في العالم فقط، بل أن محطتها في بيروت لم تكن تغيب عنها شاردة أو واردة في الشرق الأوسط، وفي زمن قياسي لا يتعدى بضعة أيام، مهما كانت القضية معقدة.
ـــــــــــــــ
وثيقة الدائرة الثالثة في مخابرات ألمانيا الشرقية ( HVA)، لم يقم بنشرها اي منتدى عربي اخر