مسؤول سعودي بارز يؤكد أن المعاهدة اكتملت بنسبة 95 في المئة، لكن الرياض اختارت مناقشة اتفاق بديل لأنه لا يمكن تنفيذها بغير تطبيع مع إسرائيل.
السبت 2024/11/30
موقف ثابت
الرياض - قال مسؤولان سعوديان وأربعة مسؤولين غربيين إن السعودية تخلت عن مساعيها لإبرام معاهدة دفاعية طموحة مع الولايات المتحدة مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل وتريد الآن اتفاقا محدودا للتعاون العسكري، ويرتبط هذا التغيير بتداعيات العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة والتغيير في المزاج الشعبي داخل المملكة والشرق الأوسط، ما يجعل من إثارة ملف التطبيع أمرا صعبا.
وخففت السعودية من موقفها بشأن إقامة دولة فلسطينية في مسعى لإبرام معاهدة أمنية ثنائية واسعة النطاق في وقت سابق من العام، وأبلغت الولايات المتحدة أنها قد تكتفي بالتزام إسرائيل علنا بحل الدولتين من أجل تطبيع العلاقات. لكنّ مصدرين سعوديين وثلاثة مصادر غربية قالت لرويترز إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان جعل الاعتراف بإسرائيل مشروطا باتخاذها خطوات ملموسة نحو إقامة دولة فلسطينية، وذلك بعد تطورات الحرب وتأثيراتها في المنطقة.
وقال دبلوماسيون غربيون إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يزال حريصا على التطبيع مع السعودية باعتباره إنجازا تاريخيا وعلامة على زيادة القبول في العالم العربي. وأضافوا أن نتنياهو يواجه معارضة كبيرة في الداخل لأيّ تنازلات للفلسطينيين بعد هجمات حماس في السابع من أكتوبر 2023 ويعلم أن أيّ بادرة في اتجاه إقامة دولة من شأنها أن تؤدي إلى تفتيت ائتلافه الحاكم.
وقالت المصادر إن الرياض وواشنطن تأملان في إبرام اتفاقية دفاعية أكثر تواضعا قبل مغادرة الرئيس جو بايدن البيت الأبيض في يناير. وأضافت المصادر الستة أن المعاهدة الأميركية – السعودية الكاملة ستحتاج إلى تصديق مجلس الشيوخ الأميركي عليها بأغلبية الثلثين، وهو أمر لن يكون ممكنا ما لم تعترف الرياض بإسرائيل.
وتتضمن الاتفاقية، التي تجري مناقشتها حاليا، توسيع التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة لمواجهة التهديدات الإقليمية، وخاصة من إيران. وقالت المصادر إن الاتفاقية ستعزز الشراكات بين شركات الدفاع الأميركية والسعودية مع ضمانات لمنع التعاون مع الصين.
وستعزز الاتفاقية الاستثمارات السعودية في التقنيات المتقدمة، وخاصة أنظمة التصدي للطائرات المسيّرة. وستزيد الولايات المتحدة من وجودها في الرياض من خلال التدريبات والدعم اللوجستي والأمن السيبراني، وقد تنشر كتيبة صواريخ باتريوت لتعزيز الدفاع الصاروخي والردع المتكامل. لكنها لن ترقى إلى معاهدة ملزمة للدفاع المشترك تلزم القوات الأميركية بحماية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم في حال تعرضها لهجوم أجنبي.
فواز جرجس:ترامب سيستغل كل السبل الممكنة لتحقيق التطبيع التاريخي بين المملكة وإسرائيل
وقال عبدالعزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث ومقره الرياض “ستحصل السعودية على اتفاق أمني يسمح بالمزيد من التعاون العسكري ومبيعات الأسلحة الأميركية، ولكن ليس معاهدة دفاعية مماثلة للمعاهدة مع اليابان أو كوريا الجنوبية كما كان المسعى في البداية.” لكن الصورة تتزايد تعقيدا بسبب وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وتستبعد خطة ترامب لحل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني أيّ بنود عن دولة أو سيادة فلسطينية.
وقد تعيد معاهدة دفاع تمنح السعودية حماية عسكرية أميركية مقابل الاعتراف بإسرائيل تشكيل الشرق الأوسط بالتقريب بين عدوّين لدودين وربط الرياض بواشنطن في وقت تعزز فيه الصين علاقاتها بالمنطقة.
ويسمح ذلك للمملكة بتعزيز أمنها ودرء تهديدات إيران وحلفائها الحوثيين في اليمن لتجنب تكرار ضربات 2019 على منشآت النفط السعودية. وقال مسؤول سعودي بارز إن المعاهدة اكتملت بنسبة 95 في المئة، لكن الرياض اختارت مناقشة اتفاق بديل لأنه لا يمكن تنفيذها بغير تطبيع مع إسرائيل.
وقال اثنان من المصادر إنه اعتمادا على الصيغة تمكن الموافقة على اتفاقية تعاون مصغرة دون عرضها على الكونغرس قبل مغادرة بايدن منصبه. وهناك عقبات أخرى في المفاوضات الرامية للتوصل إلى معاهدة دفاع مشترك. وقالت المصادر الستة إنه، على سبيل المثال، لم يتحقق تقدم في محادثات التعاون النووي المدني لأن السعودية رفضت التوقيع على ما يسمى باتفاقية 123 مع الولايات المتحدة لأنها تحرم الرياض من حق التخصيب النووي.
وفي حين تؤيد القيادة السعودية بقوة إقامة دولة فلسطينية، يقول دبلوماسيون إنه لا يزال من غير المؤكد كيف سيستجيب ولي العهد إذا أعاد ترامب إحياء الصفقة التي طرحها في عام 2020 لحل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. وتمثل الخطة تحولا جذريا في السياسة الأميركية والاتفاقيات الدولية من خلال الانحياز الواضح لإسرائيل والابتعاد تماما عن مبدأ الأرض مقابل السلام القائم منذ أمد طويل والذي كانت المفاوضات تاريخيا تسترشد به.
وستسمح الخطة لإسرائيل بضم مساحات كبيرة من الأراضي في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك المستوطنات الإسرائيلية وغور الأردن. كما تعترف بالقدس “عاصمة موحدة لإسرائيل”، وهو ما ينهي فعليا مطالب الفلسطينيين بالقدس الشرقية عاصمة لهم، وهي مطالب جوهرية للفلسطينيين ضمن مساعيهم لإقامة دولة كما تتفق مع قرارات الأمم المتحدة.
ومن خلال إضفاء الشرعية على عمليات الضم الإسرائيلية ينظر كثيرون إلى خطة ترامب على أنها ضربة قاسية لحل الدولتين والآمال الفلسطينية في إقامة دولة. ويؤكد المسؤولون السعوديون أن إقامة دولة فلسطينية وفقا للاتفاقيات الدولية السابقة، تكون عاصمتها القدس الشرقية، تظل شرطا أساسيا لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة على المدى الطويل.
وقال مسؤول سعودي كبير “كيف يمكننا أن نتخيل منطقة متكاملة إذا تجاهلنا القضية الفلسطينية؟ لا يمكن حرمان الفلسطينيين من حقهم في تقرير المصير.” وفي بعض من أشد الانتقادات لإسرائيل منذ اندلاع حرب غزة، وصف ولي العهد السعودي العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة بأنها “إبادة جماعية” في خطابه أمام القمة العربية – الإسلامية في الرياض هذا الشهر.
ومع ذلك، يرى دبلوماسيون أنه قد تتم إعادة النظر في إمكانية تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل في المستقبل، ربما بعد أن تستقر الأوضاع عقب حرب غزة وربما مع حكومة إسرائيلية مختلفة. وقال فواز جرجس، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، إن ترامب سيستغل كل السبل الممكنة لتحقيق التطبيع التاريخي بين المملكة وإسرائيل.
وأضاف “في ما يتعلق بكيفية حدوث التطبيع على الرغم من إصرار القادة السعوديين الدائم على أنهم لن يعترفوا بإسرائيل حتى يتم تحديد مسار حقيقي لدولة فلسطينية، يمكن لترامب أن يعد بوقف إطلاق النار في غزة مقابل التطبيع وأن يقدم وعدا مبدئيا بدعم إقامة دولة فلسطينية، دون إلزام إسرائيل بتقديم أيّ تنازلات حقيقية للفلسطينيين.”
alarab
السبت 2024/11/30
موقف ثابت
الرياض - قال مسؤولان سعوديان وأربعة مسؤولين غربيين إن السعودية تخلت عن مساعيها لإبرام معاهدة دفاعية طموحة مع الولايات المتحدة مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل وتريد الآن اتفاقا محدودا للتعاون العسكري، ويرتبط هذا التغيير بتداعيات العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة والتغيير في المزاج الشعبي داخل المملكة والشرق الأوسط، ما يجعل من إثارة ملف التطبيع أمرا صعبا.
وخففت السعودية من موقفها بشأن إقامة دولة فلسطينية في مسعى لإبرام معاهدة أمنية ثنائية واسعة النطاق في وقت سابق من العام، وأبلغت الولايات المتحدة أنها قد تكتفي بالتزام إسرائيل علنا بحل الدولتين من أجل تطبيع العلاقات. لكنّ مصدرين سعوديين وثلاثة مصادر غربية قالت لرويترز إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان جعل الاعتراف بإسرائيل مشروطا باتخاذها خطوات ملموسة نحو إقامة دولة فلسطينية، وذلك بعد تطورات الحرب وتأثيراتها في المنطقة.
وقال دبلوماسيون غربيون إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يزال حريصا على التطبيع مع السعودية باعتباره إنجازا تاريخيا وعلامة على زيادة القبول في العالم العربي. وأضافوا أن نتنياهو يواجه معارضة كبيرة في الداخل لأيّ تنازلات للفلسطينيين بعد هجمات حماس في السابع من أكتوبر 2023 ويعلم أن أيّ بادرة في اتجاه إقامة دولة من شأنها أن تؤدي إلى تفتيت ائتلافه الحاكم.
وقالت المصادر إن الرياض وواشنطن تأملان في إبرام اتفاقية دفاعية أكثر تواضعا قبل مغادرة الرئيس جو بايدن البيت الأبيض في يناير. وأضافت المصادر الستة أن المعاهدة الأميركية – السعودية الكاملة ستحتاج إلى تصديق مجلس الشيوخ الأميركي عليها بأغلبية الثلثين، وهو أمر لن يكون ممكنا ما لم تعترف الرياض بإسرائيل.
وتتضمن الاتفاقية، التي تجري مناقشتها حاليا، توسيع التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة لمواجهة التهديدات الإقليمية، وخاصة من إيران. وقالت المصادر إن الاتفاقية ستعزز الشراكات بين شركات الدفاع الأميركية والسعودية مع ضمانات لمنع التعاون مع الصين.
وستعزز الاتفاقية الاستثمارات السعودية في التقنيات المتقدمة، وخاصة أنظمة التصدي للطائرات المسيّرة. وستزيد الولايات المتحدة من وجودها في الرياض من خلال التدريبات والدعم اللوجستي والأمن السيبراني، وقد تنشر كتيبة صواريخ باتريوت لتعزيز الدفاع الصاروخي والردع المتكامل. لكنها لن ترقى إلى معاهدة ملزمة للدفاع المشترك تلزم القوات الأميركية بحماية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم في حال تعرضها لهجوم أجنبي.
وقال عبدالعزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث ومقره الرياض “ستحصل السعودية على اتفاق أمني يسمح بالمزيد من التعاون العسكري ومبيعات الأسلحة الأميركية، ولكن ليس معاهدة دفاعية مماثلة للمعاهدة مع اليابان أو كوريا الجنوبية كما كان المسعى في البداية.” لكن الصورة تتزايد تعقيدا بسبب وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وتستبعد خطة ترامب لحل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني أيّ بنود عن دولة أو سيادة فلسطينية.
وقد تعيد معاهدة دفاع تمنح السعودية حماية عسكرية أميركية مقابل الاعتراف بإسرائيل تشكيل الشرق الأوسط بالتقريب بين عدوّين لدودين وربط الرياض بواشنطن في وقت تعزز فيه الصين علاقاتها بالمنطقة.
ويسمح ذلك للمملكة بتعزيز أمنها ودرء تهديدات إيران وحلفائها الحوثيين في اليمن لتجنب تكرار ضربات 2019 على منشآت النفط السعودية. وقال مسؤول سعودي بارز إن المعاهدة اكتملت بنسبة 95 في المئة، لكن الرياض اختارت مناقشة اتفاق بديل لأنه لا يمكن تنفيذها بغير تطبيع مع إسرائيل.
وقال اثنان من المصادر إنه اعتمادا على الصيغة تمكن الموافقة على اتفاقية تعاون مصغرة دون عرضها على الكونغرس قبل مغادرة بايدن منصبه. وهناك عقبات أخرى في المفاوضات الرامية للتوصل إلى معاهدة دفاع مشترك. وقالت المصادر الستة إنه، على سبيل المثال، لم يتحقق تقدم في محادثات التعاون النووي المدني لأن السعودية رفضت التوقيع على ما يسمى باتفاقية 123 مع الولايات المتحدة لأنها تحرم الرياض من حق التخصيب النووي.
وفي حين تؤيد القيادة السعودية بقوة إقامة دولة فلسطينية، يقول دبلوماسيون إنه لا يزال من غير المؤكد كيف سيستجيب ولي العهد إذا أعاد ترامب إحياء الصفقة التي طرحها في عام 2020 لحل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. وتمثل الخطة تحولا جذريا في السياسة الأميركية والاتفاقيات الدولية من خلال الانحياز الواضح لإسرائيل والابتعاد تماما عن مبدأ الأرض مقابل السلام القائم منذ أمد طويل والذي كانت المفاوضات تاريخيا تسترشد به.
وستسمح الخطة لإسرائيل بضم مساحات كبيرة من الأراضي في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك المستوطنات الإسرائيلية وغور الأردن. كما تعترف بالقدس “عاصمة موحدة لإسرائيل”، وهو ما ينهي فعليا مطالب الفلسطينيين بالقدس الشرقية عاصمة لهم، وهي مطالب جوهرية للفلسطينيين ضمن مساعيهم لإقامة دولة كما تتفق مع قرارات الأمم المتحدة.
ومن خلال إضفاء الشرعية على عمليات الضم الإسرائيلية ينظر كثيرون إلى خطة ترامب على أنها ضربة قاسية لحل الدولتين والآمال الفلسطينية في إقامة دولة. ويؤكد المسؤولون السعوديون أن إقامة دولة فلسطينية وفقا للاتفاقيات الدولية السابقة، تكون عاصمتها القدس الشرقية، تظل شرطا أساسيا لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة على المدى الطويل.
وقال مسؤول سعودي كبير “كيف يمكننا أن نتخيل منطقة متكاملة إذا تجاهلنا القضية الفلسطينية؟ لا يمكن حرمان الفلسطينيين من حقهم في تقرير المصير.” وفي بعض من أشد الانتقادات لإسرائيل منذ اندلاع حرب غزة، وصف ولي العهد السعودي العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة بأنها “إبادة جماعية” في خطابه أمام القمة العربية – الإسلامية في الرياض هذا الشهر.
ومع ذلك، يرى دبلوماسيون أنه قد تتم إعادة النظر في إمكانية تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل في المستقبل، ربما بعد أن تستقر الأوضاع عقب حرب غزة وربما مع حكومة إسرائيلية مختلفة. وقال فواز جرجس، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، إن ترامب سيستغل كل السبل الممكنة لتحقيق التطبيع التاريخي بين المملكة وإسرائيل.
وأضاف “في ما يتعلق بكيفية حدوث التطبيع على الرغم من إصرار القادة السعوديين الدائم على أنهم لن يعترفوا بإسرائيل حتى يتم تحديد مسار حقيقي لدولة فلسطينية، يمكن لترامب أن يعد بوقف إطلاق النار في غزة مقابل التطبيع وأن يقدم وعدا مبدئيا بدعم إقامة دولة فلسطينية، دون إلزام إسرائيل بتقديم أيّ تنازلات حقيقية للفلسطينيين.”
alarab