«شبح الشيوعية» يطارد روسيا مرة أخرى

إنضم
10 فبراير 2020
المشاركات
9,250
التفاعل
21,834 117 36
الدولة
Russian Federation
336136-1629836881.jpg

الحزب الشيوعي في روسيا لم يبدُ وكأنه تهديد حقيقي منذ انتخابات عام 1996، وهو السباق الرئاسي الوحيد منذ الاتحاد السوفيتي الذي قاد إلى جولة إعادة.
وقالت المحللة الأمريكية كلارا فيريرا ماركيز، في تقرير نشرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء: إنه على مدار أكثر من عقدين، منذ تولي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زمام الأمور للمرة الأولى، لعب الحزب الشيوعي دور المعارضة المطيعة، وساعد الكرملين في الحفاظ على صورة النظام الديمقراطي، إلا أنها أضافت أن «المستقبل يبدو الآن أقل قابلية للتنبؤ به». ولا يزال جينادي زيوجانوف، المنظّر السوفيتي السابق البالغ من العمر 77 عاما والذي نافس الرئيس الراحل بوريس يلتسين في انتخابات عام 1996، دون أن يتمكن من الفوز، هو زعيم الحزب، وغير راغب في الدخول في مغامرات جذرية، وفي الوقت نفسه، تظهر أصوات تنتقد الفساد وغياب العدالة الاجتماعية وطريقة معاملة السلطات مع المعارض أليكسي نافالني، ومؤخرا تزوير التصويت الإلكتروني.

اهتمام الناخبين
وفي وقت قلّت فيه السبل للتعبير عن السخط في روسيا، برز الحزب واجتذب اهتمام الناخبين، وحقق عودة مثيرة للإعجاب في الانتخابات البرلمانية التي جرت في سبتمبر، وفاز بما يقرب من 19% من أصوات القوائم الحزبية، مقابل 13% في انتخابات عام 2016، وحتى مع الأخذ في الاعتبار التأثيرات الإيجابية لحملة تصويت تكتيكية قادها نافالني، فإن النتيجة تمثل تقدما.
ورغم أن كفة النظام الانتخابي تميل لصالح الحزب الحاكم، فقد نجح الحزب في إضافة 15 مقعدا إلى إجمالي مقاعده في «الدوما»، متفوقا على أي كتلة منافسة، وسيكون قادرا على إدخال أصوات معارضة للمجلس مثل أوليج ميخائيلوف، من جمهورية كومي، وهو من أشد معارضي الحاكم المحلي الذي عينته موسكو، كما يطالب ميخائيلوف باتفاق مالي أفضل للمنطقة المنتجة للطاقة.
ووفقا لماركيز، فقد بدا الحزب الشيوعي، الذي طالما كان معارضا مطيعا، أكثر إزعاجا قليلا، وفي واحدة من المواقف الأكثر دلالة على ذلك خلال الأسبوعين الماضيين، دعا مسؤولو الحزب، الغاضبون من الأصوات الإلكترونية التي محت بسهولة تقدم الحزب في انتخابات موسكو، إلى مسيرة في العاصمة للمطالبة «بانتخابات نزيهة».
ولم يكن زيوجانوف حاضرا، وإنما كان في اجتماع مع بوتين وقادة الأحزاب الممثلة في الدوما، وهو ما يعكس أن القيادة لا تدعم بعد أي تحول.
الأيديولوجيات القديمة
وحتى قبل انتخابات سبتمبر بفترة طويلة، كانت المزيد من الأصوات المعارضة تتصاعد في فلك الحزب الشيوعي المتمسك بالأيديولوجيات القديمة، ومن بين قيادات الحزب الواعدة نيكولاي بوندارينكو - 36 عاما - في ساراتوف، جنوب غربي روسيا، ولديه أكثر من 1.6 مليون متابع على موقع «يوتيوب»، وتاريخ من الانتقاد العلني لمسؤولي حزب روسيا الموحدة. وقد خاض مرة تجربة للعيش بـ 3500 روبل في الشهر (نحو 50 دولارا)، ليثبت عدم جدوى الزيادات الضئيلة في المعاشات التقاعدية، وقام بتوثيق التجربة، وسبق أن جرى اعتقاله في وقت سابق من العام الجاري لمشاركته في تظاهرة داعمة لنافالني.
وكان بوندارينكو يسعى لمواجهة رئيس مجلس «الدوما» فياتشيسلاف فولودين في الانتخابات التشريعية، إلا أنه جرى تحويله لدائرة انتخابية أقل إثارة للجدل. وتضيف ماركيز: «إنه لا يبدو أن بوندارينكو ولا أي سياسي صاعد آخر على وشك قيادة الحزب شديد التقيد بالتسلسل الهرمي، ناهيك عن تشكيل قوة تمثل تحديا لبوتين».
وفي الوقت الحالي، لا تزال قيادة الحزب منحازة لجانب الكرملين في ظل قيادة زيوجانوف، وهو متشدد دعا إلى إعادة «الستالينية» لكنه وجد راحة في المعارضة من داخل النظام، ويسعده إثارة قضايا محلية من حين لآخر من أجل قاعدته، ولكنه يبتعد عن القضايا الأكثر إثارة للجدل مثل السياسة الخارجية، ورغم تقدمه في العمر وتلاشي شعبيته الشخصية، فإنه لا يبدو عازما على التخلي عن قيادته.
تعديل تهديد
إلا أن صعود هذه الأصوات المعارضة، والاستياء من مستويات المعيشة، الذي تمكنت هذه الأصوات من استغلاله، أمور تمثل تهديدا يحتاج الكرملين إلى تعديله.
وأضافت ماركيز: «إن الكرملين تجنب الدخول في مواجهات مؤخرا، فعندما احتشد مسؤولو الحزب ضد التزوير الانتخابي في موسكو الأسبوع الماضي، استخدمت الشرطة الموسيقى الصاخبة للتغطية على مكبرات الصوت».
ولا يزال من الصعب على الكرملين التعامل مع هذا التحدي، فالحزب الشيوعي لا يسير على نسق واحد، ويمكن لمجموعات من المؤيدين المحتملين إضعاف قوة ناخبي الكرملين.
كما أن الحزب يتمتع بجذور اجتماعية وتاريخية راسخة يستحيل معها تشويه سمعته والقول: «إنه متأثر بالخارج»، كما أنه حزب يشارك في إدارة مناطق واسعة في روسيا. ويحظى الحزب أيضا باعتراف متجدد من الناخبين في بلد يتجذر فيه الشعور بالحنين للاتحاد السوفيتي، ويمكن لحملة قمع قاسية أن تأتي بنتائج عكسية بسهولة.
ونقلت ماركيز عن مارك جالوتي، الزميل في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، القول: إن الحزب يمتلك «الآلة السياسية» القوية الوحيدة في روسيا التي لا تعتمد على الكرملين، إلا أن العثور على قائد يمكنه استغلال هذه القدرة هو أمر أقل وضوحا.
 
عودة
أعلى