بعد تفجيرات لبنان الخطيرة.. ما أهمية الأمن السيبراني في ظل حروب الجيل الخامس المرعبة؟

رابح2012

عضو
إنضم
23 نوفمبر 2020
المشاركات
1,390
التفاعل
2,783 100 0
الدولة
Saudi Arabia

بعد تفجيرات لبنان الخطيرة.. ما أهمية الأمن السيبراني في ظل حروب الجيل الخامس المرعبة؟​

فطنت المملكة مبكرًا لأهميته فأنشأت هيئة لحمايته

1726628949010.png


أثار الهجوم السيبراني الإسرائيلي الذي أدى إلى إصابة أكثر من 4 آلاف شخص، ومقتل نحو 11 آخرين الكثير من المخاوف بقدر ما أثار التساؤلات، إذ جرت العملية بسهولة عن بعد، ما يفتح بابًا للجدل في ظل فضاء إلكتروني نحيا فيه، ونتنفس هواءه.

وبحسب المعلومات المتوفرة، فقد استطاعت إسرائيل اختراق النطاق الترددي (موجة الاتصال) الذي يستخدمه عناصر حزب الله، وبعثت عددًا هائلاً من الرسائل على أجهزة البيجر التي يحملونها، أدت إلى تعطل وانفجار بطاريات الليثيوم، ما أدى إلى سقوط ما يناهز 4 آلاف شخص ما بين قتيل وجريح.

العملية الإسرائيلية التي جرت بسهولة دون تدخل عسكري، أو قطرة دم إسرائيلية واحدة، أو كلفة مادية لعتاد وأسلحة، دقت ناقوس الخطر فيما يتعلق بالاختراقات والهجمات السيبرانية التي هي إحدى أهم عناصر ما يطلق عليها حروب الجيل الخامس أو الحروب الإلكترونية، وأكدت في الوقت نفسه أهمية الأمن السيبراني، وحماية شبكات الاتصال والراديو من الاختراقات التي قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.

حروب الجيل الخامس​

شهدت الحروب واستراتيجياتها تحولات كثيرة على مر التاريخ إلى أن وصلت إلى ما هي عليه الآن، وأحدث أجيالها هي الحروب الإلكترونية أو حروب الجيل الخامس، بفضل التكنولوجيا والتقنيات الحديثة وما فرضته على العالم من واقع جديد، فانتقلت الحروب من الأرض إلى الفضاء، ومن الواقع إلى الواقع الافتراضي.

وتمكن هذه النوعية من الحروب الخصوم من أن يديروا الصراع مع خصومهم عن بعد، وبأدوات غير مكلفة، ولكنها شديدة الخطورة، إذ يمكن أن يسقط من الخصم آلاف القتلى والجرحى بكل سهولة، وهو ما حدث تقريبًا في حادثة لبنان.

ويمكن أن تستهدف الحروب الإلكترونية، المنشآت الحيوية للدول، والبنية التحتية عالية الأهمية مثل: الكهرباء، والمياه، والاتصالات، أو تعطيل أنظمة السدود، أو المصانع، وكذلك الهجمات التي تستهدف القطاعات الاقتصادية والمالية مثل البنوك أو البورصة. وإن ما يميز هذا النوع من الحروب هو توجيهها أحيانًا نحو الجوانب المجتمعية والسياسية، بهدف زعزعة استقرار المجتمع من الداخل. وقد تمتد هذه النوعية من الحروب لتشمل نشر الشائعات والبلبلة، وتعطيل شبكات الإنترنت؛ فيصبح الفضاء متسعًا وخصبًا لنشر الأكاذيب والشائعات التي من شأنها هدم استقرار المجتمعات، أو تشكيكها في حكوماتها وقادتها على سبيل المثال.

ماذا يعني الأمن السيبراني؟​


قبل التوغل في الحديث عن الأمن السيبراني ينبغي أولاً تعريفه، ويقصد به عملية حماية الأنظمة والبيانات والاتصالات والشبكات الموجودة والمتصلة بالإنترنت ضد الهجمات الرقمية. فهذه الهجمات، التي يشار إليها عادة باسم "الهجمات السيبرانية"، ما هي إلا محاولة اختراق، أو تعديل، أو تعطيل، أو دخول، أو استخدام غير مشروع؛ وبالتالي، يمكن أن تتراوح الهجمات السيبرانية من تثبيت رموز برمجية ضارة على جهاز حاسوب شخصي وصولاً إلى محاولة تدمير البنية التحتية لدول بأكملها.

ويُعرّف المعهد الوطني للمعايير والتقنية الأمن السيبراني بأنه، هو "القدرة على الحماية أو الدفاع عند استخدام الفضاء السيبراني من الهجمات السيبرانية". فيما تعرفه وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، بأنه جميع الإجراءات التنظيمية اللازمة لضمان حماية المعلومات بجميع أشكالها المادية والإلكترونية من مختلف الجرائم، والهجمات، والتجسس، والتخريب، والحوادث.

وفرضت تلك الهجمات السيبرانية على العالم الاستعداد لهذه النوعية من الحروب، فتسابقت الدول على وضع الوسائل والاستراتيجيات لحماية فضائها السيبراني، وأمن المعلومات، والاتصالات، والتصدي لجرائم التجسس، والاختراق، والتخريب، والبحث عن نقاط الضعف في أنظمتها، ومعالجتها، وسد ثغراتها، ولا سيما مع اتجاه معظم دول العالم إلى رقمنة مفاصلها.

فطنة السعودية​

يمكن القول إن السعودية فطنت مبكرًا لأهمية الأمن السيبراني في ظل عالم رقمي نحيا بين جنباته، فصدر القرار الملكي الكريم رقم (6801) بتاريخ 11 /2 / 1439هـ، بالموافقة على تنظيم الهيئة الوطنية للأمن السيبراني وارتباطها بمقام خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله-، لتكون الجهة المختصة في المملكة بالأمن السيبراني، والمرجع الوطني في شؤونه، وتهدف إلى تعزيزه حمايةً للمصالح الحيوية للدولة وأمنها الوطني والبنى التحتية الحساسة والقطاعات ذات الأولوية والخدمات والأنشطة الحكومية.

وأصدرت "الهيئة" الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني بدورها، لتعمل على تحقيق ستة أهداف رئيسة لتأسيس منظومة متكاملة للأمن السيبراني في المملكة، وهي: حوكمة متكاملة للأمن السيبراني على المستوى الوطني، وإدارة فعّالة للمخاطر السيبرانية على المستوى الوطني.

كما تشمل الأهداف، حماية الفضاء السيبراني، وتعزيز القدرات الفنية الوطنية في الدفاع ضد التهديدات السيبرانية، إضافة إلى تعزيز الشراكات والتعاون في الأمن السيبراني، وبناء القدرات البشرية الوطنية وتطوير صناعة الأمن السيبراني في المملكة.

وتعمل الهيئة منذ تأسيسها على رصد التهديدات والهجمات السيبرانية في الفضاء السيبراني للمملكة، وخصوصًا التي تستهدف الجهات الوطنية والجهات ذات البنى التحتية الحساسة، حيث تقوم بإعداد التنبيهات الأمنية والتقارير السيبرانية، ومشاركتها مع تلك الجهات من خلال القنوات المعتمدة لديها.

وتهدف الهيئة من خلال تلك الأعمال إلى رفع مستوى الجاهزية للجهات الوطنية والجهات ذات البنى التحتية الحساسة، والإسهام في تأمين شبكاتها، والتأكد من تنفيذها للاحترازات الأمنية اللازمة، والحد من الهجمات في الوقت المناسب.

الاهتمام السعودي بالأمن السيبراني كان محل إشادة دولية، عكسها إعلان تصنيف المملكة أنموذجًا رائدًا في الفئة الأعلى (Role-Model) للمؤشر العالمي للأمن السيبراني 2024م الذي يقيس الالتزام بالأمن السيبراني لأكثر من (190) دولة عضوًا في الأمم المتحدة، وذلك وفقًا للتقرير الصادر عن منظمة الأمم المتحدة عبر وكالتها المتخصصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وفيما يقيس المؤشر التزام الدول من خلال (83) مؤشرًا فرعيًا موزعة على خمسة محاور، حققت المملكة نسبة ( 100 %) في جميع المعايير، وهو ما جعلها تصنَّف أنموذجًا رائدًا في الفئة الأعلى لمؤشر الأمم المتحدة للأمن السيبراني 2024م.

 
عودة
أعلى