خريطة تاريخية لمنطقة القرم
القرم ضمت رسمياً جمهورية أوكرانيا الإشتراكية السوفيتية عقب مرسوم صادر عن مجلس السوفييت الأعلى وأوامر من خروتشوف
على مدار قرون، شكلت القرم منطقة نزاع بين العديد الدول المحيطة بالبحر الأسود، فبعد أن تنازع عليها العثمانيون والروس لسنوات طويلة، عادت شبه جزيرة القرم مجددا للواجهة ما بين أواخر القرن العشرين والقرن الواحد والعشرين لتتحول هذه المرة لمحل نزاع بين كل من روسيا وأوكرانيا. وخلال العام 2014، لم تتردد روسيا في التدخل عسكريا بالقرم مؤكدة بذلك ضمها للاتحاد الروسي.
إلى ذلك، كانت أوكرانيا قد حصلت على القرم بالقرن الماضي، بعد مضي عام من وفاة جوزيف ستالين، عقب مرسوم رسمي صادر عن مجلس السوفييت الأعلى.
صورة لجوزيف ستالين
ضم القرم لروسيا وانهيار العثمانيين
وقبل ضمها للإمبراطورية الروسية، مثلت القرم منطقة مستقلة قابعة تحت سلطة خانية القرم. وعلى الرغم من تواجدها على مقربة من الأراضي الروسية، كانت القرم بتلك الفترة قابعة تحت نفوذ العثمانيين. وعقب نهاية الحرب الروسية العثمانية التي استمرت ما بين عامي 1768 و1774، اتفق الروس والعثمانيون، بناء على اتفاقية كوجوك قينارجة، على عدم التدخل بشؤون القرم. ومع تواصل تدهور الدولة العثمانية وتراجع نفوذها وسلطتها، لم تتردد الإمبراطورية الروسية سنة 1783 في ضم شبه جزيرة القرم لممتلكاتها خلال فترة حكم الإمبراطورة كاترين العظمى.وضمن الإمبراطورية الروسية والاتحاد السوفيتي فيما بعد، لم يتردد المسؤولون الروس، والسوفييت، في نقل شؤون إدارة شبه الجزيرة القرم بين العديد من المناطق الإدارية قبل تحويلها بحلول العام 1954 نحو جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية.
صورة لنيكيتا خروتشوف
خروتشوف يضم القرم لأوكرانيا
خلال فترة الحرب العالمية الثانية، شهدت التركيبة العرقية لشبه جزيرة القرم تغييرا جذريا. فعقب اتهامهم بالتخابر مع الألمان، أمر جوزيف ستالين بتهجير تتار القرم من المنطقة وتعويضهم بسكان آخرين ذوي أصول روسية وأوكرانية. وبحلول أواخر حزيران/يونيو 1945، تحولت شبه جزيرة القرم لأوبلاست صلب جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفييتية.مع رحيل ستالين، تغير الوضع بالنسبة للقرم. ففي الذكرى الثلاثمائة لتوقيع اتفاقية بيرياسلاف (Pereiaslav) التي ضمت مناطق واسعة من أوكرانيا الحالية لروسيا عام 1654، اتجه القائد السوفيتي الجديد نيكيتا خروتشوف سنة 1954 لإخراج أوبلاست القرم من هيمنة جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفييتية بهدف ضمه لجمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية.
وقد جاء قرار خروتشوف حينها بسبب إيمانه بالقرب الجغرافي بين أوكرانيا والقرم وأهمية ذلك لضمان التقدم الاجتماعي والاقتصادي لشبه جزيرة القرم. من ناحية أخرى، حاول خروتشوف أيضا ضم القرم لأوكرانيا بهدف زيادة عدد ذوي الأصول الروسية ضمن النسيج الديموغرافي لأوكرانيا.
يوم 5 شباط/فبراير 1954، تم تحرير نص ضم القرم لأوكرانيا. وفي الأثناء، وافق مجلس السوفييت الأعلى على هذا القرار بحلول يوم 19 من الشهر نفسه. وعقب قبول مجلس سوفييت جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية بنص القرار، انتقلت الهيمنة على القرم بشكل رسمي لأوكرانيا يوم 17 حزيران/يونيو 1954.
عقب انهيار الاتحاد السوفيتي أواخر العام 1991، تساءل مجلس السوفييت الأعلى لروسيا، الذي تواصل وجوده لعام 1993، عن مدى قانونية تحويل خروتشوف، الذي اتهم بخيانة روسيا، لملكية القرم لأوكرانيا. وبحلول العام 1997، وقعت كل من روسيا وأوكرانيا على اتفاقية لاحترام الحدود قبلت من خلالها موسكو بوجود القرم ضمن الأراضي الأوكرانية.
وعقب الثورة الأوكرانية سنة 2014، أقدمت روسيا على التدخل عسكريا، ما بين شباط/فبراير وآذار/مارس 2014، بالقرم لتضمها مجددا لممتلكاتها عقب حديثها عن إجراء استفتاء، للانضمام لروسيا، وافق عليه 96 بالمائة من سكان القرم.