رسم تعبيري
السلطات الروسية اتجهت لتقديم تعويضات لعائلات الضحايا تزامناً مع ظهور لجنة دولية للتحقيق بالحادثة
ما بين عامي 1904 و1905، تناقلت وسائل الإعلام العالمية وقائع الحرب الروسية اليابانية التي استمرت أكثر من عام وستة أشهر وانتهت بمقتل وإصابة أكثر من 200 ألف شخص تزامنا مع انتصار اليابانيين على الروس. إلى ذلك، واجهت البحرية الروسية خلال صيف العام 1904 مصاعب جمّة ببحر الصين الجنوبي. وأمام هذا الوضع، وافقت السلطات الروسية على إرسال قسم كبير من سفن أسطول البلطيق نحو الجبهة لمقارعة اليابانيين.
شائعات وفضيحة
وحسب الخطة المقترحة، كان من المقرر أن ينطلق أسطول البلطيق في رحلة طويلة عبر البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي مرورا بقناة السويس قبل أن يبلغ وجهته. ومنذ بداية المشوار، واجهت البحرية الروسية مشاكل عديدة أثناء عملية انتداب البحارة الجدد. فبينما افتقر بعضهم للخبرة العسكرية، كانت أغلبية هؤلاء المنتدبين الجدد من الفلاحين والعمال الذين لم يضعوا قط أرجلهم على متن سفينة حربية.صورة للطراد الروسي أورورا
بالتزامن مع ذلك، شهدت تلك الفترة انتشار شائعات غريبة تحدثت عن تواجد زوارق حربية يابانية قاذفة للطربيدات قرب السواحل النرويجية. وعلى حسب ما تم ترويجه حينها، أخفى اليابانيون هذه الزوارق بالمنطقة ولغموا البلطيق استعدادا لمباغتة أسطول البلطيق الروسي وتدميره.
إلى ذلك، ساهمت هذه الإشاعات في إرباك طاقم السفن الحربية الروسية المتوجهة نحو بحر الصين الجنوبي ودفعتهم ليلة 21 تشرين الأول/أكتوبر 1904 لارتكاب ما عرف بفضيحة دوغر بانك (Dogger Bank).
تبادل للقصف وضحايا
أثناء الإبحار ببحر الشمال ليلة 21 تشرين الأول/أكتوبر 1904، نقلت إحدى سفن أسطول البلطيق الروسي أخبارا تحدثت من خلالها عن ملاحقتها من قبل سفن مجهولة. وانطلاقا من ذلك، تخوف الجميع من إمكانية تواجد زوارق حربية يابانية حلت بالمنطقة لاعتراضهم. بعد ذلك بساعات قليلة، شاهد الأميرال الروسي زينوفي روجستفينسكي (Zinovi Rojestvenski) سفنا أخرى عجز عن التعرف على هويتها بسبب الضباب الكثيف. ودون تردد، أمر الأخير بوارجه بفتح نيران مدافعها تجاه هذه السفن المجهولة لمدة قاربت 20 دقيقة.مع توقف عملية القصف، فتحت السفن الروسية كشافاتها الضوئية لتكتشف أن ما ظنوا أنها سفن يابانية لم يكن سوى سفن صيد بريطانية ودنماركية تواجدت عند منطقة دوغر بانك. وقد أسفرت هذه الحادثة حينها عن غرق سفينة بريطانية وإصابة 4 آخرين تزامنا مع مقتل بحارين وإصابة 6 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة. وفي خضم واقعة القصف، عرفت البحرية الروسية فضيحة مدوية أثارت غضب المسؤولين الروس.
فبسبب الضباب وانعدام الرؤية، تبادلت السفن الروسية القصف فيما بينها حيث قصفت سفن أسطول البلطيق الطرادين ديميتري دونسكوي (Dmitrii Donskoi) وأورورا (Aurora) ظنا منها أنهما سفينتان يابانيتان. وقد ألحق هذا القصف أضرارا بهاتين السفينتين الروسيتين وتسبب في مقتل بحارين وإصابة ثالث.
بالفترة التالية، شكلت بريطانيا لجنة دولية للتحقيق بالحادثة. وبالمقابل، اتجهت الإمبراطورية الروسية لتقديم تعويضات مالية لعائلات ضحايا فضيحة دوغر بانك.