صورة للدوتشي موسوليني اثناء تفقد قواته
فضّل هتلر إبقاء حليفه بينيتو موسوليني بعيداً عن مسرح المعارك ضد الاتحاد السوفيتي بسبب المستوى الهزيل الذي أظهره الجيش الإيطالي
خلال الحرب العالمية الثانية، وجد عدد كبير من الجنود الإيطاليين أنفسهم جنبا لجنب مع القوات الألمانية على الجبهة الشرقية في خضم الحملة العسكرية المعروفة بعملية بربروسا التي أطلقها أدولف هتلر لغزو أراضي الاتحاد السوفيتي والقضاء على الشيوعية.
وتزامنا مع بداية الغزو الألماني للاتحاد السوفيتي يوم 22 يونيو 1941، أعلن الدوتشي (Duce) الإيطالي بينيتو موسوليني الحرب على السوفيت، مؤكدا على استعداده للمشاركة بالعمليات القتالية.
لكن مع بداية الغزو الألماني، لم يمتلك الإيطاليون أي جنود على الجبهة الشرقية حيث فضّل هتلر إبقاء حليفه بينيتو موسوليني بعيدا عن مسرح المعارك ضد الاتحاد السوفيتي بسبب المستوى الهزيل الذي أظهره الجيش الإيطالي منذ بداية الحرب. في اليونان، أوشك الإيطاليون على تلقي هزيمة مذلة لولا تدخل الجيش الألماني لصالحهم، وبشمال أفريقيا أنقذ المارشال الألماني إرفين رومل رفقة الفيلق الأفريقي (Afrikakorps) الإيطاليين من كارثة عسكرية حيث توقفت القوات الإيطالية عند منطقة سيدي براني المصرية التي تبعد حوالي 90 كلم عن الحدود الليبية قبل أن يضطروا للتقهقر أمام التقدم البريطاني.
تأخر الجيش الإيطالي
وعلى الرغم من كل هذه العوامل، أقنع موسوليني حليفة هتلر بأهمية السماح للإيطاليين بالمشاركة بالحملة ضد الشيوعية. وبداية من شهر أغسطس 1941، أرسل الإيطاليون أكثر من 60 ألف جندي، كان من ضمنهم عدد هام من المتطوعين المنتمين لفرق القمصان السود، لمؤازرة الألمان على الجبهة الشرقية كما دعمت إيطاليا جنودها بعشرات الطائرات الحربية.صورة للدكتاتور الإيطالي موسوليني
إلى ذلك، أثبتت الأسابيع الأولى ضعف الجيش الإيطالي وعدم قدرته على مواجهة الاتحاد السوفيتي. فمنذ البداية، افتقر الإيطاليون للذخيرة والثياب الملائمة لمقاومة المناخ الروسي كما اضطروا للتنقل سيرا على الأقدام، بطريقة شبيهة بتلك المعتمدة خلال القرون الوسطى، انطلاقا من الحدود الرومانية لمسافة قدرت بأكثر من 1300 كلم بسبب افتقارهم للعربات والتجهيزات.
ومن جهة التسليح، عانى الجيش الإيطالي من تخلف واضح مقارنة بنظيره السوفيتي حيث عجزت قذائف مضادات الدبابات عيار 47 ملم الإيطالية على اختراق دروع دبابات تي 34 (T-34) السوفيتية. أيضا، امتلك الإيطاليون دبابات متأخرة من نوع كارو فيلوتشي (Carro Veloce 35) وكارو فيلوتشي 33 (Carro Veloce 33) التي كانت فريسة سهلة للدبابات والطائرات السوفيتية، كما أظهرت الطائرات الإيطالية فشلا ذريعا على الجبهة الشرقية مقارنة بالبلاء الجيد الذي أبدته على ساحة المعارك بشمال أفريقيا.
نجاح البحرية وفشل جيش البر
بسبب كل هذه العوامل، احتقر الألمان الجنود الإيطاليون وتشاءموا من وجودهم لجوارهم على الجبهة الشرقية. وفي مقابل الأداء السيئ لجيش البر، حظيت قوات البحرية الإيطالية باحترام الألمان. ففي خضم الحرب، قادت السفن الإيطالية مهمات ناجحة ضد السوفيت بالبحر الأسود وقرب منطقة القرم كما تنقلت بعض قطع البحرية الإيطالية نحو البلطيق، حبيث خاضت بعض العمليات القتالية الناجحة ضد البحرية السوفيتية.وبحلول صيف عام 1942 قدرت خسائر الإيطاليين على الجبهة الشرقية بأكثر من 15 ألف جندي. وأمام هذا الوضع، وافق موسوليني على رفع عدد قواته بالأراضي السوفيتية لنحو 235 ألف عسكري أرسلوا دون أي دعم يذكر حيث افتقر جنوده حينها للذخيرة والإمدادات وأجبروا على مقارعة السوفيت بأسلحة متخلفة كان من ضمنها عدد ضئيل من دبابات فيات أل 6/40 (Fiat L6/40) الخفيفة التي امتلكت مدافع عيار 20 ملم فقط مقارنة بنظيرتها الألمانية بانزر 4 (Panzer IV) المجهزة بمدافع عيار 75 ملم.
خسائر فادحة
تزامنا مع حصار الجيش السادس الألماني بستالينغراد، تلقى الفيلق الإيطالي الثامن هزيمة قاسية على يد السوفيت قرب نهر الدون وأجبر على التراجع بعد أن تكبد خسائر هائلة. وعلى حسب مصادر تلك الفترة، كان أغلب المجندين الإيطاليين حينها يجهلون سبب تواجدهم على الجبهة السوفيتية كما فضّلوا العودة سريعا لوطنهم خاصة مع عدم جاهزيتهم لتحمل الشتاء الروسي.إلى ذلك، خسر الفيلق الإيطالي الثامن أكثر من 115 ألفا من قواته بين قتيل وجريح ومفقود على الجبهة السوفيتية قبل أن يعود أدراجه نحو إيطاليا. وبسبب هذه الخسائر الفادحة استاء الإيطاليون من سياسة الحزب الفاشي. فضلا عن ذلك، تحولت الخسائر الفادحة والفشل الذريع على الجبهة الشرقية لأحد الأسباب الرئيسية التي عجلت بسقوط الدكتاتور الإيطالي موسوليني.