ماذا وراء المناورات الإسرائيلية (نقطة تحول 3)..؟
* مقدمة:
أجرت إسرائيل مؤخرا فى الفترة من 31 مايو إلى 4 يونيو مناورات ضخمة استمرت 5 أيام، تم خلالها تنفيذ تدريبات مكثفة شكلت القيادات السياسية والعسكرية والسلطات المحلية والوحدات العسكرية والشرطة والدفاع المدني، إلى جانب جميع السكان وطلبة المدارس فى إسرائيل. وكان هدف هذه المناورات اختبار قدرة إسرائيل على مواجهة هجمات صاروخية مكثفة من عدة اتجاهات عدائية (إيران، سوريا، لبنان، غزة) فى وقت واحد، وقياس مدى كفاءة جميع القيادات والقوى والأجهزة العسكرية والدفاع المدنى للتعامل مع المواقف الصعبة التى افترضتها قيادة المناورة والتى تولاها نائب وزير الدفاع الجنرال ماتاى فلنائى – إلى جانب قياس مدى استجابة الشعب الإسرائيلى لتوجيهات الأجهزة الحكومية المعنية فى هذه المواقف.
وقد سبق إجراء هذه المناورة مناورة أخرى جوية استمرت ثلاثة أيام شملت موضوعات تتعلق بقدرة القوات الجوية الإسرائيلية على شن ضربات جوية على مسافات بعيدة تصل إلى 2000 كم (مثل إيران) يجرى خلالها عمليات أمداد بالوقود فى الجو، وإعادة تمركز فى مطارات دول أخرى، وشن هجمات جوية بواسطة ذخائر خاصة موجهة ذاتيا ضد منشآت نووية تحت الأرض، وإجراء عمليات إبرار جولى لقوات خاصة فى عمق العدو، والتقاط طيارين سقطوا أثناء المعارك بعد تدمير أو إصابة طائراتهم.
* شبح الصواريخ الإيرانية وراء المناورة:
مما لا شك فيه أن البرنامج النووى الإيرانى كان هو الشبح الخفى وراء قرار تنفيذ هذه المناورات، وارتباط هذه البرنامج بالترسانة الصاروخية الإيرانية والتى ستحمل وتنقل ما تنتجه المصانع النووية الإيرانية من أسلحة نووية (مقابل طائرات ورؤوس صواريخ باليستية) نحو أهدافها فى إسرائيل ومنطقة الخليج وجنوب ووسط غرب آسيا، حيث تتواجد قواعد وتسهيلات عسكرية جوية وبحرية أمريكية عديدة فى هذه المناطق. حيث تعتقد إسرائيل أنه فى حالة فشل المفاوضات التى تعتزم الإدارة الأمريكية إجراءها مع إيران والتى ستعطيها إسرائيل مهلة زمنية حتى أكتوبر القادم، حيث لا سقف زمنى مفتوح لإجراء هذه المفاوضات وهو ما تسعى إليه إيران حتى تكسب الوقت اللازم لإتمام برامجها النووية والصاروخية، وفى المقابل تتنبه له كل من إسرائيل وإدارة أوباما ويرفضانه، وبالتالى يحددان لإيران نهاية أكتوبر 2009 القادم موعدا نهائيا لإنهاء المفاوضات، والتوصل إلى تقييم نهائى لها، يتم خلال هذا التقييم إما ثبوت نجاح هذه المفاوضات، وبالتالى تأمين إيقاف عمليات تخصيب اليورانيوم، التى تجرى فى المصانع النووية الإيرانية فى أصفهان، وناتانز، واراك، أو انتقال إسرائيل إلى السيناريو العسكرى والمخطط له جيدا بواسطة قيادة السلاح الجوى الإسرائيلي، وخصص له حوالى مائتى طائرة شملت مقاتلات قاذفة (إف 16) ومقاتلات اعتراضية (إف 15) ومروحيات اقتحامية لتنفيذ عمليات إنزال قوات خاصة فى عمق العدو، ومروحيات أخرى هجومية مسلحة بصواريخ موجهة ذاتيا وصواريخ أخرى حرة، إلى جانب طائرات إعادة أمداد بالوقود فى الجو، وطائرات إعاقة الكترونية، وطائرات E2C للقيادة والسيطرة، ويعتبر هذا العدد الضخم من الطائرات بالكاد يكفى تنفيذ مهام الضربة الجوية الإسرائيلية والتى تشمل بجانى المنشآت النووية الإيرانية أهداف أخرى ليست أقل خطورة منها منشآت الصواريخ شهاب التى ستشن بها إيران ضرباتها الصاروخية الانتقامية ضد إسرائيل، خاصة وأن الترسانة الصاروخية الإيرانية لا تقتصر فقط على الصواريخ شهاب، بل أصبحت تشمل أيضا الصاروخ (سجيل) الأكثر تطورا من شهاب، بالنظر لكونه يعمل بالوقود الصلب الذى يوفر دقة فى الإصابة ومدى يصل إلى 2500 – 300 كم، ذو مرحلتين، وهو ما يحقق له سهولة فى المناورة والانتقال من مواقع إطلاق إلى أخرى بسرعة مما يصعب على المقاتلات الإسرائيلية تتبع وقصف مواقعه. كما سيتعين على مقاتلات الضربة الجوية الإسرائيلية أيضا قصف مراكز القيادة الإستراتيجية الإيرانية، والقواعد والمطارات الجوية، ومواقع رادارات وصواريخ أرض/جو الخاصة بالدفاع الجوي، والقواعد البحرية للحرس الثورى فى الخليج والتى ستشن هجمات بحرية ضد السفن الأمريكية فى الخليج، ويبلغ حجم هذه الأهداف نحو 200 – 250 هدف يتطلب قصفهم تنفيذ حوالى 600 – 800 مقاتلة (باعتبار 3 – 4 طائرة ضد كل هدف) أو 300 – 400 مقاتلة إذا تم قصف هذه الأهداف على مرحلتين، لأن هذه الإمكانات من المقاتلات ليس فى إمكان إسرائيل توفيرها، لأن إجمالى ما لديها من مقاتلات حديثة (إف 15، إف 16) حوالى 450 مقاتلة، وفى وقت سيتطلب الموقف الاستراتيجى تخصيص هذا العدد من الطائرات (حوالى 150 مقاتلة) للتواجد فى قواعدها بإسرائيل تحسبا لمواجهة هجمات صاروخية وجوية من قبل سوريا، وصاروخية من جانب حزب الله وحماس. ولذلك يصبح من الضرورى أن تساند القوات الجوية الأمريكية الضربة الجوية الإسرائيلية ضد إيران، وهو ما رفضته كل من إدارة بوش السابقة وإدارة اوباما الحالية إلا أن الولايات المتحدة قد تجبرها إسرائيل على التدخل عسكريا إلى جانبها إذا ما تعرضت لضربة صاروخية انتقامية من جانب إيران، وذلك بدعوى الدفاع عن إسرائيل إذا ما تعرضت لعدوان خارجي، وهو ما نصت عليه معاهدات التعاون والشراكة الإستراتيجية التى أبرمتها إسرائيل مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ إدارة ريجان عام 1983.
وقد انعكس هذا الموقف فى شهادة الجنرال جابى اشكنازى رئيس الأركان الإسرائيلى أمام لجنة الخارجية وإلا فى التابعة للكنيست، عندما ذكر أن يشك فيما إذا كان الحوار بين إيران والولايات المتحدة سينجح، إما وزير الدفاع أيهود باراك فقد أكد بدوره أن إسرائيل لا تستبعد أى خيار فيما يتعلق بالملف النووى الإيراني، مشددا على أنه يجب تقييد الحوار الأمريكى الإيرانى المزمع بجدول زمني، وأعداد خطة ناجحة لفرض عقوبات اقتصادية إلى إيران حال فشل هذا الحوار. ورأى باراك انه يجب التوضيح للولايات المتحدة أنه لا توجد علاقة بين الملف النووى الإيرانى وقضية النقاط الاستيطانية العشوائية فى الضفة الغربية، على اعتبار أن إزالة هذه النقاط ضرورة لاعتبارات أخرى تتعلق بسيادة القانون. لذلك حرص باراك فى زيارته الأخيرة لواشنطن على أن يبحث مطالب إسرائيل العسكرية من الولايات المتحدة، والتى تشمل دعم وسائل الدفاع الجوى والصاروخى الإسرائيلى بأنظمة ثاد، وسكاى جارد، وفلانكس، إلى جانب المقاتلات F-35 (75 مقاتلة) والتى تصل قيمتها إلى 15.2 مليون دولار، وذخائر ذكية ذات التوجيه قادرة على اختراق تحصينات بعمق يصل إلى 20 متر تحت الأرض – وهو العمق الذى تتواجد عليه معدات تخصيب اليورانيوم فى منشأة ثاثانز، وتشمل أكثر من 600 جهاز طرد مركزي، كما سعى باراك خلال هذه الزيارة إلى تقليص الهوة المتزايدة بين تل أبيب وواشنطن حول عملية السلام فى الشرق الأوسط وملف إيران النووي.
كما ناقش باراك مع مسؤولى إدارة أوباما وثيقة أعدتها إسرائيل تتضمن 12 اقترحا كبديل من العملية العسكرية ضد إيران، وجاء فيها أن إيران تتجه حاليا إلى مضاعفة عدد أجهزة الطرد المركزى المستخدمة فى التخصيب من 6000 – 15000 جهاز، وأنها تطور صاروخ بعيد المدى يصل إلى 2500 – 3000 كم، ولديها تصميمات جاهزة لتركيب رأس نووى على رأس هذا الصاروخ وبذلك فهو قادر على إصابة أى دولة فى جنوب أوروبا، فضلا عن وسط وغرب وجنوب آسيا، وتتركز الاقتراحات فى هذه الوثيقة حول وقف بيع مشتقات النفط لإيران والتى تستورد 40% من احتياجاتها من سويسرا وهولندا وفرنسا وبريطانيا، كذلك وقف صفقات الصواريخ S-300 المضادة للصواريخ التى عقدتها إيران مع روسيا، إلى جانب منع تأمين سفن الشركات التى تساند إيران استنادا لقرار مجلس الأمن 1803 الذى يحظر ذلك، وحظر الاستثمار فى قطاع صناعة النفط الإيرانية، بالإضافة للضغط على البنوك والشركات الأجنبية لوقف صفقاتها مع قطاع الطاقة الإيرانية، وتجميد أرصدة إيران المصرفية ووقف مساعدات البنك الدولى لإيران، ووقف صفقات خطوط الأنابيب التى تنقل النفط الإيرانى إلى أوروبا، ناهيك عن فرض عقوبات وقيود على البضائع والمسؤولين الإيرانيين وإجراء عمليات تفتيش صارمة على البضائع التى تدخل وتخرج من إيران، وحظر على سفر المسؤولين الإيرانيين باستثناء المفاوضين جول البرنامج النووي.
* المناورات الجوية:
وقد كشف الناطق بلسان الجيش الإسرائيلى يوم 22/5/2009 أن سلاح الجو الإسرائيلى أنهى فى هذا اليوم مناورات عسكرية على حرب شاملة فى الشمال (حيث الحدود مع سوريا وجنوب لبنان) وفى الجنوب (حيث الحدود مع قطاع غزة) جنوبا يمثل قوات نظامية (فى إشارة للجيش السوري) وفصائل مقاومة (فى إشارة لحزب الله وحركة حماس) فى آن واحد، شاركت فيها مقالات قاذفة (إف 16) ومقاتلات اعتراضية (إف 15) ومروحيات هجومية واقتحامية، وطائرات أمداد وقود فى الجو، أضاف إلى طائرات نقل. وقال الناطق أن المناورات استهدفت التجاوب مع ما وصفه بمتطلبات المرحلة المقبلة من الحروب"، وأكد أن أهدافها وتفاصيلها سرية لا ينشر عنها. ولكن وحسب مصادر عسكرية إسرائيلية، فإن المناورات أجريت حول عدة سيناريوهات للحرب القادمة المتوقعة بين إسرائيل وأعدائها، وأن هذه التدريبات استهدفت توجيه ضربات موجعة لكل الأعداء، سواء فى الضفة الغربية أو قطاع غزة أو لبنان، وقد يتسع نطاقها لتشمل سوريا وايران، باعتبار جميع الاحتمالات متوقعة.
وقد أشرف على هذه المناورات التى استمرت ثلاثة أيام وزير الدفاع أيهود باراك بنفسه، والذى قال إنها مناورات بالغة الأهمية، وما شاهدناه خلالها يعزز قوتنا الذاتية فى صيانة أمن وسلامة إسرائيل. إلا أن مصادر إسرائيلية ذكرت أن خللا برز فى ثلاثة مجالات خلال التدريبات، ولكن الجيش رفض إعطاء تفاصيل، واكتفى بالقول إن هذا الخلل طبيعى وقد تمت معالجته حيث تجرى المناورات عادة للاستفادة من الأخطاء.
وتضمنت المناورات الجوية التدريب على عدة موضوعات شملت الآتي:
1 – التحليق على مسافات بعيدة تصل إلى 1000 كم، حيث وصلت المقاتلات الإسرائيلية إلى جبل طارق فى غرب البحر المتوسط، وسواحل اليونان، باعتبار أن إيران تقع على مسافة 1800 كم من إسرائيل، وسيتحتم خلال تنفيذ مهمة قصف منشآتها النووية عبور أجواء دول أخرى – مثل تركيا والأردن والعراق – والتزود بالوقود فى الجو أو السماح بالنزول لها فى إحدى قواعدها للتزويد بالوقود، وان كان ذلك سيكون متعذرا بسبب اعتراض هذه الدول كما سيكشف العملية الجوية مبكرا بالنظر لضخامة عدد الطائرات الإسرائيلية التى ستشارك فى الضربة، والتى قد تصل إلى حوالى 200 مقاتلة بالنظر لكثرة الأهداف الإيرانية المطلوب قصفها وتشمل (حوالى 30 منشأة نووية، بالإضافة للقواعد الجوية والمطارات ومواقع الرادارات ومراكز القيادة والسيطرة، بالإضافة لمناطق انتشار وحدات الصواريخ شهاب ومستودعات تخزينها ومصانع إنتاجها ومواقع إطلاقها) وقد سبق أن أجرت أسراب مقاتلات (إف 15، إف 16) إسرائيلية تدريبات مشابهة على التحليق لمسافات بعيدة مماثلة خلال العام الماضى 2008.
2– التدريب على توزيع وتخصيص المهام بين المقاتلات الإسرائيلية عند تنفيذ الضربات الجوية، وكيفية إدارة عمليات القيادة والسيطرة من مراكز قيادة وسيطرة جوية (طائرات E2C)، وتأمين عدم التداخل بين المقاتلات عند تنفيذ مهام القصف الجوى للأهداف الأرضية وكيفية الاستفادة من مرشدين (عملاء) متواجدين على الأراضى بالقرب من هذه الأهداف يقومون بوضع علامات الكترونية (بيكون) وشرائط ليزرية بالقرب من الأهداف لجذب الصواريخ جو/أرض والقنابل إليها، هذا إلى جانب استخدام القنابل الذكية المناسبة GBU-34 القادرة على اختراق التحصينات المتواجدة تحت سطح الأرض لعمق يصل إلى 15 متر، وقد تم بناء هياكل تمثل المنشآت النووية والأهداف الإيرانية الأخرى فى صحراء النقب لتدريب المقاتلات الإسرائيلية على قصفها من الاتجاهات والارتفاعات المناسبة وما يحميها من نيران الدفاعات المضادة الأرضية.
3– التدريب على توفير الحماية للمقاتلات القاذفة أثناء تنفيذ مهامها، وذلك بواسطة المقاتلات الاعتراضية (إف 15)، لمنع أى مقاتلة إيرانية من اعتراض الطائرات الإسرائيلية، بل منعها من الانطلاق أصلا من حظائرها على الأرض بقصفها.
4– التدريب على تنفيذ مهام الإعاقة الالكترونية على رادارات الإنذار الجوى ومواقع الصواريخ أرض/جو الإيرانية، فضلا عن وسائل اتصالات مراكز القيادة والسيطرة الإيرانية طوال فترة تنفيذ العملية.
5– إنزال قوات خاصة بواسطة مروحيات لاقتحام فى عمق إيران لتنفيذ مهام تخريبية ضد الأهداف التى لم تنجح المقاتلات الإسرائيلية فى تدميرها، كذا لتنفيذ عمليات خطف وقتل شخصيات سياسية وعسكرية وعملية داخل إيران، وبمساعدة عملاء مزروعين فى أراضيها مسبقا.
6 – التدريب على قيام المقاتلات الاعتراضية (إف 15) على اعتراض الصواريخ شهاب الإيرانية أثناء تحليقها فى الجو، وتدميرها بواسطة صواريخ جو/جو (باتيون – 4) خارج الأجواء الإسرائيلية وقبل أن تصل إليها وبمساعدة تتبع الأقمار الصناعية لمسارات الصواريخ الإيرانية، وهو ما يتطلب توافر مقاتلات اعتراضية داخل إسرائيل على استعداد الانطلاق فور رصد الأقمار الصناعية لحظة أطلاق الصواريخ الإيرانية شهاب.
7– التدريب على إنقاذ الطيارين الإسرائيليين بواسطة المروحيات فى حالة سقوط طائراتهم، ومنع الإيرانيين من الإمساك بهم أسرى حرب، مع التدخل بالقوات الخاصة فى الوقت المناسب لمنع حدوث ذلك.
وقد برزت عدة نقاط ضعف أثناء تنفيذ هذه المناورات تمثلت فى صعوبة التمييز بين المواقع الحقيقية والمواقع الهيكلية، وعدم قدرة الذخائر الجوية المتاحة لتدمير منشآت محصنة على عمق أكبر من 15 متر، التنسيق بين المقاتلات القاذفة والمقاتلات الاعتراضية عند قصف مواقع لصواريخها أرض/جو الإيرانية، التنسيق بين القوات الخاصة المحمولة جوا والمقاتلات الاعتراضية التى توفر لها الحماية الجوية عندما تنفد مهام قتالية أرضية، واستنقاذ الطيارين فى حالة سقوطهم، كذلك قدرة الصواريخ جو/جو الإسرائيلية على اعتراض الصواريخ الإيرانية "شهاب، سجيل)
.
* مناورات الدفاع المدني:
انطلقت صفارات الإنذار من 2700 جهاز فى كافة المدن والبلدان والمستعمرات المتواجدة فى إسرائيل وذلك فى اليوم الأول من مناورات الدفاع المدنى يوم 31 مايو الماضى والتى استمرت خمسة أيام. وكان ناطق عسكرى إسرائيلى قد صرح بأن إسرائيل بدأت أضخم تدريبات للدفاع المدنى فى تاريخها، وهو تدريب غير مسبوق على الإنذار باقتراب هجوم صاروخى كثيف ضد إسرائيل، ينطلق من أربعة اتجاهات إستراتيجية رئيسية: من إيران، وسوريا، وجنوب لبنان وغزة فى وقت واحد، واشتمل أيضا على هجمات جوية معادية بعضها انتحاري. وأن القصف الصاروخى شمل صواريخ باليستية متوسطة المدى (شهاب، وسجيل، سكود B.C.D) إلى جانب صواريخ قصيرة المدى (قسام، فجر، جراد، زلزال)، وذلك فى قصفات بعشرات الصواريخ تصل فى أجماليها إلى 300 صاروخ متوسط المدى، 2000 صاروخ قصير المدى. وأن القصف شمل معظم المدن والبلدات الإسرائيلية فى المنطقة الساحلية والوسطى من شمال ووسط إسرائيل إلى جانب مدن جنوب إسرائيل (اشكلون وأشدود وبئر سبع وديونا) إلى جانب جميع المستوطنات الحدودية، وان قسما من هذه الصواريخ يحمل رؤوسا كيماوية وبيولوجية، وأن بعض هذه الصواريخ تم اعتراضها فى الجو بواسطة المقاتلات والصواريخ المضادة للصواريخ قبل أن تصل إلى الأجواء الإسرائيلية، إلا أن نسبة كبيرة من الصواريخ المعادية – خاصة قصيرة المدى – نجحت فى الوصول إلى أهدافها داخل إسرائيل وأصابتها، مما أدى إلى دمار كبير فى المناطق السكانية والأهداف الإستراتيجية الحيوية – مثل المنطقة الصناعية والكيماوية فى حيفا، ميناء أشدود، والقواعد الجوية الإسرائيلية، وقيادات المناطق العسكرية. الخ.
وبحسب السيناريوهات التى وضعتها المناورة تقوم المقاتلات الاعتراضية الإسرائيلية باعتراض الصواريخ المعادية فى الجو بواسطة الصواريخ جو/جو قبل أن تصل إلى إسرائيل، وذلك بموجب إنذار فضائى تطلقه أقمار التجسس الأمريكية فور انطلاق الصواريخ من مواقعها فى إيران وسوريا، ويصل إلى الإنذار إلى مركز الإنذار الأرضى فى تل أبيب وبما يدفع المقاتلات الاعتراضية لاعتراضه فى الجو، إذا ما فشلت المقاتلات القاذفة فى قصف الموقع الصاروخى داخل إيران وسوريا قبل انطلاق الصواريخ. أما فى حالة فشل المقاتلات الاعتراضية فى إسقاط الصواريخ المعادية فان وحدات الصواريخ المضادة للصواريخ باتريوت (باك 2.3)، والصواريخ (حيتس/أرو) تقوم باعتراض الصواريخ فور الإنذار بإطلاقها، وعلى أساس أن الصاروخ شهاب يحتاج إلى 11 دقيقة ليصل الأراضى الإسرائيلية فإن الصواريخ المضادة الإسرائيلية ينبغى أن تعترضه بعد 5.5 دقيقة من انطلاقه بعد أن تكتشفه الرادارات الإسرائيلية وتوجه الصواريخ المضادة نحوه. أما الصواريخ قصيرة المدى، والتى لا تستطيع الرادارات الإسرائيلية اكتشافها والتعامل معها لكونها تحلق على ارتفاعات منخفضة، فمن المخطط أن تعترضها وسائل دفاع صاروخى أخرى مثل (القبة الحديدة) والذى لا يزال تحت التطوير فى المصانع الحربية الإسرائيلية، وكذلك النظام الأمريكى (سكاى جارد) الذى يعمل بالليزر، والنظام الأمريكى الآخر (ثاد) وهو جزء من نظام الدفاع الصاروخى الأمريكى لدفاع عن مسارح العمليات، هذا بالإضافة للنظام الأمريكى الجديد (فالانكس) وهو عبارة عن مدفعية عيار 20 مم وجهاز رادار قادرين على رصد انطلاق الصواريخ وقذائف الهاون ومتابعة مسارها واعتراضها بواسطة 6000 قذيفة فى الدقيقة وذلك فى إطار دائرة قطرها 1200 متر، ويتوقع أن تصل هذه المنظومة إلى إسرائيل فى الشتاء القادم ومعظم المنظومات التى تتعامل مع صواريخ قصيرة المدى لم تختبر ميدانيا بعد فى إسرائيل.
أما المرحلة الأهم من المناورة (نقطة تحول 300) فتتمثل فى كيفية تعامل أجهزة الدفاع المدنى مع الصواريخ التى يفترض أنها سقطت داخل المدن والبلدات والمستعمرات الإسرائيلية، فبعد أن انطلقت صفارات الإنذار قامت فرق الدفاع المدنى المخصصة بتوجيه السكان وطلبة المدارس وعمال المصانع إلى الملاجئ المخصصة لذلك والبدرومات فى المنازل وجراحات السيارات خلال ثلاث دقائق والتأكد من ارتدائهم أقنعة الوقاية التى تم توزيعها عليهم مسبقا (حوالى 4.5 مليون قناع واقى بعد أن تم سحب الأقنعة الواقعية القديمة التى تم توزيعها إبان حرب الخليج الثانية عندما قصف صدام حسين إسرائيل بـ39 صاروخ سكود، وذلك بنسبة 85% من سكان إسرائيل). كما تم تمثيل كيفية قيام عربات الإسعاف بنقل المصابين إلى المستشفيات بعد إخلائها من المرضى العاديين تحسبا لاستقبال المصابين نتيجة الهجمات الصاروخية، كما اختبار مدى تواجد الأمصال والعقاقير اللازمة لعلاج وتخصين الأفراد من تسمم غازات الحرب الكيماوية والأمراض البيولوجية التى تحملها رؤوس صواريخ شهاب، واختبار استعداد أطقم العلاج فى أقسام المستشفيات لاستقبال المرضى والمصابين. كما تم اختبار مدى صلاحية طرق المناورة لسيارات الإسعاف والنجدة والدفاع المدنى بعيدا عن الطرق والمناطق التى دمرها القصف الصاروخي، كذلك قدرة وسائل الدفاع المدنى على إزالة أنقاض المنشآت المدمرة وسرعة فتح الطرق، كذا اختبار كفاءة أطقم جهاز الحرب الكيماوية فى الجيش على القيام بعمليات تطهير الأرض والأفراد والمركبات والمنشآت من التلوث لكيماوي. وقد شملت المناورات اختبار كفاءة جميع المؤسسات المدنية والمصانع الإستراتيجية – خاصة الآتية: سقوط صواريخ وتسرب كيماوى فى مصانع حيفا، ومستشفى فى عفولة، ومطار بن جوريون، تلوث كيماوى حول المنشأة النووية فى ديمونة، تلوث كيماوى فى ايلات، سقوط صواريخ كيماوية فى بئر سبع وأشكلون وميناء أشدود وحدوث تلوث كيماوى وتدمير منشآت، تنفيذ عمليات انتحارية فى حافلات ومقاهى فى القدس وتل أبيب واحتجاز رهائن، قصف معسكرات تجمع الاحتياط فى حيفا والخضيرة وناتانيا وبئر سبع وريشون ليتسيون، كما تم اختبار وحدات أخطاء الحرائق فى سرعة الوصول إلى أماكن اندلاعها وكيفية التعامل معها أثناء عمليات قصف جوى وصاروخى معادي.
وقد شملت المناورات أيضا المستوى الحكومي، حيث تم عقد اجتماع طارئ للوزارة برئاسة نتنياهو بناء على افتراض موقف تتعرض فيه إسرائيل لحرب شاملة، وانتقال الحكومة المصغرة إلى مركز القيادة والسيطرة المخصص لحالات الطوارئ، واختبار نظام الاتصالات منه إلى جميع الجهات المعنية فى إسرائيل وخارجها (قيادات الجيش والأمن والشرطة وأجهزة الاستخبارات والوزارات وهيئات ومؤسسات الدولة وقيادة الدفاع المدنى ورؤساء المدن والسلطات المحلية المختلفة، قيادات المنشآت الصناعية الإستراتيجية).
وقد تم اختبار قيادة الحكومة فى اتخاذ القرارات إزاء المواقف الحرجة السابق الإشارة إليها، وكيفية مواجهتها سواء على المستوى الدفاعى العسكرى أو الدفاعى المدني، وكذلك الرد الانتقامى ذو الطبيعة الهجومية وكيفية التعامل مع حجم من الخسائر البشرية والمادية الناتجة عن القصف المعادي، وقدرة رئيس الوزراء وأجهزة الإعلام على مخاطبة الشعب الإسرائيلى وإزالة الآثار النفسية والمعنوية السلبية الناتجة عن تعرض العمق الإسرائيلى لقصف صاروخى مدمر، وطمأنة الإسرائيليين على قدرة الحكومة على التعامل مع الموقف وإزالة آثاره، إلى جانب كيفية الاستفادة من الحلفاء فى طلب دعم خارجى مادى وعسكرى وسياسي.
وقد جرت هذا المناورات تحت إشراف وزير الدفاع ايهود باراك، وكان المسؤول عن هذه المناورات – نائب وزير الدفاع متان فلنائى أن المناورات (نقطة تحول -3) تحاكى تعرض إسرائيل إلى هجوم شامل بالصواريخ من جهات مختلفة مصحوبة بعمليات تفجيرية فى أرجاء إسرائيل، وإن هذا الهجوم المفترض ليس سيناريو خيالى وليس بعيدا عن الواقع، وإذا وقعت حرب فقد يتحقق هذا السيناريو، أما الجنرال زئيف رام رئيس سلطة الطوارئ الوطنية، فقد صرح بأن هذه المناورات تقوم على استخلاص العبر من مناورات كثيرة تمت فى العامين الأخيرين، ومن عبر الحرب على لبنان عام 2006، والحرب الأخيرة على قطاع غزة.
أما صحيفة (يسرائيل هايوم) فقد ذكرت فى 25/5/2009 أن مناورات الجبهة الداخلية ستمتحن جهوزية الجبهة الداخلية لسلسلة من "سيناريوهات الرعب"، إذ ستحاكى المناورات حرب شاملة على كل الجبهات مع حماس وحزب الله وسوريا، بموازاة تعرض المدن الإسرائيلية إلى موجهة من العمليات التفجيرية، وأضافت أن السيناريوهات تتطرق أيضا إلى احتمال قيام المواطنين العرب فى إسرائيل بأعمال شغب وإغلاق محاور الطرق الرئيسية، وتابع الصحيفة أن المناورات ستحاكى تدهورا على الجبهات المختلفة يستمر ثلاثة أشهر وينتهى إلى حرب شاملة. وقالت أن بداية التدهور ستكون فى قطاع غزة، الأمر الذى سيضطر معه الجيش الإسرائيلى إلى احتلال هذا القطاع، ثم بعد شهرين سيحدث توتر على الحدود الشمالية مع لبنان وسوريا وعندها تدخل إسرائيل أسبوع الحسم الذى سيشمل هجوما إسرائيليا مشتركا بقواتها العسكرية كافة على سوريا ولبنان وقطاع غزة، بعد استدعاء شامل لقوات الاحتياط، وتتعرض إسرائيل بسبب ذلك إلى هجوم بالصواريخ على أرجائها المختلفة، والى موجة عمليات تفجيرية وأعمال شغب.
ووسط قلق وتحسبات إقليمية غير خافية من جانب الدول العربية بسبب هذه المناورات، بعث رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو رسائل طمأنة إلى جهات دولية تقول إن التحضيرات لهذه المناورات بدأت منذ أشهر (أى قبل تسلمه منصبه) وأن الحديث هو عن مناورات تجرى كل عام، وتنفذها قوات الأمن الإسرائيلى لفحص كيفية دفاعها عن النفس، ولست غطاء لهجوم عسكري، لكن هذه الرسائل لا تتسق مع ما نقلته صحيفة هاآرتس عن مصادر أمنية إسرائيلية من أن إسرائيل تتحسب من تسخين فى الحدود الشمالية، رغم أن أجهزة الاستخبارات تستبعد تصعيدا يبادر إليه حزب الله، وإن كان الوضع معرض لانفجار سريع وكان ايهود باراك وزير الدفاع قد نفى لإذاعة الجيش الإسرائيلى أن تكون تلك المناورات ردا على الأحداث والتوترات التى شهدتها المنطقة فى الأسابيع والأشهر الأخيرة، ومن جانبه صرح نائب وزير الدفاع متان فلنائى لإذاعة الجيش الإسرائيلى قائلا: يعتبر أعداؤنا أن الجبهة الخلفية تشكل نقطة ضعفنا وعلينا تعزيزيها والاستعداد لمواجهة أى احتمال، وكان رئيس الحكومة نتنياهو مؤكدا هذا المفهوم فى الاجتماع الأسبوعى للحكومة عندما قال تعقيبا على المناورة: "انها تمرين روتينى هدفه الدفاع عن دولة إسرائيل من هجمات القذائف والصواريخ" أن قدراتنا على الدفاع عن أنفسنا تتطور على غرار قدرات أعدائنا".
لذلك لم تغفل القيادة المسؤولة عن هذه المناورات، أن تختبر قدرة المنشأة النووية فى ديمونة على مواجهة هجوم صاروخى عليها، وهو ما تم تمثيله بصارخ وهمى ذو رأس كيماوى سقط بالقرب من موقع المفاعل النووى هناك، وقد جاء هذا الصاروخ بشكل مفاجئ لإدارة المفاعل، والتى طولبت معالجة الموضوع على الفور حيث قيل لها فى برقية عاجلة من قيادة المناورة أن صاروخا سقط قرب المفاعل وتسبب فى أضرار طفيفة فى المبنى ولكنه أحدث تلوثا كيماويا، وعند فحص رد فعل إدارة المفاعل وكيف تصرفت فى الموضوع عبر قائد المناورة نائب وزير الدفاع – فلنائى – عن ارتياحه وقال إن التدريب كان ناجحا فى هذا الموقع.
وقد اكتشفت عدة نقاط خلل فى هذه التدريبات، حيث تبين أن 70% من البلدات والبيوت العربية فى إسرائيل (فلسطينى 1948) ونحو 20% من البيوت فى أحياء اليهود المتدينين، خالية من الملاجئ أو أية وسائل حماية أخرى، وان العديد من المواطنين لم يكترثوا لصفارة الإنذار ولم ينزلوا إلى الملاجئ، وفى مقر الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) لم يعرف مدير عام المؤسسة المسؤول بنفسه عن التدريبات فى المبنى إلى أين يهرب ويختبئ، وأن عددا من الملاجئ غير جاهزة بشكل كاف، وقد علق قائد المناورة فلنائى على ذلك بقوله "من أجل كشف هذه الأخطاء أجرينا التدريبات، ويسعدنى أنها أخطاء يمكن التغلب عليها فى وقت قصير نسبيا". ثم أشار إلى أنه فى إطار هذه التدريبات تم إطلاق صواريخ وهمية على مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية فى تل أبيب، وكان التدريب هناك ناجحا تماما.
وكانت قيادة الجبهة الداخلية قد شنت حملة إعلامية تحت عنوان "أن تكون محميا كل الوقت" تشرح للمواطنين كيفية مواجهة حالات طوارئ مثل سقوط صواريخ، وطرق الاحتماء والنزول إلى الملاجئ، كما وزعت خريطة جديدة للمناطق الجغرافية لإسرائيل وفقا لمستوى التهديد المتربص بكل منطقة من الصواريخ، وضعت المنطقة الشمالية القريبة من لبنان، والمنطقة الوسطى القريبة من قطاع غزة وأراض الضفة الغربية، على رأس المناطق المهددة بالقصف الصاروخي.
اما من حيث الخطة الزمنية للمناورة فهى كالآتي:
اليوم الأول: إطلاق صفارات الإنذار فى جميع أنحاء إسرائيل معلنة تعرضها لهجمات صاروخية، وكان موضوع الاختبار هو كيفية تعامل القيادة السياسية للدولة مع هذه الحالة الطارئة، وإدخال الوزراء فى تجربة اتخاذ القرارات وإعطاء ردود الفعل لمختلف السيناريوهات.
اليوم الثاني: تركزت التدريبات على قوات الجيش وقوات الدفاع المدنى ودوائر التموين فى صفوف الشرطة وغيرها من المؤسسات الحكومية وكذلك السلطات المحلية والمجالس القروية والمدنية.
اليوم الثالث: إجراء التدريبات فى البلدات والمدارس وأماكن العمل واللهو فى الشوارع.
اليومين الرابع والخامس: تم تكرسيهم للقيادات السياسية والعسكرية ووسائل الإعلام لاختبار كفاءتهم فى التعامل مع المواقف الطارئة التى فرضت على إسرائيل، وحجم الخسائر البشرية والمادية الناتجة عن الهجمات الصاروخية التى تعرضت لها، كما أجريت مناورات عسكرية لكيفية التحرك لشن عمليات هجومية إستراتيجية بموجبها اجتياح غزة، وتنفذ فيها عمليات حربية تستغرق ثلاثة شهور، يتبعه هجوما آخر على جنوب لبنان كرد فعل لإطلاق صواريخ من جانب حزب الله على شمال إسرائيل، ثم هجوما على سوريا نتيجة مشاركتها حزب الله فى قصف شمال إسرائيل، ولا يكتفى معدوا هذا السيناريو بذلك بل افترضوا أيضا قيام عرب 1948 بإعلان انتفاضة ضد السلطة الإسرائيلية بهدف استغلال الحرب، وفى هذا الإطار تم اختبار وفحص مدى التنسيق العملياتى بين القيادات العسكرية المدنية والدفاع المدني.
* رؤية تحليلية:
حملت هذه المناورات عدة رسالات: الرسالة الأولى للداخل الإسرائيلى استهدفت
طمأنة المواطنين على استعداد القيادات السياسية والعسكرية للتعامل مع مخاطر حرب شاملة بطريقة منظمة وسليمة تضمن البعد عن التخبط والارتباك الذى تم رصده خلال حرب يوليو 2006. أما الرسالة الثانية فهى إلى عرب 1948 داخل إسرائيل تشكك فى مدى ولائهم للدولة بالنظر لما شملته موضوعات المناورة عن احتمال قيامهم بانتفاضة متزامنة مع الهجمات الصاروخية التى تتعرض لها إسرائيل، وهو الأمر الذى يعنى مبررا للتوجهات الرامية إلى إتباع أسلوب التهجير أو تبنى سياسة تبادل الأراضى ذات الكثافة العربية داخل إسرائيل مقابل المناطق التى تضم الكتل الاستيطانية الضخمة فى الضفة الغربية مثل مستعمرة (معاليه أدوميم) القريبة من القدس، وذلك فى إطار عملية سياسية محتملة قد تضطر إسرائيل إلى الدخول معها نتيجة ضغط الإدارة الأمريكية عليها لإيقاف الاستيطان وإقامة الدولة الفلسطينية.
كما تحمل هذه المناورات أيضا رسائل إلى أعداء إسرائيل فى إيران وسوريا ولبنان وغزة بأن إسرائيل مستعدة لمواجهة أسوأ الاحتمالات، وجاهزة لتقبل أعداد كبيرة من الخسائر البشرية والمادية وتتحسب لها جيدا، ولكنها فى ذات الوقت ستكون قادرة على توجيه ضربات انتقامية لمن سيطلقون عليها الصواريخ تكلفهم أضعاف ما تعرضت له إسرائيل من خسائر، مع عدم استبعاد استخدمها سلاحها النووى فى هذا المجال خاصة إذا ما تعرض سكانها لهجمات برؤوس كيماوية أو بيولوجية، والتى تعتبر ضمن أسلحة الدمار الشامل.
أما فيما يتعلق برسالة إسرائيل إلى إيران فقد جاءت هذه المناورات عقب إطلاق إيران صاروخى المتطور (سجيل – 2) ذو المرحلتين والذى يعمل بالوقود الصلب، مما يعطيه دقة أعلى فى الإصابة إلى جانب سرعة احتلال الموقع وتجهيزه وإطلاقه ثم سرعة الانتقال منه والمناورة إلى موقع آخر، ناهيك عن مدى يصل إلى 2500 – 3000 كم حيث تؤكد الرسالة أن إيران إذا ما أقدمت على قصف إسرائيل بهذا الصاروخ أو صاروخ شهاب، فأنها ستتعرض لضربات جوية وبحرية من غواصتها الثلاث (دولفين) والمسلحة بصواريخ كروز نووية سيتم نشرها فى
بحر عمان، إلى جانب صواريخ أريحا – 3 المسلحة أيضا برؤوس نووية.