رغم إحساسي الرأسمالي إلاَّ أن الأفكار الاشتراكية تستهويني.
سبق أن كتبت أن يد الدولة يجب أن تسيطر على أربعة قطاعات سيطرة كاملة: الصحة والأمن والدفاع والتعليم. تخصيص أي منها أو جزء منها سيضر بالبلاد.
أسهم الابتعاث الموسع لأميركا في التنمية ولكنه سبب مشكلة جانبية تتعلق بتكوين النموذج. تتشكل أميركا من خمسين دولة متحدة وليست دولة واحدة. تاريخ أميركا ليس كتاريخ بقية الشعوب. شعب مغامر يقوم على المنافسة لا على التعاون. أميركا هي الدولة الوحيدة التي يباع فيها السلاح كما تباع السيارات والخضار في البقالات. بالنظر إلى حياة الأميركان وأسلوب عيشهم لا يمكن أن تكون أميركا نموذجاً لأحد.
يغرينا النموذج الأميركي عندما نعرف أن أميركا تتمتع بأفضل مستوى صحي في العالم ولكن بعضنا لا يعلم أن هذا التطور الطبي غير متاح لكل الأميركان. متاح للغني السعودي والغني الفنزويلي والغني النيجيري ولكنه غير ميسر للفقير الأميركي. ما نطمح إليه طباً لكل مواطنينا لا طبَ رائعاً نبيعه في الأسواق العالمية.
عشنا في الثلاثين سنة الماضية تجربة المدارس الحكومية والمدارس الأهلية. لا أحد يستطيع القول إن طلاب التعليم الأهلي يتفوقون على طلاب التعليم الحكومي وإذا نظرنا إلى المستشفيات الحكومية والأهلية سنرى أن الفرق لا يقع في مستوى الخدمة الطبية بقدر ما يتمثل في الشكل والإناقة وسرعة الاستقبال. ما تعاني منه المؤسسات الصحية الحكومية لا يعود إلى سوء الإدارة في أغلبه ولكن إلى تقادم وتآكل الأنظمة. علينا أيضاً أن نتذكر أن كل شيء ينعكس على كل شيء في أي دولة. إذا ساءت حال المرور تسوء أحوال البلد كلها. وإذا تباطأ سير القضايا في المحاكم تباطأ كل شيء في البلاد. خيالية أسعار الأراضي وشحها انعكس على نواحي الحياة كلها.
تخصيص التعليم أو الصحة هروب من المشكلة وليس حلاً لها. النموذج الأميركي شاذ لا يصلح لنا ولا يصلح لأي شعب آخر. فرصتنا أن نستفيد من تجارب الدول الاسكندنافية. هي الأقرب لنا في الأهداف وفي عدد السكان. رفاهية الإنسان هي محور التنمية في بلادنا. لا يشتكي المواطن الاسكندنافي من الضرائب ولا يتذمر. كلما زادت الضرائب كلما تحسن مستوى الخدمات. تصل ضريبة الدخل في فنلندا على سبيل المثال إلى أكثر من أربعين في المئة. لن اهتم إذا اقتطعت الدولة نصف راتبي ضريبة مقابل أن أتلقى خدمات طبية وتعليمية جيدة. ولو بحثنا عن تعريف لهذه الضرائب العالية سنرى شيئاً من الاشتراكية أو نصف اشتراكية.
مهما بالغنا في تقييد القطاع الخاص ليقدم خدمات جيدة للناس في النهاية نحن أمام مؤسسات ربحية آخر شيء تفكر فيه هو الإنسان.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------
منقول - عبدالله بن بخيت - كاتب سعودي
سبق أن كتبت أن يد الدولة يجب أن تسيطر على أربعة قطاعات سيطرة كاملة: الصحة والأمن والدفاع والتعليم. تخصيص أي منها أو جزء منها سيضر بالبلاد.
أسهم الابتعاث الموسع لأميركا في التنمية ولكنه سبب مشكلة جانبية تتعلق بتكوين النموذج. تتشكل أميركا من خمسين دولة متحدة وليست دولة واحدة. تاريخ أميركا ليس كتاريخ بقية الشعوب. شعب مغامر يقوم على المنافسة لا على التعاون. أميركا هي الدولة الوحيدة التي يباع فيها السلاح كما تباع السيارات والخضار في البقالات. بالنظر إلى حياة الأميركان وأسلوب عيشهم لا يمكن أن تكون أميركا نموذجاً لأحد.
يغرينا النموذج الأميركي عندما نعرف أن أميركا تتمتع بأفضل مستوى صحي في العالم ولكن بعضنا لا يعلم أن هذا التطور الطبي غير متاح لكل الأميركان. متاح للغني السعودي والغني الفنزويلي والغني النيجيري ولكنه غير ميسر للفقير الأميركي. ما نطمح إليه طباً لكل مواطنينا لا طبَ رائعاً نبيعه في الأسواق العالمية.
عشنا في الثلاثين سنة الماضية تجربة المدارس الحكومية والمدارس الأهلية. لا أحد يستطيع القول إن طلاب التعليم الأهلي يتفوقون على طلاب التعليم الحكومي وإذا نظرنا إلى المستشفيات الحكومية والأهلية سنرى أن الفرق لا يقع في مستوى الخدمة الطبية بقدر ما يتمثل في الشكل والإناقة وسرعة الاستقبال. ما تعاني منه المؤسسات الصحية الحكومية لا يعود إلى سوء الإدارة في أغلبه ولكن إلى تقادم وتآكل الأنظمة. علينا أيضاً أن نتذكر أن كل شيء ينعكس على كل شيء في أي دولة. إذا ساءت حال المرور تسوء أحوال البلد كلها. وإذا تباطأ سير القضايا في المحاكم تباطأ كل شيء في البلاد. خيالية أسعار الأراضي وشحها انعكس على نواحي الحياة كلها.
تخصيص التعليم أو الصحة هروب من المشكلة وليس حلاً لها. النموذج الأميركي شاذ لا يصلح لنا ولا يصلح لأي شعب آخر. فرصتنا أن نستفيد من تجارب الدول الاسكندنافية. هي الأقرب لنا في الأهداف وفي عدد السكان. رفاهية الإنسان هي محور التنمية في بلادنا. لا يشتكي المواطن الاسكندنافي من الضرائب ولا يتذمر. كلما زادت الضرائب كلما تحسن مستوى الخدمات. تصل ضريبة الدخل في فنلندا على سبيل المثال إلى أكثر من أربعين في المئة. لن اهتم إذا اقتطعت الدولة نصف راتبي ضريبة مقابل أن أتلقى خدمات طبية وتعليمية جيدة. ولو بحثنا عن تعريف لهذه الضرائب العالية سنرى شيئاً من الاشتراكية أو نصف اشتراكية.
مهما بالغنا في تقييد القطاع الخاص ليقدم خدمات جيدة للناس في النهاية نحن أمام مؤسسات ربحية آخر شيء تفكر فيه هو الإنسان.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------
منقول - عبدالله بن بخيت - كاتب سعودي