آفاق المبادرة السلمية الروسية رغم تصاعد النجاحات الميدانية

إنضم
9 يوليو 2010
المشاركات
3,059
التفاعل
4,157 20 0
آفاق المبادرة السلمية الروسية رغم تصاعد النجاحات الميدانية



صحيفة بوليتكو تسرب خبر حول موافقة بايدن على استخدام أسلحة أميركية خاصة داخل الأراضي الروسية، ووافق على ذلك مجموعة من دول الناتو بشكل علني! بأسلحة أوربية فرنسية وبريطانية، ولكن شرط ألا يتجاوز هذا الاستخدام، ما يخص الجبهة الهجومية الروسية تجاه مقاطعة خاركييف!

أي ضد مراكز القيادة والسيطرة الروسية لهذه العملية الهجومية، إضافة للمخازن اللوجستية ونقاط إمدادها نحو المجموعات المهاجمة الروسية، إضافة للتجمعات العسكرية الاحتياطية المجهزة لدخول العملية الهجومية، مصادر النيران الداعمة الروسية داخل الأراضي الروسية.

والحقيقة أن الاستخدام الذي كان متوقع من هذه الموافقة الضمنية كان هي صواريخ أتاكمس التكتيكية قبل استخدام ذخائر المقاتلات الأمريكية ف 16، ولكن الذي استخدم بعد هذه الموافقة هي صواريخ نبتون البحرية الأوكرانية المعدلة بجهود أوربية وأمريكية للمهام الأرضية حتى مدى يزيد علن 300 كم، وبسرعة فوق صوتية بدل التحت صوتية (900 كم/س) كما في النسخة الأساسية البحرية، وقد أعلن الروس عن اسقاط خمسة صواريخ من هذه الصواريخ المعدلة كانت تستهدف بلغرود داخل الأراضي الروسية!

كما أطلقت راجمة مارس المجنزرة الألمانية النظيرة لراجمة ملرس الأمريكية 12 صاروخ معادل لقذيفة جملرس الذي تطلقه راجمة هيمارس الأمريكية، أسقطت جميعها المضادات الروسية، وخاصة اللينة القتل الإلكترونية!

فهل هذا يعني أن أمريكيا سوف تسمح بأسلحة بالوكالة عن الأسلحة الأمريكية الرسمية داخل الأراضي الروسية؟!

إلا أن الأوكران أطلقوا قذائف هيمارس الأمريكية ضد نفس الأهداف الروسية الحدودية، وتم اعتراضها جميعاً وفق الرواية الروسية!

وتكرر الأمر مع زيادة كثافة الاطلاق وتنوع وسائل الاطلاق من الراجمات ذات القذائف الدقيقة الموجهة الأمريكية والغربية فحدث إصابات موثقة على الجبهة الروسية شملت حتى أحد وحدات الدفاعات الجوية الروسية من نوع فافوريت S-300PMU2 Favorit مما دفع الروس لزيادة عدد المضادات الالكترونية وزيادة منظومات S-300V4 التي قيل أنها تتفوق ببعض النواحي على منظومة اس 400 الروسية.

وهذا الهجوم الأوكراني ضمن الأراضي الروسية، من وجهة نظر الغرب يعتبر دفاعي بسبب أن الروس يحشدون احتياطات هجومية كبيرة إذا انضمت للهجوم الروسي الأساسي فهذا سوف يهدد جميع إقليم خاركييف بالكامل والحشد الاحتياطي الأوكراني المضاد المكون من خمسة ألوية دفاعية، لن يكفي لصده!

كما أننا نجد ورغم التناغم الجبهي الذي ينم عن تقدم العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وترجيح أكثر المحللين العسكريين أن انتصار الروس وفق هذا المنوال القتالي الناجح لصالح الروس، إلا اننا نُفاجئ بأن الرئيس الروسي بوتين يطلق مبادرة جديدة للتفاوض مقابل قبول الناتو بالمكتسبات الحالية الميدانية الروسية!

وهذا بتقديري يدل على أن روسيا عازمة على عمل عسكري كبير وخطير! أو أن روسيا تتخوف من تطورات ميدانية وتسلحيه غربية قد تحول هذه العملية العسكرية المحدودة الروسية إلى جرب مفتوحة عالمية!

أو أن بوتين عقد العزم على مغامرة ردع الناتو، لكنه قدم قبل المضي في هذا العزم، المساعي الدبلوماسية!

أو ربما كان الدافع الأكبر لهذه الخطوة المفاجئة، هي المساعي الوسيطة الدبلوماسية الصينية بطلب من أوكرانيا! وبموافقة ضمنية أوربية.

لأن بوتين عندما أطلق هذه المبادرة، صرح باستبيان مع من يفاوض بشكل يكون لهذا التفاوض مصداقية وآلية تفعليه حقيقية.

ومن باب إعادة النظر في المتغيرات العسكرية الميدانية وسر النجاحات الروسية، نجد أن هذه التحول الروسي الناجح مبني على عدة عوامل وأسباب منطقية، أهمها:



أنه مع تقوق الروس بسلاح المدفعية، وفي مجال التوسع بتعدد استخدامات الدرونات (الطائرات الغير مأهولة) الذي أشرنا له مراراً وتكراراً، هناك السيطرة الحيوية الجوية المأهولة الروسية من الناحية الكمية والنوعية أيضاً، مع وجود إجراءات تأمينية إلكترونية ناجحة ضد أخطار الدفاعات الجوية وخاصة الأرضية، مع استخدام ذخائر ذكية موجهة ذات كلفة مقبولة وأمدية آمنة مباعدة! تقي القاذفات الحاملة لها في حالة استخدام دفاعات صاروخية تتجاوز الإجراءات المضادة التشويشية الإلكترونية مثل منظومة صواريخ باتريوت الأمريكية التي يتراوح مداها ما بين 70 إلى 160 كم وبسرعة فوق صوتية ما بين 4 إلى 5 ماك.

إضافة إلى ذلك الأوكران لم يثبت امتلاكم لوسائل مضادة للذخائر الذكية الروسية لينة أو قاسية القتل، ولكن ثبت العكس لدا الروس!

لذلك فإن هذا لا يتوفر حالياً للأوكران من ناحية الكم والنوع، والناحية التأمينية ضد الدفاعات الجوية الروسية، رغم امتلاك الأوكران لذخائر جوية ذكية بعيدة المدى! وذلك لأن الدفاعات الجوية الروسية لا تنحسر نشاطاتها ضد الطائرات المهاجمة الأوكرانية بل وحتى ذخائرها الذكية!

لذلك فإن وجود مقاتلات ف 16 الأمريكية في أوكرانية بمواصفات تجهيزية خاصة متطورة قد يغير المعادلة القتالية نوعاً ما، فالطراز الأحدث أو المحدث للمستوى الأحدث من هذه المقاتلات يمكنها رصد وتتبع هدف جوي بمقطع راداري مقداره 3 متر مربع من مسافة 120 كم واستهدافه من هذا المدى أيضاً، وفي حالة تزويد مقاتلات ف 16 بتقنية التخفي الطلائية بنسبة 60 % فإن هذا سوف يؤخر كشفها من قبل رادارات ملكة المقاتلات الروسية سوخوي 35 لمدى أقل من مدى كشف رادار ف 16 الأمريكية، ويجعلها الصياد بدل الصيد! في المعركة الجوية، فكيف إذا دعمت هذه المقاتلات الأمريكية، بطائرات أواكس سويدية من نوع ASC-890، التي يبلغ كشف رادارها المجدي حتى مدى 400 كم!

كما يمكنها في حالة تحليقها المنخفض الصامت الكترونياً المدعم بتقينيه التخفي الإلكترومغناطيسية، التسلل إلى نقاط جبهيه قريباً نسبياً وإلقاء ذخائرها الانزلاقية أو الاطلاق من بعد أكبر لصواريخ كروز الجوية الشبحية الأمريكية بعد تمكين هذه الذخائر بإجراءات وقائية ضد الإجراءات المضادة الإلكترونية الروسية.

كما أنه من نقاط التفوق الروسية امتلاكها لمجموعة متنوعة من الصواريخ البالستية التكتيكية الأساسية مثل صواريخ إسكندر ام الروسية، والمعدلة عن صواريخ مضادة للجو لتصبح ضد الأهداف الأرضية أمثال منظومة فورت اس 300، أو صواريخ كوريا الشمالية أمثال كيم إسكندر.

ونتيجة النجاح الكبير الروسي باستخدام هذه المجموعة من الصواريخ التكتيكية لأمدية من 300 إلى 500 كم وبسرعة شبه فرطيه، زودت أمريكا الأوكران بصواريخ أتاكمس التكتيكية الفوق صوتية.

ورغم أن هذه الصواريخ التكتيكية الأمريكية ليست صعبة المنال من قبل الدفاعات الروسية، إلا أنها تصبح خطرة في ثلاثة حالات، وهي في حالة تزويدها بذخائر فرعية فائقة الذكاء ذاتية البحث من نوع بات BAT ذات دفع ذاتي كما حدث في شبه جزيرة القرم لأن الصاروخ يختفي عن الكشف الراداري ويصبح منفجر ويأتي هنا دور الدفاعات المركزية القادرة على التعامل مع الذخائر الصاروخية الفرعية إما بطريقة قاسية كما تفعل منظومة بانتسير أو تور، أو بطريقة لينة إلكترونية كما ه الحال بمنظومة كارسوكا فور المعدلة، إلا أن هذه الإجراءات المضادة النهائية، غير كافية لصد كافة تلك الذخائر الفرعية أو العنقودية!

والحالة الثانية والثالثة تكمن في طلاء تلك الصواريخ بمواد عازلة وماصة للموجات الرادارية وتمكين التوجيه التصحيحي المساري بالأقمار الصناعية، لتجاوز الإجراءات المضادة الروسية، وتأخير الكشف ومن ثم تقصير فترة ردود الأفعال الدفاعية.

والخط الأحمر لهذه الصواريخ عند روسيا هو أن تستخدم هذه الصواريخ ضد أهداف عسكرية داخل الأراضي الروسية، وأعني مراكز القيادة ونقاط التخزين اللوجستية وتجمعات القوات الاحتياطية وغيرها من الأهداف العسكرية.

وعلى ما يبدو أن روسيا لا تريد أن تخوض هذه التجربة أو تصل إلى هذا المستوى من المواجهة التقليدية، مع تصاعد موجات المرتزقة الأوربية التي الغرض منها تغطية نقص الموارد البشرية القتالية الأوكرانية.

وهذا بتقديري السبب الرئيسي لظهور مبادرة السلام الروسية، التي تخفي في طياتها نوايا خطيرة روسية! في حالة تجاهل هذه المبادرة الروسية السلمية!



الخلاصة التحليلية:

بتقديري أن الروس بدئوا يفكرون بجدية بإنهاء عمليتهم العسكرية في أوكرانيا! ودل على ذلك تعين وزير دفاع جديد متخصص بالنواحي الاقتصادية! فالروس على ما يبدو قاربوا من امتلاك ترسانة عسكرية كبيرة تؤهلهم لدخول مواجهة عسكرية ناجحة مع الناتو!

ولا أعتقد أن روسيا رغم تصريحاتها المتكررة في مجال التلويح استخدام الأسلحة النووية التكتيكية، أنها سوف تُفعل هذا السلاح في الجبهة الأوكرانية، إنما قد تلجئ في حالة الضرورة إلى أسلحة بديلة عالية الفاعلية التأثيرية المدمرة والقاتلة دون أي آثار إشعاعية، أو قنابل تعطيليه إلكترونية، عالية الطاقة الإلكترومغناطيسية.

خاصة وان روسيا لا زالت تمتلك الميدان إلى الان، وتجمع احتياطات ضخمة على الحدود الروسية الأوكرانية وفي الأراضي البيلاروسية، تمكنها من سرعة حسم الحرب عند الضرورة.

لذلك نجدها ذهبت إلى إطلاق المبادرة السلمية، قبل التوسع بالعملية العسكرية، في حالة فشلت هذه المساعي السلمية.
 
1717771110511.png
 
عودة
أعلى