وثائق بريطانية تكشف محادثات سرية مع عبدالناصر لتسوية الصراع مع إسرائيل

إنضم
18 سبتمبر 2007
المشاركات
632
التفاعل
1,358 13 0
الدولة
Morocco

1️⃣ الحلقة الأولى تفاصيل "المحادثات السرية" مع عبدالناصر لتسوية الصراع مع

وثائق بريطانية أفرج عنها تكشف تفاصيل "المحادثات السرية" بين عبدالناصر وإسرائيل لتسوية الصراع

تفاصيل "المحادثات السرية" مع عبدالناصر لتسوية الصراع مع إسرائيل

لم يعترض الرئيس المصري الراحل على المشروع الأميركي للتسوية لكنه اشترط أن تبقى العملية سرية لإعداد الرأي العام المصري والعربي


1014821-699229245.jpg

الأميركيين كانوا يتعاملون مع الأمر بسرية تامة ( اندبندنت عربية)

ملخص​



لم يعترض جمال عبد الناصر على المشروع الأميركي الذي عُرف بـ"ألفا" لتسوية الصراع العربي - الإسرائيلي، لكنه اشترط أن تبقى المحادثات سرية لإعداد الرأي العام المصري والعربي... فماذا دار بين الرئيس المصري الراحل وواشنطن؟


في الـ19 من يناير (كانون الثاني) الماضي رفعت الخارجية البريطانية الحجب عن بعض وثائق ملف يتضمن محادثات سرية بدأتها بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية مطلع عام 1956 مع الرئيس المصري الأسبق جمال عبدالناصر من جهة، ورئيس الوزراء الإسرائيلي ديفيد بن غوريون من جهة أخرى. وكانت هذه المحادثات السرية تشكل جزءاً من مشروع "ألفا" الهادف إلى فرض طوق من الحلفاء على حدود الاتحاد السوفياتي ومنع نفوذه في تلك الحقبة.


وتحت عنوان "محادثات مع رئيس جمهورية مصر العربية جمال عبدالناصر حول إسرائيل وفلسطين" نشرت بعض الوثائق المتعلقة بهذا المشروع في وقت مبكر من هذا العام، وعادة ما تحافظ الخارجية البريطانية على سرية مراسلاتها 30 عاماً، لكن وثائق هذا الملف حجبت قرابة 70 عاماً.

تشير أولى الوثائق السرية في هذا الملف إلى أن الأميركيين كانوا يتعاملون مع الأمر بسرية تامة، لدرجة أنهم لا يخبرون حتى سفيرهم لدى القاهرة، ولذلك استدعى وزير الخارجية الأميركي حينها جون فوستر دالاس سفيره لدى القاهرة، حتى لا يكون حاضراً في مصر عند بدء المحادثات السرية.
ناصر وبن غوريون يتفقان على الوسيط
وجاء في البرقية المرسلة في الـ12 من يناير 1956 من السفارة البريطانية في واشنطن إلى مرجعيتها في لندن ما نصه: "وصلت في وقت الغداء اليوم، ورأيت بالفعل فرانسيس راسل وجورج ألين. تبدأ المحادثات بصورة دقيقة غداً. أعطاني راسل المعلومات التالية على أساس أقصى درجات السرية حول (ألفا). وقد طلب منه السيد دالاس أن يستفسر مني بالضبط عمن سأنقل إليه هذه المعلومات. الأميركيون يتعاملون مع الأمر على أنه سري، لدرجة أنهم لا يخبرون حتى سفيرهم لدى القاهرة. لقد أحضروا السفير إلى واشنطن، للتشاور على وجه التحديد حتى لا يكون حاضراً في القاهرة في الوقت المناسب، بالتالي لا داعي لإخباره".
الجزء الأول 1.jpg

واشنطن تستدعي سفيرها من القاهرة كي لا يعرف بالمحادثات السرية مع الرئيس جمال عبدالناصر (الأرشيف البريطاني)

وتوضح البرقية أن عبدالناصر وبن غوريون "اتفقا أخيراً على استقبال وسيط. وقد عينت حكومة الولايات المتحدة الآن السيد روبرت أندرسون، وزير البحرية السابق ونائب وزير الدفاع. يغادر إلى القاهرة في غضون أيام قليلة وسيتم إدخاله بصورة خفية إلى البلاد. وافق عبدالناصر على تخصيص يومين أو ثلاثة أيام للمناقشات معه حول تسوية محتملة مع إسرائيل. ثم سيذهب أندرسون إلى إسرائيل، وسيكرس شهراً للذهاب بين الطرفين".
وتضيف البرقية أن "المؤشرات التي حصل عليها الأميركيون من عبدالناصر هي أنه من المحتمل الآن أن يكون أقل صرامة مما كنا نعتقد سابقاً حول الارتباط البري في النقب. يبدو أنه يعتقد أن عبدالناصر قد يكتفي بشيء يشبه إلى حد كبير مثلثات ’ألفا‘ الأصلية، أو بعض ترتيبات الممرات، بشرط أن نساعده في تعزيز أهدافه للوحدة العربية. ليس واضحاً على الإطلاق ما يعنيه هذا، وسأقوم بالتحقيق فيه أكثر. لقد أوضحت لراسل أن أحد الأشياء التي قد يعدها عبدالناصر عقبة أمام أهدافه هو الموقف البريطاني من الجيش العربي، وأن هذا قد يخلق صعوبات. سأخبرك بأي شيء آخر يمكنني اكتشافه".
ناصر يطلب تعزيز أهدافه للوحدة العربية
برقية أخرى سرية مرسلة من قبل السفارة البريطانية لدى واشنطن في الـ14 من يناير 1956، يخبر فيها السفير البريطاني مرجعيته في لندن بأن المبعوث الأميركي أجرى "محادثات سرية" مثيرة للاهتمام مع الرئيس المصري جمال عبدالناصر في الـ12 من يناير 1956 ذاكراً بعض النقاط عن نيات عبدالناصر.
الجزء الأول 2.jpg

الرئيس جمال عبد الناصر غير مهتم بالربط البري مع الأردن (الأرشيف البريطاني)

تنص البرقية على أن "الانطباع الذي استخلصه الأميركيون من المحادثات الأخيرة مع عبدالناصر (وهو ليس أكثر من انطباع) هو أنه غير مهتم بصورة جدية أو عميقة بالربط البري مع الأردن كمسألة استراتيجية. لقد رغب في ذلك أكثر لقيمته الرمزية، مساهمة في وحدة العالم العربي، ويمثل تراجعاً من قبل إسرائيل عن مسيرتها التوسعية. بالتالي، يعتقد أنه إذا تمكن عبدالناصر من الحصول على بعض الوعود بدعم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة للوحدة العربية (بالمعنى الحقيقي)، فستكون هناك حاجة أقل إلى رمز جغرافي للوحدة".
AFP__20060630__ARP1628299__v2__Preview__BioNasserRauReferendum.jpg

نشرة التصويت التي استخدمها الناخبون السوريون والمصريون للموافقة على اتحاد بلادهم في جمهورية عربية واحدة (أ ف ب)

وعليه تتساءل وزارة الخارجية، وفق البرقية المرسلة، "عما إذا كان بإمكاننا التوصل إلى تفاهم ما مع عبدالناصر حول مسألة الوحدة العربية. هل يمكننا على سبيل المثال أن نقول لعبدالناصر لم نعارض أبداً الوحدة العربية أو الجامعة العربية من حيث المبدأ. لا نرى أي خطأ في ميثاق الجامعة العربية. على العكس من ذلك، السبب الوحيد لعدم تمكننا من دعمها هو أنها كانت رمزاً للصراع مع إسرائيل، لكن في سياق التسوية الفلسطينية، سنكون سعداء جداً برؤية حياة جديدة في جامعة الدول العربية، مع أو من دون مراجعة ميثاقها".

دور شكلي لجامعة الدول العربية
ويضيف السفير البريطاني في برقيته، "أخبرت راسل أنني كنت منزعجاً قليلاً بالأمس من الطريقة التي تحدث بها جورج ألين عن الموقف البريطاني في الأردن على أنه شيء قد يكون مستهلكاً. كنت آمل ألا يكون هناك شك في أن أندرسون يلقي بهذا الأمر في نقاش مع المصريين أو الإسرائيليين من وراء ظهورنا. أكد لي لا. في الواقع قال إنه في رأي الحكومة الأميركية لا يمكن أن يكون هناك شك في حث بريطانيا على تغيير موقفها في الأردن بأي حال من الأحوال ما لم يتم إجراء ترتيب بديل لمكانة الأردن في المجتمع الغربي. كانوا يدركون جيداً خطر خلق فراغات (راسل لديه حس أكثر من ألين). كما أنه لم يعتقد أن عبدالناصر سيطلب ذلك، لكن ما قد يتوقعه وقد يتعين علينا النظر فيه في سياق تسوية فلسطينية هو: تعهد معارضة انضمام أي دول عربية جديدة إلى حلف بغداد، وتأييدنا لتجمع جديد لجميع الدول العربية، لا يستند إلى دوافع معادية للغرب ولا لإسرائيل، يمكن من خلاله استعادة الوحدة العربية دون ممارسة العنف ضد تحيزات (عدم التدخل) لمصر وغيرها".
الجزء الأول 3.jpg

واشنطن تخطط لإعطاء دور شكلي لجامعة الدول العربية (الأرشيف البريطاني)

ويتابع، "من الواضح أن راسل يفضل تنشيط جامعة الدول العربية باعتبارها (التجمع الجديد). ويقترح أن نبدأ بإعطائها شيئاً عملياً للقيام به، على سبيل المثال، دعها تدير الأموال المخصصة لتعويض اللاجئين التي ستنشأ في إطار التسوية الفلسطينية. وسيكون لذلك ميزة إعطاء الجامعة العربية حافزاً لتشجيع التوطين، بدلاً من تعويض اللاجئين، ومن شأنه أن يجعلهم أطرافاً مهتمة بالاتفاق. ثانياً، اقترح أنه قد يكون من الممكن في نهاية المطاف توجيه المساعدات الاقتصادية إلى المنطقة من خلال جامعة الدول العربية. كان هذا أكثر صعوبة باعتراف الجميع. كانت الولايات المتحدة ملتزمة الفعل بصورة ثنائية بعديد من المشاريع في المنطقة (سد أسوان ومشروع مياه الأردن... إلخ) لدرجة أنه من غير المرجح أن يكون هناك أية أموال جديدة قادمة لبعض الوقت، لكن إذا أظهرت العصبة قدرتها على التعامل مع تعويضات اللاجئين، وتمكنت من وضع مشاريع عملية خاصة بها، فقد يكون من الممكن مساعدتها في المستقبل".

عبدالناصر لم يعترض على مشروع "ألفا"
أرسلت هذه الرسالة السرية من قبل السير إيفون كيرك باتريك في الـ26 من يناير 1956 إلى وزارة الخارجية البريطانية، إذ يذكر فيها كيرك باتريك آخر التقارير السرية حول محادثات أندرسون مع الرئيس المصري حول التسوية الفلسطينية.
كان السير كيرك باتريك (1897 - 1964) دبلوماسياً بريطانياً شغل منصب المفوض السامي البريطاني لدى ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية ونائب وزير الخارجية الدائم للشؤون الخارجية، وهو أعلى موظف مدني في وزارة الخارجية البريطانية.‏
الجزء الأول 4.jpg

لم يعترض الرئيس جمال عبد الناصر على التوصل إلى تسوية بين العرب وإسرائيل شرط أن تبقى العملية سرية (الأرشيف البريطاني)

جاء في الوثيقة، "قبل مغادرتي واشنطن مباشرة أعطاني راسل آخر التقارير عن الحديث الذي يجريه أندرسون مع ناصر حول تسوية فلسطينية. بحلول ذلك الوقت كانت هناك محادثتان طويلتان استغرقت كل منهما ثلاث ساعات. كان الجو ودوداً للغاية، وقد أعجبوا بموقف عبدالناصر العام. غير أنه رأى أنه لا يمكن أن تكون هناك تسوية فلسطينية لمدة ستة أشهر في الأقل بالنظر إلى الحالة الراهنة للرأي العام. وعندما أبلغ دالاس بذلك، رد وحث أندرسون على الإشارة إلى أن الوقت لن يسمح بمثل هذا التأخير".
891746-1536360109.png

فضّلت واشنطن تنشيط جامعة الدول العربية وإعطائها ملفات للعمل عليها (أ ب)

وتضيف الوثيقة، "وفي المقابلة مع عبدالناصر، كان من الواضح أنه جرى الاتفاق على أنه لن يكون هناك أي اعتراض على محاولة أندرسون التوصل إلى تسوية بين الطرفين على الفور، شريطة أن تظل سرية، ثم يشرع ناصر في إعداد (الرأي العام)".
وبدا أن الأميركيين يعتقدون أن هذا كان مرضياً، لأنه إذا علم كل من بن غوريون وناصر أن التسوية كانت في الأفق، فإن كليهما سيتجنب الإجراءات التي من المحتمل أن تسرع وقوع حادثة خلال الفترة التي كانوا فيها "يعدون الرأي العام".

المصدر :
 
التعديل الأخير:

2️⃣ الحلقة الثانية "المحادثات السرية" بين عبدالناصر وإسرائيل: بن غوريون يعرقل

"المحادثات السرية" بين عبدالناصر وإسرائيل: بن غوريون يعرقل (2ـ3)

الرئيس المصري الأسبق يتخوف من الاغتيال والعزلة ورئيس وزراء إسرائيل يخشى دفع "الثمن النهائي للسلام" بحسب المشروع الأميركي

1015196-1423326444.jpg

أعرب جمال عبد الناصر عن خوفه الشديد من الاغتيال في حال تسريب محتوى المحادثات السرية

"المحادثات السرية" بين عبدالناصر وإسرائيل: بن غوريون يعرقل (2ـ3)

الرئيس المصري الأسبق يتخوف من الاغتيال والعزلة ورئيس وزراء إسرائيل يخشى دفع "الثمن النهائي للسلام" بحسب المشروع الأميركي




1015196-1423326444.jpg

أعرب جمال عبد الناصر عن خوفه الشديد من الاغتيال في حال تسريب محتوى المحادثات السرية ( اندبندنت عربية)

ملخص​


لم يحتفظ جمال عبد الناصر بأية "ملاحظات أو سجل مكتوب لهذه المحادثات السرية" خوفاً من تسريبها فيكون الاغتيال مصيره... فماذا دار بين الرئيس المصري الراحل وواشنطن؟


استعرضت الحلقة الأولى من هذا التقرير عدداً من رسائل الخارجية البريطانية المتعلقة بالمحادثات السرية التي بدأتها الولايات المتحدة الأميركية بمعية بريطانيا عام 1956 مع الرئيس المصري جمال عبدالناصر ورئيس وزراء إسرائيل ديفيد بن غوريون، بهدف تحقيق تسوية سلمية للنزاع الإسرائيلي - العربي في تلك الحقبة.



وفي هذه الحلقة من "محادثات مع رئيس جمهورية مصر العربية جمال عبدالناصر حول إسرائيل وفلسطين"، نستعرض بقية الوثائق البريطانية التي رفع الحجب عنها في الـ 19 من يناير (كانون الثاني) 2024.

سير المحادثات مع عبدالناصر
جاء في البرقية الخاصة رقم (469) المرسلة في الـ 24 من فبراير (شباط) 1956 من السفير البريطاني في واشنطن إلى وزير الدولة للشؤون الخارجية البريطاني في لندن ما نصه، "طلب المبعوث الأميركي للشرق الأوسط رؤيتي هذا الصباح وقال إنه سيصل إلى القاهرة في حدود الثالث من مارس (آذار) ثم سيتوجه إلى تل أبيب، وحمّلني رسالة قوية وعاجلة بعدم الحديث عن أية معلومة عما يجري (المحادثات السرية)، وكان مقتنعاً بأن هذا من شأنه أن يُوقف العملية برمتها. كانت حججه مقنعة".
وأضاف، "أشرت إلى الصعوبة التي قد يضعك فيها هذا الطلب في محادثاتك الخاصة مع عبدالناصر، ولقد أدرك ذلك تماماً وأجاب بإعطائي وصفاً كاملاً للخط الذي يتبعه في كل من القاهرة وتل أبيب. سأسجل هذا في الحقيبة غداً.
آمل أن يلبي هذا مشكلتك وأن تسمح لي أن أطمئن المبعوث الذي بات يشعر بالقلق بشكل واضح، وأنا واثق من أنكم لن ترغبوا في الوصول إلى موقف يمكن فيه إلقاء المسؤولية واللوم عن انهيار عملية واعدة جداً على عاتقنا."
الوسيط السري يغادر القاهرة إلى القدس
تشير الرسالة السرية الصادرة في الـ 25 من يناير 1956 وتحمل توقيع السير جيفري آرثر، وهو دبلوماسي بريطاني، إلى أن الرئيس المصري جمال عبدالناصر كان متردداً في مناقشات جوهرية ولتسوية القضية الفلسطينية خوفاً من التعرض للعزلة السياسية، والرسالة موجهة إلى السكرتير الخاص لرئيس وزراء بريطانيا أنطوني إيدن.
جاء في هذه الوثيقة، "أثناء غداء اليوم أخبرني راسل أن عملية الوساطة السرية في النزاع الإسرائيلي - العربي تمضي قدماً، لكنه لم يخبرني باسم الوسيط ومستشاريه، وأعطيت راسل انطباعاً بأن كل هذا كان جديداً بالنسبة إلي، وقلت إنني اعتقدت أنه من الغريب إلى حد ما أننا لم نناقش (ألفا) وأنك لم تعطني سرداً لمناقشاتك الأولى، الآن فهمت السبب".
الجزء الثاني 1.jpg

الوسيط السري يغادر القاهرة إلى تل أبيب بعد مناقشات عامة مع الرئيس عبد الناصر حول الوحدة العربية دون الحديث عن تسوية فلسطينية (الأرشيف البريطاني)

وتشير الرسالة السرية إلى أن "راسل قال إن الوسيط غادر القاهرة الآن إلى القدس، وكانت مناقشاته مع الرئيس ناصر بعبارات عامة جداً حول الوحدة العربية وخوف عبدالناصر من العزلة وما إلى ذلك، ولم يكن قد بدأ الحديث بشكل محدد عن تسوية فلسطينية، ولم يعتقد راسل أن هناك أي سبب للكتابة إلى لندن أو إرسال برقية إليك حول هذا الأمر في الوقت الحالي، لكنه قال إنه سيتصل بي خلال الأيام القليلة المقبلة بعد قول كل هذا".
AFP__20061113__ARP1206598__v5__Preview__PolitiqueGouvernementArafatNasser.jpg

كان جمال عبد الناصر متردداً في مناقشات التسوية خوفاً من العزلة السياسية (أ ف ب)

وتلفت الرسالة إلى أن "راسل أوضح أن وزارة الخارجية توصلت إلى استنتاج مفاده أنه طالما استمرت جهود الوساطة السرية هذه فسيكون من الخطأ الضغط على عبدالناصر في شأن "خطة جونستون"، وبالتالي فإن التعليمات التي تعهدت وزارة الخارجية بإرسالها إلى القاهرة ودمشق بعد الاجتماع الذي عقدناه مع جونستون الأسبوع الماضي لن ترسل في الوقت الحاضر، وقلت ذلك في ضوء ما قاله لي واعتقدت أن هذا كان صحيحاً. الصعوبة الوحيدة هي أنني أخبرت سيمبسون في رسالة الـ 20 من يناير أنه يجري صياغة تعليمات للقاهرة ودمشق في شأن خطة جونستون، وأنني سأسمح له بالحصول على نسخة، ومن المستحيل تقديم تفسير منطقي لسبب التخلي عن النية، ولذا أقترح ألا أقول شيئاً في الوقت الحاضر، وعندها ستعتقد دائرة المشرق ببساطة أنني غير كفؤ."
الخارجية البريطانية تطلب معرفة آفاق التقدم في مشروع "ألفا"
وثيقة أخرى تتحدث عن طلب الخارجية البريطانية من سفيرها بواشنطن الحصول على معلومات أكثر من الأميركيين، وفرص تقدم الحادثات السرية في مشروع "ألفا"، إذ كان مقرراً أن يزور وزير خارجية بريطانيا آنذاك العاصمة المصرية نهاية فبراير 1956.
تذكر الوثيقة "في برقيتنا رقم (831) حول جسر بنات يعقوب، طلبنا منك الحصول على آراء دالاس حول آفاق التقدم على (ألفا)، ولم نحدد بشكل أكثر تحديداً لأن البرقية كانت تشهد توزيعاً واسعاً، لكن بالطبع ما نريد أن نعرفه هو كيف تسير مهمة أندرسون وما التقدم الذي جرى إحرازه.
الجزء الثاني 2.jpg

الخارجية البريطانية تطلب من سفيرها في واشنطن التواصل مع الأميركيين لمعرفة آفاق التقدم في مشروع ألفا (الأرشيف البريطاني)

أعلم أنك كنت متردداً في الضغط على دالاس في هذا الأمر لأنها كانت مبادرة شخصية وسرية للغاية، لكن الوقت قد حان الآن عندما يكون من الضروري أن نُضع في الصورة بالكامل، فهو لا يؤثر فقط في مسألة جسر بنات يعقوب، لكن وزير الخارجية سيزور القاهرة في غضون أسبوعين ويجب أن يعرف قريباً جداً أين تقف الأمور حتى يتمكن من تحديد الخط الذي يجب أن يسلكه هو نفسه مع عبدالناصر."
وجسر بنات يعقوب موقع تاريخي لجسر قديم يمر فوق نهر الأردن في فلسطين، وتعود تسمية الجسر بهذا الاسم، بحسب رأي بعض المؤرخين، أن النبي يعقوب عبر نهر الأردن من هذه النقطة رفقة بناته وهم في طريقهم إلى شمال سوريا.
بن غوريون يعرقل المحادثات السرية
وجاء في البرقية المرسلة في الـ 14 من فبراير 1956 من قبل السفارة البريطانية في واشنطن إلى مرجعيتها في لندن، "زودني فرانسيس راسل أمس بملخص للزيارة الأخيرة التي قام بها مبعوث الرئيس الأميركي إلى ناصر وبن غوريون، وعلى رغم أن المبعوث لم يكن لديه خبرة سابقة في مشكلات الشرق الأوسط فإنه شعر بأنه حقق درجة عالية من الثقة مع الجانبين، وتحدث ناصر وبن غوريون بصراحة وحرية، ونشأت الصعوبة الكبرى بعد رفض بن غوريون الكشف، على حد تعبيره، لمبعوث الرئيس، أو حتى كما أعلن للرئيس نفسه عن الثمن النهائي للسلام، أن بن غوريون كان مستعداً لفعل ذلك فقط في محادثات مباشرة عبر الطاولة مع ناصر نفسه".
AFP__20071211__SAPA980312319880__v3__Preview__RetroIsraelBenGurion.jpg

رفض بن غوريون الكشف عن الثمن النهائي للسلام فتوقفت المحادثات (أ ف ب)

وتضيف البرقية، "من ناحية أخرى تحدث عبدالناصر بإسهاب عن الصعوبات الكبيرة التي كان عليه مواجهتها، وعلى وجه الخصوص، العواقب وتداعيات الكشف عن هذه المفاوضات قبل أن يكون لديه الوقت لإعداد نفسه بشكل كاف، وسرعان ما أدرك المبعوث أن اهتمام عبدالناصر كان موجهاً بالكامل تقريباً نحو مسألة النقب مع استبعاد العناصر الأخرى للتسوية، ونجح المبعوث في وضعه وجهاً لوجه مع هذه المسألة الأخرى.
الجزء الثاني 3.jpg

بن غوريون يعرقل المحادثات السرية بعد رفضه الكشف عن "الثمن النهائي للسلام" مع العرب (الأرشيف البريطاني)

وتشير البرقية إلى "عدم إقناع الطرفين بالاتفاق على تسوية، وبالتالي يجب افتراض أن التسوية غير ممكنة ويمكن للمبعوث أن يعود بعد مشاوراته مع الرئيس ويحث ناصر وبن غوريون على الاتفاق على عقد اجتماع سري، وفي هذا الصدد، وعلى رغم أن عبدالناصر قد واجه كثيراً من الصعوبات، فإنه لم يستبعد إمكان عقد مثل هذا الاجتماع، وكذلك إبقاء المناقشات جارية في الوقت الراهن، ومن ثمّ استغلال الوقت والعودة لكل جانب بمقترحات حازمة، وفي هذه الحال قد يكون من الممكن القول إن (نهج تريستا) قد جرب، لكن بما أن بن غوريون لم يكن مستعداً للكشف عما سيقبله فلن يكون من العملي اتباع هذا الخط".
وتريستا مدينة حدودية صغيرة تقع بين يوغوسلافيا وإيطاليا، وخلال أعوام ما بعد الحرب العالمية الثانية جلبت قضيتها النزاع الدبلوماسي بين يوغوسلافيا (معسكر الاتحاد السوفياتي) وإيطاليا (المعسكر الغربي)، وأسهمت في تهيئة الظروف لبدء فترة الحرب الباردة.
محاولات عقد اجتماع مباشر بين ديفيد بن غوريون وجمال عبدالناصر
وتتحدث الوثيقة السرية المرسلة إلى نائب وزير الخارجية البريطاني كيرك باتريك في الـ 16 من فبراير (شباط) 1956 من مساعد وكيل وزارة الخارجية الأميركي إلى احتمال عقد اجتماع مباشر بين ديفيد بن غوريون وجمال عبدالناصر برعاية أميركية وبريطانية.
الجزء الثاني 4.jpg

أندرسون يحرز تقدماً في المحادثات السرية محاولاً عقد اجتماع مباشر بين ديفيد بن غوريون وجمال عبد الناصر (الأرشيف البريطاني)

"الرسالة المرفقة من بيلي تقدم لنا أول سرد رأيناه للتقدم الذي أحرزه أندرسون في مفاوضاته باسم الرئيس أيزنهاور مع بن غوريون وعبدالناصر، ومن الممكن أن نتلقى بعض التعليقات من ر. ماكينز رداً على رسالتي التي سبقت ذلك".
AFP__20160218__APP1999111449989__v5__Preview__BioNasserAmer.jpg

قال جمال عبد الناصر إنه خائف بشدة من تعرضه للاغتيال في حال حدوث أي تسريب للمحادثات السرية الجارية (أ ف ب)

وتشير الوثيقة إلى أن "النتيجة هي أن أندرسون سيعود للمنطقة في الـ 25 من فبراير من أجل محاولة عقد اجتماع مباشر بين بن غوريون وناصر، ومن المحتمل جداً أن يكون في القاهرة في الوقت نفسه الذي يكون فيه وزير الخارجية، وهذا جانب من جوانب المسألة يجب أن نسترعي انتباه دالاس إليه، فلن يرغب وزير الخارجية في أن يبدو لعبدالناصر وكأنه لا يعرف شيئاً عن هذه المفاوضات، أو أنه يلعب دوراً ثانوياً، ومن ناحية أخرى فبما أن لديه عدداً كبيراً من الأمور الخطرة التي يرغب في طرحها على ناصر فقد يشعر أيضاً أنه ليس عليه، إضافة إلى ذلك، الضغط على ناصر للقاء بن غوريون، وأتوقع أن تشعروا أن هذا يتطلب مناقشة مع وزير الخارجية."
ناصر يؤكد على السرية التامة للمحادثات
وتؤكد الرسالة السرية المرسلة في الـ 18 من فبراير 1956 من السفارة البريطانية في واشنطن إلى مرجعيتها في لندن، حرص الخارجية الأميركية على إرسال أي شيء مكتوب على الورق بخصوص المحادثات السرية مع جمال عبدالناصر إلى القاهرة خوفاً من التسريب.
الجزء الثاني 6.jpg

جمال عبد الناصر يؤكد على السرية التامة للمحادثات خوفاً من الاغتيال (الأرشيف البريطاني)

تقول الرسالة، "الاستنتاج هو أن وزارة الخارجية الأميركية مترددة في إرسال أي شيء مكتوب على الورق إلى القاهرة، وأوضح فرانسيس راسل أسبابهم على النحو التالي: قال ناصر لأندرسون إنه خائف بشدة من تعرضه للاغتيال في حال حدوث أي تسريب للمحادثات السرية قبل أن يتاح له الوقت لإعداد نفسه، اثنان فقط من المصريين إلى جانب عبدالناصر يعرفان التفاصيل عن هذا النهج بالذات، ولا يعرف حتى نائب رئيس الوزراء المصري، وعندما كان مبعوث الرئيس الأميركي في الغرفة مع ناصر ودخل نائب رئيس الوزراء حوّل ناصر بسرعة الحديث إلى علم الآثار، يعتقد ناصر أن عدد الأشخاص الذين يعرفون عن هذه العملية في جانبنا محدود بالمثل".
وتحذر الرسالة من أن "فرانسيس راسل يخشى أنه إذا اعتقد عبدالناصر أن أكثر من شخصين أو ثلاثة يعرفون بالمحادثات فقد يقرر التوقف تماماً، ولذلك السرية المطلقة أمر مهم وحيوي، وناصر نفسه لم يحتفظ بأية ملاحظات أو سجل مكتوب لهذه المحادثات على رغم أنه يبدو أن لديه قطعة صغيرة واحدة من الورق يحتفظ بها في محفظته، وقد جرى إخبار بايرود كما تعلمون عن العملية عندما كان هنا، لكن لم يتم تمرير أي رسائل مكتوبة بين وزارة الخارجية هنا والسفارة الأميركية في القاهرة، إذ إنهم قلقون أيضاً من إرسال رسائل مكتوبة من جانبكم إلى القاهرة."
 
التعديل الأخير:
3️⃣ الحلقة الثالثة والأخيرة "المحادثات السرية" بين عبدالناصر وإسرائيل: فشل أميركي

"المحادثات السرية" بين عبدالناصر وإسرائيل: فشل أميركي

لم يكن يعرف بها في مصر سوى علي صبري وزكريا محيي الدين وواشنطن تحذر الرئيس المصري من السياسة السوفياتية

1014361-972968156.jpg

في النهاية أظهر التقرير الكامل لزيارة المبعوث الأميركي إلى القاهرة أن مهمة التسوية لم تنجح (مكتبة الإسكندرية)

ملخص​


انتهت المهمة الأميركية بالفشل، وعبد الناصر يؤكد أنه لا يمكن أن يقبل فكرة إجراء محادثات مباشرة سواء مع حكومة إسرائيل أو حتى مع يهودي أميركي يتصرف نيابة عنها... فماذا دار بين الرئيس المصري الراحل وواشنطن؟

في الـ 24 من فبراير (شباط) 1956 بعث السفير البريطاني في واشنطن، روجر ماكينز، رسالة سرية إلى وزير الخارجية البريطاني تتضمن محضراً عن محادثته مع المبعوث الأميركي روبرت أندرسون الذي قاد عملية المحادثات السرية مع مصر وإسرائيل.

علي صبري وزكريا محيي الدين

وجاء في محضر المحادثات، "طلب روبرت أندرسون رؤيتي هذا الصباح، التقيته سراً في وزارة الخارجية، وكان فرانسيس راسل حاضراً، وبدأ أندرسون بالقول إنه سيصل الآن إلى القاهرة في الثاني أو الثالث أو الرابع من مارس (آذار)، كان ينتظر أن يسمع من عبدالناصر أي يوم يناسبه، وبعد ذلك سيذهب إلى تل أبيب، وكان أندرسون قلقاً جداً في شأن الاقتراح، الذي سمعه من دالاس، بأن يشير وزير الخارجية البريطاني إلى هذه المفاوضات، أو يظهر معرفته بها في أثناء وجوده بالقاهرة".
ويشدد المحضر على أن عبدالناصر "كان يصر على أقصى درجات السرية في شأن المحادثات، ولم يكتب ناصر ملاحظة واحدة، وجرى إبلاغ مصريين اثنين فقط بأن المحادثات جارية، وهما علي صبري والعقيد زكريا محيي الدين، وكان قد رفض حضور أي شخص آخر، وحين طُرحت بعض الأسئلة لم يكن عبدالناصر على علم بها، وهذا الأمر أعاق المناقشات إلى حد ما".
الجزء الثالث 1.jpg

مصريان اثنان فقط كانا علم بأن هناك محادثات جارية وهما علي صبري وزكريا محيي الدين (الأرشيف البريطاني)

ويلفت المحضر مجدداً إلى عبدالناصر كان لديه "خوف مرضي من الاغتيال، كان مصير الملك عبدالله (عبد الله الأول) في كثير من الأحيان على لسانه، وأخبره أندرسون أنه لا أحد في الولايات المتحدة باستثناء دالاس والرئيس كان على علم بما كان يحدث، وكان متأكداً تقريباً من أنه إذا أدرك عبدالناصر أن المعلومة قد انتشرت على نطاق أوسع، فسيلغي الأمر برمته ويرفض رؤية أندرسون مرة أخرى، ولذلك طلب مني أن أوصل رسالة عاجلة إلى وزير الخارجية بألا يكشف عن أي علم له بالمحادثات سواء في القاهرة أو تل أبيب، سألت عما إذا كان هناك سرية مماثلة من الجانب الإسرائيلي، وقال أندرسون إنه كانت هناك محادثات مع بن غوريون، شاريت واثنين آخرين فقط (موشيه شاريت ثاني رئيس وزراء لإسرائيل)".
231-1.jpg

لم يخبر عبد الناصر أحداً بالمحادثات سوى علي صبري وزكريا محيي الدين (مكتبة الإسكندرية)

ويضيف محضر المحادثات إلى أنه "نظراً إلى أن عبدالناصر قد دعا سلوين لويد وزير الخارجية البريطاني إلى إجراء محادثات خاصة، فقد كان هناك احتمال كبير لسوء الفهم والإحراج ما لم تكن وجهتا نظرنا متوافقتين تماماً، ولذلك طلبت من أندرسون أن يعطيني تقديره للموقف الحالي والخط الذي كان يتبعه في محادثة مع كلا الجانبين".
عبدالناصر يخشى الغدر والابتزاز الإسرائيلي
وحول ما دار من الجانب الأميركي لمحاولة التوافق بين الطرفين يقول المحضر، إن عبدالناصر كان "مستعداً لذكر شروطه من خلال وسيط إذا فعل الإسرائيليون الشيء نفسه، فقد رفض الإسرائيليون رفضاً قاطعاً قبول هذا الإجراء، وكان بن غوريون على استعداد تام للقاء عبدالناصر، لكنه لم يذكر شروطه إلا في مثل هذا الاجتماع. يبدو أن الإسرائيليين لديهم ثقة كبيرة في قدرتهم التفاوضية وذكائهم المتفوق، ولن يعتمدوا على أي شخص آخر".
الجزء الثالث 2.jpg

عبد الناصر يخشى الغدر والابتزاز الإسرائيلي في حال اجتمع مع بن غوريون دون شروط (الأرشيف البريطاني)

وتأسيساً على الموقف الإسرائيلي فقد "كان ناصر يحجم أيضاً عن ذكر شروطه بالتفصيل، ويرجع ذلك لحد كبير إلى أنه كان خائفاً على حياته إذا عرف أنه على استعداد للتفاوض، وكان أيضاً مرعوباً من الابتزاز ولذلك كان هدف أندرسون هو إقناع عبدالناصر أولاً بأن التسوية ضرورية للمصلحة المصرية الكبرى، ثم حمله على الموافقة على عقد اجتماع مع بن غوريون، وقال إنه قد يكون حاضراً في مثل هذا الاجتماع كنوع من الحكم".
وفي محضر المحادثات يفنّد أندرسون الصعوبات الرئيسة في التحدث إلى عبدالناصر، "حساسيته القوية جداً تجاه ’حلف بغداد‘ الذي اعتبره محاولة لعزل مصر، وفصلها عن أصدقائها العرب، وإحباط تطلعاته الخاصة لقيادة العالم العربي، وكان خط أندرسون في هذا الأمر على النحو التالي، وبدأ ’حلف بغداد‘ في وقت كانت فيه القوى الغربية تشعر بقلق عميق إزاء النيات والتهديدات السوفياتية، ومن الضروري أن تكون هناك استمرارية للدفاع على طول الحدود الشرقية لتركيا والعراق وإيران، وكانت الدول الثلاث إما متاخمة للاتحاد السوفياتي أو قريبة جداً منه، وكان لا بد من وجود المشروع، بل كان من الضروري أن تسعى تلك الدول إلى حماية نفسها من خلال الجهد التعاوني والتخطيط، ولم تكن هذه الترتيبات تتعارض مع ترتيبات الدفاع والتعاون بين الدول العربية الأخرى، وبقليل من حسن النية ينبغي أن يكون من الممكن تماماً التوفيق بين الاثنين".
قلق غربي تجاه العلاقات المصرية - السوفياتية
الأمر الثاني الذي يشير إليه محضر المحادثات أن أندرسون حاول إقناع عبدالناصر بـ "ضرورة خلق مناخ يمكن فيه مناقشة التسوية، ولا يمكن القيام بذلك طالما كان هناك إطلاق نار عبر الخطوط وتصريحات استفزازية من كلا الجانبين، وطالما أن الخلافات بين الدول العربية الأخرى، بخاصة سوريا والأردن مع إسرائيل، قد احتدمت بسبب التركيز على مشكلة اللاجئين وما إلى ذلك، وقد أثار ذلك الكراهية وفاقم الخلافات".
وثالثاً، وفق المحادثات، "كان أندرسون يتخذ موقفاً مفاده أن العالم الحر له حق مشروع في القلق في شأن صفقة الأسلحة التي أبرمها عبدالناصر مع الاتحاد السوفياتي، قادهم ذلك إلى التساؤل عما إذا كان يريد حقاً تحسين أوضاع شعبه. وكان أندرسون قد ناقش ناصر بقوة حول سياسته في هذا الصدد، وكان قد أشار إلى أن حجم مخطط سد أسوان في الاقتصاد المصري كبير جداً، وكان الأمر كما لو أن الولايات المتحدة قد أخذت مشاريع التنمية التي جرى تمويلها على مدى 20 عاماً، وحاولت القيام بها في عام واحد، وفي ظل هذه الظروف لم يكن من غير المعقول الاستفسار عن كيفية التوفيق بين رغبته في تحسين مصير شعبه من خلال مشروع من هذا النوع، وفي الوقت نفسه شراء الأسلحة والمخاطرة بحرب مع جيرانه".
الجزء الثالث 3.jpg

المبعوث الأميركي عبّر عن القلق الغربي تجاه العلاقات المصرية - السوفياتية (الأرشيف البريطاني)

واعتقد أندرسون أن عبدالناصر "بدا صادقاً في رغبته في تحسين ظروف الشعب المصري، وقد قدم قدراً كبيراً من المشاريع للمدارس والمراكز المجتمعية التي شرع فيها، ولذلك أكد أندرسون أنه بما أن مصر لا تستطيع بناء السدود والقتال فإن التسوية السلمية مع الإسرائيليين ضرورية إذا أراد تحقيق طموحاته لشعبه. (يتضح مما قاله السيد أندرسون أنه قضى وقتاً طويلاً في محاولة كسب ثقة عبدالناصر في حكمه على هذه المسائل، وأعطاني عدداً من الأمثلة على نوع أوجه التشابه التي كان يرسمها مع الظروف في البلدان الأخرى، على سبيل المثال كيف ارتقى الرئيس رامون ماجسايساي بالفيليبين وحافظ على زعامتها من خلال خططه للتحسين الاجتماعي والاقتصادي)".
275-9.jpg

حاولت واشنطن إقناع عبدالناصر بأن السياسة السوفياتية مبنية على استغلال الفوضى والاضطرابات (مكتبة الإسكندرية)

وبحسب محضر المحادثات فإن أندرسون قضى "بعض الوقت في محاولة إقناع عبدالناصر بأن السياسة السوفياتية كانت مبنية على استغلال الفوضى والاضطرابات في العالم، وأن الوضع الحالي في الشرق الأوسط يمنحهم فرصة كبيرة، وكان الإنجاز العظيم لعبدالناصر هو التحرر من النفوذ الأجنبي الذي كسبه لشعبه، لكن إذا لعب مع السوفيات فإنه سيخاطر بهذا الإنجاز، لأن السياسة السوفياتية إمبريالية في الأساس، وستعيد الأغلال الإمبريالية إلى مصر كما فعلت في البلدان الأخرى".
اختلاف في النهج بين العرب وإسرائيل
ومن القاهرة إلى تل أبيب يشير محضر المحادثات إلى الهدف الأول لأندرسون "هو إقناع الإسرائيليين بعدم القيام بأمور مثيرة من شأنها أن تجعل التسوية مستحيلة، مثل الغارات الانتقامية والحفر وأشكال أخرى من الأعمال الاستفزازية، ولقد أكد أنه بقوله هذا لم يكن يحاول التدخل في وظائف الجنرال بيرنز (أول قائد لقوات حفظ السلام)، وكان هدفه جعل الإسرائيليين يفكرون من منظور بعيد المدى في المصالح العليا لبلدهم، وتأكيد أنهم إذا أرادوا الوجود كدولة صغيرة محاطة بدول عربية فلا بد من أن تزداد من حيث عدد السكان والموارد، فيجب عليهم تهيئة الظروف وإبرام الترتيبات التي من شأنها أن تجعلهم جيراناً مقبولين".
الجزء الثالث 4.jpg

المبعوث الأميركي: يجب على الإسرائيليين تهيئة الظروف وإبرام ترتيبات من شأنها أن تجعلهم جيرانا مقبولين (الأرشيف البريطاني)

ويوضح أندرسون أنه في سعيه إلى إقناع العرب والإسرائيليين بعدم القيام بأشياء معينة، "وجد في كثير من الأحيان اختلافاً في النهج بينهما، وبدا أن الإسرائيليين ينظرون إلى كل رصاصة تطلق عبر الحدود على أنها حادثة، في حين أن العرب لم يهتموا كثيراً بالطلقات وأعمال العنف الصغيرة، لكن بشكل أساس من حيث الغزوات المنظمة مثل قطاع غزة، ولذلك كان مهتماً بمحاولة إقناع عبدالناصر بالحاجة إلى وقف إطلاق النار من أجل قواته، والشيء المؤسف هو أن الإسرائيليين كانوا أفضل انضباطاً بكثير من العرب".
AFP__20160117__SAPA990129176210__v5__Preview__BioKingSaudIbnAbdAlAzizRoiSaoudIbnAbdu.jpg

الملك سعود بن عبد العزيز والرئيس جمال عبد الناصر يجتمعان في مارس 1956 في قصر القبة بالقاهرة (أ ف ب)

وفي هذه المرحلة اضطر أندرسون إلى المغادرة إلى كندا، لكنه قال إنه "أوضح النقاط التي كانت تدور في ذهنه، لكنه كرر الأهمية التي يوليها لتعديل عداء عبدالناصر العاطفي لحلف بغداد وأعرب عن أمله في أن يتمكن وزير الخارجية من المساعدة في ذلك".
فشلت المهمة الأميركية في التسوية
وفي النهاية أظهر التقرير الكامل لزيارة المبعوث إلى القاهرة "أنها لم تنجح، وقال ناصر إنه لا يمكن أن يقبل فكرة إجراء محادثات مباشرة سواء مع حكومة إسرائيل أو حتى مع يهودي أميركي يتصرف نيابة عنها، وقال إنه لن يعارض مواصلة المحادثات من خلال وسيط بينه وبين حكومة إسرائيل، لكن موقفه سلبي تماماً من جميع النواحي الأخرى، في حين أنه قبل أن يتشدق على الأقل بفكرة البحث عن حل لمشكلة فلسطين، في المناسبة لم يفعل ذلك، ولم يشر إلى أنه يجب أن يرى المبعوث مرة أخرى، وبناء على ذلك لن يعود المبعوث مرة أخرى إلى القاهرة، وهو يسافر إلى تل أبيب عبر أثينا اليوم لرؤية بن غوريون، ويجري إرسال تعليمات إليه بأن يناقش الأمور مع بن غوريون بطريقة لا يمكن لأي طرف من الجانبين أن ينسب الانهيار إلى الطرف الآخر".
الجزء الثالث 5.jpg

عبد الناصر كان يسعى إلى الاتفاق مع الملك سعود لاستيراد أسلحة من الولايات المتحدة لمصر (الأرشيف البريطاني)

ويختم محضر المحادثات بأن موقف عبدالناصر الجديد "يؤيد تقارير أخرى تفيد بأنه يسعى إلى عقد اتفاق مع الملك سعود بن عبدالعزيز تستورد بموجبه السعودية أسلحة من الولايات المتحدة وأسلحة الستار الحديدي لمصر، وبأخذ كل هذه التقارير معاً فإنهم يشعرون أنه من غير المعقول بناء أي آمال أخرى على عبدالناصر، وبناء على ذلك فهناك شعور متزايد بأن الولايات المتحدة يجب أن تلتزم الآن بالاتفاق مع بريطانيا و ’حلف بغداد‘، وأن تقدم له دعماً قوياً، وبالطبع هذه معلومات حساسة للغاية ويجب عدم الكشف عنها تحت أي ظرف من الظروف".
 

المواضيع هكذا يصعب قرائتها أخي ،حاول أن تكتب فقراة صغيرة أو رؤس أقلام وبخط كبير وهايلايت ،وشكرا على الموضوع
 
عبد الناصر كان يسعى إلى الاتفاق مع الملك سعود لاستيراد أسلحة من الولايات المتحدة لمصر (الأرشيف البريطاني)
ويختم محضر المحادثات بأن موقف عبدالناصر الجديد "يؤيد تقارير أخرى تفيد بأنه يسعى إلى عقد اتفاق مع الملك سعود بن عبدالعزيز تستورد بموجبه السعودية أسلحة من الولايات المتحدة وأسلحة الستار الحديدي لمصر، وبأخذ كل هذه التقارير معاً فإنهم يشعرون أنه من غير المعقول بناء أي آمال أخرى على عبدالناصر

من أفشل واغرب رؤوساء مصر يهاجم السعوديين علنًا ويطلب منهم الدعم سرًا
 

من أفشل واغرب رؤوساء مصر يهاجم السعوديين علنًا ويطلب منهم الدعم سرًا

السعودية نفسها كفرت عبد الناصر و كانت تدعم الاخوان المسلمين في الصحف السعودية

لكن انا متفق انه دخل نفسة و البلد في معارك بلا قيمة
 
ناصر يطلب تعزيز أهدافه للوحدة العربية

واعتقد أندرسون أن عبدالناصر "بدا صادقاً في رغبته في تحسين ظروف الشعب المصري، وقد قدم قدراً كبيراً من المشاريع للمدارس والمراكز المجتمعية التي شرع فيها، ولذلك أكد أندرسون أنه بما أن مصر لا تستطيع بناء السدود والقتال فإن التسوية السلمية مع الإسرائيليين ضرورية إذا أراد تحقيق طموحاته لشعبه

زي ماقولنا لو كان ترك وهم العروبة و اعترف بإسرائيل لانفتحت لمصر ابواب المجد و لم يحدث لها ماحدث و لما دخلنا حروب عبثية مع إسرائيل و في اليمن و اماكن اخري

شئ اخر انه اثبت انه ذكي و عارف لو حد شارك في الاتفاقيات هيتم اغتياله.. و هو ماحدث لانور السادات.. حتي اسحاق رابين تم اغتيالة بسبب اتفاقية اوسلو
 
الضرب في الميت حرام، لذا سأكتفي بالفرجة هذه المرة ::Lamo::

بس اية رأيك الوثائق تثبت انه كان قومي عربي و انه لو قبل السلام كان هياخد دعم رهيب... يعني إثبات لغباء في القومية العربية و الصراع مع إسرائيل

تقريبا انت اكثر واحد تؤدب من يفكر في الحرب مع إسرائيل حتي لا تكررها اي دولة عربية ❤️ و علمتنا ان الخير كان هيجي او لم ندخل كل هذا العبث و ان إسرائيل بلد سلام ❤️و ليس كما كذبتم
 
عودة
أعلى