هجوم مقاطعة خاركييف والأهداف والاستراتيجيات الروسية
الجميع كان ينتظر أن تقوم روسيا بعملية مميزة أو جديدة قبل عيد النصر الروسي، إلا ان الحدث حدث بعد إعادة انتحاب بوتين وعيد النصر الروسي! وكانت الرسالة الروسية تقول أن روسيا سوف تعود لقوتها من جديد، ولكن ليس كإمبراطورية سوفيتية، وإنما كروسيا العظمى القيصرية التحالفية، وعزز هذا الهدف المنشود، التقارب الجديد بين روسيا والصين بعد الانتخابات الروسية!
فقد بدء الهجوم الروسي البري تجاه مقاطعة خاركييف من الأراضي الروسية، بعد عيد النصر الروسي، بوحدات عالية الخبرة والاحترافية القتالية والتجهيزات الفردية، وهذه الطلائع الاستطلاعية القتالية الراجلة كانت تضم بالبداية مجموعات من قوات المهام الخاصة الروسية سبتسناز BRU التابعة للمخابرات العسكرية الروسية GRU المتخصصة بعمليات الاستطلاع المسلح، التسللي وبالقوة النارية، وتم ذلك بمساندة مجموعات اقتحام راجلة محترفة، وكان قوامها القتالي على أربع محاور أو رؤوس جسور قتالية، من أربعة إلى خمسة كتائب قتالية.
عزز التقدم السريع لهذه الوحدات القتالية التي لم يكن عددها يتجاوز في بداية الأمر 5000 محارب نيران الدعم الأرضي الدقيق والكثيف والمركز بالمدفعية وراجمات الصواريخ والصواريخ التكتيكية الموجهة والتي كان أكثرها من فئة صواريخ فورت المعدلة لتنفيذ المهام الأرضية بعد أن كانت خاصة بالدفاع الجوي في الحقبة السوفيتية، بالإضافة لصواريخ كيم إسكندر الكورية، وعلى الصعيد الجوي كان الاستخدام الأكبر لقنابل فاب المعدلة الانزلاقية المتخصصة بالضربات الجراحية UMPK.
وهو ما أربك الدفاعات الأوكرانية وخلق الهلع فيها , وسرعة التقهقر، مما سرع تقدم الطلائع الروسية، والتي عُززت بشكل غير مسبوق بالدرونات الفردية المتعددة المهام التي تحملت الجزء الأكبر من توجيه وإدارة النيران الأرضية المباعدة والجوية.
وهذا الهجوم وفق الروس هو هجوم مطور عن هجوم أفيديفكا الذي يعتمد على المجموعات الصغيرة الراجلة بطريقة تصاعدية التكديس القتالي، بعد إزالة الكثير من العوائق والأخطار والكمائن الدفاعية ولكن كما أسلفنا أسياد الموقف القتالي بالدرجة الأولى هم المشاة الاقتحامية وفق تكتيك مقارب لمجموعات المستكشفين الأمريكية "باثفايندرز" من خلال إدارة النيران الخارجية الممهدة والداعمة أثناء تطور العملية الهجومية.
فاليوم تصاعد عدد المهاجمين من المجموعات الراجلة حتى خمسة ألوية أي نحو 30 ألف محارب من القوات الخاصة والاقتحامية ومشاة البنادق الآلية، كما عزز هذا الهجوم بفوجين من أفواج القوات المدرعة الروسية.
إلا أن تصريح بوتين بأن هذه العملية العسكرية الجديدة تجاه مقاطعة خاركييف لا تهدف إلى الاستلاء على مدينة خاركييف! إنما لتشكيل منطقة آمنة وعازلة لمنع الهجمات ضد الأرضي الروسية!
لذلك إذا اخذنا بكلام بوتين على محمل الجد، فنجد هذه القوات إما الغرض من تحريكها هو توسيع جبهة القتال الروسية الأوكرانية بعد ضعف عموم الجبهة الأوكرانية، وتوزيع عليها كامل قوات الاحتياط الدفاعية! لأن الأوكران سحبوا قوات دفاع احتياطية أوكرانية من غرب خيرسون وأوديسا، لسد ثغرات الدفاع الأوكرانية في مقاطعة خاركييف وسومي التي تحركت تجاهها فرقة مجوقله روسية قوامها 12 ألف محارب!
أو أن الغاية من هذا الهجوم المحدود هو تضليل الأوكران عن محور أو محاور الهجوم العامة الرئيسية.
وهو ما يخلق حالة من الظن أن هدف الهجوم الروسي الجديد هو خيرسون وأوديسا!
واليوم أمريكا تسعى لمجاراة التفوق الروسي الميداني والتسليحي والتكتيكي، بعد ظهور تفوق ملموس في مجال الدرونات لدا الروس، من خلال قوة التشويش ضد المسيرات الأوكرانية والقدرة على تحديد مجموعات التحكم الأوكرانية لتلك الدرونات وتحيدها.
وذلك من خلال توفير نقاط التفوق الأخرى الروسية وهي الصواريخ التكتيكية التي تطلق من قواعد أرضية، مثل صواريخ فورت المضاد للجو الذي عدل لتنفيذ مهام أرضية، وصاروخ إسكندر كيم الكوري الشمالي بعد أن تناقص مخزون صواريخ إسكندر ام لأنه على ما يبدو روسيا بدأت بإنتاج النماذج الموسعة المدى من أجل مواجهة الناتو!
وتقطه التفوق الثانية تكمن في بالقنابل الجوية الانزلاقية UMPK "الوحدة الموحدة للانزلاق والتوجيه" المعدلة عن قنابل فاب FAB العمياء الروسية، بكلفة تعديل لا تتجاوز 25 ألف دولار!
يجعلها ذكية ودقيقة لا يتجاوز خطأها الدائري 5 أمتار ومدى يصل إلى 70 كم عن الهدف بدل 5 كم، وحتى مدى 120 كم من خلال إضافة قوة دفعية.
وبناءاً عليه زودت أمريكا أوكرانيا بصواريخ أتاكمس التكتيكية التي تطلقها راجمات هيمارس، وربما قريباً مقاتلة ف 16 المعززة بصواريخ السيطرة الجوية أمرام سي حتى مدى 120 كم وقنابل جيدام الموسعة المدى المجنحة الانزلاقية لأكثر من مدى 70 كم.
ولكن الخطر الغائب الذي قد يحدث في المستقبل القريب، هو المناورة النووية الغير استراتيجية ضد الجبهة الأوكرانية، بصواريخ عائلة إسكندر الروسية البالستية والجوالة، إضافة لصواريخ كينجال الفرط صوتية الجوية، والتي تم تنفيذ المرحلة الأولى منها من خلال نشر وإعداد منصات الإطلاق الأرضية والجوية.
خاصة أنها غير مزودة بحقيقة الأمر برؤوس نووية تكتيكية! وإنما برؤوس خاصة بديلة وفق التعبيرات الروسية!
ولا ننسى أن روسيا بدأت حربها مع الأوكران بمناورات حدودية!
فهذا الإجراء التصعيدي الغير مسبوق بتقديري هو صمام الأمان الروسي، إما لمنع التصعيد الغربي ضد روسيا بالوكالة في أوكرانيا، ودفع الناتو للتفاوض الذي يرضي كل الأطراف، أو بأسواء الأحوال إنهاء هذه الحرب بوقت قياسي برؤوس ردع فائقة التأثير والتدمير، ببدائل تعمل عمل السلاح النووي.
أو أن هذه الخطوة الروسية الخطيرة هي لردع استخدام صواريخ أتاكمس التي يبلغ مداها 300 كم وبسرعة فوق صوتية، ضد الأراضي الروسية، حيث بنك الأهداف الروسية الكبيرة الداعمة نارياً ولوجستياً وبالموارد البشرية للجبهة الروسية الأمامية، أو وسيلة لردع إيجاد مقاتلات ف 16 الأمريكية.
وقد نتسدل على ذلك بالتلكؤ الأمريكي بالسماح بهذا الاستخدام الخطير لتلك الصواريخ ضد أهداف ضمن الأراضي الروسية، والابطاء بعملية الإرسال لمقاتلات ف 16 الأمريكية، والتي اعتبرها الروس من الأسلحة الحاملة للقنابل النووية!