**في العام الماضي، قبل أقل من شهر من هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر الذي غيّر كل شيء، كانت إسرائيل والمملكة العربية السعودية تتفاوضان على اتفاق لتطبيع العلاقات. وبعد عقود من العلاقات الباردة، كان ثمن السلام: بالإضافة إلى الضمانات الأمنية الأمريكية والتنازلات الإسرائيليةبشأن السيادة الفلسطينية، كان المفاوضون السعوديون يطالبون بالحصول على التكنولوجيا النووية المدنية.
**بينما تفكر الولايات المتحدة في كيفية تعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط، سواء أثناء الحرب في غزة أو بعدها، فإن قضية البرنامج النووي السعودي سوف تلوح في الأفق بشكل كبير. إذا كانت واشنطن تأمل في تعليق جزرة التطبيع السعودي لتحفيز السياسة الإسرائيلية، فسوف تحتاج إلى النظر في مطالب الرياض بالتعاون النووي المدني وطلبات الدفاع - وهو تطور يمكن أن يغير بشكل كبير الصورة الأمنية الإقليمية، خاصة إذا كانت المملكة العربية السعودية ترغب في نهاية المطاف في امتلاك أسلحة نووية.
**في الوقت الحالي، سيشمل البرنامج النووي السعودي المقترح مفاعلات نووية مدنية تدار بموجب اتفاقية ضمانات شاملة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لكن الرياض أعربت تاريخياً عن عدم ارتياحها حتى تجاه تلك القيود القياسية، وغالباً ما تكون البرامج النووية السلمية هي الخطوة الأولى نحو الحصول على أسلحة نووية.
**رغم أن المملكة العربية السعودية لا تمتلك حتى الآن بنية تحتية نووية كبيرة خاصة بها، فإنها تقوم ببناء مفاعل أبحاث نووي صغير على مشارف الرياض وتبني صواريخ باليستية بمساعدة الصين.
**ربما تلتزم المملكة العربية السعودية بالتطوير النووي المدني في الوقت الحالي. ولكن نظراً للتهديد الذي يلوح في الأفق المتمثل في القنبلة النووية الإيرانية، فقد تميل إلى التحرك نحو التسلح النووي العسكري في المستقبل. ويجب على الولايات المتحدة أن تعمل على التخفيف من هذا الخطر.
** إنه خط صعب على واشنطن أن تلتزم به: التعاون بشكل أقل مما ينبغي، وقد تفقد الدعم السعودي للتطبيع مع إسرائيل وتتنازل عن نفوذها لخصوم مثل الصين؛ ومن خلال منح دعم غير مشروط لقدرات التخصيب النووي السعودية، يمكن للرياض اغتنام الفرصة لتطوير برنامج للأسلحة النووية في المستقبل. ولذلك يجب على واشنطن أن تقبل الطموحات النووية السلمية للمملكة العربية السعودية، ولكن تصر على اتخاذ تدابير قوية وأنظمة صارمة لاستباق الانتشار النووي السعودي - ومنع سباق التسلح الإقليمي.
**يمكن لبرنامج نووي مدني أن يسهل برنامج الأسلحة النووية من خلال منح المملكة العربية السعودية تقنيات مزدوجة الاستخدام مثل قضبان الوقود، ومرافق إعادة المعالجة، وتصميمات المفاعلات المتقدمة.
**من شأن المفاعلات وقدرات تخصيب اليورانيوم أن تزود المملكة بالبنية التحتية والقاعدة المعرفية اللازمة لتطوير قدراتها النووية من خلال تحويل المواد أو الخبرة نحو التطبيقات العسكرية. ويمكن للرياض بعد ذلك استخدام تقنيات التخصيب المتقدمة، مثل أجهزة الطرد المركزي الغازية، لإنتاج اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة.
**يمكن لعدد من العوامل أن تدفع المملكة العربية السعودية إلى السعي لامتلاك أسلحة نووية، بما في ذلك الرغبة في تعزيز الأمن القومي، وردع الخصوم المحتملين، وتعزيز نفوذها الجيوسياسي.
**الدافع الرئيسي من المرجح أن يأتي من جارة السعودية ومنافستها: إيران. وتقترب طهران، التي كان لديها برنامجها النووي المدني الخاص منذ الخمسينيات، من القدرة على صنع أسلحة نووية. قد تكون إيران قادرة على إنتاج ما يكفي من اليورانيوم المستخدم في تصنيع الأسلحة النووية في غضون أسابيع، على الرغم من أن الأمر قد يستغرق على الأرجح ستة أشهر أخرى على الأقل لتطوير سلاح قادر على ضرب هدف محدد.
** في الوقت الحالي، يبدو أن إيران قررت عدم اتخاذ الخطوة التالية وتسليح برنامجها النووي، لكن الإمكانات لا تزال قائمة - ويمكن أن تنمو وسط تصاعد التقلبات الإقليمية ومع تعزيز طهران علاقاتها مع قوة نووية رجعية أخرى، وهي روسيا.
**لم تتهرب المملكة العربية السعودية من توضيح نواياها النووية إذا سلكت إيران هذا الطريق النووي: فقد قا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إنه إذا نجحت إيران في تطوير سلاح نووي، فإن المملكة العربية السعودية أيضاً "سوف تفعل ذلك.. يجب أن تحصل على واحدة."
**سيكون جزء من الدافع وراء ذلك هو الخوف من أن تزيد جرأة إيران من دعمها للجماعات المسلحة مثل حزب الله والحوثيين وحماس، مع العلم أن السلاح النووي يمنحها بعض الحماية من الرد العسكري الأمريكي أو الإسرائيلي. وقد تستخدم إيران أيضًا القوة العسكرية ضد المملكة العربية السعودية أو إسرائيل أو أي أعداء آخرين بمفردها، مع العلم أن هناك حدودًا محتملة للتصعيد إذا عارضت الولايات المتحدة أو دول أخرى العدوان الإيراني.
**ستكون المملكة العربية السعودية مهتمة أيضاً بالسعي للحصول على أسلحة نووية لمضاهاة إيران، إيماناً منها بقيمة القنبلة النووية وسمعتها والرغبة في تعزيز موقعها وسلطتها في المنطقة.
المصدر