كيف يمكن فهم المجتمع الإسرائيلي الجديد؟

Think Tanks

عضو
إنضم
2 يناير 2024
المشاركات
1,418
التفاعل
2,584 47 4
الدولة
Egypt
Screenshot 2024-03-22 215355.jpg


أدت أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إلى شيوع حالة من التطرف داخل المجتمع الإسرائيلي. غالبية السكان اليهود رأوا في هجوم حماس تأكيدًا لصحة توقعات الجزء الأكثر تطرفًا من الطيف السياسي الإسرائيلي، الذي روج باستمرار لاستحالة السلام مع الفلسطينيين. وقد أثار ذلك الحدث حالة من الخوف، والبحث عن حلول سريعة وبسيطة، والمطالبة بالأمن الفوري، والتعطش إلى الانتقام. إذا تجنب الإسرائيليون في وقت سابق الحوار والتسوية السلمية، معتبرين أنهم في مركز قوة، وأن الوضع مستقر، وهناك حاجة إلى الحفاظ على “الوضع الراهن” أطول فترة ممكنة، فإن السلطات والمجتمع الإسرائيلي يخشيان الآن من إظهار الضعف.

وفي الوقت نفسه، لا ينبغي لنا أن نتجاهل حقيقة مفادها أن إسرائيل سوف تظل- عدة عقود أخرى- تشكل عاملًا مهمًا في سياسة الشرق الأوسط، حيث يتعين على الدول المجاورة أن تتفاعل معها بشأن قضايا معينة. ومن المهم أن نلاحظ هنا أن المجتمع الإسرائيلي، مثل كثير من البلدان الأخرى في المنطقة، يتكون من كثير من المجموعات الدينية والعرقية، وبعضها لهم تمثيلها في شكل أحزاب سياسية، أو منظمات دينية.

لقد أثبتت إسرائيل- مرارًا وتكرارًا- قدرتها على بناء علاقات مع الأقليات القومية والدينية في الدول المجاورة، سواء أكانوا شيعة أم دروزًا أم أكرادًا[1]. لكن من الممكن أن تُستخدم هذه السياسة ضد إسرائيل، من جانب الدول المجاورة، كما سبق أن استخدمتها ضدهم.

النخبة الأشكنازية من مركز السلطة إلى صدارة المعارضة

منذ نشأتها حتى نهاية السبعينيات، كانت السلطة في إسرائيل في أيدي اليهود المهاجرين من أوروبا الشرقية والأشكناز، من الناحيتين السياسية والاقتصادية. ومع أن إسرائيل دولة “ديمقراطية”، فإنها فعليًّا ظلت في تلك الفترة أشبه ما تكون بدولة الحزب الواحد، حيث هيمنت كتلة ماباي على العمل السياسي، وهيمنت جمعية الهستدروت النقابية على الاقتصاد، وكانت أيضًا أكبر جهة توظيف، وبدورهما هيمنا على الجيش[2].

لقد نشأت دولة إسرائيل نتيجة التطهير العرقي، المسمى فلسطينيًّا بـ”النكبة”، والتوسعات الخارجية عبر الحرب مع الدول المجاورة؛ لذلك بدا استخدام العنف أداةً رئيسةً للسياسة الخارجية أمرًا طبيعيًا تمامًا “للأرستقراطية” الأشكنازية الحاكمة. قال وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان في عام 1955: “إن (الحروب مع الدول المجاورة) هي أصل حياتنا، فبدونها لن نكون شعبًا محاربًا، وبدون تكريس عقيدة الشعب المحارب داخل نفوس أبنائنا سنضيع”. في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات من القرن الماضي، حاولت حكومتا سوريا ومصر التوصل من خلال المفاوضات إلى حل يؤدي إلى توقيع السلام، لكن الدوائر الحاكمة في إسرائيل لم تكن مستعدة لتقديم أي تنازلات؛ السلام المنفرد فقط مع كل دولة عربية على حدة، وبالتحديد مصر مقابل السلام، دون عودة لأي أراضٍ فلسطينية[3].

إن الأحداث الدرامية التي شهدتها حرب السادس من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973، عندما كانت إسرائيل على شفا الهزيمة العسكرية، أجبرت جزءًا من المؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية على إعادة التفكير في وجهات نظرها، حيث أدرك بعض الوزراء وخبراء السياسة والجنرالات أنه من المستحيل لإسرائيل الاعتماد إلى ما لا نهاية على القدرة العسكرية، وأنه قد حان الوقت للتفكير في إقامة حدود معترف بها دوليًّا مع جيرانها، والاندماج التدريجي في منطقة الشرق الأوسط، وأدى ذلك إلى توقيع معاهدة كامب ديفيد للسلام عام 1979، وبدء عملية أوسلو للسلام عام 1993.

في الوقت نفسه، بعد حرب يوم الغفران، كما تسمى إسرائيليًّا، بدأ النفوذ السياسي للنخبة الأشكنازية يضعف. وفي عام 1979، فازت كتلة حيروت اليمينية (الليكود لاحقًا) في الانتخابات للمرة الأولى. ومنذ أوائل التسعينيات، وضع حزب العمل نفسه بوصفه الداعم الرئيس لعملية السلام مع الفلسطينيين والدول العربية المجاورة؛ ومن ثم فقد شكل فشل اتفاقيات أوسلو كارثة للنخبة الأشكنازية. بحلول بداية عام 2020، اختفى الحزبان الليبراليان الرئيسان، العمل وميرتس، فعليًّا من المشهد السياسي في البلاد، وذهب معظم ناخبيهما إلى أحزاب يمين الوسط، مثل حزب “يش عتيد” (هناك مستقبل)، وحزب “هاماهاني- هاماملاختي” (معسكر الدولة)، وغيرهما[4].

يضاف إلى ذلك أن النخب القديمة في إسرائيل تفقد أهميتها باطّراد، ليس فقط على المستوى السياسي، بل أيضًا على المستوى الديموغرافي. عدد الأطفال في الأسر اليهودية الأشكنازية أقل بكثير منه في قطاعات أخرى من المجتمع الإسرائيلي. يهاجر كثير من الأشخاص من العائلات الإسرائيلية “المؤسسة” إلى الخارج، متجهين إلى الولايات المتحدة، أو أوروبا، للحصول على جنسية مزدوجة.

في هذه الأثناء، تستمر العشائر الأشكنازية القديمة في الاحتفاظ بمواقعها في عدد من المجالات الرئيسة للحياة الإسرائيلية: “في الاقتصاد، ووسائل الإعلام، وفي النظام القانوني”. في الفترة من عام 2021 إلى عام 2023، نظموا حركة احتجاجية قوية ضد رئيس الوزراء الحالي للبلاد، بنيامين نتنياهو، وإصلاحه القضائي المخطط له[5]. وفقًا للصحافة الأمريكية والإسرائيلية، فإن عددًا من كبار ضباط المخابرات الإسرائيلية، ورئيس الوزراء السابق من حزب العمل، إيهود باراك، كذلك، هم الذين نسّقوا تحركات المتظاهرين [6].

إن تشكيل حكومة ائتلافية بعد أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) لم يؤدِّ إلى إنهاء المواجهة في القيادة الإسرائيلية. وعلى الرغم من حصول زعماء المعارضة على حقائب وزارية، فإن أنصارهم يواصلون تنظيم الاحتجاجات تحت شعار إطلاق سراح الرهائن. بالإضافة إلى ذلك، في 2 مارس (آذار)، توجه عضو مجلس وزراء الحرب، بيني غانتس، إلى واشنطن، للقاء موظفي البيت الأبيض، وهو ما أثار غضب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. في الواقع، كان الأمر مسألة دبلوماسية خاصة لم يُتًّفَق عليها مع رئيس الحكومة[7]. ومع ذلك، لا يملك نتنياهو أدوات حقيقية لضمان هيمنته على الحكومة، وتحركات أعضائها.

تتمتع حكومات الدول العربية المجاورة بخبرة كبيرة في التعامل مع النخب الإسرائيلية القديمة، ولكن ينبغي أخذ نقطتين مهمتين في الحسبان فيما يتعلق بها؛ أولًا: نفوذ النخب الأشكنازية القديمة في إسرائيل آخذ في الضعف، وعلى الرغم من بعض النجاحات التكتيكية، فإنه سيتلاشى حتمًا في غضون بضعة عقود قليلة لأسباب ديموغرافية بحتة. ثانيًا: اعتماد هذه المجموعة السياسية- اعتمادًا كبيرًا- على الدعم من واشنطن، وفي المقام الأول، من الحزب الديمقراطي. فمن ناحية، يوفر ذلك آليات ضغط إضافية في المفاوضات، ومن ناحية أخرى، فإنه يعقد دون داعٍ عملية التوصل إلى الاتفاقات، ويربطها بموقف الولايات المتحدة.

الليكود.. حزب “الشعب الجديد“

على الرغم من تصوير الليكود في كثير من الأحيان خارج إسرائيل على أنه حزب المتشددين، فإن التاريخ زاخر بالحالات التي كانت فيها قيادة يمين الوسط أكثر انفتاحًا على التسوية من اليسار الإسرائيلي. على سبيل المثال. في عهد مناحيم بيغن، وُقِّعَت معاهدة السلام المصرية- الإسرائيلية في كامب ديفيد. كما أن أرييل شارون، على الرغم من سمعته بوصفه من الصقور، سَحَب المستوطنات الإسرائيلية من قطاع غزة في عام 2005، وسعى بنيامين نتنياهو- لفترة طويلة- إلى إبرام معاهدة سلام مع عدد من الدول العربية. الليكود هو حزب أصحاب “البازارات” الإسرائيلية، بقيادة متلاعبين أذكياء، وعديمي المبادئ، وفاسدين.

تاريخيًّا، انبثق الليكود من الجناح التحريفي للصهيونية، الذي أعلن- حتى منتصف القرن العشرين- إنشاء “إسرائيل العظمى على ضفتي نهر الأردن”، أو وفق شعار حركة بيتار الشبابية الصهيونية، التي أسسها فلاديمير جابوتنسكي، في لاتفيا: (שתי גדות לירדן, זו שלנו וזו גם כן) “للنهر ضفتان، هذه لنا، وتلك أيضًا”. ومع ذلك، عندما وصل اليمين الإسرائيلي إلى السلطة، كان من الواضح أن التوسع الإسرائيلي قد وصل إلى حدود قدراته القصوى، وبات الحديث محصورًا فقط في الاحتفاظ بالأراضي القائمة. وفي هذا السياق، أبدى الليكود استعداده للتفاوض مع العالم العربي والإسلامي، بشرط حرية التصرف الكاملة في الأراضي الفلسطينية.

ينبغي أن نضيف إلى ذلك أن معظم نشطاء الليكود هم أشخاص بعيدون عن التعصب الأيديولوجي والسياسي. وهم ينظرون إلى السياسة على أنها أقصر طريق للثراء، سواء لشخوصهم، أو لعشائرهم. وفي عام 2002، سُجِّلَت محادثة بين سارة نتنياهو، زوجة رئيس الوزراء الحالي، والناشط في حزب الليكود شيمون درعي، وذكرت السيدة نتنياهو على وجه الخصوص أن: “بيبي هو زعيم أكبر من أن يتحمله هذا البلد، إنه حقًا زعيم وطني. الجميع في هذا البلد يريد أن يطعنها حتى الموت ويحرقها! حسنًا، حسنًا، لماذا عليه أن يبذل قصارى جهده، في حين يبحث الجميع عن مصالحهم في الخارج؟ دع هذا البلد يحترق”[8]. من هذه البيئة جاء غونين سيغيف، وزير البنية التحتية السابق في إسرائيل، الذي اتُّهم في البداية بتهريب المخدرات، ثم حُكم عليه بالسجن 11 عامًا بتهمة التجسس لصالح إيران[9].

الآن، “الليكود” هو حزب “الشعب الجديد”، حزب الأثرياء الجدد، أناس من الطبقات الدنيا الذين يريدون طرد العائلات الأشكنازية القديمة. وفي الوقت نفسه، هم أدنى من النخبة الأشكنازية القديمة في التعليم والمستوى الثقافي العام. ليس من المستغرب أن الليكود اليوم هو حزب رجل قوي واحد مُهيمن عليه مثل بنيامين نتنياهو، الذي يتفوق على زملائه أعضاء الحزب الآخرين، ويتلاعب بهم بسهولة، لكن المشكلة الخطيرة التي يواجهها يمين الوسط هي أنهم يتعرضون باستمرار لضغوط من اليمين المتطرف، الذي يؤثر في ناخبيهم، ويطالبهم بخطوات أكثر راديكالية. وتجدر الإشارة إلى أنه بدون أشخاص مثل بتسلئيل سموتريش، وإيتمار بن غفير، سيكون من الصعب جدًّا على الوسطيين تشكيل ائتلاف حاكم.

اليهود الشرقيون.. جسر مفقود مع الشرق

في أوائل شهر مارس (آذار)، قال كبير حاخامات السفارديم في إسرائيل، يتسحاق يوسف، نجل الحاخام الشهير عوفاديا يوسف: “إذا أجبرت الحكومة اليهود المتدينين على الانضمام إلى الجيش، فسوف ينتقلون جميعًا إلى الخارج؛ لأن كل هؤلاء العلمانيين لا يفهمون أنه بدون المعاهد والمدارس الدينية، لم يكن الجيش ليحقق انتصاراته”[10].

وربما يكون لدى الإسرائيليين العلمانيين، بمراقبة القتال الدائر في قطاع غزة، وعلى الحدود اللبنانية، بعض الأسباب للشك في فعالية صلوات طلاب المدارس الدينية. ولكن على أي حال، نحن نتحدث عن مجموعة كبيرة من السكان الإسرائيليين، الذين تعدّ علاقتهم بالمؤسسة الإسرائيلية والأيديولوجية الصهيونية بعيدة كل البعد عن الوضوح.

كتب الصحفي الأمريكي الإسرائيلي مايكل دورفمان، في أوائل الثمانينيات، أنه التقى خلال خدمته في جيش الاحتلال الإسرائيلي باليهود الشرقيين الذين ناقشوا معه: “كيفية ذبح الأشكناز؛ لتخليص إسرائيل من شرهم، وإمكانية التصالح مع الفلسطينيين، الذين يتشاركون معهم لغة وثقافة وعادات وتقاليد مشتركة”. في الواقع، لم يكن للصهيونية في البداية انتشار كبير بين اليهود الشرقيين (المزراحيين)، وعلى مدى السنوات الثلاثين الأولى من وجود دولة إسرائيل، كانوا ضحايا التمييز الشديد. كانت الحركة السياسية الأولى لليهود الشرقيين، الفهود السود، تسترشد برابطة الأمريكيين السود التي تحمل الاسم نفسه، وتعاطفت مع الأفكار اليسارية المتطرفة. بعضهم، مثل: ” داني ساييل، وإيلا شوحط، وآفي شليم”، هاجروا من إسرائيل، واتخذوا موقفًا متطرفًا مناهضًا للصهيونية[11].

لقد مر وقت طويل منذ ذلك الحين، وفقدت أجيال جديدة من اليهود من الدول العربية الاتصال بوطنهم، ولغتهم، وثقافتهم الأم إلى حد كبير. ولعل الاستثناء الوحيد الملحوظ هو الجالية اليهودية المغربية، التي يزور أعضاؤها بلدهم بانتظام، ويشترون العقارات هناك، ويؤكدون هويتهم وجنسيتهم المغربية. هذه العلاقات وثيقة جدًّا إلى درجة أنه وفقًا لرئيس مجموعة العمل الوطنية المغربية من أجل فلسطين، عزيز الحناوي، بعد بدء العملية الإسرائيلية في قطاع غزة، رفع الناشطون المؤيدون للفلسطينيين دعوى قضائية ضد عدد من السياسيين والجنرالات الإسرائيليين الذين يحملون جوازات سفر مغربية في المحاكم المغربية[12].

كما أشرنا سابقًا، فقد غالبية اليهود من الدول العربية علاقتهم بوطنهم، وتحول كثير منهم إلى مواقف يمينية (بشكل أساسي نتيجة للتمييز ضد المزراحيين من جانب مؤسسة العمل الأشكنازية). في الوقت نفسه، يحتفظ بعض هؤلاء الأشخاص بجذورهم الثقافية، ويؤكدون عزلتهم، ولديهم كثير من المظالم المُحقة ضد دولة إسرائيل بشكلها الحالي، ويرونها مشروعًا “أشكنازيًّا”. فمن ناحية، يمكن لقادة حزب شاس، الذي يمثل اليوم اليهود السفارديم، أن يتحدثوا عن الفلسطينيين: “هؤلاء كلهم أناس أشرار، يجب محوهم من على وجه الأرض. وعلى الله أن يرسل لهم الوباء”، وفي الوقت نفسه يتفاوضون مع السياسيين الفلسطينيين، وينسقون مع الأحزاب العربية الإسرائيلية في بعض القضايا. على سبيل المثال، إفشال مبادرات الأحزاب العلمانية لتجنيد اليهود المتدينين في الجيش[13].

اليهود الأرثوذكس هم مستقبل إسرائيل

المجتمع اليهودي الأرثوذكسي هو مستقبل إسرائيل. ووفقًا للبروفيسور دان بن ديفيد، فإن: “المجتمع الأرثوذكسي المتطرف يضاعف حصته من سكان البلاد كل 25 عامًا”. على سبيل المثال، في إسرائيل، يشكل اليهود المتشددون 6 % فقط في الفئة العمرية من 50 إلى 54 عامًا، لكن حصة أحفادهم بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين (0 و4) سنوات أعلى بأربعة أضعاف، أي 26 %. تظهر الاتجاهات الديموغرافية الحالية أنه في غضون 24[14]. على أي دولة عربية، تسعى إلى بناء سياسة طويلة الأمد تجاه إسرائيل أن تأخذ هذه الحقيقة في الحسبان.

تاريخيًّا، لم يقبل اليهود الأرثوذكس أيديولوجية الصهيونية، التي اعتبروها في أفضل الأحوال هرطقة، وفي أسوئها محاولة لإجبار المؤمنين على التخلي عن أسلوب حياتهم التقليدي. ومع ذلك، بدءًا من أواخر الستينيات، دخلت كثير من المجتمعات اليهودية الأرثوذكسية في سلسلة من الصفقات والتسويات مع الدولة الصهيونية. يشارك اليهود الأرثوذكس في الانتخابات والائتلافات الحكومية؛ وذلك- في المقام الأول- لانتزاع أفضليات خاصة بمجتمعهم، مثل: “تمويل المؤسسات التعليمية الدينية، وبناء مناطق سكنية جديدة خاصة بمجتمع اليهود الأرثوذكس، والإعفاء من الخدمة العسكرية”، وما إلى ذلك، وأي انتهاك لهذا الوضع الراهن يؤدي إلى احتجاجات فورية، تتم تحت شعارات متطرفة مناهضة للصهيونية. وقد أكد زعماء اليهود المتدينين- مرارًا وتكرارًا- أنهم لو أُجبِروا على التخلي عن نمط حياتهم داخل إسرائيل، فإنهم على استعداد تام لأن يكونوا مواطنين مخلصين في أي دولة أخرى تضمن امتيازاتهم، ومكانتهم[15].


 
موضوع جيد,ثقافيا نلاجظ بوضوح الاستعانة باستيراد مكونات ثقافية عديدة (السافاردية كمثال) بالرغم من ان أغلبية ديمغرافية السافارديم لا تعيش ولم تعيش في اسرائيل الا أن بن غوريون استعان بالعبرانية السفاردية وجعلها اللغة الرسمية في الوثائق والمعاملات وهذا أثار في الخمسينات حفيظة الكثير من الأشكيناز بعد تهميش رسمي طال العبرانية بمتحورها الأشكينازي مثل لغة اليديش..اليوم عندما يودع اسرائيلي أخر لقول الى اللقاء يقول "ليهيت راؤوت" بينما في اليديش "زان يير بالد" ونلاحظ قربها الكبير من الألمانية و تحتوي أيضا على كلمات بالروسية والبولندية.
أما بخصوص الأرثوذوكس لا يمثل هؤلاء مستقبلا بالضرورة.
اليسار الصاعد هو الأمر المثير جدا للاهتمام , ويحمل عناصر تشكيكية كثيرة و يحمل الكثير من التفكير الهدمي للعناصر الرسمية في السردية الغالبة,مثلا منظمة we look the occupation in the eye وتوصل أعضاء المنظمة الى مشاركة بعض أهالي غور الأردن الفلسطينيين في مواسم جني الزيتون بغرض حمايتهم من العناصر المتطرفة وهذه سابقة لا يتم تسليط الضوء عليها
2-Protecting-water-supply-1.jpg

أيضا وقبل عام مضى رفعت مربعات اليسار الصاعد أعلام فلسطينية وطالبت ليس فقط بوقف اصلاحات نتنياهو القضائية وبل باعادة النظر في السياسات العامة وخطوطها العريضة المتعلقة بالضفة و غزة والقدس والكل
F230329EM03.jpg

كما نلاحظ الكثير من نشطاء هذا التيار الصاعد (فئة الشباب) يرفضون أداء الخدمة و يتم سجنهم , طبعا لا يجب خلط هذا التيار مع اليسار التقليدي (الشيوعي,الاشتراكي,الاجتماعي الديمقراطي,الاشتراكي الثوري,اليسار الليبرالي,اليسار التقدمي التقليدي) بل هو جزء من حركة عالمية انشقت عن اليسار التقدمي التقليدي و تحمل جزءا من القيم الليبرالية وتعتمد على المراجعة والتشكيك , التيار في اسرائيل ضعيف جدا أمام اليمين واليسار التقليدي لكنه في تصاعد ملحوظ و ما يصنعه هو الأفكار المغايرة الجديدة وليس قوته الانتخابية أو العددية.
 
عودة
أعلى