مقدمة : تتصاعد المواجهات بين الفصائل اللبنانية على رأسها حزب الله و الجيش الاسرائيلي منذ 4 أشهر , وتمر هذه المواجهات بمراحلة عدة تنتقل تدريجيا من الاستهدافات المحدودة الى الاستهدافات الموجهة الى احداث خسائر بشرية الى قصف المدن المحاذية للحدود , وتعرف الأسابيع الأخيرة تحشدا لكلا الطرفين تحضيرا للحرب الشاملة المتوقعة والتي سوف تشمل توغلا بريا للجيش الاسرائيلي.
تاريخيا , لقد خاض لبنان حربا نظاميا ضد اسرائيل خلال حرب الستة أيام سنة 1967 , بعدها تركزت الفصائل الفلسطينية في جنوب لبنان وخاضت حربا استنزافية بالتحالف مع اللبنانيين انتهت ببداية الحرب الأهلية اللبنانية,وسقطت العاصمة بيروت في مطلع الثمانينات..بعدها تواصلت الحرب الاستنزافية بقيادة الفصائل اللبنانية الى غاية الانسحاب الاسرائيلي الكامل سنة 2000,أعقبته حرب تموز 2006 الشهيرة.
مشاهدة المرفق 000_1V24UW.jpg
هذه الأطراف المتوقع دخولها الحرب المقبلة
وجب التنويه أن هذه الأطراف هي المتوقعة بما توفر من دلائل حاليا , وقد تتغير بعض التفاصيل حيث أنه من المحتمل جدا دخول فصائل أخرى في المعركة ولقد استبعدت الفصائل السورية نظرا لضعف امكانية فتح الجبهة في سوريا لتعقيدها ونظرا للوجود الروسي هناك.
يقول الفيلسوف سان تسو في أسطورة فن الحرب "أعبر الجبال و خيم في الوديان , اجعل جيشك في موقع أعلى من عدوك"
لن تتغير حرب لبنان المقبلة عن سابقاتها كثيرا , فالجبال والوديان والتلال لم تتغير..وهذه خريطة طوبوغرافية للمرتفعات على جانبي الحدود ويتدرج الارتفاع بحسب اللون من الأزرق أقل انخفاضا الى الأبيض أكثر ارتفاعا طبعا بالنسبة لمستوى البحر و الوحدة القياسية هي المتر
نسخة أخرى عن الخريطة لكن بصور أقمار صناعية
يمكن تقسيم خارطة سريان المعارك الى قاطعين , القاطع الغربي وسوف تكون مهام الجيش الاسرائيلية هناك هي الاشراف ناريا على مرتفعات تلال رميش وبنت جبيل الى غاية تبنين و ميس الجبل تمهيدا للتوغل البري الذي سوف يتركز على بنت الجبيل بغرض تحويلها الى محور يعاد توجيه القوات منه..والقاطع الشرقي والذي سوف يبدأ من قرى وبلدات الطيبة الى غاية مرجعيون و أطراف بلدة كفر شوبا والقرى التي تتبعها..وأستبعد بشدة أن تتم أي عمليات كبرى أو تركيز اسرائيلي على محاور شبعا لتفادي التلامس مع الجبهة السورية واحداث أي طارئ هناك.
وسف أركز في هذا المقال على معاركة بنت جبيل كمثال قياسي نظرا لأسباب تاريخية متعلقة بالخسائر التي تكبدها الجيش الاسرائيلي هناك و رغبة بعض القادة والألوية في تسجيل دفعة معنوية هناك,وأيضا لسبب جيواستراتيجي متعلق بارتفاع القرية واشرافها على جزء من البلدات المحاذية لها ,ولسبب أخر سوف يحولها الجيش الاسرائلي الى محور توزيع القوات غربا باتجاه الناقورة مرورا عبر علما الشعب وشمال غربا باتجاه ميس الجبل مرورا عبر عيترون
البداية سوف تكون عبر ضربات جراحية من سلاح الجو على ما يعتقده الجيش الاسرائيلي مراكز قيادة وسيطرة في بيروت,البقاع وخاصة النبطية وصور,ومطار دمشق
بعدها سوف يتم استخدام مدفعية دوهير 105 بشكل مكثف جدا لاحداث أضرار كبيرة بالبلدات المحاذية للخط الحدودي,سوف يشارك في هذا القصف اللواء 282 مدفعي و في حالة استدعاء الاحتياطي سوف يضاف له اللواء 7338 مدفعية احتياطي و اللواء 209 احتياطي (لقد شرحت في موضوع سابق تنظيم وهيكلة الجبهة الشمالية) ,المدفعيات ثقيلة التحرك ولن تدخل الخط الحدودي في بداية المعركة حتى لا تكون لقمة سائغة أمام الفصائل.
بالنسبة للفصائل اللبنانية سوف تتمركز في الأنفاق المحصنة و تنقل مقرات القيادة والتنظيم المتقدمة الى مواقع خارج الأماكن المأهولة والمبنية,نحو مناطق أكثر صعوبة وسط الجبال
تمثيل لأحد مقرات القيادة الميدانية والتجمع أثناء حرب 2006 في موقع متحف حزب الله في ميليتا
لايوجد الكثير مما تستطيع الفصائل اللبنانية فعله للتصدي للقذائف المدفعية والضربات الجوية , بالرغم من أن هناك حديث عن امكانية حيازة حزب الله تحديدا على مضادات جوية روسية (بانتسير) الا أنها أخبار غير مؤكدة و ان تأكدت هذه الأخبار من الصعب جدا توظيف هذه المضادات في ظل التفوق الاسرائيلي في التشويش على المنظومات الراداية و الخبرة المتواضعة لضباط الحزب أمام أسلحة بهذا التعقيد.حتى جيوش نظامية احترافية و تحتاج الى تقنيين وخبراء روس لتشغيل هذه المضادات خاصة في أول تجربة لها..الا أنها من الممكن جدا أن تسقط بعض الأهداف على علو منخفض و بشكل محدود.
نأتي الى لب الموضوع , وهو التوغل البري في بنت جبيل..
من غير الممكن أن يتم التوغل البري في بنت جبيل الا بعد معارك في محيط القرية و عزلها عن محيطها , والبداية سوف تكون عبر السيطرة التامة على مارون الراس التي ترتفع 900 مترا وتشرف ناريا على بنت جبيل وعيترون و عين ابل..وبالتالي سوف تنفذ القوات الاسرائيلية مناورات توغل جانبية بالتزامن مع استمرار القصف المدفعي على بنت جبيل , وفي الطرق الجبلية المحاذية لبنت جبيل والتي تقع على أطراف مارون الراس سوف تتعرض الآلوية المدرعة...لكن السيطرة على مارون الراس في حد ذاتها فرضية معقدة يحكمها حجم الخسائر الموقعة في الجيش الاسرائيلي وحجم المقاومة والتوظيف الصحيح مضادات الدروع الكورنيت
في القاطع الغربي لن تتغير الأهداف والصورة كثيرا من القمم المشرفة على بلدات مركبا,حولا و رب ثلاثين وصولا الى محور مارجعيون , وهنا سوف تتدخل الفصائل المسيحية المنضوية تحت لواء الحرس الشعبي الجناح المسلح للحزب الشيوعي وبعض المتحالفين مع هذه القوى في شكل تعزيزات مشاة و عناصر مجهزين بمضادات دروع تاندوم تأتي لكسر سلاسل الامداد اللوجيستي للقوات الاسرائيلية المتمركزة على تخوم البلدات في طرق الوديان ما بين عديسة ورب ثلاثين مثالا وليس حصرا
عناصر من الحزب الشيوعي اللبناني
شرقا علما الشعب و المطمورة الى الناقورة و لنأخذ القاطع من نهاريا الى غاية هذه المحاور لا يوجد مرتفعات شاهقة تعطي تميزا استراتيجيا كبيرا لأي من الطرفين لكنها في نفس الوقت لها أهمية كبيرة جدا حيث أن متوسط الارتفاع بها حوالي 250 الى 300 مترا و أقل الى 50 مترا بمحاذاة السواحل هذا ما يجعلها مكان أمثل للتقدم ألوية الدبابات لسهولة التضاريس هناك Tankable area
و الى هنا أختم الموضوع أتمنى أنني لم أثقل عليكم وأنني وفيت في شرح بعض التوقعات بموضوعية..وأذكر أن هذا المقال لا يعبر بالضرورة عن ما يحدث بل هو تصور لسيناريوهات مبنية على معطيات متعددة المصادر.وفي الجزء القادم سوف أتحدث عن المعارك في البيئة الحضرية المدن وحرب الشوارع وسأضع فرضية اجتياح الجيش الاسرائيلي لمدن كبرى مثل صور و العاصمة بيروت.
تاريخيا , لقد خاض لبنان حربا نظاميا ضد اسرائيل خلال حرب الستة أيام سنة 1967 , بعدها تركزت الفصائل الفلسطينية في جنوب لبنان وخاضت حربا استنزافية بالتحالف مع اللبنانيين انتهت ببداية الحرب الأهلية اللبنانية,وسقطت العاصمة بيروت في مطلع الثمانينات..بعدها تواصلت الحرب الاستنزافية بقيادة الفصائل اللبنانية الى غاية الانسحاب الاسرائيلي الكامل سنة 2000,أعقبته حرب تموز 2006 الشهيرة.
مشاهدة المرفق 000_1V24UW.jpg
هذه الأطراف المتوقع دخولها الحرب المقبلة
وجب التنويه أن هذه الأطراف هي المتوقعة بما توفر من دلائل حاليا , وقد تتغير بعض التفاصيل حيث أنه من المحتمل جدا دخول فصائل أخرى في المعركة ولقد استبعدت الفصائل السورية نظرا لضعف امكانية فتح الجبهة في سوريا لتعقيدها ونظرا للوجود الروسي هناك.
يقول الفيلسوف سان تسو في أسطورة فن الحرب "أعبر الجبال و خيم في الوديان , اجعل جيشك في موقع أعلى من عدوك"
لن تتغير حرب لبنان المقبلة عن سابقاتها كثيرا , فالجبال والوديان والتلال لم تتغير..وهذه خريطة طوبوغرافية للمرتفعات على جانبي الحدود ويتدرج الارتفاع بحسب اللون من الأزرق أقل انخفاضا الى الأبيض أكثر ارتفاعا طبعا بالنسبة لمستوى البحر و الوحدة القياسية هي المتر
نسخة أخرى عن الخريطة لكن بصور أقمار صناعية
يمكن تقسيم خارطة سريان المعارك الى قاطعين , القاطع الغربي وسوف تكون مهام الجيش الاسرائيلية هناك هي الاشراف ناريا على مرتفعات تلال رميش وبنت جبيل الى غاية تبنين و ميس الجبل تمهيدا للتوغل البري الذي سوف يتركز على بنت الجبيل بغرض تحويلها الى محور يعاد توجيه القوات منه..والقاطع الشرقي والذي سوف يبدأ من قرى وبلدات الطيبة الى غاية مرجعيون و أطراف بلدة كفر شوبا والقرى التي تتبعها..وأستبعد بشدة أن تتم أي عمليات كبرى أو تركيز اسرائيلي على محاور شبعا لتفادي التلامس مع الجبهة السورية واحداث أي طارئ هناك.
وسف أركز في هذا المقال على معاركة بنت جبيل كمثال قياسي نظرا لأسباب تاريخية متعلقة بالخسائر التي تكبدها الجيش الاسرائيلي هناك و رغبة بعض القادة والألوية في تسجيل دفعة معنوية هناك,وأيضا لسبب جيواستراتيجي متعلق بارتفاع القرية واشرافها على جزء من البلدات المحاذية لها ,ولسبب أخر سوف يحولها الجيش الاسرائلي الى محور توزيع القوات غربا باتجاه الناقورة مرورا عبر علما الشعب وشمال غربا باتجاه ميس الجبل مرورا عبر عيترون
البداية سوف تكون عبر ضربات جراحية من سلاح الجو على ما يعتقده الجيش الاسرائيلي مراكز قيادة وسيطرة في بيروت,البقاع وخاصة النبطية وصور,ومطار دمشق
بعدها سوف يتم استخدام مدفعية دوهير 105 بشكل مكثف جدا لاحداث أضرار كبيرة بالبلدات المحاذية للخط الحدودي,سوف يشارك في هذا القصف اللواء 282 مدفعي و في حالة استدعاء الاحتياطي سوف يضاف له اللواء 7338 مدفعية احتياطي و اللواء 209 احتياطي (لقد شرحت في موضوع سابق تنظيم وهيكلة الجبهة الشمالية) ,المدفعيات ثقيلة التحرك ولن تدخل الخط الحدودي في بداية المعركة حتى لا تكون لقمة سائغة أمام الفصائل.
بالنسبة للفصائل اللبنانية سوف تتمركز في الأنفاق المحصنة و تنقل مقرات القيادة والتنظيم المتقدمة الى مواقع خارج الأماكن المأهولة والمبنية,نحو مناطق أكثر صعوبة وسط الجبال
تمثيل لأحد مقرات القيادة الميدانية والتجمع أثناء حرب 2006 في موقع متحف حزب الله في ميليتا
لايوجد الكثير مما تستطيع الفصائل اللبنانية فعله للتصدي للقذائف المدفعية والضربات الجوية , بالرغم من أن هناك حديث عن امكانية حيازة حزب الله تحديدا على مضادات جوية روسية (بانتسير) الا أنها أخبار غير مؤكدة و ان تأكدت هذه الأخبار من الصعب جدا توظيف هذه المضادات في ظل التفوق الاسرائيلي في التشويش على المنظومات الراداية و الخبرة المتواضعة لضباط الحزب أمام أسلحة بهذا التعقيد.حتى جيوش نظامية احترافية و تحتاج الى تقنيين وخبراء روس لتشغيل هذه المضادات خاصة في أول تجربة لها..الا أنها من الممكن جدا أن تسقط بعض الأهداف على علو منخفض و بشكل محدود.
نأتي الى لب الموضوع , وهو التوغل البري في بنت جبيل..
من غير الممكن أن يتم التوغل البري في بنت جبيل الا بعد معارك في محيط القرية و عزلها عن محيطها , والبداية سوف تكون عبر السيطرة التامة على مارون الراس التي ترتفع 900 مترا وتشرف ناريا على بنت جبيل وعيترون و عين ابل..وبالتالي سوف تنفذ القوات الاسرائيلية مناورات توغل جانبية بالتزامن مع استمرار القصف المدفعي على بنت جبيل , وفي الطرق الجبلية المحاذية لبنت جبيل والتي تقع على أطراف مارون الراس سوف تتعرض الآلوية المدرعة...لكن السيطرة على مارون الراس في حد ذاتها فرضية معقدة يحكمها حجم الخسائر الموقعة في الجيش الاسرائيلي وحجم المقاومة والتوظيف الصحيح مضادات الدروع الكورنيت
في القاطع الغربي لن تتغير الأهداف والصورة كثيرا من القمم المشرفة على بلدات مركبا,حولا و رب ثلاثين وصولا الى محور مارجعيون , وهنا سوف تتدخل الفصائل المسيحية المنضوية تحت لواء الحرس الشعبي الجناح المسلح للحزب الشيوعي وبعض المتحالفين مع هذه القوى في شكل تعزيزات مشاة و عناصر مجهزين بمضادات دروع تاندوم تأتي لكسر سلاسل الامداد اللوجيستي للقوات الاسرائيلية المتمركزة على تخوم البلدات في طرق الوديان ما بين عديسة ورب ثلاثين مثالا وليس حصرا
عناصر من الحزب الشيوعي اللبناني
شرقا علما الشعب و المطمورة الى الناقورة و لنأخذ القاطع من نهاريا الى غاية هذه المحاور لا يوجد مرتفعات شاهقة تعطي تميزا استراتيجيا كبيرا لأي من الطرفين لكنها في نفس الوقت لها أهمية كبيرة جدا حيث أن متوسط الارتفاع بها حوالي 250 الى 300 مترا و أقل الى 50 مترا بمحاذاة السواحل هذا ما يجعلها مكان أمثل للتقدم ألوية الدبابات لسهولة التضاريس هناك Tankable area
و الى هنا أختم الموضوع أتمنى أنني لم أثقل عليكم وأنني وفيت في شرح بعض التوقعات بموضوعية..وأذكر أن هذا المقال لا يعبر بالضرورة عن ما يحدث بل هو تصور لسيناريوهات مبنية على معطيات متعددة المصادر.وفي الجزء القادم سوف أتحدث عن المعارك في البيئة الحضرية المدن وحرب الشوارع وسأضع فرضية اجتياح الجيش الاسرائيلي لمدن كبرى مثل صور و العاصمة بيروت.