هجوم الشتاء الروسي القادم في أوكرانيا بين بروباغندا الناتو والواقع الميداني
الروس وخاصة بعد معركة كييف أصبحوا يتحسبون للقوات الأوكرانية ويتعاملون معهم بشدة، ويحرصون على سرعة التخلص منهم، أو يدفعون غير المتطرفين منهم إلى الاستلام بتأثر وسائط البروباغندا الميدانية، وذلك لعدة أسباب منها أن الأوكران بالأساس ومنذ القِدم روس! ويعرفون فنون أكثر التكتيكات السوفيتية القتالية، التي طورها الروس اليوم دون تغير مبادئها الأساسية، ولأن الأوكران أشرس وأشد إجرام حتى من خيرة القوات الروسية! بسبب ما عانوه من ضغوط تاريخية، ويكرهون الروس لأنهم استعبدوهم لسنوات طويلة في الحقبة السوفيتية، وقتلوا أكثر من سبعة ملايين نسمة بالجوع دون ذنب أو جريرة، وجندوا جميع رجالهم بعد هزيمة النازيين الألمان، لأنهم مالوا لنصرة المعسكرات النازية! لذلك كردة فعل، الأوكران يقاومون عودة سيطرة الروس عليهم بدوافع قومية نازية واستقلالية، وليست عرقية، وقد استثمر الناتو هذا بكل جدية، مستغلين ميل الأوكران الجارف لعيش ما يعرف بالرفاهية الغربية بعد فترة القهر الروسية.
والهدف الأمريكي الرئيسي اليوم في أوكرانيا هو تجميد أو إيقاف الهجوم الشتوي الروسي، بعكس الحال في المبتغى الأمريكي في الشتاء السابق! وذلك بسبب تعاظم القوة الروسية وتراجع القدرات المقابلة الأوكرانية، وحتى الغربية الغير مباشرة، إضافتاً لتصاعد ثمرة جدوى الضربات الوقائية الروسية في عمق الجبهة الأوكرانية، وأخيراً تطور الخبرات الروسية الغير مسبوقة في تدابير إنجاح العملية الهجومية.
والسبب الموازي الأمريكي لإبطال الهجوم المرتقب الروسي، هو العمل على إنجاح الهجوم المضاد الأمريكي في الربيع القادم عام 2024، المقنع بالهيئة الأوكرانية، وقوات الفيالق الغربية، بأقل الخسائر والإخفاقات الميدانية!
ولإنجاح هجوم الربيع المقبل، نجد هدفها الأسمى التمهيدي اليوم، كما أسلفنا من قبل في مقالات سابقة، هو ضرب مراكز القيادة والسيطرة الروسية الميدانية ومراكز التخزين اللوجستية، التي تستهدفها كما أسلفنا بقذائف جملرس العالية الدقة التي تطلقها راجمات هيمارس، وقذائف فولكانو البعيدة المدى المدفعية الأوربية، والتي عالجت روسيا خطرها بإبعاد هذه المراكز عن مدى نيران هذه القذائف التي يصل مداها حتى 80 كم، وليتثنى أيضاً للروس بهذا الإجراء تتبع وتفعيل الإجراءات المضادة المناسبة، لذلك بدأت أمريكا بتجهيز راجمات هيمارس بقذائف أطول مدى من نوع قذائف قنابل القطر الصغير الموجهة الانزلاقية بعد المرحلة الأولى الصاروخية، التي يصل مداها وفق هذا الترتيب إلى 150 كم، وقذائف جملرس المضاعفة المدى حتى 160 كم، وقذائف هاوتزر فولكانو 155 ملم الموسعة المدى، حتى مدى 120 كم، إلا أن الروس زادوا من إجراءاتهم الوقائية بما فيها السلبية، فعملوا على زيادة تحصين هذه الأماكن المحصنة وتمويهها بطريقة احترافية، وتزيفها بطريقة فنية بمواضع خداعية، وفعل ذلك ليلاً أو مع توليد سحب دخانية كثيفة، ونشر عدد مناسب من العواكس المضللة الركنية، إضافتاً لنشر مضادات القتل القاسي الصاروخية المركزية وبمساعدة الصواريخ الطبقية، وتسريع نشر منظومات الحرب الإلكتروني المتطورة القوية التشويشية، ومنظومات الأشعة الفيزيائية بأشعة الليزر الغير مرئية، ومدافع المايكرويف العالية الطاقة، التي تقوم بحرق وتفحيم البنية الالكترونية الداخلية التحكمية داخلها في مرحلتها المسارية الانقضاضية.
والخطر الثاني المهم ضمن خارطة الأهداف الأمريكية، هي القواعد والمطارات الجوية القريبة والداعمة بشكل سريع للجبهات الروسية.
وكذلك البعيدة نسبياً التي تشمل نشر قاذفات مطورة فوق صوتية من نوع بطة الجحيم سوخوي 34 ام التي يتم تطويرها اليوم وبشكل عاجل لتصبح صامتة إلكترونياً بل وشبحية! إضافة إلى تقنيات الحرب الإلكترونية المطورة الجديدة التضليلية، نعم فالروس يقومون بإنتاجها اليوم بالطاقة القصوى في معاملهم وورشهم الحربية، مع تعديل المصنعة منها الحالية، وطلائها بطلاء خاص عالي الامتصاص للموجات الرادارية! مع خاصية تمرير باقي الموجات على جسم الطائرة وتبريدها وإخمادها أكثرها بطريقة فيزويكيميائية بدل طريقة التشتيت التي تجعلها قابلة للكشف كلطخة عشوائية رادارية، إضافة لتقنية تبريد خاصة متطورة جداً مخمده للانعكاسات الحرارية، تجعلها خفية ومتسللة من النظم الفضائية الرادارية والحرارية، ويصعب كشفها حتى على وسائل الكشف الكهروبصرية! وحتى المرئية من قبل وسائل الكشف الأرضية والجوية، وسوف يتم تزويدها بصواريخ كينجال خاصة فرط صوتية عالية التقنية يمكنها تغير المسار والهدف بعد الإطلاق وكذلك الأمر بصواريخ كروز الفائقة الذكاء البعيدة المدى الشبحية ذات السرعة الفوق صوتية.
وسوف يكون سلاحها الرئيسي الأكثر استخدام قنابل فاب المعدلة الذكية الانزلاقية الموجهة بالقصور الذاتي والأقمار الصناعية غلوناس الروسية الملاحية، ذات الأجنحة والزعانف التوجيهية والمطورة من قنابل فاب من فئة M62 زنة 500 كغ التي تصل كلفتها إلى 24 ألف دولار، وحديثاً تم تعديل فاب زنة 250 كغ التي يصل مدى النسختين من نقطة الإطلاق حتى70 كم والتي تعرف بالتصنيف اختصاراً UMPK بمعنى الوحدة الموحدة للانزلاق والتوجيه.
لذلك بدأت أمريكا بحربها الوقائية ضد أحد المطارات الروسية الحربية القريبة من إحدى الجبهات الميدانية بصواريخ أتاكمس التكتيكية ِATACMS قيل العنقودية وعدد من قذائف قنابل القطر الصغير المجنحة الانزلاقية GLSDB، وعنقودية لصواريخ أتاكمس هنا إما عمياء مساحية ناشرة لقرابة ألف رمانة كروية متفجرة (955) على مساحة كبيرة، وقد تكون ذخائر فرعية ذكية مثل أسطوانات اسكت Skeet الباحثة بطريقة دوارة حلزونية، وكذلك قذائف بات Bat الأوسع بالنطاقات الكشفية المتحركة بطريقة الدفع الصاروخية بالمرحلة النهائية.
ولكن بتقديري أمريكا لن تعتمد في المرحلة القادمة بكثافة أكبر على راجمات هيمارس لأنها تعلم أن الروس نشروا أقمار رصد واستكشاف ومتابعة صناعية رادارية وأخرى حرارية ومغناطيسية بصرية، لتقفي أثار راجمات هيمارس ومعرفة أماكن نشاطاتها القتالية لمعرفة بالمتابعة والتقصي أماكن تخفيها ومراكز تذخريها وصيانتها ومبانيها الحصينة! لتوجه بعد اكتمال معلوماتها ضربتها الشاملة الجوية والصاروخية النهائية بالتوقيت المناسب، كما فعلت ذلك من قبل عندما دمرت 24 راجمة هيمارس، في مخابئها السرية والتي كان يوجد مخزوناتها اللوجستية، ودمرت في نفس التوقيت عشرات القاذفات المخبئة من نوع السياج سوخوي 24 ام المعدلة لحمل الأسلحة الغربية، بعد أن كشفت الغاية السرية من الهجمات المضادة الأوكرانية!
لذلك على ما يبدو أمريكا تخطط لسلاح مساعد أو ربما بديل عن راجمات هيمارس التكتيكية، وهي غالباً نفاثات F-22C Super Raptor وربما نفاثة F-35A Lighting تو المتسللة الشبحية، إلا أن الطائرتين المتسلسلتين لا تمتلكان أنظمة ربط مباشرة مشفرة تنسق عملهما معا، ًفنفاثة سوبر رابتور تستخدم نظام الربط الإلكترونية IFDL بينما نفاثة لايتننغ تو تستخدم نظام الارتباط الالكتروني المشفر LPD وهو ما يجعل هناك عائق للتواصل والتنسيق مع طائرة سوبر رابتور، لذلك فإن الحل الوحيد اليوم يكون بوجود طائرة وسيطة ثلاثة تعمل كمترج ونظام يفك نظام التشفير المعقد بين الطائرتين، وهي اليوم طائرة التجسس الأمريكية U-2 التي أعادت أمريكا تأهيلها اليوم لتنفيذ المهمة.
والمرجح عندي أن من سوف يبدأ نشاطه من النفاثتين الفوق صوتيتان هي سوبر رابتور رغم صعوبة تواصلها من نظيرتها لايتننغ تو، ورغم أن هذه الأخيرة بخلاف سوبر رابتور تستطيع التواصل مع طائرات الجيل الرابع مثل فالكون ف 16 الأمريكية، التي سوف تكون قناع لها، واداة إشغال عن عمليتها الحقيقية التسللية، ورغم أن نفاثة لايتننغ تو تحمل شريحة أكبر من الذخائر الجوية بما فيها الأسلحة البعيدة المدى، إلا أن سوبر رابتور أكثر خفاء وقدرة تسللية وأقدر مناورة وسيطرة جوية! ويصعب اختراقها من الناحية الإلكترونية والسيبرانية كما حدث مع لايتننغ تو ذات الإقلاع العامودي! إضافة لقدرتها على النشاط السلبي الإلكتروني الصامت، وهو ما يزيد من قدرتها التسللية.
فطائرة رابتور بصمتها الرادارية أصغر بعشرين ضعف من بصمة طائرة لايتننغ تو الشبحية! ولا يمكن لرادار الكشف بيغ بيرد الخاص بمنظومة ترمومف اس 400 الصاروخية المضادة للجو التي يزيد مدى كشفها عن 600 كم أن يكشفها إلا بمدى 21 كم فقط! وطائرة سوبر رابتور أشد خفاء وأصغر بصمة رادارية، ولكن بنطاق لا يزال أكثر سرية، بتقديري أصغر بضعفين على الأقل من رابتور.
وغالباً سوف تتقنع سوبر رابتور براجمات هيمارس بمساعدتها بإطلاق قنابل الأقطار الصغيرة البصمة الرادارية، لأنه يمكنها أسقاط 16 قنبلة انزلاقية أي حمولة أكثر من راجمتين هيمارس نصفهم بحواضن داخلية في الطائرة والنصف الثاني في حاضنتين شبحيتين معلقتين تحت الأجنحة الجانبية الأساسية، ولا أستبعد أن تطلق الجيل الثاني من قنابل القطر الصغير ذات البواحث في مقدمتها الابترونية أو الحرارية والليزرية الذاتية، وذلك بغية استهداف القوافل المتحركة اللوجستية.
كما أنها سوف تكون أفضل كما أشرنا سالفاً في تفادي الاعتراضات الجوية والتي أخطرها ملكة المقاتلات الروسية سوخوي 35 إن تم كشفها برادار تلك المقاتلة الخطيرة الذي بتقديري لن يتجاوز مدى كشفها أكثر من 30 كم! إلا إن تم رصدها بنظم الرصد الابترونية البعيدة المدى فيها، مصادفتاً لأنها لا تمتلك المرونة وسعة الكشف والإطباق الرادارية.
كما أنها في الأساس هي طائرة سيطرة جوية وأعني سوبر رابتور تحمل صواريخ "أمرام دي" التي يصل مداها حتى 160 كم، وبذلك تشكل خطر داهم على السيطرة الجوية الروسية، بما فيها ملكة المقاتلات الروسية، وذلك لما فيها من مستقبلات الموجات الرادارية السلبية المتميزة لديها، وكذلك يمكنها من كشف طائرات هجومية نشطه ذات أهمية مثل بطة الجحيم سوخوي 34 بالدرجة الأولى ثم الخفاش الروسي سوخوي 25 وحتى مروحيات التمساح كاموف 52 الهجومية التي تصول وتجول بحرية فوق الجبهة الأوكرانية! إضافتاً أنها تعتمد مع الرادارات السلبية تعتمد على رصد وتتبع رادارات طائرات أواكس الأمريكية والرادارات الأمريكية الأرضية، أو عن طريق الأقمار الصناعية، من خلال تبادل وصلتها المشفرة من أطياف خاصة ليزرية طورت خصيصاً لسوبر رابتور العالية الشبحية، وبتقديري لن يشكل خطر داهم عليها بشكل حقيقي سوى قاتلة الرادارات المجرم الجبار سوخوي 57 الشبحية الروسية.
والتي تتواجد إلى اليوم بالخلسة دون أن يتم إيجادها بأي وسيلة كشف أو رصد أمريكيةـ أو غربية أو مطورة سوفيتية، والتي سوف يكون أهم مهامها حماية طائرات الضربات الروسية، خاصة وكما ذكرنا سالفاً بطة الجحيم المطورة الروسية، فإن بطة الجحيم تنتج اليوم في روسيا بالطاقة القصوى بالمصانع والورشات العسكرية، وفق آخر التحديثات التقنية، ليكون لها دور أساسي فيما بعد بهجوم الشتاء الروسي القادم، فهي أصبحت قادرة على إطلاق أحدث صواريخ كروز البعيدة المدى الشبحية الفوق صوتية بالمراحل النهائية بعد المرحلة التسللية، وصواريخ كينجال الفرط صوتية!
والتي يتم اليوم كما ذكرنا سالفاً تجهيزها بتجهيزات خاصة إلكترونية وطلائية يجعلها طائرة شبحية خفية، يصعب رصدها من قبل الرادارات الأرضية والجوية وحتى الفضائية، وحتى الحرارية الفضائية.
ليصبح الخطر الأكبر عليها طائرات سوبر رابتور الشبحية الأمريكية، بطريقة الرصد والتتبع السلبية لنشاطاتها الرادارية المتنوعة الأرضية والجوية.
والآن نعود للسؤال الجوهري الذي هو لب المقال، وهو هل سوف تقوم روسيا بهجومها الشتوي العام وفق الدعاية أو البروباغندا الغربية أم أنها سوف تكنفي باستعادة خاركييف فقط؟!
فالغرب وخاصة بريطانيا وامريكا شوشوا الحقائق المعاصرة منذ الحرب العالمية الثانية، فأمريكا صورت للعالم من قبل أنها هي المنقذ لقوات الحلفاء من براثن القوات القاهرة النارية الألمانية في الحرب العالمية الثانية، مع العلم أن القوات الأمريكية في الإنزال النورماندي كانت تشكيلاتها أقل من باقي التشكيلات حتى أن قواتها كانت تساوي واحد إلى أربعة فقط من القوات البريطانية! ولم يتجاوز عدد قواتها في أوربا 100 ألف فيهم الثلث متطوع والباقي قوات خدمة إلزامية! وذلك بسبب تأثير فوبيا القوات النازية في الحرب العالمية التي صنعتها البروباغندا المضادة الألمانية في العقول الأمريكية.
بينما كان الدور الأساسي للنصر على النازيين بالواقع للجيش الأحمر السوفيتي بتأثير البروباغندا السوفيتية الإيجابية الوطنية في عقول الجيش الأحمر، ليس على المستوى النازي فقط، بل كان لها الدور الأساسي باستسلام اليابان للأمريكان! وليس بسبب استخدام أمريكا للقنبلة الذرية! واليوم التاريخ يعيد نفسه فأمريكا تقاتل بنفسها الدول الضعيفة فقط، وتقاتل القوى القوية بالوكالة وبروباغندا الهالة الإعلامية، والتي تعني الدعاية الوهمية.
والبروباغندا اليوم حول سلاح النصر في الحرب الروسية الأوكرانية، يركز على الدرونات بكامل الأطياف التوظيفية، ونقول نعم هذا الكلام نوعاً ما صحيح! لقد غير هذا السلاح مفاهيم المعاركة المعاصرة من حيث الكشف والرصد والتهديف وتصحيح وتحسين دقة الذخائر الانزلاقية على الليزر، وزيادة دقة النيران المدفعية الصماء، ولم يكن الاعتماد فيها بشكل أساسي على القوة النارية الضاربة والكميكازية الذاتية للدرونات، أينعم وجدنا لها تأثير واضح بالضربات الجراحية الانتقائية، ولكن الحروب بالحقيقة لا زالت تحسم بالتفوق بالقوة النارية المركزة الانتقائية وحتى العشوائية، التي هي محصورة اليوم عند الطرفين بالقوة المدفعية وليس بالقوة الجوية بسبب تعقيدات الدفاعات الجوية لدا الطرفين!
فمن أسباب الفشل للهجوم المضاد الأوكراني الرئيسية اليوم، أنها تحتاج يومياً على الأقل إلى 20 ألف قذيفة مدفعية، ولا يتوفر لها إلا أقل من 6 آلاف قذيفة مدفعية، وحتى القذائف العنقودية البديلة التي تعادل كل قذيفة منها عشرة قذائف رديفة شديدة الانفجار، لا تتوفر للأوكران بالقدر الكافي المنشود، بسبب الاستهدافات الاستباقية الروسية الوقائية لمخزون هذه الذخائر المساحية، وحتى الروس ليسوا أوفر حظاً بكثير من الأوكران فهم يستهلكون يومياً اليوم كحد أقصى 20 ألف قذيفة أي 600 ألف قذيفة شهرياً والحقيقة استهلاكهم الشهري على أرض الواقع لا يتجاوز 450 قذيفة شهرياً، ويبدو أن السبب هو بدء نفاذ مخزونها الاستراتيجي الضخم من قذائفها السوفيتية، وعدم تعويضها بسبب تركيز الصناعة الروسية على انتاج الذخائر المدفية الحديثة الروسية، إلا أن الروس حشدوا في الجبهة الأوكرانية كل ما كان لديهم من مدافع سوفيتية من كافة الأعيرة الميدانية والأنبوبية الصاروخية، ولا زالوا يصنعون المواسير المدفعية والأنابيب الصاروخية والقطع غيار السوفيتية!
وهذا يعني أنهم إما لا زال لديهم مخزون ضخم احتياطي من الذخائر السوفيتية مخبئ للهجوم الشتوي العام القادم، أو أنهم سوف يستجلبونها من الدول الصديقة لروسيا التي لا زالت تحتفظ بمخزون ضخم منها مثل الصين وإيران وكرويا الشمالية.
وهذا يعني أن الروس إما سوف يستمروا بحرب الجبهات الاستنزافية لسنوات قادمة، أو أنهم سوف يوسعون العمل بأسلوب الدفاع المرن الذي يجر القوات المهاجمة إلى منطقة ينسحبون منها تكتيكياً ليغرقون هذه القوات بنيرانهم المدفعية، ثم يقوموا بهجماتهم الارتدادية.
أو يقوموا بالهجوم المرتد من خلال إغراق مقدمة القوات المهاجمة الأقوى بهجوم الربيع بنيران المدفعية قبل العملية الارتدادية.
أو دعم الهجوم الشامل الشتوي بنيران كثيفة جداً تمهيدية يصل عددها إلى 60 ألف قذيفة يومية على كافة الجبهات الهجومية، ثم يلي ذلك إعادة تموضع متقدم لسلاح المدفعية، وكما ذكرنا سوف يكون لسلاح الجو دور بارز تمهيدي انتقائي بالعمق، ضد الأهداف التي لا تطولها فوهات المدفعية الروسية، وحتى الراجمات الروسية البعيدة ذات الذخائر الفائقة التأثير المساحي والذخائر الذكية الجراحية الانتقائية.
ونعود الآن إلى صلب مقالتنا من جديد، فبعد نكسة الروس بانهيار إقليم خاركييف ونجاح الأوكران باستعادته من يد الروس بمساعدة غربية سخية، بالتخطيط والدعم التقني والتسليحي والقيادي والاستخباراتي، مع استغلال ضعف التواجد الروسي في ذلك الإقليم خاصة بعد نقل فرقتين معززات من فرق الدفاع عن هذا الإقليم إلى إقليم خيرسون الذي كان عليه ضغوطات هجومية أوكرانية، فكان لزاماً على الروس تنفيذ انسحاب تكتيكي فني منسق من إقليم خاركييف أو خاركوف وفق التسمية الروسية، مع ترك مئات المدرعات والأليات المزيفة من الناحية التقنية تم إحياء أكثرها من مقابر المدرعات الروسية، إلا أن هذا الانسحاب تعثر بإخفاقات تنسيقية أثناء تنفيذ مخطط الانسحابات الروسية نتيجة الاندفاعات الحركية الأوكرانية السريعة، وفق التكتيكات الأنجلو أمريكية، مما خلق نوع من الفوضى مما أوقع بالروس خسائر بشرية تعد كارثية.
وكان الهدف الأساسي المخطط له من هذا الانسحاب التكتيكي هو تركيز الدفاعات الروسية في مناطق المطالب والمكتسبات في الأقاليم لأوكرانية الروسية الأساسية، ريثما يتثنى للروس حينها جلب تشكيلات جديدة متعددة الأدوار من قوات التدخل السريع والاحتياطات القتالية الاستراتيجية، وأخرى متخصصة دفاعية تمثلت بقوات التعبئة الجزئية، ليرتفع تعداد القوات الروسية في باقي أقاليمه الأوكرانية الروسية بالاستفتاء، إلى أكثر من ثلاثة أضعاف ما كانت عليه التشكيلات والمفارز القتالية قبل الانسحاب من مقاطعة خاركييف أو خاركوف وفق التسمية الروسية، إضافة وفي محاولة وقائية ولمنع تجدد تكرر ما حدث في خاركييف أرسلت روسيا أفضل تشكيلاتها القتالية الاحتياطية الاستراتيجية لإقليم لوهانسك أو لوغانسك وفق التسمية الروسية، وهذه القوى متمثلة بجيش حرس موسكو المدرع الأول، وفرقة الثيران الروسية الحمراء المجوقلة المظلية السابعة، التي اليوم تقاتل في إقليم زابورجيا بعد أن نقلت قبل ذلك إلى إقليم خيرسون، وتم استبدالها في إقليم لوغانسك هي وفرقة 76 المظلية التي كانت موزعة بالأصل بإقليمي لوغانسك ودونيتسيك، بفرقة الذئاب الروسية القيصرية المجوقلة الاقتحامية الأولى، وفرقة القبعات الزرقاء المجوقلة الاقتحامية الثالثة، وهي أقوى فرق التدخل السريع الاقتحامية الاحتياطية بالحوامات القتالية الروسية ، وأكثرها حرفية وحركية، يضاف إلى ذلك مفارز وتشكيلات فرق الدببة السيبيرية المدرعة الموزعة بالمقاطعات الأربعة إضافة إلى تشكيلات فيالق الاقتحام من الذئاب السيبيرية!
والقوات الأوكرانية رغم أن خسائرها بالهجوم المضاد بلغ أكثر من 90 ألف قتيل! لا زالت تستمر بهجماتها المضادة التي كان متوقع أنها سوف تنتهي خلال فترة أقصاها شهرين كما صرح بوتين واكد من قبله رئيس الأركان الأمريكي مارك ملي بأنها سوف تنتهي في أواسط أكتوبر ولكن عزى ذلك لعوائق بيئية مناخية وليس بسبب انهيار البنية القتالية! لكن لم يحدث شيء من هذا! فبدأ طوفان الأقصى الفلسطيني برعاية روسية غير مباشرة! كورقة ضغط على الإدارة الأمريكية لإنهاء الحرب الأوكرانية، وتحويل الدعم المالي والتسليحي المقرر لأوكرانيا للكيان الصهيوني بدل دعم الجبهة الأوكرانية، كما أكد ذلك الرئيس الأوكراني! بأن ما يحصل في فلسطين تم تحريكه بأيدي الاستخبارات الروسية! وقد حصل، فماذا تفعل صواريخ كورنيت الروسية المحلية M التي يتجاوز مداها 10 كم وبقوة خرق ترادفيه تصل إلى حتى 1200 ملم، وليس النماذج التصديرية، لدا القوات الفدائية الفلسطينية والتي تجاوزت الحماية النشطة "تروفي" لأحدث الدبابات الصهيونية ميركافا فور وربما فايف أيضاً! من خلال توسيع دائرة الحركة الحلزونية مع انطلاق دروع تروفي المتفجرة الصدية! ودمرت بوقت قياسي حتى اليوم أكثر من 30 دبابات منها من أصل أكثر من 100 دبابة مدمرة وفق تصريحات المقاومة الفلسطينية، وما هو السلاح الذي تمكن من إسقاط على الأقل خمسة مروحيات أباتشي هجومية! بوقت قياس وأجبرها على القصف المباعد المنخفض التحليق دون اختراق مناطق السيطرة الفلسطينية! وما هو السلاح السري المضاد للدروع الذي تتوعد به الفصائل المسلحة الفلسطينية غير نظام انلو البريطاني الذي استولت عليه روسيا أو اشترته من مافيا السلاح الأوكرانية، وما سر الضبط والسرية الاستخباراتية لعملية طوفان الأقصى الفلسطينية رغم أن الفصائل المسلحة الفلسطينية مخترقة من قبل الاستخبارات الصهيونية؟!.
ومن أعطى المقاومة الفلسطينية أسرار القوة الضعف لدبابة ميركافا المتطورة الصهيونية، وفق ما وجد من وثائق وقعت بأيدي القوات الصهيونية!
والسلاح السري المضاد للدروع بتقديري اليوم هو القذاف من الجيل الثاني من قذيفة ياسين 105 RPG الترادفي الذي يخرق بسياله الحراري والذي له قوة خرق سيال صاروخ الكورنيت وبنصف عمق الاختراق! هذا إن لم يكن هو! يتبعها شحنة عصف حرارية (ثيرموبارك) فائقة التأثير التفجيري حتى أنها رغم صغرها فجرت دبابة ميركافا فور العصية! والتأويلات التي تقول إن قذيفة ياسين 105 ملم تخترق 600 ملم بالفولاذ المكثف ولكن بذلك تقترب من مخزن الذخائر فتفجرها بشحنة الصدمة التدميرية المرادفة لسيال الاختراق هو للتغطية على حشوة الباريوم الحرارية الروسية، من باب التورية على التورط الروسي، وبتقديري تفادي قذيفة ياسين 105 للدروع النشطة الصدية تروفي يكون بقرب مسافة إطلاقها (النقطة صفر) والسرعة المضاعفة لها مما يؤخر ردة فعل الحماية النشطة لأحدث الدبابات الصهيونية!
والجدير بالذكر أن القوات الصهيونية عندما أحجمت عن الهجوم الشامل البري على غزة وتحولت إلى العمليات المحدودة طبقت التكتيك الروسي! باستخدام الكتائب المدرعة المستقلة التكتيكية ووحدات من المشاة الراجلة المتخصصة الاقتحامية، مكونة من مجموعات ثمانية سبعة منها من نخبة الغولاني الصهيونية يترأسها عنصر مارينز أمريكي خبير، وعلى هذا المنوال يقوم 5000 عنصر مارينز (مشاة البحرية الأمريكية) بقيادة 35 ألف عنصر غولاني، أي كامل فرقة الغولاني الصهيونية، ويتقدمهم وحدات متسللة خفية من نخبة النخبة الأمريكية قوات العمليات الخاصة من قوات دلتا والقبعات الخضر وعجول البحر كوماندوس المارينز، أي قوات الظل الأمريكية المتخصصة بالاستطلاع المتقدم السري وبإدارة نيران المدفعية والحوامات وذخائر الطائرات الذكية، ويشكلون مجموعات القناصين المتقدمين السرين ومجموعات التحكم بالدرونات الاغتيالية، وكل ذلك ضد ما يقدر بنحو 40 ألف فدائي فلسطيني، معظمهم متحصن ويتنقل ضمن أنقاق تحت الأرض وأكثر شهداء المقاومة الفلسطينية تم قتلهم إما بطريقة اغتياله بعد مراقبة جوية كثيفة بالدرونات بالدرجة الأولى، أو من خلال مراقبين الكوماندوس الأمريكي المتقدمين المرافقين لقناصين النخبة الاحترافية، أو أثناء عملياتهم الفدائية خلال الإنزالات الهجومية والتي هي بالأصل عمليات استشهادية.
وروسيا تدعم بهذا الشكل عملية مشابهة لما حصل ببلدة باخموت الأوكرانية التي قدمت بها روسيا أكثر من 20 ألف قتيل فقط من قوات فاغنر، إذا ما أهمنا ما قدمته باقي التشكيلات الروسية.
والغريب بالأمر أن الأمريكان أوقفوا الهجوم الشامل الصهيوني وتحولوا للتكتيكات الروسية الاختراقية كالتي حصلت ببلدة باخموت!
ونعود الآن إلى صلب مقالنا من جديد، فطالما النتيجة السلبية متفق عليها، فلما تستمر أمريكا بهجمات أوكرانيا المضادة حتى الانهيار المؤكد للجبهات الأوكرانية؟!
فأمريكا لن تجد جنود أشداء بكفاءة النخبة الأوكرانية وخاصة القومية، يقاتلون عنها بالوكالة ضد القوى المتصاعدة الروسية، فلما تساعد الروس على سرعة التخلص من القوى الأوكرانية النازية؟!
الجواب أن أمريكا بدأت تخلط القوات الأوكرانية المحترفة بقوات عديمة الخبرة القتالية! يرتفع أدائها الميداني بكونها تحت أمرة القوات المتبقية المحترفة المتبقية ذات الخبرة التجريبية، وزادت النسب الارتزاقية الخارجية من الفيالق الأجنبية التي تسعى لجعل تعدادها من المتعاقدين الجدد المرتزقة حتى حوالي 75 ألف، وتقوم بتهيئة وتدريب نخبة جديدة أوكرانية متواجدة في الدول الأوربية الشرقية والغربية، لتكون نواة الهجوم القادم في الربيع القادم، إذا نجحت بإحباط الهجوم الروسي الشتوي.
ولكن كان الهدف الأساسي من الاستمرار كما ذكرنا سالفاً هو استثارة النشاط القتالي الروسي لكشف المواقع والأهداف الحقيقية الهامة، وذلك لاستهداف طرق الإمداد الروسية، وجعلها تحت السيطرة النارية، واستهداف كما أسلفا مراكز القيادة والسيطرة الروسية المتأخرة ومنظومات الدفاع الجوي والمنظومات المضادة الالكترونية والأهم من ذلك استهداف مراكز الخزن اللوجستي الرئيسية والفرعية، والغاية الاستراتيجية من كل ذلك تأخير أو تعطيل أو إفشال الهجوم الروسي الشتوي قبل حدوثه بطريقة وقائية، وإبقاء الروس بالوضع الدفاعي حتى الربيع القادم حيث الهجوم المضاد الأوكراني بصورته النهائية.
وفي نفس الوقت أعطى بوتين أوامر لقادته بإنهاء وإبطال الهجوم المضاد الأوكراني الحالي بالسرعة القصوى، من خلال زيادة الضربات الجراحية ضد الحظائر والمحازن اللوجستية ومراكز الصيانة والإنتاج والتجميع الحربي ومراكز القيادة والسيطرة وتجمعات القوات الاحتياطية، وإضافة جبهات ضغط خارجية بطريقة غير مباشرة وموافقة ودعم سري روسي كما حصل بالجبهة الفلسطينية! وذلك كما أسلفنا لتحيد استمرار الدعم اللوجستي والتسليحي لأوكرانيا وهذا كما أسلفنا ما حصل، حتى مستوى جلب المرتزقة فكل شيء بدء يتحول إلى دولة الكيان الصهيوني!
وهنا يجدر السؤال إذا توقف الهجوم المضاد الأوكراني، وأخذ الأوكران أوضاع دفاعية استعداداً لهجوم الربيع القادم إذا توفرت مستلزماته، وركن الروس إلى تجهيز قواتهم للهجوم الشتوي الكبير في الشتاء القادم، فهل سوف تهدئ الحرب؟
برأي سوف تتوقف المعارك المباشرة فقط؛ ويبقى نشاط القوى الجوية والضربات العميقة الصاروخية وكذا سلاح المدفعية المباعد مثل مدفعية كواليتسيا البعيدة المدى حتى 70 كم وراجمات تورنيدو اس حتى مدى 120 كم.
مع التركيز الهجين الاستخباراتي العسكري الروسي على تصفية عناصر الفيالق الأجنبي لأنهم أكثر احتراف من الأوكران على اتقان تكتيكات الغرب والأفضل باستخدام أسلحته، وهم المعول عليهم بعد فناء أكثر التشكيلات المحترفة الأوكرانية، لذلك قامت روسيا ببرنامج مراقبة هجين استخباراتي وعسكري لهذه العناصر وتصفيتهم بطريقة جماعية عسكرية غالباً في مراكز تواجدهم خارج أماكن الجبهات الميدانية، بطرق الاغتيال بالدرونات والقناصين العملاء، كما يحاول أن يفعل الكيان بعناصر وقيادات المقاومة الفلسطينية! إضافة للتركيز عليهم في ساحات القتال، حتى أنه لم يتبقى منهم اليوم وفق موقع ريبار العسكري الروسي إلا 1800 عنصر من أصل 20 ألف! وهو ما خلق حالة رعب وعطل وصعب بشكل كبير الانضمام وإبرام التعاقدات الجديدة، التي تصبوا إلى تشكيل ثلاثة فيالق جديدة قوامها 75 ألف في الربيع القادم.
وحاولت أمريكا أن تستعيض عن فشلها في فتح تعاقدات كافية مع مرتزقة دول الناتو الغربية، بفتح تعاقدات جديدة، مع مرتزقة دول أوربا الشرقية التي كانت سوفيتية، التي هي أيضاً من الناتو بالمرحلة الحالية! واعتماد الضباط والقادة الميدانين من مرتزقة الغرب، لرفع أداء القوات المحترفة الأوكرانية إلا أن المخابرات العسكرية الروسية GRU والفيدرالية FSB تتبعوا ورصدوا مركز تجمع سري يضم أكثر من 50 ضابط ناتو ميداني غربي، ووجهوا له ضربة جوية بقنابل فاب المعدلة زنة 1500 كغ الاختراقية.
والمخادعة أو المماطلة الأمريكية التي مناطها الاختلاف بين أعضاء الكونغرس الجمهوريين المعارض والديمقراطيين المؤيدين لاستمرار الدعم، منوط بعدم تخصيص حزمة تمويل جديدة لعام 2024، وليس حول وقف حزمة 2023! التي بدأت تتحول قصراً وبالإكراه لدعم قوات الكيان الصهيوني، بما في ذلك القذائف المدفعية التي كانت مخصصة بالأصل للجبهة الأوكرانية!
ومعنى قول الرئيس الأمريكي عن عام 2024 أننا سوف نجد طرق أخرى لدعم أوكرانيا أي بزيادة الضغط على دول أوربا الغربية على القيام بهذا الدور بأسلحتها أو بشراء الأسلحة الأمريكية، وباستعارة الأسلحة الأمريكية التي زودت أمريكا بها دول أوربا الشرقية وخاصة بولندا ورومانيا.
ومن الطرف الأوكراني وأثناء هدوء الجبهات القتالية هناك قذائف فولكانو الألمانية الإيطالية الهجينة المدفعية، التي تجمع بين القذف المدفعي والدفع الصاروخي وأخيرا المرحلة الانزلاقية ليصل مداها حتى 80 كم بدقة متناهية جنباً إلى جنب مع قذائف جملرس الصاروخية التي تنشط اليوم مع قذائف فولكانو لضرب لوجستيات ومراكز القيادة والسيطرة الروسية.
ويطور الروس اليوم "كارسوكا فور" إلى مستوى الطاقة الخامس الذي يمكنها من تفجير الرؤوس الحربية بطاقة إلكترومغناطيسية عالية جداً، تكون بمثابة صاعق تفجير للرؤوس الحربية مستغلين عميلة تفعيل طابة التفجير المبكرة بالمرحلة الانقضاضية في قذائف فولكانو، وذلك من أجل التفجير التقاربي أن التلامسي الارتطامي أو حتى الاختراقي.
وهذه التقنية موجودة أساساً بالمنظومة الجديدة التي بدء الروس بالإنتاج التسلسلي لها وهي التي يمكن تسميتها مجازراً "كارسوكا سكس" وهي منظومة "باروديست" وهي بالظاهر تطوير لأداء منظومة "كارسوكا فور" من خلال زيادة قوة وحدة التشويش الكهرومغناطيسي الشديد إلى طبقة خامسة، ولكن بالحقيقة هذه المنظومة لديها تقنيات لا زالت سرية إضافية، ومنها على ما يبدو عملية العزل التام لنشاط البعيد المدى للطائرات والمسيرات والذخائر الذكية الكهرومغناطيسية، إضافة لاحتمال قدرتها على تعطيل النشاطات الداخلية الإلكترونية وحتى التشويش على موجات التشويش الكهرومغناطيسيةـ! وفي نطاقات ترددية أوسع وكذلك مساحات ومسافات أكبر من سالفتها، ونظام "باروديست" مصمم للتشويش على الرادارات الموجودة على متن الطائرات وكذلك أنظمة اتصالات الطيران وأنظمة التحكم الآلي، وهو ما سوف يشكل خطر كبير على نفاثات فالكون ف 16 المطورة الفوق صوتية الأمريكية أثناء تنفيذ ضرباتها الجوية إن دخلت أوكرانيا وبدء نشاطها.
وتعد روسيا لحرب الشتاء أسلحة مطورة ومتطورة ونوعية، فربما تقوي المصدات المغناطيسية لدبابة الاختراق T-90M بدل الحماية النشطة "أرينا ام" الصدية لتصبح أكثر مرونة وفاعلية وربما يتم اعتماد قذائف "فياغر ام" الذكية الصاروخية الموجهة بالليزر حتى مدى 10 كم، ويتم تعديل دبابة T-80UM ببعض تقنيات دبابة أرماتا المستقبلية، من ناحية الذخائر والمدفع الرئيسي والحماية النشطة أفغانو إضافة للحماية الليزرية!
ويتم تذخير الدبابتين أعلاه بقذيفة جديدة من نوع "تيلي بنيك" الاختراقية الانشطارية المضادة للتحصينات والدشم الدفاعية، وأخرى للخنادق والدشم السطحية بطريقة تقاربية علوية، وأخرى خاصة بالتحصينات الأرضية المخندقة المكشوفة من الأعلى والمغطاة السطحية وهي قذيفة من عيار 125 ملم وزنة 6 كغ تقريباً، طورت بالأصل لتكون خاصة بدبابة الاختراق (بروريف)، وهذه القذيفة الجديدة الانشطارية التراكمية أقوى بتأثيرها بثمانية مرات من القذائف الموقوتة التقاربية المضادة للأفراد!
وهناك سلاح نوعي على ما يبدو بدأت روسيا إنتاجه التسلسلي بطرية سرية، بعد أن أعلن العلماء المختصين بتطوره وتجربته إنهاء التجارب وجاهزيته العملية، وهو قذيفة الأفوغا الإلكترومغناطيسية، التي ربما تطلق طاقة هائلة جداً من المايكرويف أو البروتونات الحرة فإذا ما كان الخيار الإشعاعي الأول فإنها سوف تشل وتحرق عموم البنية الإلكترونية للمدرعات والآليات الأوكرانية، وفي حال الخيار الثاني وأعني البروتوني فسوف يتعدى الأمر ذلك إلى تفجير الذخائر المتفجرة داخلها بالصعق الخارجي لتحقق القتلين اللين والقاسي! ووفق المعلومات المسربة فإن عشرين قذيفة مدفعية منها عيار 152 ملم مركزة الطاقة المخروطية كافية لشل أو تدمير قافلة من المدرعات والآليات القتالية يبلغ طولها أكثر من 30 كم، وهو ما سوف يغير المعادلة القتالية بالكامل بدخول هذه الأسلحة ذات الطاقة الفيزيائية للمعركة.
وبدأت روسيا تنشر ربما من باب التضليل عن منطقة الهجوم في الشمال الغربي الموازي لمقاطعة خاركييف، المجمع الإلكتروني المطور عن النموذج الأساسي الذي أنتج عام 2017 وهو نظام "بيلانا" الثوري، الذي يقوم برصد كافة الإشارات الإلكترومغناطيسية المعادية الرادارية والراديوية الأرضية والجوية وحتى الفضائية ثم بالوقت المناسب تولد حزم كهرومغناطيسية هائلة وبطاقة مهولة جداً تغطي امتداد قد يصل لنحو 1000 كم بكل اتجاه، يشوش على كل شيء لا سلكي، بما في ذلك نظم توجيه واتصال الأقمار الصناعية دون أدنى تأثير على النظم الموازية الروسية!
وما يرجح إمكانية أن يكون الهجوم الرئيسي من هذا الاتجاه أو المحور، أن روسيا بدأت تشكل قوات متعاقدة كبيرة جداً متعددة الجنسيات! قوامها 300 ألف محارب محترف تشكل اليوم أكثرها! مكونة من خمسة جيوش ميدانية تسمى قوات عاصفة زيد أو عاصفة النصر.
أما عن خطة الهجوم الشامل الروسية المتوقعة، فوفق برنامج طلاء المدرعات والآليات الروسية بطلاء شبحي، واغطية مموهة تزيد تصغير البصمة الرادارية والحرارية، وحتى تضليل البصرية، فهي لن تكون لتنفيذ هجوم خفي، بحجم إخفاء حجم الحشود الكبيرة قبل بدء الهجوم على وسائل الفضائية الرادارية والحرارية وحتى الكهروبصرية، وغالباً سوف يبدأ الهجوم بتمهيد جوي كبير جراحي لبنك كبير من الأهداف، يكون عماده المئات من قاذفة بطة الجحيم الشبحية، التي سوف يكون سلاحها الرئيسي قنابل فاب المعدلة من فئة 250 كغ و 500 والسلاح الثاني قنابل دريل العنقودية الأسطوانية الذخائر الفرعية الباحثة الذكية لتدمير تجمعات المدرعات والآليات الأوكرانية، ويلي ذلك نفاثات الخفاش التكتيكية التحت صوتية وحوامات التمساح الهجومية التي سوف تطلق معاً صواريخ "فياخر ام" الموجهة والقذائف الصاروخية، كما سوف يشارك باقي أنواع الحومات الهجومية الروسية، ثم يبدأ نشاط راجمات الصواريخ البعيدة المدى بذخائرها الذكية والمساحية، مع نشاط عموم التشكيلات المدفعية.
وفي حالة نفذ الأوكران هجمات مضادة فإنها سوف تجابه بقذائف الأفوغا الإلكترومغناطيسية المدفعية.