صراع الاقمار الصناعيه

steph

عضو
إنضم
21 يوليو 2009
المشاركات
1,066
التفاعل
106 0 0
الأقمار الاصطناعية ونظم تحديد المواقع جغرافياً في صراع القوى الكبرى للسيطرة على الأرض
الثلاثاء, 18 أغسطس 2009

1250526709892576700.jpg
أحمد مغربي


Related Nodes:






ماذا بعد أن احتوت الخليويات العادية تقنية للإتصال مباشرة مع الأقمار الاصطناعية، مثل «النظام الشامل لتحديد المواقع على الأرض» («غلوبال بوزيشننغ سيستم» Global Positioning System)، ويشتهر باسمه المختصر «جي بي أس» GPS؟ والمعلوم أن ذلك النظام المتطوّر يعتمد على شبكة من الأقمار الاصطناعية، تشكل جزءاً من منظومة أميركية ضخمة من تلك الأقمار. وكالكثير من التقنيات التي راجت بين أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحالي، وُلِد نظام «جي بي أس» من رحم المؤسسة الأميركية. واعتُبِر سلاحاً سرياً متطوراً، يقتصر استخدامه على الجيوش الأميركية، تماماً مثل حال شبكة الإنترنت التي صنعتها مختبرات البحوث المتطورة في البنتاغون. واستخدم نظام «جي بي أس» لتوجيه الصواريخ الباليستية، خصوصاً «توماهوك» التي استعملت في عدد من الحروب أشهرها تلك التي جرت في يوغسلافيا السابقة والعراق. وفي عهد الرئيس الأميركي بيل كلينتون، انتقل نظام «جي بي أس» الى الاستخدام المدني.
ويفوق عدد الهواتف النقّالة حالياً البليونين ونصف البليون. وتتوزّع ببراعة على الكرة الأرضية، بحيث تشمل المناطق النائية والمراكز الحضارية الأكثر تقدّماً في آن. وتسير شركات الخليوي وشبكاته بإصرار نحو تضمين الهواتف تقنية الاتصال مع الأقمار الاصطناعية لتحديد المواقع على الأرض. راهناً، تشكل تلك الهواتف الشريحة الأسرع تكاثراً في أنواع الخليوي، لأن معظم الأنواع الحديثة تضم تلك التقنية... بليونا إنسان متصلون بالأقمار الاصطناعية التي تستطيع تحديد تحركهم على مدار الساعة! 2.5 بليون إنسان (وربما أكثر) يتصلون بالأقمار الاصطناعية لأسباب شتى، ويدفعون مقابل ذلك الاتصال. ليس ذلك كل السوق. فبالترافق مع ذلك، عملت شركات الخليوي أيضاً على صنع أجهزة، تسمى «نُظُم الإبحار»، تتخصّص بتوجيه السيارات أثناء سيرها، لمساعدتها في التعرف الى هدفها، والوصول إليه، وتجنّب الشوارع الأكثر إزدحاماً وما إلى ذلك. وتدفع تلك السيارات لقاء اتصالاتها الفضائية أيضاً. ثمة 52 مليون سيارة عالمياً، تشكّل 80 في المئة من مجمل الحافلات الميكانيكية المخصصة للمواصلات، ما يعني أن العدد الكلي لتلك الحافلات يقارب 62.4 مليون مرشحة لأن تضم تلك الأجهزة خلال السنوات القليلة المقبلة. قبل ان تنقل تقنية تحديد المواقع الأرضية من الفضاء الى الاستخدام المدني، استعمِلت التقنية بكثافة في الصواريخ الاستراتيجية (مثل «بيرشنغ» الأميركي و«توبول» الروسي) والقاذفات الاستراتيجية وطائرات الاستطلاع الاستراتيجي (مثل الأواكس) والطائرات الحربية المتخصصة بالتشويش على نُظُم الاتصالات وغيرها. وبعيد انتقال نظام «جي بي أس» الى الاستخدام المدني، انتشرت بسرعة في الطائرات المدنية والتجارية والسفن والقطارات وغيرها. إنها سوق هائلة بالنسبة لتقنية مُفردة تستعمل الفضاء لتحديد المواقع على الأرض. لنتذكر أن تلك التقنية، التي يلزمها شبكة تتكوّن مما يراوح بين 20 و30 قمراً اصطناعياً، تشهد صراعاً هائلاً بين 3 قوى كبرى. إذ تدعم الولايات المتحدة نظام «جي بي أس». ويتنبى الاتحاد الأوروبي نظاماً منافساً اسمه «غاليليو». وتعقد روسيا أمالها على نظام «غلوناس» الذي تعِدُ بأن يتفوق في الدقة على منافسيه.
ما الذي يترتب على تحديد المواقع على الأرض؟ ما هي المصالح التي يدرها، خصوصاً ان الخدمات تقدم للجمهور من خلال صفقات بين الشركات العملاقة والدول والشركات التي تملك الأقمار الاصطناعية رأساً؟ الأرجح ان المصالح تصل حداً من الضخامة يجعل الإجابة عاجزة عن الإحاطة به. لنأخذ المعلومات. ثمة صراع لا نهاية له على الانترنت على المعلومات عن الجمهور. طري في الذاكرة أن منظمات الدفاع عن الحريات والخصوصية الفردية شنت حرباً لم تنته بعد ضد موقع «غوغل»، متهمة إياه بالاستفادة تجارياً، وبطرق شتى، من المعلومات التي يراكمها الجمهور على بريد ذلك الموقع، إذ تربط عناوينهم الالكترونية مع الاسماء ومعلومات شخصية متنوعة. كيف يكون الحال إذا أضيف الى ذلك الموقع فعلياً على الأرض، وعلى مدار الساعة؟ تزيد أهمية المعلومات العالية التي تقدمها نظم تحديد المواقع مع انتشار خدمات في الاتصالات لها علاقة مع جغرافيا الأمكنة، مثل بنوك الخليوي. لنفكر ما الذي يمكن أن تقدمه تلك المعلومات للسياحة بأنواعها. لنتأمل في الأمر إنطلاقاً من تجربة رسائل «اس أم اس»، التي لا تقدم سوى رقم مرسل الرسالة. وراهناً، ثمة أسواق لا نهاية لها، ترتكز الى تلك الرسائل مثل الموسيقى والأغاني والفتاوى والنصائح ووصفات الطبخ والإرشادات الطبية والاستشارات النفسية والمشاركة في برامج التلفزيون وغيرها. الارجح أن اسواقاً مضاعفة قد تزدهر إذا أضيف الى رقم الخليوي، موقع حامله على الأرض، الذي يحدد الدولة والمدينة والقرية والحي والشارع والمبنى! والارجح أن موضوع الخدمات المرتبطة بتحديد المواقع على الارض تحتاج الى نقاش مستفيض. وأما فوائدها لأجهزة الأمن والعسكر، فأمر متروك لعقل القارئ وخياله!
الفضاء للسيطرة على الأرض
من المستطاع المضي خطوة أخرى الى الأمام في تحليل هذا الأمر. فعقب نهاية الحرب الباردة بانهيار الاتحاد السوفياتي وتفكّك الكتلة الاشتراكية، أطلق الرئيس جورج بوش عبارة شهيرة، إذ قال: «لقد انتقل الصراع للسيطرة على الأرض الى الفضاء». ويصعب الحديث عن الوسائل المختلفة لاستعمال الفضاء في ذلك النوع من السيطرة. ويعطي الصراع بين القوى الكبرى عالمياً في نشر شبكات الأقمار الاصطناعية في الفضاء مدخلاً للتأمل في هذه السيطرة.
إذاً، ربما كان مُجدياً النظر الى التنافس فضائياً على تقنية تحديد المواقع الأرضية نموذجاً عن ذلك النوع من السيطرة.
ويُذكّر ذلك بماضي الصراع في الفضاء بين القوى الكبرى للحرب الباردة في القرن العشرين. والمفارقة أنه ليس بعيدا عنها أيضاً. لقد ابتدأ الصراع في مجال الأقمار الاصطناعية مع إطلاق الاتحاد السوفياتي للقمر الاصطناعي الأول «سبوتنيك 1» في تشرين الأول (أكتوبر) من العام 1957. وحينها، أنشأت الولايات المتحدة شبكة لمراقبة الفضاء، حملت اسم «الشبكة الأميركية لرصد الفضاء» US Space Surveillance Network، وتشتهر باسمها المختصر «أس أن أن» SSN. وتتبع الشبكة لـ«القيادة الأميركية الاستراتيجية». وترصد الشبكة كل جسم يتحرك في مدار حول الكرة الأرضية، بداية من حجم عشرة سنتيمترات. وخلال تاريخها راقبت الشبكة ما يزيد على 26 ألف جسم فضائي. ويورد الموقع الالكتروني لتلك الشبكة أن الأرض مُطوّقة راهناً بقرابة ثمانية آلاف جسم تسير في مدارات حولها.
ويُقدر عدد الأقمار الاصطناعية الفاعلة (وذلك للتمييز عن تلك التي لم يجر تفعليها) بما يزيد على 900 قمر. ما الذي تفعله تلك الأقمار؟ إنها تراقب كل ما يجري على الأرض، وربما حرفياً أو... أكثر! يكفي التأمل قليلاً في الخبر عن النمر الصحراوي، الذي نشر على موقع «المعرفة. أورغ» marefa.org أخيراً. أورد الخبر أنه عثر في صحراء الجزائر على نوع من النمور الصحراوية كان يُعتقد أنها انقرضت. وحدث ذلك، بحسب الخبر، بفضل المراقبة المستمرة للصحراء الكبرى من الأقمار الاصطناعية التي تغطيها بقرابة 3 آلاف كاميرا تشتغل بمجرد ان تلتقط مجساتها حركة ما في تلك الصحراء! تتولى الأقمار الاصطناعية نقل البث التلفزيوني والاتصالات بأنواعها، وترصد أحوال المناخ والبحار والمحيطات والمسطحات المائية والرياح والمواصلات وأسراب الطيور وأرتال الأسماك والتناقلات الكبرى للناس والحيوانات، وتراقب درجات الحرارة وتغيّرتها، وتركيب الغلاف الجوي وغيرها. ويورد موقع علمي أميركي، يعود الى «إتحاد العلماء المهتمين»، أن الأقمار الاصطناعية ترسل 80 ألف «إطلالة» من الفضاء يومياً الى الأرض. يشير ذلك المصطلح إلى أن «الإطلالة» لا تقتصر على الصور الثابتة، كحال تلك التي تظهر على موقع «غوغل إيرث»، بل تشمل أشرطة مصورة وأفلاما مطوّلة بكاميرات تعمل بالأشعة تحت الحمراء وأشرطة عن حركة الأمواج والرياح وغيرها. يتكرر كل ذلك ثمانين ألف مرة يومياً! هل يمكن تخيّل المقدار الهائل من المعلومات والمصالح والسطوات التي تتحرك مع هذه الأقمار؟ ليس عبثاً ان الدول تتصارع باستمرار على إطلاق الأقمار الاصطناعية. فترسل الولايات المتحدة، أضخم مُطلِق مُفرد للتلك الأقمار، ألف قمر سنوياً، تليها حصة من 1300 قمر تتوزّع على الدول الثلاث التي ورثت الاتحاد السوفياتي (روسيا وأوكرانيا وأوزباكستان)، ثم اليابان (100) والصين (50) وفرنسا (40) والهند (30) وبريطانيا (25) وحصة لأستراليا واسرائيل تقدر بقرابة عشرين قمراً اصطناعياً سنوياً.
وتتشارك أميركا مع 3 دول (روسيا وأوكرانيا والنرويج) في كونسورتيوم يتولى إطلاق بضعة اقمار اصطناعية من البحر سنوياً.
وتتوزّع الأقمار الاصطناعية على 3 مدارات رئيسية، تضم المدار الخفيض «ليو» (430 قمراً فاعلاً)، والمدار المتوسط «ميو» (56 قمراً)، والمرتفع «ليو» (أكثر من 400 قمر).
وتنال الولايات المتحدة وروسيا والصين الحصص الأكبر من تلك الأقمار. ومثلاً، تملك أميركا في أي وقت، أكثر من 430 قمراً فاعلاً، تُخَصّص عشرة منها للاستخدامات المدنية، وتُفرد 194 قمراً للأعمال التجارية، وتستأثر الأعمال الحكومية بـ122 قمراً، وينال البنتاغون 110 أقمار. وفي التفاصيل ان المدار الخفيض (من 160 كيلومترا الى ألفي كيلومتر) مُخصّص للمركبات الفضائية التي تعمل في اكتشاف الكون، وأبرز ما يضمه راهناً هو «محطة الفضاء الدولية» International Space Station. وتحلّق في ذلك المدار مكوكات الفضاء أيضاً. ويحتضن المدار المتوسط «ميو» (من ألفي كيلومتر الى 35 ألف كيلومتر) شبكات الأقمار الاصطناعية المخصصة لنظم تحديد المواقع الأرضية من الفضاء، هي «جي بي اس» و«غلوناس» و«غاليليو».
ويشهد المدار العالي «جيو» (ما يزيد عن 35 ألف كيلومتراً) صراعاً هائلاً. إذ ان المراقب من ذلك الإرتفاع يرى النقاط التي يشرف عليها في الأرض، وكأنها ثابتة (ربما الأصح القول أيضاً أن
1250526709862576400.jpg
النقاط الأرضية ترى مركبات الفضاء التي تدور على ذلك الارتفاع وكأنها ثابتة).
وتعتبر هذه الطبقة مثالية لبث الموجات المختلفة الى الأرض، التي تحمل البث التلفزيوني والراديو والمكالمات البعيدة المدى وغيرها. ويحاول «الاتحاد الدولي للإتصالات» حلّ المشاكل التي تنتهي بين الدول على حقوقها في تلك الطبقة، خصوصاً بالنسبة للأجزاء التي تشرف على المناطق الكثيفة بالسكان، التي تعتبر هدفاً رئيسياً لمحطات التلفزيون والراديو والهاتف وغيرها. وكانت الولايات المتحدة أول من وضع أقماراً في ذلك المدار المرتفع، في العام 1964.
وإضافة الى ذلك، تستضيف المدارات العالية، شبكات الأقمار الاصطناعية المتصلة بالطقس ورصد المناخ. وتضم قائمتها، شبكة «جيوس» الأميركية، و«متيوستات» التي نشرتها «وكالة الفضاء الأوروبية» و«جي أم أس» التي تديرها اليابان، و«إنسات» التي تتولاها الهند (الأرقام من موقع «يونيون أوف كونسيرند ساينتست»


منقول من جريدة الحياه
 
عودة
أعلى