"...إن حل هذه المعضلة هو برجوع طالبان لقتال أمريكا في أفغانستان بدل باكستان , و محاولة فك الارتباطات المتداخلة و المصالح المشتركة بين القوى المتحالفة في أفغانستان..."
ليس بخاف أن الأزمة التي تشهدها باكستان تمثل صراعاً بالغ التعقيد و التشابك , مستعصية على الفهم و الإدراك فإن باكستان محاطة بالأعداء المتربصين بها دوائر التفكيك و التشرذم, وسط هذه الأزمة أطرح تحليلا للبيئة الخارجية المقاربة للحدود الباكستانية موضحا بعض ما يُحاك خلف أسباب هذا الصراع وتداعياته التي ستطال الدول المجاورة.
بيد أن الأسئلة التي تطرح باستمرار في الأزمة الباكستانية هي من صنعها ؟ ومن الذي يديرها؟ وما هي الأنظمة المستفيدة منها ؟ و للإجابة على هذه الأسئلة ينبغي أن نعلم أن الطريقة التي كانت مستخدمة في استقرار الأوضاع في هذا الإقليم سابقا قائمة على تمركز الشعب و الأفراد حول الحكومات سواء الباكستانية أو الأفغانية , وهذه الطريقة أثبتت فشلها بدليل تصاعد قوة طالبان - طبعاً حسب الرؤية الأمريكية - لذلك طرحت الإدارة الأمريكية الجديدة إستراتيجية تحالفيه قائمة على تكريس اللامركزية بحيث تُفكك المنطقة إلى تجمعات قبائلية عدائية و إلغاء أو إضعاف مركزية الحكومات من ذهن الأفراد و الشعوب.
وهذه الإستراتيجية الجديدة لا تتم إلا من خلال انتشار القبلية في المنطقة وذلك بتفكيك باكستان النووية , و إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية مثخنة بالأزمة المالية, غارقة في المستنقع العراقي فلن تستطيع دخول حروب أخرى, لذلك أوعزت لباكستان إغلاق الحدود بينها وبين أفغانستان و التضييق على المجاهدين فيها لإثارة طالبان فأنتجت هذه الإثارة ثورة في الصفوف الطالبانية التي كانت مستفيدة من الإمدادات التي تأتيها عبر الحدود الباكستانية فبإغلاقها انقطع خطها الإمدادي , فبدأت هي بدورها القتال لإعادة الإمداد البشري و اللوجستي لها , و سيستمر القتال بينهما حتى ينهك بعضهم بعضا و يسقط بعضهم بعضا , فيتحول الفرد حسب الإستراتيجية الأمريكية من التمركز حول الحكومة إلى التمركز حول القبيلة التي ستحقق لاحقا تغييرا جذريا في تركيبة المنطقة التي ستخدم أهداف المتآمرين و المتحالفين .
فإن الدول المستفيدة من هذا التفكيك هي أمريكا و الهند و إيران , وهذا التحالف الثلاثي يبرهن عليه أن أكبر ثلاث شخصيات في الحكومة الأفغانية هم الرئيس الأفغاني حامد كرازي رجل أمريكا في المنطقة ونائبه قاسم فهيم الطاجيكي المقرب من النظام الهندي ونائبه الأخر كريم خليلي القائد الشيعي حليف إيران الأول في أفغانستان, هذا التجسد التحالفي بين الأنظمة الثلاثة في أفغانستان يوضح قوة تلاقي المصالح بين الدول المتحالفة القائمة أولاً على تفكيك السلاح النووي الباكستاني ثانياً إضعاف طالبان العدو المشترك لهم عبر القتال مع باكستان, وبذلك ينكشف قادة تنظيم القاعدة الذين مازالت طالبان حاضنة لهم.
ثم إن المعترك الأساسي بين جميع القوى الفاعلة في المنطقة هو أفغانستان فمن استطاع أن يجد موطئ قدم فيها يستطيع من خلالها تحقيق أهدافه فأمريكا من خلال الرئيسي الأفغاني حامد كرزاي و الهند من خلال حليفها قاسم فهيم ومليشياته و إيران عبر القائد الشيعي كريم خليلي و طائفته الشيعية , أما باكستان فقد كانت علاقة مخابراتها بالبشتون جيدة قبل القتال مع طالبان , لولا أن العلاقة تعكرت بسبب تضيقيها على المجاهدين الباكستانيين و إغلاق الحدود بينها و بين أفغانستان, ولذلك نجد أن أمريكا تذكي الخلاف بين باكستان و طالبان لفك الارتباط بين المخابرات الباكستانية و البشتون و إضعاف الجانبين.
و بالتالي يكسب التحالف الثلاثي (الهند - أمريكا — إيران ) من جراء اقتتال الجانبين, فالهند ستتخلص من عدوها الوجودي في المنطقة, و إيران التي تتنامي قوتها بسقوط الأقوياء من حولها و ليس بسبب قدراتها العسكرية فقط , فنظامها الدفاعي ضعيف , و ستكسب أيضا انتشار دينها شرقا عبر التوغل داخل الشعوب , وكذلك تتنفس الصعداء بعد التخلص من قوة طالبان المقلقة بالنسبة لها ، أما أهداف أمريكا في الصراع خروج باكستان من النادي النووي, ومواجهة قادة تنظيم القاعدة وجهً لوجه , و لتبقى كذلك داخل المثلث الأسيوي التحالفي بين الصين و روسيا و إيران .
إن حل هذه المعضلة هو برجوع طالبان لقتال أمريكا في أفغانستان بدل باكستان , و محاولة فك الارتباطات المتداخلة و المصالح المشتركة بين القوى المتحالفة في أفغانستان.
إن المتصارعين في باكستان إن لم يعلم ما يُدبر و يُخطط لهم فستكون نهايتهم مؤلمة حزينة , وهم بذلك ينخدعون بدبلوماسية الوهم التي نشرتها الإدارة الأمريكية في القمة التي جمعت بين أوباما و كرزاي و زرداري التي أرادت تسكين الأوضاع في الظاهر بينما تغلي وتتفجر في الحقيقة .
(يُرجى العزو إلى شبكة القلم الفكرية عند نشر الموضوع في موقع آخر)
http://www.alqlm.com/index.cfm?method=home.con&contentid=772
ليس بخاف أن الأزمة التي تشهدها باكستان تمثل صراعاً بالغ التعقيد و التشابك , مستعصية على الفهم و الإدراك فإن باكستان محاطة بالأعداء المتربصين بها دوائر التفكيك و التشرذم, وسط هذه الأزمة أطرح تحليلا للبيئة الخارجية المقاربة للحدود الباكستانية موضحا بعض ما يُحاك خلف أسباب هذا الصراع وتداعياته التي ستطال الدول المجاورة.
بيد أن الأسئلة التي تطرح باستمرار في الأزمة الباكستانية هي من صنعها ؟ ومن الذي يديرها؟ وما هي الأنظمة المستفيدة منها ؟ و للإجابة على هذه الأسئلة ينبغي أن نعلم أن الطريقة التي كانت مستخدمة في استقرار الأوضاع في هذا الإقليم سابقا قائمة على تمركز الشعب و الأفراد حول الحكومات سواء الباكستانية أو الأفغانية , وهذه الطريقة أثبتت فشلها بدليل تصاعد قوة طالبان - طبعاً حسب الرؤية الأمريكية - لذلك طرحت الإدارة الأمريكية الجديدة إستراتيجية تحالفيه قائمة على تكريس اللامركزية بحيث تُفكك المنطقة إلى تجمعات قبائلية عدائية و إلغاء أو إضعاف مركزية الحكومات من ذهن الأفراد و الشعوب.
وهذه الإستراتيجية الجديدة لا تتم إلا من خلال انتشار القبلية في المنطقة وذلك بتفكيك باكستان النووية , و إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية مثخنة بالأزمة المالية, غارقة في المستنقع العراقي فلن تستطيع دخول حروب أخرى, لذلك أوعزت لباكستان إغلاق الحدود بينها وبين أفغانستان و التضييق على المجاهدين فيها لإثارة طالبان فأنتجت هذه الإثارة ثورة في الصفوف الطالبانية التي كانت مستفيدة من الإمدادات التي تأتيها عبر الحدود الباكستانية فبإغلاقها انقطع خطها الإمدادي , فبدأت هي بدورها القتال لإعادة الإمداد البشري و اللوجستي لها , و سيستمر القتال بينهما حتى ينهك بعضهم بعضا و يسقط بعضهم بعضا , فيتحول الفرد حسب الإستراتيجية الأمريكية من التمركز حول الحكومة إلى التمركز حول القبيلة التي ستحقق لاحقا تغييرا جذريا في تركيبة المنطقة التي ستخدم أهداف المتآمرين و المتحالفين .
فإن الدول المستفيدة من هذا التفكيك هي أمريكا و الهند و إيران , وهذا التحالف الثلاثي يبرهن عليه أن أكبر ثلاث شخصيات في الحكومة الأفغانية هم الرئيس الأفغاني حامد كرازي رجل أمريكا في المنطقة ونائبه قاسم فهيم الطاجيكي المقرب من النظام الهندي ونائبه الأخر كريم خليلي القائد الشيعي حليف إيران الأول في أفغانستان, هذا التجسد التحالفي بين الأنظمة الثلاثة في أفغانستان يوضح قوة تلاقي المصالح بين الدول المتحالفة القائمة أولاً على تفكيك السلاح النووي الباكستاني ثانياً إضعاف طالبان العدو المشترك لهم عبر القتال مع باكستان, وبذلك ينكشف قادة تنظيم القاعدة الذين مازالت طالبان حاضنة لهم.
ثم إن المعترك الأساسي بين جميع القوى الفاعلة في المنطقة هو أفغانستان فمن استطاع أن يجد موطئ قدم فيها يستطيع من خلالها تحقيق أهدافه فأمريكا من خلال الرئيسي الأفغاني حامد كرزاي و الهند من خلال حليفها قاسم فهيم ومليشياته و إيران عبر القائد الشيعي كريم خليلي و طائفته الشيعية , أما باكستان فقد كانت علاقة مخابراتها بالبشتون جيدة قبل القتال مع طالبان , لولا أن العلاقة تعكرت بسبب تضيقيها على المجاهدين الباكستانيين و إغلاق الحدود بينها و بين أفغانستان, ولذلك نجد أن أمريكا تذكي الخلاف بين باكستان و طالبان لفك الارتباط بين المخابرات الباكستانية و البشتون و إضعاف الجانبين.
و بالتالي يكسب التحالف الثلاثي (الهند - أمريكا — إيران ) من جراء اقتتال الجانبين, فالهند ستتخلص من عدوها الوجودي في المنطقة, و إيران التي تتنامي قوتها بسقوط الأقوياء من حولها و ليس بسبب قدراتها العسكرية فقط , فنظامها الدفاعي ضعيف , و ستكسب أيضا انتشار دينها شرقا عبر التوغل داخل الشعوب , وكذلك تتنفس الصعداء بعد التخلص من قوة طالبان المقلقة بالنسبة لها ، أما أهداف أمريكا في الصراع خروج باكستان من النادي النووي, ومواجهة قادة تنظيم القاعدة وجهً لوجه , و لتبقى كذلك داخل المثلث الأسيوي التحالفي بين الصين و روسيا و إيران .
إن حل هذه المعضلة هو برجوع طالبان لقتال أمريكا في أفغانستان بدل باكستان , و محاولة فك الارتباطات المتداخلة و المصالح المشتركة بين القوى المتحالفة في أفغانستان.
إن المتصارعين في باكستان إن لم يعلم ما يُدبر و يُخطط لهم فستكون نهايتهم مؤلمة حزينة , وهم بذلك ينخدعون بدبلوماسية الوهم التي نشرتها الإدارة الأمريكية في القمة التي جمعت بين أوباما و كرزاي و زرداري التي أرادت تسكين الأوضاع في الظاهر بينما تغلي وتتفجر في الحقيقة .
(يُرجى العزو إلى شبكة القلم الفكرية عند نشر الموضوع في موقع آخر)
http://www.alqlm.com/index.cfm?method=home.con&contentid=772