التحالف العسكري الاسرائيلي ___ الامريكي ج1

mohammed bassam

رزانة العقل
صقور الدفاع
إنضم
6 يوليو 2008
المشاركات
4,769
التفاعل
114 4 0
منذ أن نشأت فكرة إقامة دولة إسرائيل على أرض فلسطين، والولايات المتحدة الأمريكية تقدم لها كل أنواع الدعم المادي والمعنوي، لكي تتفوق على الدول العربية المحيطة بها، وتصبح قوة وأداة تحقق أهداف الغرب في المنطقة، والتي تتحدد في تجزئة العالم العربي بفصل المشرق العربي عن مغربه، ولأن تكون قاعدة متقدمة لردع التهديدات الموجهة للمصالح الأمريكية والغربية، ولتحد من خطر المد الشيوعي في المنطقة. كما اعتبرتها الولايات المتحدة الأمريكية، أحد العناصر الرئيسية لملء الفراغ في الشرق الأوسط طبقاً لمبدأ الرئيس، دوايت ديفيد أيزنهاور Dwight David Eisenhower، الذي أعلنه في 5 يناير 1957، بعد فشله في إقامة حلف بغداد.

لذلك، فإن التعاون العسكري بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، ممتد منذ إنشائها وحتى الآن، سواء من خلال تحقيق المصالح المتبادلة، أو توقيع اتفاقيات غير معلنة، أو من خلال اتفاقيات تحدد بأسلوب دبلوماسي مع إنشاء لجان لمتابعتها، وهذا النوع من الاتفاقيات بدأ منذ عام 1981، وكانت لكل مرحلة انعكاساتها على المنطقة العربية، وعلى العالم.

وقد حرص الرؤساء الأمريكيون باستمرار، أن يكون أمن دولة إسرائيل وبقاؤها، وتفوقها على دول الجوار العربية، إحدى الأسس الرئيسية للسياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وفي المقابل، فإن قادة إسرائيل كان لديهم نفس الحرص على تحقيق التقارب مع الولايات المتحدة الأمريكية، الذي بدأ حثيثاً من خلال الضغوط الصهيونية على الإدارات الأمريكية المتعاقبة، ثم وصل إلى ذروته خلال عقد الستينيات، واستمر بعد ذلك في وتيرة متصاعدة، دون مراعاة لأي متغيرات على المستوى الإقليمي والدولي، أو مراعاة مصالح دول المنطقة، ودون النظر إلى ما يمكن أن تتعرض له المصالح الأمريكية.

وشمل التعاون العسكري كافة الجوانب الإستراتيجية، التي تؤثر على الأمن الوطني لإسرائيل، حيث انعكس هذا التعاون بشدة، على ضمان بقاء إسرائيل نفسها، وأصبح هناك ارتباطاً وثيقاً بين مختلف المؤسسات الأمريكية وإسرائيل، وأصبحت التكنولوجيا الأمريكية المتقدمة، في يد إسرائيل، وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية، هي الدولة الرئيسية في استيراد الأسلحة، والمعدات العسكرية، التي تنتج في إسرائيل، سواء كان ذلك من قبيل تشجيع الصناعات الإسرائيلية، أو التقليل من عجز الميزان التجاري بين الدولتين.

وإذا دققنا النظر في تطور التعاون العسكري بين الدولتين، فالملاحظ أن اللوبي اليهودي داخل الولايات المتحدة الأمريكية، هو صاحب اليد العليا في دفع الإدارة الأمريكية للتعاون مع إسرائيل.

وإذا كانت الاتفاقيات العسكرية، قد صيغت كوثائق تاريخية اعتباراً من أوائل عقد ثمانينيات القرن العشرين، إلا أن التعاون العسكري، لم يتوقف بين أمريكا وإسرائيل، والذي بدأ بضغوط على الدول الغربية لإمداد إسرائيل بالسلاح، ثم شراء صفقات أسلحة بأموال أمريكية لصالح إسرائيل، ثم إمداد إسرائيل بالأسلحة، والتكنولوجيا الأمريكية علناً، ودون أي اعتبار.

أما النتيجة النهائية لهذا التعاون، فهو وجود ثغرة هائلة في التوازن العسكري بين إسرائيل ودول المواجهة العربية، أدت إلى تصاعد صلفها وغرورها، وتحدي الرأي العام العربي، والعالمي فيما تفعله في مواجهة الانتفاضات الفلسطينية، وهو ما لم يكن ليحدث إلا من خلال دعم أمريكي مفرط.

دوافع إقامة العلاقات العسكرية الإسرائيلية ـ الأمريكية وتطورها

لم تبن العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بين عشية وضحاها، ورغم ما تحمل هذه العلاقة من مفارقات، فهي ما زالت تتقدم. ويعكس واقع التحالف اليوم إفرازات نصف قرن من العلاقات الخاصة بينهما، والتي أسفرت عن قناعة الإدارة الأمريكية بأن تترك إسرائيل تنفذ ما تراه لأنها أدرى بمصالحها، كما تدرك أمريكا، أن مصالحها في المنطقة تصان، وتتحقق عندما يكون لدى إسرائيل حرية الحركة، والقدرة على تهديد وردع جيرانها العرب، لاسيما وأن إسرائيل هي أول وأهم من يساندها في حالة تهديد مصالحها.

ويُعد التعاون الإستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية، هدفاً إسرائيليا متأصلاً، يرجع إلى بداية الخمسينيات من القرن العشرين، عندما التقى وزير الخارجية الإسرائيلي وقتها، موشي شاريـت Moshé Sharett، مع وزير الدفاع الأمريكي "جورج مارشال" George Marshall، في نيويورك في ديسمبر 1950، حيث طرح شاريت أول أفكار إسرائيلية عن التعاون الإستراتيجي، واتفق مع وزير الدفاع الأمريكي على إعداد مذكرة تفصيلية حول هذا الموضوع، تضمنّت عرضاً لموقف إسرائيل الاقتصادي، والصناعي، على ضوء الحصار العربي المضروب حولها، وطلبت المساعدة الأمريكية في حل تلك المشكلة، مركزّة على أن ما حققه جيش الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، في مجال الدفاع عن دولة ولدت لتوها ضد القوات العربية، يمثّل مؤشراً جيداً على الخدمة التي تستطيع إسرائيل تقديمها للعالم الحر، إذا نمت قدرتها العسكرية.

وثمة دلالة أخرى تشير إلى محاولات إسرائيل المبكرة للتعاون الإستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهي رسالة وزير الخارجية الأمريكي، "دين أتشيسون" Dean Acheson، إلى السفارة الأمريكية لدى إسرائيل في ديسمبر 1950، والتي تكشف مناشدة إسرائيل لوزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين، تقديم مساعدات لدعم الصناعات الحربية الإسرائيلية، وطالبت بأن تؤخذ إسرائيل في الحسبان عند وضع الخطط الغربية للدفاع عن الشرق الأدنى - من خلال إنتاج السلاح في إسرائيل- بما يساعد على تزويد الدول الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية، كتركيا، واليونان، وإمدادها بالسلاح في الوقت المناسب.

ويعود تاريخ علاقات المساعدات العسكرية الرسمية بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، إلى عام 1952، إلا أنها لم تصبح المورد الرئيسي للأسلحة، التي تحصل عليها إسرائيل إلا عام 1967، أما برنامج المساعدات العسكرية الأمريكية السنوي فقد بدأ عقب حرب أكتوبر 1973، واستمر حتى الآن، وقد سبق ذلك تقديم قروض عسكرية أمريكية لإسرائيل، وموافقتها على ضمان بيع الأسلحة إما من مصادر أجنبية، أو من طريقها.

وقد بلغ إجمالي المساعدات العسكرية الإسرائيلية، أكثر من 1.4 مليار دولارا خلال الفترة من عام 1950 حتى عام 1973. ومنذ عام 1973 زادت هذه المساعدات زيادة كبيرة. ومن الواضح أن حجم المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل، قد تأثرت بالأحداث السياسية، وقضية الصراع العربي الإسرائيلي، حيث استقرّ حجم المساعدات عند مليار دولار سنوياً، خلال السنوات المالية 1978 حتى 1980، أما السنة المالية 1977، فقد خصص لها 2.2 مليار دولار، وارتبط ذلك بالانسحاب الإسرائيلي من سيناء. وخلافاً لذلك، فقد زادت المساعدات العسكرية الخارجية في مجال التسلح عن معدلها العام في حالتين:

1. الحالة الأولى: عند إعادة تسليح إسرائيل في أعقاب حرب أكتوبر 1973، حيث بلغت قيمة هذه المساعدات نحو 2.5 مليار دولار في السنة المالية 1974.

2. الحالة الثانية: عندما حصلت إسرائيل على 17 مليار دولار في شكل قروض، خلال السنة المالية "1976"، بعد اتفاق فض الاشتباك الثاني في سيناء.

والواضح أن توجه السياسة الأمريكية نحو إسرائيل، بدأ يتزايد بعد عام 1967، حيث ازدادت مكانة إسرائيل باعتبار أنها تلعب دوراً رئيسياً في إطار المصالح الأمريكية بمنطقة الشرق الأوسط.

وكنتيجة مباشرة للمتغيرات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط بعد حرب أكتوبر 1973 "توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل ـ سقوط شاه إيران ـ الغزو السوفيتي لأفغانستان"، ومنذ بداية الثمانينيات، بدأ شكل التعاون الإستراتيجي بين البلدين يأخذ مساراً متعاظماً.

أولاً: دوافع إقامة العلاقات العسكرية الإسرائيلية ـ الأمريكية

هناك دوافع مشتركة، أو منفصلة، بين كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية في إقامة العلاقات الإستراتيجية، تطورت باستمرار إلى الأفضل دون النظر إلى المتغيرات الحادة في العالم وفي المنطقة، ويمكن أن تتلخص في الآتي:

1. إسرائيل

تمثل الولايات المتحدة الأمريكية، الحليف الإستراتيجي الذي ساند إسرائيل في تحقيق مصالحها وأهدافها القومية، سواء على الصعيدين الإقليمي والدولي، من خلال تقوية مكانتها بالمحافل السياسية، والاقتصادية الإقليمية، علاوة على زيادة إمكانياتها الإنتاجية، بالاعتماد على التكنولوجيا الحديثة التي تتيح لها قدرة الاندماج في الأسواق العالمية الآسيوية ـ الأوروبية، ودعم سياستها في التغلغل بالقارة الأفريقية، لتحقيق مصالحها الأمنية والاقتصادية، فضلاً عما تحصل عليه من مكاسب مباشرة في التعامل مع السوق الأمريكي، أو بدول الأمريكتين من خلال الولايات المتحدة الأمريكية.

2. الولايات المتحدة الأمريكية

تشكل إسرائيل أحد أهم ركائز تحقيق أهداف السياسية الأمريكية في الشرق الأوسط، من خلال الدور، الذي تلعبه مع تركيا لشغل الفراغ الإستراتيجي بمنطقة الخليج العربي، وآسيا الصغرى، والقوقاز، سواء لتأمين المصالح البترولية الأمريكية بتلك المناطق، ومواجهة العدائيات المحتملة من جانب إيران والعراق، وانتشار أسلحة الدمار الشامل، ووسائل إطلاقها، أو لتأمين المصالح الأمريكية بمنطقة الشرق الأوسط، في ظل تنامي الدور الأوروبي المنافس للدور الأمريكي في مستقبل الترتيبات الأمنية في حوض البحر الأبيض المتوسط. إضافة إلى الدور الذي تلعبه إسرائيل في تحقيق المصالح الأمريكية بالقارة الأفريقية، بصفة عامة، والقرن الأفريقي بصفة خاصة.

كما تقوم إسرائيل بدور الوكالة لتحقيق المصالح الأمريكية في كل من الصين، ودول أمريكا اللاتينية، ومناطق أخرى، من خلال تنفيذ أهداف السياسة الأمريكية، في هذه المناطق بعيداً عن الكونجرس الأمريكي.

ويزيد من قوة الدوافع الأمريكية السابقة، حقيقة قوة ضغط اللوبي الصهيوني الأمريكي على مراكز صنع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية، سواء في السياسة الخارجية، أو داخل الإدارة الأمريكية، أو الكونجرس الأمريكي.

كما تأتي الدوافع الأمريكية من خلال اهتمامها بأمن إسرائيل، كالتزام أساسي للسياسة الخارجية الأمريكية، فقد أكد الرؤساء الأمريكيون، وأعضاء الكونجرس التزامهم تجاه بقاء إسرائيل، والحفاظ على أمنها، ويتركّز هذا الدعم في ثلاثة اتجاهات رئيسية، تتمثل في الآتي:

أ. الاتجاه الأول: اتجاه سياسي، وإن أخذ اتجاهات أخرى


يتمثل في أن الالتزام الأمريكي تجاه إسرائيل، هو التزام "أخلاقي" يتمثل في أن لليهود حق في أن تكون لهم دولة, بصرف النظر عن تعارض ذلك مع حقوق العرب الفلسطينيين، كما أن إسرائيل تعتبر دولة ديموقراطية تشارك الولايات المتحدة الأمريكية في كثير من قيمها.

ب. الاتجاه الثاني: اتجاه ينبع من السياسة الداخلية المؤثرة على الإدارة الأمريكية

حيث يرجع أسباب الاهتمام الأمريكي بإسرائيل، إلى اعتبارات داخلية أهمها، وجود الجماعات اليهودية التي تعد على درجة عالية من الكفاءة والنشاط، وكذلك ميل الرأي العام في الولايات المتحدة الأمريكية إلى إسرائيل، وليس إلى العرب.

ج. الاتجاه الثالث: اتجاه يستند على مصالح وإستراتيجيات الولايات المتحدة الأمريكية

يرتكز هذا الاتجاه في تفسيره للعلاقات الإسرائيلية ـ الأمريكية، على الفكرة الكلاسيكية الخاصة بالمصلحة القومية، بمعنى أن الولايات المتحدة الأمريكية لا ترسل بملايين الدولارات في شكل معونة عسكرية واقتصادية لإسرائيل، لمجرد الشعور بالتزام أخلاقي، أو لسبب ضغوط اللوبي اليهودي، ولكنها تفعل ذلك من منطلق أن إسرائيل تشكل رصيداً إستراتيجيا مهماً لها في منطقة الشرق الأوسط، التي تعتبر من أهم المناطق للمصالح الأمريكية. فقيمة إسرائيل الإستراتيجية، تنبع من كونها الحليف الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه في هذه المنطقة، بل إنها يمكن أن تستخدم قواتها لحماية المصالح الأمريكية، وأن تقدم أو تخصص قواعد لعمليات عسكرية أمريكية في المنطقة. وقد ظهر ذلك واضحاً في حرب يونيه 1967، حيث حققت إسرائيل الهدف الأمريكي في إيقاف المد الثوري المصري، والتأثير على مصالح الغرب البترولية في المنطقة، كذلك في أثناء تصاعد الخلافات بين السلطات الأردنية والعناصر الفلسطينية داخلها في سبتمبر 1970، حيث كان تقدم القوات الإسرائيلية في اتجاه الأردن، والذي نفذ بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية بمثابة رادع للتدخل السوري في الأردن، دون أي تدخل من الجانب الأمريكي. وقد أدارت الولايات المتحدة الأمريكية هذه الأزمة، كحالة لدراسة أبعاد التعاون العسكري الإسرائيلي ـ الأمريكي، على أساس مبادئ أساسية هي:

(1) التأكيد على أن التدخل الإسرائيلي لن يؤدى إلى تصعيد الموقف.

(2) الإعداد لمعاونة إسرائيل عسكرياً إذا ما تصاعد الموقف.

(3) التنسيق الحذر للمطالب العسكرية السياسية لإسرائيل والأردن.


وقد أدّت نتائج الاعتبار السابق إلى نقل انطباع واضح لدى القيادات الأمريكية المتعاقبة، على ضرورة تحقيق تفوق إسرائيل عسكرياً، واقتصاديًا، وتكنولوجياً كقاعدة مسلحة تحمى المصالح الأمريكية والغرب في المنطقة، وكذا التفكير في تحويل إسرائيل كقوة ردع سريع خاضعة لأمريكا، تعمل بتنسيق وتعاون مع البنتاجون، من أجل تحقيق المصالح الأمريكية بالمنطقة.

3. مراحل الصراع العربي ـ الإسرائيلي وتأثيرها على التعاون العسكري الإسرائيلي ـ الأمريكي

مرت السياسة الأمريكية في إطار التعاون مع إسرائيل، تجاه الصراع العربي ـ الإسرائيلي، بتطورات عديدة منذ عام 1948، وقد تحددت هذه السياسة نتيجة لعاملين:

الأول: السياسة الأمريكية تجاه المنطقة ككل، والتي كانت من خلال تطور الصراع الدولي والدور المتغير الذي لعبته إسرائيل في إطار المفاهيم الأمريكية للدفاع عن مصالحها السياسية، والإستراتيجية بمنطقة الشرق الأوسط.

الثاني: العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، والتعاطف مع تلك الدولة، والذي يرجع لأسباب تاريخية، ودينية، وإنسانية، الأمر الذي ضمن لإسرائيل قدراً من التأييد الأمريكي لها، حتى عندما كان يبدو هذا التأييد متعارضاً مع المصالح الأمريكية في المنطقة.

هذا وقد مرت علاقات البلدين بعدة مراحل

أ. المرحلة الأولى من عام 1948 حتى عام 1957


شهدت هذه المرحلة سعي الولايات المتحدة الأمريكية، لإدخال دول منطقة الشرق الأوسط ـ ومن بينها مصر ـ في نظام الدفاع الغربي، وذلك في إطار سياسة الاحتواء الأمريكية الموجهة ضد الاتحاد السوفيتي السابق. وكانت السياسة الأمريكية في هذه المرحلة - والتي تتطلب الاقتراب من الدول العربية، ومنها مصر ـ تتصادم مع الاهتمام الأخلاقي والتعاطف مع إسرائيل، مما أدى إلى توتر جزئي في العلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية، غير أن التصادم قد تفاوت من فترة إلى أخرى.

ب. المرحلة الثانية 1957-1967

تميزت هذه المرحلة بفشل المحاولات الأمريكية، لربط الدول العربية بنظام الدفاع الغربي، وتخليها بالتالي عن هذا الهدف, والسعي بدلاً من ذلك إلى المحافظة على نفوذها في المنطقة، ومحاولة وقف النفوذ السوفيتي فيها، وذلك من خلال سياسة تحقيق الاستقرار وتوازن القوى الإقليمي.

وقد أزال تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عن محاولتها، ربط الدول العربية بنظام الدفاع الغربي مصدراً أساسياً من أسباب التوتر في العلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية، وأصبح من الممكن لأمريكا أن تنمي الصداقة مع دول عربية إلى جانب إسرائيل، من أجل تحقيق الاستقرار، وتوازن القوى في المنطقة كأحد أهداف السياسة الأمريكية.

ج. المرحلة الثالثة 1967 – 1973

قامت السياسة الأمريكية، بعد وقف إطلاق النار في يونيه 1967، على ضرورة التوصل إلى تسوية للصراع في منطقة الشرق الأوسط، يتحقق من خلالها الأمن الكامل, وضمان بقاء إسرائيل، وليس مجرد العودة إلى ترتيبات الهدنة،على أن تكون هذه التسوية بإرادة أطراف الصراع دون فرضها عليهم، ودون التقيد ببرنامج زمني لهذه التسوية. كما وضعت السياسة الأمريكية في اعتبارها إمكانية قيامها بدور يؤدي إلى توصل الأطراف المختلفة إلى تسوية للصراع، ينبع من الإرادة الأمريكية، وعلاقاتها بدول المنطقة، ويضمن تحقيق المصالح الأمريكية دون التورط في صدام عسكري مع الاتحاد السوفيتي، خاصة إن استمرار الصراع ـ من وجهة النظر الأمريكية ـ سيؤدي إلى صعوبة تنمية العلاقات بين الحكومات العربية، والولايات المتحدة الأمريكية، ويؤثر سلباً على مصالحها.

غير أنه لما كانت الإدارة الأمريكية ـ في ذلك الوقت ـ مهتمة بحصر نفوذ مصر، فإنها كانت تسعى لإيجاد تسوية للصراع من نوع خاص، بحيث يؤدي إلى بقاء نفوذ مصر داخل حدودها، وفي الوقت نفسه التوجه للدول العربية، وإقناعهم بعدم جدوى الاعتماد على مساعدة السوفيت، أو توجيه أي تهديد لإسرائيل. ومن ثم كانت السياسة الأمريكية تقوم على محاولة استثمار انتصار إسرائيل عام 1967، من أجل التوصل إلى تسوية نهائية للصراع.

وبينما استمرت النظرة الأمريكية بشأن تسوية الصراع في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون Richard Nixon، خلال عام 1970، على أساس التسوية الشاملة للصراع، إلا أن الفترة التالية لها وحتى عام 1973، تميزت بظهور منهج جديد للتسوية، يقوم على أساس محاولة تأييد صيغ جديدة مؤقتة لا تصل إلى حد التسوية الشاملة للصراع، وبالتالي تجنب القضايا الأساسية موضع الخلاف التي تعوق مثل هذه التسوية.

وكان الاعتقاد السائد لدى صانعي القرار الأمريكي، خلال الفترة السابقة لحرب أكتوبر 1973، بأنه يمكن ردع احتمال نشوب حرب بين مصر وإسرائيل، وذلك من طريق استمرار ميزان القوى لصالح إسرائيل، وبما يحقق هدف الولايات المتحدة الأمريكية في حماية أمن وسلامة إسرائيل، وفي الوقت نفسه يقلل من تأثير النفوذ السوفيتي في منطقة الشرق الأوسط.

د. المرحلة الرابعة ما بعد نصر أكتوبر 1973

أثبتت حرب أكتوبر 1973، ونتائجها خطأ التقديرات الأمريكية القائلة، بأن الدعم الأمريكي الشامل لإسرائيل يضمن لها التفوق المطلق علي خصمها العربي في كل الظروف, بما يؤدي إلى تحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

وكانت الإدارة الأمريكية ناجحة في استيعاب هذه المفاجأة الضخمة، والعمل على تعديل تصوراتها للموقف، ولإمكانيات التحرك الأمريكي انطلاقا من إدراكها للأبعاد الجديدة للصراع في ضوء نتائج حرب أكتوبر 1973، ومدى تهديدها للمصالح الأمريكية، خاصة فيما يتعلق باحتمالات المواجهة مع الاتحاد السوفيتي، واستخدام العرب لسلاح البترول بفاعلية. ومن ثم كان على الولايات المتحدة الأمريكية، أن تسعى لحل الصراع، والتحرك تجاه القيادة المصرية، وإقناعها بالدور الأمريكي من أجل تحقيق السلام في المنطقة، وقد تبلورت هذه التحركات جميعا بتوقيع معاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية في مارس 1979. وهكذا بدأت مرحلة هامة تالية في التعاون الإستراتيجي بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

هـ. المرحلة الخامسة 1974-1981

مع الانغماس الأمريكي المتزايد في شؤون المنطقة العربية عامة، والعلاقات المصرية ـ الإسرائيلية خاصة، وما أدت إليه الوساطة الأمريكية من توقيع معاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية عام 1979، كانت هناك متغيرات أخرى شهدتها المنطقة، مثل سقوط شاه إيران في فبراير 1979، والغزو السوفيتي لأفغانستان في 24 ديسمبر 1979، والتي أدت بطبيعة الحال إلى بلورة رؤية أمريكية لأمن المنطقة.

و. المرحلة السادسة، وهي مرحلة التحالف بعد عام 1981

في ظل إدارة الرئيس رونالد ريجان Ronald Reagan، بدأت السياسة الأمريكية تأخذ أبعاداً جديدة تجاه دول المنطقة، مع إعطاء أسبقية مطلقة، وأساسية لقضية المواجهة مع الاتحاد السوفيتي، ومحاولة إقناع دول المنطقة بأن الخطر الأساسي الذي يتهددها هو خطر النفوذ السوفيتي. ومن ثم تحركت الولايات المتحدة الأمريكية لتحقيق هدفين أساسيين:

الأول: محاولة إقناع دول المنطقة بأهمية الحماية الأمريكية لها، وبما يستتبع ذلك من التسليم بضرورة التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة، وضرورة مساهمة دول المنطقة في ترتيبات الأمن، التي تعد لها الولايات المتحدة الأمريكية.

الثاني: إقامة شكل من أشكال التحالف غير المعلن بين محور كامب ديفيد والدول الأخرى، المرتبطة بالسياسة الأمريكية في المنطقة.

ومع فشل الولايات المتحدة الأمريكية في تحقيق هذين الهدفين، مع الدول العربية بالمنطقة، اتجهت لتوقيع اتفاق التعاون الإستراتيجي مع إسرائيل في 29 نوفمبر 1983.

4. المشاكل التي واجهت التحالف

إن التطور المطرد في العلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية، وصولاً لصيغة التحالف لم يمر دون مشاكل، مثل التجسس المتبادل بين الدولتين، وتدمير السفينة الأمريكية ليبرتي USS Liberity في يونيه 1967، واتهام إسرائيل بفعل ذلك عمداً، وقضايا الفساد، وسوء استخدام المساعدات الأمريكية، إلا أن هذه القضايا لم تقف دون استمرار التحالف ونموه.

يضاف إلى ذلك المعارضة الداخلية الأمريكية، للمساعدات الضخمة التي تقدم لإسرائيل، وقد جاء ذلك على لسان أحد أبرز ممثلي الحزب الجمهوري الأسبق بوب دول Bob Dole. كذلك كان هناك التغيير السلبي في صورة إسرائيل كمجتمع للحرية، والديموقراطية، بعد غزو لبنان، وأحداث الانتفاضة الفلسطينية، إلا أن هذا التغيير قد أضرّ بمصالح إسرائيل وصورتها أمام العالم والإدارة الأمريكية، كما أضر بمصالح اليهود الأمريكيين، وقدرتهم على ممارسة ضغوط على الإدارة الأمريكية، وخصوصاً مع الخوف اليهودي من أثر الأصولية المسيحية من وجهة النظر الإسرائيلية، التي لا ترى أو تهتم ألا بمسألة عودة المسيح فقط.

ثانياً: تطور العلاقات الإسرائيلية ـ الأمريكية

قبل الخوض في الموضوع، لابد من تفهم حقيقة العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، التي توجهت باستمرار لصالح إسرائيل، دون النظر لمصالح دول المنطقة أو حسن الجوار، أو دون مراعاة مسؤولية دولة كبرى تجاه أمن المنطقة ككل، ولكنها نظرت لأمن إسرائيل وبقائها على أنه التزام أدبي وإستراتيجي. وربما يتضح ذلك من خلال قراءة ديموجرافية، حيث إن اليهود الأمريكيين يمثلون نسبة 2.5% من الشعب الأمريكي، طبقاً لإحصائيات عام 1995، كذلك فأنهم يمثلون 43.5% من يهود العالم، بينما يمثل تعداد اليهود في إسرائيل نفسها حوالي 32.8% فقط من يهود العالم. وتسيطر منظمة "الإيباك"[1] AIPAC على مقدرات السياسة الأمريكية منذ الثلث الأول من القرن العشرين، وتضع مصالح إسرائيل، في مقدمة السياسة الأمريكية، وتمثل أكبر آليات "لوبي الضغط" على الإدارة الأمريكية منذ ذلك الحين, وحتى الآن. ويزيد من قدرة تلك المنظمة في الضغط على الحكومة الأمريكية، أن تصنيف اليهود في أمريكا، يغاير تماما التصنيفات الأخرى، حيث إن معظمهم من أصحاب رؤوس الأموال، أو من العاملين في وسائل الإعلام، أو من أصحاب النفوذ المسيطرين على مجريات الأمور، وللدلالة على ذلك فإن الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس بيل كلينتون Bill Clinton خلال فترة الرئاسة الثانية، كان بين أعضائها أربعة وزراء يهود، يمثلون نسبة 25% من إجمالي الحكومة، كما تتولى 55 شخصية يهودية، وظائف رئيسية في البيت الأبيض، والحكومة، على رأسهم مستشار الأمن القومي "صامويل بيرجر"Samuel Berger، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية، ورئيس البنك المركزي، كما كان هناك 13 مستشاراً ومساعداً للرئيس كلينتون من اليهود. كذلك فإن عدد السفراء الأمريكيين اليهود في دول العالم بلغ 44 سفيرا، منهم السفير الأمريكي في مصر "دانييل كيرتز".

1. الإيباك كعامل مؤثر لصالح إسرائيل

ربما يكون بداية انعكاس التعاون الإستراتيجي بصورة فاعلة، من خلال "الإيباك" كانت عام 1950، وهي التي دفعت الدماء في عروق اقتصاد الدولة العبرية، حيث حصلت على مبلغ 60 مليار دولاراً تعويضات من ألمانيا، بفضل ذكاء "ناحوم جولدمان"، زعيم المنظمة الصهيونية العالمية في ذلك الوقت. وهذا المبلغ بحساب تلك المرحلة الزمنية يعادل ما يزيد عن تريليون دولار بالحسابات الاقتصادية الحالية[2]. وكان انعكاس تلك المساعدات أن أقامت إسرائيل بنية تحتية حديثة، لم تتكلف منها سنتاً واحداً، في الوقت الذي كانت فيه الدول العربية، وخصوصاً دول الطوق ترزح تحت نير الاستعمار وتتآكل بنيتها التحتية دون إصلاح أي خلل فيها، وبالتالي, فإن التفوق الإسرائيلي في البنية التحتية، وفي دخل الفرد، وفي التقدم التقني والفني، قد بدأ فعلا منذ تلك اللحظة[3].

وهناك عامل سياسي آخر، تبرز أهميته في سيطرة اللوبي اليهودي على الانتخابات الأمريكية من أجل ضمان دعم الإدارة الأمريكية القادمة لصالح إسرائيل. ويحصر المفكر الفرنسي "روجيه جارودي"، بعضاً من نماذج السيطرة الصهيونية على الانتخابات الأمريكية قائلاً:

"كان الرئيس هاري ترومان Harry Truman، هو الأكثر صراحة للتعبير عن هذا الوضع، عندما صرح أمام مجموعة من الدبلوماسيين عام 1946، قائلاً: آسف أيها السادة، ولكن علىَّ أن أستجيب لمئات الآلاف من البشر الذين ينتظرون فوز الصهيونية، فليس لدي آلاف العرب من بين ناخبي"، ويعني ذلك اعتراف الرئيس ترومان بتأثير اللوبي الصهيوني على مسار السياسة الأمريكية في المستقبل وحاليا، وربما إذا كان هناك لوبي عربي، لتغير الموقف من أساسه. والملاحظ أن هذا التصريح كان عام 1946، أي قبل إعلان الدولة الصهيونية.

ويذكر روجيه جارودي كذلك، أن رئيس الوزراء البريطاني "كليمنت أتلي" Clement Attlee أكد أن السياسة الأمريكية في فلسطين، يشكلها الصوت الانتخابي اليهودي، والإعانات المقدمة من العديد من الشركات اليهودية الكبرى.

ويذكر أيضاً أن الجماعات اليهودية، استطاعت عام 1960، أن توضح للسيناتور "جون كيندي" John Kennedy، أن موقف أيزنهاور من حرب 1956، كان خاطئاً، لأنه لم يراع مصلحة إسرائيل، وأخذ كيندي بتلك النصيحة، عندما اختير مرشحا للحزب الديموقراطي، وحصل على نصف مليون دولار لحملته الانتخابية من اليهود، وعلى 80% من أصواتهم، وعين "كلوتزسنسك" رئيس مؤتمر الرابطات اليهودية في أمريكا مستشارا له في حملته الانتخابية لكسب أصوات اليهود، وفي أعقاب فوز "كيندي" في الانتخابات، ذهب إليه ديفيد بن جوريون David Ben-Gurion في واشنطن في ربيع عام 1961، حيث بادره كيندي في أول مقابلة "أعرف أنني انتخبت بفضل أصوات اليهود الأمريكيين وأنا أدين لهم بانتخابي، أرجو أن تبادرني بالنصيحة: ماذا أفعل من أجل الشعب اليهودي؟!!

وفي أعقاب مقتل جون كيندي، جاء الرئيس ليندون جونسون Lyndon Johnson، ليذهب في علاقاته مع إسرائيل لأبعد من ذلك بكثير، حيث كان مفرطاً في عشق إسرائيل، حتى أن أحد الدبلوماسيين الإسرائيليين كتب:"لقد فقدنا صديقا كبيرا (يعني كيندي)، ولكننا وجدنا أفضل منه، إنه جونسون، وهو أفضل صديق عرفته إسرائيل في البيت الأبيض".

ونفذ جونسون فعلا كل ما طلبته إسرائيل، وعبّر ليفي أشكول Levi Eshkol، رئيس الوزراء الإسرائيلي لصحيفة دافار في 6 أبريل 1966، عن ذلك بقوله: "يجب أن يفهم الجميع أن الوقت الذي كان فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، يضطر إلى دخول البيت الأبيض من الباب الخلفي قد انقضى، فإن الباب الأمامي للبيت الأبيض، أصبح الآن مفتوحا على مصراعيه لإسرائيل. كما أن جونسون، هو الذي ساند إسرائيل في حرب الأيام الستة في يونيه 1967 بقوة وبشكل علني، ووضع الأسس في اعتبار إسرائيل حليفاً رئيسيا للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط. ومنذ عهد جونسون، فإن 99% من اليهود الأمريكيين يدافعون عن إسرائيل على اعتبار أنها جزء لا يتجزأ من الولايات المتحدة الأمريكية، وسادت بينهم الشعارات "أن تكون يهوديا اليوم، يعني أن تكون مرتبطا بإسرائيل". واستحق ليندون جونسون، الذي أكد الانتماء بين اليهود في أمريكا، ودولة إسرائيل أن يطلق عليه، أنه أفضل صديق، عرفته الدولة العبرية في البيت الأبيض.

وعندما زارت جولدا مائير Golda Meir الولايات المتحدة الأمريكية عام 1969، شبهها الرئيس ريتشارد نيكسون، بأنها "ديبورا التوراتية"، وسلّم لها صفقة هائلة من طائرات الفانتوم وسكاي هوك.

وفي أثناء حرب أكتوبر 1973، أحرز "لوبي الكابيتول اليهودي" نصراً كبيراً، بالتعجيل بتسليح إسرائيل بما قيمته أكثر من ملياري دولار، بحجة مكافحة اللوبي العربي المنافس[4].

وحشدت الإيباك جهودها، في عهد الرئيس جيرالد فورد Gerald Ford، وحصلت على توقيع 76 عضوًا في مجلس الشيوخ الأمريكي في 21 مايو 1975، لمطالبة الرئيس فورد بدعم إسرائيل بصفقة مماثلة لما تسلمته عام 1973.

أما جيمي كارتر Jimmy Carter، فتذكر له مقولته في معبد "إليزابيث"، في ولاية نيوجرسي عام 1976، عندما كان يخاطب جمعاً من اليهود خلال حملته الانتخابية: "إنني أعبد نفس الرب مثلكم، ونحن المعمادانيون، ندرس نفس التوراة مثلكم، وختم قوله.. إن بقاء إسرائيل على قيد الحياة، هو واجب أخلاقي!!" وكان كارتر قد حصل في عام 1976 على 67% من أصوات اليهود، ولكنه في عام 1980، لم يحصل إلا على 45% فقط، لأنه باع طائرات عسكرية لمصر، والمملكة العربية السعودية.

أما الرئيس "رونالد ريجان"، فقد نظر بعمق إلى تأثير اللوبي اليهودي، لذلك فقد فاز في انتخابات عام 1980، وبعدها مباشرة منح إسرائيل معونات فورية قيمتها ستمائة مليون دولار وشجعها على تدمير المفاعل النووي العراقي في السابع من يونيه 1981. وأعطى الضوء الأخضر لغزو لبنان في الخامس من يونيه 1982. كما كان ريجان هو أول من وقع "اتفاقيات إستراتيجية مع إسرائيل"، وأول من منح إسرائيل تكنولوجيا متقدمة في الصناعات العسكرية، بل سار إلى أبعد من ذلك عندما أشركها في برنامج حرب النجوم الأمريكي.

أما الرئيس جورج بوش George Bush, فقد تطورت الاتفاقيات الإستراتيجية في عهده، وأصدر مبادرته، بحظر تكنولوجيا التسليح المتقدمة عن دول الشرق الأوسط عدا إسرائيل. ومع ذلك فَقَدَ أصوات اليهود في إعادة انتخابه عام 1992، نظرا لجهوده في تحقيق السلام في الشرق الأوسط، التي لم تكن تريدها إسرائيل.

أما الرئيس بيل كلينتون، كان أكثر الرؤساء الأمريكيين تعاطفاً مع إسرائيل، وأول رئيس أمريكي يلقي خطابا أمام الكنيست الإسرائيلي، وأول من حشد زعماء العالم في مؤتمر دولي لبحث ما سماه "الإرهاب ضد إسرائيل". وفي عهده صدر قرار الكونجرس عام 1995، لنقل مقر السفارة الأمريكية إلي القدس[5]. وحصلت إسرائيل في عهده على تكنولوجيا متطورة في مجال التسليح، جعلت منها خامس دول العالم في الصناعات العسكرية المتقدمة. وقد استغلت إسرائيل هذا التقدم في بيع التكنولوجيا الأمريكية نفسها، من خلال صناعات حربية إسرائيلية، وهو ما أثار حفيظة الإدارة الأمريكية، وجعلها تضغط لإيقاف صفقة الطائرات "الفالكون" المزودة بأجهزة متقدمة في مجال الاستطلاع، والإنذار إلى الصين، والهند في منتصف عام 2000.

وفي الوقت نفسه، فإن الحزب الديموقراطي في انتخابات نوفمبر 2000، آثر أن يرشح نائبا للرئيس من اليهود المتشددين، وهو السيناتور "جوزيف ليبرمان"، حتى يستميل أصوات اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية لصالح الحزب. ويعد هذا الترشيح أول سابقة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، لأنه يثير احتمال تولي يهودي متشدد لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، في حالة نجاح الحزب في الانتخابات، والوفاة المفاجئة للرئيس المنتخب.

وما سبق يوضح العلاقة الحقيقية بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، والتي يبني على أساسها الاتفاقيات الإستراتيجية، التي بدأت منذ قيامها، في صورة اتفاقيات غير معلنة، أو دعم مادي وأدبي. ولكن تلك العلاقة تطورت اعتباراً من بداية عقد الثمانينيات لتصبح اتفاقيات مكتوبة، ومصدق عليها من الأجهزة التنفيذية، والتشريعية للدولتين.

2. مراحل تطور العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية وصولاً لصيغة التحالف الإستراتيجي


مرّت العلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية بعدة مراحل، وتأثرت بعدة عوامل، أهمها شخصية، وخلفية الرؤساء المتعاقبين على الإدارة الأمريكية, بالإضافة إلى المتغيرات التي حدثت بالمنطقة والتي أثرت على المصالح الأمريكية وأمن إسرائيل. ومع تطور الوضع الدولي، والظروف الإقليمية، فقد تعاون كل من هاري ترومان، ودوايت أيزنهاور مع كل من إسرائيل والعرب، إلا أن ترومان بفضل صداقته مع وايزمان، فقد أدت إلى إحداث تقارب بينه وبين إسرائيل.

في حين أن خبرة الدولة الإسرائيلية في التعامل مع أيزنهاور مختلفة تماماً، فرغم خلفيته العسكرية، وعلمه بفظائع النازي ضد اليهود في أوروبا، فقد كان أكثر تشدداً في تعامله معهما. ويعكس هذا موقفه من العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، حين اقترفت إسرائيل خطأً كبيراً، من خلال انضمامها لدول العدوان دون الحصول على الضوء الأخضر من الولايات المتحدة الأمريكية، ورغم ذلك، فإن أهمية إسرائيل في الإستراتيجية الأمريكية لاحتواء الشيوعية، تنبع من خلال دورها في موازنة النفوذ الشيوعي في أفريقيا الحساسة لأي تدخل خارجي بعد طول فترة الاستعمار، وقد ساهمت هذه الأهمية في استمرار التفاعل عبر قناة الاستخبارات بين الدولتين، رغم فشل مشاريع السلام، والخلاف حول قضية اللاجئين، ومسألة توريد السلاح، وتعليق المساعدات.

أما كيندي وجونسون، فقد تعاملا مع إسرائيل كصديق وشريك. ففي ظل إدارة كيندي تحولت العلاقات لصيغة أقرب لتعهد قومي، حيث جرى التأكيد على أهمية التعايش السلمي بين العرب وإسرائيل، التي تملك الموارد الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية، والقادرة على الدفاع عن نفسها حيث تحوّلت إسرائيل لمشروع أمريكي، أو قاعدة للنفوذ والقوة للولايات المتحدة داخل الشرق الأوسط. ورغم الخلاف حول مسألة اللاجئين الفلسطينيين وغيرها، فإن دور اليهود في انتخابات كيندي، ثم أزمة الصواريخ الكوبية، أدت إلى إبراز دور إسرائيل الإستراتيجي لخدمة المصالح الأمريكية، وبدأ الحديث عن فكرة الشراكة، مع تطور ملحوظ في حجم المساعدات، وصفقات التسليح.

وقد كان للتفاعل الشخصي الإيجابي، بين جونسون وأشكول، دور مهم، كما أن تطور ظروف الحرب الباردة، واهتمام جونسون بها، وإجادة إسرائيل في تقديم ورسم دورها كحليف إستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية، داخل المنطقة المنقادة ـ بزعامة مصر ـ للمعسكر الشرقي، ساهم ذلك في توطيد ودعم العلاقات الإسرائيلية ـ الأمريكية، هذا بالإضافة لتأكيد إسرائيل على نفسها كمجتمع مفتوح قريب من الثقافة الأمريكية، وواحة الديموقراطية، بحيث تحوّلت إسرائيل خلال الستينيات لمعبود الرأي العام الأمريكي. وخلال هذه الفترة قفزت المعونة الأمريكية لإسرائيل إلى 130 مليون دولار، مع إهداء إسرائيل أسلحة هجومية عام 1965، وأخيراً توقيع أول مذكرة تفاهم بخصوص التسليح والبحث العلمي عام 1967. وفي ذات الوقت، فقد ساهمت حرب 1967 في التحسن المطرد في صورة وموقف إسرائيل، حيث تلاشت المخاوف من احتمال سقوط الدولة الإسرائيلية، وبدا للعيان أن إسرائيل تقبل بالسلام في حين يرفضه العرب، من خلال اللاءات الثلاثة الشهيرة[6]. وهنا اعتبرت إسرائيل نفسها حرة في بناء حقائق جديدة على الأراضي المحتلة بعد عام 1967، حيث ضمّت القدس الشرقية، وشرعت في بناء المستوطنات، رغم معارضة الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تقدم على فعل شيء.

ومثلت مرحلة نيكسون وفورد أولى خطوات التحول الرسمي بصيغة التحالف الإستراتيجي، حيث أصبحت بالنسبة للولايات المتحدة هي الشريك المناسب, أما مقابل الشراكة، فقد تمثل في معونات، وقروض، وأسلحة، وضمانات عسكرية قدرت بـ 1.15 مليار دولار. وبرغم أن حرب أكتوبر 1973 قد أخلّت بمصداقية إسرائيل، إلا أنها لم تمنعها من التوسل وطلب المساعدات الأمريكية العسكرية، والاقتصادية العاجلة.

وكان لحرب أكتوبر 1973 أثرها في صعود اليمين بزعامة مناحم بيجن Manchem Begin، وفي المقابل فإن كارتر باهتمامه الشديد بمسألة حقوق الإنسان، ومسألة اللاجئين الفلسطينيين، ومعارضته لتجارة السلاح، وخلفيته الدينية، كل هذا جعل منه شريكاً غير مناسب، ومثيراً للقلق الإسرائيلي، بالإضافة لاستعداده الدائم للضغط على إسرائيل لإتمام الانسحاب، وتحقيق السلام مع مصر. ورغم التعويضات الأمريكية لإسرائيل، فإن فترة رئاسة جيمي كارتر مثّلث من وجهة نظر إسرائيل ويهود أمريكا ضرورة العمل على إسقاطه، أو على الأقل عدم منحه الأصوات اليهودية عندما تقدم لترشيح نفسه للمرة الثانية عام 1980. كما ساعد على إسقاطه الغزو السوفيتي لأفغانستان، والثورة الإيرانية، بالإضافة لأزمة الرهائن في طهران. كذلك فإن فترتي رئاسة ريجان مثلتا مرحلة ذهبية في مسار العلاقات الإسرائيلية-الأمريكية، حيث جاء رونالد ريجان للسلطة بعد أن حصل على 40% من أصوات اليهود، وهي نسبة مرتفعة بالنسبة للحزب الجمهوري. ورغم المعارضة الشديدة التي قادتها إسرائيل لصفقة "الأواكس" للمملكة العربية السعودية، والغارة الإسرائيلية على المفاعل العراقي، وعدم اقتناع إسرائيل بالعائد السياسي والعسكري من توقيع مذكرة التفاهم الإستراتيجي عام 1981، إلا أن هذا لا ينفي أن التحالف أصبح رسمياً وموثقاً. ورغم تشوّه صورة إسرائيل تحت ضغط فظائع الغزو الإسرائيلي للبنان، إلا أن هذا لم يمنع الإدارة الأمريكية من مكافأة إسرائيل من خلال اتفاقية التجارة الحرة التي أنعشت الاقتصاد الإسرائيلي، ثم توقيع اتفاق 1983، وتجديد التحالف عام 1988، مع نمو قوة منظمة "الإيباك" بعد صفقة الأواكس. كل هذا جعل من ريجان الشريك المناسب لإسرائيل سياسياً، وعسكرياً، واقتصاديًا، حيث أصبح الترابط بين الاقتصاد الأمريكي والإسرائيلي في أقوى صوره، وتنامي حجم المساعدات الأمريكية لإسرائيل بشقيها العسكري، والاقتصادي، إضافة إلى الاستثمارات الأمريكية في إسرائيل، خاصة من المؤسسات اليهودية الأمريكية.

3. المراحل الزمنية للتعاون العسكري

ارتبطت علاقات التعاون العسكري بنشأة وتطور قيام الدولة العبرية، كما ساهمت الظروف الإقليمية والدولية المحيطة بكل مرحلة، في تشكيل دوافع وأهداف كل منهما تجاه هذا التعاون، وذلك على النحو التالي:

أ. المرحلة الأولى "حقبة الخمسينيات"

اقتصرت العلاقات فيها على الدعم السياسي، والاقتصادي الأمريكي لإسرائيل، ارتباطاً بالرغبة الأمريكية في تحقيق المصالحة بين الديانتين المسيحية واليهودية، وتعويض اليهود عن سنوات المعاناة والتعذيب النازي لهم، بوطن قومي، مع الحرص الأمريكي على تجنب ردود الفعل العربية السلبية تجاه مصالحها بالشرق الأوسط، حال تقديم الدعم العسكري لإسرائيل.

ب. المرحلة الثانية "حقبة الستينيات والسبعينيات"

شهدت بداية التعاون العسكري بين البلدين عقب حرب يونيه 1967، من خلال صفقة الطائرات "سكاي هوك"، وصواريخ دفاع جوي "هوك" الأمريكية لإسرائيل، إضافة إلى توقيع أول مذكرة تفاهم للتعاون في مجال البحث، والتطوير، وبيع السلاح الإسرائيلي لأمريكا. وارتبط هذا الدعم والتعاون في إطار ضغط من اللوبي الصهيوني داخل الولايات المتحدة الأمريكية، لدفع الإدارة الأمريكية إلى التدخل لحماية الديموقراطية في إسرائيل، من العداء العربي المرتبط بالدول الشيوعية. هذا بالإضافة إلى الرغبة الأمريكية في التعرف على تكنولوجيا التسليح الشرقية، من خلال الأسلحة التي استولت عليها إسرائيل من الدول العربية في حرب 1967.

ج. المرحلة الثالثة "حقبة الثمانينيات"

مثلّث هذه المرحلة الانطلاقة الحقيقية للتعاون الإستراتيجي بين البلدين، حيث وقّعت عام 1981، أول اتفاقية للتعاون الإستراتيجي بينهما، وما أعقبها من بروتوكولات، للتعاون في مختلف المجالات تحت إشراف لجان عمل مشتركة من الجانبين، ثم انضمام إسرائيل لمبادرة الدفاع الإستراتيجي الأمريكية عام 1986.

د. المرحلة الرابعة "حقبة التسعينيات"

اكتسبت هذه المرحلة أهمية خاصة، ارتباطاً بواقع تأثيرها على الترتيبات الأمنية في الشرق الأوسط بعد حرب الخليج الثانية 1990/1991، علاوة على المتغيرات العالمية، التي أدت إلى تفكك الاتحاد السوفيتي وانهيار الشيوعية في دول أوروبا الشرقية، وانفراد الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى وحيدة في العالم، ومن ثم سيطرتها على النظام العالمي الجديد، ومن ثم الهيمنة الأمريكية على منابع البترول في الخليج العربي، ووجودها العسكري فيه. وجاءت مسيرة السلام بين العرب وإسرائيل بعد مؤتمر مدريد في أكتوبر 1991، لكي تحصل إسرائيل على نتائج هذا السلام، وهو أمر ساهم في ترسيخ وضعها كحليف إستراتيجي رئيسي لتحقيق الإستراتيجية الأمنية ـ طبقاً للتصور الأمريكي ـ في الشرق الأوسط، من منطلق وحدة المصالح، في مواجهة العدائيات المشتركة لمصالح كل منهما في المنطقة.

 
التعديل الأخير:
رد: التحالف العسكري الاسرائيلي ___ الامريكي ج1

موضوع ممتاز بصراحه اهنيك عليه ان اسرائيل او بمعني اصح الصهاينه قوة كبيرة في العالم كله ولس الولايات المتحده الامريكية فقط وان اللوبي الصهيوني موجود بكلدول العالم ولكن بدرجات متفاوته وحتي في بعض الدول العربية يوجد ما يشبة اللوبي الصهيوني وان امريكا فقط تضمن تفوق اسرائيل علي العالم العربي والاسلامي وان الولايات المتحده الامريكية لو اديت صفقة لاي دولة عربية بتدي لاسرائيل الاحسن منها والاكثر تطورا وبعدين في حاجة تانية لسببب القوة الاسرائيلية وهي الذكاء اليهودي او العلماء اليهود ولو لاحظتم معظم علماء القرن اللي فات معظمهم يهود امثال انيشتين كان يهودي مثلا
 
رد: التحالف العسكري الاسرائيلي ___ الامريكي ج1

موضوع ممتاز بصراحه اهنيك عليه ان اسرائيل او بمعني اصح الصهاينه قوة كبيرة في العالم كله ولس الولايات المتحده الامريكية فقط وان اللوبي الصهيوني موجود بكلدول العالم ولكن بدرجات متفاوته وحتي في بعض الدول العربية يوجد ما يشبة اللوبي الصهيوني وان امريكا فقط تضمن تفوق اسرائيل علي العالم العربي والاسلامي وان الولايات المتحده الامريكية لو اديت صفقة لاي دولة عربية بتدي لاسرائيل الاحسن منها والاكثر تطورا وبعدين في حاجة تانية لسببب القوة الاسرائيلية وهي الذكاء اليهودي او العلماء اليهود ولو لاحظتم معظم علماء القرن اللي فات معظمهم يهود امثال انيشتين كان يهودي مثلا

انت كتبت زبده الموضوع ....... كثير من الاعضاء يفكرون ان اسرائيل بدون امريكا ولا شئ ....... ولا يدرون ان معظم من يدير الشركات الامريكيه هم يهود !!!

ننتزر تفاعل باقي الاعضاء .
 
رد: التحالف العسكري الاسرائيلي ___ الامريكي ج1

التعاون العسكري الإسرائيلي ـ الأمريكي خلال الثمانينيات

يحكم العلاقات الإسرائيلية ـ الأمريكية، ما يزيد عن 25 اتفاقاً وبروتوكولاً للتعاون في كافة المجالات، وسيجري التركيز على اتفاقيات عقد الثمانينيات، والتي اشتملت على الآتي:

1. مذكرة التفاهم 19 مارس 1979

مع حدوث العديد من المتغيرات في المنطقة، وبعد توقيع اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، ازدادت قناعة صانعي القرار في الولايات المتحدة الأمريكية، بأهمية ربط دور إسرائيل الإستراتيجي بالأهداف الأمريكية في المنطقة، ومن ثمّ استمرّت الولايات المتحدة الأمريكية في العمل على زيادة القدرات العسكرية الإسرائيلية. وفى هذا الإطار قامت إدارة الرئيس الأمريكي "جيمي كارتر" في 19 مارس 1979، بتوقيع مذكرة تفاهم تعطي الصناعات العسكرية الإسرائيلية، والشركات العاملة في هذا المجال، فرص الدخول في المناقصات الخاصة باحتياجات وزارة الدفاع الأمريكية، علاوة علي العمل المشترك في مجال البحوث، وتطوير الأسلحة، والمعدات.

2. مذكرة التفاهم الإستراتيجي 30 نوفمبر 1
981

أ. المتغيرات الدولية قبل توقيع الاتفاقية

في أعقاب حرب أكتوبر 1973، شهد العالم العديد من المتغيرات, التي أثّرت بشكل واضح على التعاون الإستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، من أهمها:

(1) الارتفاع المفاجئ لأسعار البترول، الذي أثر في الاقتصاد العالمي تأثيراً كبيراً، وبالتالي حدث تغير في الموازين السياسية، خاصة بالنسبة للدول البترولية.

(2) التحول الجذري في سياسة الوفاق الدولي، وذلك على أثر قيام الاتحاد السوفيتي بغزو أفغانستان عام 1979، واقترابه من منطقة الخليج العربي.

(3) في بداية عام 1981، تولى "رونالد ريجان" رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، بأغلبية كبيرة، رافعاً شعار أنه يجب المحافظة على أمريكا قوية في مواجهة التوسع السوفيتي في كافة المناطق، سواء في أوروبا، أو في أي منطقة من العالم، واتبع سياسة متشددة معلناً نهاية سياسة الوفاق بين القطبين.

(4) حرص الولايات المتحدة الأمريكية منذ بداية الثمانينيات، على تطوير برنامج الدفاع الإستراتيجي باستخدام الفضاء.

ب. المتغيرات الإقليمية

(1) تصاعد الحرب الأهلية اللبنانية، وهي حرب أثّر فيها بشدة وجود القوات السورية، والمقاومة الفلسطينية على الأراضي اللبنانية.

(2) توقيع معاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية عام 1979، التي أدّت إلى انقسام العالم العربي، ما بين رافض للمعاهدة، أو مؤيد لها، أو من له تحفظات عليها
(3) قامت الثورة الإسلامية في إيران في نهاية عام 1978، ضد نظام الشاه الموالي لأمريكا، ورحل الشاه عن إيران في فبراير 1979، ومن ثم ظهر تيار معادٍ للسياسة الأمريكية في إيران.

(4) اندلاع الحرب العراقية - الإيرانية في سبتمبر 1980، وتهديد إيران بغلق مضيق هرمز الإستراتيجي. وفي ضوء هذه التطورات، ومع استمرار الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، أصبحت منطقة الخليج العربي مهددة من كل من الاتحاد السوفيتي وإيران، ومن ثم كان هذا المتغير أحد الدوافع التي أدّت إلى توقيع الولايات المتحدة الأمريكية لاتفاق التعاون الإستراتيجي مع إسرائيل.

(5) في يونيه 1982، انفجر الموقف اللبناني مرة أخرى، بقيام القوات الإسرائيلية بغزو لبنان 1982، واحتلالها الجنوب اللبناني، وحصار العاصمة بيروت، وأصبحت القوات الإسرائيلية في لبنان في مواجهة القوات السورية في سهل البقاع، وبدأ تقلص حجم المقاومة الفلسطينية في لبنان. ثم جاءت الأحداث التي تلت ذلك، من خلال قيام المقاومة اللبنانية بتفجير مقر قيادة القوات الأمريكية، ومقر قيادة القوات الفرنسية في بيروت.

(6) كما تزايد النفوذ السوفيتي بشكل ملحوظ في سورية، لدعم موقفها المعادي لاتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية، ودعم قواتها في سهل البقاع اللبناني، مما ترتب عليه رفض سورية للاتفاق اللبناني ـ الإسرائيلي، بشأن سحب جميع القوات الأجنبية من لبنان، ومن ثمّ قام الرئيس اللبناني بإلغاء الاتفاقية التي وُقّعت بالأحرف الأولى مع إسرائيل في عام 1983، بضغط من سورية.

(7) ونتيجة للتهديد الإيراني والسوفيتي لمنطقة الخليج، قامت الولايات المتحدة الأمريكية، بتشكيل القوات سريعة الانتشار، والتي كان لابد لها من قواعد وتسهيلات، سواء لتمركزها أو لعملها، ومن ثم اتخذت من إسرائيل مركزاً لقواتها.

أولاً: مشتملات مذكرة التفاهم الأمريكي ـ الإسرائيلي30 نوفمبر1981

من المهم توضيح أن مذكرة التفاهم الأمريكي ـ الإسرائيلي، تعود أصولها الأولى إلى عهد الرئيس نيكسون، وإن كان فضل صياغة هذه المذكرة يعود بالأساس إلى وزير الخارجية الأمريكي في عهد الرئيس كارتر.

وفي عام 1981، وافقت الولايات المتحدة الأمريكية، على تقديم معونات عسكرية واقتصادية إلى إسرائيل، على أن تقوم إسرائيل بتنسيق تحركاتها في المنطقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وفي 30نوفمبر من العام نفسه، وقعت الدولتان مذكرة للتفاهم، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية علّقت العمل بهذه المذكرة بقرار منفرد، وذلك على أثر قيام الحكومة الإسرائيلية بإصدار قرار بضم هضبة الجولان السورية إلى إسرائيل.

وتشمل المذكرة الآتي

1. الديباجة

في الثلاثين من نوفمبر 1981، وقّع وزير الدفاع الإسرائيلي أرييل شارون Ariel Sharon، ووزير الدفاع الأمريكي كاسبار واينبرجر Caspar Weinberger مذكرة تفاهم، حول التعاون الإستراتيجي. ويؤكد هذا الاتفاق على الروابط المشتركة بين البلدين، والقائمة على علاقات الأمن المتبادل بينهما، كما يؤكد حاجاتهما لتعزيز التعاون الإستراتيجي بينهما، بغرض ردع كل التهديدات من جانب الاتحاد السوفيتي للمنطقة، لهذا يشكل الطرفان إطاراً للتشاور فيما بينهما، من أجل التعاون المشترك، تعزيزاً لأمنهما القومي بردع هذه التهديدات.

2. المادة الأولى

أ. حددت المادة الأولى أن الهدف من هذا التعاون هو هدف دفاعي، ضد مصادر التهديد السوفيتية، سواء بقوات سوفيتية أو قوات يسيطر عليها الاتحاد السوفيتي، وتأتي من خارج المنطقة.

ب. تبادل التعاون بين الطرفين في المجال العملياتي العسكري، لقوات الدولتين بالمنطقة، لتمكين قواتهما من العمل في الوقت المناسب لمواجهة التهديد المشترك.

3. المادة الثانية


يجري التعاون الإستراتيجي، لمواجهة التهديدات المشتركة التي تهدد أمن المنطقة من خلال التعاون في المجال العسكري، والذي يتضمن المسائل التالية:

أ. التخطيط والتعاون، لإجراء تدريبات عسكرية مشتركة.

ب. إقامة المنشآت العسكرية، لتخزين المعدات الأمريكية وصيانتها.

ج. إجراء البحوث العسكرية المشتركة.

د. السماح لإسرائيل بالاتجار في الأسلحة، التي تدخل فيها تكنولوجيا أمريكية.

4. المادة الثالثة:

أ. تشكيل فرق العمل المشتركة.

ب. مراقبة تنفيذ التعاون في المجالات العسكرية المتفق عليها.

ج. عقد اجتماعات دورية مشتركة بين البلدين، من خلال فرق عمل مشتركة.

د. تقوم فرق العمل المشتركة بمناقشة النقاط التالية:

(1) أسلوب تحقيق التعاون العسكري بين الجانبين، ومن بينها التدريبات المشتركة في البحر المتوسط.

(2) تحقيق التعاون لتخطيط التدريبات العسكرية المشتركة، وتجهيز المنشآت التي تخزن بها الأسلحة، والذخائر، والمعدات الأمريكية.

(3) التعاون في مجال تجارة السلاح.

(4) التعاون في مجال البحوث والتطوير

5. المادة الرابعة

تُشّكل مجموعة سياسية ـ عسكرية مشتركة بين البلدين, تضم ممثلين عن هيئات الأمن القومي، برئاسة ممثلي وزارتي الدفاع الأمريكية والإسرائيلية، وتجتمع مرتين سنوياً بشكل دوري، تتناول مناقشة موضوعات التعاون العسكري، التي تشمل مجالات التدريب، والتسليح، والتخزين، والبحوث، والتطوير، ومجالات الأمن الخاصة، والاستخبارات، ومكافحة الإرهاب.

6. المادة الخامسة

يجري العمل بهذه المذكرة في حالة استكمال الإجراءات المتفق عليها، وفي حالة رغبة أحد الأطراف الخروج عن هذه المذكرة، يبلِّغ الطرف الآخر في غضون ستة أشهر.

7. المادة السادسة

يلتزم الطرفان بإتباع ميثاق الأمم المتحدة، والقوانين الدولية، للتعايش السلمي بين دول المنطقة.

ثانياً: اتفاق التعاون العسكري بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية 29 نوفمبر 1983

في أعقاب الأعمال الانتحارية، التي تلقتها القوات الأمريكية في بيروت، عادت حكومة ريجان لتضع فكرة التعاون الإستراتيجي مع إسرائيل موضع التطبيق، حيث وقع الرئيس الأمريكي "رونالد ريجان"، في 29 أكتوبر 1983، القرار الرقم 111 سري، من أجل تحقيق تعاون وثيق مع إسرائيل.

وفي 29 نوفمبر 1983 أعلن الرئيس الأمريكي ريجان، أن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية قد اتفقتا على تشكيل مجموعة سياسية - عسكرية، لدراسة وسائل تعزيز التعاون الإستراتيجي بين البلدين.

1. الدوافع التي أدَّت إلى توقيع الاتفاق

أ. الدوافع الأمريكية


كانت سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، في فترة الوفاق الأولى، تعتمد بصفة أساسية على تحييد الاتحاد السوفيتي، ولكن بعد الغزو السوفيتي لأفغانستان من جهة، وزيادة النفوذ السوفيتي في القارة الأفريقية من جهة أخرى، دفع ذلك الولايات المتحدة الأمريكية لكي تدير ظهرها لسياسة الوفاق. وبدأت سياستها تجاه الاتحاد السوفيتي تعتمد على التصدي، من مركز القوة للتعامل معه، وتطبيق سياسة احتواء التوسع السوفيتي.

ووجدت أمريكا أن إسرائيل هي الأداة الفعالة لحماية مصالحها ضد الخطر السوفيتي، وهي الحليف القوي، وأن دور إسرائيل يجب أن يتجاوز حدودها الإقليمية، واهتمامات أمنها المباشر.

وقد شجعها على توقيع هذا الاتفاق، حالة الانقسام التي سادت العالم العربي حينذاك, حيث ضمنت عدم حدوث ردود فعل عربية مؤثرة وإيجابية ضد الاتفاق، والتي يمكن أن تؤدي إلى مردود سلبي ضد المصالح الأمريكية في المنطقة.

ب. الدوافع الإسرائيلية

(1) ضرورة تحقيق تفوق تكنولوجي وعسكري، على كافة الدول العربية.

(2) تورط القوات الإسرائيلية في لبنان، في مواجهة القوات السورية المدعمة من الاتحاد السوفيتي، دفع إسرائيل إلى التفكير في قيام هذا التعاون لتقليل الخطر السوفيتي.

(3) الأزمة الاقتصادية الطاحنة في إسرائيل، وتأثير ذلك على المجتمع الإسرائيلي، وكذلك على صناعاتها الحربية، حيث وصل معدل التضخم في إسرائيل إلى نسبة 200%.

(4) التأثير النفسي على القيادات العربية، لتغيير مواقفهم الرافضة للسلام مع إسرائيل.

2. مشتملات الاتفاق

يُعد هذا الاتفاق تجديداً في الشكل والمضمون، لاتفاق عام 1981، الذي سبق أن أوقف العمل به، ويحوي الآتي:

أ. المجال الإستراتيجي العسكري

الاتفاق على تكوين لجنة عسكرية مشتركة من أجل وضع الخطط العسكرية، والمناورات المشتركة، وترتيبات تخزين الأسلحة الأمريكية في إسرائيل، وتطوير التعاون في مجال الاستخبارات، والسماح للولايات المتحدة الأمريكية باستخدام القواعد الإسرائيلية، ونص الاتفاق على:

(1) التعاون والتنسيق المشترك بين وكالة الاستخبارات المركزية، ومثيلتها في إسرائيل، من أجل تبادل المعلومات المستقاة من أجهزة استخبارات البلدين.

(2) التعاون في مجال التخطيط الأمني لكلا البلدين.

(3) إجراء التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة، في إطار خطط أمنية مشتركة.

(4) تخزين مواد عسكرية أمريكية في مخازن طوارئ على أرض إسرائيل، لصالح الاستخدام العسكري لقوة التدخل السريع الأمريكية.

(5) حق استخدام القوات الأمريكية للقواعد العسكرية الإسرائيلية "تسهيلات عسكرية".

ب. مجال التسليح والتصنيع

(1) زيادة حجم المشتريات الأمريكية، للإنتاج الحربي الإسرائيلي.

(2) السماح بنقل التكنولوجيا الأمريكية، في مجال صناعة الطائرات إلي إسرائيل، وإمدادها بالأجزاء المطلوب إنتاجها للطائرة لافي Lavy من الولايات المتحدة الأمريكية، مع المشاركة في عملية تمويل إنتاج هذه الطائرة.

(3) نقل التكنولوجيا إلى الصناعات الحربية الإسرائيلية.

(4) رفع القيود المفروضة علي إسرائيل، من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، والخاصة بعدم بيع أسلحة ومعدات عسكرية إسرائيلية، تدخل في صناعاتها أجزاء أمريكية إلي أي طرف ثالث "دول أفريقية ـ دول أمريكا اللاتينية".
ج. المجال الاقتصادي

(1) تحويل القروض الإسرائيلية إلى منح لا ترد.

(2) تقديم معونة اقتصادية قيمتها 850 مليون دولار.

(3) زيادة حجم الاستثمارات الأمريكية في إسرائيل، بغرض إنعاش الاقتصاد الإسرائيلي.

(4) إنشاء منطقة حرة، ترفع فيها الحواجز الجمركية لبعض منتجات كلا الدولتين، وذلك لدعم صادرات إسرائيل للولايات المتحدة الأمريكية.

(5) تدعيم بعض الصناعات الإستراتيجية الإسرائيلية، وبخاصة المعدات الإلكترونية، والحاسب الآلي، والمعدات الطبية.

د. المجال السياسي

التنسيق السياسي الكامل بين البلدين، سواء في المجال السياسي على المستوى الإقليمي والدولي، خاصة فيما يتعلق بموضوع الصراع العربي ـ الإسرائيلي، والتوسع السوفيتي في منطقة الشرق الأوسط.

3. الأهداف الأمريكية من الاتفاق

أ. أهداف سياسية


(1) مواجهة الوجود السوفيتي في بعض دول منطقة الشرق الأوسط، مثل سورية، وليبيا، وإثيوبيا، واليمن الجنوبي.

(2) من المنظور الأمريكي، أن الدول العربية تكون أكثر استجابة للسياسة الأمريكية، عندما تكون إسرائيل قوية، وبالتالي فإن من المصلحة الأمريكية، عدم قيام رأي عربي يهدد المصالح الأمريكية.

(3) تحقيق هدف سياسي داخلي للرئيس ريجان قبيل الانتخابات الأمريكية، من أجل جذب الأصوات اليهودية لصالحه.

ب. أهداف عسكرية

(1) تعزيز هدف عسكري إقليمي، وذلك بتعزيز قوات الانتشار السريع الأمريكية، من خلال إقامة مخازن للأسلحة والمعدات الأمريكية في إسرائيل، إضافة إلى صيانتها بواسطة فنيين إسرائيليين، علاوة على حق استخدام القوات الأمريكية لقاعدتي رامادا ـ عوفدا في صحراء النقب، وحق استخدام ميناءي حيفا وأشدود، كمركزي صيانة للأسطول الأمريكي.

(2) الاستفادة من المعلومات العسكرية التي تتوفر لدى الاستخبارات الإسرائيلية، بالإضافة إلى شبكات الإنذار المبكر.

4. الأهداف الإسرائيلية من الاتفاق

أ. أهداف سياسية

(1) زيادة الثقل السياسي الإقليمي لإسرائيل في المنطقة، بما يمكنها التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية من ترتيب الأوضاع في المنطقة، وبما يحقق حصولها على أكبر قدر ممكن من المكاسب، على حساب الجانب العربي والفلسطيني.

(2) حصول إسرائيل على الدعم السياسي الأمريكي الكامل، وضمان تأييدها في أي عمل تقوم به، سواء اُتفق عليه مع الجانب الأمريكي أم لا.

(3) وضع إسرائيل على عتبة الاشتراك في السوق الأوروبية المشتركة، أو في حلف شمال الأطلسي، ومن ثم حصولها على التأييد السياسي للدول المشتركة في هذه التكتلات.

ب. أهداف عسكرية
(1) زيادة قدرات إسرائيل العسكرية في مجالات الحصول على التكنولوجيا المتقدمة والتصنيع الحربي وكذا في مجالات المعلومات، والتدريبات المشتركة.

(2) تعهد أمريكي صريح بحماية أمن إسرائيل.

(3) توفير الإمكانيات لفرض حل عسكري لمشكلة الجنوب اللبناني، وكذلك مواجهة القوات السورية ـ في سهل البقاع ـ المدعمة من الاتحاد السوفيتي.

(4) إنشاء وتحسين قدرات القواعد الجوية الإسرائيلية في صحراء النقب، كذلك ميناءي أشدود وحيفا على البحر المتوسط.

(5) تحقيق التفوق الإستراتيجي - العسكري على الدول العربية.

ج. أهداف اقتصادية

(1) الخروج من الأزمة الاقتصادية من خلال المساعدات الاقتصادية الأمريكية، إضافة إلى الإجراءات الاقتصادية الأخرى.

(2) التمويل المادي والتكنولوجي، لصناعات إسرائيل الحربية، بما يحقق طفرة كبيرة نحو تقدم هذه الصناعات، وفتح الأسواق في كل من أفريقيا، ودول أمريكا اللاتينية أمام صادراتها العسكرية.

(3) يسمح الاتفاق لإسرائيل أن تسوّق منتجاتها في أوروبا بمعاونة أمريكا.

5. مجالات الاتفاق الأمريكي ـ الإسرائيلي

أ. اللجنة العسكرية السياسية المشتركة، والتي تشكل بهدف

(1) عقد الاجتماعات الدورية بين البلدين، من أجل التخطيط للتدريبات المشتركة، والاحتياجات الأمريكية لتخزين الأسلحة في إسرائيل.

(2) ضمان عدم قيام إسرائيل بعمليات منفردة، تورط الولايات المتحدة الأمريكية في بعض أزمات المنطقة، ومن ثم فإن هذا التعاون سيؤدي إلى التقييد من حرية الحركة الإسرائيلية لتصعيد الأعمال العسكرية بالمنطقة.

(3) خلق قناعة لدى الدول العربية، بعدم جدوى الحل العسكري للصراع، ومن ثم فإن أفضل طريق يمكن أن تلجأ إليه هو عن طريق التفاوض.

ب. تخزين الأسلحة الأمريكية في إسرائيل، واستخدام قواعدها

يحقق التعاون في هذا المجال، توفير مميزات إستراتيجية مهمة لكلا الجانبين، فمن ناحية الولايات المتحدة الأمريكية، فإنه يحد من عمليات نقل المعدات، وتقليل الزمن اللازم لحشد القوات الأمريكية في مناطق المواجهة المحتملة مع الاتحاد السوفيتي
ويمكن للولايات المتحدة الأمريكية، من جراء استخدامها للقواعد البحرية والجوية في إسرائيل، تحقيق المميزات الإستراتيجية القتالية الآتية:

(1) نشر بعض الأسلحة المتطورة في إسرائيل.

(2) تسهيل عملية تمركز الأساطيل البحرية والجوية الأمريكية، في منطقة شرق البحر المتوسط، مع إعطاء العمق الكافي لانتشار الأسطول الأمريكي على السواحل الجنوبية لأوروبا.

(3) يتيح هذا الوجود للولايات المتحدة الأمريكية، توفير احتياطي مخزون من المعدات لسرعة التدخل في مناطق الأزمات في منطقة الشرق الأوسط.

ج. تطوير التعاون في مجال الاستخبارات

يُعد هذا التعاون بين البلدين، أحد المجالات الهامة والمستمرة بينهما، منذ قيام دولة إسرائيل، والذي ساعد على تطوير، وابتكار أسلحة، ومعدات، وأساليب قتال أمريكية حديثه
د. التدريبات المشتركة

يُعد هذا المجال من أبرز مجالات التعاون بين البلدين، ووضعت التدريبات البحرية المشتركة في مقدمة مجالات هذا التدريب، حيث يعتمد الوجود الأمريكي في منطقة شرقي البحر المتوسط على الأسطول السادس الأمريكي، وخلال الأعوام التالية لهذا الاتفاق جرت التدريبات التالية:

(1) إجراء تدريبات بحرية مشتركة خلال شهر يونيه 1984، بهدف اختبار إمكانيات الإخلاء الطبي.

(2) زيارة بعض القطع البحرية الأمريكية لموانئ إسرائيل في أبريل 1985.

(3) تدريب مشترك على أعمال البحث والغطس، وتحديد أماكن الغواصات المعادية، خلال شهر أبريل 1986.

(4) إجراء عمليات الصيانة، والإصلاح، والإعداد الإداري، والفني، في قاعدة حيفا البحرية خلال الفترة من 10 - 19 ديسمبر 1986.

هـ. في مجال التصنيع الحربي

(1) على الرغم من السبق التكنولوجي الأمريكي، في مجالات الإنتاج والتصنيع الحربي، إلا أن إسرائيل كان لها السبق التطبيقي لاستخدام الأسلحة الأمريكية ضد أنظمة التسليح السوفيتية، ويُعد هذا المجال أحد أبرز مجالات التعاون بين البلدين.

(2) دعم القدرات الإسرائيلية، في مجال التصنيع الحربي المستقل، دون الحصول على ترخيص من شركات أجنبية. كما يمكن لإسرائيل تصدير بعض إنتاجها من الصناعات الحربية إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وتشير بعض المصادر أن المشتريات الأمريكية من السلاح الإسرائيلي بلغت نحو نصف مليار دولار خلال عام 1984م.

(3) أتاح الاتفاق لإسرائيل إجراء العديد من التعديلات على الأسلحة الأمريكية، بزيادة قدراتها، ومن أمثلة ذلك: تعديلات على الدبابات الأمريكية M – 60، وتعديلات على الطائرات F – 16 وF – 4 ، وتعديلات على ذخائر العبوة المفرغة للدبابات الأمريكية.

(4) التعاون المشترك في مجال الإنتاج الحربي: ومثال ذلك إنتاج إسرائيل لنظامين من الطائرات الموجهة من دون طيار، نوع سكوت ـ موستاف، والتي بدأ إنتاجها في النصف الثاني من عام 1986.

(5) كما جرى التعاون المشترك في مجال إنتاج الطائرة الإسرائيلية "لافي"، وساهمت الولايات المتحدة الأمريكية بـ1.2 مليار دولار في هذا المشروع.
اتفاقية التعاون العسكري

بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية عام 1983[1]

1. توفير مخزون إستراتيجي أمريكي بإسرائيل قيمته 300 مليون دولار "صواريخ بحر/ بحر طراز هاربون ـ صواريخ باتريوت ـ وقود وشحومات ـ قطع غيار"، ويحق للجانب الإسرائيلي استخدامه في أوقات الطوارئ، الأمر الذي يدفع بإمكانية استعادة الكفاءة القتالية، ومواجهة المتغيرات الطارئة خلال مراحل أي عملية متوقعة.

2. إجراء تدريبات سنوية، وأخرى نصف سنوية مشتركة، بين الأفرع الرئيسية: القوات الجوية ـ القوات البحرية ـ القوات البرية على الأراضي الإسرائيلية، لرفع مستوى التدريب، والتنسيق المسبق، استعداداً لتنفيذ أي مهام عسكرية مشتركة بالمنطقة.

3. ثبات المساعدات العسكرية السنوية، بما قيمته 1.8 مليار دولار، وبما يوفر أوعية أخرى من ميزانية الدولة لصالح معدلات النمو الاقتصادي، فضلاً عن استثمار تلك المساعدات في التحديث المستمر، وتلبية متطلبات جيش الاحتلال الإسرائيلي، من أحدث التكنولوجيا العسكرية الأمريكية والغربية المتقدمة.

4. زيادة مبيعات الصناعات العسكرية الإسرائيلية للجيش الأمريكي('المستهدف هو 3 مليار دولار سنوياً.') ، ولصالح معدلات الاقتصاد لدولة إسرائيل.

5. قيام إسرائيل بسحب المعدات العسكرية المطلوب شراؤها من مخازن ومستودعات الجيش الأمريكي العاملة، وليس من فائض المعدات العسكرية الأمريكية، "طائرات عمودية أباتشي وبلاك هوك ـ صواريخ بحر / بحر طراز ربوى" وما يتيحه ذلك، من امتلاك الأسلحة ذات الكفاءة القتالية، والفنية العالية.

6. معاملة إسرائيل كأحد دول حلف شمال الأطلسي، عند شرائها معدات عسكرية أمريكية "أسعار تشجيعية ـ نوعيات متطورة من التسليح".

7. التخطيط والتنسيق المشترك، لمواجهة حالات الطوارئ بما يتيح سرعة التلبية لمواجهة المواقف والأزمات الطارئة بالمنطقة.

8. تطوير قاعدة حيفا البحرية، لصالح استقبال، وصيانة، وإجراء الإصلاحات الجارية لقطع الأسطول السادس الأمريكي، الأمر الذي يطرح إمكانية استثمار الجانب الإسرائيلي لتلك الميزة، في الحصول على الدعم القتالي والفني، من قطع الأسطول الأمريكي حالة اندلاع المواجهات بين إسرائيل وأي من دول المنطقة.

9. في إطار التعاون في مجال الاستخبارات"، يكون التعاون في إطار جمع المعلومات ومكافحة الإرهاب، وبما يتيح استفادة إسرائيل من الإمكانيات الواسعة لأجهزة الاستخبارات، وجمع المعلومات الأمريكية عن دول المنطقة.

6. المراحل التنفيذية للشق الاقتصادي من الاتفاق

جرى تنفيذ الاتفاق على مراحل رئيسية تنتهي عام 1995، حيث أُلغيت الحواجز والرسوم الجمركية على مجموعات السلع المختلفة، وذلك على النحو التالي:

أ. المجموعة الأولى: إلغاء الرسوم والجمارك 1/9/1985 ويشمل:

المواد الخام اللازمة للصناعة والسلع، التي تتمتع بإعفاءات وتخفيضات، وهي تشكل معظم الصادرات الإسرائيلية للولايات المتحدة الأمريكية، فضلاً عن السلع التي توجد بعض القيود بشأنها. إضافة إلى بعض السلع الأخرى، التي كانت ملزمة بدفع الجمارك، مثل الأجهزة الإلكترونية، ومواسير الحديد، والسلع الجديدة، والكيماويات، وبعض المنتجات الزراعية، والسجائر، والأكلمة، والسجاد، وبعض المنسوجات.

ب. المجموعة الثانية: التخفيض المرحلي، والإعفاء للسلع التي لا تتمتع بالإعفاء الفوري "يشمل التخفيض 20% حتى 1/1/1990"

تشمل السلع الغذائية، والخمور، والكيماويات، وأجهزة التكييف، ومستلزمات الحوائط، والأرضيات، ومنتجات النسيج غير المدرجة في المجموعة الأولى.

ج. المجموعة الثالثة: الإعفاء الكامل وبصورة تدريجية على مدى عشر سنوات وحتى عام 1995

ويشمل السلع ذات الحساسية الاستطرادية ـ المتطورة تكنولوجياً.


 
رد: التحالف العسكري الاسرائيلي ___ الامريكي ج1

ثالثاً: اتفاقية التعاون العسكري بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية 15 سبتمبر 1984

تُعد هذه الاتفاقية مكملة للاتفاقيات السابقة، وقد شمل هذا الاتفاق البنود التالية:

1. التركيز على التعاون في مجالات البحوث، وتطوير الأسلحة، والمعدات، والتعاون المشترك في مجالات إنتاج أسلحة ومعدات جديدة.

2. تطوير القاعدة التكنولوجية، وإجراء البحوث المنسقة.

3. تقييم مشترك للمعدات الأجنبية.

4. التعاون في مجال الطب العسكري، "بعثات، ومعدات، ومستشفيات ميدانية، وتدريب مشترك".

5. تنسيق التخطيط الأمني المشترك بين البلدين.

6. التدريبات البحرية المشتركة في البحر المتوسط.

7. التدريبات البرية والجوية المشتركة بصحراء النقب.

رابعاً: اتفاقية التجارة الحرة بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية 8 سبتمبر 1985

يُعد توقيع اتفاقية التجارة الحرّة، بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، بداية لمرحلة فريدة في العلاقات الاقتصادية, باعتبار أنها أول اتفاقية تجارية ثنائية من نوعها مع دولة أجنبية، بالرغم مما يواجهه الميزان التجاري الأمريكي من عجز، ودعوة الكونجرس الأمريكي لفرض قيود لحماية الصناعات الأمريكية، كما يُعد توقيع هذه الاتفاقية تطبيقاً لأحد المجالات الرئيسية للتعاون الإستراتيجي الأمريكي - الإسرائيلي في المجال الاقتصادي " طبقاً لاتفاقية عام 1983".

أهداف الاتفاقية

1. من جانب إسرائيل

تحقيق المزيد من الأوضاع المتميزة، التي تكفل لإسرائيل قدراً ملموساً من حرية الحركة، سواء في منطقة الشرق الأوسط، أو على مستوى دول العالم الثالث، فضلاً عن أن الاتفاق يُساهم ـ إلي حد كبير ـ في تجسيد الشكل الجديد، لعلاقة التحالف الإستراتيجي بين البلدين.

2. من جانب الولايات المتحدة الأمريكية

دعم الاقتصاد الإسرائيلي بصورة أكثر إيجابية، بدلاً من أسلوب الاعتماد على المنح والمساعدات السنوية، وبما يساعد على تصحيح الاختلال الواضح في هيكل الميزان التجاري بين الدولتين، نصف مليار دولار سنوياً لصالح الولايات المتحدة الأمريكية دون المشتريات العسكرية.

ومنذ بدء سريان هذا الاتفاق في سبتمبر 1985 وحتى مارس 1986، فإن حجم التجارة الأمريكية مع إسرائيل، بلغ 3 مليارات دولار في الاتجاهين استيراد ـ تصدير، كما بلغ الدخل السنوي لشركة ساتيكس الإسرائيلية للكمبيوتر، حوالي 3 مليارات دولار.
fig01.jpg


خامساً: اتفاقية التعاون العسكري بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية 13 مايو 1986

صاحب توقيع تلك الاتفاقية، العديد من المتغيرات على المستوى العالمي والإقليمي، أدّت كلها إلى تقارب كبير بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، انعكس على توقيع أهم اتفاق إستراتيجي بينهما، أحدث نقلة نوعية خطيرة لإسرائيل، التي حصدت من خلاله تكنولوجيا فائقة التقدم، ومساعدات مالية كبيرة، نظير اشتراكها في برنامج حرب النجوم.

وأهم المتغيرات في تلك الحقبة، ظهرت في الآتي:

1. على المستوى العالمي: "الولايات المتحدة الأمريكية بصفة خاصة"

أ. تصاعد الحرب الباردة بين القطبين الرئيسيين في العالم، وإعلان الرئيس ريجان عن بدء الولايات المتحدة الأمريكية في تنفيذ منظومة الدفاع الإستراتيجي، المعروفة "بحرب النجوم"، والتي أحدثت ضجة وقتها، نتيجة لتصاعد سباق التسلح، الذي يستنزف اقتصاد الدولتين العظميين، وينعكس على الاقتصاد العالمي ككل.

ب. حاجة الولايات المتحدة الأمريكية إلى مشاركة أطراف عالمية، لها قدرات على البحث العلمي، تتناسب مع حجم الإنجاز المطلوب، وفي نفس الوقت لها ارتباط قوي بالولايات المتحدة الأمريكية ومؤسساتها العلمية للتنسيق في المجال البحثي، وإسرائيل لديها تلك المقومات من وجهة النظر الأمريكية.

ج. نجاح الرئيس ريجان في الانتخابات الأمريكية "فترة الرئاسة الثانية"، من خلال تأييد اللوبي الصهيوني، الذي ضغط على الرئيس ريجان، من أجل "دفع ثمن هذا الفوز لإسرائيل".

د. تأكيد الولايات المتحدة الأمريكية لمصالحها في المنطقة، والتي كانت تتعدد اتجاهاتها، ما بين احتواء كل من إيران والعراق، إلى جانب ـ محاولة ـ تحييد دور مصر، وتقليص قدراتها في مجال الارتباط القومي. وفي الوقت نفسه، استغلال القدرات الاقتصادية للدول الخليجية، لاسترداد "البترودولار" الذي شكل احتياطيات مالية واقتصادية لتلك الدول، نتيجة لارتفاع أسعار البترول في أعقاب حرب أكتوبر 1973. وقد جاء هذا الاسترداد، في صورة مبيعات ضخمة من الأسلحة من منظور التهديد الأمني لدول الخليج، كذلك مشروعات صناعية وزراعية محدودة الجدوى.

ووجهت الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً عقوبات، وصلت إلى حد الحصار لدول "مناوئة" مثل ليبيا والسودان، في ضوء أن سياساتها لا تتوافق مع المصالح الأمريكية.

2. على المستوى الإقليمي

أ. في هذه المرحلة اشتعلت، في المنطقة، حربان: الحرب العراقية - الإيرانية، والحرب الأهلية في لبنان، وكلتاهما كانت لها انعكاساتها المؤثرة على أمن المنطقة بالكامل. خصوصاً أن استخدام الصواريخ الباليستية، كان على نطاق واسع بين إيران والعراق، وكانت هناك تلميحات من القيادة العراقية، وإيران في إمكان استخدامها تجاه إسرائيل.

ب. كانت في إسرائيل، حكومة ائتلافية تبادل فيها الليكود والعمل الحكم - كل مدة سنتين - وقد تولى "شيمون بيريز Shimon Peres" الفترة الثانية من الحكم[6]، وهو معروف بقدرته على الإقناع والارتباط "بالحليف الإستراتيجي"، لكي يحصل منه على أقصى قدر لصالح إسرائيل، كما أن له تجربة في ذلك، عندما أدخل الإمكانيات النووية إلي إسرائيل. لذلك عمل شيمون بيريز على تأكيد التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة الأمريكية تهدف إلى تأكيد التعاون مع إسرائيل، وتمكن كذلك بقدراته الشخصية من الوصول إلى اتفاق للمشاركة في حرب النجوم، في الوقت التي كانت الولايات المتحدة الأمريكية تهدف إلى تأكيد تفوق إسرائيل على جيرانها العرب.

وهذه الاتفاقية، تعد بنودها بالكامل سرية، ولم يسمح بنشر أي من محتوياتها، ولكن الشواهد والإجراءات التي جرت تدل عليها - وأهم تلك الدلائل هي:

سادساً: التعاون في مجال مبادرة الدفاع الإستراتيجي المعروفة بحرب النجوم SDI

من خلال تلك الاتفاقية، أصبحت إسرائيل شريكاً لأمريكا في أحدث نظمها الدفاعية المسمى بحرب النجوم SDI. وذلك عندما وقَّع شيمون بيريز على اتفاق التعاون الإستراتيجي"مع الولايات المتحدة الأمريكية في هذا المجال، والذي تقوم بموجبه إسرائيل بتطوير وإنتاج نظام مضاد للصواريخ الباليستية التكتيكية، والمتوسطة المدى، بتمويل مبدئي قدره 120 مليون دولار كمرحلة أولى للتجارب، تليها مرحلة التطوير التي تشارك فيها الولايات المتحدة الأمريكية بـ 320 مليون دولار.

واستفادت إسرائيل في هذا المجال بالحصول على الخبرات، والنظم الأمريكية الحديثة، مما ساعدها ـ أي إسرائيل ـ على تطوير وسائل وأنظمة قتالية دقيقة ومتقدمة. ومنذ توقيع هذا الاتفاق، حرصت إسرائيل على الاشتراك في حوالي 140 مشروعاً من مشروعات مبادرة الدفاع الإستراتيجي، منها حوالي 90 مشروعاً في مجال المواد الإستراتيجية، وبرامج الكمبيوتر، وعلم الأحياء، والرياضيات

وفى إطار هذا النوع من التعاون - حرب النجوم- كانت إسرائيل حريصة على تطبيق النتائج البحثية، من أجل تطوير أسلحتها التقليدية، بما تمثله هذه التطبيقات من قمة التقدم العلمي والتكنولوجي، وبذا وضعت إسرائيل يدها على تكنولوجيا جديدة في مجالات أشعة الليزر، والجزيئات، والتطبيقات المتقدمة في الحاسبات الإلكترونية، في إطار برامج متقدمة مثل هندسة الصواريخ، والمقذوفات فائقة السرعة، مما مكنها من المشاركة في مشروع تطوير الصاروخ حيتس، المضاد للصواريخ، وذلك بهدف تقليل فاعلية الصواريخ التي تستخدمها الدول العربية. وإلى جانب بناء هذا النظام الدفاعي، سعت إسرائيل إلى حصولها من الولايات المتحدة الأمريكية، على وسائل للمراقبة والتتبع، بحيث يمكنها كشف والتقاط ومراقبة وتتبع الصواريخ، وهذا ما مكنها من بناء قمر صناعي. كما سعت أيضاً نحو إجراء الأبحاث - بالتعاون مع المراكز البحثية الأمريكية- لاستخدام أشعة الليزر، في تحديد واكتشاف الأقمار الصناعية، والأبحاث الفلكية الخاصة بمشروع حرب النجوم, مع توفير وسائل إدارة حديثة من قيادة، وتحكم، واتصالات، واستخبارات للتعامل مع تدفق المعلومات، خلال فترة قصيرة للغاية لاكتشاف الصواريخ الباليستية، ومتابعتها، والاشتباك معها.

1. الفكر الإسرائيلي للدفاع الإستراتيجي بموجب الاتفاق السابق

تبلور الفكر الإسرائيلي للدفاع الإستراتيجي، في استكمال قدرتها على مواجهة الصواريخ الباليستية العربية أرض/ أرض، من خلال بناء شبكة من الصواريخ المضادة للصواريخ، تؤمنها ضد الهجمات الصاروخية العربية. على أن تنشأ هذه الشبكة من خلال دفاع متعدد الأبعاد القصيرة، والمتوسطة، والبعيدة.

وضاعفت فكرة الدفاع التفضيلي، من مشاكل القوة المهاجمة، وذلك عن طريق تركيز الدفاع حول بعض الأهداف المحتمل مهاجمتها وليس كلها. وهنا يجري الدفاع عن بعض الأهداف الإستراتيجية فقط، مع تفسير حالة الدفاع عن هذه الأهداف بين مدافع عنها، وغير مدافع عنها. وفي هذه الحالة يضطر المخطط الإستراتيجي للخصم، إلى تخطيط يشمل كافة الأهداف الإستراتيجية.

والمكونات المحتملة للنظام الدفاعي"متعدد الطبقات" كثيرة، تتضمن محطات قتال بالليزر، وأسلحة طاقة موجهة، وغير ذلك من أجزاء النظام. وكذلك منصات إطلاق صواريخ أرضية، إضافة إلى المستشعرات التي تقوم باكتشاف الهجمات الصاروخية، إضافة إلي أجهزة نظم المعلومات التي تقوم بتصنيف، وتحليل المعلومات التي يجري جمعها.

وبهذا الاتفاق، أصبحت إسرائيل أول دولة في منطقة الشرق الأوسط، تقوم بإدخال الفضاء ضمن المجال العسكري، وأن تكون أول دولة في المنطقة تنشئ نظاماً إستراتيجياً للدفاع بالصواريخ "Strategic Defense Missiles ".

2. ما حققته إسرائيل بموجب المشاركة مع الولايات المتحدة الأمريكية في حرب النجوم

أ. إنتاج الصاروخ حيتس أو السهم، المضاد للصواريخ

استهدف هذا المشروع، اعتراض الصواريخ المعادية على الارتفاعات المتوسطة، وبعيدة المدى. وبعد أن انتهت المرحلة الأولى من تطوير هذا الصاروخ، أصدرت الحكومة الإسرائيلية قرارها بمواصلة العمل في المشروع. ففي أغسطس 1996 أعلنت إسرائيل عن نجاح تجاربها التي أجريت في اعتراض الصواريخ الباليستية. وفى ديسمبر 1996 أجريت تجربة كاملة لتشغيل النظام بكامل عناصره، "قواعد إطلاق الصواريخ، وجهاز الرادار". وتقوم فكرة الصاروخ حيتس على أساس توفير دفاع بالمنطقة، والتعامل مع الأهداف على ارتفاع من 20-40 كيلومترا. هذا وقد نصَّ الاتفاق الموقع بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، على أن تقوم الأخيرة بتمويل 80% من قيمة المشروع، وفى الوقت نفسه الاستفادة من التكنولوجيا الأمريكية في هذا المجال، كما رُبط نظام الإنذار المبكر الإسرائيلي في تل أبيب مع مركز الإنذار الأمريكي في ولاية كولـورادو Colorado للاستفادة من معلومات أقمار الإنذار الأمريكية. وبطبيعة الحال كان لهذا التعاون أثره الكبير في زيادة فعالية الصاروخ حيتس، وقدرته على الاعتراض. وتمكنت إسرائيل من إنشاء أول بطارية انضمت للخدمة في عام 1999، على أن تنتهي من تشكيل ثلاث بطاريات في عام 2003.

ب. تطوير أسلحة الطاقة الإشعاعية الموجهة "Directed Energy Weapons"

وهي الأسلحة التي تعتمد على أنظمة أشعة عالية موجهة، مثل أشعة الليزر، وأشعة الجسيمات المشحونة، وأشعة الجسيمات المتعادلة. كما نجحت الأبحاث الإسرائيلية في إنتاج " ليزر الإلكترون الحر"، حيث أصبح بالإمكان تطوير نظام تسليح إشعاعي محمول جوًا، يمكنه اعتراض الصواريخ المعادية في الجو[8].

التعاون العسكري في مجال حرب النجوم

أولاً: اتفاقية التعاون العسكري بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية 14 ديسمبر 1987


ملحق

اتفاقية التعاون المشترك بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ديسمبر 1987

في مجالات البحث، والتطوير، والتبادل العلمي، والهندسي، والإمداد بالمعدات الدفاعية

أولاً : تبادل المعلومات الخاصة بتطوير أجهزة الدفاع

تقدم هذه الاتفاقية، والملاحق الخاصة بها، دليلاً على تطور العلاقات بين الجانبين، وقد وقعت هذه الاتفاقية "اتفاقية تبادل المعلومات الدفاعية" بين وزارة الدفاع الأمريكية ووزارة الدفاع الإسرائيلية في 22 ديسمبر عام 1987، وتضمنت هذه الاتفاقية الشروط والمراحل التي وافقت عليها الدولتان، عند تبادل المعلومات حول موضوع يهم الجانبين.

إن الملاحق الخاصة بهذه الاتفاقية توضح المعلومات التي ينبغي تبادلها، وهذه الملاحق تقدم للطرفين سنوياً مضافاً، إليها ملاحق جديدة، كما هو متفق عليه بين الحكومتين.

الملاحق الخاصة بتبادل المعلومات عن الأسلحة تشمل:

"أنظمة دبابات ـ أجهزة المراقبة الليلية ـ صواريخ مدفعية- أنظمة صاروخية ـ أنظمة دفاع جوي ـ أنظمة مدفعية ـ معدات إلكترونية ـ أسلحة مشاه ـ أجهزة اتصالات تكتيكية ـ الوقاية ضد الأسلحة الكيماوية ـ معدات فنية أرضية ـ أجهزة بث ألغام ـ وألغام أرضية ـ أجهزة هندسية خاصة بالجيش ـ الطب العسكري ـ أنظمة إيواء متحركة، ومعدات تنظيمية ـ الإمداد بالموارد الغذائية وكيفية المحافظة عليها، بالإضافة إلى معدات خدمة التغذية ـ طرق تطوير الأسلحة المختلفة ـ وفنياتها وكذلك الأدوات المستخدمة في ذلك ـ الأنظمة العسكرية الخاصة بالدفاع الجوي ـ أنظمة الدفاع ضد الصواريخ المضادة للسفن ـ أنظمة هجومية جو/ جو ـ علم دراسة المحيطات التطبيقي ـ كيفية أسلوب نقل المواد المتفجرة " ـ تكنولوجيا البصريات الإلكترونية ـ برامج السلامة " الأمن" البحري ـ إصلاح الأسلحة المحمولة جوًا ـ أنظمة تسليح تقليدية تطلق من الجو ـ الديناميكيات الحيوية، وتكنولوجيا العوامل البشرية".

ثانياً: برامج التنمية والبحث

وقعت حكومتنا الولايات المتحدة الأمريكية، والحكومة الإسرائيلية، اتفاقية تفاهم مشترك في الرابع عشر من ديسمبر 1987 -، وهي تضع المبادئ الرئيسية التي تحكم التعاون المشترك في مجال بحث وتطوير معدات الدفاع التقليدية، وكما جاء في الملحق رقم 1 من الاتفاقية ـ فإنه سيكون من اختصاص المسؤولين عن الدفاع في كل من الدولتين، الحصول على المعلومات الخاصة بالأبحاث، والتطوير في الدولة الأخرى.

والجهات الصناعية المسؤولة في كل من الدولتين، ستعاون المصادر الموجودة في الدولة في الحصول على ما تبغيه من المعلومات الأخرى، وثمة إجراء آخر، هو في كيفية استخدام الجزء رقم 2 من الملحق، باعتبار ذلك من الضروريات التي تتطلبها اللجنة المشتركة، والمكونة من مسؤولين في وزارتي الدفاع في كل من إسرائيل، والولايات المتحدة الأمريكية، ويلاحظ أن برامج البحث والتطوير، والتي تغطيها الاتفاقية كالتالي:

1. برنامج البحث والتطوير المشترك

هو البرنامج الذي تتفق من خلاله الدولتان على تنفيذ أسلوب للتعاون في مجال البحث والتطوير، في أي من الدولتين ـ أو في كلتيهما ـ لتغطية الاحتياجات العامة والمطلوبة.

2. تدعيم برنامج البحث والتطوير

وهو البرنامج الذي من خلاله تقوم أي من الدولتين بإنجاز أي من بنود هذا البرنامج لحساب الدولة الأخرى، "طبقاً لعقد مبرم في هذا الشأن".

كما أن البرنامج لا يعطي أي من الدولتين الحق في التصرف في المعلومات الفنية، أو التدخل في قوانين التصدير المتبعة لدى الدولة الأخرى، وإذا ما حدث ذلك فيجب مراعاة احتياجات الدولة الأخرى أولاً في تصدير معلومات، أي من المعدات الفنية الناتجة عن هذه الأبحاث، وأن أي تصدير يجب أن يخضع لاتفاق الدولة الأخرى المعنية.

3. برنامج تطوير المعدات

طبقاً لهذا البرنامج، يمكن لأي من الدولتين أن تختبر ـ أو أن تقيِّم المعدات السابق تطويرها من جانب الدولة الأخرى، أو من جانب الشركة صاحبة العقد ـ وطبقاً لما تحصل عليه من خلال مشتريات، أو التعاون المشترك، أو اتفاق الإنتاج المشترك.

4. برنامج البحث والتطوير والتنافس

على الدولتين أن تتنافسا، مع مثيلاتهما في الدول الأخرى، في مجال البحث والتطوير، وذلك بعلم الدولة الأخرى.

5. البرنامج الأساسي في البحث والتكنولوجيا

من خلال هذا البرنامج يمكن لأي من الدولتين بمفردها، أو بالتعاون المشترك ـ أن تعزز ـ أو تنفذ أو تنسق البحث، والتطوير على أسس تكنولوجية، من أجل أن تبني، أو تطور التكنولوجيا الأساسية لديها ـ ولكن ليس بالضرورة طبقا لمتطلبات عملية معينة لديها. وطبقاً لهذا الموضوع يمكن البحث، والتطوير للمعدات الموجودة في مؤسسات البحث، والجامعات، والحكومة، وكذلك المعامل غير الحكومية. وطبقاً لهذا البرنامج يمكن تقييم التكنولوجيا، وكذلك وضع تقييمات للتكنولوجيا المرتقبة، وإجراء اختيارات على التكنولوجيا الجديدة "، بما فيها المواد التكنولوجية المختلفة" التكتيكية والمعدات المختلفة، وكذلك تبادل المعدات الهندسية، والتكنولوجيا اللازمة للصناعات المختلفة.

6. تحديد مجالات التنافس في البحث، والتطوير، وفئات تصنيف البرامج

إن برامج البحث والتطوير في مجال الأنظمة التكنولوجية، التي تشملها الملحقات الخاصة بالمذكرة، سيفتح مجالات التنافس بين الشركات في إحدى الدولتين للتعاقد مع شركات في الدولة الأخرى، ومهما يكن فإن إقامة أجزاء من هذه البرامج المعينة، يمكن أن تستثنى من عملية التنافس من جانب، أي من الدولتين طبقاً للنواحي القومية، ونقل التكنولوجيا أو السياسات الدولية التي تتبعها أي من الدولتين، ويلاحظ أن أيا من الدولتين يمكن أن تطلب أن تكون المنافسة المسموح بها طبقاً للبرامج ـ ألا تكون سرية، طبقاً للملحقات الخاصة بتبادل المعلومات.

ثالثاً: برامج تبادل المعلومات العلمية والهندسية، بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية

1. تبادل الخبرات

عند تطبيق الاتفاقية بين حكومتي، إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، الموقعة في 14 ديسمبر1987، تقوم كل من الدولتين بإمداد الدولة الأخرى بالعلماء، والمهندسين، والعاملين في منظمات الدفاع، والصناعات، والجامعات، والمعاهد، من المتخصصين العاملين في مجالات التكنولوجيا المتعلقة بالقوات المسلحة، مثل الأسطول، والقوات الجوية، وأنظمة الأسلحة التقليدية، والمعدات بأشكالها المختلفة وأحجامها.

2. اختيار المرشحين

أ. يجري اختيار المرشحين بين العلماء الإسرائيليين والعلماء الأمريكيين،- طبقاً لبرنامج تبادل الخبراء ـ في نفس الوقت. محظور ترشيح أو اختيار أي من الضباط العسكريين، والموظفين المدنيين في وزارة الدفاع الإسرائيلية، ووزارة الدفاع الأمريكية، والعاملين في الصناعات، والشركات الحكومية في البلدين للعمل في الدولة الأخرى.

ب. كل عضو يجري اختياره لهذا البرنامج، يشترط فيه القدرة والنشاط، الذي يحتاجه طبقاً للفترة المتفق عليها من الجانبين.

ج. يجب أن يحمل المرشح درجة علمية مناسبة، وتكون لديه خبرة أربع سنوات على الأقل في الأنظمة المختلفة، التي سيتناولها خلال فترة عمله.

د. وللمساعدة في تقييم هؤلاء المرشحين، فإن وزارة الدفاع الإسرائيلية ووزارة الدفاع الأمريكية، يمكن أن تجري تقييماً لكل عضو من الدولة الأخرى لفترة عمل ستة شهور على الأقل، قبل أن يعتمد عليه كلية، والاختيار النهائي لهؤلاء المرشحين سيتفق عليه بالتبادل المشترك بين وزارتي الدفاع في كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

إن المرشحين من وزارة الدفاع الإسرائيلية، يجب أن يكونوا ملمين باللغة الإنجليزية، ولديهم خبرة بمجالات العمل الفني في الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن ـ المرشحين من وزارة الدفاع الأمريكية، يجب أن تكون لديهم خبرة ومعرفة باللغة العبرية، ولديهم خبرة كذلك بالعمل في المجالات الفنية التي تتطلب التعرف على اللغة العبرية، "باعتبار ذلك ضرورياً في مجال العمل في أي من الدولتين".

3. النفقات

أ. يجري تقييم أجور المهندسين والعلماء، في أي من الدولتين، على ضوء ما يتقاضاه نظائرهم في الدولة الأخرى.

ب. مرتبات العلماء في الدولة الأم، يجب أن تراعي الوضع الاجتماعي الجديد للمعارين، ويجب مراعاة زيادة تكاليف الغذاء، والمسكن، وأية مصروفات أخرى يضطرون إليها، وكذلك تكاليف أسرهم، وما قد يتعرضون له من نفقات المعيشة الإضافية، والإسكان، والنقل، والسفر من وإلى الدولة المضيفة، وكذلك الانتقالات داخل الدولة المضيفة نفسها، وكذلك تكاليف العلاج، والتكاليف الطبية الأخرى، وعلاج الأسنان، وأي تكاليف أخرى يضطر لها خلال وجوده في الدولة المضيفة.

4. دواعي الأمن

أ. خلال عملية الاختيار يجب على الدولتين، أن تخطر الدولة الأخرى عن مستوى الأمن المطلوب لكل من هؤلاء المرشحين لمزاولة أعمالهم في مناطق العمل المختلفة، كما يجب أن تخضع تحركات أي من الأعضاء المرشحين للسرية، وأن يخضع ذلك لسلطات البرنامج المشاركة في العمل، هذا إضافة إلى أنه يجب أن تكون هناك مرونة في التصرفات من جانب السلطات المعنية.

ب. على كل دولة أن تقدم تقييما للموقف، من خلال سفارتها في الدولة الأخرى " الدولة المضيفة " وأن توفر الأمن اللازم لكل عضو يقع عليه الاختيار النهائي.

ج. أي انتهاك لإجراءات الأمن، من جانب المبعوثين ستخطر به الدولة الأخرى.

د. يجب أن توفر الدولة، كل إمكانيات البحث والمعلومات المطلوبة للشخص المشارك في العمل طبقاً للعقد بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

هـ. على الدولة الأم ـ أن تؤكد ـ ومن قبيل الوسائل المعهودة ـ أن تقيم المدة المطلوبة طبقاً لقوانين الأمن المعمول بها في الدولة المضيفة ـ لمدة تصل إلى ثلاث مرات ـ وأن تعمل الدولة المضيفة على حماية ممتلكات العضو بها ـ وألا تفشي أية معلومات عن البرنامج إلا في حدود ما هو متفق عليه، وبعد إخطار وتقييم الجانب الآخر لهذه المعلومات.

و. المعلومات التي سيجرى تبادلها، طبقاً لهذا البرنامج ـ وكذلك المعدات، والتسهيلات المختلفة لن تشمل بطبيعة الحال على المعلومات، والمعدات المحظورة مسبقاً.

ز. المعلومات الفنية " المصنفة وغير المصنفة، والمكتوبة، أو تشملها أية وثائق أخرى"، والتي يجرى تسليمها من جانب أحد المشاركين لا تنقل بواسطة الجانب المشارك الآخر ما لم يخطر مسبقاً، ويوافق عليها من جانب الطرف المشارك. بمعنى أن أي طرف يريد أن يفشي أية معلومات، أو ينشرها ـ يجب عليه أن يحصل على موافقة الطرف الآخر مسبقاً ـ قبل عملية النشر أو الإفصاح.

5. موضوعات فنية وإدارية

أ. ستقدم الدولة المضيفة للدولة الأخرى، مقابلاً ماديًا عن الإمدادات الفنية والإدارية، كلما كان ذلك ضرورياً، لإنجاز العمل المشترك الذي يقوم به الخبراء.

ب. سيكون المشاركون المعينون لهذا البرنامج خاضعين لنفس القيود والشروط، ويتمتعون بامتياز كموظفين محليين لهم درجة مماثلة لنظرائهم في نطاق العمل المحدد لهم، ما لم يتم تعديل ذلك بواسطة المدير المحلي، أو القائد، أو ما يعادله في الهيئة المعين بها.

ج. ستعطى التعليمات للمشتركين من الطرف لآخر، ومنحهم التفويضات المحددة طبقاً لنظام العمل، وامتيازاتهم بالإضافة إلى إعلامهم بالالتزامات التي تسبق، أو تتبع وصولهم في الدولة المضيفة.

د. وكقاعدة عامة فيما عدا الإجازات الدينية، فإن المشاركين سيحتفلون بأعياد المنظمة المضيفة فضلاً عن أعيادهم القومية الخاصة.

تسري الاستثناءات من هذه القاعدة بواسطة المدير المحلي أو القائد أو نظيره في المنصب المعين به.

هـ. سيعمل كل المشاركين تحت إشراف، وسيطرة مشرف من الدولة المضيفة، والذي سيقدم تقريرًا تقييميًا للدولة الأصلية للمشتركين، وذلك بناء على إتمام المشاركين لكل إنجاز في العمل.

و. سيتأكد المشرفون يومياً من أداء المشتركين لكي يتقدم العمل طبقاً للخطط المحددة.

6. ابتكارات ومعلومات فنية

أ. إن الحقوق الفكرية التي تتحقق يجري تبادلها، ويكون من حق الحكومتين استخدام التقنيات التي تم التوصل إليها، والمعلومات الفنية التي تم تطويرها في ابتكارات إضافية تتبع هذا البرنامج، وكل ذلك سوف تحكمه القوانين، والقواعد الخاصة بحكومتي الدولتين.

ب. إلى حد ما، فإن الحق الشرعي المستفاد من اختراع ما، تكون مخصصة للحكومة الأصلية، والتي عليها أن تقر الآتي:

(1) بالنسبة للدولة المضيفة، فإنها تمنح حق الامتياز، وتمنح رخصة لاستخدام المخترعات بموجب هذا البرنامج، في نفس الوقت تمنح الدولة المضيفة للدولة الأخرى حق استخدام وبيع المنتجات العسكرية، التي تُصنع، وذلك إذا تم تصنيع المخترع بواسطة مهندسين من قبل الدولة غير المضيفة. وكشرط للاشتراك في هذا البرنامج، فإن الحكومة الأصلية ستحصل على إقرار بالاتفاق من كل عامل ومهندس يتم تبادلهم في ضوء الاتفاقية.

(2) بموجب هذه الاتفاقية، تحصل كلتا الحكومتين المضيفة والأصلية، على رخصة موثقة عالمياً تسمح لكل منهما باستخدام المخترعات والمعلومات الفنية، والتي جرى تطويرها بواسطة الأفراد، وأيضاً فإن هذه الرخصة لا يمكن نقضها من إحدى الدولتين.

(3) بالنسبة للحكومة غير المضيفة، يمكنها أن تحصل من الحكومة المضيفة على اتفاق بشراء، وبيع، واستخدام، المخترعات التي صنعت في الدولة المضيفة، وأيضاً فإن الدولة المضيفة يمكنها بيع المنتجات التي جرى إنتاجها بموجب الاتفاقية إلى جميع أنحاء العالم.

(4) يُسمح للدولة المضيفة، أن تحمي وتدافع عن مصالحها في المخترعات التي تم الإشارة إليها، وبقدر كاف، فإن الحكومة المضيفة ربما تطبق إجراءات حماية معينة داخل حدودها.

7. استمرار وتحديد

سيغطي هذا الملحق فترة الاتفاق على مذكرة التفاهم، بين الأطراف، إذا لم يتم عقد اتفاق آخر بينهم.





مذكرة التعاون المشترك بين حكومة إسرائيل وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية عام 1987

فيما يتعلق بالمبادئ التي تحكم التعاون المشترك في البحث، والتطوير،

والتبادل العلمي، والهندسي، والإمداد بمعدات الدفاع

"ملحق بالاتفاقية"

1. تقديم

أ. يشار فيما بعد إلي حكومتي إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بكلمة "الحكومتان". تقوم الحكومتان بتطوير أنظمة سلاح ذي تكنولوجيا عالية، ومعدات دفاع أخرى متقدمة، وتبحثا تسهيل الشراء المتبادل لمثل هذه الأنظمة والمعدات.

ب. وتعزيزاً لهذا الهدف اشتركت الحكومتان في مذكرات، ومناقشات، عن الاختبار والتقييم الذي ينفذ حسب ارتباطه بالدفاع بهدف:

(1) الوصول إلي تفاهم متبادل ودقيق، لسياسات الحكومتين، والتنظيمات والتدابير الخاصة بالاختبار والتقييم.

(2) تحديد الاختلافات الرئيسية، فيما بين تنظيمات وتدابير الحكومتين الخاصة بالاختبار والتقييم.

(3) تعهد بالقيام بالإجراءات اللازمة للتغلب على أي صعوبات تنشأ، عن الاختلافات في التنظيمات لمحاولة ضمان أقصى حد ممكن من المسؤولية المتبادلة لتدابير الاختبار والتقييم.

(4) إن عملية تحديد وتسجيل مدى التفاهم بين الحكومات، فيما يتعلّق بالاتفاق المتبادل لعمليات الاختبار والتقييم، لمثل هذه الأجهزة، والتي تطورها دولة ما، وتقوم دولة أخرى باستعمالها "ملحق مذكرة التفاهم بتاريخ 14 ديسمبر 1987"، يسجل مدى تفاهم الحكومات فيما يتعلق بالاتفاق المتبادل الخاص بإجراءات الاختبار، وهي تشمل كل من الاختبار، والتقييم، والاختبار المعملي.

2. نقاط التفاهم

أ. يوجد نوعان من أجهزة ومعدات الدفاع:

(1) أنواع يجري تطويرها.

(2) أنواع طُورت بالفعل.

ب. الهدف هو تجنب إعادة الاختبارات، أو أن تقوم حكومة إحدى الدولتين بإعادة الاختبارات، حيث إن الحكومة الأخرى يجب أن تمدها بالمعلومات عن برنامج الاختبار الرسمي.

ج. إن الخلافات التي تنشأ بين مؤسسات الاختبار الفنية، والتقييم الخاصة بالبحوث، وبين إجراءات الاختبار والتقييم العامة للحكومات، المعمول بها في الدولتين، ليست هي المبرر من أجل إعداد هذا الملحق. ولتحقيق تفاهم ثنائي أفضل، في سلوك الحكومات التابعة لها مؤسسات الاختبار والتقييم، فإن الحكومات ستقدم معلومات الإرشاد اللازمة لتحقيق غرض هذا الملحق، بما في ذلك توثيق سياساتهم الشخصية، وإجراءاتهم التابعة للاختبار والتقييم.

د. ستصبح الأهداف الرئيسية لتحقيق الغرض من التطوير تتمثل في البرنامج الرئيسي للبحوث، وبالنسبة لإجراءات الاختبار العملية، فإن الإدارة/ الهيئة المركزية الأمريكية المناسبة، تعتبر هي وكالة الاختبار المسؤولة عن إجراء التقييم.

3. إجراءات الاتفاق الثنائية

تتطلب عملية جلب إحدى الأجهزة من دولة إلى أخرى، توقيع اتفاق ثنائي توضح فيه أسس الاختبار والتقييم، التي تعكس ذلك الاختبار، ونتائج الاختبارات، ومحكات التقييم؛ كما تلاحظ الإجراءات الآتية:

أ. تسهيل تبادل معلومات الاختبار والتقييم، وهي مناسبة عن الأجهزة والمعدات التي سيتفق عليها، بين الحكومة المصدرة والحكومة المستوردة.

ب. بالنسبة للأجهزة أو المعدات التي على وشك التطوير، فإن الحكومة القائمة بالتطوير ستقوم بدعوة الحكومة الأخرى للمشاركة في برنامج الاختبار والتقييم، منذ البداية أو بعدها بقليل، أما إذا فضّلت الحكومة التي وُجهت الدعوة إليها عدم المشاركة في الاختبار، فإن الحكومة التي تقدمت بالدعوة تقوم بالاستعداد لنشر معلومات الاختبار، والتقييم الضرورية، وذلك بناء على قوانينها وسياستها القائمة، بما يتلاءم مع حقوق الملكية الخاصة.

ج. بالنسبة للأجهزة والمعدات التي جرى الانتهاء من عمليات التطوير، بها ـ تضمن الحكومة التي قامت بذلك للحكومة الأخرى، أن جميع المعلومات الثنائية الخاصة بالاختبار والتقييم، والمتفق عليها، ستكون في متناول الحكومة الأخرى.

د. وإذا كان هناك اعتبار من جانب الحكومة للمبيعات المتزامنة، مع عمليات الاختبار والتقييم دون إكماله، أو تخطيطه، فإن الحكومتين ستقرران عن طريق الاتفاق المشترك والمتبادل على أي اختبار إضافي لكي يجري تنفيذه والانتهاء منه، فإن مثل هذا الاختبار الإضافي، ربما تقوم به إما دولة واحدة، أو الدولتان للمشاركة كما جرى الاتفاق عليه بالتبادل، وإضافة لذلك، فإنه قبل بداية عمليات الاختبار الإضافية يجب أن يكون هناك توصل إلى فهم مشترك عن طريق الحكومتين بخصوص دفع التكاليف، وتجميع الموارد، والترتيبات، ومعايير التقييم التي ستطبق.

هـ. إذا نفذ جانب من الاختبار والتقييم من طريق إحدى الحكومتين المقدمة، وكان هذا التقييم غير كاف لإشباع حاجات ومتطلبات الحكومة الأخرى، التي تهتم بعمليات البيع، فإن كلتا الحكومتين ستبذلان مساعيهما، إذا اعتبر ذلك مناسباً، للتوصل إلى اتفاق بشأن المستوى العام، وأسلوب الاختبار والتقييم لأي تطبيقات تالية.

و. وفي أي الأحوال، فإذا لم يجر ويتم التوصل إلى اتفاق بين النقاط الرئيسية الخاصة بقابلية عمليات الاختبار والتقييم، أو عندما يكون هناك شعور بأنه لم يجر التزويد بالبيانات الكافية والمعلومات، فسيحال الأمر إلى الهيئة العليا المناسبة، والتي تتشكل كالآتي:

(1) في إسرائيل، من وزير الدفاع، ومدير البحث والتطوير التابع لوزارة الدفاع.

(2) في الولايات المتحدة الأمريكية، من نائب مدير الهندسة والبحث الدفاعي، ومدير الاختبارات العملية وتقييم أمور الاختبارات.

ز. إن أي خلاف بين الحكومتين يتعلق بتفسير وتطبيق هذا الملحق، يسوى من طريق المشاورات بينهما، وتعرض مثل هذه الخلافات أمام محكمة دولية، أو طرف ثالث للتحكيم.

4. حماية المعلومات

أ. أي معلومات ناتجة عن البحوث، يمكن العمل بها مباشرة، أو غير مباشرة بين الحكومات الموقعة والمرتبطة بالملحق.

ب. وإذا قدّمت إحدى الحكومتين إلى الأخرى معلومات على درجة من الأهمية، طبقاً لمتطلبات هذا الملحق السرية، فستكون هذه المعلومات آمنة إلى حد ما، وتؤكد حمايتها طبقاً للبروتوكول، والملحق المشار إليه عاليه.

ج. لتدعيم الحماية اللازمة، فكل حكومة ستحدد المعلومات التي تمد بها الحكومة الأخرى، مع إشارة توضيحيه للدولة الأصلية، وتصنيف الأمن.

د. تتخذ كل حكومة الإجراءات القانونية اللازمة، لتحافظ على عملية تبادل المعلومات.

5. ملاحظة

أ. يصبح هذا الملحق ساري المفعول بتاريخ آخر توقيع، ويظل هكذا لنفس المدة المدونة في مذكرة التفاهم.

ب. يحق لأي من الحكومتين، أن تنسحب من هذا الملحق، بشرط أن تبلغ عن ذلك قبل ستة شهور من التنفيذ.

ج. في حالة انتهاء العمل بهذا الملحق، فإن استمرار إجراءات الحماية والأمن للمعلومات، تظل سارية المفعول لكلتا الحكومتين كما لو كان الاتفاق سارياً.


استكمالاً لسلسلة الاتفاقيات الإستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، فقد وقعت اتفاقية في 14 ديسمبر 1987، تهدف إلى التعاون في مجال الصناعات الحربية، والبحث، والتطوير، وقد أحاط توقيع تلك الاتفاقية العديد من المتغيرات، أهمها:

1. قرب انتهاء فترة رئاسة الرئيس ريجان، ومحاولته كسب أصوات الناخبين اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية، لإعادة انتخاب مرشح الحزب الجمهوري جورج بوش، الذي كان نائباً لريجان في هذا الوقت.

2. تشجيع إسحاق شامير Yitzhak Shamir رئيس الوزراء الإسرائيلي، للسير في اتجاه تحقيق مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، حيث كان لشامير العديد من الخلافات مع الإدارة الأمريكية.

3. يعتبر هذا الاتفاق مكمّلاً لاتفاق عام 1986، والذي وفّر لإسرائيل دعم تكنولوجي متقدم، يمكن من خلاله إنتاج معدات حربية متقدمة، تتطلب الاستمرارية من خلال دعم مادي وتقني مع تبادل المعلومات والتقنيات، وأيضاً تصريف المنتج النهائي المتقدم من خلال الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تشترط باستمرار عدم تسريب التكنولوجيا المتقدمة إلى طرف ثالث إلا بموافقتها.

وقد أدّت هذه الاتفاقية إلى تطور التعاون بين البلدين بشكل ملحوظ، في مجالات متعددة شملت الجوانب التالية:

أ. البحث، والتطوير، والتبادل العلمي، والهندسي خاصة في مجالات الصناعات الحربية.

ب. تكثيف التعاون في مجال تبادل المعلومات والاستخبارات.

ج. توقيع العديد من عقود الإصلاح، والصيانة لأسلحة حلف شمال الأطلسي، والتي نصّت على مشاركة إسرائيل للولايات المتحدة الأمريكية في عقود الإصلاح والصيانة لها.

د. حصول إسرائيل على فائض المعدات العسكرية الأمريكية دون مقابل.

هـ. زيادة حجم الامتيازات للدخول في القطاعات الصناعية الأمريكية.

1. ما حققته إسرائيل من الاتفاقية

سعت إسرائيل في استغلال الاتفاقية للحصول على أموال المساعدات الأمريكية، أو جزء كبير منها، من أجل دعم الصناعات الحربية، للانتقال بها إلى مستوى صناعات الدول الكبرى، ومن ثم التعاون في المجالات الآتية:

أ. الاتجاه نحو دعم الصناعات ذات القيمة المضافة العالية[9].

ب. تشجيع إقامة الصناعات المتقدمة تكنولوجياً.

ج. التطور الكمي والنوعي في صناعات المستقبل: الإلكترونيات، والصناعات الكيماوية والمعدنية. ومن الصناعات الهامة التي ساهمت التكنولوجيا الأمريكية في دعمها لدى إسرائيل، هي:

(1) صناعة الحواسب الآلية بأحجامها المختلفة، واتساع نطاق استخدامها، والتي انقسمت إلى صناعة المعدات "Hardware"، وصناعة البرامج "Software". وقدمت صناعة البرامج مرونة كبيرة في استخدام الحواسب، وفتحت الآفاق لصناعة ما يسمي بالمعدات المبنية على الحسابات الآلية، التي تدخل في كافة المجالات من الطب، والزراعة، والتحكم في كمية المياه، ونظم المعلومات، والمقلدات، ونظم التحكم الآلي وغيرها.

(2) الصناعة الكهروبصرية: وهي من الصناعات التي وجدت نموا كبيرا، حيث يدخل فيها الليزر، والطباعة الحديثة، ومعالجة الصور بأنواعها "Image Processing", بالإضافة للاستخدامات المختلفة للأشعة تحت الحمراء، والاستشعار عن بعد، والقياسات الصناعية الحرجة، كما أن هذه الصناعة تعتبر أساس قيام صناعة الذخائر فائقة الدقة.

(3) إلكترونيات الطيران "Avionics"، وإلكترونيات الفضاء "Astronautics" ، وهذا الفرع من الصناعات الإلكترونية يتميز بدرجة كبيرة من الدقة، حتى تستطيع مواجهة ظروف الذبذبة، وانعدام التوازن في الطائرات، أو الأقمار الصناعية، وسفن الفضاء.

(4) الإنسان الآلي الروبوت Robot: المستخدم في أعمال كثيرة بالإنتاج الصناعي، من صقل الماس وتلميعه، إلى لحام المعادن، والبناء والتقليد، لما يمتاز به من دقة وقدرة على تكرار أي عملية صناعية يصمم لتنفيذها.

وقد انطلقت الصناعات الإسرائيلية في مجال الإلكترونيات بأفرعها المختلفة، وبشكل كبير، سواء الصناعات المدنية أو العسكرية. وفي المجال العسكري، تمكنت من صناعة الطائرتين الكافير Kfir "ولافي" المقاتلتين. وأطلقت الأقمار الصناعية، وأنتجت نظم الاتصال الإلكترونية، والطائرات الموجهة من دون طيار. وفى مجال الصناعة الكهروبصرية، فقد تفوقت في إنتاج الليزر باستخداماته المختلفة، وأنتجت المقلدات، ونظم القتال المختلفة، التي تعتمد على هذا العلم، ونجحت في إنتاج حواسب إلكترونية متقدمة، خاصة في مجال صناعة البرامج.

ومن أجل دعم إسرائيل في مجال الصناعة، فقد نصّ الاتفاق على:

أ. تزويد إسرائيل بصورة منتظمة بالمواد الخام من الولايات المتحدة الأمريكية، بأسعار مخفضة، وقروض منخفضة الفائدة، مع عدم فرض أي قيود على ما تصدره.

ب. ضم إسرائيل إلى قائمة الموردين للمنتجات غير العسكرية، التي تشتريها وزارة الدفاع الأمريكية من الخارج لوحداتها العاملة في أوروبا، واعتماد إسرائيل كمورد معتمد بالنسبة إلى مشتريات وزارة الدفاع في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.

ج. تشجيع الاستثمار الأمريكي في إسرائيل، وتسويق المنتجات الإسرائيلية في الولايات المتحدة الأمريكية، مع إعطاء ضمانات للمستثمرين الأمريكيين في إسرائيل.

د. التعاون في مجال الأبحاث والتنمية الصناعية، حيث تخصص الولايات المتحدة الأمريكية الأموال اللازمة لهذا الغرض، مع تشكيل لجان مشتركة يساهم فيها علماء من الدولتين، لتطوير التعاون في المجالات البحثية والعلمية.

وقد أدت هذه الاتفاقيات إلي زيادة الصادرات الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بقيمة قدرها 493.6 مليون دولار.

وبالرغم من الصعوبات التي واجهتها الصناعات العسكرية الإسرائيلية، والخسائر التي لحقت بها خلال الفترة من 1986-1988، نتيجة لانخفاض الطلب على مبيعاتها، وقرارها في 30أغسطس 1987 بإلغاء مشروع الطائرة لافي[10]، وما تبع ذلك من إلغاء أوامر التوريد لعدد كبير من الموردين، إلا أنّ أمريكا استطاعت أن تقف بجانب إسرائيل خلال هذه الأزمة، من خلال تسويق المنتجات الإسرائيلية إلى العديد من الدول، سواء داخل حلف شمال الأطلسي أو خارجه.

2. وفي مجال البحث والتطوير

فقد تمتعت إسرائيل بمميزات ضخمة في مجال البحث والتطوير، حيث لم تتخلَّ الولايات المتحدة الأمريكية عن إمداد إسرائيل بالمعلومات العلمية، والتكنولوجية المتطورة، والتي لم تخرج عن نطاق حلف شمال الأطلسي إلا لإسرائيل، وذلك بالإضافة إلى وجود عدد كبير من الإسرائيليين في المراكز العلمية الأمريكية. وقد سّهل ذلك كثيراً في نقل التكنولوجيا الأمريكية إلى إسرائيل بالأسلوب المباشر وغير المباشر. وأدى اهتمام إسرائيل باستمرار التفوق النوعي إلى الاهتمام بتشجيع البحث والتطوير من خلال سبع جامعات، وعشرات من معاهد البحث الحكومية والعامة، بالإضافة إلى مراكز البحث التطبيقي المدني والعسكري، في كافة مجالات الصناعة. ويجري تمويل البحث والتطوير في إسرائيل من الحكومة، والشركات، والمعاهد العلمية، بالإضافة إلى المؤسسات الخاصة، والمساعدات الأمريكية بحجم إنفاق وصل عام 1989 إلى "1948 مليون شيكل"، يمثل 2.3% من إجمالي الناتج القومي لإسرائيل في هذا العام.
fig02.jpg



كما نجحت إسرائيل في الحصول على نسبة من المساعدات الأمريكية، وحق شراء سلع من خارج الولايات المتحدة الأمريكية ـ مخالفة بذلك القانون الأمريكي الذي ينص على أن تنفق أموال المساعدات الأمريكية في شراء سلع منتجة بالكامل بالولايات المتحدة الأمريكية ـ وقد مكن هذا الاتفاق من إنفاق إسرائيل لجزء من المساعدات الأمريكية لتمويل الأبحاث العلمية داخل إسرائيل.

والواقع أن هذا الاتفاق، قد أدى إلى أن تصبح المؤسسات البحثية والصناعية الإسرائيلية، تتمتع بنفس الوضع الخاص بدول حلف شمال الأطلسي، في نقل التكنولوجيا الحديثة، والمشاركة في برامج الأبحاث والدراسات ذات الطابع العسكري.

كذلك أدى الاتفاق إلى نجاح إسرائيل في تحقيق درجة متقدمة من الاكتفاء الذاتي، في إنتاج السلاح، بدءا من أسلحة المشاة إلى تصنيع الدبابات، مثل الدبابة ميركافا Merkava ، وكافة أسلحة المدفعية والدفاع الجوي، علاوة على قطع البحرية التي تشمل إنتاج الزوارق البحرية جبراييل، وإنتاج نوعيات متطورة من طائرات القتال، مثل الطائرة كافير وغيرها.

وإضافة إلى نجاح إسرائيل في إنتاج هذه الأسلحة، فإنها بدأت في استخدام العديد من التكنولوجيات الحديثة، إما لتطوير أسلحة موجودة بالفعل، أو تصميم وبناء أسلحة جديدة، تتناسب مع متطلباتها على الوجه التالي:

أ. استفادت إسرائيل من هذه الاتفاقية، في مجالات الحرب الإلكترونية، والذخيرة المتطورة، والصواريخ المضادة للدبابات بعيدة المدى، "مشروع Nimrod"، والرؤوس الباحثة عن الأهداف بالأشعة تحت الحمراء للصواريخ، والقنابل جو/ أرض المطوّرة.

ب. تفوقت إسرائيل في تطوير إنتاج أنواع عديدة من "الطائرة بدون طيار"، والتي تستخدم في أغراض الاستطلاع، والتصوير، وتحديد الهدف.

ج. تطوير المقاتلة القاذفة لافي، حتى مراحل متقدمة، بالرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية نجحت في إقناع إسرائيل بتجميد هذا المشروع، وتحويل الاعتمادات المخصصة له إلى التطبيقات الخاصة بالصواريخ بعيدة المدى، والصواريخ المضادة للصواريخ.

د. أدى التعاون في مجال الصواريخ، إلى قيام إسرائيل بنقل الكثير من التطبيقات التكنولوجية المتقدمة في مجالات الإلكترونيات، والألياف الصناعية، والحواسب الإلكترونية، وهندسة الطيران بصورة عامة، مما حقق إضافة نوعية وكمية إلي مشاريع إسرائيل في مجالات التسليح والفضاء.

هـ. بدأت إسرائيل في الاهتمام المكثف، بالأشكال المطورة والمتقدمة للرؤوس الحربية التقليدية، بدءا من الرؤوس الحاملة للقنابل، والشظايا، والألغام، إلى الرؤوس الارتجاجية عالية التدمير، والقنابل العنقودية.

و. نجحت إسرائيل في تطوير صاروخها الباليستي، متوسط المدى الأرضي، أريحا، لكي يصل إلى 800 كم، ثم إلى 1450كم، حيث يستخدم نظاما مطوّرًا للتوجيه، ويعمل من قواعد متحركة، ويتميز بزمن قصير لرد الفعل "Reaction Time"، نتيجة استخدامه للوقود الصاروخي الصلب. ومن المؤكد أن إسرائيل تعطي أولوية عالية لتطوير هذا النوع من الصواريخ لأداء مهام في العمق العربي.

ثانياً: اتفاقية 4 مارس 1988 لتطوير علاقات التعاون الإستراتيجي بين البلدين

في مارس 1988، وقَّع رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق شامير، خلال زيارته لواشنطن، اتفاقية تعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية لمدة خمس سنوات، حيث شكلت أسلوب التعاون بين البلدين في النواحي العسكرية، والاقتصادية، والسياسية، وشؤون الاستخبارات، وجعلت الاتفاقية من إسرائيل "حليفا للولايات المتحدة الأمريكية خارج حلف شمال الأطلسي". وتعطي الاتفاقية إسرائيل معاملة خاصة في توقيع العقود، والحصول على المعدات العسكرية الأمريكية بأسعار أقل، وتشمل الاتفاقية العديد من المجالات أهمها:

1. المجال العسكري والأمني

أ. نصّ الاتفاق على اعتبار إسرائيل، وما تشكله من قوة عسكرية في المنطقة، قوة مضادة لمواجهة الأعمال العدائية المشتركة لكلا البلدين.

ب. نصّ الاتفاق على التعاون بين استخبارات البلدين، والذي يعتبر بمثابة العامل الأمني في أكثر المناطق توترا في العالم.

ج. التزام الولايات المتحدة الأمريكية، بالحفاظ على تفوق القدرات العسكرية الإسرائيلية من أجل تحقيق التوازن بالمنطقة من خلال:

(1) التعاون في مجال تطوير الأسلحة.

(2) قيام الولايات المتحدة الأمريكية بإرسال المساعدات العسكرية الأمريكية المباشرة، لأعمال البحث، والتطوير، والدراسة لأنظمة الأسلحة المتطورة.

(3) التعاون العسكري المتبادل، لإقامة إستراتيجيات مشتركة ضد التهديدات الموجهة لكلا البلدين.

(4) تخزين المعدات العسكرية الأمريكية داخل إسرائيل.

د. اشتراك كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، في مناورات عسكرية متعددة، بمشاركة قوات بحرية وجوية من كلا البلدين. كما تشترك قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي مع القوات البرية الأمريكية، في تدريبات مشتركة على الحرب البرية مرة كل عام، "والتدريبات البحرية مرتين سنويا، والتدريبات الجوية مرتين سنويا والتدريب المشترك مرة كل عام"

هـ. تبادل الوفود العسكرية لكلا البلدين، وتنظيم رحلات منتظمة للقادة العسكريين الأمريكيين إلى إسرائيل. وكذلك زيارة القادة العسكريين الإسرائيليين للمنشآت الأمريكية. وكذلك دعوة العشرات من الضباط الإسرائيليين لحضور دورات تدريبية في المعاهد العسكرية الأمريكية.

و. تلتزم الولايات المتحدة الأمريكية في إطار المساعدات العسكرية الإسرائيلية، بإمدادها بكافة المعدات العسكرية الحديثة، علاوة على قطع الغيار، والذخائر اللازمة لها، كما تقوم بتخزين بعض المعدات، والأسلحة الأمريكية داخل إسرائيل. ويحق لإسرائيل استخدام هذه المعدات كإمدادات طوارئ خلال فترات الأزمات مع إخطار الجانب الأمريكي بذلك.

ز. في مجال تبادل المعلومات الاستخباراتية: يجري التبادل الاستخباراتي، وتبادل المعلومات للتعرف على مخططات الإرهاب الدولي، وأماكن نشر أسلحة الدمار الشامل.

ح. وضع البرامج المشتركة من أجل مواجهة مخاطر الصواريخ الباليستية، من بعض دول المنطقة، مع التعاون المشترك في مجال البحث، وتطوير أنظمة الدفاع لمواجهة الهجمات الصاروخية المعادية، مع استمرار الولايات المتحدة الأمريكية في تقديم الدعم المادي والتكنولوجي، للنظام الصاروخي "أرو" المضاد للصواريخ الباليستية.

ط. التعاون في مجال البحث والإنقاذ.

ي. التسهيلات العسكرية: توفر إسرائيل التسهيلات المختلفة للقوات الأمريكية، مثل المراكز الطبية، المستشفيات في أوقات اندلاع الحروب والأزمات، مع حق استخدام الأجواء والمطارات الإسرائيلية من قبل القوات الجوية الأمريكية سواء للعبور أو للتدريب. وتستخدم قاعدة حيفا لصالح الأسطول السادس الأمريكي ('يحقق ذلك عائدًا سنويًا قدره 100 مليون دولار لإسرائيل، علاوة على عائد استقبال القوات بالأراضي الإسرائيلية.').

2. المجال السياسي

أ. تعزيز مجال التعاون السياسي على المستوى الدولي، من أجل دعم إسرائيل، وبما يحقق أمنها في مواجهة التهديدات الموجهة إليها، مع التزام الولايات المتحدة الأمريكية بتحقيق أمن إسرائيل.

ب. التخطيط السياسي المشترك بين الدولتين، من أجل الحد من النفوذ السوفيتي في المنطقة، مع التنسيق الكامل في قضايا السياسة العالمية والإقليمية، خاصة ما يتعلق بمجال الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وتأييد إسرائيل في المنظمات الدولية.

ج. العمل سوياً من أجل تحقيق الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.

د. عدم التدخل الأمريكي في أي عملية تسوية سلمية بمنطقة الشرق الأوسط، لا تحقق الأهداف الإسرائيلية، مع قيام الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم المساعدة لأطراف النزاع دون التدخل السياسي فيها.

3. المجال الاقتصادي

أ. إعفاء إسرائيل من دفع أقساط القروض، وتحويلها إلى منح لا ترد، ودعم الاقتصاد الإسرائيلي بصورة أكثر إيجابية بدلا من أسلوب الاعتماد على المنح والمساعدات السنوية.

ب. تسويق المنتجات الإسرائيلية بالأسواق الأمريكية والغربية.

من الواضح أن الاتفاق بهذا المضمون، يجعل من إسرائيل قوة عظمى إقليمية، تفرض وجودها وتأثيرها على الدول المحيطة بها، بما يحقق المصالح المشتركة الأمريكية ـ الإسرائيلية في المقام الأول، وتجعل من إسرائيل مخلب القط الأمريكي، والحارس الأمين للمصالح الأمريكية، في مقابل توفير مقومات القوة لإسرائيل وضمان أمنها وإعطائها أولوية متقدمة ضمن أولويات أهداف الولايات المتحدة الأمريكية. كما تضمن لإسرائيل الحصول على التكنولوجيا الحديثة لتنمية إنتاجها الحربي، ولتطوير أسلحة الردع، ولضمان التفوق العسكري الإسرائيلي على جيرانها من العرب.

ثالثاً: اتفاقية 8 سبتمبر 1989[11]

في 8 سبتمبر 1989، وقّع وزير الدفاع الإسرائيلي "إسحاق رابين" مع وزير الدفاع الأمريكي "ريتشارد تشيني" Richard Bruce Cheney اتفاقية للتعاون المشترك، تُزوّد إسرائيل بموجبها بمعدات أمريكية، بما قيمته 100 مليون دولار. كما تنص الاتفاقية أيضا على إمكانية تداول الأسلحة والمعدات دون مقابل، بل لأغراض البحث والتطوير كذلك.

 
رد: التحالف العسكري الاسرائيلي ___ الامريكي ج1

اخي اسرائيل صنيعة امريكا مهما قلنا عن المساعدات
 
عودة
أعلى