بسم الله الرحمن الرحيم،
بعد مرور عشر سنين على أخذ الرئيس السيسي حكم مصر، لا تزال سيناء أرض الفيروز متمردة على السلطة المركزية في القاهرة. يشيع المصريون أن ما يحدث في سيناء ليس تمردا بل إرهابا وهنا لا مشاحة في المصطلحات ولن أمضي الكثير من الوقت لنقاش الفارق لكن التوصيف الأدق للإرهاب هو صدام مع عناصر الأمن الداخلية للدول من أجل تحقيق أكبر قدر ممكن من الذعر بينما في الجهة المقابلة من التعريف، ينطبق تعريف التمرد أكثر على ما يجري في سيناء حيث يعرف التمرد على أنه محاولة خشنة لحرمان السلطة المركزية من نفوذها على منطقة طرفية من أجل تحقيق أهداف سياسية او اجتماعية الخ. في حالة الإرهاب يكون جهاز الأمن الداخلي مسئولا مباشرا عن المواجهات أما في حال التمرد نجد الجيوش النظامية هي من يتولى زمام المجابهة كما يحدث في كل مكان في العالم وكما هو واضح في سيناء المصرية التي يتولى الجيش مهمة السيطرة عليها. ومن هنا وبرأيي المتواضع، ما يحدث في سيناء في حقيقته وجوهره هو تمرد على حكومة القاهرة يخبو أحيانا ويشتد مع ضعف الحكومة المركزية وسقوطها كما حدث عدة مرات في السنوات القليلة الماضية.
منذ أن أسقط المصريين نظام بلدهم بأنفسهم عام 2011, تعرضت سيناء لسبع عمليات عسكرية نظامية شنتها قوات القاهرة بغرض إخماد التمرد هناك والذي يسمونه إعلاميا "الإرهاب في سيناء". تلك العمليات هي:
1- نسر 1، 2011
2- نسر 2, 2012
3- حق الشهيد 2015
4- حق الشهيد 2, 2016
5- حق الشهيد 3, 2016
6- حق الشهيد 4, 2017
7- عملية سيناء 2018 وكان القصف عنيفا وبالقوات الجوية والدبابات والقوات البحرية.
ومع كل هذا فشلت قوات القاهرة في السيطرة على أراضي أهل سيناء واستمرت المواجهات حتى يومنا هذا وليس آخرها حادثة العريش التي راح ضحيتها العديد من عناصر قوات القاهرة سواء من جيشها النظامي أو عناصر الأمن الداخلي المتواجدين في أراضي سيناء.
ماحدث في سيناء على مدار السنين الماضية عزيزي القاريء تحيطه القاهرة بكثير من الغموض بسبب التعتيم الإعلامي الأقصى وعندما يخرج أي كلام يحاط بأكبر قدر من التشويه والتجريم والتجريح حتى لا يصدق أحد أي شيء عن سيناء إلا ما تقوله القاهرة عنها وما يكتبه عنها المتحدث باسم خير أجناد الأرض.
ثم بدأت الأمور تتبدل،،،
تفهمت قيادات خير أجناد الأرض أن سيناء لن ينفع معها التكتيك القديم، قصفها بالطيران والمروحيات سيؤدي لإسقاط الطائرات المدنية من كبد السماء واستهداف مروحية وزير الدفاع. غزوها بالقوات البرية والمدرعات سيجعل من تلك المدرعات أكواما ملتهبة من الحديد بسبب إتقان أهالي سيناء تكتيكات حرب العصابات.
لا بد من إيجاد حل لهذا الوحل الذي ما زال خير أجناد الأرض يغوص فيه باستمرار وتخرج فيديوهات لا يمكن السيطرة عليها تفتح التساؤلات عن القدرات الحقيقية على الأرض وماهية جودة المعدات وضعف العنصر البشري التي أصبحت سمة يمكن استنتاجها بسهولة عند دراسة الموضوع بدرجة من الاهتمام والموضوعية.
توصل خير أجناد الأرض إلى فكرة عبقرية ألا وهي:
إنشاء "خير ميليشيات الأرض" لكي تتولى عملية إخضاع التمرد السيناوي الذي أصبح مزمنا بشكل مزعج.
تشكلت كتائب تسمي نفسها اتحاد قبائل سيناء وهي كتائب عسكرية غير نظامية موازية للكتائب العسكرية المصرية حيث ستتولى عمليات القتال وحرب الشوارع وحرب المدن داخل سيناء للسيطرة عليها ومحاولة تحقيق مع عجز عنه خير أجناد الأرض.
جزء من تشكيلات ميلشيات قبائل سيناء الموازية للقوات النظامية
تضخمت هذه القوة الموازية وأصبح لديها الكثير من النفوذ العسكري والاقتصادي وأصبح لقائدهم "المشير إبراهيم العرجاني" نفوذا هائلا داخل مصر جعل منه حديث الساعة في الإعلام وفي أوساط البيزنيس.
شخصيا أعتقد أن المشير إبراهيم العرجاني شخص حاد الذكاء وخطير للغاية وأعتقد أنه ومليشياته سيكونون قادرين على تطهير سيناء تماما وإنهاء كل ما يجعل منها مشكلة مزمنة.
برأيي أنه أحد أهم وأخطر وأذكى من هم على الساحة الداخلية المصرية اليوم. الصورة وحدها تتحدث.
أخيرا،
لمن قرأ التاريخ،
ستتذكر كيف تشكل الشباب المؤمن في الصومال.
وستتذكر أيضا كيف تشكلت كتائب جيش الرب في راوندا.
أما أنا فأتذكر جيدا كيف تشكلت المليشيات اللبنانية.
ولا يوجد قارئ لكلامي هذا لا يتذكر جيدا (ربما بألم) كيف تشكل الحشد الشعبي في العراق.
كلنا نعلم كيف أنشئت هذه المليشيات وكيف آلت الأمور في النهاية، ولا يذهب تفكيرك بعيدا فأنا أقصد على وجه الدقة أن الهدف الذي أنشئت من أجله هذه المليشيات تحقق عيانا بيانا أمام أنظار كل قاريء منصف للتاريخ لقد سحقت تلك الكتائب التمرد الذي أنشئت لمجابهته. ثم وكما يحدث تاريخيا يتشكل فراغ تملؤه هذه المليشيات كاستدعاء تاريخي طبيعي ومتوقع.
كل تلك المليشيات التي ذكرت في الأعلى لم تختفي بعد انتهاء الغرض الذي أنشئت من أجله بل فرضت نفسها لاعبا صلبا أصبح من العسير إخراجه من أي معادلة بعد أن تم إدخالهم فيها.
فاتحاد قبائل سيناء ظهر له أخ شقيق اسمه ميليشيات نسور الشمال (قبائل الرميلات)، ثم ابن عم جديد اسمه ميليشيات صقور سيناء ثم ابن خال آخر اسمه مليشيات أسود الكرامة.
وكلها بالطبع بتعدد مرجعياتها وتعدد أشكالها وألوانها وأهدافها يصح تسميتهم جميعا: خير ميليشيات الأرض.
ربما ازدياد عدد وتشكيلات الميليشيات سيكون مشكلة، لكنها مشكلة في المستقبل وليس هذا وقتها.
دعونا نتركها لوقت آخر يا صغاري.
وتصبحون على خير،،
Alucard