ميثاق الأنبياء / إعداد: د. أحمد محمد زين المنّاوي

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
22,779
التفاعل
17,897 114 0
ميثاق الأنبياء

إعداد: الدكتور أحمد محمد زين المنّاوي


يقول الله تعالى في محكم تنزيله في سورة آل عمران:

{ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83)}

قال ابن عباس اختصم أهل الكتابين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فيما اختلفوا من بينهم في دين إبراهيم، كل فرقة زعمت أنها أولى بدينه، فقال النبي صلى الله عليه وسلّم : (كلا الفريقين برئ من دين إبراهيم
فغضبوا وقالوا والله ما نرضى بقضائك، ولا نأخذ بدينك، فأنزل الله تعالى الآية.
وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن ثابت قال: جاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله: إني مررت بأخ لي من بنى قريظة، فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك؟ قال: فتغير وجه النبي صلى الله عليه وسلّم، قال عبد الله بن ثابت: فقلت له: ألا ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلّم؟ فقال عمر: رضيت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمُحمَّد رسولًا، قال: فسرى عن النبي صلى الله عليه وسلّم، وقال :
(والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى - عليه السلام- ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم، إنكم حظي من الأمم وأنا حظكم من النبيين).
وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:
(لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، وإنكم إما أن تصدقوا بباطل وإما أن تكذبوا بحق، وإنه والله لو كان موسى حيًا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني)، وفي بعض الأحاديث :
(لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي).

فالرسول مُحمَّد صلى الله عليه وسلّم هو الإمام الأعظم الذي لو وجد في أي عصر كان من الواجب على البشر الطاعة، وقد أوجب على جميع الأنبياء الإيمان بكل رسول جاء مصدقًا لما معهم، ولا شك أن مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلّم قد جاء مصدقًا لما معهم جميعًا فوجب على الجميع أن يؤمنوا به.
كل من في السموات والأرض قد انقادوا وخضعوا لله تعالى إما عن طواعية واختيار وهم المؤمنون لأنهم راضون في كل الأحوال بقضائه وقدره، ومستجيبون له في السراء والضراء والعسر واليسر، وإما عن تسخير وقهر وهم الكافرون لأنهم واقعون تحت سلطانه العظيم وقدرته النافذة، فهم مع كفرهم لا يستطيعون دفع قضائه سبحانه وإذًا فهم خاضعون لسلطانه عز وجل لأنهم لا سبيل لهم ولا لغيرهم إلى الامتناع عن دفع ما يريده بهم.
فمنذ أن أنزل الله عزّ وجلّ آدم عليه السلام إلى الأرض فإن الدين الحق عند الله هو الإسلام.. دين واحد لم يتغير.. يتغير الرسل وتتعاقب الأمم ولكن يظل الدين واحد لا يتغير، لأن الإله المعبود واحد لا يتغير.. فالدين واحد، والرسل جميعًا متفقون في الأصول العامة لوحدة الدين الحق، فلماذا ينكر أهل الكتاب نبوة مُحمَّد صلى الله عليه وسلّم؟ أيتولون غير دين الله، وغير الحق بعد ما تبين، ويريدون غير الإسلام دينًا؟ وقد أسلم وخضع لله تعالى وانقاد لحكمه ومراده أهل السموات والأرض، إما طوعًا أو كرهًا.
وقد أخذ الله تعالى على الأنبياء جميعًا الميثاق بتصديق بعضهم بعضًا من آدم إلى عيسى عليهم السلام، بأن يؤمن كل واحد بمن يأتي بعده، ويصدق برسالته، وينصره في مهمته، ولا يمنعه ما هو فيه من العلم والنبوة من اتباع المبعوث بعده ونصرته. ومن بنود الميثاق أن يؤمنوا بمُحمَّد صلى الله عليه وسلّم وينصروه إن أدركوه، وأمرهم أن يأخذوا بذلك الميثاق على أقوامهم من بعدهم، ويؤيد هذا ما أخرجه ابن جرير عن على بن أبى طالب قال "لم يبعث الله نبيًا، آدم فمن بعده إلا أخذ عليه العهد في مُحمَّد صلى الله عليه وسلّم لإن بُعِثَ وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، ويأمره فيأخذ العهد على قومه، ثم تلا الآية".
تأمّل هذه الكوكبة من الآيات من سورة آل عمران التي تروي لنا ذلك كله..

{ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (82) أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83) قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} [آل عمران]

هذا ما قالته لغة البيان فماذا بشأن لغة الأرقام؟!
تأمّلوا فيما يأتي كيف تنطق هذه الآيات من خلال منظومة خماسية عجيبة..
أوّل ملاحظة أن هذه الآيات 5 بعدد أركان الإسلام الذي تتحدث عنه!
مجموع أرقام هذه الآيات الخمس 415
ومجموع حروف هذه الآيات 415 حرفًا أيضًا!
العدد 415 يساوي 5 × 83
العدد 83 هو رقم الآية الوسطى!

تأمّلوا الآيات الخمس وكيف تنطق بالإسلام بلغة الأرقام..
تكرّرت أحرف اسم { الله } في الآيات الخمس 175 مرّة،
وهذا العدد = 5 × 5 × 7
تأمّلوا هذا النظام الخُماسي العجيب!

{ الْقُرْآن }
تكرّرت أحرف لفظ { الْقُرْآن } في الآيات الخمس 250 مرّة،
وهذا العدد = 5 × 5 × 5 × 2
وفي ذلك كله إشارة إلى أركان الإسلام وعددها 5
كما أن لفظ { الْإِسْلَام } ورد في القرآن 5 مرّات في 5 سور!
مجموع تراتيب هذه السور الخمس يساوي 114 بعدد سور القرآن!

{ النَّبِيّ }..
تكرّرت أحرف لفظ { النَّبِيّ } في الآيات الخمس 190 مرّة، وهذا العدد = 5 × 38
5 هو عدد أركان الإسلام و38 هو عدد آيات سورة مُحمَّد!
تكرّرت أحرف لفظ { الْإِسْلَامِ } السبعة في الآيات الخمس 350 مرّة!
العدد 350 يساوي 5 × 5 × 14

أحرف لفظ { الْإِسْلَامِ } من دون تكرار هي أحرف الفعل { أَسْلَمَ } أيضًا..
أحرف لفظ { الْإِسْلَامِ } من دون تكرار تكرّرت في الآيات الخمس 166 مرّة!
العدد 166 يساوي 83 + 83 أو يساوي 114 + 52

تأملوا الآية الوسطى:

{ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83)} [آل عمران]

83 هو رقم الآية الوسطى
62 هو عدد حروف الآية الوسطى
114 هو عدد سور القرآن
52 هو مجموع مرات تكرار أحرف لفظ { الْإِسْلَامِ } السبعة في الآية الوسطى !
حاصل جمع العددين 62 + 52 يساوي 114 وهو عدد سور القرآن!
عدد النقاط على حروف الآية الوسطى 25 نقطة، ويساوي 5 × 5

تأمّلوا آية الميثاق..

{ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81)}

الآية رقمها 81 وعدد كلماتها 33 ومجموعهما 114
114 هو عدد سور القرآن الكريم!
تكرّرت أحرف لفظ { الْإِسْلَامِ } السبعة في آية الميثاق 125 مرّة!
العدد 125 يساوي 5 × 5 × 5
5 هو عدد أركان الإسلام.
5 هو عدد أولي العزم من الرسل!
5 هو عدد الصلوات المفروضة والصلاة عماد الإسلام!
أوّل ما نزل من القرآن 5 آيات!
وأوّل آية نزلت من القرآن عدد كلماتها 5 كلمات!
ذُكر النبي صلى الله عليه وسلّم باسمه في القرآن 5 مرّات!
أوّل كلمة في المصحف من 5 أحرف هي الكلمة رقم 5 من سورة الفاتحة!
أوّل كلمة في المصحف من 5 أحرف هي الكلمة رقم 25 من نهاية الفاتحة، ويساوي 5 × 5
آخر آية في المصحف رقمها 5 عدد كلماتها 5 أيضًا!

تأمّلوا الآية الخامسة..

{ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} [آل عمران]

كلام واضح وصريح: { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ }!!
مجموع الترتيب الهجائي لأحرف لفظ { الْإِسْلَامِ } السبعة = 85
مجموع الترتيب الهجائي لأحرف لفظ { الدِّيْن } = 85
الآية رقمها 85
العدد 85 يساوي 5 × 17
عدد الصلوات المفروضة في اليوم واللّيلة × عدد ركعاتها!
والصلاة عماد الدين.. والدين هو الإسلام!
مع الانتباه إلى أن العرب لم تعرف الترتيب الهجائي للحروف إلا بعد عقود من انقضاء وحي القرآن!
تأمّلوا كيف تنطق الأرقام تمامًا كما تنطق الحروف والألفاظ!!

لفظ { الْإِسْلَامِ } ورد في القرآن في 5 سور و 6 آيات..
مجموع تراتيب السور الخمس التي ورد فيها لفظ { الْإِسْلَامِ } هو 114 بما يماثل عدد سور القرآن!
وهذه هي أولى هذه الآيات وهي من سورة آل عمران

{ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19)}

أوّل 5 كلمات في الآية هي: { إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ }
كلمة { الْإِسْلَامِ } هي الكلمة رقم 5 من بداية الآية!
عدد النقاط على حروف هذه الكلمات الخمس 5 نقاط أيضًا!
أرأيتم مثل هذا النظم الرقمي القرآني العجيب!

نكتفي بهذا القدر ولا يزال للموضوع بقية..
ولا تزال آيات { الْإِسْلَامِ } تخفي خلفها أسرارًا وعجائب..
-------------------------------------------------------------------------
المصادر:
أوّلًا: القرآن الكريم؛ مصحف المدينة المنوّرة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة).

ثانيًا: المصادر الأخرى:
ابن كثير، أبي الفداء إسماعيل بن عمر (2012)، تفسير القرآن العظيم؛ بيروت: دار الكتب العلمية.
القرطبي، أبو عبد اللَّه مُحمَّد (1988)؛ الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي)؛ بيروت: دار الكتب العلمية.
الواحدي، أبي الحسن علي بن أحمد (2013)؛ أسباب النزول؛ بيروت: المكتبة العصرية.

بتصرف وتلخيص عن موقع طريق القرآن
 
عودة
أعلى