إيرادات النفط ومساعدات السعودية ودول الخليج تدعم الدول النامية

إنضم
6 فبراير 2022
المشاركات
8,730
التفاعل
8,844 46 1
الدولة
Saudi Arabia
الطاقة



الرئيسية/نفط
نفطمقالات النفط

إيرادات النفط ومساعدات السعودية ودول الخليج تدعم الدول النامية (مقال)​

عيد العيد​

2023-02-16
0
إيرادات النفط ومساعدات السعودية ودول الخليج تدعم الدول النامية

منذ ارتفاع إيرادات النفط في السبعينيات من القرن الماضي وحتى الآن، قدّمت دول الخليج مساعدات مالية ضخمة للدول التي تواجه ضائقة اقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخارجها.

إعلان

وبرزت دول الخليج العربي في العقود الـ5 الماضية بصفتها أحد أكبر المانحين في العالم، وأثبتت دورها كونها قوة جيواقتصادية قوية، وطورت عددًا من الأدوات الاقتصادية والمالية لدعم دول منطقتها.
وتُبرز البيانات أن هناك علاقة طردية بين ارتفاع أسعار النفط وكمية المساعدات، كما هو موضح في الرسم البياني.


ويُظهر الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- المساعدات المقدّمة من السعودية والكويت والإمارات لدول أخرى بين عامي 1971 و2021:
المساعدات المقدمة من السعودية والكويت والإمارات لدول أخرى ما بين عامي 1971 و2021

تعزيز التنمية​

استعملت دول الخليج المساعدات والاستثمارات وغيرها من تدفقات رأس المال لتعزيز التنمية في دولها ودول المنطقة والدول النامية في القارة الأفريقية والآسيوية بشكل خاص، وكذلك الدول النامية خارج الإطار الإقليمي، خاصة ما بين الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات وحتى الربيع العربي 2011 وما تلاه.
وأدت دول الخليج دورًا فريدًا في تقديم المساعدات ومنقذًا لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

فقد أنفقت دول الخليج ما يُقدَّر بنحو 245 مليار دولار أميركي بين عامي 1974 و 2020.
وبلغ ما قُدِّم من هذه المساعدات لدول المنطقة الـ12 في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 53.6% من إجمالي المبلغ، أي ما يعادل (131.3 مليار دولار).
وتشير البيانات إلى أن إنفاق دول الخليج على المساعدات لإنقاذ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كان أكثر من معظم المانحين الثنائيين والمتعددي الأطراف التقليديين، بما في ذلك صندوق النقد الدولي، الذي أنفق نحو 81 مليار دولار أميركي في قروض لتلك البلدان خلال المدة نفسها.
ومن خلال تقديم مساعدات الإنقاذ بهذا الحجم، أثبتت دول الخليج نفسها بصفتها لاعبًا أساسيًا بمشهد مساعدات التنمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
فعندما نقارن ما يقدّمه صندوق النقد الدولي للدول التي تحتاج لمساعدته، نجد أن الدول العربية لا تحظى بدعم الصندوق أسوة بما تحظى به دول النصف الغربي من الكرة الأرضية المساوية للدول العربية في التصنيف الائتماني (الأرجنتين، والبرازيل، وكولومبيا، والهندوراس، والمكسيك، وسورينام ... إلخ).
وهذا جعل دول الخليج تتحمل تغطية فجوة التمويل لتعزيز استقرار اقتصادات الدول العربية، وهنا يجب أن تقوم الدول العربية الأعضاء بالضغط على الصندوق لجعل مبدأ العدل والمساواة بين جميع الدول هو القائم، وعدم إعطاء دول محددة مساعدات أكبر مما يعطى للباقي.
إضافة إلى أن الدعم الفني وتنمية القدرات البشرية المقدَّم من الصندوق، لم تدخل أيّ دولة عربية ضمن أكبر 10 دول متلقية لتلك المساعدات.

حزم الإنقاذ​

على مدى 5 عقود، استعملت دول الخليج قدرات الإنقاذ لحماية دول المنطقة، على الرغم من أن بعضهم قد عزا حزم الإنقاذ المدفوعة لاعتبارات أمنية أو سياسية منذ ارتفاع أسعار النفط عام 1973.
ومنذ ذلك الحين، قدّمت دول الخليج مساعدات إنقاذ إلى ما لا يقلّ عن 17 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأوسع نطاقًا بأكثر من 245 مليار دولار أميركي.

بينما أسهمت المساعدات الخليجية في إنقاذ البلدان المنكوبة بالمنطقة من الإفلاس في مناسبات متعددة، وقُدِّمت معظم المساعدات استجابة للصدمات الإقليمية التي شكّلت تهديدًا مباشرًا لتلك الدول ولمصالح الخليج المرتبطة ارتباطًا كاملًا معها.
ففي العام 2008 وبعد ارتفاع أسعار النفط، قدّمت المملكة العربية السعودية مبادرة الطاقة لدعم الدول النامية المتضررة من ارتفاع فاتورة الطاقة بمبلغ 500 مليون ريال (133.25 مليون دولار أميركي)، وبسبب استمرار الأزمة وعدد الطلبات من الدول للاستفادة من المبادرة، رفعت المبلغ إلى أكثر من 1200 مليون ريال، استفاد منه عدد كبير من الدول النامية في أفريقيا وآسيا.
(الريال السعودي = 0.27 دولارًا أميركيًا)
إضافة إلى ما قدّمته المملكة من مساعدات ضخمة خلال أزمة الربيع العربي، من خلال تزويد عدد من الدول العربية بكميات ضخمة من النفط، مثل الأردن، ومصر، واليمن، والمغرب.
على سبيل المثال، قُدِّمت مشتقات نفطية لمصر بقيمة 50 مليار ريال سعودي.
كما قامت المملكة خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008 بتقديم منحة لبرنامج الغذاء العالمي بمبلغ 500 مليون دولار لسدّ الفجوة التمويلية التي تسبَّب فيها ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود.
ولم تقتصر مساعدات المملكة على مساعدات التنمية الرسمية، إذ إن دعم التنمية لأيّ بلد يكون من خلال 4 طرق أساسية: -
1- مساعدات التنمية الرسمية.
2- الاستثمار الأجنبي المباشر.
3- التجارة من أجل التنمية.
4- التحويلات (تحويلات المغتربين).
واستثمرت المملكة استثمارًا مباشرًا بمبالغ كبيرة في عدد من الدول النامية، وخاصة الدول العربية، تجاوزت 150 مليار دولار أميركي، إضافة إلى سعي صندوق الاستثمارات العامة السعودي للاستثمار في دول المنطقة، إذ أنشأ 6 شركات مع 6 من دول المنطقة (مصر- السودان - البحرين- العراق- عمان – الأردن) لتعزيز الاستثمار في هذه الدول.
كما أن المملكة هي ثاني أكبر بلد في تحويلات المغتربين بعد الولايات المتحدة، بمبلغ لا يقلّ عن 40 مليار دولار سنويًا.

إضافة إلى ما قامت به المملكة من توقيع عدد من الاتفاقيات التجارية مع عدد من البلدان النامية، قدّمت من خلالها تنازلات كبيرة وإعفاءات جمركية لتسهيل وصول سلع تلك الدول إلى المملكة.
ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- إجمالي المساعدات المقدّمة من السعودية والكويت والإمارات مقارنة بمساعدات صندوق النقد الدولي:
إجمالي المساعدات المقدمة من السعودية والكويت والإمارات مقارنة بمساعدات صندوق النقد الدولي

دبلوماسية الإنقاذ​

مرّت دبلوماسية الإنقاذ في الخليج بـ3 منعطفات رئيسة تتوافق بشكل وثيق مع المسار الجيوسياسي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
كان المنعطف الأول هو الحرب الإيرانية العراقية 1980-1988، التي زوّدت فيها دول الخليج العراق بكميات هائلة من المساعدات خوفًا من مخططات إيران لتصدير ثورتها عام 1979، وإثارة الاضطرابات.
وكانت الحرب بين إيران والعراق هي الحلقة الأكثر أهمية في تدخلات خطة الإنقاذ الخليجية، إذ استحوذت على أكثر من 29% من إجمالي مساعدات الإنقاذ الخليجية التي صُرفت منذ عام 1974، وظلّت لا مثيل لها منذ ذلك الحين.
سرعان ما أدت تجربة دول الخليج في دبلوماسية الإنقاذ إلى نتائج عكسية، عندما غزا صدام حسين الكويت في عام 1990.
وخلال المنعطف الثاني، استعملت دول الخليج دبلوماسية الإنقاذ لحشد الدعم الدولي لتحرير الكويت ومكافأة حلفائها الإقليميين، ولا سيما مصر، والمغرب، وسوريا وباكستان لوقوفهما إلى جانبهما.
المنعطف الثالث الحاسم كان الربيع العربي 2011، وهو لحظة محورية في تاريخ المنطقة، ووجدت دول الخليج أن سقوط مصر، وانتشار الاضطرابات في البحرين والأردن والمغرب وعمان واليمن، أمر مقلق للغاية.
ولتحقيق الاستقرار، صرفوا أكثر من 52 مليار دولار أميركي مساعدات إنقاذ لمصر والأردن والمغرب وباكستان والسودان واليمن بين عامي 2011 و 2018.

تحديات تواجه اقتصادات المنطقة​

مع تدهور ظروف الائتمان واحتياجات إعادة التمويل المرتفعة بعد أزمة روسيا أوكرانيا، تواجه اقتصادات الأسواق الناشئة عمومًا وأسواق منطقة الشرق الأوسط تحديات أكبر.
أولاً، قد يؤدي تشديد السيولة العالمية إلى تآكل شهية المستثمرين للمخاطرة تجاه اقتصادات الأسواق الناشئة، وهذا بدوره سيجعل الوصول إلى أسواق رأس المال الدولية أكثر صعوبة بالنسبة لمصدري السندات السياديين.
ثانيًا ، من المرجح أن تؤدي تداعيات الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم التحديات الحالية، وسيؤدي ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء العالمية، فضلًا عن تباطؤ النمو العالمي نتيجة للصراع، إلى التأثير سلبًا في الآفاق الاقتصادية لاقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية.
ومن شأن التفاعل بين مخاطر الانحدار الرئيسة أن تفرض تحديات كبيرة على إدارة الديون في البلدان المنخفضة الدخل -على وجه الخصوص- التي لديها مجال محدود للمناورة.

وفي هذا السياق، سيكون الإقراض والدعم المالي الآخر لهذه البلدان، مثل تسهيلات المنح من قبل المؤسسات المالية الدولية، أمرًا بالغ الأهمية من حيث استدامة ديونها ودعم اقتصاداتها.
وهذه التحديات التي تتجاوز قدرات المانحين في المنطقة (دول الخليج) لم تجعلها تتراجع عن الالتزام بدعم دول المنطقة، بل جعلتها تفكر في أساليب جديدة لدعم التنمية في البلدان المتأثرة من هذه الازمات المتلاحقة.
يأتي في مقدّمتها الاستثمارات من خلال الصناديق السيادية لدول الخليج، وكذلك التجارة من أجل التنمية، وفتح الأسواق أمام السلع من دول المنطقة للوصول الى الأسواق الخليجية، وتقديم الضمانات للمؤسسات الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لتقديم الدعم لدول المنطقة.
قد يلاحظ القارئ تقطّع (عدم وجود) بيانات قطر، ومردّ ذلك إلى أن قطر لم تنضم إلى نادي الدول المقدمة للمساعدات التنموية الرسمية إلّا متأخرة، إذ لم يُنشَأ الصندوق القطري للتنمية، والذي يعدّ القناة الرئيسة لتقديم المساعدات الرسمية القطرية، إلّا عام 2002، ولم يزاول نشاطه الفعلي إلّا عام 2010، وبدأ في إصدار التقارير السنوية عام 2016.
المصادر:
- التقرير الاقتصادي العربي الموحد.
- لجنة مساعدات التنمية بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية DAC/OECD.
* عيد العيد، مستشار اقتصادي سعودي.
*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

 
عودة
أعلى