تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان

ابو مهند الزهراني

صقور الدفاع
إنضم
8 يونيو 2015
المشاركات
21,219
التفاعل
72,787 1,380 4
الدولة
Saudi Arabia
تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان
1681412524497.png



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
تحروا ليلة القدر في الوتر، من العشر الأواخر من رمضان. رواه البخاري

أي: ابذلوا جهدكم وحرصكم في طلب ليلة القدر، وهي في الليالي الوترية
وهي: الحادية والعشرون، والثالثة والعشرون، والخامسة والعشرون، والسابعة والعشرون، والتاسعة والعشرون
من العشر الأواخر من رمضان
وهي آخر عشر ليال من رمضان دون أن تحدد ليلة بعينها
وفي الحديث: الحث على تحري ليلة القدر واغتنامها بالأعمال الصالحة
لما فيها من زيادة الفضل والأجر.





قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى
ليلة القدر هي أشرف الليالي وأعظم الليالي، قال الله فيها سبحانه:
لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر:3]
وقال فيها سبحانه: فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [الدخان:4]

سماها ليلة مباركة أنزل الله فيها القرآن العظيم، فيشرع للمؤمنين الاجتهاد فيها بالصلاة والقراءة والصدقة والاستغفار وفي الذكر وغير هذا من وجوه الخير

قالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي ﷺ يجاور في العشر الأواخر، يجاور يعني يعتكف في العشر الأواخر من رمضان
رجاء حصول هذه الليلة ليقومها ويجتهد فيها
ويقول: تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان
وكان عليه الصلاة والسلام يحض أصحابه على قيام رمضان ويخص العشر بمزيد عناية ويجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها
فدل ذلك على أنه ينبغي تخصيصها بمزيد من العمل وإحياء ليلها بالعبادة من الصلاة والقراءة والذكر وغير ذلك رجاء هذه الليلة

ولا شك أن من قام الليالي العشر أدرك هذه الليلة لأنها لا تخرج عنها
ولكن الصواب أنها تتنقل، قد تكون في إحدى وعشرين، وقد تكون في ثلاث وعشرين، وقد تكون في سبع وعشرين
وقد تكون في خمس وعشرين، قد تكون في آخر ليلة فهي متنقلة

فإذا المؤمن اجتهد في العشر الأواخر كلها أدركها
ولهذا كان ﷺ في الغالب يعتكف العشر الأواخر من رمضان، وفي سنة من السنوات ترك ذلك واعتكف العشر الأول من شوال
فالاعتكاف سنة وقربة في رمضان وفي غيره
لكنه في رمضان آكد وأفضل

ويستحب لمن أدرك هذه الليالي أن يكثر من قوله:
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني
لأن الرسول ﷺ قال لعائشة لما سألته ماذا أقول؟
قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني

فيجتهد في العبادات من الصلاة والقراءة والصدقات وغير هذا من وجوه الخير، ويكثر من الدعاء ومن جوامع الدعاء
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني
هذا من جوامع الدعاء، فالعبد مهما عمل ومهما اجتهد فهو محتاج لعفو الله
هو محل التقصير كل بني آدم خطاء فمهما اجتهد العبد في طاعة الله والقيام بحقه وحفظ جوارحه فهو محل الخطر
ولهذا يقول:
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني

 
ليلة 23 إذا وافقت ⁧‫ليلة جمعة‬⁩
‏قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
"هذه الليلة ليلة ⁧‫الجمعة‬⁩ يرجى أن تكون ⁧‫ليلة القدر‬⁩ لأنها أحد أوتار العشر الأواخر
ولأنها أول السبع الأواخر إن كان الشهر ناقصاً
ولأنها ليلة جمعة
فأسأل الله تعالى أن يجعل لي ولكم من خيرها نصيبا " ‏"فتاوى الحرمين" (٨\٦٢٠)
 
ليلة القدر هدية من الله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم
أن ليلة القدر ليلة عظيمة مباركة خص الله بها أمة محمد صلى الله عليه وسلم
ولا توجد هذه المزية لغير هذه الأمة المرحومة
العمل في هذه او تلك الليلة خير من العمل في ألف شهر ( 83 سنة )

لهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يوصي أصحابه فيحثهم على التماسها
فيقول التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر
التمسوها أي احرصوا على أن تكونوا متواجدين في المساجد
أو تكونوا منشغلين ولو في بيوتكم بطاعة الله عز وجل في هذه الليالي المباركة
لا تفوتكم هذه الليلة فإنها ليلة مباركة عظيمة



قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
وصفها الله سبحانه بأنها مباركة؛ لكثرة خيرها وبركتها وفضلها
ومن بركتها أن القرآن أنزل فيها
وهذه الليلة هي في شهر رمضان المبارك ليست في غيره من الأشهر
قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان} [البقرة: 185]

ثم قال تعالى لشان ليلة القدر التي اختصها بإنزال القرآن العظيم فيها:
"وما أدراك ما ليلة القدر"
فهذا على سبيل التعظيم لها، والتشويق إلى خبرها.

ثم قال:
"ليلة القدر خير من ألف شهر"
فقيامها والعمل فيها خير من قيام ألف شهر من هذا الزمان
وهي أفضل من عبادة كل تلك المدة

وعند قوله تعالى:
"تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر"
هذا يدل على كثرة الرحمة والبركة فيها
فإن الملائكة ينزلون مع تنزل البركة والرحمة
كما يتنزلون عند تلاوة القرآن، ويحيطون بحلق الذكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيمًا له.

والمقصود بالروح هنا جبريل عليه السلام.

"سلام هي حتى مطلع الفجر"
أي السلام في الآية أنه لا يحدث فيها داء، ولا يرسل فيها شيطان
وهي ليلة كل ما فيها أمن وبركة وعافية
فهي ليلة سلام للمؤمنين من كل مخوف، ولكثرة من يعتق فيها من النار ويسلم من عذاباتها.

وفي قوله:
"حتى مطلع الفجر"
أي أن ليلة القدر تنتهي بطلوع الفجر لانتهاء عمل الليل به.

فإذًا: ليلة القدر نقطة بداية في حياة المسلم لا نقطة عابرة
ويجب أن تكون نقطة تحول في حياته لا أن تكون مجرد حدث طقسي معين

ففضل هذه الليلة يعدل الكثير عند الباري تبارك وتعالى.
 
عودة
أعلى