جيش الولايات المتحدة لم يكن مستعداً لقتال طويل الأمد أو توفير الدعم لأشهر عدة
انخفض مخزون الذخيرة الخاصة بشركة "هيمارس" التي تطلق صواريخ الإطلاق المتعدد الموجه (أ ف ب)
منحت الولايات المتحدة أوكرانيا عشرات الأنظمة من الأسلحة المختلفة والذخيرة، لكن على رغم أن الكميات الممنوحة لكييف تعد صغيرة نسبياً مقارنة مع المخزونات الأميركية من السلاح وقدرات الإنتاج الضخمة، إلا أن بعض المخزونات الأميركية وصلت إلى الحد الأدنى من المستويات المطلوبة لتنفيذ خطط الحرب والتدريب والمناورات للجيش الأميركي، وهو ما يضع أميركا في مأزق بين توفير احتياجات أوكرانيا من السلاح في مواجهة روسيا، وبين المخاطرة بالتأثير في مخزونات السلاح والذخيرة المطلوبة للجيش الأميركي في حال اندلاع حرب مفاجئة أو لتلبية التدريبات الدورية.
واشنطن تتعلم الدروس
ويبدو أن واشنطن تتعلم الدروس بمرور الوقت من الصراع الدائر في أوكرانيا حول احتياجات الأسلحة والذخيرة المطلوبة في حرب طويلة ضد روسيا، التي أصبح من الواضح الآن أنها أكبر بكثير مما كان متوقعاً وفقاً لما أقر به مسؤول عسكري أميركي رفض الكشف عن هويته لموقع "ديفينس بوست" الدفاعي الأميركي، فبعد سنوات من خفض شركات الدفاع الأميركية الإنتاج العسكري بشكل كبير في التسعينيات عقب تراجع الإنفاق الدفاعي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، تتزايد المخاوف الآن من أن الولايات المتحدة ربما تضطر إلى الموازنة بين قدرتها على تزويد أوكرانيا بأنواع معينة من السلاح والذخيرة التي تعد ضرورية لمعركة كييف ضد موسكو، وبين استنزاف مخزوناتها بشكل أسرع مما يمكن استبداله عبر عمليات إنتاج السلاح والذخيرة من شركات صناعة الدفاع الأميركية.
ومنذ اندلاع حرب أوكرانيا في 24 فبراير (شباط) الماضي، أصبحت واشنطن أكبر مورد للأسلحة إلى كييف، حيث قدمت أكثر من 16.8 مليار دولار من المساعدات العسكرية منذ ذلك التاريخ، حتى وصلت مخزونات الولايات المتحدة من بعض المعدات إلى الحد الأدنى من المستويات المطلوبة لخطط الحرب والتدريب، وقد يستغرق وصول الولايات المتحدة إلى مستويات مخزوناتها من الأسلحة والذخيرة التي كانت قائمة قبل الهجوم الروسي إلى سنوات عدة، وفقاً لتحليل مارك كانسيان كبير مستشاري برنامج الأمن الدولي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن.
أخطار تراجع مخزونات الأسلحة
وتنشأ المخاوف المتعلقة بمخزون الأسلحة حسب كانسيان، من حاجة الولايات المتحدة إلى توافر أنظمة تسليح قادرة على تلبية احتياجات الوحدات العسكرية الأميركية في المعارك، وأهمية وجود كمية كافية أخرى لعمليات الصيانة والتدريب، ومن الممكن نظرياً أن تخفض الولايات المتحدة بعض أنظمة تسليح الوحدات التي يتم نشرها في مرحلة لاحقة من الحرب، مثل إمكانية تجهيز الجيش الأميركي ببعض بطاريات المدفعية بشكل موقت بأربعة مدافع "هاوتزر" بدلاً من ستة أو ثمانية، وفي حال حدوث صراع عسكري كبير غير متوقع، يمكن أن تحصل هذه الوحدات على أنظمة تسليح إضافية من خلال الإنتاج الجديد أو عبر تخصيص تمويل إضافي.
ومع ذلك، ستكون هناك بعض الأخطار، إذ سيكون تدريب الوحدات العسكرية أكثر صعوبة من دون توافر المعدات بشكل كامل وقد تتباطأ عملية التعبئة التي تجري على دفعات، علاوة على ذلك، هناك تحديات سياسية أخرى، منها أن معظم الوحدات التي يمكن نشرها في وقت متأخر من الصراعات العسكرية موجودة في الحرس الوطني، وبسبب روابطه بالولايات الأميركية التي لها الحق في استدعائه ونشره في حالات معينة كالكوارث والاضطرابات المدنية، أصبح الحرس الوطني يتمتع بنفوذ قوي في الكونغرس ما يجعل قبوله بخفض حجم التسليح لقواته صعباً، بخاصة أنه كان تاريخياً متردداً في قبول أي سياسة تنطوي على تصنيفه في درجة ثانية بعد الجيش.
علاوة على ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى الاحتفاظ بمخزونات لدعم خطط الحرب، بدوافع مثل إمكانية نشوء صراع عسكري مع الصين حول تايوان أو في بحر الصين الجنوبي، وقد تكون الدوافع بالنسبة إلى أنظمة التسليح والذخيرة الأرضية تتعلق بمواجهة محتملة مع كوريا الشمالية أو في أوروبا، وفي هذه الحال، فإن الأخطار تنشأ من الافتراضات المتعلقة بطول النزاع وشدته ودور الحلفاء والشركاء من الصراع وطبيعة التهديد، ويمكن لصانعي القرار تعديل الافتراضات، بالتالي تحرير مخزون إضافي من السلاح والذخيرة لإرسالها إلى جبهات القتال.
بيروقراطية معقدة
وعلى سبيل المثال، قد تعدل خطط الحرب التي تشارك فيها روسيا على المدى القريب والمتوسط بالنظر إلى تدهور قدرات روسيا نتيجة للحرب في أوكرانيا، ومع ذلك، فإن تطوير خطة الحرب تعد عملية بيروقراطية معقدة يشارك فيها عديد من أصحاب المصلحة، لذا فإن مراجعة الافتراضات والمتطلبات الخاصة بتوفير السلاح والذخيرة تستغرق وقتاً وجهداً، ومن المرجح أن يعترض عليها عديد من أصحاب المصلحة