اليورانيوم المستنفذ وحقيقته الخفية وقصة المدافع الكهرومغناطيسية الروسية
سوف نحاول في هذا المقال التحليلي تفسير سبب تعاظم ردة الفعل الروسية حول إعلان بريطانيا عن تزويد دبابات تشالنجر تو بقذائف سابوت Sabot تخرق دروع الدبابات بالطاقة الحركية والكثافة المعدنية المصحوبة بالطاقة الحرارية، ولكن بمعدن اليورانيوم المستنفذ أو المنضب DU بدل معدن التنغستين!
وسوف نتطرق أولاً للناحية العملية العسكرية باستخدام اليورانيوم المنضب بدل معدن التنغستين العالي الكثافة، والمتمثل بالتالي:
أولاً: معدن اليورانيوم المستنفذ أقل كلفة مادية بكثير من معدن التنغستين الثمين فهو بالأصل نفاية نهاية تفاعل اليورانيوم بالمفاعلات النووية.
ثانياً: اليورانيوم المستنفذ أكثر استقرار شكلي وكثافة معدنية من التنغستين ويظهر ذلك عند اختراقه للدروع الكثيفة المعدن والسميكة.
ثالثاً: اليورانيوم المستنفذ يولد حرارة مرتفعة جداً تدعم استقرار سرعته 1500 م/ث ومساره نحو الهدف بعد الاطلاق، وتزيد أيضاً من قدرته الاختراقية، فهو يصل بحرارته عند الصدم وبدء الاختراق إلى نحو 4000 درجة مئوية، بينما التنغستين لا تتجاوز حرارته 2500 درجة مئوية.
فهو كما تدعي بريطانيا سلاح عادي لا يصنف ضمن الأسلحة النووية، وليس له ضرر إشعاعي كبير لأن أغلب الأشعة التي يصدرها من فئة ألفا وهي لا تخترق الجلد عند البشر، إنما سميته الإشعاعية بالاستنشاق فقط.
ونقول هذا الكلام صحيح، إن لم تكن طلقات سابوت البريطانية معززة كما هو حال القذائف الأمريكية المعروفة بالطلقة الفضية Silver Bullet والتي تحوي بعد رأس الاختراق وفي عنقه على حلقات من البولونيوم المخفف والذي هو خليط من البولونيوم واليورانيوم المنضب، والذي يتفتت أثناء الاختراق ويرفع درجة حرارة القذيفة إلى 5000 درجة مئوية لكنه يطلق جميع أطياف الأشعة النووية بما في ذلك أشعة غاما!
بينما في قذيفة التنغستين تعزز بمعايير الناتو، بمفجر حراري احتكاكي غير مشع!
وهذا ما تتخوف منه روسيا، إضافة لقدرتها الاختراقية العالية بسرعة عالية حتى 1500 متر بالثانية، أهانت دروع دبابات أسد بابل العراقية النموذجية وهي المطورة من دبابات T-72M السوفيتية التي طور منها دبابات الاختراق (بروريف) الأحدث بالترسانة الروسية، خاصة وأن القذائف الحالية اليوم أكبر وأسرع وأكثر قدرة اختراقية من النماذج الأولية عيار 120 ملمM829A1 ، واطول مدى (4 كم بدل 3 كم).
فالأجيال الجديدة من قذائف اليورانيوم المنضب M829A3 الأطول والمحاطة بحلقات البولونيوم المخفف حتى آخرها أي حتى الزعانف الذيلية وليس في مؤخرة الرأس الاختراقي فقط كما في الطلقة الفضية M829A1، والتي تحدث مجرى حراري اختراقي مرعب كاختراق السكين الملتهبة لقالب الزبدة، وهي بذلك قد تهدد دروع دبابة الاختراق الثورية الروسية T-90M بما في ذلك الدروع المضافة الخارجية السليبة والديناميكية!
أما عن ردود الفعل الروسية، فالمرجح إعلامياً أن روسيا سوف ترد باستخدام أسلحة نووية تكتيكية عالية المحدودية، أو استخدام أسلحة رديفة وهذا أقرب للواقع أي استخدام قذائف سابوت أو سهمية اختراقية حركية روسية من اليورانيوم المنضب أيضاً، أو استخدام أسلحة حرارية فتاكة لا تقل فتك عن الأسلحة النووية مثل قنابل أو قذائف العصف الحراري الزئبقية، فروسيا حريصة وبضغط صيني على عدم التصعيد النووي وفي حالة لجئت إلى الحسم بالتصعيد لخفض التصعيد، فلديها بدائل خارقة من فئة السوبر الحرارية العصفية والفراغية بتقنية النانو أو ثنائية التأثير أو تسلسلية تفاعلية أو بالباريوم الحراري الزئبقية.
أما عن سبب بدء استخدام أو تجربة روسيا لمدافعها الكهرومغناطيسية العالية الطاقة HPM راينتس إي Ranets-E إن صح الخبر، والتي تقوم بتعطيل الدرونات والقذائف الموجهة بالأقمار الصناعية لمسافة أكبر من 30 كم، أو حرق داراتها وشرائحها الداخلية الإلكترونية بطاقة 500 ميغاواط من الميكروويف حتى مدى 10 كم، فهو على ما يبدو أدخلت في الميدان نتيجة فشل منظومات الحرب الالكترونية الروسية التشويشية الاعتيادية، على التشويش على إشارات الأقمار الصناعية الأمريكية التوجيهية، والسبب لأن الذي أصبح اليوم يوجه القذائف الذكية الأوكرانية هي الأقمار الملاحية الخاصة بالمخابرات المركزية الأمريكية، وليست التجارية الاعتيادية، وهي أقمار متطورة جداً ومقاومة بشكل فعال لكافة الإجراءات المضادة الالكترونية، وهو ما زاد الاعتماد عند الروس على القتل القاسي بالمضادات الروسية الصاروخية، وزاد الكلفة والاستهلاك لها، مما دفع الروس إلى دفع بالبديل التجريبي المتمثل بالنبضات المسددة العالية الطاقة الإلكترومغناطيسية.
وختاماً نقول صدق من قال: خير الكلام ما قل ودل.