روحانية بلا تديّن إلى روحانية لادينية
لطالما كان الإصلاح الديني الكنسي في أوروبا والتصوف الإسلامي بمثابة مداخل لدراسة تأثير فلسفة الروحانية وأنسنة الأديان على سيكولوجية الشعوب، وكيف يُمكن أن تؤثر تلك الروحانيات الدينية على نبذ العنف الديني المؤسس على قراءة أصولية للنص، ومن ثم مرّت فلسفة الروحانية بتطور جعلها تتقاسم بعض الصفات مع الأديان، فتتقاطع الطرق لكن لا تتطابق في كل المناحي. أي إنّ هناك تصورات دينية عديدة تجمع بين التدين والروحانية الإنسانية، لكن الروحانية لا تتوقف عند حاجز التدين بالضرورة.
أمّا التطور المعاصر في فلسفة الروحانية، فقد جاء عن طريق ظهور فلسفة الروحانية بلا تدين، وهي عبارة ازدادت شيوعاً في العقود الماضية؛ يقول جون بارتونك مؤلف كتاب "روحانية بلا تدين: البحث عن معنى للحياة في العالم المادي"، الصادر العام 2019، إنّ بعض الناس يبحثون عن معنى أعمق للحياة بعيداً عن المؤسسات الدينية أو التصورات المجتمعية الدينية التي لا يحق للفرد أن يراجعها أو يتفكر فيها، وبالتالي فهؤلاء يؤسسون لحالة روحانية لا تعترف بأشكال التدين النمطي لكنها ليست منفصلة تماماً عن الدين وإنما عن أنماط التدين.
وربما تعود بدايات هذه الفكرة إلى كتابات المؤرخ الأمريكي وليام جيمس (1842-1910) الذي أسّس لنظرية (فردانية التجربة الدينية)؛ أي التعامل مع الدين وتفسيراته الإيمانية من منظور فردي بعيداً عن النظرة السوداوية العامة التي قد تسيطر على التصور الديني لدى الجموع، هنا يتحرر الفرد من الدين المؤسسي أو المُنظّم organized Religion .
لكن شهد مفهوم الروحانية بلا تدين تطوراً آخر، حين تم الفصل التام بين الروحانية والدين، فأضحى هناك نمط من الروحانية اللّادينية. ويكتب عن هذه النظرية الكاتب الأمريكي سام هاريس الحاصل على درجة الدكتوراه في تخصص علم الأعصاب المعرفي، والذي يسعى إلى دراسة العمليات الدماغية المكونة للمعرفة، فيقول في كتابه "الصحوة: نحو روحانية بلا دين" الصادر في العام 2014، إنّ الروحانية عبر التأمل لا تتعارض مع العلم، بل تزيد من وعي الإنسان بنفسه وبالعالم من حوله، وهناك ضرورة للاهتمام بالبُعد الإنساني للعالم، فيؤكد أنّ المرء قد يحيا حياة روحانية حتى في غياب العقيدة الدينية، وفيها يجد السلام مع غيره أياً كانت عقائدهم وتوجهاتهم.
وهنا فإنّ الروحانية اللّادينية لا تعادي حق الآخرين في التدين، لكنها ترفض فرض نمط التدين على الأفراد عنوة، فالروحانية اللّادينية تسعى لأن تجعل الإنسان وخلاصه في المقام الأول، فلا يتحدد في هذا المقام بالأيديولوجيا الدينية
لطالما كان الإصلاح الديني الكنسي في أوروبا والتصوف الإسلامي بمثابة مداخل لدراسة تأثير فلسفة الروحانية وأنسنة الأديان على سيكولوجية الشعوب، وكيف يُمكن أن تؤثر تلك الروحانيات الدينية على نبذ العنف الديني المؤسس على قراءة أصولية للنص، ومن ثم مرّت فلسفة الروحانية بتطور جعلها تتقاسم بعض الصفات مع الأديان، فتتقاطع الطرق لكن لا تتطابق في كل المناحي. أي إنّ هناك تصورات دينية عديدة تجمع بين التدين والروحانية الإنسانية، لكن الروحانية لا تتوقف عند حاجز التدين بالضرورة.
أمّا التطور المعاصر في فلسفة الروحانية، فقد جاء عن طريق ظهور فلسفة الروحانية بلا تدين، وهي عبارة ازدادت شيوعاً في العقود الماضية؛ يقول جون بارتونك مؤلف كتاب "روحانية بلا تدين: البحث عن معنى للحياة في العالم المادي"، الصادر العام 2019، إنّ بعض الناس يبحثون عن معنى أعمق للحياة بعيداً عن المؤسسات الدينية أو التصورات المجتمعية الدينية التي لا يحق للفرد أن يراجعها أو يتفكر فيها، وبالتالي فهؤلاء يؤسسون لحالة روحانية لا تعترف بأشكال التدين النمطي لكنها ليست منفصلة تماماً عن الدين وإنما عن أنماط التدين.
وربما تعود بدايات هذه الفكرة إلى كتابات المؤرخ الأمريكي وليام جيمس (1842-1910) الذي أسّس لنظرية (فردانية التجربة الدينية)؛ أي التعامل مع الدين وتفسيراته الإيمانية من منظور فردي بعيداً عن النظرة السوداوية العامة التي قد تسيطر على التصور الديني لدى الجموع، هنا يتحرر الفرد من الدين المؤسسي أو المُنظّم organized Religion .
لكن شهد مفهوم الروحانية بلا تدين تطوراً آخر، حين تم الفصل التام بين الروحانية والدين، فأضحى هناك نمط من الروحانية اللّادينية. ويكتب عن هذه النظرية الكاتب الأمريكي سام هاريس الحاصل على درجة الدكتوراه في تخصص علم الأعصاب المعرفي، والذي يسعى إلى دراسة العمليات الدماغية المكونة للمعرفة، فيقول في كتابه "الصحوة: نحو روحانية بلا دين" الصادر في العام 2014، إنّ الروحانية عبر التأمل لا تتعارض مع العلم، بل تزيد من وعي الإنسان بنفسه وبالعالم من حوله، وهناك ضرورة للاهتمام بالبُعد الإنساني للعالم، فيؤكد أنّ المرء قد يحيا حياة روحانية حتى في غياب العقيدة الدينية، وفيها يجد السلام مع غيره أياً كانت عقائدهم وتوجهاتهم.
وهنا فإنّ الروحانية اللّادينية لا تعادي حق الآخرين في التدين، لكنها ترفض فرض نمط التدين على الأفراد عنوة، فالروحانية اللّادينية تسعى لأن تجعل الإنسان وخلاصه في المقام الأول، فلا يتحدد في هذا المقام بالأيديولوجيا الدينية