قال الله سبحانه وتعالى :{ وقضينا إلى بني إسرائيلَ في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيرا { } فإذا جاءَ وعدُ أولاهما بعثنا عليكم عبادا ً لنا أولي بأس ٍ شديد ٍ فجاسوا خلال الديار وكان وعدا ًمفعولاً {} ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال ٍ وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا ً {} إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاءَ وعدُ الآخرة ليَسُوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرةٍ وليُتبروا ما علوا تتبيرا ً}.
بين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة ان بني اسرائيل سوف يفسدون في الارض افسادا عظيما ويظهر فسادهم في الارض مرتين ويعلون علوا كبيرا وهذا العلو موافق للإفساد فهو سببه وإن تأخر عنه بالعطف لأن التنبيه على الأمر الأعظم وهو الإفساد
سأطرح بعض الاسئلة مرتبطه مباشرة في صلب الموضوع تحدد لنا المسار والتوجه الي نسير فيه
- هل حصل الفساد والعلو الاول والثاني لبني اسرائيل في الارض ؟ ام حصل احداهما ؟
- في اي زمن كان علوهم ؟
- من هم العباد الذين أذلوا اليهود في المرة الأولى و دخلوا المسجد ثم انتصر عليهم اليهود بعد أن امدهم الله بأموال و بنين و جعلهم أكثر نفيرا ثم عاد اليهود فأفسدوا فسلطوا عليهم ثانية و دخلوا المسجد ؟
الكثير من المفسرين والمؤرخين اختلفوا في تحديد الزمن الذي حدث فيه العلو الاول او الثاني ولعل افضل ما قرأته للمفكر الدكتور طارق السويدان واستعراضه لتاريخ اليهود في فلسطين قد يكون ذكر ما اجتهد فيه كفيلاً بطرحه لتوضيح بعض الجوانب المهمه للبحث والتقصي في هذا الصدد .
وإليكم رأي الدكتور طارق السويدان في تفسير هذه الآيات :
" وقد قرأت كثيرا ً في كتب التفسير التي تبحث في معنى هذه الآيات ، ولكني لم أقع منها على ما يقنع المرء ، وخصوصا ً أنها لا تنسجم مع التسلسل التاريخي لليهود ، فمعظم المفسرين يعتبر أن علو بني إسرائيل في الأرض قد حصل مرة ولم يحصل المرة الأخرى ، ويعتبر المرة الأولى هي علوهم في زمن الملك البابلي ( نبوخذ نصر ) ، ولكن ذلك مخالف للسياق القرآني والسياق التاريخي ، وفي اعتقادي الشخصي أن كلا المرتين من علو بني إسرائيل لم يحدثا حتى وقتنا الحالي ، وذلك لعدة أسباب نبينها في التالي :
1 - الملك البابلي ( نبوخذ نصر ) لم يكن من عباد الله ، فقد كان كافرا ً، والله سبحانه وتعالى يقول في الآية: ( بعثنا عليكم عبادا ً لنا ) ، ويقول بعدها مباشرة عز وجل: ( ثم رددنا لكم الكرة عليهم فإذا جاء وعد الآخرة ) ، وهذا يدل بوضوح على أن الذين يغلبون اليهود في المرة الأولى هم أنفسهم الذين سيدخلون عليهم المسجد مرة ثانية ( ثم رددنا لكم الكرة عليهم ) ، و ( نبوخذ نصر ) لم يدخل المسجد مرة ثانية ، فلا يمكن تفسير المرة الأولى به.
2 - فسر بعض الناس الدخول الأول بأنه دخول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وهذا مناف تماما ً للصواب ، فإن الخليفة العادل عندما دخل القدس لم يكن فيها يهود ، وإنما دخل رضي الله عنه على النصارى.
3 - لكنني أرى – والله تعالى أعلم – أن المرة الأولى هي التي نعيشها اليوم ، وهي العلو الأول ، وسيأتي على دولة اليهود هذه عباد لله يخرجونهم من فلسطين ، غير أن اليهود سيتجمعون وينصرهم العالم ويمدهم بالأموال وينصرهم اليهود المنتشرين في باقي العالم فيكونون أكثر نفيرا ً بالنصرة العالمية لهم فينتصرون علينا ، يقول الله عز وجل : ( ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال ٍ وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا ً) ، وبعدها يأتي وعد الآخرة أي المرة الثانية ، والتي سنتغلب فيها نهائيا ً على اليهود ونخرجهم إلى غير رجعة من أرض المقدس ، يقول الله عز وجل : ( إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا ً ) ، أي ما بناه اليهود سيدمر تدميرا ً. والله سبحانه أعلم.
4 - ولن يقضى على اليهود نهائيا ً في الأرض ولكنهم سيشردون فيها مصداقا ً لقوله تعالى :
( عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا ) ، وهذا تهديد ووعيد من الله تعالى إن عادوا لإفسادهم في الأرض فإن الله سيعود عليهم بالعذاب والتشريد. والله عز وجل أعلم.
5 - وهناك أدلة كثيرة تدل على بقاء اليهود في الأرض منها حديث الدجال والذي ينص على أنه عندما يخرج الدجال يتبعه 70 ألفا ً من يهود أصفهان.
6 - جاء في أحاديث أخرى إشارة إلى معركة فاصلة تقوم مع اليهود منها الحديث المشهور الذي يرويه الشيخان ( لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقاتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر و الشجر فيقول الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود ) ، وجا في إحدى روايات الحديث : ( تقاتلون اليهود أنتم شرقي النهر وهم غربيه )، فقال أحد الصحابة في حديث صحيح : أي نهر يا رسول الله ، قال : ( نهر الأردن ) ، يقول الصحابي : والله ما كنت أعرف أن في الأرض نهرا ً يسمى الأردن. فإذا ً المعركة الحاسمة ستكون بالحدود الحالية، هم غربي نهر الأردن ونحن شرقيه ، وأرى أن هذه المعركة ستحدث بعد العلو الثاني لليهود ، ( والعلم عند الله سبحانه وتعالى )
خلاصة التفسير :
وعلى ذلك فإني أرى أن هذا الذي نعيشه هو العلو الأول لبني إسرائيل ، ثم تقوم دولة المسلمين الملتزمين بطردهم من القدس ، وليس بالضرورة كل فلسطين ، فيأتيهم الدعم العالمي من بني إسرائيل في العالم ، ومن الدول العظمى فيكونون جيشا ً أقوى من الجيش الإسلامي ، ويعيدون احتلال القدس ، ولكن المؤمنين يتجمعون مرة أخرى ويهزمونهم الهزيمة النهائية ، والتي تخرجهم من القدس وفلسطين ، ويظل الأمر كذلك إلى حين خروج المسيح الدجال الذي يؤيده اليهود آنذاك فيسيطر على الأرض ومنها فلسطين ، وتكون نهايته على يد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام في مدينة اللد في فلسطين قبيل قيام الساعة ، والله أعلم " .
وهنا استعرض بعض اقوال العلماء والمفسرين للآية
من تفسير ابن كثير :
وقد اختلف المفسرون من السلف والخلف ، في هؤلاء المسلطين عليهم من هم ، فعن ابن عباس وقتادة : أنه جالوت الجزري وجنوده ، سلط عليهم أولا ثم أديلوا عليه بعد ذلك ، وقتل داود جالوت ، ولهذا قال ( ثم رددنا لكم الكرة عليهم ) الآية ، وعن سعيد بن جبير : أنه ملك الموصل سنحاريب وجنوده ، وعنه أيضا وعن غيره : أنه بختنصر ملك بابل .
من تفسير الطبري :
فكان أول الفسادين قتل زكريا ، فبعث الله عليهم ملك النبط ، فخرج بختنصر حين سمع ذلك منهم ، ثم إن بني إسرائيل تجهزوا فغزوا النبط ، فأصابوا منهم واستنقذوا ما في أيديهم ، قال ابن زيد : كان إفسادهم الذي يفسدون في الأرض مرتين ، قتل زكريا ويحيى بن زكريا ، سلط الله عليهم سابور ذا الأكتاف ، ملكا من ملوك النبط في الأولى ، وسلط عليهم بختنصر في الثانية .
ثم اختلف أهل التأويل ، في الذين عنى الله بقوله أولي بأس شديد فقال بعضهم : كان الذي بعث الله عليهم في المرة الأولى جالوت كما ذكره ابن عباس وكان مجيء وعد المرة الآخرة عند قتلهم يحيى ، بعث عليهم بختنصر
ما روي عن سعيد بن جبير ، قال : بعث الله عليهم في المرة الأولى سنحاريب عليهم في المرة الآخرة بختنصر
من تفسير الألوسي :
واختلف في تعيين هؤلاء العباد المبعوثين ، بعد أن ذكروا قتل يحيى عليه السلام في إفسادهم الأخير ، فقال غير واحد إنهم بختنصر وجنوده ، وتعقبه السهيلي وقال بأنه لا يصح ، لأن قتل يحيى بعد رفع عيسى عليهما السلام ، وبختنصر كان قبل عيسى عليه السلام بزمن طويل ، وقيل الاسكندر وجنوده ، وتعقبه أيضا وقال : بأن بين الاسكندر وعيسى عليه السلام نحوا من ثلاثمائة سنة ، ثم قال لكنه إذا قيل إن إفسادهم في المرة الأخيرة بقتل شعيا ، جاز أن يكون المبعوث عليهم بختنصر ومن معه ، لأنه كان حينئذ حيا ، والذي ذهب إليه اليهود ، أن المبعوث أولا بختنصر ، وكان في زمن آرميا عليه السلام ، وقد أنذرهم مجيئه صريحا ، بعد أن نهاهم عن الفساد وعبادة الأصنام ، كما نطق به كتابه ، فحبسوه في بئر وجرحوه ، وكان تخريبه لبيت المقدس ، في السنة التاسعة عشر من حكمه ، وبين ذلك وهبوط آدم ثلاثة آلاف وثلثمائة وثماني وثلاثين سنة ، وبقي خرابا سبعين سنة ، ثم إن أسبيانوس قيصر الروم ، وجّه وزيره طيطوس إلى خرابه ، فخربه سنة ثلاثة آلاف وثمانمائة وثمانية وعشرين ، فيكون بين البعثين عندهم أربعمائة وتسعون سنة ، وتفصيل الكلام في ذلك في كتبهم ، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال .
وقال الألوسي : " ونعم ما قيل إن معرفة الأقوام المبعوثين ، بأعيانهم وتاريخ البعث ونحوه ، مما لا يتعلق به كبير غرض ، إذ المقصود أنه لما كثرت معاصيهم ، سلط الله تعالى عليهم من ينتقم منهم مرة بعد أخرى ، وظاهر الآيات يقتضي اتحاد المبعوثين أولا وثانيا "
بين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة ان بني اسرائيل سوف يفسدون في الارض افسادا عظيما ويظهر فسادهم في الارض مرتين ويعلون علوا كبيرا وهذا العلو موافق للإفساد فهو سببه وإن تأخر عنه بالعطف لأن التنبيه على الأمر الأعظم وهو الإفساد
سأطرح بعض الاسئلة مرتبطه مباشرة في صلب الموضوع تحدد لنا المسار والتوجه الي نسير فيه
- هل حصل الفساد والعلو الاول والثاني لبني اسرائيل في الارض ؟ ام حصل احداهما ؟
- في اي زمن كان علوهم ؟
- من هم العباد الذين أذلوا اليهود في المرة الأولى و دخلوا المسجد ثم انتصر عليهم اليهود بعد أن امدهم الله بأموال و بنين و جعلهم أكثر نفيرا ثم عاد اليهود فأفسدوا فسلطوا عليهم ثانية و دخلوا المسجد ؟
الكثير من المفسرين والمؤرخين اختلفوا في تحديد الزمن الذي حدث فيه العلو الاول او الثاني ولعل افضل ما قرأته للمفكر الدكتور طارق السويدان واستعراضه لتاريخ اليهود في فلسطين قد يكون ذكر ما اجتهد فيه كفيلاً بطرحه لتوضيح بعض الجوانب المهمه للبحث والتقصي في هذا الصدد .
وإليكم رأي الدكتور طارق السويدان في تفسير هذه الآيات :
" وقد قرأت كثيرا ً في كتب التفسير التي تبحث في معنى هذه الآيات ، ولكني لم أقع منها على ما يقنع المرء ، وخصوصا ً أنها لا تنسجم مع التسلسل التاريخي لليهود ، فمعظم المفسرين يعتبر أن علو بني إسرائيل في الأرض قد حصل مرة ولم يحصل المرة الأخرى ، ويعتبر المرة الأولى هي علوهم في زمن الملك البابلي ( نبوخذ نصر ) ، ولكن ذلك مخالف للسياق القرآني والسياق التاريخي ، وفي اعتقادي الشخصي أن كلا المرتين من علو بني إسرائيل لم يحدثا حتى وقتنا الحالي ، وذلك لعدة أسباب نبينها في التالي :
1 - الملك البابلي ( نبوخذ نصر ) لم يكن من عباد الله ، فقد كان كافرا ً، والله سبحانه وتعالى يقول في الآية: ( بعثنا عليكم عبادا ً لنا ) ، ويقول بعدها مباشرة عز وجل: ( ثم رددنا لكم الكرة عليهم فإذا جاء وعد الآخرة ) ، وهذا يدل بوضوح على أن الذين يغلبون اليهود في المرة الأولى هم أنفسهم الذين سيدخلون عليهم المسجد مرة ثانية ( ثم رددنا لكم الكرة عليهم ) ، و ( نبوخذ نصر ) لم يدخل المسجد مرة ثانية ، فلا يمكن تفسير المرة الأولى به.
2 - فسر بعض الناس الدخول الأول بأنه دخول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وهذا مناف تماما ً للصواب ، فإن الخليفة العادل عندما دخل القدس لم يكن فيها يهود ، وإنما دخل رضي الله عنه على النصارى.
3 - لكنني أرى – والله تعالى أعلم – أن المرة الأولى هي التي نعيشها اليوم ، وهي العلو الأول ، وسيأتي على دولة اليهود هذه عباد لله يخرجونهم من فلسطين ، غير أن اليهود سيتجمعون وينصرهم العالم ويمدهم بالأموال وينصرهم اليهود المنتشرين في باقي العالم فيكونون أكثر نفيرا ً بالنصرة العالمية لهم فينتصرون علينا ، يقول الله عز وجل : ( ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال ٍ وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا ً) ، وبعدها يأتي وعد الآخرة أي المرة الثانية ، والتي سنتغلب فيها نهائيا ً على اليهود ونخرجهم إلى غير رجعة من أرض المقدس ، يقول الله عز وجل : ( إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا ً ) ، أي ما بناه اليهود سيدمر تدميرا ً. والله سبحانه أعلم.
4 - ولن يقضى على اليهود نهائيا ً في الأرض ولكنهم سيشردون فيها مصداقا ً لقوله تعالى :
( عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا ) ، وهذا تهديد ووعيد من الله تعالى إن عادوا لإفسادهم في الأرض فإن الله سيعود عليهم بالعذاب والتشريد. والله عز وجل أعلم.
5 - وهناك أدلة كثيرة تدل على بقاء اليهود في الأرض منها حديث الدجال والذي ينص على أنه عندما يخرج الدجال يتبعه 70 ألفا ً من يهود أصفهان.
6 - جاء في أحاديث أخرى إشارة إلى معركة فاصلة تقوم مع اليهود منها الحديث المشهور الذي يرويه الشيخان ( لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقاتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر و الشجر فيقول الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود ) ، وجا في إحدى روايات الحديث : ( تقاتلون اليهود أنتم شرقي النهر وهم غربيه )، فقال أحد الصحابة في حديث صحيح : أي نهر يا رسول الله ، قال : ( نهر الأردن ) ، يقول الصحابي : والله ما كنت أعرف أن في الأرض نهرا ً يسمى الأردن. فإذا ً المعركة الحاسمة ستكون بالحدود الحالية، هم غربي نهر الأردن ونحن شرقيه ، وأرى أن هذه المعركة ستحدث بعد العلو الثاني لليهود ، ( والعلم عند الله سبحانه وتعالى )
خلاصة التفسير :
وعلى ذلك فإني أرى أن هذا الذي نعيشه هو العلو الأول لبني إسرائيل ، ثم تقوم دولة المسلمين الملتزمين بطردهم من القدس ، وليس بالضرورة كل فلسطين ، فيأتيهم الدعم العالمي من بني إسرائيل في العالم ، ومن الدول العظمى فيكونون جيشا ً أقوى من الجيش الإسلامي ، ويعيدون احتلال القدس ، ولكن المؤمنين يتجمعون مرة أخرى ويهزمونهم الهزيمة النهائية ، والتي تخرجهم من القدس وفلسطين ، ويظل الأمر كذلك إلى حين خروج المسيح الدجال الذي يؤيده اليهود آنذاك فيسيطر على الأرض ومنها فلسطين ، وتكون نهايته على يد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام في مدينة اللد في فلسطين قبيل قيام الساعة ، والله أعلم " .
وهنا استعرض بعض اقوال العلماء والمفسرين للآية
من تفسير ابن كثير :
وقد اختلف المفسرون من السلف والخلف ، في هؤلاء المسلطين عليهم من هم ، فعن ابن عباس وقتادة : أنه جالوت الجزري وجنوده ، سلط عليهم أولا ثم أديلوا عليه بعد ذلك ، وقتل داود جالوت ، ولهذا قال ( ثم رددنا لكم الكرة عليهم ) الآية ، وعن سعيد بن جبير : أنه ملك الموصل سنحاريب وجنوده ، وعنه أيضا وعن غيره : أنه بختنصر ملك بابل .
من تفسير الطبري :
فكان أول الفسادين قتل زكريا ، فبعث الله عليهم ملك النبط ، فخرج بختنصر حين سمع ذلك منهم ، ثم إن بني إسرائيل تجهزوا فغزوا النبط ، فأصابوا منهم واستنقذوا ما في أيديهم ، قال ابن زيد : كان إفسادهم الذي يفسدون في الأرض مرتين ، قتل زكريا ويحيى بن زكريا ، سلط الله عليهم سابور ذا الأكتاف ، ملكا من ملوك النبط في الأولى ، وسلط عليهم بختنصر في الثانية .
ثم اختلف أهل التأويل ، في الذين عنى الله بقوله أولي بأس شديد فقال بعضهم : كان الذي بعث الله عليهم في المرة الأولى جالوت كما ذكره ابن عباس وكان مجيء وعد المرة الآخرة عند قتلهم يحيى ، بعث عليهم بختنصر
ما روي عن سعيد بن جبير ، قال : بعث الله عليهم في المرة الأولى سنحاريب عليهم في المرة الآخرة بختنصر
من تفسير الألوسي :
واختلف في تعيين هؤلاء العباد المبعوثين ، بعد أن ذكروا قتل يحيى عليه السلام في إفسادهم الأخير ، فقال غير واحد إنهم بختنصر وجنوده ، وتعقبه السهيلي وقال بأنه لا يصح ، لأن قتل يحيى بعد رفع عيسى عليهما السلام ، وبختنصر كان قبل عيسى عليه السلام بزمن طويل ، وقيل الاسكندر وجنوده ، وتعقبه أيضا وقال : بأن بين الاسكندر وعيسى عليه السلام نحوا من ثلاثمائة سنة ، ثم قال لكنه إذا قيل إن إفسادهم في المرة الأخيرة بقتل شعيا ، جاز أن يكون المبعوث عليهم بختنصر ومن معه ، لأنه كان حينئذ حيا ، والذي ذهب إليه اليهود ، أن المبعوث أولا بختنصر ، وكان في زمن آرميا عليه السلام ، وقد أنذرهم مجيئه صريحا ، بعد أن نهاهم عن الفساد وعبادة الأصنام ، كما نطق به كتابه ، فحبسوه في بئر وجرحوه ، وكان تخريبه لبيت المقدس ، في السنة التاسعة عشر من حكمه ، وبين ذلك وهبوط آدم ثلاثة آلاف وثلثمائة وثماني وثلاثين سنة ، وبقي خرابا سبعين سنة ، ثم إن أسبيانوس قيصر الروم ، وجّه وزيره طيطوس إلى خرابه ، فخربه سنة ثلاثة آلاف وثمانمائة وثمانية وعشرين ، فيكون بين البعثين عندهم أربعمائة وتسعون سنة ، وتفصيل الكلام في ذلك في كتبهم ، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال .
وقال الألوسي : " ونعم ما قيل إن معرفة الأقوام المبعوثين ، بأعيانهم وتاريخ البعث ونحوه ، مما لا يتعلق به كبير غرض ، إذ المقصود أنه لما كثرت معاصيهم ، سلط الله تعالى عليهم من ينتقم منهم مرة بعد أخرى ، وظاهر الآيات يقتضي اتحاد المبعوثين أولا وثانيا "