مقدمات الهجوم الشامل الروسي الشتوي وأسباب مجزرة الكتيبة المدرعة الروسية

إنضم
9 يوليو 2010
المشاركات
3,059
التفاعل
4,157 20 0
مقدمات الهجوم الشامل الروسي الشتوي وأسباب مجزرة الكتيبة المدرعة الروسية

مقدمة:

هذه المقدمة التوضيحية لا بد منها ولو كانت خارج صلب الموضوع بطريقة مباشرة، لكنها هي صلب موضوعنا التحليلي بطريقة غير مباشرة!

فحرب روسيا على أوكرانيا من الناحية الظاهرية أسبابها هو دعم استقلال أهالي المناطق الحدودية الذين أكثرهم من أصول روسية، وانقاذهم من عملية التطهير العرقي السلافي من قبل القوميين النازيين الأوكران المدعومين من جهات غربية، والسبب الثاني هو ما زعمه بوتين بأنها عملية عسكرية وقائية لا بد منها ضد تنفيذ أوكرانيا لهجوم كبير بالوكالة عن الناتو هدفه استعادة شبه جزيرة القرم الروسية مع الأقاليم الانفصالية، قبل ضم أوكرانيا لحلف الناتو ليصبح أمر واقع مقاومته يجر روسيا إلى حرب عالمية مباشرة مع الناتو!

أما الجانب الخفي الاستخباراتي في أسباب الحرب وهذا ما كشفته صحيفة واشنطن بوست وصحيفة أخرى أمريكية، عن أن أمريكا كانت تخطط لعملية زرع عملاء سريين لا يقومون بأعمال عسكرية تخريبية، وإنما أعمال حرب نفسية إعلامية مضادة ومثبطة للميديا الروسية، لخلق شرخ ومعارضة روسية تصاعدية تحدث مقدمة صدع بين قيادة الكرملين وفئات الشعب وباقي الأحزاب المعارضة الروسية، تنهي بالنهاية عملية الاتحاد الروسي، كما أنهت من قبل الاتحاد السوفيتي، ووجدت أمريكا بإدخال روسيا الحرب مع الأوكران خطوة سريعة في هذا المضمار الاستخباراتي البعيد النتائج.

من خلال بناء نخبة أوكرانية متخصصة بحرب المدن والكمائن، تحدث انهيارات معنوية كبيرة في القوات الروسية وخسائر تقلب الشعب الروسي على قيادته السياسية، إضافة للبروباغندا المضادة الإعلامية، إلا أن الإدارة الأمنية الروسية المتمثلة بمكتب الأمن الفيدرالي الروسي FSB تحسبت لهذا الأمر واعتمدت بقواتها الهجومية على مليشيات شبه عسكرية أمثال مليشيات فاغنر الاجرامية، والمقنعين الخضر الذين ليس لهم انتماءات أسرويه، وجيوش من المتعاقدين والقوى الارتزاقية وقوات روسية من مناطق ريفية روسية بعيدين عن البيئات الحضرية الروسية، وهو ما ساعد على امتصاص النقمة الحضرية!

والذي ساعد أكثر على كسب الشريحة الشعبية الروسية الأكبر المؤيدة لهذه الحرب القومية الروسية، أنها أعلنت ضد القوى النازية الجديدة، فانقلب السحر على الساحر.

وبعد فشل أمريكا في التمكن من اضعاف روسيا من الناحية العسكرية والاقتصادية عادت إلى ما بدأت به من مخططاتها السرية الداخلية في روسيا، ولن يتم ذلك وفق واشنطن بوست إلا بوقف الحرب الحالية، والتفاوض على الوصول إلى هدنة عسكرية.



والآن نعود لصلب الموضوع، فإن زيادة الضغط والتصعيد الروسي في جبهة مقاطعة دونيتسك وإقليم زبوروجيا والاشتداد للقمة على مستوى فرق قتالية متكاملة في جبهة لوهانسك يوحي باقتراب الهجوم الشامل الشتوي الروسي وليس في الربيع كما كانت ترجح الدوائر الغربية، واليوم مؤسسة راند التحليلية الأمريكية وكذلك معهد دراسات الحرب الأمريكية ISW يؤكدان هذه النوايا الروسية، من خلال تأكيد الحشود الروسية الهجومية الضخمة التي تجاوزت 300 ألف مهاجم روسي فقط في الجبهات الأوكرانية أي باستثناء الجبهة البيلاروسية في شمال أوكرانيا!

وأن الجبهات المهاجمة الروسية أصبحت تمتلك اليوم أكثر من 1800 دبابة ثلثها من دبابات الاختراق T-90M المتطورة، والباقي أكثره من الأنواع المرقاة إلى مستوى دبابات T-72B3M ودبابة T-80BVM وعدد لا يتجاوز 200 دبابة من الدبابة المعدلة القديمة T-62M التي سوف تقاتل بخطوط الدبابات الخلفية بمدافع جديدة عيار 125 ملم وربما تزود بقذائف كراسنبول الموجهة بالدرونات بالليزر في النهاية حتى مدى 12 كم، وقد زودت هذه الدبابات رغم قدمها بالحماية الصديه النشطة أرينا إضافة للجيل الرابع من الدروع التفاعلية كونتاكت.

وباعتقادي لن يبدأ الهجوم حتى ينضم إلى اسطول الدبابات الروسي 600 دبابة من فئة T-80 بتم اليوم ترقيتها إلى مستوى دبابة الاختراق المتطورة الروسية.

ويجدر السؤال اليوم هل سوف يكون الهجوم الشامل الروسي مرحلي؟ أي من كل إقليم على حدا أو من أقاليم دون أخرى؟ أو سوف يكون شامل من كل المحاور والأقاليم؟

وللجواب على ذلك الغالب سوف يكون شامل لكل المحاور والأقاليم، والسبب الرئيسي الذي يرجح ذلك، هو الخزن اللوجستي الاستباقي الروسي الهائل في كل الأقاليم، وبالمقابل الحشد الروسي الهائل كذلك على مستوى جيوش هجومية في كل الأقاليم، وهذا التكتيك إن تم بطريقة تنظيمية صحيحة وتنسيقية سوف يضعف ويشتت القوات الدفاعية الأوكرانية مهما كان تعدادها ويلزمها بأماكنها الأساسية.

والتحول الروسي للهجوم الشامل من 12 محور على باخموت ليس بواسطة قوات فاغنر فقط إنما بالقوات المجوقلة الروسية من على مستوى لواء مظلي من الفرقة المظلية 76 المتمركزة في جنوب مقاطعة لوغانسك أو لوهانسك، إضافة للواء المظلي الخاص 83 المتمركز في مقاطعة دونيتسك، مع وجود القوات الخاصة الشيشانية ومليشيات الاقتحام الخاصة بقوات دونيتسك DPR يضاف على ذلك تنشيط الهجمات الروسية في مقاطعة لوغانسك على كافة المحاور القتالية في وقت واحد!

وعلى مستوى ستة فرق قتالية مختلطة من أصل عشرة فرق هجومية أساسية متواجدة الآن في لوهانسك بطريقة خفية وأخرى علنية، فوفقاً لمعلومات معهد دراسات الحرب الأمريكي، تم حشد وتحريك الروس لفرقة المشاة الميكانيكية 18 التي تم استقدامها من بيلاروسيا والتابعة لجيش الدببة السيبيرية المدرع 41، وذلك لدعم القتال في كوبيانسك مع لواء مظلي من الفرقة المظلية 98، وتم تحريك الفرقة 144 مشاة ميكانيكية التابعة لجيش حرس موسكو المدرع الأول الأكثر قوة وحرفية وتجهيز من تشكيلات الدببة السيبيرية، إضافة إلى لواءين مظليين هم باقي تشكيلات الفرقة المظلية 98، وذلك اتجاه جبهة سفاتوفا، أما جبهة كرامينا التي تفضي إلى استعادة كراسني ليمان، فقد حشد أو حرك الروس الفرقة الميكانيكية الثالثة التابعة للجيش المدرع الثالث من الدببة السيبيرية، إضافة لفرقة الاقتحام الجوي السابعة المعروفة بالثيران الروسية، ولواءين من الفرقة المظلية الروسية 76 والتي وصلت إلى القرب من مدينة كرسني ليمان الاستراتيجية، ويدعمهم كقوة احتياط للجميع فرقة حرس موسكو المدرعة الرابعة المعززة بأحدث الدبابات الروسية.

وكل هذه التحركات الهائلة هي مقدمة لبداية الهجوم الشامل الروسي الذي ربما يشارك به أكثر من 500 ألف محارب.

وكان المخطط الروسي هو تطوير الهجوم من مقاطعة زبوروجيا تجاه مدينة أوغليدار لمساعدة القوات الروسية في إقليم الدونباس على سرعة استعادة كامل مناطق هذا الإقليم بوقت قياسي.

ووفقاً لتحليلي الميداني الأول إن صح الحدث الذي وثقته وكالة رويترز بالصور الميدانية، فقد تحركت كتيبة استطلاع مدرعة تكتيكية مستقلة من ناحية الجنوب الغربي لأوغليدار على ما يبدو بطريقة تسللية، إذ لم يتقدمها درونات استطلاع ضاربة، ولم يتم دعمها بنيران استباقية تمهيدية مساحية أو مركزة أو حتى ذكية، ولم يرافقها آليات دعم ناري مواكب مدفعية من فئة الهاون أو صاروخية مدرعة ذات قذائف فراغية!

ولكن كانت مكوناتها الرئيسية الدبابات القتالية ( لم يكن على ما يبدو فيها دبابة الاختراق الروسية ) والمدرعات الناقلة للجند المجنزرة والمدولبة، إضافة لآليات الاستطلاع القتالية.

وباعتقادي كان من المفترض أن يكون هذا النوع من التسلل الاستطلاعي مدعم بوسائط رصد حراري لأي تحرك أو نشاط دفاعي كامن قريب أو متوسط، درئاً لمخاطر تلك الكمائن التعرضية.

وأن يكون هناك حسابات وتحسب للأماكن الدفاعية المحتملة لحدوث الكمائن، فليس هناك أي تبرير لحدوث هذا الخطأ من طرف القيادات الميدانية الروسية بعد هذه التجارب الروسية التراكمية في الحرب الأوكرانية!

إلا أن تكون هذه الكتيبة الاستطلاعية تعرضت لكمين حقل ألغام ذكية كامنة تفعليه، من الفئة الوثابة الانقضاضيه العلوية من صناعة غربية، أو دخول ذخائر ذكية يقصر معها فرصة ردود الفعل الروسية مثال الجيل الجديد من صواريخ جافلين الأكثر دقة ومناورة ذكية، والأسرع والأبعد مدى والأكثر قدرة تدميرية، أو أن تكون الكتيبة تعرضت لدانات هاون ذكية موجهة غربية، لم يتم رصد نشاطها من قِبل الكتيبة الروسية، التي لوحظ من اتجاه مدافع أبراج دباباتها المدمرة أنها أرادت أن تستهدف جهة معينة قبل أن تباغتها الهجمة الجماعية، والتي أسفر عنها وفق الغرب، تدمير نحو 30 دبابة ومدرعة من أصل 70 هم عموم آليات الكتيبة التكتيكية.

أما تحليلي للسيناريو المتوقع الثاني للحدث إن ثبت وحدث، فهو أن مجموعة من الكتائب التكتيكية المستقلة الروسية قامت بعملية هجومية تمهيدية قبل تدفق مشاة الاقتحام الروسية من الجهة الجنوبية الشرقية لأوغليدار ففوجئت تلك الكتائب بمنطقة دفاعية موجودة على منطقة مرتفعة نسبياً جنوب شرق محيط مدينة أوغليدار كانت بالكامل تقريباً بالقذائف الذكية، والسبب أن الآليات المدمرة بالصورة التوثيقة التي نشرتها وكالة رويترز لا يوجد بمحيطها أي حفر انفجارات جانبية وأن مجموعة من المدرعات تم تدميرها دون ردة فعل قتالية وأن مجموعة أخرى وخاصة الدبابات وجهت مدافعها نحو النقطة الدفاعية المباغتة الأوكرانية، ويبدو أن الروس تمكنوا من إغراق هذه النقطة الدفاعية الأوكرانية بنيرانهم المباعدة وهو ما مكن الروس من ترتيب صفوهم والانسحاب إلى خطوطهم الأساسية، وتم تطوير هجوم اختراقي بالكتائب التكتيكية من الجهة الجنوبية الغربية طوقت بها غرب أوغليدار ووصلت حتى الجهة الشمالية الغربية من المدينة.

السيناريو الثالث وهو المرجح عندي أن الحدث برمته عبارة عن بروباغندا وفبركة إعلامية لأن الصورة التي وثقتها وكالة رويترز الإخبارية، ومقطع الفيديو المتقطع الذي أثار حفيظة رواد السوشي ميديا الروسية، والتي غالباً مأخوذة عن درون فردي صغير ليس فيها تدمير واضح لأي دبابة روسية وإنما ربما لآليات قتالية، والسبب أن أكثر الدبابات القتالية الروسية الحالية أصبحت مجهزة اليوم بمصدات الحماية النشطة المتفجرة أرينا التي يمكنها صد كافة القذائف المضادة بما فيها الذكية، ومن جميع الاتجاهات بما فيها العلوية، إضافة لعدم وجود حفر انفجارات حول الآليات في المنطقة الثلجية، أو وجود حرائق آليات مدمرة ولا أبراج دبابات متطايرة، أو وجود أسرى أو جرحى كان من الممكن أن يقعوا بالأيدي الأوكرانية!

ولو كان الاستهداف بوابل من الذخائر الذكية فقط لكان المشهد أكثر هيبة ورعب، ويؤكد هذا الخيار غياب تصوير الفيديو نظامي مستمر، وإنما فيديو مفبرك متقطع مشكوك به، والأهم من ذلك الصمت الإعلامي الروسي حول هذا الحدث الذي لو كان قد حدث بالفعل لكان أخذ على الأقل شيء من الأهمية.

وما لا أستبعده أيضاً أن تكون العملية المصورة برمتها هي عملية تصويرية تمثيلية أوكرانيا من انتاج وإخراج الميديا الأمريكية، وذلك لتحقيق بروباغندا تثير حفيظة الشارع الروسي ضد القيادات العاملة الروسية ولإعطاء الأوكران كشعب وجيش جرعة أمل معنوية في ظل تولي النجاحات الميدانية الروسية.

وأكثر ما يرجح هذا السيناريو أو الرأي الأخير، هو عدم التدخل الروسي الداعم في حالة سوء الموقف القتالي، وعدم تكرار هذا التكتيك الأوكراني الناجح بباقي الجبهات القتالية، أو على الأقل تكرار الحدث في أكثر من جبهة أخرى بشكل مواقت قبل أن تكشف روسيا هذا التكتيك والأسلحة المضادة الجديدة الأوكرانية.

وأحب أن أنوه أيضاً أنه لو كان هذا الحدث حقيقي، لأخذ ضجة إعلامية واسعة وصخب وضجة كتلك الضجة الناتجة عندما تمكن الأوكران من تحيد كتيبة تكتيكه روسية بأسلحة مباعدة ذكية غربية وهي تعبر جسرين متحركين على نهر الدونسيك في إقليم خاركييف، ونتج عن ذلك حينئذ عملية مركزة انتقامية روسية شملت جميع القوات والمواقع الأوكرانية التي شاركت بهذه المجزرة التي نفق فيها أكثر من 500 جندي روسي، ودمر فيها أكثر من 70 دبابة ومدرعة روسية.

وفي النهاية إن من تبنى هذا الحدث الموهوم واعطاه هذا الحجم والهالة المزيفة الإعلامية هي وكالة رويترز البريطانية، التي قالت في عام 2003 أثناء الهجوم الأخير على العراق أن قوات التحالف وصلت إلى ضواحي بغداد وهي لا تزال تواجه القوات العراقية في أم قصر الحدودية!

وأخيراً سوف أعتبر الأمر برمته حدث وفق المعلومات الغربية، وأؤيد ذلك بعقيدة غراسيموف القتالية، التي تعتمد اليوم تكتيك الهجمات الغير منتظمة بقيادات مختلفة مستقلة لا مركزية، وأن ما حدث هو سوء قيادة وسوء تقدير من قيادة تلك القوات المدرعة الهجومية، فهي بالنهاية حرب ولا نستخف بالتكتيكات والحرفية الأوكرانية، إلا أن هذه المجزرة لم توقف نشاط الهجمات الروسية، ولم نجد الروس حتى الآن قاموا باي ردة فعل انتقامية!
 
التعديل الأخير:
خر التقارير الاحصائية لمجزرة أوغليدار في الآليات الروسية هي 31 دبابة ومدرعة وآلية عدد الدبابات 13 دبابة أغلبها من نوع T-72B3 ودبابة من نوع T-80BV ودبابة من نوع T-62M المعدلة و 12 مجنزرة BMP 1&2 ولكن لم يوثق بالصور سوى سبعة دبابات كلها تظهر سليمة والسبب كما ذكرنا بسبب الحماية القاسية النشطة، عدا دبابة من نوع T-62M ضربت بها الجملة الحركية، وباقي الدبابات كانت باوضاع قتالية:

مجزرة أوغليدار.jpg




دبابة سليمة.jpg
 
ليس دفاعاً عن الروس ولكن مهما بلغت حماقة الروس القتالية كدببة أمام ثعالب الحرب الأوكرانية، فلن يصلوا إلى هذا الحد من الحماقة!
لذلك أعتقد أن هذا الحدث هو تجربة ميدانية حقيقية لبيئة قتالية تنعزل بها كتيبة تكتيكية مدرعة.
والدليل على ذلك عودة دخول مجموعات الكتائب التكتيكية في معركة باخموت بعد هذه التجربة القتالية.
 

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى