تصنيف وكالة موديز للدول العربية

كيف يؤثر تراجع التصنيف الائتماني لمصر على اقتصادها؟​


cairo-egypt-inhabitants-garbage-city-streets-his-area-bunch-ineligible-stink-138727649.jpg



«موديز» خفضت تقييم الإصدارات الحكومية على المدى الطويل

أظهر مؤشر دولي حديث تراجع التصنيف الائتماني لإصدارات الحكومة المصرية من السندات طويلة الأجل بالعملتين الأجنبية والمحلية. وخفضت مؤسسة التصنيف الائتماني «موديز إنفستورز سيرفيس»، وهي مؤسسة دولية مختصة في تحديد التصنيفات الائتمانية للدول حول العالم، تقييمها لإصدارات السندات المصرية وأدوات تمويل الدين إلى «B3» بدلا من «B2»، بحسب تقرير نشرته وكالة «بلومبرغ».
وأرجعت المؤسسة خفض التصنيف الائتماني إلى «B3» لـ«تراجع قدرة البلاد على استيعاب الصدمات مع انحسار المساندة الخارجية، بينما يمر الاقتصاد بتغيرات هيكلية نحو نموذج للنمو يقوده القطاع الخاص ويعتمد بكثرة على التصدير في ظل نظام مرن لأسعار الصرف».

وأقر المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في نوفمبر (تشرين الثاني)، اتفاقا مع مصر، تحصل بموجبه على قرض بقيمة 3 مليارات دولار ضمن برنامج يمتد لـ46 شهراً. وطالب الصندوق الحكومة المصرية بـ«اتباع سياسة مرنة إزاء تحديد سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية».

وقالت مؤسسة التصنيف الائتماني أيضا إن تنفيذ إصلاحات تعزيز القدرة التنافسية ربما يدعم قاعدة التصدير في الاقتصاد ويشجع على زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، والتي بدورها ستعزز القدرة على تحمل الدين الخارجي وتقلل بشكل مستدام من تعرض الاقتصاد للمخاطر الخارجية.

من جانبه، يرى الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي المصري، أن تقييم «موديز» يتضمن جانبين «بينهما نوع من التناقض»، على حد وصفه. ويضيف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن التصنيف يشير إلى وجود مشكلة في الوقت الراهن تتعلق بشح الموارد الدولارية، وتزايد الاستحقاقات الدولارية على مصر، ومنها سداد 10 مليارات دولار أقساطاً للديون في النصف الأول من العام الحالي، فضلا عن تراجع الدعم المالي الخارجي؛ لكنه يشير في الوقت ذاته إلى أن خطة الإصلاح الاقتصادي التي تنفذها الحكومة المصرية «ستسهم في علاج هذه المشكلات»، وبالتالي فإن تخفيض التصنيف الائتماني «يحمل قدرا من التناقض».

ويبدي عبده اعتقادا بأن تخفيض التصنيف الائتماني لإصدارات الحكومة المصرية من السندات من B2 إلى B3، «لا يمثل خطرا كبيرا»، لافتا إلى أن التحرك في فئة التصنيف الائتماني نفسها «لا يعني تراجعا كبيرا في الملاءة المالية للاقتصاد المصري»، وأن الخطر الحقيقي يكمن في الخروج بالكامل من فئة إلى فئة أخرى أقل، مثل الانتقال من الفئة A إلى الفئة B.
ويشير الخبير الاقتصادي المصري إلى أن تخفيض التصنيف الائتماني ربما يؤثر على المدى القصير على ارتفاع تكلفة الاقتراض بالنسبة لمصر، وكذلك على بعض قرارات الاستثمار، لكن هناك مؤشرات مطمئنة تتعلق بتعهد صندوق النقد الدولي ببقاء الودائع الدولارية الخليجية لدى البنك المركزي المصري، وقيمتها 28 مليار دولار حتى سبتمبر (أيلول) من عام 2026، فضلا عن قرار الحكومة المصرية التخارج من بعض الأصول وبيعها للقطاع الخاص، وهو ما يوفر حوالي 10 مليارات دولار سنويا، الأمر الذي يعني أن مصر «لن تواجه أزمات خانقة، في ظل وجود هذه الموارد الدولارية».

وكانت الحكومة المصرية قد أعلنت استراتيجية لبيع أصول مملوكة للدولة بداية من فبراير (شباط) الحالي في إطار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وينتظر أن يدعم هذا البرنامج عملية التكيف الهيكلي ويساهم في توليد تدفقات رأسمالية مستدامة بلا ديون تساهم في الوفاء بمدفوعات خدمة الديون الخارجية على مدى عامين قادمين، بحسب موديز.
غير أن «موديز» لاحظت أن هذه الإجراءات «سوف تستغرق وقتا قبل أن تؤدي إلى تراجع ملموس في تعرض مصر للمخاطر الخارجية». وأوضحت مؤسسة التصنيف الدولية أن قدرة الحكومة على إدارة مخاطر التضخم والاستقرار الاجتماعي «ليست مؤكدة بعد» رغم التزامها الواضح بمرونة أسعار الصرف مرونة كاملة.

في السياق ذاته، أكد الدكتور إسلام جمال الدين شوقي، الخبير الاقتصادي، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، أن إصدار وكالة التصنيف الائتماني «موديز» تقريرا بتخفيض التصنيف الائتماني لمصر إلى «B3» بدلاً من «B2»، سيتسبب في رفع سعر الفائدة على القروض الأجنبية الجديدة المتوقع حصول مصر عليها في الفترة القادمة ليس على مستوى الدولة فقط؛ بل سيمتد أيضاً إلى مؤسساتها مثل البنوك والشركات المصرية، بسبب ارتفاع درجة المخاطرة وسيطرة حالة عدم اليقين على إمكانية السداد.

وأضاف شوقي لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك التصنيف سيؤثر أيضا على تقييم إصدارات الحكومة المصرية لأدوات الدين طويلة الأجل بالعملتين الأجنبية والمحلية، وبالتالي يؤثر على جاذبية الاستثمار في أدوات الدين المصرية؛ نظرا لارتفاع المخاطرة وعدم اليقين.

ويتابع الخبير الاقتصادي القول إن تخفيض «موديز» تقييم الإصدارات بالعملة الأجنبية غير المضمونة إلى «B3»، وبرنامج إصدار السندات غير المضمونة متوسطة الأجل بالعملة الأجنبية إلى «B3»، سيتسبب في نقص السيولة والحد من انتعاشها وعدم تحسن الوضع الخارجي لمصر سريعا، وسيؤدي أيضا إلى عدم تشجيع الاستثمارات الأجنبية والحد منها، وتأخر الاستثمارات المحلية بدرجة تعرقل تطور القطاع الخاص بسبب استمرار المخاطر المتزايدة على قدرة مصر على امتصاص الصدمات الخارجية مع انحسار المساعدات الخارجية، وعدم مقدرة الحكومة على إدارة مخاطر التضخم، كما سيؤثر على قرارات مؤسسات التمويل المانحة.

وحول ما إذا كان التصنيف الائتماني الحالي لمصر سيؤثر على ثقة المؤسسات الدولية في اقتصادها، أوضح شوقي أن «الوضع لم يصل بعد إلى هذا الحد»، لكنه أضاف أن التصنيف الحالي «سيؤدي إلى ضغوط أكبر على مصر»، مشيرا إلى أن منح قروض جديدة لمصر «سيكون بشروط معقدة أو بمعدل فائدة أعلى من الطبيعي»، مما يعني الارتفاع في تكاليف الاقتراض من أسواق المال الدولية وارتفاع الفوائد على كل أنواع أدوات الدين المصري المتداولة في الأسواق المالية العالمية، مما «سيعرقل خطط مصر في طرح المزيد من السندات في أسواق المال».

المصدر/ جريدة الشرق الأوسط.

 
وأرجعت المؤسسة خفض التصنيف الائتماني إلى «B3» لـ«تراجع قدرة البلاد على استيعاب الصدمات مع انحسار المساندة الخارجية، بينما يمر الاقتصاد بتغيرات هيكلية نحو نموذج للنمو يقوده القطاع الخاص ويعتمد بكثرة على التصدير في ظل نظام مرن لأسعار الصرف».
 

كيف يؤثر تراجع التصنيف الائتماني لمصر على اقتصادها؟​


cairo-egypt-inhabitants-garbage-city-streets-his-area-bunch-ineligible-stink-138727649.jpg



«موديز» خفضت تقييم الإصدارات الحكومية على المدى الطويل

أظهر مؤشر دولي حديث تراجع التصنيف الائتماني لإصدارات الحكومة المصرية من السندات طويلة الأجل بالعملتين الأجنبية والمحلية. وخفضت مؤسسة التصنيف الائتماني «موديز إنفستورز سيرفيس»، وهي مؤسسة دولية مختصة في تحديد التصنيفات الائتمانية للدول حول العالم، تقييمها لإصدارات السندات المصرية وأدوات تمويل الدين إلى «B3» بدلا من «B2»، بحسب تقرير نشرته وكالة «بلومبرغ».
وأرجعت المؤسسة خفض التصنيف الائتماني إلى «B3» لـ«تراجع قدرة البلاد على استيعاب الصدمات مع انحسار المساندة الخارجية، بينما يمر الاقتصاد بتغيرات هيكلية نحو نموذج للنمو يقوده القطاع الخاص ويعتمد بكثرة على التصدير في ظل نظام مرن لأسعار الصرف».

وأقر المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في نوفمبر (تشرين الثاني)، اتفاقا مع مصر، تحصل بموجبه على قرض بقيمة 3 مليارات دولار ضمن برنامج يمتد لـ46 شهراً. وطالب الصندوق الحكومة المصرية بـ«اتباع سياسة مرنة إزاء تحديد سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية».

وقالت مؤسسة التصنيف الائتماني أيضا إن تنفيذ إصلاحات تعزيز القدرة التنافسية ربما يدعم قاعدة التصدير في الاقتصاد ويشجع على زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، والتي بدورها ستعزز القدرة على تحمل الدين الخارجي وتقلل بشكل مستدام من تعرض الاقتصاد للمخاطر الخارجية.

من جانبه، يرى الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي المصري، أن تقييم «موديز» يتضمن جانبين «بينهما نوع من التناقض»، على حد وصفه. ويضيف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن التصنيف يشير إلى وجود مشكلة في الوقت الراهن تتعلق بشح الموارد الدولارية، وتزايد الاستحقاقات الدولارية على مصر، ومنها سداد 10 مليارات دولار أقساطاً للديون في النصف الأول من العام الحالي، فضلا عن تراجع الدعم المالي الخارجي؛ لكنه يشير في الوقت ذاته إلى أن خطة الإصلاح الاقتصادي التي تنفذها الحكومة المصرية «ستسهم في علاج هذه المشكلات»، وبالتالي فإن تخفيض التصنيف الائتماني «يحمل قدرا من التناقض».

ويبدي عبده اعتقادا بأن تخفيض التصنيف الائتماني لإصدارات الحكومة المصرية من السندات من B2 إلى B3، «لا يمثل خطرا كبيرا»، لافتا إلى أن التحرك في فئة التصنيف الائتماني نفسها «لا يعني تراجعا كبيرا في الملاءة المالية للاقتصاد المصري»، وأن الخطر الحقيقي يكمن في الخروج بالكامل من فئة إلى فئة أخرى أقل، مثل الانتقال من الفئة A إلى الفئة B.
ويشير الخبير الاقتصادي المصري إلى أن تخفيض التصنيف الائتماني ربما يؤثر على المدى القصير على ارتفاع تكلفة الاقتراض بالنسبة لمصر، وكذلك على بعض قرارات الاستثمار، لكن هناك مؤشرات مطمئنة تتعلق بتعهد صندوق النقد الدولي ببقاء الودائع الدولارية الخليجية لدى البنك المركزي المصري، وقيمتها 28 مليار دولار حتى سبتمبر (أيلول) من عام 2026، فضلا عن قرار الحكومة المصرية التخارج من بعض الأصول وبيعها للقطاع الخاص، وهو ما يوفر حوالي 10 مليارات دولار سنويا، الأمر الذي يعني أن مصر «لن تواجه أزمات خانقة، في ظل وجود هذه الموارد الدولارية».

وكانت الحكومة المصرية قد أعلنت استراتيجية لبيع أصول مملوكة للدولة بداية من فبراير (شباط) الحالي في إطار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وينتظر أن يدعم هذا البرنامج عملية التكيف الهيكلي ويساهم في توليد تدفقات رأسمالية مستدامة بلا ديون تساهم في الوفاء بمدفوعات خدمة الديون الخارجية على مدى عامين قادمين، بحسب موديز.
غير أن «موديز» لاحظت أن هذه الإجراءات «سوف تستغرق وقتا قبل أن تؤدي إلى تراجع ملموس في تعرض مصر للمخاطر الخارجية». وأوضحت مؤسسة التصنيف الدولية أن قدرة الحكومة على إدارة مخاطر التضخم والاستقرار الاجتماعي «ليست مؤكدة بعد» رغم التزامها الواضح بمرونة أسعار الصرف مرونة كاملة.

في السياق ذاته، أكد الدكتور إسلام جمال الدين شوقي، الخبير الاقتصادي، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، أن إصدار وكالة التصنيف الائتماني «موديز» تقريرا بتخفيض التصنيف الائتماني لمصر إلى «B3» بدلاً من «B2»، سيتسبب في رفع سعر الفائدة على القروض الأجنبية الجديدة المتوقع حصول مصر عليها في الفترة القادمة ليس على مستوى الدولة فقط؛ بل سيمتد أيضاً إلى مؤسساتها مثل البنوك والشركات المصرية، بسبب ارتفاع درجة المخاطرة وسيطرة حالة عدم اليقين على إمكانية السداد.

وأضاف شوقي لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك التصنيف سيؤثر أيضا على تقييم إصدارات الحكومة المصرية لأدوات الدين طويلة الأجل بالعملتين الأجنبية والمحلية، وبالتالي يؤثر على جاذبية الاستثمار في أدوات الدين المصرية؛ نظرا لارتفاع المخاطرة وعدم اليقين.

ويتابع الخبير الاقتصادي القول إن تخفيض «موديز» تقييم الإصدارات بالعملة الأجنبية غير المضمونة إلى «B3»، وبرنامج إصدار السندات غير المضمونة متوسطة الأجل بالعملة الأجنبية إلى «B3»، سيتسبب في نقص السيولة والحد من انتعاشها وعدم تحسن الوضع الخارجي لمصر سريعا، وسيؤدي أيضا إلى عدم تشجيع الاستثمارات الأجنبية والحد منها، وتأخر الاستثمارات المحلية بدرجة تعرقل تطور القطاع الخاص بسبب استمرار المخاطر المتزايدة على قدرة مصر على امتصاص الصدمات الخارجية مع انحسار المساعدات الخارجية، وعدم مقدرة الحكومة على إدارة مخاطر التضخم، كما سيؤثر على قرارات مؤسسات التمويل المانحة.

وحول ما إذا كان التصنيف الائتماني الحالي لمصر سيؤثر على ثقة المؤسسات الدولية في اقتصادها، أوضح شوقي أن «الوضع لم يصل بعد إلى هذا الحد»، لكنه أضاف أن التصنيف الحالي «سيؤدي إلى ضغوط أكبر على مصر»، مشيرا إلى أن منح قروض جديدة لمصر «سيكون بشروط معقدة أو بمعدل فائدة أعلى من الطبيعي»، مما يعني الارتفاع في تكاليف الاقتراض من أسواق المال الدولية وارتفاع الفوائد على كل أنواع أدوات الدين المصري المتداولة في الأسواق المالية العالمية، مما «سيعرقل خطط مصر في طرح المزيد من السندات في أسواق المال».

المصدر/ جريدة الشرق الأوسط.

الصورة ناقصها عبده موته
 
أقر المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في نوفمبر (تشرين الثاني)، اتفاقا مع مصر، تحصل بموجبه على قرض بقيمة 3 مليارات دولار ضمن برنامج يمتد لـ46 شهراً. وطالب الصندوق الحكومة المصرية بـ«اتباع سياسة مرنة إزاء تحديد سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية».
 

بعد خفض تصنيفها من موديز.. هل تتجه تونس لحافة الإفلاس؟​

l 30 يناير 2023 - 15:48 بتوقيت أبوظبي

اقتصاد سكاي نيوز عربية - القاهرة


تواجه تونس أزمات اقتصادية حادة، مدفوعة بجملة من العوامل الداخلية والخارجية المتلاحقة، تعبر عنها المؤشرات الاقتصادية بالبلد الذي يعاني من "مخاطر مالية عالية" مع نظرة مستقبلية سلبية، في ضوء حالة الاختناق التي يشهدها في الوقت الراهن، وبما يرفع حجم الضغوطات الملقاة على كاهل المواطنين.

التقرير الصادر أخيراً عن وكالة موديز، عبَّرَ عن تلك الأوضاع السلبية التي يشهدها اقتصاد تونس، والتي أفضت إلى تخفيض التصنيف السيادي من CAA1 إلى CAA2 مع آفاق سلبية، في ضوء المخاطر المرتبطة بعدم المقدرة على الوفاء بالالتزامات المالية وسداد الديون الخارجية.
ومع عدم التوصل إلى اتفاق لتوقيع البرنامج التمويلي مع صندوق النقد الدولي، أشار التقرير الذي دق ناقوس الخطر بشأن الديون الخارجية للبلاد ومدى قدرة تونس على الوفاء بالتزاماتها، إلى تعرض احتياطي البلد من النقد الأجنبي لضغوطات متزايدة.









وكان وزير الاقتصاد التونسي سمير سعيد، قد ذكر في نهاية العام الماضي، أن الحكومة التونسية ليس لديها بديل عن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، مشيراً إلى أن حزمة إنقاذ بقيمة 1.9 مليار دولار لمساعدة البلاد في تلبية احتياجاتها العام الجاري 2023. ويأتي ذلك بعد أن بنت تونس موازنة 2023 على فرضية الحصول على تلك الحزمة التمويلية من صندوق النقد، طبقاً لوزيرة المالية التونسية سهام البوغديري.



نظرة مستقبلية سلبية

الخبير الاقتصادي التونسي، عز الدين سعيدان، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن خفض وكالة موديز التصنيف الائتماني لتونس إلى CAA2 مع توجه سلبي، هو الخفض العاشر على التوالي منذ العام 2011، موضحاً أن "هذا التصنيف يعني أن تونس أصبحت بلداً مصنفاً ذا مخاطر عالية، بالدرجة الـ 18 على سلم موديز الذي يحتوي على 20 درجة، والدرجة التالية ترتبط بعدم سداد الدين الخارجي، وهذا سيعني أن البلد صار بلداً متعثر".

ويشير إلى أن "هذه النظرة السلبية تعني أنه في غياب أي إصلاحات عمقية في زمن قصير جداً فإن المراجعة القادمة للتصنيف الائتماني لتونس ربما تصل بها إلى الدرجة الـ 19، ومن ثم تدخل تونس فعلاً في وضع البلد العاجز عن سداد ديونه الخارجية، وهذا سيعني أنها ستدخل في ما يسمى بدوامة إعادة جدولة الدين الخارجي".

  • بلغ حجم الدين العام أكثر من 35.5 مليار دولار (بما يشكل 80.2 بالمئة من الناتج المحلي) مقابل 79.9 بالمئة في 2021 طبقاً للبيانات الرسمية الصادرة عن وزارة المالية في ديسمبر الماضي
  • 60 بالمئة نسبة الدين الخارجية من إجمالي الدين العام في تونس، بقيمة 66.2 مليار دينار، بينما ارتفعت القروض الداخلية إلى 43.9 مليار دينار
يعكس تصنيف موديز الأخير، في تقدير سعيدان، الأوضاع السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية الصعبة جداً في تونس، كما يعكس آثار عدم توصل البلد لاتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي، رغم طول مدة المحادثات التقنية والمفاوضات التي تجرى منذ أكثر من 18 شهراً؛ بسبب تأخر الإصلاحات الاقتصادية والمالية، وهذا كله في خط متواز مع تفاقم الدين المحلي والخارجي، ما جعل تونس مصنفه بهذا الشكل كبلد ذا مديونية مشطة، وسط تشكيك كبير في قدرته على مواصلة سداد الديون الخارجية.



ويلفت الخبير الاقتصادي التونسي، في معرض حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أنه "في العام الماضي 2022 لم تسدد الدولة التونسية مستحقات الدين الخارجي للبنوك وشركات التأمين بالدينار والعملات الأجنبية، وتمت إعادة جدولة المستحقات إلى تواريخ قادمة، منها تواريخ تصل إلى العام 2033، وهذا دليل واضح على حجم الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد التونسي".

ويستطرد سعيدان: "هذا بالإضافة إلى عجز قياسي في الميزان التجاري لسنة 2022، والذي بلغ حوالي 25.2 مليار دينار (8.18 مليار دولار) وذلك مقابل 16.2 مليار دينار (5.22 مليار دولار) في العام 2021، وهذا من أهم المكونات الأساسية لعجز ميزان المدفوعات الخارجية وبالتالي التداين الخارجي".

- ووفق قانون الموازنة للعام 2023، تخطط الحكومة لتعبئة موارد خارجية بقيمة 14.8 مليار دينار (4.7 مليارات دولار)، مقابل قروض داخلية بقيمة 9.5 مليارات دينار (3 مليارات دولار)

ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن هناك تآكلاً سريعاً في احتياطي العملة الأجنبية، موضحاً أن "تونس في حاجة لاستقرار سياسي عاجل، ومؤسسات دستورية تعمل بصفة طبيعية.. لكن مع الأسف الانتخابات التشريعية الأخيرة قد بيّنت أن هناك عزوفاً عن المشاركة، بنسبة مشاركة محدودة بلغت 11 بالمئة، بما يعني أن الشعب رافض للانتخابات وربما كل المسار الجديد من دستور وانتخابات ومجلس نواب مشروعيته ومصداقيته محدودة جداً ومرفوض من عديد من الأحزاب والقوى السياسية".


وأمام ذلك يلفت الاقتصادي التونسي في الوقت نفسه إلى أن بلاده بحاجة إلى مراجعات عميقة (سياسية واقتصادية) من أجل الدخول في عملية إنقاذ شامل للاقتصاد التونسي، ولتجنيب البلد من اللجوء إلى دوامة إعادة جدولة الدين، بما فيها من صعوبات وإملاءات من الدائنين ومس للسيادة الوطنية.

تنعكس تلك الأوضاع على المؤشرات الاقتصادية بالبلد، وتلقي بظلال وخيمة على المواطنين الذين يعيشون حالة من الإحباط جراء تفاقم الضغوطات على ذلك النحو.

  • 10.1 بالمئة نسبة التضخم في ديسمبر الماضي (الأعلى منذ 40 عاماً).. وقال محافظ البنك المركزي، إنه من المتوقع أن يبلغ معدل التضخم 11 بالمئة في المتوسط خلال العام الجاري
  • كما توقع أن يبلغ عجز الحساب الجاري حوالي 8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2023 انخفاضاً من 8.6 بالمئة في 2022
  • تتوقع الحكومة التونسية خفض عجزها إلى 5.5 بالمئة العام الجاري من حوالي 7.7 بالمئة في 2022، ضمن إجراءات تقشف بهدف للتوصل لاتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي
عوامل داخلية وخارجية

من جانبه، يرجع الكاتب والمحلل التونسي نزاري الجليدي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، تأزم الوضع الاقتصادي في بلاده إلى عاملين رئيسيين (العامل الخارجي والداخلي).

وفيما يخص العامل الخارجي، يلفت الجليدي، إلى تبعات أزمة كورونا وكذلك الحرب في أوكرانيا، وجميعها عوامل خارجية انعكست آثارها بشكل واضح على اقتصاد تونس، لا سيما وأن الاقتصاد التونسي مرتبط مباشرة بالاقتصاد الأوروبي الذي يعاني بشكل لافت، مشدداً على أن ذلك العامل الخارجي يأتي على اعتبار أن البلد لا يتحرك وحده إنما يتحرك في فضاء اقتصادي جيوسياسي مؤثر.

أما بالنسبة للعامل الداخلي، فيشير الكاتب والمحلل التونسي إلى الإشكاليات الواسعة التي يُواجهها المشهد السياسي في تونس، وكذلك الوضع الاقتصادي الذي يقول عنه إنه "مرتهن بشكل كبير ببارونات الفساد والتهريب والموازنات المختلة منذ 10 سنوات تقريباً، والحسابات الفاسدة منذ تقلد الإخوان".

  • نحو خمس السكان في تونس يعيشون في الفقر
  • 12 بالمئة نسبة نمو السكان في تونس خلال العقد الماضي
  • 37.8 بالمئة نسبة البطالة خلال الربع الثالث من العام 2022
  • 18 ألف تونسي فروا عبر البحر إلى إيطاليا في العام 2022 (بخلاف ضعف هذا العدد ممن تم اعتراضهم، و580 شخصاً ماتوا أو فقدوا)
ويتابع المحلل التونسي: "تونس تعيش مخاض اقتصادي وسياسي كبير، وتواجه تحديات غير مسبوقة.. التصنيف الائتماني الأخير ليس بغريب، ويأتي كنتيجة للرهانات الخاطئة للإخوان الذي أغرقوا البلد في المديونية والفساد والتجارة الموازية، وبما قاد إلى الإخلال بالمعاملات الدولية وتسديد القروض، وبما جعل البلد مرتهناً لقروض دولية وهبات صرفت في غير مسارات التنمية".

ويختتم حديثه بقوله إن "الوضع هزيل جداً بالنسبة للاقتصاد التونسي الذي هو بات على شفا حفرة من السقوط، بينما يبقى هناك أمل باعتبار أن تونس دائماً ما تتميز بفضاء دبلوماسي اقتصادي واسع، انطلاقاً من كونها تمتلك جغرافيا استراتيجية مهمة، وتشكل عاملاً للربط بين أفريقيا وأوروبا، بينما تلك الأخيرة تحتاج الآن بشكل كبير لدول أفريقيا.

 
عودة
أعلى