من المنظور الصيني، شكلت اليابان تاريخياً تهديداً كبيراً، فغزوات هدى يوشى Hideyoshi الفاشلة لكوريا في القرن السادس عشر كان القصد منها توفير مساحة تمهيدية لحرب التغلب على الصين. في نهاية القرن التاسع عشر، وبعد أن شكلت نفسها حسب نمط القوى الإمبريالية الغربية، بدأت اليابان في فرض نفسها على قارة آسيا بهزيمة الصين وروسيا الضعيفتين، وضم كوريا، وإقامة دولة صورية في شمال شرق الصين.
ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية أصبحت اليابان مركز الوجود الأمريكي في المنطقة والمضيفة لعدة قواعد عسكرية أمريكية
فأن استراتيجية الصين الأمنية مثل باقي الدول تعتمد على نظرة القادة للوضع الدولي والتهديدات الموجهة لأمن الصين... قبل عام 1985 كان القادة الصينيون يروجون شعارات سياسية مثل.. "كونوا مستعدين لمواجهة حرب عظمى.. كونوا مستعدين لمواجهة الدمار.. كونوا مستعدين لضربة نووية.." وعلى أساس هذه الشعارات شكلت السياسات المحورية التى أثرت على السياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية والشخصية للشعب الصيني في السبعينات الذى كان بالفعل في حالة الاستعداد لمواجهة حرب.
إلا أنه فى سنة 1985 تخلى القادة الصينيون عن فكرة الحرب واعتنقوا استراتيجية جديدة سجلت فى تقرير "تغيرات استراتيجية لأفكار ارشادية لبناء الدفاع القومي والقوات المسلحة". والذى أعد هذا التقرير وأذاعه رئيس المجلس العسكري المركزي دنج زابوينج فى مؤتمر المجلس العسكرى المركزى فى مايو 1985 . وقد كان هذا المؤتمر علامة أساسية في استراتيجية جديدة تماماً للتخطيط الأمنى للصين، هذا التغير ارتبط برفض العداء بين الصين وكل من القوتين العظميين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة.
وقد أعربت القيادة الصينية عن اعتقادها أن نشوب حرب كونية في القرن العشرين أمر بعيد الاحتمال خاصة بعد بوادر الانفراج بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وايضاً بسبب الصعوبات الداخلية لديهم. إن الصينيين يعتقدون في أنفسهم أنهم يستطيعون التركيز على التحديث على المدى البعيد وذلك يشمل كلاً من الاقتصاد والتخطيط الاستراتيجي العسكري .
التغيرات السريعة فى النظام العالمي
موقف القياده الصينيه
برغم أن القادة الصينيين قد تخلوا عن فكرة الحرب إلا أنهم لا ينفون إمكانية وقوعها، ومع أن الصين رحبت بانتهاء الحرب الباردة، إلا ان ذلك لا يعنى أن العالم سوف يصبح أكثر أمنا وسلاماً. إن غزو العراق للكويت وحرب الخليج دلائل على احتمال حدوث حرب عالمية على المدى البعيد. ويذهب القادة الصينيون فى التشاؤم لأبعد من ذلك إذ يعتقدون أن الفترة ما بعد الحرب الباردة قد يسودها عدم استقرار وقلاقل. إن رئيس وزراء الصين لي ينج أعلن فى مجلس الشعب الصينى 1991 قلق الصين وتشاؤمها من الوضع العالمى الحالي. وختم كلمته بقوله "إن النموذج العالمي القديم قد وصل الى نهايته والنموذج الجديد لم يأخذ مكانه بعد. والاتجاه الآن هو نحو تعدد الأقطاب..." القوى المتعددة" أصبحت المشاكل القديمة تقابلها مواجهات وتحديات جديدة ولكي يدلل على قوله هذا أشار إلى الركود الاقتصادي الذى يواجهه الاقتصاد والمنافسة الدولية الشديدة، والمشاكل بين الشمال والجنوب، والخلافات الإقليمية التى نشبت بسبب القضايا القومية.
هذه التصورات عن الأوضاع غير المستقرة فى العالم جعلت القيادة الصينية تقدم على إيجاد فرصة لاستقرار الصين.. وعندما سئل كيان كيشين وزير الخارجية، ماذا يعني بالبيئة الدولية الملائمة؟ أجاب:
بعد نهاية النظام العالمي ثنائي القطبية، فإن فرصة حدوث حرب عالمية قد تضاءلت، إن الإقليم الآسيوي الباسفيكي يعتبر اكثر استقراراً من دول اخرى. إن شرق آسيا قد اصبح اكثر الاقاليم ديناميكية فى الاقتصاد العالمي. إن العلاقات الصينية مع البلاد المجاورة مستمرة فى النمو وايضاً علاقاته مع دول العالم الثالث.
إن كثيرا من دول العالم عرفت أنه كلما كانت الصين مستقرة، ازدادت فرص السلام. كما أن اقتصاد الغرب الآن فى حالة ركود لذلك لايمكن تجاهل السوق الصينية.
وبعكس النظرة المتشائمة للقيادة الصينية فقد كان الوزير كيان كيشين متفائلاً بالنسبة لتقدم الإقليم الآسيوي الباسيفيكى، وقد اشترك الأساتذة الصينيون للشؤون الدولية فى مؤتمر عن الوضع العالمى فى سنة 1991- وقد عقد فى بكين فى ديسمبر من نفس العام حيث أجمع الأساتذة والاستراتيجيون منذ بداية الجمهورية الشعبية، على أنه قد تم:
تطبيع العلاقات الصينية الروسية والصينية اليابانية.
تحسن فى العلاقات الروسية اليابانية ومشكلة الأراضي الشمالية (الجزر اليابانية التى احتلتها روسيا سنة 1945)
نمو سريع فى علاقات الصين بمنطقة جنوب شرق آسيا.
تطبيع العلاقات مع فيتنام وتسوية المسألة الكمبودية.
تضاؤل الصراع على الصحراء الكورية وزيادة التعاون فى الاقتصاد الإقليمي.
التهديدات التى تواجه الأمن الصينى:
لمدة أربعة عقود منذ تأسيس الجمهورية الشعبية الى منتصف الثمانينات
كان الخطر الرئيسي يتمثل فى الولايات المتحدة فى الخمسينات، والاتحاد السوفييتى في الستينات وحتى منتصف الثمانينات، ومنذ ذلك الحين تضاءل خطر القوتين العظميين ولم تعودا تشكلان تهديداً جوهرياً للصين.. ويرجع ذلك إلى التغيرات الاستراتيجية، وبرامج التحديث والإصلاح والتغيرات فى السياسات الداخلية والخارجية التى حدثت فى الاتحاد السوفييتي خاصة التقارب السوفييتى الصيني. فى الماضى ظهرت مدرستان تعبران عن وجهتي نظر بين الاستراتيجيين والأساتذة والعسكريين عمن الذى يشكل الخطر الحقيقي للأمن الصيني. هاتان المدرستان هما: الأولى الاتحاد السوفييتي- روسيا، والثانية الشرق- الجنوب الشرقي.
والمدرسة الاولى تؤكد على أن الاتحاد السوفييتي- روسيا الآن سوف تظل الخطر الرئيسي للأمن الصينى برغم تضاؤل قوتها وقدرتها بشكل ملحوظ وبرغم وجود دول أخرى مثل اليابان يمكن أن تهدد الأمن الصينى أيضاً.
السلم ضرورة فى المنطقة إذا ما أرادت الصين أن تنتهج سياسة التحديث:
إن استراتيجية الأمن الصيني تنبع من جهود الصينيين من أجل التحديث.. إن التحديث هو حلم الصين منذ القرن التاسع عشر فهو هدفها القومي الأول. هذا الهدف بدأ في أواخر السبعينات وتحاول الصين أن تضاعف إنتاجها القومي.
لا أحد يختلف على أنه يجب على الصين أن تستمر فى برامج التحديث.. إلا أن هناك بعض الاختلافات حول كيفية إنجاز هذا التحديث. الناس خارج الصين وداخلها يرون طريقين مختلفين للانفتاح، أو عن طريق أكثر تحفظاً وهو استمرار الدولة فى التخطيط والسيطرة على الاقتصاد والمجتمع، هذا الطريق الذى تختاره الصين سوف يستند الى ثلاثة عوامل: سياسة دولة الصين بعد دنج، وموقف الجيش ومدى النمو الاقتصادي.
المرحلة ما بعد زعامة دنج: إن السياسيين الغربيين والأستاذة الى جانب كثير من الصينيين يتنبأون بحدوث فوضى فى الصين بعد موت دنج الذى يبلغ من العمر تسعة وثمانين عاماً، بسبب الصراع بين المحافظين والمصلحين. إلا أن الآراء تجمع على أن احتمال حدوث فوضى او حرب أهلية هو احتمال بعيد.
الجيش: منذ أواخر السبعينات ودور الجيش كقوة سياسية سلبي للغاية، وسوف يستمر وضع الجيش الصيني على أنه قوة سياسية سلبية تناصر أو تساند القيادة القوية فى حزب الدولة. فقد ساند الجيش دنج فى حادث ميدان تينانمن لأنه كان أقوى رجل فى الدولة فى ذلك الوقت، وإذا كان هناك شخص أقوى منه ربما كان سانده الجيش.
لقد فقد القادة العسكريون هيبتهم وقوتهم فى اتخاذ المبادرات فى السياسة الصينية. بعد الرئيس الراحل يانج نجكن، لا يوجد قائد عسكرى آخر تفوق على القادة المدنيين الذين اعتلوا مناصب رفيعة خلال الثورة الشيوعية الصينية، وذلك يرجع الى ان القادة من رجال الجيش اذا اتخذوا اية مبادرات سياسية فسيكونون محل تساؤل من الشعب الصينى. ان الجيل الجديد من ضباط الجيش قد تلقوا تعليمهم العسكرى دونما خبرة على القتال والحرب، لذلك فهم لديهم افكار قوية وحاسمة تجاه مهمتهم العسكرية ولا يرحبون بأن يتورطوا فى السياسة، وقد كان حادث تينانمن اكبر دليل على ذلك.
ان الجيش الصينى ليس بالضرورة قوة محافظة. إلا انه أضير من جراء الاصلاحات برغم أنه استفاد منها بعض الشيء فقد اصبح لديهم الفرصة فى تبادل العلاقات والخبرات مع الجيوش الأجنبية وامتلاك اسلحة متطورة كما أنهم على علم بأن الاصلاحات سوف تجيء بفرص افضل فى مستوى المعيشة. ان العالم بعد انتهاء الحرب الباردة يركز على المنافسة الاقتصادية وليس العسكرية، والامن القومى سوف يشمل القضايا الاقتصادية والتكنولوجية الى جانب العسكرية.
الصين واستراتيجيات التعاون الأمنى:
اصبحت الاستراتيجية الأمنية للصين تعتمد على اقامة علاقة صداقة وحسن جوار مع الدول المحيطة بها، وانعكس ذلك على الاستراتيجية العسكرية للصين، فأصبحت تعتمد على مبدأ الدفاع عن النفس "بدلاً من اعتماد مبدأ" السعى وراء العدو واللحاق به وتدميره " الذى كان متبعاً فى الماضى، وبعد ان اعتمدت المبادئ الخمسة في صياغة علاقاتها مع الدول المجاورة (مثل الهند فى الخمسينات)، فإنها تحولت فى الثمانينات الى مبدأ الدفاع الإيجابى فى ظل علاقات الصداقة وحسن الجوار، ثم أكدت هذا المبدأ فى العام 1993 اعتماداً على اتساع نطاق المناخ السلمى المحيط بالصين.
والى جانب ذلك تبدي الصين اهتماما عميقاً بالعلم والتكنولوجيا على اعتبار أنهما يمثلان قوى الإنتاج الأساسية، وبعد أن اصبح هذان العاملان (العلم والتكنولوجيا) بمثابة العوامل التى تحسم قضايا النمو الاقتصادى، كما اصبحت تكلفة التطور التكنولوجى هى التكلفة الرئيسية للإنتاج فى التسعينات، فإن اهتمام الصين بالتجربة الغربية التى اثبتت أن الدور الذى تلعبه التكنولوجيا في زيادة عائد الاستثمارات لا يمكن مقارنته بأى شيء آخر، وأن تنامى التطور التكنولوجى كان هو السبب فى الحفاظ على معدل النمو الاقتصادى الضخم فى الدول المتقدمة. قد تضاعف على نحو ملحوظ، وفى غمرة ذلك الاهتمام تبدو مشكلة الزيادة السكانية كواحدة من أهم العقبات التى تحول دون التوصل الى نتائج ملموسة فى وقت قصير، ولما كان من الصعب على الصين -بل من المستحيل- أن تجعل اقتصادها يتقدم سريعا من خلال زيادة معدلات الإمداد بالموارد الطبيعية، فان رفع مستوى المكون التكنولوجى فى هذا الاقتصاد هو الحل الاكثر مناسبة، وذلك سوف يحتاج ادخال تحول جذرى على اسلوب ادارة الاقتصاد الصينى حتى العام 2010 بحيث يصبح اسلوب ادارة موجها Intensive Manage ment بدلاً من اسلوب الادارة واسع النطاق Extensive Management الذى كانت الصين تتبعه -ومازالت- فى كثير من القطاعات.
ومن ناحية اخرى تريد الصين ان يعتمد نموها الاقتصادى بدرجة اكبر على التطور التكولوجى بحيث لا تكون هناك حاجة لتوسيع نطاق المصادر عبر البحار التى تعتمد عليها الصين لإمداد ودعم قواتها العسكرية. ويؤكد ذلك حقيقتين أولاهما: أن الصين تريد أن تحقق مبدأ الاكتفاء الذاتى القائم على التطور التكنولوجى فى غضون 15 عاماً وثانيتهما: ان كل الجهود التى تبذلها الصين تصب فى اتجاه واحد هو اتجاه تحديث القوة العسكرية. والى جانب ذلك تريد الصين فى غضون الفترة نفسها ان تستبدل استراتيجية حماية الامن الاقتصادى للبلاد بسياسة توسيع القنوات القادرة على استيعاب المزيد من التكنولوجيات الاجنبية المتطورة من أجل تنمية التطور التكنولوجى الذاتى للصين.
وتتشابه الصين مع دول اخرى كثيرة فى تأثيرها البالغ بموقعها الجغرافى، ولكن تتميز الصين بأن لها 15 دولة جارة على البر و6 دول فى البحر، وفى ظل ظروف ما بعد الحرب الباردة اصبح الواقع يحتم على الصين، ان تجعل من اولوياتها الاستراتيجية تطوير علاقات تعاون أمنى ثنائية مع الدول المجاورة، ولما كان من الصعب جمع كل هذه الدول المجاورة للصين -وهى الدول التى تنتمى الى اقاليم مختلفة في آسيا- فى اتفاقية أمنية واحدة، كما ان المشاكل القائمة بين الصين من ناحية وهذه الدول من ناحية اخرى تختلف فى طبيعتها من دولة الى اخرى، لذلك فإن مبدأ التعايش السلمى مع الدول المجاورة هو المبدأ الذى يحكم علاقات الصين حالياً مع الدول المجاورة، وربما استطاعت الصين بعد 15 عاما (وذلك عندما تتمكن الصين من تحديث القوات المسلحة) ان تقدم مزيدا من الدعم للدول المجاورة تأسيساً على قواعد التعاون الامنى الثنائي، ويؤكد ذلك مرة اخرى ان الصين تعتبر ان القوات المسلحة الصينية هى الادارة المثلى لتقوية علاقاتها الخارجية مع الدول المجاورة، ولذلك ينبغى ان تحظى هذه القوات بأعلى قدر من الاهتمام على مستوى الحكومة المركزية.
والى جانب اهتمام الصين بعلاقات التعاون الامنى الثنائى مع الدول المجاورة، فإنها تسعى لكي توسع من نطاق اهتمامها بآليات التعاون الامنى متعدد الاطراف، وتعتبر الصين أن التطور السريع فى هذه الآليات فى عدد من المناطق فى العالم (وبصفة خاصة بين شرق اوروبا وغرب اوروبا) هو افضل تطور أفرزه انتهاء الحرب الباردة. وفى عام 1993 شاركت الصين فى مؤتمر بناء اجراءات الثقة واقامة البنية الأمنية فى المحيط الهادى الآسيوى، وبعد أن عقد منتدى الآسيان الاقليمى ARF اولى جلساته فى العام 1994 وشاركت فيها الصين فإنها وضعت خمسة مقترحات لتنمية التعاون الامنى متعدد الاطراف ملخصها كالآتى:
إقامة علاقات صداقة -حل المنازعات بالطرق السلمية- عدم التورط سواء فى سباق تسلح او نشر الاسلحة النووية- تشجيع الحوار حول حل القضايا الامنية- توسيع نطاق الثقة المتبادلة.
وفي الوقت الذى تبدو فيه هذه المقترحات جيدة لوضع اساس تعاون امنى متعدد الاطراف في منطقة المحيط الهادى الآسيوى بأقاليمه المختلفة، فان ممارسات الصين فى الآونة الأخيرة مع تايوان -برغم أنها تعتبر فى نظر الصين على الأقل أزمة داخلية -جعلت دولاً كثيرة من دول منتدى الآسيان الإقليمى تشكلت فى حقيقة النوايا الصينية المستقبلية، ومما ضاعف من تلك الشكوك أن الصين أعلنت عزمها إقامة آليات تعاون أمنى متعددة الأطراف بحلول عام 2010 بعد أن تتنامى قدرات الصين القومية، وتضطلع بمهام حماية الامن الاقليمى وهو الامر الذى تعتبره إحدى مهامها فى ذلك الوقت، وربما تطلب الامر ان تدعم الصين فكوة عدد من الآليات الأمنية الفرعية فى المنطقة، إحداها فى شمال شرق آسيا، والثانية فى جنوب شرق آسيا، والثالثة في جنوب آسيا، والأخيرة فى آسيا الوسطى. ومن الواضح أن ذلك يعكس الطموحات الصينية فى أن تصبح بكين محوراً للإقليم بغض النظر عن وجود اى قوى اخرى ذات مصالح فى هذه المنطقة الحيوية من العالم، وبالاضافة الى ذلك تعتبر الصين ان "تنامى قدرات الصين القومية، واضطلاعها بمهام حماية الامن الاقليمى" من بين مهامها المستقبلة، وهذه المهام لا يمكن ان يتم تنفيذها ما لم تصبح القوة العسكرية الصينية كافية وقادرة على حماية عمليات وآليات تحويل ذلك الى واقع عملى.
مقارنة الانفاق الدفاعى الصيني:
تتوقع الحكومة المركزية الصينية أن يكون معدل نمو القوة العسكرية للصين خلال الخمسة عشر عاما القادمة اقل من معدل النمو الاقتصادى الصينى، وفى العام 1994 كان الانفاق الدفاعى الصينى يمثل نسبة 1.3% من اجمال الناتج المحلى، وفى حالة ما اذا نجحت الصين فى تحقيق معدل نمو سنوى نسبته 8% خلال الخمسة عشر عاماً القادمة، وقامت بزيادة انفاقها الدفاعى الى ما قيمته 2% من اجمالى الناتج المحلى، فإن ذلك الانفاق سوف لن يتعدى 40بليون دولار فى العام 2010، وهو ما يقل عن الانفاق الدفاع اليابانى فى العام 1994، وتأسيساً على ذلك فإن اجمالي الانفاق الدفاعي الصيني خلال 15عاما سوف يصل الى 365.2بليون دولار وهذا يزيد بنسبة 31% عن الانفاق الدفاعى للولايات المتحدة فى سنة واحدة، وفى ظل هذا القدر من الانفاق المنخفض نسبياً، لا يتوقع المهتمون بشئون الدفاع فى الصين ان تصبح القوات المسلحة الصينية ذات قدرات هجومية عبر المحيطات، ولكنه ليس صحيحاً على اطلاقه بالنسبة للدوائر الاقليمية التى تعمل عبرها القوات المسلحة الصينية، وتعد المناورات الصينية قبالة سواحل تايوان فى مارس 1996 أكبر دليل على ذلك.
وفى الوقت الحالي يعد مستوى التقدم التكنولوجى للقوات المسلحة الصينية متخلفاً عن مستوى القوات المسلحة الامريكية بما يعادل 40عاماً. واذا استطاعت القوات المسلحة الصينية ان تنجز ثلاثين عاما من التطور التكنولوجى خلال الفترة حتى العام 2010، فإن مستواها فى ذلك الوقت سوف يصبح معادلاً لمستوى القوات الأمريكية فى حقبة الثمانينات، ولكن اذا قارنا المستوى التكنولوجى للقوات المسلحة الصينية بالمستوى التكنولوجى للدول المحيطة بالصين (الهند، باكستان، كازخستان، فيتنام.. الخ) فاننا نلاحظ ان الصين تتساوى (ان لم تكن تتفوق) على كثير من هذه الدول، والى جانب الإمكانيات البشرية الهائلة لدى الصين وضخامة حجم الجيش الصينى (2.75 مليون رجل)، فإن الصين تستطيع أن تقاتل في معركة طويلة الامد اعتماداً على القدرات الصينية الكامنة.
ومن أبرز التوجهات الصينية فى مجال الانفاق الدفاعى، ذلك الذى يسعى إلى بناء جيش اصغر حجماً ولكنه افضل فى قدراته وإمكانياته، ويعنى ذلك أن تعداد الجيش الصينى سيكون اقل مما هو عليه الآن خلال الخمسة عشر عاماً القادمة، وفى غضون السنوات الاربع الماضية قامت القيادة الصينية بتحويل أعداد كبيرة من افراد القوات الصينية الى قطاع الشرطة المسلحة، ولكن هذا التوجه لن يكون تطبيقه أمراً سهلاً ما لم تشهد الصناعات الدفاعية الصينية التطور اللازم لدعم هذه القوات، ولذلك تضع السياسة الدفاعية هدف اقامة صناعات دفاعية صينية متطورة على رأس قائمة الأولويات المطلوب من عملية البناء الاقتصادى للصين أن تحققها خلال الخمسة عشر عاما القادمة. ويعنى ذلك أن عملية البناء الاقتصادى لا تهدف الا لإقامة صناعات دفاعية متطورة تكنولوجيا، وان اى اهداف اخرى تأتى تالية لذلك الهدف وربما كانت لا ترقى فى اهميتها اليه بأي حال، وفى الوقت ذاته تحرص الصين على الاستفادة من التجربة السوفييتية فى مجال الصناعات الدفاعية، ولذلك تصر القيادة الصينية على ان تكون الصناعات الدفاعية الصينية قابلة للتحويل الى الصناعات المدنية والعكس صحيح، وفى العام 1994 كانت نسبة انتاج المنتوجات المدنية الى نسبة انتاج المنتوجات العسكرية فى المجتمع الدفاعى الصينى كنسبة 80% الى 20%، وما لم يحدث تغير فى الموقف الإقليمي، فإن هذه النسبة ربما لا تشهد أى تغيير، وعموماً تعد نسبة انتاج المنتوجات العسكرية (20%) نسبة عالية بالنظر الى ضخامة المجمع الصناعى الدفاعى الصيني الذى يعمل به حوالى 4.9مليون عامل.
بيع الأسلحة الصينية :
حرصت الولايات المتحدة، منذ بضعة اعوام، على إدخال الصين فى سلسلة من الاتفاقات والتعاقدات البيئية التى تجنب الولايات المتحدة مخاطر الانعكاسات السلبية لانتشار تكنولوجيا السلاح الصينية، ففى اكتوبر 1994 وقعت الصين والولايات المتحدة اتفاقا يقضى بالحد من انتشار تكنولوجيا الصواريخ الصينية فى مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة ضد الصين منذ اغسطس 1993 .
كما وقع البلدان اتفاقاً آخر فى اكتوبر 1994 ايضاً للتعاون فى تحويل شركات الاسلحة والمعدات العسكرية الى صناعات مدنية، كما ابدت الولايات المتحدة الحرص على اكتساب تأييد الصين للاتفاق الامريكى مع كوريا الشمالية حول برنامجها النووى.
لكن أهم نقاط الخلاف فى الاعوام الاخيرة تمثل فى مبيعات السلاح الصينية لباكستان وايران. فوفقا لتقارير امريكية، فإن الصين زودت ايران بتكنولوجيا من شأنها ان تطور الترسانة النووية الايرانية من خلال مساهمتها فى اقامة مفاعلين يعملان بالمياه الثقيلة فى ايران، وتزويدها بمنظومات توجيه الصواريخ، ووفقاً للتقارير الامريكية ايضا، فان الصين زودت باكستان بأجزاء صواريخ يمكن استخدامها فى تصنيع الصواريخ الباكستانية من طراز ام 11 .
وقد رفضت الصين تلك التقارير، وأكدت عدم مخالفتها للقانون الدولى، وحين تسربت معلومات عن تعهد صيني بعدم بيع مفاعلات نووية لإيران، اسرع وزير الخارجية الصيني الى نفي الالتزام بتعهد من هذا القبيل، مؤكدا سريان صفقة بيع المفاعلات النووية الصينية لإيران. كما رفضت الصين طلباً امريكياً بعدم تزويد باكستان بمعدات حساسة فى المستقبل اثناء المباحثات بين مسئولى البلدين فى مارس 1996 .
تحديث المؤسسة العسكرية الصينية
تراقب الولايات المتحدة تنامى قوة الجيش الصيني على اثر خطط التحديث العسكرية الصينية وتزايد الانفاق العسكرى وواردات السلاح والتكنولوجيا الروسية والغربية بما زاد من التطور النوعى للمؤسسة العسكرية.
فخلال الاعوام الخمسة الماضية ازداد الانفاق العسكرى الصينى بما يعادل 40% وطبقاً لإحصاءات المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية، فان الصين ثالث دولة فى العالم من حيث حجم الانفاق العسكرى، وتوضح خطط الحكومة الصينية استمراراً في هذا النهج، ففي الدورة الرابعة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، عرض (لي بنج)، رئيس الوزراء الصيني، الخطة الخمسية التاسعة لبلاده 2000/96 تضمنت ميزانية 1996 زيادة تصل الى 9.9% فى الانفاق العسكرى.
وكانت الصين قد خفضت قواتها المسلحة فى عام 1990 بنسبة 25% ليصل الى 3.2 مليون جندى مقابل 4.24مليون عام 1987، ووصل التخفيض التالى للقوات المسلحة بعدد القوات الى 2.5مليون، وذلك بهدف الاهتمام بتحديث المؤسسة العسكرية وتحسين نوعيتها كما مكّنتها الصفقات العسكرية مع روسيا من حيازة تكنولوجيا الصواريخ المتقدمة والغواصات والطائرات الروسية عالية التكنولوجيا.
ورغم ان السياسيين الامريكيين لا يزالون يرون ان الصين لم تصل بعد الى الوضع الذى تستطيع به التأثير على المصالح الامريكية او تهديدها، إلا ان بعض الاستراتيجيين الامريكيين ينظرون الى الصين كتهديد محتمل للمصالح الامريكية فى الباسيفيكى على المدى البعيد، وربما خلال 10 او 15سنة، ومما يضاعف من المخاوف الامريكية تنامى دور الجيش فى السياسة الصينية بعد ضم نسبة كبيرة من كبار الضباط الى اللجنة المركزية التى تمثل الهيئة القيادية للحزب الشيوعي، بما اصبحوا معه يمثلون ربع عدد اعضاء اللجنة البالغ عددهم 190 عضوا.
اسرائيل والصين.. تقارب استراتيجي:
أثيرت بالمحافل السياسية والاكاديمية الاقليمية والدولية فى الفترة الاخيرة عدة تساؤلات حول أهمية صفقة السلاح الصينية -الاسرائيلية التى ابرمت عند زيارة الرئيس الصيني جيانج زيمن التاريخية لإسرائيل فى شهر ابريل 2001م التى استغرقت 4 ايام ، فقد لقيت زيارة الرئيس الصيني لتل ابيب صدى واسعاً، اختلف بين الترحيب والمساندة من جهة والمعارضة والاحتجاج من جهة اخرى، فبينما رحبت الاوساط الاستراتيجية والسياسية الاسرائيلية والصينية بصفقة الاواكس لكونها خطوة ايجابية ومهمة نحو تعزيز علاقاتهما العسكرية، لاقت الدولتان معارضة واضحة وصريحة من اطراف اقليمية ودولية معينة لاسيما من الجانب الامريكى الذى سعى جاهدا للحيلولة دون إبرام الصفقة وسوف يتطرق هذا البحث الى نقطتين هامتين::
أولاً: مضمون الصفقة:
تشمل الصفقة ثمانى طائرات يبلغ اجمالي ثمنها مليارى دولار بمعدل 250 مليون دولار للطائرة الواحدة، وهى طائرات نقل روسية الصنع من طراز اليوشن -76 قامت اسرائيل بتزويدها باجهزة رادار واستطلاع وانذار متقدمة Warning Radar Systems Sophisticated Early من طراز فالكون المماثل لنظام الرادار الامريكى المعروف باسم اواكس Warning ans Control Systems(AWACS) Airborne. بحيث تستطيع الطائرة أن ترصد 60 هدفاً مختلفاً على مدى 250 ميلاً، ويروج خبراء عسكريون إسرائيليون ان نظام الرادار الاسرائيلى اكثر كفاءة من مثيله الامريكى وقد وافقت الصين خلال زيارة وزير الدفاع الاسرائيلى لبكين منذ 20 شهرا على شراء طائرة واحدة فالكون مع الأخذ فى الاعتبار انه يمكن زيادة الطلب بمقدار ثلاث طائرات اخرى ثم يرتفع العدد الى ثمانية فى وقت لاحق. وقد وقعت هذه الصفقة قبل خمس سنوات بعد اتصالات طويلة تضمنت ايضاً زيارة من جانب رئيس الحكومة الإسرائيلية الاسبق اسحاق رابين لبكين، وابلغت بكين تل ابيب قبيل عدة اشهر انها تريد اتمام الصفقة الآن. وقد تم ذلك بالفعل ابان زيارة الرئيس الصيني لاسرائيل فى شهر ابريل. وتعتبر هذه الصفقة اهم الصفقات التى ابرمت بين الجانبين الصيني والاسرائيلي منذ ان خرجت العلاقات بين الطرفين الى العلن واقامة علاقات دبلوماسية وتبادل السفراء فى 24 يناير 1992، نظرا لتأثيرها المتوقع على العلاقات الصينية - العربية والاسرائيلية الامريكية والصينية- الامريكية، فضلا عن احتمالية تأثيرها على موازين القوة فى جنوب آسيا، وعلى وجه الخصوص على قضية الصين -تايوان.
ويلاحظ المراقبون العسكريون ان العلاقات العسكرية الاسرائيلية -الصينية أخذت فى التنامى، لاسيما مع بداية عقد السبعينات، فقبل السبعينات، شهدت الدولتان فتورا واضحاً وكانت طبيعة العلاقات تتسم بالتردد والتراجع، لاسيما من الجانب الاسرائيلي وذلك لعوامل عدة، منها:
قيام وزارة الخارجية الاسرائيلية فى يناير 1950 بإصدار اعتراف قانونى وكامل بالصين الشعبية التى لم تبادل اسرائيل الاعتراف نفسه.
حرص اسرائيل على تفادى التوتر فى علاقاتها مع الولايات المتحدة من جراء تقاربها مع الصين لاسيما ابان الحرب الباردة واشعال الحرب الكورية فى مطلع الخمسينات.
وجود علاقات وثيقة ونشطة بين الصين والدول العربية لاسيما في عقد الستينات، حيث ابدت الدوائر الصينية تأييدا لنضال الشعب الفلسطينى كما ساندت الصين كفاح الجزائر فى سبيل الحصول على الاستقلال.
ولكن فى مطلع السبعينات ظهرت بوادر الانفتاح بين بكين وتل ابيب، وشهدت العلاقات الصينية -الاسرائيلية نقلة نوعية ومن اسباب ذلك:
قيام الصين بتأييد مبادرات السادات وكامب ديفيد ومساندتها للحل السلمى للقضية الفسطينية مما مهد الجو للتقارب للحل السلمى للقضية الفلسطينية وبدء حوار افضل مع الاسرائيليين.
تنامى التفاهم التدريجي بين الصين والولايات المتحدة الامريكية انطلاقا من الالعاب الرياضية بما عرف بسياسة "البينج بونج"-الامر الذى وجدت اسرائيل معه ان طريق التقارب مع الصين اقل شائكية.
تبنى الصين فى اواخر السبعينات سياسة الانفتاح الاقتصادى التدريجى وسعيها لتحسين مظهرها الدولى من خلال تحسين وتقارب علاقاتها مع الدول المختلفة.
ومن ثم انعكس التقارب الاسرائيلى - الصينى منذ السبعينات على علاقتهما العسكرية وذلك على النحو التالى:
ففي يونيو 1975، قامت سبع شخصيات صينية بزيارة الجناح الاسرائيلي فى معرض الصناعات الجوية في باريس وأبدوا اهتمامهم بطائرة "الكفير" الاسرائيلية التى عرضت لاول مرة.
وفى اوائل الثمانينات، عقدت الصين صفقة عسكرية مع اسرائيل قيمتها مليار دولار حصلت بموجبها على 54 طائرة "كفير" ودبابات من نوع "ميركافا" وصواريخ "جبراييل" بالاضافة الى اجهزة الكترونية متنوعة.
وفى عام 1985، ابرمت اول صفقة علنية بين اسرائيل والصين واصبح المجال العسكرى والصفقات العسكرية القاعدة الرئيسية للعلاقات.
وفى ديسمبر 1986، اقدمت الصين على خطوة ايجابية لتعزيز العلاقات العسكرية من خلال المعارض والاسواق الدولية ووجهت الدعوة الى رئيس كلية السلاح الجوى الاسرائيلى لزيارة بعض المعارض.
ثانياً: الأهداف والمصالح في اتفاقية التسليح الأخيرة:
لاشك ان وراء صفقة السلاح الاخيرة اهدافا مختلفة ومصالح مشتركة تجمع الدولتين -يمكن تحليلها فى النقاط التالية:
المصالح الإسرائيلية:
التقارب مع الدول العظمى:
يؤكد المؤشرات الاقتصادية والعسكرية ان الصين ستصبح من اهم الدول ذات التأثير العالمى في القرن الحادى والعشرين، وبالتالى ترى اسرائيل ان من مصلحتها المباشرة ان تستثمر كل الفرص المتاحة لها للتقارب مع الصين بما قد يخدم اسرائيل على المدى البعيد. ويلاحظ فى النهج الاسرائيلي انه يسعى دائما الى توطيد علاقاته مع الدول العظمى ذات التأثير الدولى. فقبل قيام دولة اسرائيل عام 1948 كان الصهاينة يسعون دائماً الى التقارب مع انجلترا -الدولة العظمى آنذاك- وبالفعل اسفر هذا التقارب عن اصدار وعد بلفور عام 1917 ثم تطورت العلاقات الاسرائيلية لتكون في الاتجاه الامريكى الذى تربع على عرش السياسة الدولية ابتداء من السبعينات. واليوم تأتى صفقة السلاح الاسرائيلية- الصينية تجسيدا واضحا للنهج الصهيوني الذي يراهن دائما على التقارب مع الدول العظمى ذات القوة الديناميكية الواعدة مستقبلا.
رسالة للولايات المتحدة:
يرى مراقبون سياسيون ان صفقة السلاح الاخيرة تأتى بمثابة رسالة غير مباشرة للولايات المتحدة لتأكيد استقلالية اسرائيل وحقها المشروع في اتخاذ القرارات المناسبة والموائمة لمصالحها الخاصة.
امتناع الصين عن ممارسة الضغط على اسرائيل:
ترى اسرائيل ان اتمام صفقة الصلاح مع الصين قد يمنع الاخيرة من منطلق الواجب الادبى عن ممارسة المزيد من الضغط على اسرائيل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وعملية السلام. فالصين اصبحت دولة عظمى وتتمتع بحق الفيتو بمجلس الامن، وبالتالى امتناع الصين عن ممارسة ضغط على اسرائيل يفيد المفاوض الاسرائيلي بشكل كبير.
د- مراقبة صفقات السلاح للدول العربية المجاورة:
أعلن ديفيد ليفى وزير خارجية اسرائيل السابق، ان احد اهداف العلاقات الاسرائيلية مع الصين هو عزمها على عقد اتفاقية معها لمراقبة الاسلحة التى ترسل للشرق الاوسط، وانها ابلغتها قلقها من احتمالات بيع صواريخ بعيدة المدى لسوريا وايران. وتأتى صفقة السلاح الاخيرة بمثابة محاولة من جانب اسرائيل لدفع الصين الى مراجعة سياستها الراهنة في تزويد الدول العربية بأسلحة مما قد يمثل تهديداً للأمن القومى الاسرائيلي.
المصالح الصينية:
الحصول على انظمة متقدمة:
يعتبر حصول الصين على السلاح الغربى واجهزته المتطورة من اهم المصالح الصينية فى اتمام الصفقة، حيث تساهم هذه الطائرات المستورة فى اعادة تشكيل موازين القوة بجنوب آسيا لصالح الصين وعلى وجه الخصوص فى نزاعها مع تايوان، ومع الهند، وتنافسها التقليدى مع اليابان.
وربما يصل البعض فى تحليلاتهم الى ان اتمام صفقة الصين مع اسرائيل تعتبر رسالة غير مباشرة للولايات المتحدة تؤكد فيها الصين عزمها على الحصول على السلاح الغربي من كل المنافذ الممكنة بما فى ذلك اقرب المنافذ الى واشنطن.
الاستفادة من اللوبى اليهودى:
ومن زاوية اخرى يمكن القول بأن تقارب الصين مع اسرائيل يعتبر رسالة غير مباشرة للولايات المتحدة الامريكية واستغلاله فى خدمة مصالح صينية، بالنسبة لتايوان، فضلا عن ملف حقوق الانسان الصينى بداخل وزارة الخارجية الامريكية. كما يرى بعض المراقبين ان اللوبى اليهودى قد يخدم المصالح الصينية فيما يتعلق بقضية انضمام الاخيرة لمنظمة التجارة العالمية وانخراطها بالمجتمع الدولى والابتعاد عن العزلة الدولية.
الاستراتيجية الدفاعية الصينية الحديثة:
بدلت الصين منذ عدة سنوات النظرية الماوية المعروفة ب"الاستراتيجية الدفاعية الضخمة" "بنظرية الاستراتيجية الدفاعية الحديثة"، فقد بدأت وزارة الدفاعية الصينية في تحديث جيشها واسلحتها بالاجهزة والأنظمة المتطورة، وابتعدت عن فكرة تعزيز جيشها من خلال الكم، وبالتالي اصبحت اسرائيل دعامة اساسية لسياسة الصين الدفاعية الجديدة (الكيف وليس الكم) وتعتبر اسرائيل همزة الوصل او البوابة للسلاح الغربي.
ارجوا ان يكون الموضوع حاذ على اعجابكم
ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية أصبحت اليابان مركز الوجود الأمريكي في المنطقة والمضيفة لعدة قواعد عسكرية أمريكية
فأن استراتيجية الصين الأمنية مثل باقي الدول تعتمد على نظرة القادة للوضع الدولي والتهديدات الموجهة لأمن الصين... قبل عام 1985 كان القادة الصينيون يروجون شعارات سياسية مثل.. "كونوا مستعدين لمواجهة حرب عظمى.. كونوا مستعدين لمواجهة الدمار.. كونوا مستعدين لضربة نووية.." وعلى أساس هذه الشعارات شكلت السياسات المحورية التى أثرت على السياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية والشخصية للشعب الصيني في السبعينات الذى كان بالفعل في حالة الاستعداد لمواجهة حرب.
إلا أنه فى سنة 1985 تخلى القادة الصينيون عن فكرة الحرب واعتنقوا استراتيجية جديدة سجلت فى تقرير "تغيرات استراتيجية لأفكار ارشادية لبناء الدفاع القومي والقوات المسلحة". والذى أعد هذا التقرير وأذاعه رئيس المجلس العسكري المركزي دنج زابوينج فى مؤتمر المجلس العسكرى المركزى فى مايو 1985 . وقد كان هذا المؤتمر علامة أساسية في استراتيجية جديدة تماماً للتخطيط الأمنى للصين، هذا التغير ارتبط برفض العداء بين الصين وكل من القوتين العظميين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة.
وقد أعربت القيادة الصينية عن اعتقادها أن نشوب حرب كونية في القرن العشرين أمر بعيد الاحتمال خاصة بعد بوادر الانفراج بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وايضاً بسبب الصعوبات الداخلية لديهم. إن الصينيين يعتقدون في أنفسهم أنهم يستطيعون التركيز على التحديث على المدى البعيد وذلك يشمل كلاً من الاقتصاد والتخطيط الاستراتيجي العسكري .
التغيرات السريعة فى النظام العالمي
موقف القياده الصينيه
برغم أن القادة الصينيين قد تخلوا عن فكرة الحرب إلا أنهم لا ينفون إمكانية وقوعها، ومع أن الصين رحبت بانتهاء الحرب الباردة، إلا ان ذلك لا يعنى أن العالم سوف يصبح أكثر أمنا وسلاماً. إن غزو العراق للكويت وحرب الخليج دلائل على احتمال حدوث حرب عالمية على المدى البعيد. ويذهب القادة الصينيون فى التشاؤم لأبعد من ذلك إذ يعتقدون أن الفترة ما بعد الحرب الباردة قد يسودها عدم استقرار وقلاقل. إن رئيس وزراء الصين لي ينج أعلن فى مجلس الشعب الصينى 1991 قلق الصين وتشاؤمها من الوضع العالمى الحالي. وختم كلمته بقوله "إن النموذج العالمي القديم قد وصل الى نهايته والنموذج الجديد لم يأخذ مكانه بعد. والاتجاه الآن هو نحو تعدد الأقطاب..." القوى المتعددة" أصبحت المشاكل القديمة تقابلها مواجهات وتحديات جديدة ولكي يدلل على قوله هذا أشار إلى الركود الاقتصادي الذى يواجهه الاقتصاد والمنافسة الدولية الشديدة، والمشاكل بين الشمال والجنوب، والخلافات الإقليمية التى نشبت بسبب القضايا القومية.
هذه التصورات عن الأوضاع غير المستقرة فى العالم جعلت القيادة الصينية تقدم على إيجاد فرصة لاستقرار الصين.. وعندما سئل كيان كيشين وزير الخارجية، ماذا يعني بالبيئة الدولية الملائمة؟ أجاب:
بعد نهاية النظام العالمي ثنائي القطبية، فإن فرصة حدوث حرب عالمية قد تضاءلت، إن الإقليم الآسيوي الباسفيكي يعتبر اكثر استقراراً من دول اخرى. إن شرق آسيا قد اصبح اكثر الاقاليم ديناميكية فى الاقتصاد العالمي. إن العلاقات الصينية مع البلاد المجاورة مستمرة فى النمو وايضاً علاقاته مع دول العالم الثالث.
إن كثيرا من دول العالم عرفت أنه كلما كانت الصين مستقرة، ازدادت فرص السلام. كما أن اقتصاد الغرب الآن فى حالة ركود لذلك لايمكن تجاهل السوق الصينية.
وبعكس النظرة المتشائمة للقيادة الصينية فقد كان الوزير كيان كيشين متفائلاً بالنسبة لتقدم الإقليم الآسيوي الباسيفيكى، وقد اشترك الأساتذة الصينيون للشؤون الدولية فى مؤتمر عن الوضع العالمى فى سنة 1991- وقد عقد فى بكين فى ديسمبر من نفس العام حيث أجمع الأساتذة والاستراتيجيون منذ بداية الجمهورية الشعبية، على أنه قد تم:
تطبيع العلاقات الصينية الروسية والصينية اليابانية.
تحسن فى العلاقات الروسية اليابانية ومشكلة الأراضي الشمالية (الجزر اليابانية التى احتلتها روسيا سنة 1945)
نمو سريع فى علاقات الصين بمنطقة جنوب شرق آسيا.
تطبيع العلاقات مع فيتنام وتسوية المسألة الكمبودية.
تضاؤل الصراع على الصحراء الكورية وزيادة التعاون فى الاقتصاد الإقليمي.
التهديدات التى تواجه الأمن الصينى:
لمدة أربعة عقود منذ تأسيس الجمهورية الشعبية الى منتصف الثمانينات
كان الخطر الرئيسي يتمثل فى الولايات المتحدة فى الخمسينات، والاتحاد السوفييتى في الستينات وحتى منتصف الثمانينات، ومنذ ذلك الحين تضاءل خطر القوتين العظميين ولم تعودا تشكلان تهديداً جوهرياً للصين.. ويرجع ذلك إلى التغيرات الاستراتيجية، وبرامج التحديث والإصلاح والتغيرات فى السياسات الداخلية والخارجية التى حدثت فى الاتحاد السوفييتي خاصة التقارب السوفييتى الصيني. فى الماضى ظهرت مدرستان تعبران عن وجهتي نظر بين الاستراتيجيين والأساتذة والعسكريين عمن الذى يشكل الخطر الحقيقي للأمن الصيني. هاتان المدرستان هما: الأولى الاتحاد السوفييتي- روسيا، والثانية الشرق- الجنوب الشرقي.
والمدرسة الاولى تؤكد على أن الاتحاد السوفييتي- روسيا الآن سوف تظل الخطر الرئيسي للأمن الصينى برغم تضاؤل قوتها وقدرتها بشكل ملحوظ وبرغم وجود دول أخرى مثل اليابان يمكن أن تهدد الأمن الصينى أيضاً.
السلم ضرورة فى المنطقة إذا ما أرادت الصين أن تنتهج سياسة التحديث:
إن استراتيجية الأمن الصيني تنبع من جهود الصينيين من أجل التحديث.. إن التحديث هو حلم الصين منذ القرن التاسع عشر فهو هدفها القومي الأول. هذا الهدف بدأ في أواخر السبعينات وتحاول الصين أن تضاعف إنتاجها القومي.
لا أحد يختلف على أنه يجب على الصين أن تستمر فى برامج التحديث.. إلا أن هناك بعض الاختلافات حول كيفية إنجاز هذا التحديث. الناس خارج الصين وداخلها يرون طريقين مختلفين للانفتاح، أو عن طريق أكثر تحفظاً وهو استمرار الدولة فى التخطيط والسيطرة على الاقتصاد والمجتمع، هذا الطريق الذى تختاره الصين سوف يستند الى ثلاثة عوامل: سياسة دولة الصين بعد دنج، وموقف الجيش ومدى النمو الاقتصادي.
المرحلة ما بعد زعامة دنج: إن السياسيين الغربيين والأستاذة الى جانب كثير من الصينيين يتنبأون بحدوث فوضى فى الصين بعد موت دنج الذى يبلغ من العمر تسعة وثمانين عاماً، بسبب الصراع بين المحافظين والمصلحين. إلا أن الآراء تجمع على أن احتمال حدوث فوضى او حرب أهلية هو احتمال بعيد.
الجيش: منذ أواخر السبعينات ودور الجيش كقوة سياسية سلبي للغاية، وسوف يستمر وضع الجيش الصيني على أنه قوة سياسية سلبية تناصر أو تساند القيادة القوية فى حزب الدولة. فقد ساند الجيش دنج فى حادث ميدان تينانمن لأنه كان أقوى رجل فى الدولة فى ذلك الوقت، وإذا كان هناك شخص أقوى منه ربما كان سانده الجيش.
لقد فقد القادة العسكريون هيبتهم وقوتهم فى اتخاذ المبادرات فى السياسة الصينية. بعد الرئيس الراحل يانج نجكن، لا يوجد قائد عسكرى آخر تفوق على القادة المدنيين الذين اعتلوا مناصب رفيعة خلال الثورة الشيوعية الصينية، وذلك يرجع الى ان القادة من رجال الجيش اذا اتخذوا اية مبادرات سياسية فسيكونون محل تساؤل من الشعب الصينى. ان الجيل الجديد من ضباط الجيش قد تلقوا تعليمهم العسكرى دونما خبرة على القتال والحرب، لذلك فهم لديهم افكار قوية وحاسمة تجاه مهمتهم العسكرية ولا يرحبون بأن يتورطوا فى السياسة، وقد كان حادث تينانمن اكبر دليل على ذلك.
ان الجيش الصينى ليس بالضرورة قوة محافظة. إلا انه أضير من جراء الاصلاحات برغم أنه استفاد منها بعض الشيء فقد اصبح لديهم الفرصة فى تبادل العلاقات والخبرات مع الجيوش الأجنبية وامتلاك اسلحة متطورة كما أنهم على علم بأن الاصلاحات سوف تجيء بفرص افضل فى مستوى المعيشة. ان العالم بعد انتهاء الحرب الباردة يركز على المنافسة الاقتصادية وليس العسكرية، والامن القومى سوف يشمل القضايا الاقتصادية والتكنولوجية الى جانب العسكرية.
الصين واستراتيجيات التعاون الأمنى:
اصبحت الاستراتيجية الأمنية للصين تعتمد على اقامة علاقة صداقة وحسن جوار مع الدول المحيطة بها، وانعكس ذلك على الاستراتيجية العسكرية للصين، فأصبحت تعتمد على مبدأ الدفاع عن النفس "بدلاً من اعتماد مبدأ" السعى وراء العدو واللحاق به وتدميره " الذى كان متبعاً فى الماضى، وبعد ان اعتمدت المبادئ الخمسة في صياغة علاقاتها مع الدول المجاورة (مثل الهند فى الخمسينات)، فإنها تحولت فى الثمانينات الى مبدأ الدفاع الإيجابى فى ظل علاقات الصداقة وحسن الجوار، ثم أكدت هذا المبدأ فى العام 1993 اعتماداً على اتساع نطاق المناخ السلمى المحيط بالصين.
والى جانب ذلك تبدي الصين اهتماما عميقاً بالعلم والتكنولوجيا على اعتبار أنهما يمثلان قوى الإنتاج الأساسية، وبعد أن اصبح هذان العاملان (العلم والتكنولوجيا) بمثابة العوامل التى تحسم قضايا النمو الاقتصادى، كما اصبحت تكلفة التطور التكنولوجى هى التكلفة الرئيسية للإنتاج فى التسعينات، فإن اهتمام الصين بالتجربة الغربية التى اثبتت أن الدور الذى تلعبه التكنولوجيا في زيادة عائد الاستثمارات لا يمكن مقارنته بأى شيء آخر، وأن تنامى التطور التكنولوجى كان هو السبب فى الحفاظ على معدل النمو الاقتصادى الضخم فى الدول المتقدمة. قد تضاعف على نحو ملحوظ، وفى غمرة ذلك الاهتمام تبدو مشكلة الزيادة السكانية كواحدة من أهم العقبات التى تحول دون التوصل الى نتائج ملموسة فى وقت قصير، ولما كان من الصعب على الصين -بل من المستحيل- أن تجعل اقتصادها يتقدم سريعا من خلال زيادة معدلات الإمداد بالموارد الطبيعية، فان رفع مستوى المكون التكنولوجى فى هذا الاقتصاد هو الحل الاكثر مناسبة، وذلك سوف يحتاج ادخال تحول جذرى على اسلوب ادارة الاقتصاد الصينى حتى العام 2010 بحيث يصبح اسلوب ادارة موجها Intensive Manage ment بدلاً من اسلوب الادارة واسع النطاق Extensive Management الذى كانت الصين تتبعه -ومازالت- فى كثير من القطاعات.
ومن ناحية اخرى تريد الصين ان يعتمد نموها الاقتصادى بدرجة اكبر على التطور التكولوجى بحيث لا تكون هناك حاجة لتوسيع نطاق المصادر عبر البحار التى تعتمد عليها الصين لإمداد ودعم قواتها العسكرية. ويؤكد ذلك حقيقتين أولاهما: أن الصين تريد أن تحقق مبدأ الاكتفاء الذاتى القائم على التطور التكنولوجى فى غضون 15 عاماً وثانيتهما: ان كل الجهود التى تبذلها الصين تصب فى اتجاه واحد هو اتجاه تحديث القوة العسكرية. والى جانب ذلك تريد الصين فى غضون الفترة نفسها ان تستبدل استراتيجية حماية الامن الاقتصادى للبلاد بسياسة توسيع القنوات القادرة على استيعاب المزيد من التكنولوجيات الاجنبية المتطورة من أجل تنمية التطور التكنولوجى الذاتى للصين.
وتتشابه الصين مع دول اخرى كثيرة فى تأثيرها البالغ بموقعها الجغرافى، ولكن تتميز الصين بأن لها 15 دولة جارة على البر و6 دول فى البحر، وفى ظل ظروف ما بعد الحرب الباردة اصبح الواقع يحتم على الصين، ان تجعل من اولوياتها الاستراتيجية تطوير علاقات تعاون أمنى ثنائية مع الدول المجاورة، ولما كان من الصعب جمع كل هذه الدول المجاورة للصين -وهى الدول التى تنتمى الى اقاليم مختلفة في آسيا- فى اتفاقية أمنية واحدة، كما ان المشاكل القائمة بين الصين من ناحية وهذه الدول من ناحية اخرى تختلف فى طبيعتها من دولة الى اخرى، لذلك فإن مبدأ التعايش السلمى مع الدول المجاورة هو المبدأ الذى يحكم علاقات الصين حالياً مع الدول المجاورة، وربما استطاعت الصين بعد 15 عاما (وذلك عندما تتمكن الصين من تحديث القوات المسلحة) ان تقدم مزيدا من الدعم للدول المجاورة تأسيساً على قواعد التعاون الامنى الثنائي، ويؤكد ذلك مرة اخرى ان الصين تعتبر ان القوات المسلحة الصينية هى الادارة المثلى لتقوية علاقاتها الخارجية مع الدول المجاورة، ولذلك ينبغى ان تحظى هذه القوات بأعلى قدر من الاهتمام على مستوى الحكومة المركزية.
والى جانب اهتمام الصين بعلاقات التعاون الامنى الثنائى مع الدول المجاورة، فإنها تسعى لكي توسع من نطاق اهتمامها بآليات التعاون الامنى متعدد الاطراف، وتعتبر الصين أن التطور السريع فى هذه الآليات فى عدد من المناطق فى العالم (وبصفة خاصة بين شرق اوروبا وغرب اوروبا) هو افضل تطور أفرزه انتهاء الحرب الباردة. وفى عام 1993 شاركت الصين فى مؤتمر بناء اجراءات الثقة واقامة البنية الأمنية فى المحيط الهادى الآسيوى، وبعد أن عقد منتدى الآسيان الاقليمى ARF اولى جلساته فى العام 1994 وشاركت فيها الصين فإنها وضعت خمسة مقترحات لتنمية التعاون الامنى متعدد الاطراف ملخصها كالآتى:
إقامة علاقات صداقة -حل المنازعات بالطرق السلمية- عدم التورط سواء فى سباق تسلح او نشر الاسلحة النووية- تشجيع الحوار حول حل القضايا الامنية- توسيع نطاق الثقة المتبادلة.
وفي الوقت الذى تبدو فيه هذه المقترحات جيدة لوضع اساس تعاون امنى متعدد الاطراف في منطقة المحيط الهادى الآسيوى بأقاليمه المختلفة، فان ممارسات الصين فى الآونة الأخيرة مع تايوان -برغم أنها تعتبر فى نظر الصين على الأقل أزمة داخلية -جعلت دولاً كثيرة من دول منتدى الآسيان الإقليمى تشكلت فى حقيقة النوايا الصينية المستقبلية، ومما ضاعف من تلك الشكوك أن الصين أعلنت عزمها إقامة آليات تعاون أمنى متعددة الأطراف بحلول عام 2010 بعد أن تتنامى قدرات الصين القومية، وتضطلع بمهام حماية الامن الاقليمى وهو الامر الذى تعتبره إحدى مهامها فى ذلك الوقت، وربما تطلب الامر ان تدعم الصين فكوة عدد من الآليات الأمنية الفرعية فى المنطقة، إحداها فى شمال شرق آسيا، والثانية فى جنوب شرق آسيا، والثالثة في جنوب آسيا، والأخيرة فى آسيا الوسطى. ومن الواضح أن ذلك يعكس الطموحات الصينية فى أن تصبح بكين محوراً للإقليم بغض النظر عن وجود اى قوى اخرى ذات مصالح فى هذه المنطقة الحيوية من العالم، وبالاضافة الى ذلك تعتبر الصين ان "تنامى قدرات الصين القومية، واضطلاعها بمهام حماية الامن الاقليمى" من بين مهامها المستقبلة، وهذه المهام لا يمكن ان يتم تنفيذها ما لم تصبح القوة العسكرية الصينية كافية وقادرة على حماية عمليات وآليات تحويل ذلك الى واقع عملى.
مقارنة الانفاق الدفاعى الصيني:
تتوقع الحكومة المركزية الصينية أن يكون معدل نمو القوة العسكرية للصين خلال الخمسة عشر عاما القادمة اقل من معدل النمو الاقتصادى الصينى، وفى العام 1994 كان الانفاق الدفاعى الصينى يمثل نسبة 1.3% من اجمال الناتج المحلى، وفى حالة ما اذا نجحت الصين فى تحقيق معدل نمو سنوى نسبته 8% خلال الخمسة عشر عاماً القادمة، وقامت بزيادة انفاقها الدفاعى الى ما قيمته 2% من اجمالى الناتج المحلى، فإن ذلك الانفاق سوف لن يتعدى 40بليون دولار فى العام 2010، وهو ما يقل عن الانفاق الدفاع اليابانى فى العام 1994، وتأسيساً على ذلك فإن اجمالي الانفاق الدفاعي الصيني خلال 15عاما سوف يصل الى 365.2بليون دولار وهذا يزيد بنسبة 31% عن الانفاق الدفاعى للولايات المتحدة فى سنة واحدة، وفى ظل هذا القدر من الانفاق المنخفض نسبياً، لا يتوقع المهتمون بشئون الدفاع فى الصين ان تصبح القوات المسلحة الصينية ذات قدرات هجومية عبر المحيطات، ولكنه ليس صحيحاً على اطلاقه بالنسبة للدوائر الاقليمية التى تعمل عبرها القوات المسلحة الصينية، وتعد المناورات الصينية قبالة سواحل تايوان فى مارس 1996 أكبر دليل على ذلك.
وفى الوقت الحالي يعد مستوى التقدم التكنولوجى للقوات المسلحة الصينية متخلفاً عن مستوى القوات المسلحة الامريكية بما يعادل 40عاماً. واذا استطاعت القوات المسلحة الصينية ان تنجز ثلاثين عاما من التطور التكنولوجى خلال الفترة حتى العام 2010، فإن مستواها فى ذلك الوقت سوف يصبح معادلاً لمستوى القوات الأمريكية فى حقبة الثمانينات، ولكن اذا قارنا المستوى التكنولوجى للقوات المسلحة الصينية بالمستوى التكنولوجى للدول المحيطة بالصين (الهند، باكستان، كازخستان، فيتنام.. الخ) فاننا نلاحظ ان الصين تتساوى (ان لم تكن تتفوق) على كثير من هذه الدول، والى جانب الإمكانيات البشرية الهائلة لدى الصين وضخامة حجم الجيش الصينى (2.75 مليون رجل)، فإن الصين تستطيع أن تقاتل في معركة طويلة الامد اعتماداً على القدرات الصينية الكامنة.
ومن أبرز التوجهات الصينية فى مجال الانفاق الدفاعى، ذلك الذى يسعى إلى بناء جيش اصغر حجماً ولكنه افضل فى قدراته وإمكانياته، ويعنى ذلك أن تعداد الجيش الصينى سيكون اقل مما هو عليه الآن خلال الخمسة عشر عاماً القادمة، وفى غضون السنوات الاربع الماضية قامت القيادة الصينية بتحويل أعداد كبيرة من افراد القوات الصينية الى قطاع الشرطة المسلحة، ولكن هذا التوجه لن يكون تطبيقه أمراً سهلاً ما لم تشهد الصناعات الدفاعية الصينية التطور اللازم لدعم هذه القوات، ولذلك تضع السياسة الدفاعية هدف اقامة صناعات دفاعية صينية متطورة على رأس قائمة الأولويات المطلوب من عملية البناء الاقتصادى للصين أن تحققها خلال الخمسة عشر عاما القادمة. ويعنى ذلك أن عملية البناء الاقتصادى لا تهدف الا لإقامة صناعات دفاعية متطورة تكنولوجيا، وان اى اهداف اخرى تأتى تالية لذلك الهدف وربما كانت لا ترقى فى اهميتها اليه بأي حال، وفى الوقت ذاته تحرص الصين على الاستفادة من التجربة السوفييتية فى مجال الصناعات الدفاعية، ولذلك تصر القيادة الصينية على ان تكون الصناعات الدفاعية الصينية قابلة للتحويل الى الصناعات المدنية والعكس صحيح، وفى العام 1994 كانت نسبة انتاج المنتوجات المدنية الى نسبة انتاج المنتوجات العسكرية فى المجتمع الدفاعى الصينى كنسبة 80% الى 20%، وما لم يحدث تغير فى الموقف الإقليمي، فإن هذه النسبة ربما لا تشهد أى تغيير، وعموماً تعد نسبة انتاج المنتوجات العسكرية (20%) نسبة عالية بالنظر الى ضخامة المجمع الصناعى الدفاعى الصيني الذى يعمل به حوالى 4.9مليون عامل.
بيع الأسلحة الصينية :
حرصت الولايات المتحدة، منذ بضعة اعوام، على إدخال الصين فى سلسلة من الاتفاقات والتعاقدات البيئية التى تجنب الولايات المتحدة مخاطر الانعكاسات السلبية لانتشار تكنولوجيا السلاح الصينية، ففى اكتوبر 1994 وقعت الصين والولايات المتحدة اتفاقا يقضى بالحد من انتشار تكنولوجيا الصواريخ الصينية فى مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة ضد الصين منذ اغسطس 1993 .
كما وقع البلدان اتفاقاً آخر فى اكتوبر 1994 ايضاً للتعاون فى تحويل شركات الاسلحة والمعدات العسكرية الى صناعات مدنية، كما ابدت الولايات المتحدة الحرص على اكتساب تأييد الصين للاتفاق الامريكى مع كوريا الشمالية حول برنامجها النووى.
لكن أهم نقاط الخلاف فى الاعوام الاخيرة تمثل فى مبيعات السلاح الصينية لباكستان وايران. فوفقا لتقارير امريكية، فإن الصين زودت ايران بتكنولوجيا من شأنها ان تطور الترسانة النووية الايرانية من خلال مساهمتها فى اقامة مفاعلين يعملان بالمياه الثقيلة فى ايران، وتزويدها بمنظومات توجيه الصواريخ، ووفقاً للتقارير الامريكية ايضا، فان الصين زودت باكستان بأجزاء صواريخ يمكن استخدامها فى تصنيع الصواريخ الباكستانية من طراز ام 11 .
وقد رفضت الصين تلك التقارير، وأكدت عدم مخالفتها للقانون الدولى، وحين تسربت معلومات عن تعهد صيني بعدم بيع مفاعلات نووية لإيران، اسرع وزير الخارجية الصيني الى نفي الالتزام بتعهد من هذا القبيل، مؤكدا سريان صفقة بيع المفاعلات النووية الصينية لإيران. كما رفضت الصين طلباً امريكياً بعدم تزويد باكستان بمعدات حساسة فى المستقبل اثناء المباحثات بين مسئولى البلدين فى مارس 1996 .
تحديث المؤسسة العسكرية الصينية
تراقب الولايات المتحدة تنامى قوة الجيش الصيني على اثر خطط التحديث العسكرية الصينية وتزايد الانفاق العسكرى وواردات السلاح والتكنولوجيا الروسية والغربية بما زاد من التطور النوعى للمؤسسة العسكرية.
فخلال الاعوام الخمسة الماضية ازداد الانفاق العسكرى الصينى بما يعادل 40% وطبقاً لإحصاءات المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية، فان الصين ثالث دولة فى العالم من حيث حجم الانفاق العسكرى، وتوضح خطط الحكومة الصينية استمراراً في هذا النهج، ففي الدورة الرابعة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، عرض (لي بنج)، رئيس الوزراء الصيني، الخطة الخمسية التاسعة لبلاده 2000/96 تضمنت ميزانية 1996 زيادة تصل الى 9.9% فى الانفاق العسكرى.
وكانت الصين قد خفضت قواتها المسلحة فى عام 1990 بنسبة 25% ليصل الى 3.2 مليون جندى مقابل 4.24مليون عام 1987، ووصل التخفيض التالى للقوات المسلحة بعدد القوات الى 2.5مليون، وذلك بهدف الاهتمام بتحديث المؤسسة العسكرية وتحسين نوعيتها كما مكّنتها الصفقات العسكرية مع روسيا من حيازة تكنولوجيا الصواريخ المتقدمة والغواصات والطائرات الروسية عالية التكنولوجيا.
ورغم ان السياسيين الامريكيين لا يزالون يرون ان الصين لم تصل بعد الى الوضع الذى تستطيع به التأثير على المصالح الامريكية او تهديدها، إلا ان بعض الاستراتيجيين الامريكيين ينظرون الى الصين كتهديد محتمل للمصالح الامريكية فى الباسيفيكى على المدى البعيد، وربما خلال 10 او 15سنة، ومما يضاعف من المخاوف الامريكية تنامى دور الجيش فى السياسة الصينية بعد ضم نسبة كبيرة من كبار الضباط الى اللجنة المركزية التى تمثل الهيئة القيادية للحزب الشيوعي، بما اصبحوا معه يمثلون ربع عدد اعضاء اللجنة البالغ عددهم 190 عضوا.
اسرائيل والصين.. تقارب استراتيجي:
أثيرت بالمحافل السياسية والاكاديمية الاقليمية والدولية فى الفترة الاخيرة عدة تساؤلات حول أهمية صفقة السلاح الصينية -الاسرائيلية التى ابرمت عند زيارة الرئيس الصيني جيانج زيمن التاريخية لإسرائيل فى شهر ابريل 2001م التى استغرقت 4 ايام ، فقد لقيت زيارة الرئيس الصيني لتل ابيب صدى واسعاً، اختلف بين الترحيب والمساندة من جهة والمعارضة والاحتجاج من جهة اخرى، فبينما رحبت الاوساط الاستراتيجية والسياسية الاسرائيلية والصينية بصفقة الاواكس لكونها خطوة ايجابية ومهمة نحو تعزيز علاقاتهما العسكرية، لاقت الدولتان معارضة واضحة وصريحة من اطراف اقليمية ودولية معينة لاسيما من الجانب الامريكى الذى سعى جاهدا للحيلولة دون إبرام الصفقة وسوف يتطرق هذا البحث الى نقطتين هامتين::
أولاً: مضمون الصفقة:
تشمل الصفقة ثمانى طائرات يبلغ اجمالي ثمنها مليارى دولار بمعدل 250 مليون دولار للطائرة الواحدة، وهى طائرات نقل روسية الصنع من طراز اليوشن -76 قامت اسرائيل بتزويدها باجهزة رادار واستطلاع وانذار متقدمة Warning Radar Systems Sophisticated Early من طراز فالكون المماثل لنظام الرادار الامريكى المعروف باسم اواكس Warning ans Control Systems(AWACS) Airborne. بحيث تستطيع الطائرة أن ترصد 60 هدفاً مختلفاً على مدى 250 ميلاً، ويروج خبراء عسكريون إسرائيليون ان نظام الرادار الاسرائيلى اكثر كفاءة من مثيله الامريكى وقد وافقت الصين خلال زيارة وزير الدفاع الاسرائيلى لبكين منذ 20 شهرا على شراء طائرة واحدة فالكون مع الأخذ فى الاعتبار انه يمكن زيادة الطلب بمقدار ثلاث طائرات اخرى ثم يرتفع العدد الى ثمانية فى وقت لاحق. وقد وقعت هذه الصفقة قبل خمس سنوات بعد اتصالات طويلة تضمنت ايضاً زيارة من جانب رئيس الحكومة الإسرائيلية الاسبق اسحاق رابين لبكين، وابلغت بكين تل ابيب قبيل عدة اشهر انها تريد اتمام الصفقة الآن. وقد تم ذلك بالفعل ابان زيارة الرئيس الصيني لاسرائيل فى شهر ابريل. وتعتبر هذه الصفقة اهم الصفقات التى ابرمت بين الجانبين الصيني والاسرائيلي منذ ان خرجت العلاقات بين الطرفين الى العلن واقامة علاقات دبلوماسية وتبادل السفراء فى 24 يناير 1992، نظرا لتأثيرها المتوقع على العلاقات الصينية - العربية والاسرائيلية الامريكية والصينية- الامريكية، فضلا عن احتمالية تأثيرها على موازين القوة فى جنوب آسيا، وعلى وجه الخصوص على قضية الصين -تايوان.
ويلاحظ المراقبون العسكريون ان العلاقات العسكرية الاسرائيلية -الصينية أخذت فى التنامى، لاسيما مع بداية عقد السبعينات، فقبل السبعينات، شهدت الدولتان فتورا واضحاً وكانت طبيعة العلاقات تتسم بالتردد والتراجع، لاسيما من الجانب الاسرائيلي وذلك لعوامل عدة، منها:
قيام وزارة الخارجية الاسرائيلية فى يناير 1950 بإصدار اعتراف قانونى وكامل بالصين الشعبية التى لم تبادل اسرائيل الاعتراف نفسه.
حرص اسرائيل على تفادى التوتر فى علاقاتها مع الولايات المتحدة من جراء تقاربها مع الصين لاسيما ابان الحرب الباردة واشعال الحرب الكورية فى مطلع الخمسينات.
وجود علاقات وثيقة ونشطة بين الصين والدول العربية لاسيما في عقد الستينات، حيث ابدت الدوائر الصينية تأييدا لنضال الشعب الفلسطينى كما ساندت الصين كفاح الجزائر فى سبيل الحصول على الاستقلال.
ولكن فى مطلع السبعينات ظهرت بوادر الانفتاح بين بكين وتل ابيب، وشهدت العلاقات الصينية -الاسرائيلية نقلة نوعية ومن اسباب ذلك:
قيام الصين بتأييد مبادرات السادات وكامب ديفيد ومساندتها للحل السلمى للقضية الفسطينية مما مهد الجو للتقارب للحل السلمى للقضية الفلسطينية وبدء حوار افضل مع الاسرائيليين.
تنامى التفاهم التدريجي بين الصين والولايات المتحدة الامريكية انطلاقا من الالعاب الرياضية بما عرف بسياسة "البينج بونج"-الامر الذى وجدت اسرائيل معه ان طريق التقارب مع الصين اقل شائكية.
تبنى الصين فى اواخر السبعينات سياسة الانفتاح الاقتصادى التدريجى وسعيها لتحسين مظهرها الدولى من خلال تحسين وتقارب علاقاتها مع الدول المختلفة.
ومن ثم انعكس التقارب الاسرائيلى - الصينى منذ السبعينات على علاقتهما العسكرية وذلك على النحو التالى:
ففي يونيو 1975، قامت سبع شخصيات صينية بزيارة الجناح الاسرائيلي فى معرض الصناعات الجوية في باريس وأبدوا اهتمامهم بطائرة "الكفير" الاسرائيلية التى عرضت لاول مرة.
وفى اوائل الثمانينات، عقدت الصين صفقة عسكرية مع اسرائيل قيمتها مليار دولار حصلت بموجبها على 54 طائرة "كفير" ودبابات من نوع "ميركافا" وصواريخ "جبراييل" بالاضافة الى اجهزة الكترونية متنوعة.
وفى عام 1985، ابرمت اول صفقة علنية بين اسرائيل والصين واصبح المجال العسكرى والصفقات العسكرية القاعدة الرئيسية للعلاقات.
وفى ديسمبر 1986، اقدمت الصين على خطوة ايجابية لتعزيز العلاقات العسكرية من خلال المعارض والاسواق الدولية ووجهت الدعوة الى رئيس كلية السلاح الجوى الاسرائيلى لزيارة بعض المعارض.
ثانياً: الأهداف والمصالح في اتفاقية التسليح الأخيرة:
لاشك ان وراء صفقة السلاح الاخيرة اهدافا مختلفة ومصالح مشتركة تجمع الدولتين -يمكن تحليلها فى النقاط التالية:
المصالح الإسرائيلية:
التقارب مع الدول العظمى:
يؤكد المؤشرات الاقتصادية والعسكرية ان الصين ستصبح من اهم الدول ذات التأثير العالمى في القرن الحادى والعشرين، وبالتالى ترى اسرائيل ان من مصلحتها المباشرة ان تستثمر كل الفرص المتاحة لها للتقارب مع الصين بما قد يخدم اسرائيل على المدى البعيد. ويلاحظ فى النهج الاسرائيلي انه يسعى دائما الى توطيد علاقاته مع الدول العظمى ذات التأثير الدولى. فقبل قيام دولة اسرائيل عام 1948 كان الصهاينة يسعون دائماً الى التقارب مع انجلترا -الدولة العظمى آنذاك- وبالفعل اسفر هذا التقارب عن اصدار وعد بلفور عام 1917 ثم تطورت العلاقات الاسرائيلية لتكون في الاتجاه الامريكى الذى تربع على عرش السياسة الدولية ابتداء من السبعينات. واليوم تأتى صفقة السلاح الاسرائيلية- الصينية تجسيدا واضحا للنهج الصهيوني الذي يراهن دائما على التقارب مع الدول العظمى ذات القوة الديناميكية الواعدة مستقبلا.
رسالة للولايات المتحدة:
يرى مراقبون سياسيون ان صفقة السلاح الاخيرة تأتى بمثابة رسالة غير مباشرة للولايات المتحدة لتأكيد استقلالية اسرائيل وحقها المشروع في اتخاذ القرارات المناسبة والموائمة لمصالحها الخاصة.
امتناع الصين عن ممارسة الضغط على اسرائيل:
ترى اسرائيل ان اتمام صفقة الصلاح مع الصين قد يمنع الاخيرة من منطلق الواجب الادبى عن ممارسة المزيد من الضغط على اسرائيل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وعملية السلام. فالصين اصبحت دولة عظمى وتتمتع بحق الفيتو بمجلس الامن، وبالتالى امتناع الصين عن ممارسة ضغط على اسرائيل يفيد المفاوض الاسرائيلي بشكل كبير.
د- مراقبة صفقات السلاح للدول العربية المجاورة:
أعلن ديفيد ليفى وزير خارجية اسرائيل السابق، ان احد اهداف العلاقات الاسرائيلية مع الصين هو عزمها على عقد اتفاقية معها لمراقبة الاسلحة التى ترسل للشرق الاوسط، وانها ابلغتها قلقها من احتمالات بيع صواريخ بعيدة المدى لسوريا وايران. وتأتى صفقة السلاح الاخيرة بمثابة محاولة من جانب اسرائيل لدفع الصين الى مراجعة سياستها الراهنة في تزويد الدول العربية بأسلحة مما قد يمثل تهديداً للأمن القومى الاسرائيلي.
المصالح الصينية:
الحصول على انظمة متقدمة:
يعتبر حصول الصين على السلاح الغربى واجهزته المتطورة من اهم المصالح الصينية فى اتمام الصفقة، حيث تساهم هذه الطائرات المستورة فى اعادة تشكيل موازين القوة بجنوب آسيا لصالح الصين وعلى وجه الخصوص فى نزاعها مع تايوان، ومع الهند، وتنافسها التقليدى مع اليابان.
وربما يصل البعض فى تحليلاتهم الى ان اتمام صفقة الصين مع اسرائيل تعتبر رسالة غير مباشرة للولايات المتحدة تؤكد فيها الصين عزمها على الحصول على السلاح الغربي من كل المنافذ الممكنة بما فى ذلك اقرب المنافذ الى واشنطن.
الاستفادة من اللوبى اليهودى:
ومن زاوية اخرى يمكن القول بأن تقارب الصين مع اسرائيل يعتبر رسالة غير مباشرة للولايات المتحدة الامريكية واستغلاله فى خدمة مصالح صينية، بالنسبة لتايوان، فضلا عن ملف حقوق الانسان الصينى بداخل وزارة الخارجية الامريكية. كما يرى بعض المراقبين ان اللوبى اليهودى قد يخدم المصالح الصينية فيما يتعلق بقضية انضمام الاخيرة لمنظمة التجارة العالمية وانخراطها بالمجتمع الدولى والابتعاد عن العزلة الدولية.
الاستراتيجية الدفاعية الصينية الحديثة:
بدلت الصين منذ عدة سنوات النظرية الماوية المعروفة ب"الاستراتيجية الدفاعية الضخمة" "بنظرية الاستراتيجية الدفاعية الحديثة"، فقد بدأت وزارة الدفاعية الصينية في تحديث جيشها واسلحتها بالاجهزة والأنظمة المتطورة، وابتعدت عن فكرة تعزيز جيشها من خلال الكم، وبالتالي اصبحت اسرائيل دعامة اساسية لسياسة الصين الدفاعية الجديدة (الكيف وليس الكم) وتعتبر اسرائيل همزة الوصل او البوابة للسلاح الغربي.
ارجوا ان يكون الموضوع حاذ على اعجابكم
التعديل الأخير: