لم تعد قضية الأمن العربي في ظل التحديات الثقيلة التي تجتاج الوطن العربي، هي قضية نظريات أو احتمالات، وإنما أصبحت قضية واقع حقيقي تعيشه كل يوم قيادات عربية، ويعرفها الشعب العربي على امتداد تراب الوطن العربي، اذ لم تعد أخطار التحديات المفروضة مجهولة المعالم أو محددة الأبعاد، وإنما أصبحت تتهدد بجائحاتها كل انسان عربي، ليس في عقر داره فحسب، بل تطارده حيثما توجه في أرجاء الدنيا الواسعة. ولم يتشكل ذلك يقيناً من فراغ أو بصورة مباغتة، وإنما أسهمت في تشكيله استطالات تاريخية متطاولة في عمق الزمن، غير أن الصراعات الدولية المتجددة والمتعاظمة قد مارست دورها في تفجير أوضاع الأقاليم العربية، ووجهت تهديداتها وتحدياتها إلى الوطن العربي بأكمله، ولو بدرجات متباينة نسبياً. وبات السؤال المطروح: كيف وأين سيستقر المركب العربي وسط هذه الأنواء العاصفة؟ وكيف يمكن التعامل مع كل التحديات في ظل عودة (استراتيجيات الاستقطاب) و (سياسات الحروب) المتجددة، وتيارات (سباق التسلح)؟.
1- البحث عن الأمن العربي
لم يكن قيام الدول الخليجية بتكوين ( مجلس التعاون الخليجي) في العام 1982م، إلا استجابة صادقة في مواجهة التحديات التي تشكلت في ذروة عصر الحرب الباردة، ورداً على متطلبات الصراع التي تفجرت بتفجر الحرب العراقية - الإيرانية بين عامي1980 - 1989م، وقد استطاع (مجلس التعاون الخليجي) أن يطور قدراته في كل المجالات بصورة منهجية متجاوزاً مجموعة من الصعوبات والعقبات التي نظمتها التحديات المفروضة. وقد يكون بالمستطاع تجاوز كل التحديات وما تبعها من استجابات طوال الحقبة الماضية للتوقف عند ما هو أقربها عهداً وأكثرها وضوحاً، واختيار بعض نماذجها وامثولاتها، ومن ذلك زيارة وزير الدفاع الفرنسي للمملكة العربية السعودية في أواخر أكتوبر 2007م، ثم للإمارات العربية المتحدة بعد يومين، ثم الجولة الموسعة على دول المنطقة لوزيري الخارجية والدفاع الألمانيين، لقد كان ذلك دليلاً واضحاً على خطر انزلاق المنطقة إلى حرب مجهولة النتائج، مما دفع خادم الحرمين الشريفين الملك "عبدالله بن عبدالعزيز" للقيام بجولة في أوروبا، شملت: (إنجلتر، وألمانيا، والفاتيكان، إيطاليا)، حيث أعلن في لندن يوم 1 تشرين الثاني - نوفمير 2007م عن اقتراح - أعلنه سمو الأمير "سعود الفيصل" وزير الخارجية، واعتمدته دول الخليج وحملته المملكة العربية السعودية -يطلب من إيران تجنيب المنطقة الحرب، والموافقة على تخصيب اليورانيوم خارج المنطقة بمشاركة إيرانية.
وفي زيارة خادم الحرمين الشريفين للعاصمة الألمانية برلين أعلن يوم 7 تشرين الثاني نوفمبر 2007م ما يلي: (أجرى الملك عبدالله بن عبدالعزيز - عاهل المملكة العربية السعودية - مباحثات مع المستشارة الألمانية "أنغيلاميركل" شملت في جانبها السياسي معالجة موضوعين: الأول: التطورات في الشرق الأوسط قبيل اجتماع أنابوليس، والثاني: التطورات في إيران وتأثيرها على العالم الإسلامي، والاستقرار في باكستان وأفغانستان، وفي اليوم ذاته "7 تشرين الثاني - نوفمبر 2007م" كان نائب وزير الدفاع السعودي الأمير "عبدالرحمن بن عبدالعزيز" يطلق تحذيره من الرياض في كلمته أمام وزراء الدفاع في مجلس التعاون الخليجي الست والتي جاء فيها: (إنني أدعو إلى تطوير جيوش دول المجلس للتصدي للتهديدات التي تواجهها المنطقة، ويجب علينا العمل جاهدين لتطوير قواتنا المسلحة حتى تكون قادرة على ضمان الاستقرار الإقليمي، وأمن مصادر الطاقة في ظل التهديدات التي نواجهها، وإن هذا الهدف يفرضه الحوار الاستراتيجي، وتغيير مصادر التهديد، وظهور خطر الإرهاب، وصعود قوى إقليمية مؤثرة في المنطقة). ومع تطوير الاستعدادات القتالية التي لم تكن عبر التاريخ إلا الدرع الوقائي ضد أخطار الحروب وضياع السلم والأمن؛ فقد استمرت الجهود العربية للتعامل بصورة إيجابية مع التوتر المتصاعد في منطقة الخليج، ليرسل استطالاته إلى المنطقة العربية من خلال ما أطلق عليه اسم (الامتداد الفارسي) أو (الهلال الشيعي)؛ الذي ينطلق من طهران ليصل إلى حزب الله في جنوب لبنان، وإلى حماس في (غزة) مروراً بدمشق، ويمكن اعتبار نقطة التحول في التعامل مع هذا الخطر الذي هيمن بشكل مثير للقلق خلال تلك الفترة عندما وصل الرئيس الإيراني "محمود أحمدي نجاد" إلى الرياض يوم 3 أذار - مارس 2007م، وقام بإجراء مباحثات مع خادم الحرمين الشريفين الملك "عبدالله بن عبدالعزيز" أحيطت بالكتمان، ولكن تطور الأحداث بعد هذا اللقاء أكد أن هناك معالجة واقعية وشفافة (واضحة) لقضية التوتر المتصاعد والناتج عن السياسات الاستفزازية للنظام الإيراني، وبصورة خاصة ضد دول الخليج العربي، مع بذل كل جهد مستطاع لتجنيب الانزلاق إلى حرب طائفية في العراق ولبنان بخاصة. وجاءت مقررات القمة العربية في الرياض (قمة التضامن العربي)، والتي أعلنت يوم 29 أذار - مارس 2007م، لتؤكد هذا الاتجاه، وذلك بتقديم الدعم لتحقيق التوافق في لبنان، ودعم الشعب العربي في فلسطين، ولبنان، والعراق، للوصول إلى السلام، وكانت دعوة خادم الحرمين الشريفين للرئيس الإيراني لأداء فريضة الحج من العام 1428ه كانون الأول - ديسمبر 2007م بمثابة تأكيد لإرادة إبعاد شبح الخطر عن الأفق العربي وتخوم الوطن العربي، وهو ما أعيد تأكيده أيضاً عندما وجهت الدعوة للرئيس الإيراني لحضور قمة مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في (قطر - الدوحة) 3-5 كانون الأول - ديسمبر 2007م، حيث تقدم الرئيس "محمود أحمدي نجاد" باقتراح لعقد اتفاق أمني مشترك، وإنشاء مؤسسة أمنية للتعاون بين ضفتي الخليج، وتأسيس منظمة للتعاون الاقتصادي بين الجانبين، وإلغاء تأشيرات الدخول بين إيران ودول المجلس، وكذلك الاستثمار المشترك في الطاقة والتعاون العلمي والتربوي والاقتصادي والسياحي، وتضمن البيان الختامي للقمة الخليجية ما يلي: (تؤكد دول المجتمع تمسكها بمبدأ الوصول إلى حل سلمي لملف إيران النووي، وتدعو إيران لمواصلة الحوار مع المجتمع الدولي، وترحب بتعاونها المستمر مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية)، ويظهر أن محاولات إبعاد شبح الحرب عن المنطقة لم تبلغ مداها وغايتها فقد استمرت عمليات (الحرب الكلامية ضد إيران) وهذا ما عبر عنه وزير الدفاع الأمريكي "روبرت غينتس" في كلمة له أمام (منتدى حوار المناعة الأمني) يوم 8 كانون الأول - ديسمبر 2007م وجاء فيها: (مازالت إيران قادرة على استئناف برنامجها للتسلح النووي، وهي مستمرة في تخصيب اليورانيوم. كما أن السياسة الخارجية الإيرانية تهدد مصالح الولايات المتحدة والمنطقة فهي مسؤولة عن الفوضى في العراق، ولبنان، والأراضي الفلسطينية، وأفغانستان، وإنني أدعو دول الخليج للعمل معاً من أجل تحسين أمن المنطقة، وتطوير أنظمة إقليمية للدفاع الصاروخي، تشكل مظلة حماية ودفاع في المنطقة لمواجهة التهديد الإيراني).
وقد استقبلت منطقة الخليج العربي موجة متصاعدة جديدة من التوتر مع إطلالة العام الميلادي الجديد 2008م؛ حيث تناقلت وكالات الأنباء ما أذاعته (واشنطن) عن صدام وشيك بين زوارق إيرانية مسلحة وبارجة أمريكية عند مضيق هرمز، وقد يكون من الصعب في مناخ انعدام الثقة تصديق أي من الطرفين (الأمريكي والإيراني) عن حقيقة الموقف غير أن هناك حقيقة أخرى لابد من تصديقها وهي أن مثل هذه السياسات العسكرية قد تؤدي إلى انزلاق سريع نحو حرب عندما يكون أحد الطرفين - أو الطرفين معاً - يبحثان عن ذريعة للحرب التي يعملان لها، والمهم في الأمر أن الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا قد أفادتا من هذا الحادث - وإلى أبعد الحدود - عندما قام الرئيس الأمريكي "جورج بوش" بجولته في المنطقة في الفترة (10-16 كانون الثاني - يناير 2008م)، والتي شملت فلسطين، وإسرائيل، والكويت، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والسعودية، وانتهت بمصر، والتي اقترنت زمنياً بجولة مماثلة قام بها الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي". وكان الغطاء السياسي لهذه الجولات هو دعم أمن دول الخليج والحد من أخطار التهديدات والتحديات الإيرانية. ففي كلمة الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي" أمام مجلس الشورى السعودي يوم 14 كانون الثاني - يناير 2008م صرح بما يلي: (لانريد أن نكون فقط شريكاً اقتصادياً استراتيجياً للسعودية، بل شريك سياسي أيضاً)، ووقعت الحكومتان - السعودية والفرنسية -أربع اتفاقيات تعاون في مجالات الطاقة والتعاون السياسي، ومشروعات عقود تصل قيمتها إلى (40) مليار يورو بالإضافة لمشاريع تسلح قيمتها (12) مليار يورو تشمل بيع فرنسا للسعودية حوامات وطائرات تموين، وفرقاطات، وغواصات، ومنظومات مراقبة جوية وبحرية، ومنظومات دفاع جوي. ووقعت فرنسا مع الإمارات العربية المتحدة اتفاقية لإنشاء أول قاعدة عسكرية دائمة في الخليج مقابل السواحل الإيرانية، بالإضافة إلى عقود تسلح بين فرنسا والإمارات قدرت بقيمة (20) مليار يورو، وكانت العقود التي أبرمتها الولايات المتحدة مع دول الخليج تشمل أسلحة متنوعة لتطوير القدرات الدفاعية وبمبالغ كبيرة (40 مليار دولار).
2- ذرائعية الملف النووي الإيراني
يظهر من خلال ذلك أن إيران أصبحت هي مصدر الاضطراب، والإقليم المرشح لتفجير الحرب في المنطقة العربية، ولئن احتل الملف النووي الإيراني موقعه المميز في احتمال تفجير الحرب، فإن هذا الملف ليس أكثر من وسيلة ذرائعية، إذ هناك مجموعة من العوامل قد تضافرت لتضع إيران أمام خيار الحرب، ومن ذلك:
أولاً: توافر نوايا وأهداف واضحة لا سبيل لبلوغها إلا بتفجير الحرب، ومن ذلك تصوير الثورة، والتي كانت سبباً في تفجير الحرب العراقية - الإيرانية، ثم إعلان طهران عن دور محوري في المنطقة، مما يعني تدخل إيران في قضايا الوطن العربي - الداخلية وغيرها - وجعل الوطن العربي محمية إيرانية - فارسية.
ثانياً: وجود الوسائل والأجهزة التنفيذية لفرض هذه الأهداف بالقوة، فالحرس الثوري الإيراني وتنظيماته في العراق (الجيش الصدري)، وفي لبنان (حزب الله)، ودوره في فلسطين عبر (حماس)، بالإضافة إلى الوجود الإيراني الكثيف في دول الخليج العربي، وربط التنظيمات الشيعية بمرجعية (قم)، مع اعتماد (سياسة تسلح) متطورة حولت المجتمع الإيراني إلى مجتمع حرب؛ كل ذلك مما يحقق التطابق بين هدف الحرب ووسائل الحرب ونوايا الحرب.
ثالثاً: ترجمة هذه السياسات العسكرية بممارسة استفزازية ضد السياسات الإقليمية العربية، وضد الدول التي تعيق طهران عن تتنفيذ مخططاتها، والبيانات والمواقف الإيرانية لم تعد مجهولة، إذ اتبعت طهران سياسة إعلامية مميزة في محاولاتها لتحقيق أهدافها تعتمد على إثارة الرعب والتحريض الطبقي والمذهبي والعنصري لإثارة مشاعر الكراهية، مع ممارسة قدر كبير من الضغوط لإخضاع الأفراد والقوى وحتى الدول للمطالب الإيرانية.
وهنا لابد من التعرض للطلب الإيراني المتكرر بإخراج القواعد الأجنبية من منطقة الخليج العربي، وهو طلب حق أريد به باطل، وهذا الباطل يعني من وجهة نظر طهران (منح إيران دور شرطي الخليج) لضمان مصالح الدول الكبرى والقيام بما تطلبه الدول الكبرى، مما يساعد طهران على تنفيذ دورها المحوري، وإن تدقيق مطالب إيران من قمة مجلس التعاون الخليجي (قمة الدوحة - قطر 3 - 5 كانون الأول - ديسمبر 2007م)، والتي جاءت تحت عنوان الشراكة في كل المجالات لا تعني بحسب - القراءات الإيرانية - اقتحام المنطقة من أوسع أبوابها، وضمان السيطرة الإيرانية، وإعلان الاستسلام لهيمنتها، وعلى هذا النحو استمرت (العرضة) على لحن الحرب الكلامية على ضفتي الخليج بين الأمريكيين والإيرانيين. وفي يوم 27 تشرين الثاني - نوفمبر 2007م اجتمع وزير الدفاع الإيراني "العميد مصطفى محمد نجار" بأعضاء قوات التعبئة في وزارة الدفاع الإيرانية، وأعلن أمامهم ما يلي: (انجزت مصانع وزارة الدفاع الإيرانية صاروخاً باليستيًا يبلغ مداه ألفي كيلومتر، وحمل اسم (عاشوراء)، كما جرى اليوم تسليم القوات البحرية غواصة من طراز (الغدير)، بالإضافة إلى وضع تصميم مخطط لصناعة مدمرات قاذفة للصواريخ، وهي في مرحلة الإنتاج، حيث سيتم قريباً تزويد القوات البحرية بها، وهذا مما يحقق سياسة الاكتفاء الذاتي، وذلك بفضل كفاءة المهندسين الإيرانيين). أما في مجال الملف النووي الإيراني، فيمكن التوقف عند كلمات من خطاب الرئيس الإيراني "محمود أحمدي نجاد" يوم 7 تشرين الثاني - نوفمبر 2007م في مدينة (برجند) في خراسان، ومنها: (أصبحت إيران تمتلك اليوم ثلاثة آلاف جهاز طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم، وهذا مما يسمح لنا نظرياً - وإذا ما عملت الأجهزة بطاقتها القصوى - إنتاج كميات كافية من اليورانيوم لصنع قنبلة نووية في أقل من سنة). ولم يكن المجتمع الدولي - ممثلاً بالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن - بحاجة لأكثر من مثل هذا الإعلان لعقد اجتماع فوري وتوجيه تحذير إلى إيران بفرض عقوبات جديدة إذ ما واصلت طهران رفض الامتثال لمطالب مجلس الأمن بالتخلي عن مشروعها النووي. وبعد ذلك أعلنت (موسكو) أنها أرسلت الشحنة الأولى من اليورانيوم المخصب لتشغيل مفاعل (بوشهر) يوم 18 كانون (السنة) لتشغيل المفاعل لمدة سنة، وفي يوم 24 كانون الأول - ديسمبر 2007م أعلن في طهران بأن إيران ستعلن عن مناقصة دولية لبناء 19 محطة لإنتاج الطاقة الكهربائية النووية بقدرة ألف ميجاوات مع إنجاز خطة لتطوير قدرة الإنتاج المحلي بما يكفي لتغذية محطات طاقة لإنتاج (20) ألف ميجاوات سنة 2020م، وفي موسكو صدرت صحيفة (كومن سانت) الروسية في اليوم ذاته، وهي تحمل النبأ التالي: (استؤنفت في موسكو وطهران مفاوضات حول تسليم معدات عسكرية روسية لإيران تشمل محركات للطائرات والمروحيات، حيث ترغب إيران في الحصول على محركات (أو - دي -33) لتجهيز طائرات مقاتلة تحل محل المقاتلات الأمريكية القديمة (أف -5)، وكذلك محركات لتحديث الحوامات ووسائط قتالية أخرى)، وقد اقترن ذلك - كما أصبح معهوداً - بتصعيد التوتر، وارتفاع ضجيج الحرب، وخرج وزير الدفاع الإيراني العميد "مصطفي نجار" يوم 26 كانون الأول - ديسمبر 2007م ليصرح بما يلي: (إن إيران مستعدة للرد بقوة على أي هجوم قد تتعرض له، وفي كل الظروف والأوقات من أجل الدفاع الشامل عن البلد، وإذا شعرنا بتهديد ما، فإننا سنرد بتوجيه ضربة قاصمة). وفي ذكرى (عاشوراء) صرح الأمين العام لحزب الله اللبناني يوم 19 كانون الثاني - يناير 2008م في خطاب له بما يلي: (إننا نؤكد جهوزية تغيرّ مصير المنطقة)، ومع هذه الحرب الكلامية تصاعدت الاستعدادات العسكرية، فتم الإعلان يوم 3 شباط - فبراير 2008م عن مجموعة من الإنجازات، أهمها إطلاق أول منظومة فضائية علمية محلية الصنع، وإطلاق صاروخ (سفير) الحامل للأقمار الاصطناعية، ونموذجها قمر الأبحاث (أوميد أول -1)، وحضر الرئيس الإيراني هذه التجربة، فيما كان وزير الدفاع الإيراني يدشن منظومات رصد أرضية وجوية ذكية لتوجيه المدفعية والأسلحة الصاروخية ورصد الأهداف البرية والبحرية والجوية في كل الأوقات، ولم تخف واشنطن استياءها من هذه التجارب الصاروخية التي أكدت المخاوف الأمريكية والأوروبية من برنامج إيران النووي، ولم يكن باستطاعة موسكو في هذه المرة إلا أن تعلن بأن لديها شكوكاً في طموحات إيران النووية.
3- الاستقطاب الدولي والحرب
لم تعد قضية الحرب المهيمنة على سماء الوطن العربي وعلى تخومه من القضايا الغامضة أو ذات "الأبعاد المجهولة"، فتصاعد التوتر أو تراجع حدته وشدته، وارتفاع ضجيج قرع طبول الحرب أو ارتفاع رايات السلام، هي قضية ذات علاقة وثيقة بالموقف الدولي وصراعات الأقطاب على أرض المصالح والمكاسب تحت ذرائع كثيرة، أولها (التعددية القطبية، والمشاركة في دور دولي أكبر)، مما يعني ببساطة عودة الاستعمار مع كل ما يقترن به من الجرائم والظلم والدمار؛ عودة سياسات الاستقطاب - في السنتين الأخرتين بخاصة - قد أعاد العالم إلى مطلع عقد الخمسينيات من القرن الماضي، يوم كان العالم منقسماً إلى معسكرين متصارعين هما: المعسكر الاشتراكي بقيادة موسكو، والمعسكر الرأسمالي أو الحر بقيادة واشنطن. ولقد عرف العالم نوعاً من الهدوء النسبي وعاش مرحلة قصيرة مع الأمل الجميل بالتحرر من ظلم الاستقطاب وجرائمه، وهو ما شكل حافزاً لظهور تنظيم (دول عدم الانحياز) أو ( مؤتمر باندونج) في منتصف عقد الخمسينيات، فهل يمكن توقع قيام ثورة عالمية تعيد الرشد لرؤوس الأقطاب التي أعادت فرض سياسات الحروب على عالم القرن (21) الذي يعيش أيامه الأولى؟ المهم في الأمر هو أن استراتيجية الاستقطاب قد بعثت مجدداً منذ مؤتمر بيتر سبورغ، وحرب لبنان في تموز - يوليو 2006م، حيث انطلق الرئيس الروسي "فلا ديمير بوتين" - مستفيداً من الموقف الأمريكي الصعب والمتعثر في العراق - لإعادة العمل بسياسات التسلح والحروب، وسياسات الاستقطاب، وإذن فإن تهديدات الحرب بداية من طهران، ونهاية بجنوب لبنان، وحتى غزة، والعراق ليست منفصلة ولامستقلة عن تهديدات روسيا، ولابد للمراقب في هذا المجال من أن يتابع تطور نداء ات وشعارات الحرب وسياسات التسلح بدايةً من موسكو، ونهايةً بجنوب لبنان حيث يظهر التطابق الكامل في المواقف والأقوال، وحتى في الخطاب السياسي المزدوج والمخادع. وبالتالي فلابد هنا من التوقف عند بعض الشواهد الصادرة عن موسكو خلال الفترة القصيرة الماضية. ولقد تضمن البحث إشارة إلى كلمة الرئيس الأمريكي "جورج بوش" في جولته على دول الخليج في مطلع العام الحالي 2008م، والتي تعهد فيها بالتزام بلاده بحماية أمن الدول الحليفة والصديقة إذا ما تعرضت للخطر، وفي ذلك إشارة واضحة للخطر الإيراني، ولم يتأخر الرد الروسي كثيراً؛ ففي يوم 19 كانون الثاني - يناير 2008م ألقى رئيس هيئة الأركان الروسية الجنرال "يوري بالوبغسكي" كلمة أمام مؤتمر علمي عقد في موسكو، جاء فيها ما يلي: (نحن لا ننوي مهاجمة أحد، لكننا نرى أنه من الضروري أن يفهم جميع شركائنا بوضوح، وألا يكون لدى أحد أدنى شك في أننا سنلجأ إلى استخدام القوات المسلحة كإجراء وقائي، بما في ذلك استخدام السلاح النووي، لحماية سيادة روسيا ووحدة أراضيها وحلفائها في الحالات المنصوص عليها في الوثائق المذهبية الأساسية للبلاد، إذ يجب استخدام القدرة العسكرية لاظهار عزم القيادة العليا للبلاد على حماية مصالحها، وأن تستخدم بشكل مكثف في حال التأكد من عدم فاعلية استخدام الوسائل الأخرى)، ويظهر أن هذه الكلمة وأمثالها مما يصدر عن موسكو في هذه المرحلة هو مما يتم استنساخه من (أدبيات) عصر الحرب الباردة. فهل يمكن تصور استخدام السلاح النووي الروسي لحماية (حزب الله)، أو حتى (إيران) بإشعال نار حرب عالمية ثالثة بأسلحة الدمار الشامل الذي يتهدد الوجود الإنساني على أرض الدنيا؟
على كل حال فإنه لابد من الأخذ بمثل هذه الأقوال والبيانات، ووضعها في موضعها الصحيح ضمن إطار (سياسات الحروب) الراهنة والمقترنة بمواقف سياسية وأعمال عسكرية تتطابق مع مضمون البيانات والمقولات، ومن ذلك على سبيل المثال ما ورد في البيان الختامي الذي صدر عن (قمة قزوين)، والذي صدر يوم 16 تشرين الأول - أكتوبر 2007م، وحضرته روسيا، وإيران، وأذربيجان، وكازخستان، وتركمانستان، وجاء فيه: (تتعهد الدول الخمس بعدم السماح باستخدام أي من أراضيها لشن هجوم عسكري على أي منها، وبخاصة إيران). وبذلك حقق الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" عدداً من الأهداف، ومنها:
1- عدم السماح لأمريكا باستخدام قواعدها في أذربيجان، وكازاخستان، وتركمانستان، في حال شن حرب على إيران.
2- كانت دول حوض قزوين ترغب في تقسيم سواحل البحر بحسب امتداد حدودها البرية مع ساحل البحر، فيما كانت روسيا ترغب في تقسيمها إلى خمسة أقسام متساوية، ولكن دول (قمة قزوين) لم تحقق هدفها من القمة نظراً لطرح قضية (الأمن المشترك)، ونشر مظلة الحماية الروسية على قاعة المؤتمر .
3- حصلت روسيا على دعم كبير من إيران، التي سمحت ولأول مرة لأسطول روسيا في بحر قزوين بزيارة ميناء (انزلي) الذي لم تدخله سفينة روسية منذ ثلاثين عاما،ً وذلك يوم 4 تشرين الثاني نوفمبر 2007م. وتابعت مسيرة الأحداث تسارعها في تطوير الصراع الأمريكي - الروسي، وفي يوم 11 كانون الثاني - يناير - 2008م وفيما كانت وزارة الحرب الأمريكية (البنتاغون) تستنفر الجهود لمتابعة قضية لقاء البارجة الأمريكية بثلاث زوارق مسلحة إيرانية عند مضيق هرمز، مع ما أعقب ذلك من تفاعلات، أعُلن في (موسكو) ما يلي: (غادر الطراد الصاروخي (موسكو) القاعدة الرئيسة للأسطول الروسي في البحر الأسود (سيفاستوبول) متوجهاً إلى البحر الأبيض المتوسط بقيادة الأميرال (كونداكوف) نائب قائد أسطول البحر الأسود، وسينضم الطراد (موسكو) إلى مجموعة القطع البحرية الروسية التي وصلت إلى البحر المتوسط، والتي تضم حاملة الطائرات (كوزنشوف)، وبارجتين، وثلاث سفن مساعدة). وتأكيداً لسياسة روسيا الجديدة التي تعتمد تأكيد القدرة العسكرية الروسية في كل المجالات، أعلن في موسكو يوم 12 كانون الثاني - يناير 2008م أنه تم إجراء تجربتين قامت بهما قاذفتان روسيتان من طراز (بلاك جاك) بعيدة المدى، وتوجهتا إلى خليج بسكاي في مواجهة السواحل الفرنسية - الأسبانية لاختبار إطلاق صواريخ، وتجدر الإشارة إلى أن القاذفات الاستراتيجية الروسية (توبوليف 16)، والتي أطلق عليها حلف شمال الأطلسي اسم (بلاك جاك) استخدمت في أيلول - سبتمبر 2007م لاختبار قنبلة تحدث فراغاً هوائياً يؤدي إلى تشكيل موجات صدمات قوية يمكن مقارنتها بتفجيرات نووية، وقد جاءت هذه التجربة والتجارب المماثلة التي حدد الرئيس "فلاديمير بوتين" هدفها بالكلمات التالية: (إعادة روسيا إلى المسرح الدولي)؛ لتعكس دعماً روسياً داخلياً لإعادة "بوتين" وحزبه إلى الحكم بنسبة 80% من أصوات المواطنين الروس.
وإذا كانت المناورات البحرية للأسطول الروسي في محيط الأطلسي قد شكلت تحدياً قوياً للأساطيل الأمريكية والغربية في تنظيم حلف شمال الأطلسي، فإن طلعات الطيران الحربي الاستراتيجي بعيد المدى للتحليق بصورة مستمرة حول العالم هو الوجه الثاني للتحدي الجوي والفضائي، حيث يجري التنسيق للتعاون بين الأساطيل البحرية المنتشرة في بحر الشمال، والبحر الأسود، والبحر المتوسط، ومحيط الأطلسي، وبين الطيران الاستراتيجي تحت عنوان واضح هو: (الاستعداد لهجمات وقائية دفاعية)، ويعني ذلك أن موسكو التي لم تتعرض لتهديد هجومي من جانب أمريكا أو الغرب قد اعتبرت أن التهديد الموجه لطهران أو أي من حلفائها هو هجوم على روسيا يستدعي الرد بشكل غير معهود وغير مسبوق. وفي تصريح لقائد البحرية الروسية الاميرال "فلاديمير فايسو تلسكني" يوم 4 شباط - فبراير 2008م ورد ما يلي: (تعتزم روسيا دعم وجودها في المناطق الاستراتيجية في العالم بما فيها المحيط الأطلسي والبحر المتوسط، حيث توجد مصالح لروسيا وليست المناورات البحرية والجوية هي فقط للظهور).
4- البناء المتوازن للسلم والحرب
يمكن على ضوء ما تقدم التساؤل: هل استطاع الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" نقل العالم من حالة السلم إلى حالة الحرب؟ وما هي المرحلة التي وصلت إليها (التعددية القطبية) التي تقودها روسيا، والتي أصبحت تضم محور موسكو، وبكين، ونيودلهي، مع محاولات تحييد اليابان، واستراليا، وجنوب شرق آسيا، بحيث يتحقق طموح الشرق الآسيوي تحت شعار (آسيا للآسيويين)، وطرد الاستعمار الغربي (الأوروبي) من آسيا؟ وهل يمكن تحت ثقل تحديات الحروب والأحلاف واستراتيجيات الاستقطاب إعادة الروح لتنظيم دول عدم الانحياز، أو إعادة تنظيم دولي مماثل لدعم التيار المضاد للحروب واستثماراتها المدمرة؟ وأسئلة كثيرة تحمل من المجاهيل والاحتمالات أكثر مما تتضمنه من الحقائق والوقائع، وبالتالي ما هي ملامح المستقبل؟ وهل ستستمر حروب الأقطاب على ملاعب الدول الصغرى؟
إن ما يهم البحث هنا هو التوقف عند النقاط التالية:
أولاً: هدف الاستقطاب الدولي الجديد جعل الدور الإيراني في المنطقة بديلاً عن الدور الإسرائيلي؛ ذلك أن إسرائيل بكل مكوناتها الديموغرافية والاقتصادية عاجزة عن ممارسة دور كبير في المنطقة، وقد ظهر ذلك واضحاً منذ الحرب العربية الإسرائيلية 1973م، وما تبعها من حروب حتى اليوم، وأصبح استمرار الحروب العربية الإسرائيلية لا يخدم مصالح أي من الأطراف الدولية، وأصبح المخرج الوحيد الذي يضمن بقاء إسرائيل ورقة في يد الدول الكبرى، ويسمح لها بالاندماج في المنطقة هو الوصول إلى سلام مع إسرائيل، والاستعاضة عنها بدور بديل تقوم به إيران، ويضمن ما يلي:
أ - تستطيع الدول الكبرى إعادة تقسيم المنطقة فتبقى إيران تحت المظلة الروسية، وتبقى بقية الدول العربية (دول مجلس التعاون) تحت المظلة الأمريكية الغربية، وبذلك يمكن تطوير سياسات الحروب والتسلح، واستنزاف قدرات المنطقة بمشاريع التسلح الاستهلاكية، وبذلك تحاول روسيا استعادة دورها المحوري على الصعيد العالمي، وتحاول إيران ممارسة دورها المحوري على صعيد الوطن العربي، ومنطقة الخليج تحديدا،ً فيما يبقى لحزب الله دور محوري في لبنان، وهذا ما يوضح على سبيل المثال مقاومة إيران واحتجاجها على التسلح الخليجي أو إقامة قاعدة فرنسية في الإمارات، فيما تمارس روسيا دورها الكامل على المنطقة من خلال إيران التي تضطلع بواجب إخلاء المنطقة من المقاومات المضادة.
ب - إيران الغنية بمواردها الاقتصادية وقدراتها البشرية لاتحتاج للدعم والمساعدة للقيام بدورها المحوري عند قيام الحرب، فيما تبقى إسرائيل بحاجة دائمة للدعم والمساعدة للقيام بدورها الوظيفي مما يجعل مشروعها خاسراً.
ثانياً: إن من حق إيران امتلاك السلاح الذي تريد، ولكن ليس من حقها أبداً استخدام هذا السلاح لتهديد دول الجوار، أو إثارة الاضطراب. ولقد عرفت دول المنطقة كل أنواع المعاناة القاسية بما في ذلك الحرب العراقية - الإيرانية بين عامي1980 - 1989م، علاوة على الدور الإيراني المعروف في دول الجوار، وعبر تقديم الدعم المادي والمعنوي لتفتيت الجبهات الداخلية العربية في العراق، ولبنان، وفلسطين، وقد يكون من الصعب بالتالي عدم مواكبة التسلح الإيراني بتسلح عربي مقابل مواز له بالاتجاه ومعادل في القوة، وبذلك، فإن الطرف الخاسر في سباق التسلح هو دول المنطقة على ضفتي الخليج.
ثالثاً: إذا كان هدف الاستقطاب الدولي هو استنزاف المنطقة، وإحكام الهيمنة عليها؛ فالواجب الأول لدول المنطقة هو المحافظة على القدرات الذاتية لشعوبها وتنميتها وتطويرها في غير مجالات سياسات الحروب، وهنا ما من حاجة للقول إن الدول الأقوى في السلم هي الأكثر قدرة على الحرب، ولقد أصبح الاقتصاد هو الدعامة الأولى لبناء الدولة القوية في السلم والحرب، ولاريب أن امتلاك التقانة والقدرة على الإفادة منها وتطويرها في كل مجالات السلم والحرب يشكل أساساً لابد من السعي بجهود منسقة تحقق التوازن في بناء النظام العربي، فالقضية - على سبيل المثال - ليست قضية منافسة لامتلاك التقانة النووية في الدول على ضفتي الخليج العربي، ولا في متابعة سباق التسلح، وإنما بتجديد الأهداف الواضحة التي تخدم بناء القدرات الذاتية وتدعمها.
رابعاً: إن ممارسات إيران على امتداد سنوات ثلاثة عقود، قد استلبت عامل الثقة من سوق التعامل العربية - الإيرانية في كل المجالات، وإذا كانت هناك دول عربية أو منظمات عربية قد ارتضت الحياد سياسةً لها في مواجهة المد الإيراني، فإن ذلك لا يعني تسجيل مكاسب لحساب السياسات الإيرانية، بل إن الأمر قد يكون على النقيض من ذلك، إذ ظهرت الانحرافات الإيرانية أكثر وضوحاً في فرض التحديات الثقيلة على الوطن العربي. ولابد من إعادة بناء الثقة حتى تتمكن إيران من القيام بدور بناء وإيجابي في مصلحة المجموع العربي وفي بناء القدرة الذاتية العربية والإيرانية سواء بسواء.
خامساًً: تبقى إسرائيل العدو الأول للشعب العربي الذي دفع ثمناً غالياً من دماء أبنائه ومن تشرد أجياله، ومن ثرواته ومتطلبات بناء مستقبله، ومن شدة معاناته عبر سياسات الحروب والتسلح. ولهذا، فإن إقامة، أو فرض سلام عربي - إسرائيلي هو مما يفرض على إسرائيل قيوداً وضوابط قد لاتستطيعها لبناء الثقة بعيشٍ مشترك في آفاق المستقبل، وبالتالي يبقى الاستعداد للصراع مع إسرائيل - سلماً أو حرباً - من العوامل الثابتة في بناء القدرة الذاتية العربية، وفي إقامة وتطوير النظام العربي القائم، من أجل ضمان الأمن العربي، ومن أجل الاستجابة لأنواع التحديات الوافدة من كل اتجاه.
سادساً: البحث عن دور رائد في إقامة نظام عربي واعد للمستقبل، حيث يبدو عبر ارتياد آفاق العمل العربي، مجال واسع للجدل والحوار في قضية التعامل مع الواقع العربي، ومع متطلبات تطوير النظام العربي من أجل المستقبل، ولعل عملية مراجعة بسيطة، أو عملية استقراء سريعة لما يدور في العواصم العربية من جدل وحوار بين رجال الدول العربية، وصانعي قراراتها، ورجال الفكر العربي، والقادة في مختلف المواقع المسؤولية، ما هو إلا تعبير عن حالة الاستنفار للنهوض بقوة من أجل تشكيل الاستجابات الصحيحة ضد التحديات، وهنا تبرز جهود رائدة في مجال إعادة الثقة ببناء النظام العربي وهي الجهود التي تم التعبير عنها في مقررات وزراء دفاع مجلس التعاون لدول الخليج العربي التي صدرت في الرياض في كانون الأول - ديسمبر 2007م، وتضمنت: (الإعلان عن اتفاق على صيغة موحدة لتطوير قوة (درع الجزيرة المشتركة)، وذلك بناءً على اقتراح خادم الحرمين الشريفين الملك "عبدالله بن عبدالعزيز" واعتبر ذلك بحق قاعدة لضمان الاستقرار الإقليمي، وأمن مصادر الطاقة في ظل التهديدات التي تواجهها دول المنظمة، وقد عبر النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الكويتي الشيخ "جابر المبارك الحمد الصباح" عن سعادته بما صدر من مقررات بقوله: (اتخذنا خطوات تنفيذية جيدة منها أن قوات درع الجزيرة لن تقتصر على القوات البرية فقط بل ستشمل القوات الجوية والبحرية أيضاً، وإن توجيهات الوزراء لإعداد الاستراتيجية العسكرية الأمنية والسياسيية ستُناقش في اجتماع الدوحة، وستسهم النتائج في تعزيز مسيرة الأمن والاستقرار في المنطقة)
مجلة كلية الملك خالد العسكرية
1- البحث عن الأمن العربي
لم يكن قيام الدول الخليجية بتكوين ( مجلس التعاون الخليجي) في العام 1982م، إلا استجابة صادقة في مواجهة التحديات التي تشكلت في ذروة عصر الحرب الباردة، ورداً على متطلبات الصراع التي تفجرت بتفجر الحرب العراقية - الإيرانية بين عامي1980 - 1989م، وقد استطاع (مجلس التعاون الخليجي) أن يطور قدراته في كل المجالات بصورة منهجية متجاوزاً مجموعة من الصعوبات والعقبات التي نظمتها التحديات المفروضة. وقد يكون بالمستطاع تجاوز كل التحديات وما تبعها من استجابات طوال الحقبة الماضية للتوقف عند ما هو أقربها عهداً وأكثرها وضوحاً، واختيار بعض نماذجها وامثولاتها، ومن ذلك زيارة وزير الدفاع الفرنسي للمملكة العربية السعودية في أواخر أكتوبر 2007م، ثم للإمارات العربية المتحدة بعد يومين، ثم الجولة الموسعة على دول المنطقة لوزيري الخارجية والدفاع الألمانيين، لقد كان ذلك دليلاً واضحاً على خطر انزلاق المنطقة إلى حرب مجهولة النتائج، مما دفع خادم الحرمين الشريفين الملك "عبدالله بن عبدالعزيز" للقيام بجولة في أوروبا، شملت: (إنجلتر، وألمانيا، والفاتيكان، إيطاليا)، حيث أعلن في لندن يوم 1 تشرين الثاني - نوفمير 2007م عن اقتراح - أعلنه سمو الأمير "سعود الفيصل" وزير الخارجية، واعتمدته دول الخليج وحملته المملكة العربية السعودية -يطلب من إيران تجنيب المنطقة الحرب، والموافقة على تخصيب اليورانيوم خارج المنطقة بمشاركة إيرانية.
وفي زيارة خادم الحرمين الشريفين للعاصمة الألمانية برلين أعلن يوم 7 تشرين الثاني نوفمبر 2007م ما يلي: (أجرى الملك عبدالله بن عبدالعزيز - عاهل المملكة العربية السعودية - مباحثات مع المستشارة الألمانية "أنغيلاميركل" شملت في جانبها السياسي معالجة موضوعين: الأول: التطورات في الشرق الأوسط قبيل اجتماع أنابوليس، والثاني: التطورات في إيران وتأثيرها على العالم الإسلامي، والاستقرار في باكستان وأفغانستان، وفي اليوم ذاته "7 تشرين الثاني - نوفمبر 2007م" كان نائب وزير الدفاع السعودي الأمير "عبدالرحمن بن عبدالعزيز" يطلق تحذيره من الرياض في كلمته أمام وزراء الدفاع في مجلس التعاون الخليجي الست والتي جاء فيها: (إنني أدعو إلى تطوير جيوش دول المجلس للتصدي للتهديدات التي تواجهها المنطقة، ويجب علينا العمل جاهدين لتطوير قواتنا المسلحة حتى تكون قادرة على ضمان الاستقرار الإقليمي، وأمن مصادر الطاقة في ظل التهديدات التي نواجهها، وإن هذا الهدف يفرضه الحوار الاستراتيجي، وتغيير مصادر التهديد، وظهور خطر الإرهاب، وصعود قوى إقليمية مؤثرة في المنطقة). ومع تطوير الاستعدادات القتالية التي لم تكن عبر التاريخ إلا الدرع الوقائي ضد أخطار الحروب وضياع السلم والأمن؛ فقد استمرت الجهود العربية للتعامل بصورة إيجابية مع التوتر المتصاعد في منطقة الخليج، ليرسل استطالاته إلى المنطقة العربية من خلال ما أطلق عليه اسم (الامتداد الفارسي) أو (الهلال الشيعي)؛ الذي ينطلق من طهران ليصل إلى حزب الله في جنوب لبنان، وإلى حماس في (غزة) مروراً بدمشق، ويمكن اعتبار نقطة التحول في التعامل مع هذا الخطر الذي هيمن بشكل مثير للقلق خلال تلك الفترة عندما وصل الرئيس الإيراني "محمود أحمدي نجاد" إلى الرياض يوم 3 أذار - مارس 2007م، وقام بإجراء مباحثات مع خادم الحرمين الشريفين الملك "عبدالله بن عبدالعزيز" أحيطت بالكتمان، ولكن تطور الأحداث بعد هذا اللقاء أكد أن هناك معالجة واقعية وشفافة (واضحة) لقضية التوتر المتصاعد والناتج عن السياسات الاستفزازية للنظام الإيراني، وبصورة خاصة ضد دول الخليج العربي، مع بذل كل جهد مستطاع لتجنيب الانزلاق إلى حرب طائفية في العراق ولبنان بخاصة. وجاءت مقررات القمة العربية في الرياض (قمة التضامن العربي)، والتي أعلنت يوم 29 أذار - مارس 2007م، لتؤكد هذا الاتجاه، وذلك بتقديم الدعم لتحقيق التوافق في لبنان، ودعم الشعب العربي في فلسطين، ولبنان، والعراق، للوصول إلى السلام، وكانت دعوة خادم الحرمين الشريفين للرئيس الإيراني لأداء فريضة الحج من العام 1428ه كانون الأول - ديسمبر 2007م بمثابة تأكيد لإرادة إبعاد شبح الخطر عن الأفق العربي وتخوم الوطن العربي، وهو ما أعيد تأكيده أيضاً عندما وجهت الدعوة للرئيس الإيراني لحضور قمة مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في (قطر - الدوحة) 3-5 كانون الأول - ديسمبر 2007م، حيث تقدم الرئيس "محمود أحمدي نجاد" باقتراح لعقد اتفاق أمني مشترك، وإنشاء مؤسسة أمنية للتعاون بين ضفتي الخليج، وتأسيس منظمة للتعاون الاقتصادي بين الجانبين، وإلغاء تأشيرات الدخول بين إيران ودول المجلس، وكذلك الاستثمار المشترك في الطاقة والتعاون العلمي والتربوي والاقتصادي والسياحي، وتضمن البيان الختامي للقمة الخليجية ما يلي: (تؤكد دول المجتمع تمسكها بمبدأ الوصول إلى حل سلمي لملف إيران النووي، وتدعو إيران لمواصلة الحوار مع المجتمع الدولي، وترحب بتعاونها المستمر مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية)، ويظهر أن محاولات إبعاد شبح الحرب عن المنطقة لم تبلغ مداها وغايتها فقد استمرت عمليات (الحرب الكلامية ضد إيران) وهذا ما عبر عنه وزير الدفاع الأمريكي "روبرت غينتس" في كلمة له أمام (منتدى حوار المناعة الأمني) يوم 8 كانون الأول - ديسمبر 2007م وجاء فيها: (مازالت إيران قادرة على استئناف برنامجها للتسلح النووي، وهي مستمرة في تخصيب اليورانيوم. كما أن السياسة الخارجية الإيرانية تهدد مصالح الولايات المتحدة والمنطقة فهي مسؤولة عن الفوضى في العراق، ولبنان، والأراضي الفلسطينية، وأفغانستان، وإنني أدعو دول الخليج للعمل معاً من أجل تحسين أمن المنطقة، وتطوير أنظمة إقليمية للدفاع الصاروخي، تشكل مظلة حماية ودفاع في المنطقة لمواجهة التهديد الإيراني).
وقد استقبلت منطقة الخليج العربي موجة متصاعدة جديدة من التوتر مع إطلالة العام الميلادي الجديد 2008م؛ حيث تناقلت وكالات الأنباء ما أذاعته (واشنطن) عن صدام وشيك بين زوارق إيرانية مسلحة وبارجة أمريكية عند مضيق هرمز، وقد يكون من الصعب في مناخ انعدام الثقة تصديق أي من الطرفين (الأمريكي والإيراني) عن حقيقة الموقف غير أن هناك حقيقة أخرى لابد من تصديقها وهي أن مثل هذه السياسات العسكرية قد تؤدي إلى انزلاق سريع نحو حرب عندما يكون أحد الطرفين - أو الطرفين معاً - يبحثان عن ذريعة للحرب التي يعملان لها، والمهم في الأمر أن الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا قد أفادتا من هذا الحادث - وإلى أبعد الحدود - عندما قام الرئيس الأمريكي "جورج بوش" بجولته في المنطقة في الفترة (10-16 كانون الثاني - يناير 2008م)، والتي شملت فلسطين، وإسرائيل، والكويت، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والسعودية، وانتهت بمصر، والتي اقترنت زمنياً بجولة مماثلة قام بها الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي". وكان الغطاء السياسي لهذه الجولات هو دعم أمن دول الخليج والحد من أخطار التهديدات والتحديات الإيرانية. ففي كلمة الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي" أمام مجلس الشورى السعودي يوم 14 كانون الثاني - يناير 2008م صرح بما يلي: (لانريد أن نكون فقط شريكاً اقتصادياً استراتيجياً للسعودية، بل شريك سياسي أيضاً)، ووقعت الحكومتان - السعودية والفرنسية -أربع اتفاقيات تعاون في مجالات الطاقة والتعاون السياسي، ومشروعات عقود تصل قيمتها إلى (40) مليار يورو بالإضافة لمشاريع تسلح قيمتها (12) مليار يورو تشمل بيع فرنسا للسعودية حوامات وطائرات تموين، وفرقاطات، وغواصات، ومنظومات مراقبة جوية وبحرية، ومنظومات دفاع جوي. ووقعت فرنسا مع الإمارات العربية المتحدة اتفاقية لإنشاء أول قاعدة عسكرية دائمة في الخليج مقابل السواحل الإيرانية، بالإضافة إلى عقود تسلح بين فرنسا والإمارات قدرت بقيمة (20) مليار يورو، وكانت العقود التي أبرمتها الولايات المتحدة مع دول الخليج تشمل أسلحة متنوعة لتطوير القدرات الدفاعية وبمبالغ كبيرة (40 مليار دولار).
2- ذرائعية الملف النووي الإيراني
يظهر من خلال ذلك أن إيران أصبحت هي مصدر الاضطراب، والإقليم المرشح لتفجير الحرب في المنطقة العربية، ولئن احتل الملف النووي الإيراني موقعه المميز في احتمال تفجير الحرب، فإن هذا الملف ليس أكثر من وسيلة ذرائعية، إذ هناك مجموعة من العوامل قد تضافرت لتضع إيران أمام خيار الحرب، ومن ذلك:
أولاً: توافر نوايا وأهداف واضحة لا سبيل لبلوغها إلا بتفجير الحرب، ومن ذلك تصوير الثورة، والتي كانت سبباً في تفجير الحرب العراقية - الإيرانية، ثم إعلان طهران عن دور محوري في المنطقة، مما يعني تدخل إيران في قضايا الوطن العربي - الداخلية وغيرها - وجعل الوطن العربي محمية إيرانية - فارسية.
ثانياً: وجود الوسائل والأجهزة التنفيذية لفرض هذه الأهداف بالقوة، فالحرس الثوري الإيراني وتنظيماته في العراق (الجيش الصدري)، وفي لبنان (حزب الله)، ودوره في فلسطين عبر (حماس)، بالإضافة إلى الوجود الإيراني الكثيف في دول الخليج العربي، وربط التنظيمات الشيعية بمرجعية (قم)، مع اعتماد (سياسة تسلح) متطورة حولت المجتمع الإيراني إلى مجتمع حرب؛ كل ذلك مما يحقق التطابق بين هدف الحرب ووسائل الحرب ونوايا الحرب.
ثالثاً: ترجمة هذه السياسات العسكرية بممارسة استفزازية ضد السياسات الإقليمية العربية، وضد الدول التي تعيق طهران عن تتنفيذ مخططاتها، والبيانات والمواقف الإيرانية لم تعد مجهولة، إذ اتبعت طهران سياسة إعلامية مميزة في محاولاتها لتحقيق أهدافها تعتمد على إثارة الرعب والتحريض الطبقي والمذهبي والعنصري لإثارة مشاعر الكراهية، مع ممارسة قدر كبير من الضغوط لإخضاع الأفراد والقوى وحتى الدول للمطالب الإيرانية.
وهنا لابد من التعرض للطلب الإيراني المتكرر بإخراج القواعد الأجنبية من منطقة الخليج العربي، وهو طلب حق أريد به باطل، وهذا الباطل يعني من وجهة نظر طهران (منح إيران دور شرطي الخليج) لضمان مصالح الدول الكبرى والقيام بما تطلبه الدول الكبرى، مما يساعد طهران على تنفيذ دورها المحوري، وإن تدقيق مطالب إيران من قمة مجلس التعاون الخليجي (قمة الدوحة - قطر 3 - 5 كانون الأول - ديسمبر 2007م)، والتي جاءت تحت عنوان الشراكة في كل المجالات لا تعني بحسب - القراءات الإيرانية - اقتحام المنطقة من أوسع أبوابها، وضمان السيطرة الإيرانية، وإعلان الاستسلام لهيمنتها، وعلى هذا النحو استمرت (العرضة) على لحن الحرب الكلامية على ضفتي الخليج بين الأمريكيين والإيرانيين. وفي يوم 27 تشرين الثاني - نوفمبر 2007م اجتمع وزير الدفاع الإيراني "العميد مصطفى محمد نجار" بأعضاء قوات التعبئة في وزارة الدفاع الإيرانية، وأعلن أمامهم ما يلي: (انجزت مصانع وزارة الدفاع الإيرانية صاروخاً باليستيًا يبلغ مداه ألفي كيلومتر، وحمل اسم (عاشوراء)، كما جرى اليوم تسليم القوات البحرية غواصة من طراز (الغدير)، بالإضافة إلى وضع تصميم مخطط لصناعة مدمرات قاذفة للصواريخ، وهي في مرحلة الإنتاج، حيث سيتم قريباً تزويد القوات البحرية بها، وهذا مما يحقق سياسة الاكتفاء الذاتي، وذلك بفضل كفاءة المهندسين الإيرانيين). أما في مجال الملف النووي الإيراني، فيمكن التوقف عند كلمات من خطاب الرئيس الإيراني "محمود أحمدي نجاد" يوم 7 تشرين الثاني - نوفمبر 2007م في مدينة (برجند) في خراسان، ومنها: (أصبحت إيران تمتلك اليوم ثلاثة آلاف جهاز طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم، وهذا مما يسمح لنا نظرياً - وإذا ما عملت الأجهزة بطاقتها القصوى - إنتاج كميات كافية من اليورانيوم لصنع قنبلة نووية في أقل من سنة). ولم يكن المجتمع الدولي - ممثلاً بالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن - بحاجة لأكثر من مثل هذا الإعلان لعقد اجتماع فوري وتوجيه تحذير إلى إيران بفرض عقوبات جديدة إذ ما واصلت طهران رفض الامتثال لمطالب مجلس الأمن بالتخلي عن مشروعها النووي. وبعد ذلك أعلنت (موسكو) أنها أرسلت الشحنة الأولى من اليورانيوم المخصب لتشغيل مفاعل (بوشهر) يوم 18 كانون (السنة) لتشغيل المفاعل لمدة سنة، وفي يوم 24 كانون الأول - ديسمبر 2007م أعلن في طهران بأن إيران ستعلن عن مناقصة دولية لبناء 19 محطة لإنتاج الطاقة الكهربائية النووية بقدرة ألف ميجاوات مع إنجاز خطة لتطوير قدرة الإنتاج المحلي بما يكفي لتغذية محطات طاقة لإنتاج (20) ألف ميجاوات سنة 2020م، وفي موسكو صدرت صحيفة (كومن سانت) الروسية في اليوم ذاته، وهي تحمل النبأ التالي: (استؤنفت في موسكو وطهران مفاوضات حول تسليم معدات عسكرية روسية لإيران تشمل محركات للطائرات والمروحيات، حيث ترغب إيران في الحصول على محركات (أو - دي -33) لتجهيز طائرات مقاتلة تحل محل المقاتلات الأمريكية القديمة (أف -5)، وكذلك محركات لتحديث الحوامات ووسائط قتالية أخرى)، وقد اقترن ذلك - كما أصبح معهوداً - بتصعيد التوتر، وارتفاع ضجيج الحرب، وخرج وزير الدفاع الإيراني العميد "مصطفي نجار" يوم 26 كانون الأول - ديسمبر 2007م ليصرح بما يلي: (إن إيران مستعدة للرد بقوة على أي هجوم قد تتعرض له، وفي كل الظروف والأوقات من أجل الدفاع الشامل عن البلد، وإذا شعرنا بتهديد ما، فإننا سنرد بتوجيه ضربة قاصمة). وفي ذكرى (عاشوراء) صرح الأمين العام لحزب الله اللبناني يوم 19 كانون الثاني - يناير 2008م في خطاب له بما يلي: (إننا نؤكد جهوزية تغيرّ مصير المنطقة)، ومع هذه الحرب الكلامية تصاعدت الاستعدادات العسكرية، فتم الإعلان يوم 3 شباط - فبراير 2008م عن مجموعة من الإنجازات، أهمها إطلاق أول منظومة فضائية علمية محلية الصنع، وإطلاق صاروخ (سفير) الحامل للأقمار الاصطناعية، ونموذجها قمر الأبحاث (أوميد أول -1)، وحضر الرئيس الإيراني هذه التجربة، فيما كان وزير الدفاع الإيراني يدشن منظومات رصد أرضية وجوية ذكية لتوجيه المدفعية والأسلحة الصاروخية ورصد الأهداف البرية والبحرية والجوية في كل الأوقات، ولم تخف واشنطن استياءها من هذه التجارب الصاروخية التي أكدت المخاوف الأمريكية والأوروبية من برنامج إيران النووي، ولم يكن باستطاعة موسكو في هذه المرة إلا أن تعلن بأن لديها شكوكاً في طموحات إيران النووية.
3- الاستقطاب الدولي والحرب
لم تعد قضية الحرب المهيمنة على سماء الوطن العربي وعلى تخومه من القضايا الغامضة أو ذات "الأبعاد المجهولة"، فتصاعد التوتر أو تراجع حدته وشدته، وارتفاع ضجيج قرع طبول الحرب أو ارتفاع رايات السلام، هي قضية ذات علاقة وثيقة بالموقف الدولي وصراعات الأقطاب على أرض المصالح والمكاسب تحت ذرائع كثيرة، أولها (التعددية القطبية، والمشاركة في دور دولي أكبر)، مما يعني ببساطة عودة الاستعمار مع كل ما يقترن به من الجرائم والظلم والدمار؛ عودة سياسات الاستقطاب - في السنتين الأخرتين بخاصة - قد أعاد العالم إلى مطلع عقد الخمسينيات من القرن الماضي، يوم كان العالم منقسماً إلى معسكرين متصارعين هما: المعسكر الاشتراكي بقيادة موسكو، والمعسكر الرأسمالي أو الحر بقيادة واشنطن. ولقد عرف العالم نوعاً من الهدوء النسبي وعاش مرحلة قصيرة مع الأمل الجميل بالتحرر من ظلم الاستقطاب وجرائمه، وهو ما شكل حافزاً لظهور تنظيم (دول عدم الانحياز) أو ( مؤتمر باندونج) في منتصف عقد الخمسينيات، فهل يمكن توقع قيام ثورة عالمية تعيد الرشد لرؤوس الأقطاب التي أعادت فرض سياسات الحروب على عالم القرن (21) الذي يعيش أيامه الأولى؟ المهم في الأمر هو أن استراتيجية الاستقطاب قد بعثت مجدداً منذ مؤتمر بيتر سبورغ، وحرب لبنان في تموز - يوليو 2006م، حيث انطلق الرئيس الروسي "فلا ديمير بوتين" - مستفيداً من الموقف الأمريكي الصعب والمتعثر في العراق - لإعادة العمل بسياسات التسلح والحروب، وسياسات الاستقطاب، وإذن فإن تهديدات الحرب بداية من طهران، ونهاية بجنوب لبنان، وحتى غزة، والعراق ليست منفصلة ولامستقلة عن تهديدات روسيا، ولابد للمراقب في هذا المجال من أن يتابع تطور نداء ات وشعارات الحرب وسياسات التسلح بدايةً من موسكو، ونهايةً بجنوب لبنان حيث يظهر التطابق الكامل في المواقف والأقوال، وحتى في الخطاب السياسي المزدوج والمخادع. وبالتالي فلابد هنا من التوقف عند بعض الشواهد الصادرة عن موسكو خلال الفترة القصيرة الماضية. ولقد تضمن البحث إشارة إلى كلمة الرئيس الأمريكي "جورج بوش" في جولته على دول الخليج في مطلع العام الحالي 2008م، والتي تعهد فيها بالتزام بلاده بحماية أمن الدول الحليفة والصديقة إذا ما تعرضت للخطر، وفي ذلك إشارة واضحة للخطر الإيراني، ولم يتأخر الرد الروسي كثيراً؛ ففي يوم 19 كانون الثاني - يناير 2008م ألقى رئيس هيئة الأركان الروسية الجنرال "يوري بالوبغسكي" كلمة أمام مؤتمر علمي عقد في موسكو، جاء فيها ما يلي: (نحن لا ننوي مهاجمة أحد، لكننا نرى أنه من الضروري أن يفهم جميع شركائنا بوضوح، وألا يكون لدى أحد أدنى شك في أننا سنلجأ إلى استخدام القوات المسلحة كإجراء وقائي، بما في ذلك استخدام السلاح النووي، لحماية سيادة روسيا ووحدة أراضيها وحلفائها في الحالات المنصوص عليها في الوثائق المذهبية الأساسية للبلاد، إذ يجب استخدام القدرة العسكرية لاظهار عزم القيادة العليا للبلاد على حماية مصالحها، وأن تستخدم بشكل مكثف في حال التأكد من عدم فاعلية استخدام الوسائل الأخرى)، ويظهر أن هذه الكلمة وأمثالها مما يصدر عن موسكو في هذه المرحلة هو مما يتم استنساخه من (أدبيات) عصر الحرب الباردة. فهل يمكن تصور استخدام السلاح النووي الروسي لحماية (حزب الله)، أو حتى (إيران) بإشعال نار حرب عالمية ثالثة بأسلحة الدمار الشامل الذي يتهدد الوجود الإنساني على أرض الدنيا؟
على كل حال فإنه لابد من الأخذ بمثل هذه الأقوال والبيانات، ووضعها في موضعها الصحيح ضمن إطار (سياسات الحروب) الراهنة والمقترنة بمواقف سياسية وأعمال عسكرية تتطابق مع مضمون البيانات والمقولات، ومن ذلك على سبيل المثال ما ورد في البيان الختامي الذي صدر عن (قمة قزوين)، والذي صدر يوم 16 تشرين الأول - أكتوبر 2007م، وحضرته روسيا، وإيران، وأذربيجان، وكازخستان، وتركمانستان، وجاء فيه: (تتعهد الدول الخمس بعدم السماح باستخدام أي من أراضيها لشن هجوم عسكري على أي منها، وبخاصة إيران). وبذلك حقق الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" عدداً من الأهداف، ومنها:
1- عدم السماح لأمريكا باستخدام قواعدها في أذربيجان، وكازاخستان، وتركمانستان، في حال شن حرب على إيران.
2- كانت دول حوض قزوين ترغب في تقسيم سواحل البحر بحسب امتداد حدودها البرية مع ساحل البحر، فيما كانت روسيا ترغب في تقسيمها إلى خمسة أقسام متساوية، ولكن دول (قمة قزوين) لم تحقق هدفها من القمة نظراً لطرح قضية (الأمن المشترك)، ونشر مظلة الحماية الروسية على قاعة المؤتمر .
3- حصلت روسيا على دعم كبير من إيران، التي سمحت ولأول مرة لأسطول روسيا في بحر قزوين بزيارة ميناء (انزلي) الذي لم تدخله سفينة روسية منذ ثلاثين عاما،ً وذلك يوم 4 تشرين الثاني نوفمبر 2007م. وتابعت مسيرة الأحداث تسارعها في تطوير الصراع الأمريكي - الروسي، وفي يوم 11 كانون الثاني - يناير - 2008م وفيما كانت وزارة الحرب الأمريكية (البنتاغون) تستنفر الجهود لمتابعة قضية لقاء البارجة الأمريكية بثلاث زوارق مسلحة إيرانية عند مضيق هرمز، مع ما أعقب ذلك من تفاعلات، أعُلن في (موسكو) ما يلي: (غادر الطراد الصاروخي (موسكو) القاعدة الرئيسة للأسطول الروسي في البحر الأسود (سيفاستوبول) متوجهاً إلى البحر الأبيض المتوسط بقيادة الأميرال (كونداكوف) نائب قائد أسطول البحر الأسود، وسينضم الطراد (موسكو) إلى مجموعة القطع البحرية الروسية التي وصلت إلى البحر المتوسط، والتي تضم حاملة الطائرات (كوزنشوف)، وبارجتين، وثلاث سفن مساعدة). وتأكيداً لسياسة روسيا الجديدة التي تعتمد تأكيد القدرة العسكرية الروسية في كل المجالات، أعلن في موسكو يوم 12 كانون الثاني - يناير 2008م أنه تم إجراء تجربتين قامت بهما قاذفتان روسيتان من طراز (بلاك جاك) بعيدة المدى، وتوجهتا إلى خليج بسكاي في مواجهة السواحل الفرنسية - الأسبانية لاختبار إطلاق صواريخ، وتجدر الإشارة إلى أن القاذفات الاستراتيجية الروسية (توبوليف 16)، والتي أطلق عليها حلف شمال الأطلسي اسم (بلاك جاك) استخدمت في أيلول - سبتمبر 2007م لاختبار قنبلة تحدث فراغاً هوائياً يؤدي إلى تشكيل موجات صدمات قوية يمكن مقارنتها بتفجيرات نووية، وقد جاءت هذه التجربة والتجارب المماثلة التي حدد الرئيس "فلاديمير بوتين" هدفها بالكلمات التالية: (إعادة روسيا إلى المسرح الدولي)؛ لتعكس دعماً روسياً داخلياً لإعادة "بوتين" وحزبه إلى الحكم بنسبة 80% من أصوات المواطنين الروس.
وإذا كانت المناورات البحرية للأسطول الروسي في محيط الأطلسي قد شكلت تحدياً قوياً للأساطيل الأمريكية والغربية في تنظيم حلف شمال الأطلسي، فإن طلعات الطيران الحربي الاستراتيجي بعيد المدى للتحليق بصورة مستمرة حول العالم هو الوجه الثاني للتحدي الجوي والفضائي، حيث يجري التنسيق للتعاون بين الأساطيل البحرية المنتشرة في بحر الشمال، والبحر الأسود، والبحر المتوسط، ومحيط الأطلسي، وبين الطيران الاستراتيجي تحت عنوان واضح هو: (الاستعداد لهجمات وقائية دفاعية)، ويعني ذلك أن موسكو التي لم تتعرض لتهديد هجومي من جانب أمريكا أو الغرب قد اعتبرت أن التهديد الموجه لطهران أو أي من حلفائها هو هجوم على روسيا يستدعي الرد بشكل غير معهود وغير مسبوق. وفي تصريح لقائد البحرية الروسية الاميرال "فلاديمير فايسو تلسكني" يوم 4 شباط - فبراير 2008م ورد ما يلي: (تعتزم روسيا دعم وجودها في المناطق الاستراتيجية في العالم بما فيها المحيط الأطلسي والبحر المتوسط، حيث توجد مصالح لروسيا وليست المناورات البحرية والجوية هي فقط للظهور).
4- البناء المتوازن للسلم والحرب
يمكن على ضوء ما تقدم التساؤل: هل استطاع الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" نقل العالم من حالة السلم إلى حالة الحرب؟ وما هي المرحلة التي وصلت إليها (التعددية القطبية) التي تقودها روسيا، والتي أصبحت تضم محور موسكو، وبكين، ونيودلهي، مع محاولات تحييد اليابان، واستراليا، وجنوب شرق آسيا، بحيث يتحقق طموح الشرق الآسيوي تحت شعار (آسيا للآسيويين)، وطرد الاستعمار الغربي (الأوروبي) من آسيا؟ وهل يمكن تحت ثقل تحديات الحروب والأحلاف واستراتيجيات الاستقطاب إعادة الروح لتنظيم دول عدم الانحياز، أو إعادة تنظيم دولي مماثل لدعم التيار المضاد للحروب واستثماراتها المدمرة؟ وأسئلة كثيرة تحمل من المجاهيل والاحتمالات أكثر مما تتضمنه من الحقائق والوقائع، وبالتالي ما هي ملامح المستقبل؟ وهل ستستمر حروب الأقطاب على ملاعب الدول الصغرى؟
إن ما يهم البحث هنا هو التوقف عند النقاط التالية:
أولاً: هدف الاستقطاب الدولي الجديد جعل الدور الإيراني في المنطقة بديلاً عن الدور الإسرائيلي؛ ذلك أن إسرائيل بكل مكوناتها الديموغرافية والاقتصادية عاجزة عن ممارسة دور كبير في المنطقة، وقد ظهر ذلك واضحاً منذ الحرب العربية الإسرائيلية 1973م، وما تبعها من حروب حتى اليوم، وأصبح استمرار الحروب العربية الإسرائيلية لا يخدم مصالح أي من الأطراف الدولية، وأصبح المخرج الوحيد الذي يضمن بقاء إسرائيل ورقة في يد الدول الكبرى، ويسمح لها بالاندماج في المنطقة هو الوصول إلى سلام مع إسرائيل، والاستعاضة عنها بدور بديل تقوم به إيران، ويضمن ما يلي:
أ - تستطيع الدول الكبرى إعادة تقسيم المنطقة فتبقى إيران تحت المظلة الروسية، وتبقى بقية الدول العربية (دول مجلس التعاون) تحت المظلة الأمريكية الغربية، وبذلك يمكن تطوير سياسات الحروب والتسلح، واستنزاف قدرات المنطقة بمشاريع التسلح الاستهلاكية، وبذلك تحاول روسيا استعادة دورها المحوري على الصعيد العالمي، وتحاول إيران ممارسة دورها المحوري على صعيد الوطن العربي، ومنطقة الخليج تحديدا،ً فيما يبقى لحزب الله دور محوري في لبنان، وهذا ما يوضح على سبيل المثال مقاومة إيران واحتجاجها على التسلح الخليجي أو إقامة قاعدة فرنسية في الإمارات، فيما تمارس روسيا دورها الكامل على المنطقة من خلال إيران التي تضطلع بواجب إخلاء المنطقة من المقاومات المضادة.
ب - إيران الغنية بمواردها الاقتصادية وقدراتها البشرية لاتحتاج للدعم والمساعدة للقيام بدورها المحوري عند قيام الحرب، فيما تبقى إسرائيل بحاجة دائمة للدعم والمساعدة للقيام بدورها الوظيفي مما يجعل مشروعها خاسراً.
ثانياً: إن من حق إيران امتلاك السلاح الذي تريد، ولكن ليس من حقها أبداً استخدام هذا السلاح لتهديد دول الجوار، أو إثارة الاضطراب. ولقد عرفت دول المنطقة كل أنواع المعاناة القاسية بما في ذلك الحرب العراقية - الإيرانية بين عامي1980 - 1989م، علاوة على الدور الإيراني المعروف في دول الجوار، وعبر تقديم الدعم المادي والمعنوي لتفتيت الجبهات الداخلية العربية في العراق، ولبنان، وفلسطين، وقد يكون من الصعب بالتالي عدم مواكبة التسلح الإيراني بتسلح عربي مقابل مواز له بالاتجاه ومعادل في القوة، وبذلك، فإن الطرف الخاسر في سباق التسلح هو دول المنطقة على ضفتي الخليج.
ثالثاً: إذا كان هدف الاستقطاب الدولي هو استنزاف المنطقة، وإحكام الهيمنة عليها؛ فالواجب الأول لدول المنطقة هو المحافظة على القدرات الذاتية لشعوبها وتنميتها وتطويرها في غير مجالات سياسات الحروب، وهنا ما من حاجة للقول إن الدول الأقوى في السلم هي الأكثر قدرة على الحرب، ولقد أصبح الاقتصاد هو الدعامة الأولى لبناء الدولة القوية في السلم والحرب، ولاريب أن امتلاك التقانة والقدرة على الإفادة منها وتطويرها في كل مجالات السلم والحرب يشكل أساساً لابد من السعي بجهود منسقة تحقق التوازن في بناء النظام العربي، فالقضية - على سبيل المثال - ليست قضية منافسة لامتلاك التقانة النووية في الدول على ضفتي الخليج العربي، ولا في متابعة سباق التسلح، وإنما بتجديد الأهداف الواضحة التي تخدم بناء القدرات الذاتية وتدعمها.
رابعاً: إن ممارسات إيران على امتداد سنوات ثلاثة عقود، قد استلبت عامل الثقة من سوق التعامل العربية - الإيرانية في كل المجالات، وإذا كانت هناك دول عربية أو منظمات عربية قد ارتضت الحياد سياسةً لها في مواجهة المد الإيراني، فإن ذلك لا يعني تسجيل مكاسب لحساب السياسات الإيرانية، بل إن الأمر قد يكون على النقيض من ذلك، إذ ظهرت الانحرافات الإيرانية أكثر وضوحاً في فرض التحديات الثقيلة على الوطن العربي. ولابد من إعادة بناء الثقة حتى تتمكن إيران من القيام بدور بناء وإيجابي في مصلحة المجموع العربي وفي بناء القدرة الذاتية العربية والإيرانية سواء بسواء.
خامساًً: تبقى إسرائيل العدو الأول للشعب العربي الذي دفع ثمناً غالياً من دماء أبنائه ومن تشرد أجياله، ومن ثرواته ومتطلبات بناء مستقبله، ومن شدة معاناته عبر سياسات الحروب والتسلح. ولهذا، فإن إقامة، أو فرض سلام عربي - إسرائيلي هو مما يفرض على إسرائيل قيوداً وضوابط قد لاتستطيعها لبناء الثقة بعيشٍ مشترك في آفاق المستقبل، وبالتالي يبقى الاستعداد للصراع مع إسرائيل - سلماً أو حرباً - من العوامل الثابتة في بناء القدرة الذاتية العربية، وفي إقامة وتطوير النظام العربي القائم، من أجل ضمان الأمن العربي، ومن أجل الاستجابة لأنواع التحديات الوافدة من كل اتجاه.
سادساً: البحث عن دور رائد في إقامة نظام عربي واعد للمستقبل، حيث يبدو عبر ارتياد آفاق العمل العربي، مجال واسع للجدل والحوار في قضية التعامل مع الواقع العربي، ومع متطلبات تطوير النظام العربي من أجل المستقبل، ولعل عملية مراجعة بسيطة، أو عملية استقراء سريعة لما يدور في العواصم العربية من جدل وحوار بين رجال الدول العربية، وصانعي قراراتها، ورجال الفكر العربي، والقادة في مختلف المواقع المسؤولية، ما هو إلا تعبير عن حالة الاستنفار للنهوض بقوة من أجل تشكيل الاستجابات الصحيحة ضد التحديات، وهنا تبرز جهود رائدة في مجال إعادة الثقة ببناء النظام العربي وهي الجهود التي تم التعبير عنها في مقررات وزراء دفاع مجلس التعاون لدول الخليج العربي التي صدرت في الرياض في كانون الأول - ديسمبر 2007م، وتضمنت: (الإعلان عن اتفاق على صيغة موحدة لتطوير قوة (درع الجزيرة المشتركة)، وذلك بناءً على اقتراح خادم الحرمين الشريفين الملك "عبدالله بن عبدالعزيز" واعتبر ذلك بحق قاعدة لضمان الاستقرار الإقليمي، وأمن مصادر الطاقة في ظل التهديدات التي تواجهها دول المنظمة، وقد عبر النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الكويتي الشيخ "جابر المبارك الحمد الصباح" عن سعادته بما صدر من مقررات بقوله: (اتخذنا خطوات تنفيذية جيدة منها أن قوات درع الجزيرة لن تقتصر على القوات البرية فقط بل ستشمل القوات الجوية والبحرية أيضاً، وإن توجيهات الوزراء لإعداد الاستراتيجية العسكرية الأمنية والسياسيية ستُناقش في اجتماع الدوحة، وستسهم النتائج في تعزيز مسيرة الأمن والاستقرار في المنطقة)
مجلة كلية الملك خالد العسكرية