نشرت صحيفة فايننشال تايمز تحليلا مطولا عن الطفرة الجديدة التي تشهدها دول مجلس التعاون الخليجي وصناديقها السيادية التي باتت أكبر حجما وأكثر نضجا ورسوخا وهو ما من شأنه أن يعزز القوة الناعمة لدول الخليج وحضورها الاستثماري العالمي.
كما ذكرت الصحيفة أن بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر لم تكن العرض الوحيد الذي لفت الانتباه إلى منطقة الخليج في الأسابيع الأخيرة. ففي أبو ظبي، كان المؤتمر المالي السنوي مكتظا للغاية لدرجة أنه لم يكن أمام الموجودين الا الحضور وقوفا. فالاهتمام بالمنطقة يزداد باعتبارها أحد المصادر المتبقية لرأس المال الوفير.
عندما انتهت جلسات المؤتمر، دخل المصرفيون والمستثمرون الى الممرات لعرض صفقاتهم من دون تفكير أو تحضير مسبق. وكما قال مسؤول في أبو ظبي لأحد المصرفيين الحاضرين ممازحاً: «لقد كان المؤتمر مزدحماً للغاية، لقد شعرت وكأن الجزيرة بأكملها غرقت قليلاً».
مشاهد مماثلة تكررت في السعودية، حيث حقق ما يسمى بمؤتمر المستثمرين في المملكة «دافوس في الصحراء» أرقاما قياسية بحضور أكثر من 1000 «مدير تنفيذي عالمي»، بما في ذلك حوالي 400 من الولايات المتحدة والعشرات من أوروبا.
جذب رؤوس الأموال
وتابعت «فايننشال تايمز» القول إنه بالنسبة للعديد من أولئك الذين يتوجهون إلى الخليج، هناك شيء واحد يدور في أذهانهم وهو جذب رؤوس الأموال من صناديق الثروة السيادية وإبرام الصفقات معها حيث تتمتع المنطقة بأول طفرة يغذيها البترودولار منذ عقد من الزمن.
ويقول مصرفي مخضرم مقيم في الخليج «عدد كبير جداً من الأشخاص يأتون إلى هنا باحثين عن رأس المال. يبدو الأمر شبيهاً بعام 2008».
كان ذلك العام هو العام الذي دفع بالعديد من صناديق الثروة السيادية في الخليج إلى دائرة الضوء حيث ارتفعت أسعار النفط إلى مستوى قياسي بلغ 147 دولاراً للبرميل، في حين عانت معظم دول العالم من الأزمة المالية العالمية.
في ذلك الوقت، كانت أدوات الاستثمار المستقرة في أبو ظبي وصناديق الثروة السيادية في الكويت وقطر هي التي أبرمت كبرى الصفقات وهي التي لجأ اليها أصحاب الأصول الغربية المتعثرة اليائسة بحثا عن التمويل وزيادة رؤوس أموالها. وكانت «سيتي جروب» و«كريدي سويس» و«باركليز» و«دايملر» من بين الشركات والعلامات التجارية المرموقة التي عززتها عمليات ضخ الايرادات النفطية الخليجية.
مستثمرون ذوو خبرة
وأشارت الصحيفة الى أن صناديق الثروة السيادية في دول الخليج باتت أكبر حجماً وأكثر خبرة مما كانت عليه في عام 2008. فعلى سبيل المثال لم يتجاوز حجم الأصول المدارة لمبادلة 15 مليار دولار خلال تلك الفترة. كما قامت أبوظبي بتوحيد الصناديق السيادية على مدار العقد الماضي. أما جهاز قطر للاستثمار وقوامه 450 مليار دولار فقد كان يبلغ من العمر ثلاث سنوات فقط في عام 2008 وبدا حينها أنه يتصرف في كثير من الأحيان على أساس الاندفاع وليس الإستراتيجية.
يقول منصور بن إبراهيم المحمود، الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار «كنا صغاراً جداً في عام 2008، وكانت الفرق أصغر وكنا نبني المحفظة من الصفر، لذلك كنا أكثر انتهازية للفرص. في الوقت الحاضر، الأمر مختلف تماماً. نحن ناضجون وراسخون ولدينا فرق متخصصة وإستراتيجية قوية لتخصيص الأصول».
وهو يتطلع إلى «فرصة لإعادة وضع محفظتنا في اتجاهات معينة، لسد فجوات معينة أو تصحيح التعرض المفرط».
ونقلت «فايننشال تايمز» عن مصرفي استثماري كبير قوله إنه «لدى الصندوق شهية هائلة للفرص نحو إدارة أصول ضخمة وصندوق ثروة سيادية وتكتل وامتداد لسياسة الحكومة، كله ذلك مجتمع في كيان واحد».
انضباط مالي
أما اليوم، يتم توجيه الكثير من إنفاق الدولة من خلال صندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطنية، اللذين من المتوقع أن يكونا المستفيدين الرئيسيين من الفوائض الأخيرة. وكما يقول وزير المالية محمد الجدعان، وهو أيضا عضو في مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة «لا نريد أن تظل الأموال عاطلة عن العمل وعائدها صفراً». مضيفاً أن التوازن الدقيق الذي تريد الرياض تحقيقه هو الحفاظ على الانضباط المالي مع الاستفادة من الفرص التي يوفرها الازدهار.
وأشارت «فايننشال تايمز» أن المزاج السائد في الخليج في الوقت الحالي هو جو من الثقة.
فكما يقول الجدعان: «سنرتكب أخطاء، لكن بشكل عام أعتقد أننا نقوم بعمل رائع. نحن واثقون جدا لكن حذرون، من الواضح أن العالم في حالة اضطراب ونحن لسنا معزولين».
توازن دقيق
بدأت المرحلة الجديدة من عقد الصفقات من قبل صناديق الثروة السيادية في الخليج مع جائحة فيروس كورونا. ومع ذلك، يعتقد البعض أنه لا يزال هناك وقت لمزيد من الانخفاض في أسعار الأصول، مما يعني أنهم ليسوا في عجلة من أمرهم. فكما يقول مبارك من «مبادلة»: «هل هو سوق فيه الكثير من الأصول الرخيصة وحان الوقت للهجوم؟ لا، أعتقد أن هناك الكثير من الألم الذي سيأتي لاحقاً. نحن حريصون على كيفية نشر أموالنا. نحن في وضع جيد من حيث السيولة ومن حيث الوصول إلى تدفق الصفقات».
المصدر صحيفة القبس الكويتية
https://www.alqabas.com/article/5903123 :إقرأ المزيد
كما ذكرت الصحيفة أن بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر لم تكن العرض الوحيد الذي لفت الانتباه إلى منطقة الخليج في الأسابيع الأخيرة. ففي أبو ظبي، كان المؤتمر المالي السنوي مكتظا للغاية لدرجة أنه لم يكن أمام الموجودين الا الحضور وقوفا. فالاهتمام بالمنطقة يزداد باعتبارها أحد المصادر المتبقية لرأس المال الوفير.
عندما انتهت جلسات المؤتمر، دخل المصرفيون والمستثمرون الى الممرات لعرض صفقاتهم من دون تفكير أو تحضير مسبق. وكما قال مسؤول في أبو ظبي لأحد المصرفيين الحاضرين ممازحاً: «لقد كان المؤتمر مزدحماً للغاية، لقد شعرت وكأن الجزيرة بأكملها غرقت قليلاً».
مشاهد مماثلة تكررت في السعودية، حيث حقق ما يسمى بمؤتمر المستثمرين في المملكة «دافوس في الصحراء» أرقاما قياسية بحضور أكثر من 1000 «مدير تنفيذي عالمي»، بما في ذلك حوالي 400 من الولايات المتحدة والعشرات من أوروبا.
جذب رؤوس الأموال
وتابعت «فايننشال تايمز» القول إنه بالنسبة للعديد من أولئك الذين يتوجهون إلى الخليج، هناك شيء واحد يدور في أذهانهم وهو جذب رؤوس الأموال من صناديق الثروة السيادية وإبرام الصفقات معها حيث تتمتع المنطقة بأول طفرة يغذيها البترودولار منذ عقد من الزمن.
ويقول مصرفي مخضرم مقيم في الخليج «عدد كبير جداً من الأشخاص يأتون إلى هنا باحثين عن رأس المال. يبدو الأمر شبيهاً بعام 2008».
كان ذلك العام هو العام الذي دفع بالعديد من صناديق الثروة السيادية في الخليج إلى دائرة الضوء حيث ارتفعت أسعار النفط إلى مستوى قياسي بلغ 147 دولاراً للبرميل، في حين عانت معظم دول العالم من الأزمة المالية العالمية.
في ذلك الوقت، كانت أدوات الاستثمار المستقرة في أبو ظبي وصناديق الثروة السيادية في الكويت وقطر هي التي أبرمت كبرى الصفقات وهي التي لجأ اليها أصحاب الأصول الغربية المتعثرة اليائسة بحثا عن التمويل وزيادة رؤوس أموالها. وكانت «سيتي جروب» و«كريدي سويس» و«باركليز» و«دايملر» من بين الشركات والعلامات التجارية المرموقة التي عززتها عمليات ضخ الايرادات النفطية الخليجية.
مستثمرون ذوو خبرة
وأشارت الصحيفة الى أن صناديق الثروة السيادية في دول الخليج باتت أكبر حجماً وأكثر خبرة مما كانت عليه في عام 2008. فعلى سبيل المثال لم يتجاوز حجم الأصول المدارة لمبادلة 15 مليار دولار خلال تلك الفترة. كما قامت أبوظبي بتوحيد الصناديق السيادية على مدار العقد الماضي. أما جهاز قطر للاستثمار وقوامه 450 مليار دولار فقد كان يبلغ من العمر ثلاث سنوات فقط في عام 2008 وبدا حينها أنه يتصرف في كثير من الأحيان على أساس الاندفاع وليس الإستراتيجية.
يقول منصور بن إبراهيم المحمود، الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار «كنا صغاراً جداً في عام 2008، وكانت الفرق أصغر وكنا نبني المحفظة من الصفر، لذلك كنا أكثر انتهازية للفرص. في الوقت الحاضر، الأمر مختلف تماماً. نحن ناضجون وراسخون ولدينا فرق متخصصة وإستراتيجية قوية لتخصيص الأصول».
وهو يتطلع إلى «فرصة لإعادة وضع محفظتنا في اتجاهات معينة، لسد فجوات معينة أو تصحيح التعرض المفرط».
ونقلت «فايننشال تايمز» عن مصرفي استثماري كبير قوله إنه «لدى الصندوق شهية هائلة للفرص نحو إدارة أصول ضخمة وصندوق ثروة سيادية وتكتل وامتداد لسياسة الحكومة، كله ذلك مجتمع في كيان واحد».
انضباط مالي
أما اليوم، يتم توجيه الكثير من إنفاق الدولة من خلال صندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطنية، اللذين من المتوقع أن يكونا المستفيدين الرئيسيين من الفوائض الأخيرة. وكما يقول وزير المالية محمد الجدعان، وهو أيضا عضو في مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة «لا نريد أن تظل الأموال عاطلة عن العمل وعائدها صفراً». مضيفاً أن التوازن الدقيق الذي تريد الرياض تحقيقه هو الحفاظ على الانضباط المالي مع الاستفادة من الفرص التي يوفرها الازدهار.
وأشارت «فايننشال تايمز» أن المزاج السائد في الخليج في الوقت الحالي هو جو من الثقة.
فكما يقول الجدعان: «سنرتكب أخطاء، لكن بشكل عام أعتقد أننا نقوم بعمل رائع. نحن واثقون جدا لكن حذرون، من الواضح أن العالم في حالة اضطراب ونحن لسنا معزولين».
توازن دقيق
بدأت المرحلة الجديدة من عقد الصفقات من قبل صناديق الثروة السيادية في الخليج مع جائحة فيروس كورونا. ومع ذلك، يعتقد البعض أنه لا يزال هناك وقت لمزيد من الانخفاض في أسعار الأصول، مما يعني أنهم ليسوا في عجلة من أمرهم. فكما يقول مبارك من «مبادلة»: «هل هو سوق فيه الكثير من الأصول الرخيصة وحان الوقت للهجوم؟ لا، أعتقد أن هناك الكثير من الألم الذي سيأتي لاحقاً. نحن حريصون على كيفية نشر أموالنا. نحن في وضع جيد من حيث السيولة ومن حيث الوصول إلى تدفق الصفقات».
المصدر صحيفة القبس الكويتية
https://www.alqabas.com/article/5903123 :إقرأ المزيد