بين التواضع والاستعلاء / إعداد: د. أحمد مُحمَّد زين المنّاوي

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
23,792
التفاعل
19,593 124 0
بين التواضع والاستعلاء

إعداد: الدكتور/ أحمد مُحمَّد زين المنّاوي



دقة نظم القرآن وبناؤه تذهب إلى ما هو أبعد من الكلمة، وأبعد من الحرف بكثير، فكل حركة على أي حرف من حروفه لها نظام مُعجز، ولها دلالة واضحة تتفاعل مع المعنى الذي ترمي إليه الكلمة في أدق تفاصيله، كما أن رسم كلماته، وطريقة لفظها وكتابتها تقوم على نظام رقمي عجيب، والقرآن كلّه من أوّله إلى آخره، يقوم على هذا النظام، ولا يستثني منه كلمة واحدة ولا حرفًا واحدًا. وفي هذا الخصوص سوف نقتطف بعض الأمثلة من مواضع متفرّقة من القرآن، لنرى كيف يوظِّف القرآن علامات التشكيل والتنقيط لتعزيز المعنى المراد. نتوجه إلى سورة الكهف وهي تشتمل على أربع قصص قرآنية تتحدّث في مجملها عن فتن الحياة الأساسية (الدين- المال والجاه- العلم- السلطة).
إن أكبر فتنة يمكن أن يتعرض إليها الإنسان في حياته هي فتنة الدين، ولذلك جاءت في مقدمة هذه الفتن الأربع، وتتمثل في فتية آمنوا بربهم كانوا يعيشون في بلدة كافرة، فعزموا على الهجرة والفرار بدينهم بعد مواجهة بينهم وبين قومهم، فكافأهم اللَّه سبحانه وتعالى برحمة الكهف، وحفظهم من شرور البشر والهوام مئات السنين، وسخّر من أجلهم الشمس تعتني بهم وهم نيام، وتجلب الضوء إلى أعينهم المفتوحة { وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ }، لأن العين إذا تعرضت للظلام فترة طويلة من الزمن تفقد خاصية البصر، كما جاء تقليبهم ذات اليمين وذات الشمال حتى لا تتعرض أجسامهم للشلل، لأن الإنسان إذا اتخذ وضعا واحدًا لفترة طويلة دون أن يتحرك أو يتقلب يصيبه الشلل، وكل ذلك ليجعلهم اللَّه سبحانه وتعالى آية من آياته، فيستيقظوا ويجدوا القرية مؤمنة بكاملها .

تأتي الفتنة التي بعد فتنة الدين، من حيث الأهمية ومن حيث ترتيبها في السورة أيضًا، فتنة المال والجاه، وهي الفتنة التي نحن بصددها الآن في هذا المشهد القرآني، والتي تتمثل في رجل أنعم اللَّه عليه فنسي واهب النعمة، ولم يحسن شكرها، بل طغى وتكبّر، وتجرأ على ثوابت الإيمان بالتشكيك والطعن، فعاقبه اللَّه سبحانه وتعالى بسلب النعمة وهلاك الزرع والثمر، فأصابه الندم.

وتأتي فتنة العلم الثالثة ضمن سلسلة هذه الفتن، حيث قام موسى عليه السلام خطيبًا في بني إسرائيل، فسأله أحدهم: أي الناس أعلم؟ قال موسى عليه السلام: أنا، فعاتبه اللَّه عزّ وجلّ، إذ لم يرد العلم إليه، وأوحى إليه أن عبدًا من عباده بمجْمع البحرين عنده من العلم ما لم يحط به، فعزم موسى عليه السلام على الرحيل إليه، فكانت قصته مع الخضر الذي تعلم منه موسى عليه السلام كيف أن الحكمة الإلهية من تسيير أمور الخلق والكون قد تغيب أحيانًا عن عقول البشر،ولكن مدبرها سبحانه وتعالى وهو حكيم عليم محال في حقه العبث والإفساد.

أما الفتنة الرابعة التي تصورها لنا سورة الكهف فهي فتنة السلطة والقوّة، وتتمثل في قصة ملك عظيم (ذو القرنين) جمع اللَّه سبحانه وتعالى له ما بين العلم والقوة والسلطة، فطاف مشارق الأرض ومغاربها يساعد الناس وينشر الخير، فكان من ضمن ذلك توظيفه لطاقة القوم في بناء سد عظيم يحميهم من شرور يأجوج ومأجوج، وينسب بعد ذلك الفضل كله إلى صاحب الفضل سبحانه وتعالى.

إن الخيط الذي يجمع هذه الفتن الأربعة، بل المحرك والمحرض لأي فتنة من الفتن صغرت أو كبرت، هو إبليس عليه لعنة اللَّه، ولذلك تجد اسمه يظهر في قلب سورة الكهف تمامًا وفي منتصف هذه الفتن الأربعة. وهكذا يأتي القصص القرآني في إطار بناء متكامل الأركان يخدم أهدافًا معينة. ويأتي اسم السورة مناسبًا لمضمونها، إذ إن من شأن الكهف وقاية من بداخله من ظروف الطبيعة من حر وبرد ومطر وغيرها، فكذلك سورة الكهف جاءت لتبصير الناس بسبل الوقاية من فتن الحياة.

ومن هنا يمكننا أن نفهم علاقة سورة الكهف بالعصمة من المسيح الدجال، ولماذا أُمرنا أن نقرأها يوم الجمعة من كل أسبوع، حيث أورد الإمام النسائي في السنن الكبرى، من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: (مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ كَمَا أُنْزِلَتْ، ثُمَّ أَدْرَكَ الدَّجَّالَ لَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ سَبِيلٌ). وسوف يظهر الدجال في آخر الزمان بالفتن الأربعة نفسها التي تعرضت لها سورة الكهف، فيطلب من الناس عبادته من دون اللَّه (فتنة الدين)، وسيأمر السماء بأن تمطر ويفتن الناس بما في يده من أموال (فتنة المال)، وسوف يخبر الناس بعجائب الأمور والأخبار (فتنة العلم)، وسوف تكون له السلطة والهيمنة على جميع بقاع الأرض باستثناء مكّة والمدينة (فتنة السلطة).
من هذه الفتن الأربع، نتوقف عند قصة صاحب الجنتين وصاحبه، حيث يدور الحوار بين رجل أنعم اللَّه عليه بالمال والولد، فجحد وطغى وتجبَّر، ورجل آخر قانع بما أعطاه اللَّه شاكر لنعمائه.. إلى هناك..

{ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (33) وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيْدَ هَذِهِ أَبَدًا (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّيْ لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (36) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37) لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38) وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39) فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيْدًا زَلَقًا (40) أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيْعَ لَهُ طَلَبًا (41) وَأُحِيْطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيْهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُوْلُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُوْنَهُ مِنْ دُوْنِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (43) هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (44)}

في هذه القصة نتوقف عند كلمة { أَنَا } التي قالها صاحب الجنتين والكلمة نفسها { أَنَا } التي قالها صاحبه.

{ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34)}
{ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39)}

تدبَّر الآيتين جيّدًا، وستلاحظ أنهما نطقا بكلمة { أَنَا }.
صاحب الجنتين قصد بها التكبّر والاستعلاء.. لذلك جاءت مباشرة بعد علامة الرفع (الضمّة)، في آخر أحرف الكلمة السابقة لها { يُحَاوِرُهُ أَنَا }، بما ينسجم مع حالته النفسية وشعوره بالاستعلاء والاستكبار عندما نطق بهذه الكلمة! أما صاحبه فقصد بكلمة { أَنَا } التواضع والانكسار، ولذلك جاءت هذه الكلمة مباشرة بعد علامة الكسرة { تَرَنِ أَنَا }، في آخر أحرف الكلمة السابقة لها، وبما يتفق مع تواضعه!
بل إنك إذا تأمّلت عدد علامات الرفع والكسر ومواضعها في الآيتين، تجدها تعكس صورة تفاعلية واضحة لحوار ما بين متكبّر ومتواضع. كيف؟! الآية الأولى التي تتضمَّن قول المستعلي والمتكبّر، صاحب الجنتين، برغم أنها أصغر من حيث عدد الكلمات والحروف إلا أنها تضمَّنت 8 أحرف مضمومة مقابل 3 أحرف مضمومة فقط في الآية الثانية التي تتضمّن قول صاحبه المتواضع!
كما تضمّنت الآية الأولى 6 أحرف مكسورة، مقابل 7 أحرف مكسورة في الآية الثانية!
لاحظ كيف يستخدم القرآن حركات الضم والكسر لتصوير مشهد للحوار بين متكبِّر ومتواضع!
ليس ذلك فحسب! بل إذا تأمّلت الكلمات التي جاءت بعد { أَنَا } في الآيتين، تلاحظ أن المتكبّر جاء بكلمة { أَكْثَرُ } والمتواضع أتى بكلمة { أَقَلَّ }!
وإذا تأمّلت بنية الكلمتين تجد أن عدد أحرف كلمة { أَكْثَرُ } 4 أحرف وكلمة { أَقَلَّ } 3 أحرف!
وإذا تدبَّرت عدد النقاط على أحرف كلمة { أَكْثَرُ } تجدها 3 نقاط، بينما عدد نقاط كلمة { أَقَلَّ } نقطتين!
وإذا تأمّلت عدد الكلمات بعد كلمة { أَكْثَرُ } تجدها 4 كلمات، وعدد الكلمات بعد كلمة { أَقَلَّ } تجدها 3 كلمات!
وفي ذلك كلّه تتفاعل الكلمات والحروف وخصائص الحروف وحظها من علامات التشكيل والتنقيط، لترسم لوحة تصويرية رائعة، تتفاعل مع المعنى وتذهب معه أينما ذهب!

تأمّل هذه الحقائق المدهشة:
{ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34)}
{ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39)}

الآية الأولى عدد كلماتها 13 كلمة، والآية الثانية رقمها 39 أي 13 × 3
الآية الأولى عدد حروفها 50 حرفًا، والثانية عدد حروفها 63 حرفًا، والفرق بينهما 13
قصة صاحب الجنتين جاءت في 13 آية تحديدًا!
في الآية الأولى هناك 8 أحرف مضمومة ترتيبها بين حروف الآية على النحو الآتي:
6، 9، 21، 23، 27، 28، 35، 46
مجموع هذه الأعداد 195، وهذا العدد = 13 × 15
مع الانتباه إلى أن عدد كلمات الآية 13 كلمة!
في الآية الأولى نفسها هناك 26 حرفًا مفتوحًا وهذا العدد هو 13 × 2
ليس ذلك فحسب! بل إذا تتبَّعت هذه الحروف المفتوحة، حرفًا حرفًا، وجدتها اتّخذت 26 موقعًا في الآية، مجموع ترتيب هذه المواقع يساوي 663، وهذا العدد هو 13 × 51

تأمّل.. مجموع ترتيب مواقع الحروف المضمومة في الآية الأولى يساوي 13 × 15
ومجموع ترتيب مواقع الحروف المفتوحة في الآية الأولى يساوي 13 × 51
تأمّل العددين 15 و51 كل منهما معكوس الآخر!
في الآية الأولى هناك 6 أحرف مكسورة جاء ترتيبها بين حروف الآية على النحو التالي:
14، 17، 18، 19، 26، 36
مجموع هذه الأعداد يساوي 130، وهذا العدد هو 13 × 10
مع الانتباه إلى أن عدد كلمات الآية 13 كلمة!
هل بعد هذه الحقائق الواضحة من يعتقد أن موقع حركة الحرف بالكسر أو الفتح أو الضم ليست محسوبة بدقة في القرآن؟! هذه هي الآية لكل من أراد التحقق من ذلك:

{ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34)}

هذه الآية على حروفها 18 نقطة، وهذا هو ترتيب سورة الكهف في المصحف!
عدد كلمات هذه الآية 13 كلمة!
قصة صاحب الجنتين جاءت في 13 آية!
مجموع ترتيب مواقع الحروف المضمومة في هذه الآية يساوي 13 × 15
ومجموع ترتيب مواقع الحروف المفتوحة في هذه الآية يساوي 13 × 51
ومجموع ترتيب مواقع الحروف المكسورة في هذه الآية يساوي 13 × 10

الآية الثانية
ابتعدنا كثيرًا عن الآية الثانية، الآن نعود بها إلى الساحة مرّة أخرى:

{ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39)}
تأمّل..
تضمّنت هذه الآية 3 أحرف مضمومة يأتي ترتيبها بين حروف الآية على النحو التالي: 16، 27، 30
مجموعها (73)! مدهش!
هل تعلم إلى ماذا يشير هذا العدد؟!
إن هذا العدد هو مجموع الترتيب الهجائي لحروف اسم { اللَّه }!
سبحانك ربي..
تكاد الأرقام تنطق لتقول إن الرفعة والقوة للَّه وحده!
وهذا هو على وجه الدقة المعنى نفسه الذي تضمّنته الآية، والذي قصده صاحبه!
تأكيدًا على المعنى السابق سوف أسوق لك هذا النموذج الرائع:
تضمَّنت هذه الآية 7 أحرف مكسورة.
يأتي ترتيبها بين حروف الآية على النحو التالي: 6، 33، 36، 40، 41، 45، 52
مجموعها 253
تأمّل ماذا ينتج إذا طرحنا من هذا العدد مجموع تراتيب الحروف المكسورة في الآية الأولى:
253 – 130 يساوي 123، وهذا العدد هو 41 + 41 + 41
والعدد 41 هو مجموع تكرار حروف اسم { اللَّه } ضمن الحروف المقطَّعة!
إن هذا النظام الرقمي الذي نراه الآن ماثلًا أمام أعيننا تدور في فلكه جميع الحروف والكلمات والآيات المرتبطة به..

تأمّل.. حرف الألف هو الحرف الأوّل في قائمة الحروف الهجائية، وهذا الحرف تكرّر في الآية الأولى 11 مرّة!
بينما الحروف الهجائية التي لم ترد مطلقًا في الآية عددها 11 حرفًا!
حرف الألف تكرّر في الآية الثانية 16 مرّة!
بينما الحروف الهجائية التي تضمّنتها الآية عددها 16 حرفًا!
مجموع العددين 16 + 11 يساوي 27
والفرق بينهما 16 – 11 يساوي 5
ماذا تعني لك هذه النتائج؟ الحرف الذي ترتيبه رقم 27 في قائمة الحروف الهجائية.. حرف الواو.. تكرّر في الآية الأولى 5 مرّات، وفي الآية الثانية 5 مرّات أيضًا!
مجموع حروف الآيتين الأولى والثانية 50 + 63 يساوي 113

أعجب من ذلك..
حاول أن تقرأ العددين عددًا واحدًا هكذا 6350
هذا العدد 6350 يساوي 6236 + 114
أي عدد آيات القرآن + عدد سور القرآن!
مجموع الترتيب الهجائي للحروف التي تضمَّنتها الآية الثانية يساوي 226
وهذا العدد هو 113 + 113

الآية الأولى فيها 6 أحرف ورد كل منها مرّة واحدة، هي: (ب ز ص ع ق ي).
الآية الثانية فيها 6 أحرف ورد كل منها مرّة واحدة، هي: (ب ج خ ذ ر ش).

الآية الأولى فيها 3 أحرف ورد كل منها مرتين، هي: (ث ح ف).
الآية الثانية فيها 3 أحرف ورد كل منها مرتين، هي: (د ك هـ).

الآية الأولى فيها حرفان ورد كل منهما 3 مرّات، هما: (ك م).
الآية الثانية فيها حرفان ورد كل منهما 3 مرّات، هما: (ق م).

تأمّل نقاط الآيتين:
{ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34)}
{ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39)}
عدد النقاط على حروف كل آية من الآيتين 18 نقطة!
18 هو ترتيب سورة الكهف في المصحف!

نظام إحصائي دقيق تأمّل هذه الآية مرّة أخرى:
{ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34)}

توقّف عند كلمة { أَنَا } التي افتتحنا بها الحديث عن هذه الآية!
هذه الكلمة ترتيبها من بداية سورة الكهف هو 561، وهذا العدد = 33 × 17
فإذا قمت بجمع أرقام آيات سورة الكهف من الآية رقم 1 حتى الآية رقم 33
سوف تكون النتيجة 561 أيضًا أي 33 × 17
تأمّل العدد 33 جيّدًا.. إنه رقم الآية السابقة لهذه الآية!
بل إنك إذا أحصيت عدد الكلمات من كلمة { أَنَا } في هذه الآية حتى نهاية سورة الكهف فسوف تجد أن هناك 1023 كلمة تحديدًا، وهذا العدد هو 33 × 31

تأمّل موقع كلمة { أَنَا } في الآيتين:

{ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34)}
{ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39)}

في الآية الأولى جاءت كلمة { أَنَا } بعد 7 كلمات!
وفي الآية الثانية جاءت بعد 14 كلمة أي 7 × 2
كلمة { أَنَا } في الآية الأولى ترتيبها رقم 33 من بداية القصة!
كلمة { أَنَا } في الآية الأولى ترتيبها رقم 561، أي 17 × 33 من بداية سورة الكهف!
كلمة { أَنَا } في الآية الثانية ترتيبها رقم 629، أي 17 × 37 من بداية سورة الكهف!
من بعد كلمة { أَنَا } في الآية الأولى، حتى كلمة { أَنَا } في الآية الثانية هناك 68 كلمة، أي 17 × 4
من كلمة { أَنَا } في الآية الثانية حتى نهاية قصة صاحب الجنتين هناك 68 كلمة، أي 17 × 4.. تأمّل!
الآية الأولى رقمها 34، وهذا العدد يساوي 17 × 2
سورة الكهف نفسها التي وردت بها هذه القصة تأتي بعد 17 سورة من بداية المصحف!

نعود إلى قصة صاحب الجنتين فنلاحظ أنها تبدأ بهذه الآية:

{ وَاضْرِبْ لَهُم مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32)}

أوّل كلمة في هذه الآية ترتيبها من بداية السورة رقم 529، وهذا العدد يساوي 23 × 23
العدد 23 هو عدد أعوام الوحي، وهو معكوس رقم الآية أيضًا!

إعجاز بكل الوجوه
النظم القرآني معجز بكل الوجوه.. فما رأيك في أن نتأمّل أوّل آية في قصة صاحب الجنتين.. بحسب الرسم العثماني للمصحف وليس بحسب قواعد الإملاء الحديثة؟! إذًا تأمّل:

{ وَٱضرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَينِ جَعَلنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَينِ مِن أَعنَٰب وَحَفَفنَٰهُمَا بِنَخلٍ وَجَعَلنَا بَينَهُمَا زَرْعًا (32)}

عدد حروف الآية بحسب رسم المصحف 68 حرفًا!
بل إن هذه الآية هي الآية الوحيدة في سورة الكهف التي عدد حروفها 68 حرفًا!
وبذلك يكون مجموع حروف الآية وكلماتها ورقمها 68 + 14 + 32 يساوي 114 عدد سور القرآن!
الآن.. قارن بين الآية بحسب الرسم العثماني وبحسب قواعد الإملاء الحديثة..
فما هو وجه الاختلاف؟
الاختلاف في كلمتين اثنتين: الأولى { أَعْنَابٍ - أَعنَٰب } والثانية { حَفَفْنَاهُمَا – حَفَفنَٰهُمَا }.
لقد نقصت كل كلمة حرفًا واحدًا بحسب الرسم العثماني، وهذا الحرف هو حرف الألف.
تأمّل حروف الكلمتين { أَعْنَابٍ - أَعنَٰب } و { حَفَفْنَاهُمَا – حَفَفنَٰهُمَا } بحسب الرسم العثماني أو بحسب قواعد الإملاء الحديثة تجدهما يتشكلان من 8 أحرف هجائية هي: (أ ع ن ب ح ف هـ م).
مجموع الترتيب الهجائي للأحرف الثمانية هو 122، وهذا العدد يساوي 114 + 8
عدد سور القرآن + عدد الأحرف نفسها! نكتفي بهذه المشاهد من قصَّة صاحب الجنتين، ولا تزال القصَّة مملوءة بالعجائب الرقمية المدهشة، ولم نتطرق في هذه المشاهد إلا إلى آيتين فقط من مجموع آيات القصة، وعددها 13 آية، حيث تبدأ القصة بالآية رقم 32، وتنتهي بالآية رقم 44

والآن ما رأيك في هذه الحقائق؟
هل كان مُحمَّد - صلّى الله عليه وسلّم- يحصي ويحسب كلمات القرآن.. كلمة كلمة.. ويصنّف حروفه حرفًا حرفًا، وفق صفاتها وحظّها من علامات التشكيل والتنقيط، ثم يقوم بترتيب ذلك كلّه وفق نظام رقمي بديع ومتوازن، بحيث يستقيم بناؤه اللغوي وبناؤه الإحصائي.. في آن؟!
اسأل المعاندين لصوت الحق.. المكابرين على الحق.. الكافرين بالحق!
اسألهم: ألا ترون في ذلك دليلًا حاسمًا على صدق مُحمَّد - صلّى الله عليه وسلّم-؟!
-------------------------------------------------------------------
المصدر:
مصحف المدينة المنَّورة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة).

عن موقع طريق القرآن
 
عودة
أعلى