الوحدة وفلسطين والموت الغامض
اعداد: عبد الله بوفولة
كان الرئيس هواري بومدين منتصبا في مقعده الامامي مكللا هامته ببرنسه المعهود، تعلو محياه مسحة انقباض... وقد غارت حدقتي عيناه في جبين عريض. وزيره المرافق، كان هو الآخر يعلم ان الرجل مريض، يدنو منه كل مرة... يسأله حينا عن الأجواء التي تميزت بها القمة... وحينا يعرض في حياء خدماته. لكن بومدين كعادته في كبريائه يصطنع ابتسامة هادئة تخفي في اعماقها الما مبرحا يسحق في صمت جسمه الغض...
ليل المطار...
ما زالت الطائرة نقطة ملتهبة في فضاء دامس، زفير محركاتها يقطع على ركابها وتيرة الانشغال بهموم الرحلة... وفجأة أشار الرئيس هواري بومدين على مساعده... فسارع الوزير، وقال:" ان شاء الله لا بأس يا سي بومدين"... لم يرد عليه الرئيس، وأسر له في كلمات مختصرة:" من الافضل ان تنزل بنا الطائرة في مطار بوفاريك العسكري على ان تحط بنا في مطار الدار البيضاء"( هواري بومدين حاليا) وبعد أكثر من خمس ساعات قضاها الوفد الرئاسي في الجو... هاهي الطائرة تحط على ارضية المطار العسكري، وقد اتخذت اجراءات أمنية في غاية السرية، لكي لا تتسرب معلومات أو صور عن المشهد الذي جرى على غير العادة، تحت أنوار خافتة تقدم شخصان، أحدهما عسكري برتبة عقيد والآخر بلباس مدني وظلا منتصبين قرب الطائرة التي لم يغادرها أحد حتى تلك اللحظة.
أشباح الليل:
نزل أعضاء الوفد المرافق للرئيس من باب خلفي وانتقلوا خارج أرضية المطار، تململ الرئيس هواري بومدين قليلا واتكأ على مرفقي أريكته وانتصب واقفا واتجه نحو باب الطائرة الأمامي يتبعه وزيره، وبلفتة سريعة أشار الرئيس على الوزير ان يقدم له كتفه ليعينه على مواصلة السير. نزل الرئيس هواري بومدين مدارج الطائرة بهدوء... عندها تحرك الرجلان المنتصبان منذ زمن قرب الطائرة، صوب الرئيس وصافحاه بحرارة... وكانا العقيد الأطرش ومدير التشريفات السيد عبد المجيد علاهم.
المجهول:
هكدا عاد بومدين من آخر قمة عربية ودع بعدها الحياة... وكانت تلك القمة آخر محاولة يائسة منه مع بعض قادة الدول العربية لوقف نزيف انهيار وتدهور الوضع العربي الرديء، على اثر مفاوضات كامب دايفيد بين السادات وبيغن. ركن بومدين، بعد عودته من قمة دمشق الى مغالبة الداء... هذا الداء الذي استعصى علاجه على جميع معادلات الطب الحديث في كل عواصم المعمورة... ومن عجائب القدر ان يرتبط مرضه وموته بخارطة سياسية واسترتيجية عالمية مجنونة. الوضع الدولي العام تميز بركود سياسة الاتحاد السوفياتي، وبداية تآكل الامبراطورية الثلجية المترامية الأطراف...
استقلال القرار:
هكذا كبر حلم امريكا في المنطقة العربية وأصبح مشروعا يلتهم النفط والحضارة والانسان. وكان بومدين، ابن الفلاح الثائر، الدي وصل القاهرة يوما على قدميه أشبه ما تكون بمغامرة مستحيلة، كادت الذئاب ان تفترسه مع رفيقه، لولا ذكاءه الدي أملى عليه حيلة ايقاد شمعة في الظلام، فذعرت منها الدئاب وفرت.
السمكة والطعم:
اطمأنت أمريكا على منطقة الخليج العربي لوجود دركيها الكبير في المنطقة: شاه ايران الذي جعلت من ترسانته العسكرية القوة الخامسة في العالم آنداك، ولم يبق لها الا اصطياد" السمكة الكبيرة" المتبقية في المياه الدافئة... وكانت هذه" السمكة" مصر العربية. لقد ذكر الرئيس هواري بومدين، رحمه الله، في احدى خطبه ان الرئيس جمال عبد الناصر قال له بعد هزيمة جوان 1967 ان القوى الامبريالية" تحاول اصطياده كسمكة كبيرة من خمسة عشرة سنة... وهاهي قد افلحت" ربما في قتله. بعد الخليج شرعت امريكا في ترتيب الاوضاع في المشرق العربي، باخراج سيناريو حرب اكتوبر 1973 ثم ما سمي ب "فك الارتباط" بين القوات المصرية والاسرائيلية وكانت النتيجة: التطبيع ثم تلتها مفاوضات كامب دايفيد، التي أخرجت مصر من الاحتياطي العربي في الصراع الاستراتيجي مع العدو الصهيوني. وبهذا تم آخر فصل في سناريو بسط اليد الامريكية- الاسرائيلية على المنطقة. أما في المغرب العربي، فقد كانت" عاصفة الصحراء الغربية" في اوج عنفوانها، ولم يكن ذلك بعيدا عن المخططات الامريكية الاوروبية في المنطقة، الأمر الذي اعتبره الرئيس هواري بومدين عدوانا سافرا على استقرار المنطقة وتهديدا لمصالح شعوبها.
سر الفيروس؟
لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن. لقد استفحل الداء... ولم يعد بد من اخفائه، اذ كثرت الشائعات حول اختفاء الرئيس بومدين، الذي لم يعد يظهر للناس بقامته المديدة ونظراته الثاقبة، يدشن او يستقبل او يخطب اذ لزم الفراش واستسلم للداء الخبيث... وبدت اعراضه على بعض اجزاء جسده، فانتفخت قدماه، ولم يعد يقوى على لبس حذائه العادي (42) الامر الذي استدعى حذاء سعته (46) في احد ايام شهر رمضان الكريم من عام 1978، اشتد السعال ببومدين، وهو شديد الاحساس لاصابات الزكام عادة... أحس برعشة ونزول حالة برد عليه، رغم حرارة الطقس. وكان رحمه الله قد عاد من زيارة ليوغسلافيا، بعد ان حضر قمة الخرطوم التي كان على جدول اعمالها، ثلاث موضوعات عربية ساخنة، وهي:
1- القضية الفلسطينية 2- اتفاقيات كامب دايفيد، وزيارة السادات لاسرائيل 3- مسالة الصحراء الغربية.
اذن اشتد به السعال، وطلب لأحد وزرائه ان يحضر له طبيبا يفحصه... جاءه الدكتور بن شريف، لكنه لم يصل لأية نتيجة. اقترح الطبيب نقل الرئيس الى المستشفى العسكري، وبعد سلسلة من الفحوص أدرك ان الرجل مصاب بمرض غير واضح المعالم... واقترح نقل صور الكشف بالأشعة الى مدينة ليون، لكنه عاد بتقارير ان المريض مصاب بسرطان المثانة... وأوصى الطبيب باجراء عملية جراحية لاستئصال الورم الخبيث في احدى عواصم العالم المتقدم.
ليل الطائرة...
قال لوزير خارجيته السيد عبد العزيز بوتفليقة"نعود الليلة الى الجزائر،أريد أن اموت في فراشي". بدأت المداولات في اطار محدود، بين الطبيب وبين من لهم علم بالمرض واصطدمت اقتراحاتهم برفض الرئيس للعلاج في اية عاصمة غربية تحسبا للحملات الاعلامية الغربية المغرضة، وربما احتمال الإضرار به عوض علاجه. ومرة أخرى، باغتت السياسة والمسؤولية بومدين، فأجل العلاج... وسافر الى سوريا لحضور قمة الصمود والتصدي. وتقرر يوم السفر صحبة طبيبه المعالج، تأمين سرية المرض، حيث اتخدت اجراءات أمنية بروتوكولية في غاية الشدة. والتزم بومدين مقر اقامته بدمشق، لا يظهر للصحفيين... والزيارة الا للضرورة القصوى، واشتد عليه الألم ليصل به احيانا حد الغثيان والسهو المباغت، وتفاجئه من حين لآخر نزلات برد شديدة. صمد في وجه الداء وقاومه باعصاب من حديد، دون ان يلين او يتأوه... حتى ان لا أحدا في المؤتمر لاحظ او اكتشف بعض ما كان يكابده... باستثناء طبيبه ووزيره المرافق، وامام تزايد حالات الالم، قرر تقليص مدة الاقامة،
وقال لوزير خارجيته السيد عبد العزيز بوتفليقة"نعود الليلة الى الجزائر،أريد أن اموت في فراشي".
باريس والوجوه الزرقاء...
حفلت سنوات السبعينات بجو نضالي متميز في اوروبا، وباريس تحديدا، حيث استشرت حرب الظل وحرب الجواسيس، والحرب المضادة، الى درجة لم يعد يمر اسبوع دون تفجير او اغتيال او تحويل طائرة... او قتل عميل في شبكات الموساد... الخ. فاصبحت الملاهي والمحلات الكبرى والسيارات المشبوهة هدفا للتفجير... حتى شاعت تسمية تلك الاعوام بعمليات " الأسلوب الجزائري" لانها عمليات عشوائية لا تستهدف فردا بذاته، كما كان الشأن في معركة الجزائر ضد قوات الجيش المظلي والكتائب الخاصة. ولمعت اسماء في تلك المرحلة ملأت الدنيا، وزكمت بها تقارير المخبرين منه اممثال " الارهابي" العالمي كارلوس، والوية الجيش الاحمر السري، فصائل الثورة الفلسطينية بقيادة الدكتور وديع حداد، صاحب العقل التنظيمي الجبار، ومحمد بودية الجزائري الدي تعده المخابرات الدولية والصهيونية تحديدا "سيدا" للارهاب.
التقرير السري: في غمرة هده الاجواء المرعبة، نشطت حرب استعلامات وتعددت الاختراقات والاختراقات المضادة بين اجهزة المخابرات الدولية، التي زرعت جنودها" في جميع المستويات سعيا للوصول الى مصادر القرار وتفكيك خلايا التجسس المضاد. هز الذعر الراي العام الغربي وانتشر هاجس الارهاب في ارجاء اوروبا كلها وكانت عمليات ميونيخ ومطار اللد وغيرهما وشما في الذاكرة. في اواخر عام 1977 وصل تقرير "سري جدا" الى قيادة منظمة التحرير الفلسطينية يفيد" ان مخططا اعد باحكام، مع جهات عربية ودولية، لاغتيال الرئيس هواري بومدين وان الرئيس الفرنسي جيسكار ديستان- الدي كان على خلاف شخصي وسياسي- مع بومدين على علم بالمخطط" سارعت آنئذ، قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الى وضع الرئيس هواري بومدين في الصورة، بما يحاك ضده... ووافته بمعلومات مدهشة لكن على ما يبدو، لم يعر بومدين اهتماما خاصا بالموضوع، واعتبره أمرا على غير ذي اهمية، لأنه سبق ان قدمت له في تلك الفترة تقارير عن امكانية اغتياله... بسلاح الاشعة المطعمة،أو غازات الاعصاب او السم.
من موسكو الى واشنطن:
بوتفليقة حامل الأسرار
وقبل ثلاث سنوات أي في عام 1975 ابلغ الاتحاد السوفياتي القيادة الجزائرية بان المخابرات الامريكية والصهيونية تعد خطة لاغتيال الرئيس بومدين، ولم ترفق تلك الاشارة السوفياتية باية تفاصيل عن الخطة، الأمر الدي جعل بومدين يكلف احد مقربيه من المدنيين ان يقوم بالتحقيق في الموضوع. سافرت هذه الشخصية الى امريكا واستطلعت دوائر القرار الوثيقة بالمخابرات المركزية الامريكية وبعد تقص جاد على اعلى المستويات... تأكد الخبر. تبين للزائر الجزائري في واشنطن ان قرار " التخلص من بومدين ودور الجزائر في العالم الثالث" بات امرا محسوما، حيث تجمع التقارير في الدوائر النافدة في واشنطن بان الرئيس بومدين مسؤولا مباشرا على عرقلة المخططات الامريكية في المنطقة والمساس بمصالحها العليا" كما احس كيسنجر وزير الولايات المتحدة الامريكية آنداك- بان سياسة بومدين الموجهة لافشال مخططات الدول الراسمالية في المنطقة، هجوما موجها لشخصه ولنظرته لمخطط السياسة الدولية، التي تعتبرها أمريكا من صلاحياتها الاستراتيجية العليا. وقد اعترف هنري كيسنجر، ضمن دوائر خاصة، بالهزيمة المرحلية وعلق بمرارة : سنعرف كيف نعاقب مثل هؤلاء. منذ ان حمل كيسنجر، حقيبة البيت الابيض شرع في تطبيق استراتيجية سياسية جديدة، لا عهد لأمريكا بها من قبل، وكان لا ينزل بعاصمة حتى ينتقل لاخرى، حتى وصفت جولاته بالمكوكية وقد عرف عنه، انه مفاوض بارع ومقنع لا يقاوم، وتمكن بصفته رجل الثقافة التاريخية الواسعة والسياسي المحنك، أن يستحوذ على منطقة الشرق العربي، بعد أن لقيت سياسته هوى في قلب السادات المغرم بأمريكا والغرب عامة. وقد كان طموح كيسنجر كبيرا باعادة تركيب المنطقة كلها، وهو الأمر الذي كان بومدين يتابعه بحذر ويخطط له في صمت لمواجهته. بدأ كيسنجر في وضع برنامجه للسيطرة على المنطقة العربية، محل التنفيذ، وكان هاجسه الاول تطبيع العلاقات العربية – الاسرائيلية، وتقزيم القضية الفلسطينية أي تحويلها الى قضية لاجئين يتم ادماجهم على مراحل في الاردن وداخل الضفة الغربية وتقديم مساعدات لهم، تدفعها الدول العربية النفطية. وبذلك يجد العرب أنفسهم أمام حتمية المفاوضات المباشرة مع اسرائيل.
كانت هذه هي الصيغة المتفق عليها من عدة أطراف عربية وكانت بمثابة ورقة العمل التي عقدت لها قمة الرباط عام 1974. العقبة التي كانت تواجه الجميع، هو موقف الراحل بومدين، الذي اتصل به آنداك العاهل المغربي الحسن الثاني وترجاه ان يكون مرنا في القمة العربية، وأن " القضية أمانة في عنقك". تقرر موعد القمة، وسافر الرئيس هواري بومدين الى مدينة الرباط، وكانت أول قمة بعد حرب أكتوبر 1973، وشعر الشارع العربي بنخوة رفع التحدي الصهيوني بسقوط أسطورة الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر. كان قصر المؤتمرات في الرباط يرفل في حلة من رايات عربية، تعددت فيها الألوان والأشكال وتوحدت الشعارات. كان موقع الرئيس بومدين، في القاعة الفخمة، الى جانب الملك فيصل عاهل المملكة العربية السعودية -رحمه الله-. في الجلسة المغلقة، كان الحديث عن نتائج حرب اكتوبر ومستقبل القضية الفلسطينية... تداول القادة العرب الحديث حتى جاء دور الرئيس هواري بومدين.. استقام في جلسته وأدار رأسه في اتجاه مواقع القادة العرب، وانطلق في عرض وجهة نظره بوضوح وصراحة وأكد على أن:
الملك فيصل، وكان يجلس على يمين بومدين.. ودون اطناب قال:" أنا موافق على الذي قاله الاخ بومدين".. وختم "والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته... " انتهت القمة العربية بموقف عربي موحد مرجعي الى اليوم، وبذلك خيبت آمال أمريكا ومهندس سياستها الخارجية.
* لا وصاية على الفلسطينيين.
* لا تفاوض، لا تطبيع.. ولا تعامل مع العدو.
ودعا إلى ضرورة رفع التحدي ومقاومة الاستعمار والامبريالية.
لم يعلق أحد على كلمة الرئيس بومدين، وكتم كل مستمع مأخذه عليه. أعطيت الكلمة من بعده للمرحوم الملك فيصل، وكان يجلس على يمين بومدين.. ودون اطناب قال:" أنا موافق على الذي قاله الاخ بومدين".. وختم "والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته... " انتهت القمة العربية بموقف عربي موحد مرجعي الى اليوم، وبذلك خيبت آمال أمريكا ومهندس سياستها الخارجية.
التحدي: الاحداث تتفاعل والخطط تتعقد،،أصابع الاتهام توجه للجزائر. كل ذلك يتلاحق بسرعة.. وكان بومدين من حيث لا يدري، كان يدفع اعداءه لخطة الثأر منه. هذه سابقة الرباط وقبلها سابقة تحريض افريقيا على مقاطعة اسرائيل.. وسوابق اخرى، وعلى ضفة البحر الشمالية من الجزائر، كان الرئيس جيسكار ديستان، يراقب بحذر تنامي دور الجزائر عربيا ودوليا. سكنه هاجس الخوف.. خوف من مستعمرة الأمس القريب، وقد غدت دولة مهابة الجانب ذلك ما دفع فرنسا الى موقع الهجوم.. فدعا الى ندوة عالمية للطاقة، وكانت الطاقة ايامها سلاح العرب الفتاك .. على ان تعقد في باريس. الجزائر عارضت الفكرة، وقالت اذا كان لا بد من ندوة فلتعقد في الامم المتحدة ولتشمل موضوع" النظام الاقتصادي العالمي" أصيب جيسكار من هذا الرد بخيبة أمل كبيرة، عبر عنها فيما بعد في أحد كتبه. تألق بومدين في الأمم المتحدة، وقد خاطب العالم كزعيم من على منبرها، ةمقترحا " نظاما اقتصاديا عالميا" وهو بهذا يرفع التحدي الى اعلى مستوياته.. ويعلن" تمرده" عن الكبار.
الرئيس وأمريكا:
نيكسون
على هامش المؤتمر، تم لقاءا" وديا" بينه وبين الرئيس الأمريكي نيكسون طلب فيه الرئيس الأمريكي من بومدين أن يتولى "تخفيف تصاعد الحقد في افريقيا وآسيا ضد أمريكا". أطرق بومدين لحظة وقال لنيكسون:" كيف يمكنني ذلك وأنتم تحضون الشاه على احتلال الأرض العربية في الخليج وتشجعون اسرائيل على ابتلاع مزيد من الأقطار في الشرق العربي. كانت اجابة نيكسون فورية:" لديك من أمريكا ضوء أخضر باصلاح الخلافات بين العراق وايران، وسنطلب من شاه ايران أن يسحب قواته". وصمت.
تساءل بومدين: و"فلسطين"؟، رد نيكسون" ان موضوع الشاه من صلاحياتي كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، أما قضية اسرائيل فتلك من صلاحيات أمريكا".
القنبلة النووية الاسلامية:
بعد العودة رتب بومدين لقاء المصالحة بين الشاه ونائب الرئيس العراقي آنذاك السيد:صدام حسين في الجزائر عام 1975، توج باتفاق الجزائر، وكان ذلك بداية التنسيق بين القوى المنتجة للنفط، مستحضرا في ذهنه دور هذا السلاح في الصراع العربي- الصهيوني والغرب. نظرته الاستشرافية لم تتوقف عند هذا الحد، بل حملته لأن يفكر بجد في تأمين سلاح نووي للجزائر يكون الرادع الحقيقي للتهديدات التي تلوح بها اسرائيل.
في عام 1974 أثناء زيارته الى لاهور ( الباكستان) طرح بومدين موضوع القنبلة النووية الاسلامية في لقاء مغلق جمعه مع رئيس الوزراء الباكستاني علي بوتو والعقيد الليبي معمر القدافي بحضور السيد عبد العزيز بوتفليقة. تم الاتفاق في تلك القمة السرية على السعي لتحقيق مشروع السلاح النووي الاسلامي: التمويل ليبي، العلماء من الباكستان، الانجاز والتجارب في الجزائر.. في عام 1974 أثناء زيارته الى لاهور( الباكستان) طرح بومدين موضوع القنبلة النووية الاسلامية في لقاء مغلق جمعه مع رئيس الوزراء الباكستاني علي بوتو والعقيد الليبي معمر القدافي بحضور السيد عبد العزيز بوتفليقة. تم الاتفاق في تلك القمة السرية على السعي لتحقيق مشروع السلاح النووي الاسلامي: التمويل ليبي، العلماء من الباكستان، الانجاز والتجارب في الجزائر.. لكن هذا التحرك الواسع على بساط الاستراتيجية الدولية، لم يكن كله مضمون الجانب، ولم يكن أيضا اصحابه في مأمن من عيون وآذان الأعداء. وتشاء الأقدار: * ان يشنق علي بوتو من طرف جنرال غامض حمله انقلاب أمريكي الى سدة ا لسلطة في باكستان.
* وأن يغتال الملك فيصل، الذي أفصح عن أمنيته ان يصلي في القدس،
* وسبق ذلك الموت الغامض والمفاجىء للرئيس جمال عبد الناصر. وتوالى نزيف تصفية قادة العالم الثالث، أمثال: أليندي وأكينو، وسامورا... وحتى شاه ايران لم يسلم هو الآخر من القتل بالسم.