كان هذان الأخيران قد كبّدا فرنسا خسائر كبيرة طوال أشهر من المقاومة، لذلك وضعت فرنسا القضاء عليهما وعلى ثورتهما أولوية قصوى.
في الثاني من ديسمبر/كانون الأول 1852، قررت فرنسا شنّ هجومٍ كاسحٍ على المدينة، من أجل احتلالها والقضاء على الشريف محمد بن عبد الله وناصر بن شهرة.
بعد يوم من ذلك، حوصرت المدينة بثلاثة جيوش فرنسية، من الغرب كتائب تحت قيادة قائد الحملة الجنرال بليسي، ومن الشمال جيش من كتائب الزواف بقيادة الجنرال يوسف، ومن الشرق جيش بقيادة الرائد بان.
قابل ثوار مدينة الأغواط، الحصار الفرنسي بمقاومة شرسة كبدوا فيها الجيش الفرنسي خلالها خسائر فادحة، منها مقتل الجنرال بوسكرين على يد المقاومين الجزائريين.
ردّ الجيش الفرنسي كان قاسياً، فشرع في 3 ديسمبر/كانون الأول في قصف مدفعي كثيف على مدينة الأغواط، استعمل في القصف قذائف معبأة بالكلوروفورم، وهي مادة كيميائية سامة، إذ يؤدي استنشاقها إلى حدوث اختناقٍ شديدٍ يؤدي إلى موت الضحية.
بعد القصف المكثف، تحوّلت المعركة إلى معركة شوارع، استعمل فيها الجيش الفرنسي كل قوته.
سقط في هذه المجزرة نحو 2500 قتيل جزائري من مجموع 3600 ساكن، أي إنّ القوات الفرنسية قتلت ثلثي سكان المدينة خلال هذه المجزرة.
وبعد يوم واحدٍ من المجزرة، سقطت مدينة الأغواط في يد الاحتلال الفرنسي، برر الجنرال بليسي همجية قواته خلال تلك المعركة، بضرورة أن تكون مدينة الأغواط عبرة للمدن الصحراوية الأخرى التي ترغب في مقاومة القوات الفرنسية.
وصفها الفرنسيون بالهولوكوست!
يذكر المؤرخ الفرنسي شارل أندري جوليان في كتابه "
تاريخ الجزائر المعاصرة"، أنّ القوات الفرنسية ظلت لمدة 3 أيام تجمع في الجثث في أكياس، ثم تقوم بحرقها، ويضيف الكاتب، أنّ القوات الفرنسية كانت تجمع جثث الجزائريين مع جثث الحيوانات وتقوم برميها في الآبار، حتى ظلت النسور والغربان تحوم حول المدينة لمدة شهرٍ كاملٍ من فظاعة المجزرة.
في كتابه "
رسائل مؤلفة عن الجزائر"، يقول الرائد الفرنسي "بان" أحد مرتكبي المجزرة: "المذبحة كانت بشعة، الشوارع كانت مغطاة بالجثث. كان الجنود الفرنسيون مثل القطط، ينتقلون من بيت إلى آخر، ويطلقون النار دون تمييز من حيث الجنس أو السن".