خُلُقُهُ الْقُرْآن
إعداد: الدكتور أحمد مُحمَّد زين المنّاوي
القسم الأول
إعداد: الدكتور أحمد مُحمَّد زين المنّاوي
القسم الأول
الأخلاق.. دستور حياة.. منهاج نجاة..
محمد -صلى الله عليه وسلم- هو خير من يمثل هذا الدستور.. سيرته تجسيد لهذا المنهاج..
عندما يصف شخص متواضع ماليًّا ثمن شيء بأنه ثمن عظيم يتوقع السامعون أن هذه العظمة ستكون على قدر تواضع حاله..
أما عندما يصف شخص ملياردير ثمن شيء بأنه ثمن عظيم فإن السامعين يتوقعون أن الثمن ضخم جدًّا..
فما رأينا عندما يصف الله العظيم خلق إنسان بأنه خلق عظيم.. تخيّل مدى عظمة خلق هذا الإنسان فعلًا!!
لا تفسير لمدى هذه العظمة الخلقية إلا بأنه كان حقًّا.. "قرآنًا يمشي على الأرض"!!
يزداد الأمر وضوحًا عندما نتأمّل مديح اللَّه عزّ وجلّ وثناءه على رسله وأنبيائه والصالحين من عباده وملائكته في القرآن الكريم، فلن تجد أعظم ولا أرفع ولا أجمل ولا أكمل ولا أسمى من قوله سبحانه وتعالى في عبده ونبيه مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم-:
{ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم]
فمحاسن الأخلاق هي أصل الأديان السماوية والرسالات الإلهية، وما اجتمعت هذه المحاسن لأحد من البشر أكثر مما اجتمعت للنبي مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم-، ولم يمدح اللَّه عزّ وجلّ خُلق أحد من رسله أو أنبيائه إلا مُحمَّدًا -صلى الله عليه وسلّم-!
وكل من أثنى عليهم اللَّه عزّ وجلّ من رسله وأنبيائه إنما أثنى على بعض خُلقهم وبعض محاسن الأخلاق فيهم، أما في شأن مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- فقد أثنى على خُلقه كلّه، بعد أن وصل مرحلة الكمال في حسن الخلق.
فنحن البشر عندما نصف خلق الشخص بأنه "عظيم" فذلك منتهى الوصف عندنا، فما بالك بوصف العظيم وهو اللَّه عزّ وجلّ خُلق النبي بأنه عظيم، فلك أن تتخيل!.. العظيم يصف خُلق شخص بأنه عظيم!
وبرغم أن القرآن الكريم (ثلث آياته) يتحدّث عن الأخلاق والمعاملات، فإن كلمة { خُلُق } بمعنى الخُلق الحميد لم ترد في القرآن الكريم إلا مرّة واحدة فقط وصرفت للنبي مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- ولم تصرف لأحد غيره من الرسل والأنبياء!
وعندما سُئلت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن خلق النبي -صلى الله عليه وسلّم- أجابت: (كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآن)،
فهذه العبارة العظيمة ترشدنا إلى أن أخلاقه هي اتباع القرآن، وهي الاستقامة على ما في القرآن من أوامر ونواهٍ، وهي التخلّق بالأخلاق التي مدحها القرآن العظيم وأثنى على أهلها، والبعد عن كل خلق ذمّه القرآن، وبهذا المعنى فقد تخلَّق النبي -صلى الله عليه وسلّم- بأخلاق جميع الأنبياء التي أثنى عليها القرآن الكريم، ولذلك لم يجتمع عند نبي من الأنبياء من حسن الخلق وكماله ما اجتمع لدى خاتمهم مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم-.
توقَّف عند قول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وهي تصف خلق النبي -صلى الله عليه وسلّم-:
(كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآن)!
تأمّل الكلمة رقم 17 في سورة مُحمَّد، فإنها اسم { مُحمَّد } نفسه:
{ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ 17 وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2)}
وتأمّل الكلمة رقم 17 في سورة القلم فإنها كلمة { خُلُق } نفسها:
{ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ 17 عَظِيمٍ (4)}
وتأمّل الكلمة رقم 17 في سورة المزَّمِّل، فإنها كلمة { الْقُرْآنَ } نفسه:
{ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّل (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ 17 تَرْتِيلًا (4)}
الكلمة رقم 17 من بداية السور الثلاث: { مُحمَّد – خُلُق – الْقُرْآنَ }!
فتأمّل كيف تتحدّث الأرقام!
مُحمَّد.. خُلقُه.. الْقُرْآن
الكلمة رقم 17 من بداية سورة مُحمَّد هي اسم { مُحمَّد }.
الكلمة رقم 17 من بداية سورة القلم هي كلمة { خُلُق }.
الكلمة رقم 17 من بداية سورة المزَّمِّل هي كلمة { الْقُرْآنَ }.
الآن قارن هذا بقول أم المؤمنين: ( كان خُلقه القرآن )!
والسؤال.. لماذا توافقت هذه الكلمات الثلاث على العدد 17 دون غيره؟
إليك الإجابة..
كلمة { خُلُق } وردت بمعنى الأخلاق الحسنة مرّة واحدة فقط في القرآن..
هذه الكلمة النادرة تتألّف من ثلاثة أحرف:
حرف الخاء وترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 7
حرف اللّام وترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 23
حرف القاف وترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 21
هذه هي أحرف كلمة { خُلُق } ومجموع ترتيبها الهجائي 51، وهذا العدد = 17 + 17 + 17
تأمّل كيف تنطق الأرقام وتتكلّم لتصف خلق مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم-!
والآن علمت لماذا توافقت هذه الكلمات الثلاث على العدد 17 دون غيره!!
إليك المزيد..
تأمّل كيف جاءت هذه الكلمات الثلاث متسلسلة منطقيًّا..
سورة مُحمَّد ترتيبها في المصحف رقم 47 وجاء فيها اسم { مُحمَّد }.
سورة القلم ترتيبها في المصحف رقم 68 وجاء فيها لفظ { خُلُق }.
سورة المزمّل ترتيبها في المصحف رقم 73 وجاء فيها لفظ { الْقُرْآن }.
السور الثلاث متسلسلة منطقيًّا.. والكلمات الثلاث متسلسلة أيضًا { مُحمَّد - خُلُق- الْقُرْآن }!
العجيب أن السورة الوسطى وهي سورة القلم ترتيبها من بداية المصحف رقم 68
والأعجب أن السورة الأولى وهي سورة مُحمَّد ترتيبها من نهاية المصحف رقم 68
وفي جميع الأحوال فإن العدد 68 هو تكرار لفظ { قُرْآن } في القرآن الكريم!
والأجمل أن العدد 68 يساوي 4 × 17
4 هو تكرار اسم { مُحمَّد } في القرآن!
17 هو ترتيب اسم { مُحمَّد } من بداية سورة مُحمَّد!
سبحان الله! تأمّل كيف تنطق الأرقام!
العدد 68 يحاصر آية الخُلُق.. عد إلى آيات سورة القلم وتأمّلها من جديد:
{ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُوْنَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُوْنٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُوْنٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيْمٍ (4)}
عدد حروف هذه الآيات الأربع 68 حرفًا، وسورة القلم هي السورة رقم 68 في المصحف!
العدد 68 له وظائف متعدِّدة في هذا الموضع!
68 هو ترتيب سورة القلم في المصحف!
68 هو ترتيب سورة مُحمَّد من نهاية المصحف!
68 هو عدد حروف الآيات الأربع الأولى من سورة القلم وهي الآيات التي خُتمت بصفة خُلق النبي -صلى الله عليه وسلّم-!
68 هو مجموع تكرار لفظ { قُرْآن } في القرآن!
وهكذا تلاحظ كيف يحاصر العدد 68 الآية التي أشارت إلى خلق النبي -صلى الله عليه وسلّم-، وكما قالت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وهي تصف خلقه: (كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآن)، وهذه هي الأرقام تقول ذلك أيضًا وتؤكده!
تأمّل الأعجب..
الحرف رقم 17 في قائمة الحروف الهجائية وهو الظاء تكرّر في سورة مُحمَّد 4 مرّات!
17 عدد أوّليّ ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 7، وهذا الأخير أوّليّ أيضًا وترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 4
تأمّل هذا التناسق الرقمي العجيب! حقًّا.. لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا!!
تأمّل من جديد..
الكلمات الثلاث جاءت في ثلاث سور: مُحمَّد – القلم – المزمّل.
السورة الأولى حملت اسم { مُحمَّد } والسورة الأخيرة حملت صفة من صفاته { الْمُزَّمِّل }.
السورة الوسطى هي التي جاء فيها لفظ { خُلُق } وهذه السورة تبدأ بحرف النون:
{ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)}
العجيب أن حرف النون تكرّر في سورة القلم نفسها 131 مرّة، وهذا العدد = 114 + 17
وهكذا فإن كل المسالك الرقمية تؤدي إلى العدد 17
تأمّل أوّل 17 كلمة من بداية سورة القلم:
{ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ } .
تأمّل تكرار حروف (مُحمَّد خُلُقُهُ الْقُرْآن) في أوّل 17 كلمة من سورة القلم:
تكرّرت حروف هذه الكلمات الثلاث (مُحمَّد خُلُقُهُ الْقُرْآن) 63 مرّة في أوّل 17 كلمة من بداية سورة القلم!
63 هو عدد أعوام عمر مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم-!
63 هو عدد أعوام عمر أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وهي التي روت حديث: (كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآن).
63 هو عدد أعوام عمر والدها وأوّل الخلفاء الراشدين أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-!
مزيد من التأكيد..
تأمّل كيف تبدأ سورة المزمّل..
{ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ ... }.
آخر أحرف كلمة { الْقُرْآن } وهو حرف النون ترتيبه رقم 63 من بداية السورة!
وهذا يعني أن أوّل 17 كلمة من سورة المزمّل عدد حروفها 63 حرفًا! تأكّد بنفسك!
الآن انتقل إلى سورة القلم مرّة أخرى وتأمّل كيف تبدأ..
{ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ }.
تبدأ سورة القلم بحرف واحد من الحروف المقطّعة هو حرف النون..
من بعد حرف النون حتى آخر حرف من أحرف كلمة { خُلُق } هناك 63 حرفًا أيضًا! تأكّد بنفسك!
وهكذا فإن الحروف المقطّعة في القرآن لا تزال تخفي خلفها سرًّا عظيمًا لم يقف عليه أحد حتى الآن!
أمر عجيب! تأمّل آية الخُلق العظيم:
{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم]
هذه الآية تصف خُلق مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- بأنه { عَظِيم }.
والسؤال الأهم: أين وردت كلمة { عَظِيم } للمرّة الأولى في القرآن؟
لقد وردت في خاتمة أوّل 7 آيات من سورة البقرة:
{ الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)}
كلمة { عَظِيم } في خاتمة الآية السابعة هي الكلمة رقم 59 من بداية سورة البقرة!
العجيب أن العدد 59 أوّليّ ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 17
وهكذا فإن كل المسالك الرقمية تؤدي إلى العدد 17
17 نفسه عدد أوّليّ ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 7، وهذا هو رقم الآية نفسها!
الآية نفسها هي أوّل آية في المصحف تبدأ بحرف الخاء وهو الحرف رقم 7 في قائمة الحروف الهجائية!
بل هناك ما هو أعجب من ذلك كلّه!!
إليك الأعجب والأجمل..
تأمّل كلمة { عَظِيم } في خاتمة الآية رقم 7 من سورة البقرة!
حرف الظاء يرد للمرّة الأولى في المصحف في هذه الكلمة { عَظِيم }.
العجيب أن حرف الظاء هو الحرف رقم 17 في قائمة الحروف الهجائية!
والأعجب منه أن حرف الظاء في كلمة { عَظِيم } هو الحرف رقم 51 من بداية الآية نفسها، وهذا العدد = 17 × 3
آخر حرف من أحرف كلمة { عَظِيم } هو الحرف رقم 262 من بداية سورة البقرة، وهذا العدد = 114 + 114 + 17 + 17
هل تعجبت من ذلك؟! بل هناك ما هو أعجب منه..
النقطة التي على حرف الظاء في كلمة { عَظِيم } هي النقطة رقم 119 من بداية سورة البقرة!
والعجب كل العجب أن العدد 119 يساوي 17 × 7
17 هو ترتيب حرف الظاء نفسه في قائمة الحروف الهجائية!
7 هو ترتيب العدد 17 نفسه في قائمة الأعداد الأوّليّة!!
ما رأيك في هذه الحقيقة الرقمية المذهلة؟!
إليك المزيد.. تأمّل كيف تبدأ الآية نفسها:
{ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)} [البقرة]
إنها تبدأ بكلمة { خَتَمَ }..
مجموع الترتيب الهجائي للأحرف الثلاثة لكلمة { خَتَمَ } 34، وهذا العدد = 17 + 17
ألم أقل لك إن كل المسالك الرقمية تؤدي إلى العدد 17؟
يتبع القسم الثاني والأخير
محمد -صلى الله عليه وسلم- هو خير من يمثل هذا الدستور.. سيرته تجسيد لهذا المنهاج..
عندما يصف شخص متواضع ماليًّا ثمن شيء بأنه ثمن عظيم يتوقع السامعون أن هذه العظمة ستكون على قدر تواضع حاله..
أما عندما يصف شخص ملياردير ثمن شيء بأنه ثمن عظيم فإن السامعين يتوقعون أن الثمن ضخم جدًّا..
فما رأينا عندما يصف الله العظيم خلق إنسان بأنه خلق عظيم.. تخيّل مدى عظمة خلق هذا الإنسان فعلًا!!
لا تفسير لمدى هذه العظمة الخلقية إلا بأنه كان حقًّا.. "قرآنًا يمشي على الأرض"!!
يزداد الأمر وضوحًا عندما نتأمّل مديح اللَّه عزّ وجلّ وثناءه على رسله وأنبيائه والصالحين من عباده وملائكته في القرآن الكريم، فلن تجد أعظم ولا أرفع ولا أجمل ولا أكمل ولا أسمى من قوله سبحانه وتعالى في عبده ونبيه مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم-:
{ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم]
فمحاسن الأخلاق هي أصل الأديان السماوية والرسالات الإلهية، وما اجتمعت هذه المحاسن لأحد من البشر أكثر مما اجتمعت للنبي مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم-، ولم يمدح اللَّه عزّ وجلّ خُلق أحد من رسله أو أنبيائه إلا مُحمَّدًا -صلى الله عليه وسلّم-!
وكل من أثنى عليهم اللَّه عزّ وجلّ من رسله وأنبيائه إنما أثنى على بعض خُلقهم وبعض محاسن الأخلاق فيهم، أما في شأن مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- فقد أثنى على خُلقه كلّه، بعد أن وصل مرحلة الكمال في حسن الخلق.
فنحن البشر عندما نصف خلق الشخص بأنه "عظيم" فذلك منتهى الوصف عندنا، فما بالك بوصف العظيم وهو اللَّه عزّ وجلّ خُلق النبي بأنه عظيم، فلك أن تتخيل!.. العظيم يصف خُلق شخص بأنه عظيم!
وبرغم أن القرآن الكريم (ثلث آياته) يتحدّث عن الأخلاق والمعاملات، فإن كلمة { خُلُق } بمعنى الخُلق الحميد لم ترد في القرآن الكريم إلا مرّة واحدة فقط وصرفت للنبي مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- ولم تصرف لأحد غيره من الرسل والأنبياء!
وعندما سُئلت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن خلق النبي -صلى الله عليه وسلّم- أجابت: (كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآن)،
فهذه العبارة العظيمة ترشدنا إلى أن أخلاقه هي اتباع القرآن، وهي الاستقامة على ما في القرآن من أوامر ونواهٍ، وهي التخلّق بالأخلاق التي مدحها القرآن العظيم وأثنى على أهلها، والبعد عن كل خلق ذمّه القرآن، وبهذا المعنى فقد تخلَّق النبي -صلى الله عليه وسلّم- بأخلاق جميع الأنبياء التي أثنى عليها القرآن الكريم، ولذلك لم يجتمع عند نبي من الأنبياء من حسن الخلق وكماله ما اجتمع لدى خاتمهم مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم-.
توقَّف عند قول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وهي تصف خلق النبي -صلى الله عليه وسلّم-:
(كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآن)!
تأمّل الكلمة رقم 17 في سورة مُحمَّد، فإنها اسم { مُحمَّد } نفسه:
{ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ 17 وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2)}
وتأمّل الكلمة رقم 17 في سورة القلم فإنها كلمة { خُلُق } نفسها:
{ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ 17 عَظِيمٍ (4)}
وتأمّل الكلمة رقم 17 في سورة المزَّمِّل، فإنها كلمة { الْقُرْآنَ } نفسه:
{ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّل (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ 17 تَرْتِيلًا (4)}
الكلمة رقم 17 من بداية السور الثلاث: { مُحمَّد – خُلُق – الْقُرْآنَ }!
فتأمّل كيف تتحدّث الأرقام!
مُحمَّد.. خُلقُه.. الْقُرْآن
الكلمة رقم 17 من بداية سورة مُحمَّد هي اسم { مُحمَّد }.
الكلمة رقم 17 من بداية سورة القلم هي كلمة { خُلُق }.
الكلمة رقم 17 من بداية سورة المزَّمِّل هي كلمة { الْقُرْآنَ }.
الآن قارن هذا بقول أم المؤمنين: ( كان خُلقه القرآن )!
والسؤال.. لماذا توافقت هذه الكلمات الثلاث على العدد 17 دون غيره؟
إليك الإجابة..
كلمة { خُلُق } وردت بمعنى الأخلاق الحسنة مرّة واحدة فقط في القرآن..
هذه الكلمة النادرة تتألّف من ثلاثة أحرف:
حرف الخاء وترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 7
حرف اللّام وترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 23
حرف القاف وترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 21
هذه هي أحرف كلمة { خُلُق } ومجموع ترتيبها الهجائي 51، وهذا العدد = 17 + 17 + 17
تأمّل كيف تنطق الأرقام وتتكلّم لتصف خلق مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم-!
والآن علمت لماذا توافقت هذه الكلمات الثلاث على العدد 17 دون غيره!!
إليك المزيد..
تأمّل كيف جاءت هذه الكلمات الثلاث متسلسلة منطقيًّا..
سورة مُحمَّد ترتيبها في المصحف رقم 47 وجاء فيها اسم { مُحمَّد }.
سورة القلم ترتيبها في المصحف رقم 68 وجاء فيها لفظ { خُلُق }.
سورة المزمّل ترتيبها في المصحف رقم 73 وجاء فيها لفظ { الْقُرْآن }.
السور الثلاث متسلسلة منطقيًّا.. والكلمات الثلاث متسلسلة أيضًا { مُحمَّد - خُلُق- الْقُرْآن }!
العجيب أن السورة الوسطى وهي سورة القلم ترتيبها من بداية المصحف رقم 68
والأعجب أن السورة الأولى وهي سورة مُحمَّد ترتيبها من نهاية المصحف رقم 68
وفي جميع الأحوال فإن العدد 68 هو تكرار لفظ { قُرْآن } في القرآن الكريم!
والأجمل أن العدد 68 يساوي 4 × 17
4 هو تكرار اسم { مُحمَّد } في القرآن!
17 هو ترتيب اسم { مُحمَّد } من بداية سورة مُحمَّد!
سبحان الله! تأمّل كيف تنطق الأرقام!
العدد 68 يحاصر آية الخُلُق.. عد إلى آيات سورة القلم وتأمّلها من جديد:
{ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُوْنَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُوْنٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُوْنٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيْمٍ (4)}
عدد حروف هذه الآيات الأربع 68 حرفًا، وسورة القلم هي السورة رقم 68 في المصحف!
العدد 68 له وظائف متعدِّدة في هذا الموضع!
68 هو ترتيب سورة القلم في المصحف!
68 هو ترتيب سورة مُحمَّد من نهاية المصحف!
68 هو عدد حروف الآيات الأربع الأولى من سورة القلم وهي الآيات التي خُتمت بصفة خُلق النبي -صلى الله عليه وسلّم-!
68 هو مجموع تكرار لفظ { قُرْآن } في القرآن!
وهكذا تلاحظ كيف يحاصر العدد 68 الآية التي أشارت إلى خلق النبي -صلى الله عليه وسلّم-، وكما قالت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وهي تصف خلقه: (كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآن)، وهذه هي الأرقام تقول ذلك أيضًا وتؤكده!
تأمّل الأعجب..
الحرف رقم 17 في قائمة الحروف الهجائية وهو الظاء تكرّر في سورة مُحمَّد 4 مرّات!
17 عدد أوّليّ ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 7، وهذا الأخير أوّليّ أيضًا وترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 4
تأمّل هذا التناسق الرقمي العجيب! حقًّا.. لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا!!
تأمّل من جديد..
الكلمات الثلاث جاءت في ثلاث سور: مُحمَّد – القلم – المزمّل.
السورة الأولى حملت اسم { مُحمَّد } والسورة الأخيرة حملت صفة من صفاته { الْمُزَّمِّل }.
السورة الوسطى هي التي جاء فيها لفظ { خُلُق } وهذه السورة تبدأ بحرف النون:
{ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)}
العجيب أن حرف النون تكرّر في سورة القلم نفسها 131 مرّة، وهذا العدد = 114 + 17
وهكذا فإن كل المسالك الرقمية تؤدي إلى العدد 17
تأمّل أوّل 17 كلمة من بداية سورة القلم:
{ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ } .
تأمّل تكرار حروف (مُحمَّد خُلُقُهُ الْقُرْآن) في أوّل 17 كلمة من سورة القلم:
تكرّرت حروف هذه الكلمات الثلاث (مُحمَّد خُلُقُهُ الْقُرْآن) 63 مرّة في أوّل 17 كلمة من بداية سورة القلم!
63 هو عدد أعوام عمر مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم-!
63 هو عدد أعوام عمر أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وهي التي روت حديث: (كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآن).
63 هو عدد أعوام عمر والدها وأوّل الخلفاء الراشدين أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-!
مزيد من التأكيد..
تأمّل كيف تبدأ سورة المزمّل..
{ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ ... }.
آخر أحرف كلمة { الْقُرْآن } وهو حرف النون ترتيبه رقم 63 من بداية السورة!
وهذا يعني أن أوّل 17 كلمة من سورة المزمّل عدد حروفها 63 حرفًا! تأكّد بنفسك!
الآن انتقل إلى سورة القلم مرّة أخرى وتأمّل كيف تبدأ..
{ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ }.
تبدأ سورة القلم بحرف واحد من الحروف المقطّعة هو حرف النون..
من بعد حرف النون حتى آخر حرف من أحرف كلمة { خُلُق } هناك 63 حرفًا أيضًا! تأكّد بنفسك!
وهكذا فإن الحروف المقطّعة في القرآن لا تزال تخفي خلفها سرًّا عظيمًا لم يقف عليه أحد حتى الآن!
أمر عجيب! تأمّل آية الخُلق العظيم:
{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم]
هذه الآية تصف خُلق مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- بأنه { عَظِيم }.
والسؤال الأهم: أين وردت كلمة { عَظِيم } للمرّة الأولى في القرآن؟
لقد وردت في خاتمة أوّل 7 آيات من سورة البقرة:
{ الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)}
كلمة { عَظِيم } في خاتمة الآية السابعة هي الكلمة رقم 59 من بداية سورة البقرة!
العجيب أن العدد 59 أوّليّ ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 17
وهكذا فإن كل المسالك الرقمية تؤدي إلى العدد 17
17 نفسه عدد أوّليّ ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 7، وهذا هو رقم الآية نفسها!
الآية نفسها هي أوّل آية في المصحف تبدأ بحرف الخاء وهو الحرف رقم 7 في قائمة الحروف الهجائية!
بل هناك ما هو أعجب من ذلك كلّه!!
إليك الأعجب والأجمل..
تأمّل كلمة { عَظِيم } في خاتمة الآية رقم 7 من سورة البقرة!
حرف الظاء يرد للمرّة الأولى في المصحف في هذه الكلمة { عَظِيم }.
العجيب أن حرف الظاء هو الحرف رقم 17 في قائمة الحروف الهجائية!
والأعجب منه أن حرف الظاء في كلمة { عَظِيم } هو الحرف رقم 51 من بداية الآية نفسها، وهذا العدد = 17 × 3
آخر حرف من أحرف كلمة { عَظِيم } هو الحرف رقم 262 من بداية سورة البقرة، وهذا العدد = 114 + 114 + 17 + 17
هل تعجبت من ذلك؟! بل هناك ما هو أعجب منه..
النقطة التي على حرف الظاء في كلمة { عَظِيم } هي النقطة رقم 119 من بداية سورة البقرة!
والعجب كل العجب أن العدد 119 يساوي 17 × 7
17 هو ترتيب حرف الظاء نفسه في قائمة الحروف الهجائية!
7 هو ترتيب العدد 17 نفسه في قائمة الأعداد الأوّليّة!!
ما رأيك في هذه الحقيقة الرقمية المذهلة؟!
إليك المزيد.. تأمّل كيف تبدأ الآية نفسها:
{ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)} [البقرة]
إنها تبدأ بكلمة { خَتَمَ }..
مجموع الترتيب الهجائي للأحرف الثلاثة لكلمة { خَتَمَ } 34، وهذا العدد = 17 + 17
ألم أقل لك إن كل المسالك الرقمية تؤدي إلى العدد 17؟
يتبع القسم الثاني والأخير