المؤهلات التي يجب توفرها في أي قائد عسكري
بجانب المعلومات والقابليات العسكرية التي يجب توفرها لدي أي قائد عسكري يجب توفر كل صفات الزعامة فيه، لأن القائد العسكري زعيم في الوقت نفسه وسنقوم بتلخيص هذه الصفات:
1- على كل زعيم أن يملك قابلية إعطاء القرارات الصحيحة. يعد إعطاء القرار بمثابة الأسس للأعمال التي يجب إنجازها، ولكن كما يمكن إعطاء قرار غير صائب كذلك من المحتمل أن يكون القرار خاطئا من ناحية التوقيت كذلك، فالقرارات المتأخرة أو المتقدمة عن أوقاتها الصحيحة تعد قرارات خاطئة، لذا فإن القرار الصائب الذي يتخذه أي زعيم يتميز عن أي قرار آخر اعتيادي بأنه قرار صائب متخذ في وقته المناسب تماماً. هناك أوقات مهمة يجب فيها اتخاذ قرار سريع، والزعيم يتميز عن الآخرين في مثل هذه الأوقات بقابليته على اتخاذ القرار السريع الذكي والصائب، هذا مع أن القرارات المتخذة على عجل تكون في الغالب قرارات خاطئة لأن العجلة تكون عادة ضد الصواب ويصعب أن يوجدا معاً، والزعيم هو رجل مثل هذه الأوقات الصعبة حيث يستطيع الجمع بين هذين الضدين.
2- على كل زعيم أن يملك شجاعة فطرية.. من لم يكن شجاعاً لا يمكن أن يكون زعيماً، فعلى الزعيم أن يكون شجاعاً رابط الجأش قوي القلب، فقد يأتي يوم يبقى فيه وحيداً وشجاعته الفطرية تنقذه آنذاك من التذلل، في مثل هذه الأوقات التي يضطر فيها الزعيم والقائد إلى تحمل تبعات دعوته وحده عليه أن يتصرف وكأن الآلاف خلفه، وذلك لكي يستطيع الوصول إلى هدفه.
أجل، على القائد والزعيم ألا يخاف من الموت أبداً. فالذي يخاف من كل شيء ويخشى من كل خطوة ومن كل أمر لا يمكن أن يكون قائداً ينظم ويدير جماعته.
3- القائد رجل الإرادة التي لا تلين، فليس من الممكن له الرجوع عن قراره ولا تبديل إيمانه وعقيدته ولا إعطاء أي تنازل عنها، فالأمل صديقه الذي لا يفارقه، أما اليأس فعدوه الكبير الذي لا يقربه حتى في الأحلام، فالعراقيل الموجودة أمامه مهما كانت كبيرة لا تثنيه عن عزمه ولا تضعف من إرادته، فهو يملك قوة معنوية وروحية يغلب بها اليأس، وإلا فكيف يكون باستطاعته جذب الجماهير خلفه؟ أجل، إن القائد شخص ذو إرادة فولاذية لا تلين.
4- القائد شخص يدرك مسؤولياته إدراكاً جيداً، وشعور المسؤولية هذا جزء لا يتجزأ من كيانه، فلو تفرق عنه جميع من حوله واحداً إثر واحد فهو يبقى مستعداً لتحمل التبعات الثقيلة لدعوته حتى النهاية وإن أصبح وحيداً. أجل، هذا هو مقدار شعوره بالمسؤولية، وليس هناك أمر أو عائق يستطيع إضعاف هذا الشعور الذي يتحول عنده إلى قناعة فكرية ثابتة.
5- على الزعيم أن يكون بعيد النظرة يتجاوز زمنه، ويكتشف مسار الحوادث المستقبلية بحدسه وبفكره الثاقب ويراها مثلما رأى الأحداث الماضية ويعطي أحكامه وقراراته على هذا الأساس. ولكن إن كانت الأيام تثبت على الدوام عكس ما أمله وما توقعه وتنقض حدسه فليس في إمكانه إقناع من برأسه سكة من عقل.
على الزعيم أن يرى المستقبل لكي تكون قراراته نهائية، وإلا اضطر إلى تبديل قراراته على الدوام حسب تقلب الأيام، وهذا سيولد الخلاف الفكري والشقاق بين جماعته، وهذا يؤدي إلى انهدام الجماعة. فالقرارات المتغيرة على الدوام ستؤدي إلى تفتيت الجماعة إلى أفراد كل منهم يحمل فكراً خاصاً به. إذن، فعلى القائد أن يكون ذا بصيرة نافذة وفراسة حادة.
6- على القائد أن يكون إنساناً مستقراً من الناحية النفسية لا يتأثر ولا يغير وضعه تحت تأثير أي حادثة، فلا يغره أروع النجاحات ولا يغيره أكبر الانتصارات، وعندما يواجهه الفشل يقوم بحماسية نفسه.
القائد هو الشخص الذي بَعُد عن وضاعة النفس واستمر في طرز حياته البسطية المتقشفة، يعيش حياته بتناغم موسيقي هادئ، بل إن القائد الجيد هو ينهي حياته بمستوى أعلى من البداية التي بدأها، وهذا لا يتم إلا إذا كان القائد يملك نفساً متواضعة تمام التواضع لكي لا ينسى أيامه الأولى ولا أصدقائه السابقين.
7- القائد شخص يعرف التقييم الجيد للأفراد، ويعرف أكثر من غيره نوعية الأفراد الموجودين تحت قيادته، ويعرف أين يستعمل ومن يستعمل منهم وفي تحقيق أي هدف. والشخص الذي لا يعرف توزيع الأعمال حسب القابليات، ولا يسجل نجاحاً في هذا الأمر لا يستطيع أن يكون ليس فقط قائداً بل حتى إدارياً جيداً.
على القائد أن يودع كل عمل إلى أليق الأشخاص لذلك العمل وأكثرهم قابلية في إنجاز ذلك العمل. فالقائد أفضل من يقوم بهذا التقييم ويقوم بتوظيف القابليات والاستفادة منها على الدوام. وهو عادة لا يضطر إلى الرجوع عن قراراته السابقة في هذا المجال لأنه يملك بوصلة حساسة في تقييم القابليات ووزن الرجال، طبعاً عدا استثناءات قليلة لا يمكن لأي إنسان التخلص منها.
8- القائد هوالشخص الذي يحب رعيته بحيث أن كل فرد منهم يشعر أنه أقرب إلى قلبه من الآخرين، وهو الشخص الذي تقابله رعيته أيضا بالحب.. ثقته بالرعية وثقة رعيته به تامة.
9- لا يوجد في أي مرحلة من مراحل حياته شيء يمكن إشهاره في وجهه كتهمة، فماضيه معروف كحاضره، وماضيه نقي كحاضره، ولو قام أحد بتدقيق ماضيه -سواء بنية سيئة أو حسنة- لما وجد فيه ما يخجل منه، ولو أصبحت الدنيا بأجمعها خصما له لما استطاعت إلقاء أي ظل من الشك على عفته وسمعته.. طبعاً إن تم الالتزام بالصدق ولم يسلكوا سبل الكذب والافتراء.
10- القائد شخص له جوانب عديدة وميزات كثيرة، واستطاع التميز في مجتمعه في كل جانب من هذه الجوانب، ولا يمكن لأحد أن يجد أي عيب في تصرفاته وسلوكه، وكلما دققت جوانبه المختلفة تبين هذا الأمر أكثر فأكثر.
لقد حفل التاريخ الإنساني بالعديد من هؤلاء القادة العظام، ولكن لا يوجد أي قائد جمع في نفسه كل هذه الصفات التي عددناها، أما القادة الذين جمعوا بعض هذه الصفات فقلة أيضاً.
“الإسكندر الكبير”، “هَنيبَعل (Hannibal)”، “نابوليون (Napoléon)”، “هتلر (Hitler)”، ومن تاريخنا: “محمد الفاتح”، “السلطان سليم الأول”، “السلطان بايزيد” والملقب بالصاعقة، “جلال الدين خرزم شاه”، “صلاح الدين الأيوبي”، “طارق بن زياد”، “الشيخ شامل” الذي حارب الروس مدة أربعين عاماً... لا شك أن هؤلاء كانوا قادة عظاماً، غير أننا إن قمنا بتقييمهم من زاوية الصفات التي سردناها لوجدنا أنه لا يمكن مقارنتهم أبداً بقائد القادة محمد صلى الله عليه و سلم.
كتبه فتح الله كولن
بجانب المعلومات والقابليات العسكرية التي يجب توفرها لدي أي قائد عسكري يجب توفر كل صفات الزعامة فيه، لأن القائد العسكري زعيم في الوقت نفسه وسنقوم بتلخيص هذه الصفات:
1- على كل زعيم أن يملك قابلية إعطاء القرارات الصحيحة. يعد إعطاء القرار بمثابة الأسس للأعمال التي يجب إنجازها، ولكن كما يمكن إعطاء قرار غير صائب كذلك من المحتمل أن يكون القرار خاطئا من ناحية التوقيت كذلك، فالقرارات المتأخرة أو المتقدمة عن أوقاتها الصحيحة تعد قرارات خاطئة، لذا فإن القرار الصائب الذي يتخذه أي زعيم يتميز عن أي قرار آخر اعتيادي بأنه قرار صائب متخذ في وقته المناسب تماماً. هناك أوقات مهمة يجب فيها اتخاذ قرار سريع، والزعيم يتميز عن الآخرين في مثل هذه الأوقات بقابليته على اتخاذ القرار السريع الذكي والصائب، هذا مع أن القرارات المتخذة على عجل تكون في الغالب قرارات خاطئة لأن العجلة تكون عادة ضد الصواب ويصعب أن يوجدا معاً، والزعيم هو رجل مثل هذه الأوقات الصعبة حيث يستطيع الجمع بين هذين الضدين.
2- على كل زعيم أن يملك شجاعة فطرية.. من لم يكن شجاعاً لا يمكن أن يكون زعيماً، فعلى الزعيم أن يكون شجاعاً رابط الجأش قوي القلب، فقد يأتي يوم يبقى فيه وحيداً وشجاعته الفطرية تنقذه آنذاك من التذلل، في مثل هذه الأوقات التي يضطر فيها الزعيم والقائد إلى تحمل تبعات دعوته وحده عليه أن يتصرف وكأن الآلاف خلفه، وذلك لكي يستطيع الوصول إلى هدفه.
أجل، على القائد والزعيم ألا يخاف من الموت أبداً. فالذي يخاف من كل شيء ويخشى من كل خطوة ومن كل أمر لا يمكن أن يكون قائداً ينظم ويدير جماعته.
3- القائد رجل الإرادة التي لا تلين، فليس من الممكن له الرجوع عن قراره ولا تبديل إيمانه وعقيدته ولا إعطاء أي تنازل عنها، فالأمل صديقه الذي لا يفارقه، أما اليأس فعدوه الكبير الذي لا يقربه حتى في الأحلام، فالعراقيل الموجودة أمامه مهما كانت كبيرة لا تثنيه عن عزمه ولا تضعف من إرادته، فهو يملك قوة معنوية وروحية يغلب بها اليأس، وإلا فكيف يكون باستطاعته جذب الجماهير خلفه؟ أجل، إن القائد شخص ذو إرادة فولاذية لا تلين.
4- القائد شخص يدرك مسؤولياته إدراكاً جيداً، وشعور المسؤولية هذا جزء لا يتجزأ من كيانه، فلو تفرق عنه جميع من حوله واحداً إثر واحد فهو يبقى مستعداً لتحمل التبعات الثقيلة لدعوته حتى النهاية وإن أصبح وحيداً. أجل، هذا هو مقدار شعوره بالمسؤولية، وليس هناك أمر أو عائق يستطيع إضعاف هذا الشعور الذي يتحول عنده إلى قناعة فكرية ثابتة.
5- على الزعيم أن يكون بعيد النظرة يتجاوز زمنه، ويكتشف مسار الحوادث المستقبلية بحدسه وبفكره الثاقب ويراها مثلما رأى الأحداث الماضية ويعطي أحكامه وقراراته على هذا الأساس. ولكن إن كانت الأيام تثبت على الدوام عكس ما أمله وما توقعه وتنقض حدسه فليس في إمكانه إقناع من برأسه سكة من عقل.
على الزعيم أن يرى المستقبل لكي تكون قراراته نهائية، وإلا اضطر إلى تبديل قراراته على الدوام حسب تقلب الأيام، وهذا سيولد الخلاف الفكري والشقاق بين جماعته، وهذا يؤدي إلى انهدام الجماعة. فالقرارات المتغيرة على الدوام ستؤدي إلى تفتيت الجماعة إلى أفراد كل منهم يحمل فكراً خاصاً به. إذن، فعلى القائد أن يكون ذا بصيرة نافذة وفراسة حادة.
6- على القائد أن يكون إنساناً مستقراً من الناحية النفسية لا يتأثر ولا يغير وضعه تحت تأثير أي حادثة، فلا يغره أروع النجاحات ولا يغيره أكبر الانتصارات، وعندما يواجهه الفشل يقوم بحماسية نفسه.
القائد هو الشخص الذي بَعُد عن وضاعة النفس واستمر في طرز حياته البسطية المتقشفة، يعيش حياته بتناغم موسيقي هادئ، بل إن القائد الجيد هو ينهي حياته بمستوى أعلى من البداية التي بدأها، وهذا لا يتم إلا إذا كان القائد يملك نفساً متواضعة تمام التواضع لكي لا ينسى أيامه الأولى ولا أصدقائه السابقين.
7- القائد شخص يعرف التقييم الجيد للأفراد، ويعرف أكثر من غيره نوعية الأفراد الموجودين تحت قيادته، ويعرف أين يستعمل ومن يستعمل منهم وفي تحقيق أي هدف. والشخص الذي لا يعرف توزيع الأعمال حسب القابليات، ولا يسجل نجاحاً في هذا الأمر لا يستطيع أن يكون ليس فقط قائداً بل حتى إدارياً جيداً.
على القائد أن يودع كل عمل إلى أليق الأشخاص لذلك العمل وأكثرهم قابلية في إنجاز ذلك العمل. فالقائد أفضل من يقوم بهذا التقييم ويقوم بتوظيف القابليات والاستفادة منها على الدوام. وهو عادة لا يضطر إلى الرجوع عن قراراته السابقة في هذا المجال لأنه يملك بوصلة حساسة في تقييم القابليات ووزن الرجال، طبعاً عدا استثناءات قليلة لا يمكن لأي إنسان التخلص منها.
8- القائد هوالشخص الذي يحب رعيته بحيث أن كل فرد منهم يشعر أنه أقرب إلى قلبه من الآخرين، وهو الشخص الذي تقابله رعيته أيضا بالحب.. ثقته بالرعية وثقة رعيته به تامة.
9- لا يوجد في أي مرحلة من مراحل حياته شيء يمكن إشهاره في وجهه كتهمة، فماضيه معروف كحاضره، وماضيه نقي كحاضره، ولو قام أحد بتدقيق ماضيه -سواء بنية سيئة أو حسنة- لما وجد فيه ما يخجل منه، ولو أصبحت الدنيا بأجمعها خصما له لما استطاعت إلقاء أي ظل من الشك على عفته وسمعته.. طبعاً إن تم الالتزام بالصدق ولم يسلكوا سبل الكذب والافتراء.
10- القائد شخص له جوانب عديدة وميزات كثيرة، واستطاع التميز في مجتمعه في كل جانب من هذه الجوانب، ولا يمكن لأحد أن يجد أي عيب في تصرفاته وسلوكه، وكلما دققت جوانبه المختلفة تبين هذا الأمر أكثر فأكثر.
لقد حفل التاريخ الإنساني بالعديد من هؤلاء القادة العظام، ولكن لا يوجد أي قائد جمع في نفسه كل هذه الصفات التي عددناها، أما القادة الذين جمعوا بعض هذه الصفات فقلة أيضاً.
“الإسكندر الكبير”، “هَنيبَعل (Hannibal)”، “نابوليون (Napoléon)”، “هتلر (Hitler)”، ومن تاريخنا: “محمد الفاتح”، “السلطان سليم الأول”، “السلطان بايزيد” والملقب بالصاعقة، “جلال الدين خرزم شاه”، “صلاح الدين الأيوبي”، “طارق بن زياد”، “الشيخ شامل” الذي حارب الروس مدة أربعين عاماً... لا شك أن هؤلاء كانوا قادة عظاماً، غير أننا إن قمنا بتقييمهم من زاوية الصفات التي سردناها لوجدنا أنه لا يمكن مقارنتهم أبداً بقائد القادة محمد صلى الله عليه و سلم.
كتبه فتح الله كولن
التعديل الأخير: