يشهد قطاع التطوير العقاري في الصين أزمة حادة بعدما تخلفت شركات كبرى عن الوفاء بمواعيد تسليم الوحدات السكنية لحاجزيها، ما دفع المواطنين لمقاطعة سداد أقساط الرهن العقاري للبنوك لتهدد الخطوة القطاع المصرفي أيضا.
سلم المطورون الصينيون نحو 60% فقط من المساكن التي باعوها مقدماً بين 2013 و2020، بحسب “بنك لومورا”.
تدخلت الحكومة الصينية لمنع تفاقم الأزمة وأعطت تعليمات للبنوك بمنح الشركات قروضا تساعدها على إتمام المشروعات المتوقفة، وعلى الجانب الآخر منح فترات سماح كافية للمواطنين من أجل سداد أقساط الرهن العقاري.
من أين جاءت الأزمة؟
يعتمد السوق الصيني على نموذج بيع وتسويق الوحدات العقارية “OFF PLAN” بمعنى أنه مجرد وحدات مرسومة على الماكيت ولم يتم تنفيذها.على الجانب الآخر تمنح البنوك قروض الرهن العقاري للعملاء على الوحدة دون التقيد بشرط نسب الإنجاز، ما يعني أن العميل يكون مطالب بسداد أقساط القرض العقاري في الشهر التالي مباشرة من تاريخ التعاقد على شراء الوحدة السكنية.
أيضا تحصل الشركات على قروض ائتمانية من البنوك لتمويل الإنشاءات بضمان الأراضي المقام عليها المشروع، لكن تبدأ الأزمة عندما يستخدم المطورون العقاريون أموال العملاء وأموال البنوك بتدويرها في شراء قطع أراضي جديدة سعيا منها لامتلاك محفظة أراضي قوية، أو حتى تحقيق أرباح من هذه الأراضي.
مع تكرار هذا النموذج على مدار أكثر من 25 عاما ومع تقلبات الأسواق واجهت الشركات الكبرى، بما فيها شركات حكومية، أزمة سيولة ولم تتمكن مع تنفيذ الوحدات المتعاقدة عليها، على الرغم من أن المواطنين سددوا كامل قيمة وحداتهم للبنوك.
إلى أي مدى يتشابه الوضع مع السوق المصري؟
تعتمد شركات التطوير العقاري في مصر أيضا في تسويق الوحدات نموذج البيع على الماكيت قبل البدء في التنفيذ، والاعتماد أيضا بجزء كبير على مقدمات الحجز التي يدفعها العملاء وجزء يمثل 25% من أموال المساهمين، وقد تعتمد أيضا على قروض بنكية.تسعى الغالبية العظمى من شركات التطوير العقاري في مصر لبناء محفظة أراضي واسعة تتيح لها مخزون عقاري يمكنها من الاستمرار في النمو خاصة في ظل الارتفاع المستمر في أسعار الأراضي.
على الرغم من أوجه الشبه في بعض الجوانب الفنية بين السوق المصري والسوق الصيني إلا أن الخبراء في مصر يرون أن السوق هنا بعيدا عن هذه الأزمة.
يقول المهندس عمرو القاضي خبير استشارات التطوير العقاري:”صحيح أن الشركات في مصر تعتمد على نموذج البيع المسبق، لكن الضوابط هنا مختلفة تماما عن المعمول بها في الصين“.
“في مصر ليس لدينا حجم قروض الرهن العقاري المبالغ فيها والتي قد تتسبب في انهيار الجهاز المصرفي، وهو جزء أساسي من الأزمة التي تشهدها الصين حاليا”.. بحسب عمرو القاضي.
بلغ إجمالي القروض العقارية للعملاء في الصين والتي لم يتم سدادها نحو 296 مليار دولار، بحسب بنك الشعب الصيني.
أوضح القاضي أن قروض الرهن العقاري في مصر تشترط أن تكون الوحدة تامة التنفيذ وكاملة التشطيب، ولا يلتزم العميل بسداد الأقساط إلا بعد الاستلام.
“الجانب الآخر يتعلق بتمويل المطور نفسه لتنفيذ وحدة عقارية من قبل البنوك، حيث أن منح التمويل من البنوك مرتبط بنسب الإنجاز في المشروع، بمعنى أنه كلما تقدم المطور في التنفيذ فإنه يحصل على التمويل بنفس القدر”.. أضاف القاضي.
تخلفت 18 شركة على الأقل عن سداد أكثر من 26 مليار دولار من السندات الدولارية خلال الأشهر الأخيرة، في الصين، بما فيها “إيفرغراند” وغيرها من الشركات الكبرى مثل مثل “سوناك تشاينا” و”كايسا غروب”.
يتفق مع هذه الرأي المهندس فتح الله فوزي رئيس لجنة التشييد والبناء في جمعية رجال الأعمال المصريين ورئيس مجلس إدارة شركة مينا لاستشارات التطوير العقاري.
نقطة الاختلاف الجوهري التي أشار إليها المهندس فتح الله فوزي تتعلق بنوع الطلب على العقار.
“النسبة الأكبر من الطلب في الصين بغرض الاستثمار نظرا لارتفاع مستوى الدخل ووجود فوائض مالية، أما في مصر فإن الجانب الأكبر من الطلب يكون بغرض الاحتياج الفعلي للسكن”، قال فتح الله فوزي.
في المجمل، تمثل العقارات قرابة 78% من ثروات الأسر في الصين، وهو ما يمثل ضعف المعدل في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال.
المصدر