رحلة إلى { مَجْمَعَ الْبَحْرَيْن }
إعداد: الدكتور/ أحمد مُحمَّد زين المنّاوي
القسم الأول
إعداد: الدكتور/ أحمد مُحمَّد زين المنّاوي
القسم الأول
قصص موسى عليه السلام من أعظم وأهم قصص القرآن، فهي ثريَّة بالدروس والعبر والمواقف والدلالات. وفي المشهد التالي سوف نقف معًا عند إحدى عجائب القصص القرآني، ليس في مضمونها وفحواها، فلهذا مصادر أخرى، ولكن في نظمها الرقمي الرائع، لنرى كيف تتعانق الكلمات مع الأرقام لتقدّم لنا لوحة تصويرية هي قمَّة الروعة والإبداع!
البداية.. قام موسى عليه السلام خطيبًا في بني إسرائيل، فسأله أحدهم: أي الناس أعلم؟
قال موسى عليه السلام: أنا، فعاتبه اللَّه عزّ وجلّ، إذ لم يردَّ العلم إليه، فأوحى إليه أن عبدًا من عباده بمجْمع البحرين عنده من العلم ما لم يُحِط به، فعزم موسى عليه السلام على الرحيل إليه.
نستعد الآن لمرافقة موسى عليه السلام وفتاه وهما في طريقهما إلى مجمع البحرين، لنقف معهما على العديد من العجائب القرآنية، ليس عجائب العبد الصالح مع موسى عليه السلام وإنما عجائب الأرقام!
وكما أن القصّة مملوءة بالمواقف العجيبة، فإنها مملوءة أيضًا بالمعطيات الرقمية العجيبة!
نرحل على عجل إلى سورة الكهف لندرك موسى عليه السلام وهو يفتتح لنا القصّة بالآية رقم 60، فتأمَّل:
{ وَإِذْ قَالَ مُوْسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60)}
فلماذا افتتح موسى قصته مع العبد الصالح بالآية رقم 60؟!
للإجابة عن هذا السؤال استمع إلى حوار موسى مع الفتى حتى نهايته!
لم يعلّق الفتى على قول موسى عليه السلام!
فربما كان مشغولًا بأمر آخر يرى أنه أهم من ذلك! ولن تطول حيرتنا كثيرًا بشأن الفتى وصمته، حتى يتدخل القرآن الكريم سريعًا، ويبلغنا بأمرين في غاية الأهميّة في مسار القصّة! الأمر الأوّل هو انتهاء المرحلة الأولى من الرحلة وذلك بوصول موسى وفتاه إلى مجمع البحرين، والأمر الآخر هو أن حوتهما تسرّب إلى البحر، وعليهما أن يبحثا عن طعام بديل!
{ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوْتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيْلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61)}
عجيب أنهما لم يحطّا رحالهما عند مجمع البحرين!
والأعجب من ذلك أن موسى لم يكن يعلم أنه بلغ مجمع البحرين، برغم إصراره على أنه لا يبرح، أي سوف يظل سائرًا، حتى يصل مجمع البحرين، أو يمضي حقبًا، أي حتى إذا تطلّب الأمر أن يسير حقبًا من الزمان!
وحان وقت الغداء والقيلولة، وجاء التفكير في الحوت مصدر الطعام الوحيد، وقد صور لنا القرآن العظيم هذا المشهد في الآية التالية:
{ فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62)}
ولكن أين الحوت؟ الفتى وحده كان يعلم أين هو الحوت! ولعله ظل صامتًا طوال الفترة الماضية، ولم يعلِّق على قول موسى، لأن تفكيره كان منصبًّا حول الطريقة التي تسرّب بها الحوت إلى داخل الماء وقد وصفها بأنها { عَجَبا }!
الآن يمكنك أن تستمع إلى الفتى وهو يروي لك القصّة بنفسه:
{ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيْتُ الْحُوْتَ وَمَا أَنْسَانِيْهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيْلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)}
هنا ومن آخر كلمة نطق بها الفتى { عَجَبا } تبدأ سلسلة من العجائب!
وبهذه الكلمة فتح الفتى الباب إلى عالم من العجائب! والعجيب أن أوّل من يتعجَّب هو الفتى نفسه!
ولكن ممّ سوف يتعجَّب هذا الفتى؟!
هل هناك أمر آخر يدعو إلى التعجُّب غير الطريقة التي تسرّب بها الحوت إلى داخل البحر؟!
نعم.. سوف يتعجَّب الفتى من ردّ فعل موسى عليه السلام!
الآن استمع إلى القرآن العظيم وهو يصوِّر لك ردّ فعل موسى من ضياع الحوت:
{ قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (64)}
{ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ } ! عجيب!
والأعجب منه: { فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا }!
ردّ فعل غير متوقع أبدًا لا إلى الذي شهد القصّة، ولا إلى الذي قرأها!
هكذا فجأة ومن دون أي مقدّمات صرف موسى عليه السلام النظر عن كل شيء .. عن الغداء.. عن القيلولة، ورجع أدراجه!
حتى قبل قليل كان الفتى وحده هو من يعلم مصير الحوت، والطريقة التي تسرَّب بها إلى داخل البحر، وما لبث الأمر أن انعكس سريعًا، وأصبح موسى عليه السلام هو وحده من يعلم لماذا هم راجعون!
تأمّل..
الآن نتوقَّف قليلًا لنسترجع كلمات موسى عليه السلام وفتاه حتى هذه المرحلة من القصّة.
لقد قال موسى حتى الآن 21 كلمة موجَّهة كلها إلى فتاه وجاءت على النحو الآتي:
{ وَإِذْ قَالَ مُوْسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60)}
{ فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِيْنَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62)}
{ قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (64)}
لقد جاءت كلمات موسى عليه السلام إلى فتاه موزَّعة على ثلاث آيات، وهي الكلمات التي تحتها خط.
أما كلام الفتى إلى موسى فقد جاء في 19 كلمة جاءت في آية واحدة، وسوف يكتفي الفتى بهذه الكلمات طوال القصّة، ولن يضيف أي كلمة أخرى، وقد جاء مجمل كلامه في الآية:
{ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوْتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيْلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)}
الآن تأمّل جيّدًا.. لقد قال موسى لفتاه 21 كلمة ورد عليه فتاه بـ 19 كلمة، وبذلك فإن مجمل ما قاله موسى لفتاه وقاله الفتى لموسى 40 كلمة على التمام والكمال.. ولكن لماذا 40 تحديدًا؟!
بل السؤال الأهم: من هو هذا الفتى؟
تأمّل من جديد قصة هذا الفتى مع الحوت..
{ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)}
تكرّرت أحرف لفظ { الْحُوت } في آية الحوت 40 مرّة!
ولكن لماذا 40 تحديدًا؟! ومن هو هذا الفتى؟
هذا الفتى هو يوشع بن نون، وهو من سيدخل ببني إسرائيل بيت المقدس بعد 40 سنة من التيه، الذي كتبه اللَّه على بني إسرائيل، وبعد موت موسى وهارون عليه السلام! فهل أدركت الآن لماذا جاء كلام موسى وفتاه في 40 كلمة؟!
واقرأ قول اللَّه تعالى في سورة المائدة:
{ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً يَتِيهُوْنَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِيْنَ (26)}
تأمّل عدد كلمات الآية 14 كلمة، ورقمها 26، ومجموعهما = 40 أيضًا!
فهذه هي آية التيه وقد جاءت في سورة المائدة، بينما جاءت قصة موسى والعبد الصالح في سورة الكهف، وبرغم ذلك يظل هناك ارتباط عضوي بينهما على مستوى الحرف! فتأمّل كيف جاء آخر ذكر للفتى في كلام موسى في الآية رقم 62 من سورة الكهف، وكيف جاء رقم آية التيه (26) وهو معكوس رقم آية الكهف، وكيف جاء عدد حروف آية التيه 62 حرفًا، بينما جاء أوّل حرف من أحرف كلمة { أرْبَعِيْن } وهو حرف الألف في ترتيب الحرف رقم 19 من بداية الآية، بعدد كلمات الفتى يوشع بن نون!
وتستمر رحلة العجائب..
نستمر في الرحلة مع موسى عليه السلام ويوشع بن نون.
وعند مجمع البحرين وتحديدًا على الصخرة التي تسرَّب عندها الحوت إذا برجل مسجًى بثوب، وهو الخضر عليه السلام، كما دلّت على ذلك الأحاديث الصحيحة. والآن نترك القرآن العظيم يصوِّر لنا هذا المشهد:
{ فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65)}
من الآية رقم 66 حتى الآية رقم 82 يبدأ حوار مطوَّل بين موسى والخضر.. فإلى نص الحوار:
{ قَالَ لَهُ مُوْسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيْعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِيْ لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيْعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيْتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا (74) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيْعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76) فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيْهَا جِدَارًا يُرِيْدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيْلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَّلَيْهِ صَبْرًا (78) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِيْنَ يَعْمَلُوْنَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيْبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوْهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيْلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَّلَيْهِ صَبْرًا (82)}
الكلمات التي تحتها خط وباللون الأسود كلام موسى عليه السلام.
والكلمات التي تحتها خط وباللون الأخضر كلام الخضر عليه السلام.
تأمّل هذا الحوار:
الخضر يوجِّه إلى موسى 121 كلمة، وموسى يوجِّه إلى الخضر 59 كلمة!
الآن علمنا لماذا جاءت قصّة موسى مع الخضر بعد 59 آية تحديدًا من بداية سورة الكهف؟
لقد قال موسى للخضر 59 كلمة وقال الخضر لموسى 121 كلمة، وبذلك يكون مجمل كلام موسى للخضر وكلام الخضر لموسى 180 كلمة، ويساوي 18 × 10
18 هو ترتيب سورة الكهف في المصحف.
10 هو عدد الآيات التي ورد فيها كلام موسى في القصّة!
10 هو عدد الآيات التي ورد فيها كلام الخضر في القصّة!
العدد 40 يتجلّى من جديد..
لقد قال موسى لفتاه 21 كلمة ورد عليه فتاه بـ 19 كلمة، وبذلك فإن مجمل ما قاله موسى لفتاه وقاله الفتى لموسى 40 كلمة.
لقد قال موسى للخضر 59 كلمة وقال الفتى لموسى 19 كلمة، والفرق بين العددين يساوي 40
لقد قال موسى لفتاه 21 كلمة وقال للخضر 59 كلمة، وبذلك فإن مجمل كلام موسى في القصّة 80 كلمة، ويساوي 40 + 40
في المرّة الأولى تعلَّق العدد 40 بدخول الفتى يوشع بن نون ببني إسرائيل بيت المقدس بعد 40 سنة من التيه!
فإلى ماذا يشير العدد 40 في المرّة الثانية؟ بكل تأكيد ليس له علاقة بالفتى هذه المرّة!
قطع موسى مسافة طويلة جدًّا، وتكبَّد عناء السفر للقاء الخضر -عليهما السلام-، وسيكون لموسى عليه السلام رحلة أخرى يتوجَّه فيها إلى طور سيناء للقاء ربه عزّ وجلّ. إذًا هذا لقاء وذلك لقاء!
وإن كنا لا نعلم على وجه اليقين كم المدَّة الزمنية التي استغرقها لقاء موسى مع الخضر، فإننا بكل تأكيد نعلم المدَّة التي استغرقها لقاء موسى عليه السلام مع ربه عزّ وجلّ وهي 40 ليلة!
تعلّم موسى عليه السلام من لقائه الخضر أمورًا غيبيّة لم يكن ليعلمها من غيره من البشر، وتلقّى موسى عليه السلام الوحي في لقائه مع ربه، ولم يكن ليتلقاه من غيره! واقرأ إن شئت قوله تعالى:
{ وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوْسَى أَرْبَعِيْنَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُوْنَ (51)} [البقرة]
العجيب أنه من أوّل حرف في كلمة { أرْبَعِيْنَ } حتى نهاية الآية 40 حرفًا تحديدًا!
يتبع القسم الثاني والأخير
البداية.. قام موسى عليه السلام خطيبًا في بني إسرائيل، فسأله أحدهم: أي الناس أعلم؟
قال موسى عليه السلام: أنا، فعاتبه اللَّه عزّ وجلّ، إذ لم يردَّ العلم إليه، فأوحى إليه أن عبدًا من عباده بمجْمع البحرين عنده من العلم ما لم يُحِط به، فعزم موسى عليه السلام على الرحيل إليه.
نستعد الآن لمرافقة موسى عليه السلام وفتاه وهما في طريقهما إلى مجمع البحرين، لنقف معهما على العديد من العجائب القرآنية، ليس عجائب العبد الصالح مع موسى عليه السلام وإنما عجائب الأرقام!
وكما أن القصّة مملوءة بالمواقف العجيبة، فإنها مملوءة أيضًا بالمعطيات الرقمية العجيبة!
نرحل على عجل إلى سورة الكهف لندرك موسى عليه السلام وهو يفتتح لنا القصّة بالآية رقم 60، فتأمَّل:
{ وَإِذْ قَالَ مُوْسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60)}
فلماذا افتتح موسى قصته مع العبد الصالح بالآية رقم 60؟!
للإجابة عن هذا السؤال استمع إلى حوار موسى مع الفتى حتى نهايته!
لم يعلّق الفتى على قول موسى عليه السلام!
فربما كان مشغولًا بأمر آخر يرى أنه أهم من ذلك! ولن تطول حيرتنا كثيرًا بشأن الفتى وصمته، حتى يتدخل القرآن الكريم سريعًا، ويبلغنا بأمرين في غاية الأهميّة في مسار القصّة! الأمر الأوّل هو انتهاء المرحلة الأولى من الرحلة وذلك بوصول موسى وفتاه إلى مجمع البحرين، والأمر الآخر هو أن حوتهما تسرّب إلى البحر، وعليهما أن يبحثا عن طعام بديل!
{ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوْتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيْلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61)}
عجيب أنهما لم يحطّا رحالهما عند مجمع البحرين!
والأعجب من ذلك أن موسى لم يكن يعلم أنه بلغ مجمع البحرين، برغم إصراره على أنه لا يبرح، أي سوف يظل سائرًا، حتى يصل مجمع البحرين، أو يمضي حقبًا، أي حتى إذا تطلّب الأمر أن يسير حقبًا من الزمان!
وحان وقت الغداء والقيلولة، وجاء التفكير في الحوت مصدر الطعام الوحيد، وقد صور لنا القرآن العظيم هذا المشهد في الآية التالية:
{ فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62)}
ولكن أين الحوت؟ الفتى وحده كان يعلم أين هو الحوت! ولعله ظل صامتًا طوال الفترة الماضية، ولم يعلِّق على قول موسى، لأن تفكيره كان منصبًّا حول الطريقة التي تسرّب بها الحوت إلى داخل الماء وقد وصفها بأنها { عَجَبا }!
الآن يمكنك أن تستمع إلى الفتى وهو يروي لك القصّة بنفسه:
{ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيْتُ الْحُوْتَ وَمَا أَنْسَانِيْهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيْلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)}
هنا ومن آخر كلمة نطق بها الفتى { عَجَبا } تبدأ سلسلة من العجائب!
وبهذه الكلمة فتح الفتى الباب إلى عالم من العجائب! والعجيب أن أوّل من يتعجَّب هو الفتى نفسه!
ولكن ممّ سوف يتعجَّب هذا الفتى؟!
هل هناك أمر آخر يدعو إلى التعجُّب غير الطريقة التي تسرّب بها الحوت إلى داخل البحر؟!
نعم.. سوف يتعجَّب الفتى من ردّ فعل موسى عليه السلام!
الآن استمع إلى القرآن العظيم وهو يصوِّر لك ردّ فعل موسى من ضياع الحوت:
{ قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (64)}
{ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ } ! عجيب!
والأعجب منه: { فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا }!
ردّ فعل غير متوقع أبدًا لا إلى الذي شهد القصّة، ولا إلى الذي قرأها!
هكذا فجأة ومن دون أي مقدّمات صرف موسى عليه السلام النظر عن كل شيء .. عن الغداء.. عن القيلولة، ورجع أدراجه!
حتى قبل قليل كان الفتى وحده هو من يعلم مصير الحوت، والطريقة التي تسرَّب بها إلى داخل البحر، وما لبث الأمر أن انعكس سريعًا، وأصبح موسى عليه السلام هو وحده من يعلم لماذا هم راجعون!
تأمّل..
الآن نتوقَّف قليلًا لنسترجع كلمات موسى عليه السلام وفتاه حتى هذه المرحلة من القصّة.
لقد قال موسى حتى الآن 21 كلمة موجَّهة كلها إلى فتاه وجاءت على النحو الآتي:
{ وَإِذْ قَالَ مُوْسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60)}
{ فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِيْنَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62)}
{ قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (64)}
لقد جاءت كلمات موسى عليه السلام إلى فتاه موزَّعة على ثلاث آيات، وهي الكلمات التي تحتها خط.
أما كلام الفتى إلى موسى فقد جاء في 19 كلمة جاءت في آية واحدة، وسوف يكتفي الفتى بهذه الكلمات طوال القصّة، ولن يضيف أي كلمة أخرى، وقد جاء مجمل كلامه في الآية:
{ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوْتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيْلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)}
الآن تأمّل جيّدًا.. لقد قال موسى لفتاه 21 كلمة ورد عليه فتاه بـ 19 كلمة، وبذلك فإن مجمل ما قاله موسى لفتاه وقاله الفتى لموسى 40 كلمة على التمام والكمال.. ولكن لماذا 40 تحديدًا؟!
بل السؤال الأهم: من هو هذا الفتى؟
تأمّل من جديد قصة هذا الفتى مع الحوت..
{ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)}
تكرّرت أحرف لفظ { الْحُوت } في آية الحوت 40 مرّة!
ولكن لماذا 40 تحديدًا؟! ومن هو هذا الفتى؟
هذا الفتى هو يوشع بن نون، وهو من سيدخل ببني إسرائيل بيت المقدس بعد 40 سنة من التيه، الذي كتبه اللَّه على بني إسرائيل، وبعد موت موسى وهارون عليه السلام! فهل أدركت الآن لماذا جاء كلام موسى وفتاه في 40 كلمة؟!
واقرأ قول اللَّه تعالى في سورة المائدة:
{ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً يَتِيهُوْنَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِيْنَ (26)}
تأمّل عدد كلمات الآية 14 كلمة، ورقمها 26، ومجموعهما = 40 أيضًا!
فهذه هي آية التيه وقد جاءت في سورة المائدة، بينما جاءت قصة موسى والعبد الصالح في سورة الكهف، وبرغم ذلك يظل هناك ارتباط عضوي بينهما على مستوى الحرف! فتأمّل كيف جاء آخر ذكر للفتى في كلام موسى في الآية رقم 62 من سورة الكهف، وكيف جاء رقم آية التيه (26) وهو معكوس رقم آية الكهف، وكيف جاء عدد حروف آية التيه 62 حرفًا، بينما جاء أوّل حرف من أحرف كلمة { أرْبَعِيْن } وهو حرف الألف في ترتيب الحرف رقم 19 من بداية الآية، بعدد كلمات الفتى يوشع بن نون!
وتستمر رحلة العجائب..
نستمر في الرحلة مع موسى عليه السلام ويوشع بن نون.
وعند مجمع البحرين وتحديدًا على الصخرة التي تسرَّب عندها الحوت إذا برجل مسجًى بثوب، وهو الخضر عليه السلام، كما دلّت على ذلك الأحاديث الصحيحة. والآن نترك القرآن العظيم يصوِّر لنا هذا المشهد:
{ فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65)}
من الآية رقم 66 حتى الآية رقم 82 يبدأ حوار مطوَّل بين موسى والخضر.. فإلى نص الحوار:
{ قَالَ لَهُ مُوْسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيْعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِيْ لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيْعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيْتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا (74) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيْعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76) فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيْهَا جِدَارًا يُرِيْدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيْلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَّلَيْهِ صَبْرًا (78) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِيْنَ يَعْمَلُوْنَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيْبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوْهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيْلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَّلَيْهِ صَبْرًا (82)}
الكلمات التي تحتها خط وباللون الأسود كلام موسى عليه السلام.
والكلمات التي تحتها خط وباللون الأخضر كلام الخضر عليه السلام.
تأمّل هذا الحوار:
الخضر يوجِّه إلى موسى 121 كلمة، وموسى يوجِّه إلى الخضر 59 كلمة!
الآن علمنا لماذا جاءت قصّة موسى مع الخضر بعد 59 آية تحديدًا من بداية سورة الكهف؟
لقد قال موسى للخضر 59 كلمة وقال الخضر لموسى 121 كلمة، وبذلك يكون مجمل كلام موسى للخضر وكلام الخضر لموسى 180 كلمة، ويساوي 18 × 10
18 هو ترتيب سورة الكهف في المصحف.
10 هو عدد الآيات التي ورد فيها كلام موسى في القصّة!
10 هو عدد الآيات التي ورد فيها كلام الخضر في القصّة!
العدد 40 يتجلّى من جديد..
لقد قال موسى لفتاه 21 كلمة ورد عليه فتاه بـ 19 كلمة، وبذلك فإن مجمل ما قاله موسى لفتاه وقاله الفتى لموسى 40 كلمة.
لقد قال موسى للخضر 59 كلمة وقال الفتى لموسى 19 كلمة، والفرق بين العددين يساوي 40
لقد قال موسى لفتاه 21 كلمة وقال للخضر 59 كلمة، وبذلك فإن مجمل كلام موسى في القصّة 80 كلمة، ويساوي 40 + 40
في المرّة الأولى تعلَّق العدد 40 بدخول الفتى يوشع بن نون ببني إسرائيل بيت المقدس بعد 40 سنة من التيه!
فإلى ماذا يشير العدد 40 في المرّة الثانية؟ بكل تأكيد ليس له علاقة بالفتى هذه المرّة!
قطع موسى مسافة طويلة جدًّا، وتكبَّد عناء السفر للقاء الخضر -عليهما السلام-، وسيكون لموسى عليه السلام رحلة أخرى يتوجَّه فيها إلى طور سيناء للقاء ربه عزّ وجلّ. إذًا هذا لقاء وذلك لقاء!
وإن كنا لا نعلم على وجه اليقين كم المدَّة الزمنية التي استغرقها لقاء موسى مع الخضر، فإننا بكل تأكيد نعلم المدَّة التي استغرقها لقاء موسى عليه السلام مع ربه عزّ وجلّ وهي 40 ليلة!
تعلّم موسى عليه السلام من لقائه الخضر أمورًا غيبيّة لم يكن ليعلمها من غيره من البشر، وتلقّى موسى عليه السلام الوحي في لقائه مع ربه، ولم يكن ليتلقاه من غيره! واقرأ إن شئت قوله تعالى:
{ وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوْسَى أَرْبَعِيْنَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُوْنَ (51)} [البقرة]
العجيب أنه من أوّل حرف في كلمة { أرْبَعِيْنَ } حتى نهاية الآية 40 حرفًا تحديدًا!
يتبع القسم الثاني والأخير