الأعداد الأولية تنطق بالوحدانية / إعداد: د. أحمد مُحمَّد زين المنّاوي

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
22,763
التفاعل
17,877 113 0
الأعداد الأولية تنطق بالوحدانية

إعداد: الدكتور أحمد مُحمَّد زين المنّاوي
القسم الأول


إذا تأمّلت في جميع ما جاء به الأنبياء -عليهم السلام- من مُعجزات تثبت صدق نبوتهم، فلن ترى أعظم ولا أجلّ من المُعجزة الخالدة التي جاء بها خاتم النبيين مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم-، وهي القرآن الذي يبهر كل من يتأمّل فيه من العلماء على اختلاف تخصّصاتهم، لأنه كلام ربّ العالمين الذي خلق كل شيء فقدَّره تقديرًا.

إنّ النسيج الرقمي القرآني قائم على الأعداد الأوّليّة الصماء التي ظلّت سرًّا ولغزًا يحيِّر العقل البشري، ويتحدَّى علماء الرياضيات منذ آلاف السنين. والأعداد الأوّليّة هي أعداد صحيحة أكبر من واحد، ولكنها لا تقبل القسمة إلا على نفسها، وعلى الرقم 1 فقط، وفيما عدا ذلك فإن جميع الأعداد الصحيحة الأخرى تسمى أعدادًا مركَّبة. وقد ظلت الأعداد الأوّليّة عبر القرون حتى يومنا هذا لغزًا يحيِّر العالم، وبرغم ملايين المحاولات المضنية التي قام بها علماء الرياضيات عبر القرون، فلم يتوصّل العالم إلى أي نتائج ملموسة لفهم سلوك الأعداد الأوّليّة أو ترويضها.

ولا تزال الأعداد الأوّليّة تخفي خلفها سرًّا عظيمًا، ولغزًا يحيِّر العقل البشري ويتحدَّاه، وبرغم ذلك فهم يستخدمونها في العديد من المجالات. والقرآن العظيم كذلك يستخدم خصائص هذه الأعداد ومراتبها في تعزيز المعنى المراد، بل الأعجب من ذلك فإن النسيج الرقميّ القرآني كلّه يقوم على الأعداد الأوّليّة، ولا يمكن لنا أن نفهم علاقات المنظومة القرآنية بشكل صحيح، إلا بعد فهمنا لسلوك هذه الأعداد!

ولا يزال العلماء في حيرة من أمرهم بشأن توزيع الأعداد الأوّليّة، على عكس الأعداد الصحيحة المركَّبة فردية كانت أم زوجية. ولم يعرف العالم أي نتائج ملموسة لمحاولات علماء الرياضيات المضنية لابتكار طريقة أو دالّة يستطيعون من خلالها معرفة توزيع الأعداد الأوّليّة، سوى ما قدّمه عالم الرياضيات الألماني برنارد ريمان قبل أكثر من 150 عامًا من فرضية ليس عليها برهان حتى الآن، وتقوم باختبار طبيعة الأعداد، من خلال دالّة أطلق عليها اسم "زيتا" تكون نتيجتها صفرًا إذا كان العدد قيد الاختبار أوّليًّا، ولكن لم يتمكّن أحد حتى الآن من إثبات أن هذه الدالة ستعمل لكل الأعداد الأوّليّة، فضلًا عن أن إثباتها لن يقدِّم حلًا للُغز الأعداد الأوّليّة.

ولنا من خلال هذه المشاهد وقفة مهمة مع طبيعة هذه الأعداد، وكيف يعالجها القرآن العظيم ضمن نسيجه الرقميّ المعجز، ففيها الدليل الحاسم والبرهان القاطع على أن البشرية وبكل ما أوتيت من ملكات الذكاء الفطري، وأدوات الذكاء الصناعي تعجز عن أن تأتي بمثل جانب يسيرٍ جدًا من مثل النسيج الرقمي القرآني، بل إنها تعجز عن الإحاطة به وفهمه، فهو كالجب الذي لا قاع له، فكلما تعمَّقت فيه تبين لك أنك ما ازددت إلا جهلًا به.

موعدنا الآن مع لون جديد من فنون القرآن في توظيف خصائص الأعداد الأوّليّة لتعزيز المعنى، وسوف تبهرك هذه المشاهد أيما إبهار! ولنتأمّل هذه الفنون عبر المشاهد الآتية:

المشهد الأول:
إن الغيب لا يعلمه إلا اللَّه وحده سبحانه وتعالى، ومن ادّعى علم الغيب فقد كذَّب القرآن. ولقد طوى الله علم الغيب عن الملائكة المقربين، والأنبياء المرسلين، فضلًا عن غيرهم من العالمين، وأما ما أخبر الله به الأنبياء عن أمور الغيب مما سيكون في الآخرة ونحو ذلك، فهو بإخبار اللَّه لهم، وليس من عند أنفسهم، فالرسل لا يعلمون الغيب، إلا إذا أطلعهم الله تعالى على شيء من ذلك.
ولو كان أحد من البشر يعلم الغيب لكان سيد المرسلين مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم-.
ولكن تأمّل ماذا يقول له ربه سبحانه وتعالى في ذلك:

{ قُلْ لَا أَقُوْلُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ ولَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ولَا أَقُوْلُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِيْ الأَعْمَى وَالْبَصِيْرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُوْنَ (50)} [الأنعام]

وهكذا فإنه لا أحد من البشر يعلم الغيب مهما بلغت منزلته. وهذا الاعتقاد يجعل المسلم واثقًا بربه، معتمدًا عليه في كل أموره، ومكذبًا بمن يدّعي الغيب من الكهنة والعرّافين وغيرهم.
إن موضوع الغيب في القرآن يأتي في إطار نظم محكم من الأعداد الأوّليّة! فكما أن الغيب لا يعلمه إلا اللَّه وحده فإن فهم سلوك هذه الأعداد لا يزال حتى الآن في رحم الغيب!
نتأمّل معًا الآية الأخيرة من سورة لقمان، وهي الآية التي جمعت مفاتح الغيب الخمسة:

{ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوْتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيْمٌ خَبِيْرٌ (34)}

وكما ترى، فإن الآية تتحدث عن مفاتح الغيب الخمسة التي لا يعلمها أحد إلا اللَّه عزّ وجلّ، ولذلك فهي ترتبط بالأعداد الأوّليّة. تأمّل كيف جاءت مفاتح الغيب الخمسة!
تأمّل مواقعها جيّدًا في الآية!
قد يبدو مفاجئًا بالنسبة إليك أن تعلم أن مفاتح الغيب الخمسة في الآية انتهت بخمس كلمات ترتيب كل منها ضمن الآية عدد أوّليّ! وحتى تكون الصورة واضحة أمامك دعني أضع أرقامًا توضّح لك ترتيب الكلمة الأخيرة في مفاتح الغيب الخمسة، فتأمّل:

{ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ 5 وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ 7 وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ 11 وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا 17 وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوْتُ 23 إِنَّ اللَّهَ عَلِيْمٌ خَبِيْرٌ (34)}

مفاتح الغيب عددها 5، وهذا العدد في ذاته أوّليّ!
ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 3، وهذا العدد أوّليّ!
وترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 2، وهذا هو أصغر عدد أوّليّ!

مفتاح الغيب الأوّل انتهى بكلمة { السَّاعَةِ }، وهذه الكلمة ترتيبها في الآية رقم 5، وهذا العدد أوّليّ.
مفتاح الغيب الثاني انتهى بكلمة { الْغَيْب }، وهذه الكلمة ترتيبها في الآية رقم 7، وهذا العدد أوّليّ.
مفتاح الغيب الثالث انتهى بكلمة { الْأَرْحَامِ }، وهذه الكلمة ترتيبها في الآية رقم 11، وهذا العدد أوّليّ.
مفتاح الغيب الرابع انتهى بكلمة { غَدًا }، وهذه الكلمة ترتيبها في الآية رقم 17، وهذا العدد أوّليّ.
مفتاح الغيب الخامس انتهى بكلمة { تَمُوتُ }، وهذه الكلمة ترتيبها في الآية رقم 23، وهذا العدد أوّليّ.

تأمّل يا رعاك اللَّه هذه العجائب المدهشة:
آخر كلمة في أوّل مفاتح الغيب الخمسة { السَّاعَةِ }، ترتيبها رقم 5 من بداية الآية، ورقم 23 من نهايتها!
آخر كلمة في آخر مفاتح الغيب الخمسة { تَمُوتُ }، ترتيبها رقم 5 من نهاية الآية، ورقم 23 من بدايتها!
آخر كلمة في ثالث مفاتح الغيب الخمسة { الْأَرْحَامِ }، ترتيبها رقم 11 من بداية الآية، ورقم 17 من نهايتها!
آخر كلمة في رابع مفاتح الغيب الخمسة { غَدًا } ترتيبها رقم 11 من نهاية الآية ورقم 17 من بدايتها!
وجميع هذه الأعداد 5، 11، 17، 23 أوّليّة صماء لا تقبل القسمة إلا على نفسها أو على الرقم 1!

تأمّل..
آخر مفتاح من مفاتح الغيب الخمسة هو:
{ وَمَا تَدْرِيْ نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوْتُ } انتهى بكلمة { تَمُوتُ }، التي تحمل الترتيب رقم 23 ضمن كلمات الآية.
لاحظ أن العدد 23 يماثل تمامًا عدد أعوام الوحي، وهي الفترة التي قضاها النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- في تلقّي الوحي من ربه وتبليغه للناس (عمر النبوَّة).
ولكن الأعجب من ذلك أنك إذا قمت بجمع هذه الأعداد الأوّليّة الخمسة!
تأمّل: 5 + 7 + 11 + 17 + 23 يساوي 63
وهذا العدد يماثل تمامًا عدد أعوام عمر النبيّ -صلى الله عليه وسلّم-!
ولا يفوت عليك أن تنتبه إلى أن آخر كلمة في مفاتح الغيب الخمسة هي كلمة { تَمُوتُ }!
سورة لقمان التي وردت فيها هذه الآية ترتيبها رقم 31 في المصحف، وهذا العدد أوّليّ، بل هو يماثل عدد جميع الأعداد الأوّليّة التي استخدمها القرآن في الدلالة على ترتيب السور أو عدد آياتها!

لقد أشرنا إلى أن الآية الأخيرة من سورة لقمان، وهي السورة التي ترتيبها رقم 31 في المصحف، قد تضمنت { مَفَاتِحُ الْغَيْبِ } الخمسة التي لا يعلمها إلا اللَّه عزّ وجلّ وحده، فهل وردت { مَفَاتِحُ الْغَيْبِ } في موضع آخر في القرآن؟ وكم مرّة وردت؟
لقد وردت مرّة واحدة في الآية رقم 59 من سورة الأنعام وهي:

{ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِيْنٍ (59)}

عدد كلمات الآية 31 كلمة، وهذا العدد أوّليّ، ولكن الأهم من ذلك أن السورة التي ترتيبها 31 في المصحف، وهي سورة لقمان خُتمت بالآية الوحيدة في القرآن التي تضمَّنت مفاتح الغيب الخمسة! فتأمّل كيف ارتبطت { مَفَاتِحُ الْغَيْبِ } بالعدد 31، وهو عدد أوّليّ يماثل عدد الأعداد الأوّليّة التي استخدمها القرآن في الدلالة على ترتيب سوره أو عدد آياتها!
رقم الآية 59، وهذا العدد أوّليّ وترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 17
والعدد 17 أوّليّ، وترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 7
مجموع الأعداد الأوّليّة الثلاثة 59 + 17 + 7 يساوي 83، وهذا العدد أوّليّ!
إذا أضفت إليه عدد كلمات الآية وهو 31 يكون الناتج 114 وهو عدد سور القرآن!
كلمة الغيب ترتيبها من بداية الآية رقم 3، وهو عدد أوّليّ!
وترتيبها من نهاية الآية رقم 29، وهو عدد أوّليّ أيضًا!
مفاتح الغيب عددها 5، وكلمة الغيب عدد حروفها 5، وهذا العدد في ذاته أوّليّ!

لا يعلم الغيب إلَّا اللَّه.. هكذا تقول الأرقام بوضوح!
ولكن.. الأعداد الأوّليّة المستخدمة في القرآن لا ترتبط فقط بالغيبيات، وإنما ترتبط بكل المعاني التي تتوافق مع خصائص الأعداد الأوّليّة التي لا يعلم أحد مكنونها، وفي ذلك سوف نسوق مثالًا واحدًا من سورة لقمان نفسها، فنعود بها إلى الساحة مرّة أخرى:

{ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي 13 نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي 19 نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيْمٌ خَبِيْرٌ (34)}

لاحظ.. لقد وردت { وَمَا تَدْرِي } مرّتين في الآية.
الأولى انتهت بالكلمة رقم 13، وهذا العدد أوّليّ!
والثانية انتهت بالكلمة رقم 19، وهذا العدد أوّليّ أيضًا!
وكأن الآية تقول:
وكما أنه لا أحد يدري بمفاتح الغيب شيئًا، فإنه لا أحد يدري بسر الأعداد الأوّليّة شيئًا!
ولا أظن أن أحدًا يعتقد أن الذين جمعوا القرآن ورتبوه كانوا على علم بالأعداد الأوّليّة!
بل لم يكن للعرب ولا كان لهم أي مساهمة يمكن أن تساعد على فهم سلوك الأعداد الأوّليّة.
إنَّ القرآن يوظف منظومة الأعداد الأوّليّة بشكل لا يخطر ببال أحد من البشر! وإنَّ منظومة الأعداد الأوّليّة في القرآن، لا ترتبط بترتيب السور أو الآيات وحدها، ولكنها تتعمَّق على مستوى الحرف!
دعني أقدّم لك مثالًا على ذلك ليس على مستوى السور أو الآيات، ولكن على مستوى الحرف، فلنتأمّل معًا هذه المقارنة العجيبة بين مجموع الترتيب الهجائي لأحرف كلمة { الْغَيْب } ومجموع الترتيب الهجائي لأحرف اسم { اللَّه }!

مجموع الترتيبه الهجائي لأحرف كلمة { الْغَيْب } يساوي 73.. احتفظ بهذا العدد!
مجموع الترتيبه الهجائي لأحرف كلمة { اللَّه } يساوي 73 أيضا..
والعدد 73 أوّليّ، لا يقبل القسمة إلا على نفسه أو على الرقم 1
وهكذا تؤكِّد الأرقام بوضوح..

{ قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ... (65)} [النمل]!

يتبع القسم الثاني
 
الأعداد الأولية تنطق بالوحدانية

إعداد: الدكتور أحمد مُحمَّد زين المنّاوي
القسم الثاني


المشهد الثاني:
تأمّل هذه الآية جيّدًا:

{ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيْرٌ بِمَا تَعْمَلُوْنَ (11)} [المنافقون]

إن الأجل من مفاتح الغيب التي لا يعلمها ولا ينبغي أن يعلمها أحد إلا اللَّه عزّ وجلّ وحده، وحتى ملك الموت لا يعلم أجل البشر، ولذلك كان لا بدّ لهذه الآية من أن ترتبط بالأعداد الأوّليّة ارتباطًا وثيقًا، لأنَّ هذه الأعداد لا تزال حتى الآن لغزًا يحيِّر العالم، ولا تزال في علم الله وحده، ولا يعلم سرَّها إلَّا هو سبحانه وتعالى.
رقم هذه الآية 11، وهذا العدد أوّليّ!
عدد كلمات هذه الآية 11 أيضًا، وهو عدد أوّليّ!
ترتيب آخر كلمة في هذه الآية من بداية السورة هو 181، وهذا العدد أوّليّ!
ترتيب آخر كلمة في هذه الآية من بداية المصحف هو 72031، وهذا العدد أوّليّ!
كلمة { أَجَلُهَا } ترتيبها من بداية الآية رقم 7، وهذا عدد أوّليّ!
كلمة { أَجَلُهَا } ترتيبها من نهاية الآية رقم 5، وهذا عدد أوّليّ!
إنَّ أعجب ما في الأمر لم أعرضه عليك بعد!
في المثال التالي سوف تتأكَّد أن موقع كل كلمة في القرآن محسوب بدقَّة، وأن عدد كلمات السور ومواقع السور والكلمات محسوب بميزان محكم.
فتأمّل يا رعاك الله قوله تعالى: { جَاءَ أَجَلُهَا }!
ولا يغيب عنك أن ترتيب سورة المنافقون التي وردت فيها هذه الآية هو 63
هذا العدد يماثل تمامًا عدد أعوام عمر النبيّ -صلى الله عليه وسلّم-!
وتأكيدًا لهذا المعنى، فإذا بدأت العدّ من بداية سورة مُحمَّد، فإن أوّل كلمة بعد قوله تعالى: { جَاءَ أَجَلُهَا } ترتيبها على وجه الدقة هو 6363
الآن تأمّل العدد 6363 ولماذا سورة مُحمَّد دون غيرها!
هل ترى غير العدد 63، وهو عدد أعوام عمر مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم-!
العدد 6363 يساوي 63 × 101
وهنا يتجلّى عدد جديد وهو 101 فماذا يعني؟
العدد 101 أوّليّ، وهو يساوي 63 + 38، والأخير هو عدد آيات سورة مُحمَّد!

المشهد الثالث:
متى الساعة؟ سؤال مباغت وغير متوقَّع!
إن علم الساعة من مفاتح الغيب التي استأثر اللَّه عزّ وجلّ بعلمها، فلم يطلع عليها أحدًا من خلقه بمن فيهم الأنبياء والمرسلون والملائكة المقرّبون، وحتى ملك الموت لا يعلم متى الساعة، ولا يعلم أجل أيّ من المخلوقات، وحتى أفضل الأنبياء والمرسلين نبينا مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- لم يكن يعلم متى تقوم الساعة، ولم يكن يعلم أيًّا من مفاتح الغيب الأخرى.
وقد جاءت نصوص الكتاب والسنَّة الصريحة موضّحة أن علم الساعة غيب لا يعلمه أحد من المخلوقين مهما بلغت منزلته، وفي مواضع متعدِّدة من القرآن يقول تعالى مخبرًا رسوله -صلى الله عليه وسلّم- إنه لا علم له بالساعة، وإن سأله الناس عن ذلك، وأرشده إلى أن يردّ علمها إليه وحده سبحانه وتعالى.
ومن الأحاديث التي تدل على أن وقت الساعة لا يعلمه إلا الله حديث جبريل المشهور، وفيه قول النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- لجبريل لمَّا سأله متى الساعة؟ قال: (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل).
تأمّل هذا المعنى جيّدًا.. جبريل -عليه السلام- هو أفضل الملائكة، ومُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- هو أفضل البشر ولا يعلم أيّ منهما متى تقوم الساعة!
فهل بعد ذلك كلّه من يزعم أن أحدًا غير الله عزّ وجلّ يعلم متى تقوم الساعة؟!
هذا الأمر حُسم ليس من خلال الألفاظ والمعاني فحسب وإنَّما من خلال الأرقام أيضًا! لنتأمّل معًا هذه الآية:

{ إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيْهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُوْنَ (59)} [غافر]

إن الساعة لآتية.. هذا خبر صادق لا ريب فيه، وأمر واقع لا محالة.. ولكن متى؟
تجيبنا الأرقام عن ذلك، فلنصغِ لها جيِّدًا:
رقم الآية 59، وهذا العدد أوّليّ!
عدد كلمات الآية 11 كلمة، وهذا العدد أوّليّ!
عدد حروف الآية 43 حرفًا، وهذا العدد أوّليّ!
مجموع الأعداد الثلاثة 113، وهذا العدد أوّليّ!
ترتيب كلمة الساعة رقم 2، وهذا العدد أوّليّ!
أوّل حرف في كلمة { السَّاعَةَ } ترتيبه من بداية الآية رقم 3، وهذا العدد أوّليّ!
كلمة { لَآتِيَةٌ } ترتيبها رقم 3، وهذا العدد أوّليّ!
قوله تعالى: { إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ } 3 كلمات، وهذا العدد أوّليّ!
قوله تعالى: { إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ } 13 حرفًا، وهذا العدد أوّليّ!
ترتيب كلمة { السَّاعَةَ } من بداية السورة رقم 853، وهذا العدد أوّليّ!
الآية تجيب ضمنيًّا عن السؤال!
الأعداد الأوّليّة لا يعلم سرّها إلا الله عزّ وجلّ!
وكذلك الساعة!

بين اليأس والرجاء!
مثل هذه الآية، وغيرها من الآيات المتعدِّدة التي ترتبط في معناها ارتباطًا وثيقًا بخصائص الأعداد الأوّليّة الصماء تجعلني أتأرجح بين اليأس والرجاء.. بين الأمل والقنوط! فعندما أرى كيف يروِّض القرآن الأعداد الأوّليّة، ويعالجها من خلال استخدامه الرقم 6 ترجح عندي كفّة الرجاء والأمل، وكأني أرى أن اللَّه عزّ وجلّ سوف يفتح قريبًا على البشرية بمعرفة سر الأعداد الأوّليّة وفهم سلوكها، ولكنّي عندما أرى منظومة هذه الأعداد في القرآن، وشدَّة ارتباطها بالغيبيات التي لا يعلمها أحد من البشر ولا ينبغي أن يعلمها، يضمحل عندي الأمل ويذبل، ولذلك تجدني أتأرجح بين هذا وذاك.

المشهد الرابع:
إذا تأمّلت في جميع ما جاء به الأنبياء من مُعجزات تثبت صدق نبوتهم، فلن ترى أعظم ولا أجلّ من المُعجزة الخالدة التي جاء بها خاتم النبيين مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم-، وهي القرآن الذي يبهر كل من يتأمّل فيه من العلماء على اختلاف تخصّصاتهم، لأنه كلام ربّ العالمين الذي خلق كل شيء، فقدَّره تقديرًا. وفي الآية الآتية يقول الحق عزّ وجلّ إنه سوف يُري المشركين والمكذِّبين، وسيُظهر لهم الدلالات والبراهين القوية كون هذا القرآن حقًا منزلًا من عند اللّه عزّ وجلّ:

{ سَنُرِيْهِمْ آيَاتِنَا فِيْ الْآفَاقِ وَفِيْ أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيْدٌ (53)} [فصلت]

ومن دقة القرآن أن الله سبحانه وتعالى قال { سَنُرِيهِمْ } ولم يقل "سنريكم"، لأن أكثر من يرى آيات الله في كونه هم من غير المسلمين، وهذه الكلمة في حدّ ذاتها تحمل إعجازًا غيبيًّا، وهي دلالة واضحة على أن التحدِّي في القرآن ومُعجزاته ليس للعرب وحدهم.. بل للعالم أجمع.. ومن هنا فقد كان إعجاز القرآن اللُّغوي هو تحدٍّ للعرب فيما نبغوا فيه، ولكن التحدِّي لم يأتِ للعرب وحدهم، والقرآن جاء لكل الأجناس، ولكل الألسنة، فأين التحدِّي لغير العرب؟! ثم هذا الكتاب سيبقى إلى أن تقوم الساعة، فلا بدّ من أن يتضمَّن مُعجزات متجدِّدة للعالم في كل زمان ومكان، ومن هنا كانت هناك مُعجزات للقرآن وقت نزوله، وخلال فترة نزوله، وبعد نزوله، وهي مستمرّة حتى يومنا هذا، وسوف تستمر إلى قيام الساعة.
وقد أطلق الله عزّ وجلّ القول { سَنُرِيهِمْ } من غير أن يحصر ذلك على وقت دون آخر، فلكلّ نبأ ولكل حقيقة في القرآن زمن تتحقَّق فيه، فإذا تجلّى الحدث ماثلًا للعيان أشرقت المعاني وتألَّقت، وتطابقت دلالات الألفاظ والتراكيب مع الحقائق التي أصبحت ماثلة للناس عيانًا بيانًا، وهكذا تتجدَّد مُعجزات القرآن وعجائبه على طول الزمان جيلًا بعد جيل.
نعود إلى الآية مرّة أخرى لنتأمّل:

{ سَنُرِيْهِمْ آيَاتِنَا فِيْ الْآفَاقِ وَفِيْ أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيْدٌ (53)} [فصلت]

هناك لفته لطيفة في هذه الآية قد لا ينتبه لها كثير من الناس!
الأعداد الأوّليّة التي ظلّت سرًّا يؤرّق البشرية قبل نزول القرآن وبعده، وما زالت كذلك حتى اليوم، تتجلّى بوضوح في مواضع الإعجاز والتحدِّي! ولذلك جاء ارتباط هذه الآية بالأعداد الأوّليّة، لنتأمّل:
الآية رقمها 53، وهذا العدد أوّليّ!
سورة فصلت التي وردت فيها هذه الآية رقمها 41، وهذا العدد أوّليّ!
هذه الآية ترتيبها من بداية المصحف رقم 4271، وهذا العدد أوّليّ!
الآية عدد كلماتها 19 كلمة، وهذا العدد أوّليّ!
الآية عدد حروفها 73 حرفًا، وهذا العدد أوّليّ!
كلمة { الْحَق } ترتيبها رقم 11 من بداية الآية، وهذا العدد أوّليّ!
اسم اللَّه ورد في سورة فصلت 11 مرّة، وهذا العدد أوّليّ!
مجموع أرقام هذه الآيات التي ورد فيها اسم { اللَّه } 307، وهذا العدد أوّليّ!ه
أوّل آية ورد فيها اسم { اللَّه }ه في سورة فصلت عدد كلماتها 23 كلمة، وهذا العدد أوّليّ!
آخر آية ورد فيها اسم { اللَّه } في سورة فصلت عدد كلماتها 17 كلمة وهذا العدد أوّليّ!
وهكذا ارتبطت الآية ارتباطًا وثيقًا بالأعداد الأوّليّة لأنها مقام تحدٍّ وإعجاز!

توقَّف عند أوّل كلمة في الآية { سَنُرِيهِمْ }!
المتحدث هنا هو رب العزّة سبحانه وتعالى، ولذلك جاء رقم الآية 53
53 هو مجموع تكرار حروف اسم { الله } في أوّل وأعظم سور القرآن (الفاتحة)!
53 هو ترتيب اسم { الله } بين كلمات أوّل سورة نزلت من القرآن (العلق)!
53 هو عدد الكلمات التي جاءت بعد آخر ذكر لاسم { الله } في المصحف!
53 هو عدد سور القرآن المتتالية من بداية المصحف التي ورد في كل منها اسم { الله }!
53 هو ترتيب السورة التي جاءت بعدها مباشرة، أوّل سورة مجرَّدة من اسم { الله }!
وإذا أمعنا النظر في هذه الآية نفسها نجد أن حروفها تتكرر بشكل عجيب!

{ سَنُرِيْهِمْ آيَاتِنَا فِيْ الْآفَاقِ وَفِيْ أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيْدٌ (53)} [فصلت]

الآية تبدأ بحرف السين وترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 12، أي 6 + 6
الكلمة الأولى { سَنُرِيهِمْ } عدد حروفها 6 أحرف تكرَّرت في الآية 29 مرَّة، وهذا العدد أوَّليّ!
الكلمة الثانية { آيَاتِنَا } عدد حروفها 6 أحرف تكرَّرت في الآية 29 مرَّة، وهذا العدد أوَّليّ!
مجموع حروف الكلمتين معًا { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا } تكرَّرت في الآية 43 مرَّة، وهذا العدد أوَّليّ!
حروف { فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ } تكرَّرت في الآية 53 مرَّة، وهذا العدد أوَّليّ!
حروف { حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ } تكرَّرت في الآية 41 مرَّة، وهذا العدد أوَّليّ!
53 هو رقم الآية نفسها، و41 هو ترتيب سورة فصلت التي وردت بها الآية!

يتبع القسم الثالث
 
الأعداد الأولية تنطق بالوحدانية

إعداد: الدكتور أحمد مُحمَّد زين المنّاوي
القسم الثالث



المشهد الخامس:
استعرضنا في المشهد السابق الآية رقم 53 من سورة فصلت، والآن سنعود إلى السورة السابقة لسورة فصلت مباشرة وهي سورة غافر، ونلاحظ أن اسم الله تكرّر في هذه السورة 53 مرّة. ومن سورة غافر سوف نلتقط هذا النص القرآني، لنرى كيف يوظِّف القرآن خاصية الأرقام والأعداد لتعزيز المعنى المراد، فتأمّل:

{ ثُمَّ قِيْلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُوْنَ مِنْ دُوْنِ اللَّهِ قَالُوْا ضَلُّوْا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوْ مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِيْنَ }.

اقرأ هذا النص القرآني أكثر من مرّة، وتأمّله جيّدًا، وتدبّر معانيه!
هذا النص القرآني عبارة عن آيتين من آيات سورة غافر هما الآية 73 والآية 74
والآن.. إذا طُلب منَّا وضع فاصلة بين هاتين الآيتين، أو بمعنى أدقّ تحديد نهاية الآية رقم 73، أين ستضع هذه الفاصلة؟ لا شكّ في أن الغالبية العظمى منَّا سوف يضعون فاصلة الآية بعد اسم الله مباشرة، أي بعد الكلمة العاشرة من بداية الآية. لماذا؟
لأنه عند ذلك الموضع يكتمل المعنى تمامًا.
وفي واقع الأمر فإنَّ معظم القُراء يقفون بعد اسم { الله } مباشرة طلبًا لتمام المعنى. ولكن فواصل آيات القرآن لا تتحدّد بناءً على اكتمال المعنى لغويًّا فحسب، بل اكتماله رقميًّا أيضًا!
فكما أن للكلمات لغتها، فإن للأرقام لغتها أيضًا، وقد تكون أبلغ وأفصح وأدق.
الآن لنـتأمّل أين وضع الوحي الفاصلة في هذا النص القرآني:

{ ثُمَّ قِيْلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُوْنَ (73) مِنْ دُوْنِ اللَّهِ قَالُوْا ضَلُّوْا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوْ مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِيْنَ (74)} [غافر]

لا شكّ في أنه لأمر عجيب موضع الفاصلة رقم 73
فلماذا لم تتحرك هذه الفاصلة ثلاث خطوات إلى الأمام حيث يكتمل المعنى المراد، أو تحذف الفاصلة تمامًا ويبقى هذا النص القرآني آية واحدة؟ إذا استمعت إلى غالبية القرّاء تجدهم بالفعل يتجاوزون الفاصلة ويتوقفون بعد اسم { الله }، أو عند نهاية الآية التالية. وسيكون ذلك منطقيًّا ورأيًا وجيهًا إذا كان تحديد فواصل الآيات عشوائيًّا، أو اجتهادًا بشريًّا، كما يتوهم بعضهم، ولكنه الوحي ولا شيء غير الوحي.
ولكي نفقه لماذا وضع الوحي فاصلة الآية 73 في سورة غافر عند موضعها هذا علينا أن نتدبَّر جيّدًا معنى الآية، ونتوقف عند آخر كلمة فيها وهي كلمة { تُشْرِكُونَ } أي تجعلون لله أندادًا وشركاء، والله هو الواحد الفرد الصمد الذي لا شريك ولا ندّ له.
إذا تأمّلنا رقم الآية نجده 73، وهذا العدد أوّليّ لا يقبل القسمة إلا على الرقم 1 وعلى نفسه!
بل العدد 73 علاوة على أنه أوّليّ فهو يمثل مجموع الترتيب الهجائي لأحرف اسم الله!
بل إذا تأمّلت مكوّنات هذا العدد نفسه تجد أن 3 و7 عددان أوّليّان!
وإذا تأمّلنا عدد كلمات الآية نجدها 7 كلمات، وهذا العدد أوّليّ!
وإذا تأمّلنا عدد حروف الآية نجدها 23 حرفًا، وهذا العدد أوّليّ!
وإذا تأمّلنا مكوّنات هذا العدد نجد أن 3 و2 عددان أوّليّان!
وإذا تأمّلنا مجموع حروف الآية وكلماتها ورقمها نجده 103، وهذا العدد أوّليّ!
وإذا تأمّلنا عدد الحروف الهجائية التي تضمَّنتها الآية نجده 13 حرفًا، وهذا العدد أوّليّ!
وإذا تأمّلنا عدد النقاط على حروف هذه الآية نجدها 19 نقطة، وهذا العدد أوّليّ!
وإذا تأمّلنا عدد الحروف غير المنقوطة في هذه الآية نجدها 13 حرفًا، وهذا العدد أوّليّ!
وإذا تأمّلنا ترتيب كلمة { تُشْرِكُونَ } من بداية الآية نجده رقم 7، وهذا العدد أوّليّ!
وإذا تأمّلنا ترتيب كلمة { تُشْرِكُونَ } من بداية السورة نجدها الكلمة رقم 1049، وهذا العدد أوّليّ!
وإذا تأمّلنا ترتيب كلمة { تُشْرِكُونَ } من نهاية السورة نجدها الكلمة رقم 179، وهذا العدد أوّليّ!
وإذا تأمّلنا ترتيب كلمة { تُشْرِكُونَ } من بداية المصحف نجدها رقم 61519، وهذا العدد أوّليّ!

تأمّل هذا النظام الرقمي المبهر..
تأمّل كيف التقت هذه المسارات المتعددة للأعداد الأوّليّة وتعانقت عند فاصلة الآية 73
مسار قصير المدى يأتي من بداية الآية..
مسار متوسط المدى يأتي من بداية السورة..
مسار بعيد المدى يأتي من بداية المصحف..
مسار للآيات ومسار للكلمات ومسار للحروف..
كلها تتحد وتلتقي في نقطة واحدة لتعزز المعنى المراد بالآية!
حقًّا..
{ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ‎(82) [النساء].

بل هناك ما هو أعجب من ذلك كله!
فإذا تأمّلنا كلمة { تُشْرِكُونَ } في الآية نجدها الكلمة رقم 7 والأخيرة!
وإذا تأمّلنا تكرار كلمة { تُشْرِكُونَ } في القرآن كلّه نجدها وردت 7 مرّات تحديدًا!
وموضعها في نهاية هذه الآية، هو التكرار رقم 7 والأخير في المصحف!
الآن تيقَّنت!
أنه لا يمكن للفاصلة 73 أن تتقدَّم أو تتأخَّر عن موضعها الحالي، ولا بدّ من أن توضع الفاصلة بعد كلمة { تُشْرِكُونَ } مباشرة! وأنه لا بدّ من أن يتفاعل النظام الرقميّ للآية مع معنى كلمة { تُشْرِكُونَ }! وأن تحديد فواصل الآيات وحي من عند الله عزّ وجلّ، فلا يجوز تقديم أي فاصلة أو تأخيرها عن موضعها الذي وضعت فيه، وإلا اختلَّ النظام الرقميّ للقرآن كله، وهذا النظام مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمعاني التي تتضمّنها الآيات والكلمات القرآنية.
الآن تيقَّنت!
أنَّ ما كنَّا نقوله عن عظمة البناء الرقميّ القرآني لم يكن سردًا نظريًّا أو كلامًا عاطفيًا، وإنما هو حقائق يقينية ثابتة وواقع ملموس، وها أنت الآن تشهد مثالًا واحدًا من آلاف الأمثلة.

{ ثُمَّ قِيْلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُوْنَ (73) مِنْ دُوْنِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوْ مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِيْنَ (74)} [غافر]

والآن..
ما رأيك أن تحرِّك الفاصلة كلمة واحدة في أي اتجاه شئت؟
أو ضعها بعد الكلمة العاشرة مباشرة.. حيث يكتمل المعنى المراد.
كل النظام المحكم البديع الذي رأينا جانبًا يسيرًا جدًّا منه سوف يتحطّم وينهار تمامًا!
وكل العلاقات المحكمة بين النظامين البياني والرقميّ ينفصم عراها وينفرط عقدها!
إن لم يكن في القرآن كلّه حقيقة رياضية غير موضع الفاصلة 73 من سورة غافر، لكان ذلك كافيًا لإقناع كل من له عقل أن تحديد فواصل آيات القرآن، لا يمكن أن يكون إلا بوحي من الله!
لقد ظلَّت الأعداد الأوّليّة ومنذ آلاف السنين سرَّا يؤرّق البشرية.. ويوظف الله خاصيتها لتعزيز المعاني، ويوظفها البشر في بناء رموز التشفير، برغم أنهم لا يعلمون سرّها ولا يفهمون سلوكها.
بعد هذا السرد نستدعي هذه الآية وأختها لنلقي نظرة فاحصة على موضع الفاصلة مرّة أخرى:

{ ثُمَّ قِيْلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُوْنَ (73) مِنْ دُوْنِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوْ مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِيْنَ (74)} [غافر]

وهكذا نرى ونتيقَّن بالدليل والبرهان أن القرآن يوظف خاصية الأعداد لتعزيز المعنى، وأن الأرقام والأعداد جزء أصيل من القرآن لا يمكن بأي حال فصلها عنه، وأن تحدِّيد مواضع فواصل آيات القرآن وحي من عند الله عزّ وجلّ، وكذلك تحدِّيد مواضع سور القرآن وآياته وحي من عند الله عزّ وجلّ!
إن للأرقام لغتها تمامًا كما للحروف والكلمات! وهذا النظام الذي نرى بعض ملامحه العامة لم يضعه الله عزّ وجلّ عبثًا في كتابه.. بل لنتدبَّره ونتفكَّر فيه، كما نتفكَّر في معاني كلماته وآياته، كما نتفكَّر في خلق السماوات والأرض وما بينهما، وكما نتفكَّر في أنفسنا وفي عجائب صنع الله.
لقد سُئلت أم الدرداء عن أفضل عبادة أبي الدرداء فقالت: التفكُّر والاعتبار!
هذه العبادة التي غفل الناس عنها كثيرًا.. عبادة التفكُّر!
فهي عبادة الأنبياء، ودأب الأتقياء، وسبيل الأذكياء.
فالكون كتاب الله المنظور، والقرآن كتابه المسطور، والتفكُّر فيهما من أفضل العبادات!
تأمّل جيّدًا.. جميع حيثيات الآية أعداد أوّليّة، وخصائص هذه الأعداد تنسجم تمام الانسجام مع المعنى المراد، فهي لا تقبل القسمة إلا على نفسها أو على الرقم 1 فقط، والاستفهام الذي تطرحه الآية: أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ؟
وكأنما الأرقام تجيب بوضوح لتقول: لقد غاب كلهم ولم يبق إلا الله الواحد الأحد. وإمعانًا في حُبْك هذه اللوحة التصويرية الرائعة جاء رقم الآية 73، ولم يأت أي رقم أو عدد آخر غيره، لأنه إضافة إلى كونه عددًا أوّليًّا فهو أيضًا يمثل مجموع الترتيب الهجائي لأحرف اسم { الله }!
كل شيء محسوب بعناية إلهية بالغة الدقة والإتقان وعلى مستوى الحرف!
تأمّل يا رعاك الله.. أين جاءت كلمة { تُشْرِكُونَ } للمرّة الأولى في القرآن؟
لقد جاءت في هذه الآية من سورة الأنعام:

{ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللَّهِ شَهِيْدٌ بِيْنِيْ وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُوْنَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَّا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِيْ بَرِيْءٌ مِمَّا تُشْرِكُوْنَ (19)}

رقم الآية 19، وهو عدد أوّليّ!
عدد كلمات الآية 37 كلمة وهو عدد أوّليّ!
ترتيب كلمة { تُشْرِكُونَ } من بداية سورة الأنعام هو 292، وهذا العدد مركَّب!!
فماذا يعني؟ العدد 292 يساوي 73 × 4 والعدد 73، هو رقم آية غافر!
تأمّل..
أين جاءت كلمة { تُشْرِكُونَ } للمرّة الثانية في القرآن؟
جاءت في هذه الآية من سورة الأنعام أيضًا:

{ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُوْنَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُوْنَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُوْنَ (41)}
لاحظ رقم الآية 41
هذا العدد أوّليّ، ولكنه يمثِّل أيضًا مجموع تكرار أحرف اسم { الله } ضمن الحروف المقطَّعة!
لاحظ الآيتين الأولى والثانية فقد جاءتا في سورة الأنعام.
فإذا قمت بحساب عدد الكلمات ابتداءً من كلمة { تُشْرِكُونَ } في نهاية الآية 19، فإن كلمة { تُشْرِكُونَ } في نهاية الآية 41 هي الكلمة رقم 365، وهذا العدد يساوي 73 × 5
ولا ننسى أن رقم آية غافر هو 73
وهو عدد أوّليّ، ولكنه أيضًا يمثل مجموع الترتيب الهجائي لأحرف اسم { الله }!
مجموع العددين 41 + 73 يساوي 114
وهكذا يستمر هذا النظام المحكم على امتداد رقعة القرآن، ليشمل كل ما هو متصل بالشرك والمشركين.
ولذلك دعنا نختم هذا المشهد بمثال مبسط جدًّا لنرى من خلاله كيف تتحدَّث الأرقام!
مجموع الترتيب الهجائي لأحرف اسم { الله } = 73
مجموع الترتيب الهجائي لأحرف كلمة { الْمُشْرِكِيْن } = 146، وهذا العدد = 73 + 73
والمشركون هم الذين يجعلون لله ندّا، ولذلك جاء العدد 73 مكرَّرا!

المشهد السادس:
تأمّل هذه الآية من سورة هود وتدبّرها جيّدًا:

{ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِيْنَ (118)}

تأمّل معنى هذه الآية، ولاحظ فيما يلي كيف تتفاعل الأعداد مع حروف الآية والمعنى المراد:
13 حرفًا من الحروف الهجائية ورد كل منها في الآية مرّة واحدة وهي :
الباء والتاء والجيم والحاء والخاء والدال والراء والزاي والسين والشين والعين والفاء والكاف.
العدد 13 عدد أوّليّ لا يقبل القسمة إلا على نفسه أو على واحد!
مجموع الترتيب الهجائي لهذه الحروف = 137
العدد 137 أوّلي لا يقبل القسمة إلا على نفسه أو على واحد!
والأعجب من ذلك، أن هذا العدد 137 يساوي 114 + 23
عدد سور القرآن + عدد أعوام الوحي!

والآن ماذا عن الأحرف الأخرى؟
حرف الألف ورد في الآية 7 مرّات، وهذا عدد أوّليّ!
حرف اللام ورد في الآية 7 مرّات، وهذا عدد أوّليّ!
حرف الميم ورد في الآية مرّتين، والرقم 2 عدد أوّليّ!
حرف النون ورد في الآية 3 مرّات، وهذا عدد أوّليّ!
حرف الواو ورد في الآية 5 مرّات، وهذا عدد أوّليّ!
حرف الياء ورد في الآية مرّتين، والرقم 2 عدد أوّليّ!
التاء المربوطة وردت في الآية مرّتين، والرقم 2 عدد أوّليّ!

تأمّل..
جميع حروف الآية وردت إما مرّة واحدة، وإما تكرّرت بأعداد أوّليّة صماء لا تقبل القسمة إلا على الرقم 1 أو على نفسها! وهذا ما يتوافق تمامًا مع قوله تعالى: { أُمَّةً وَاحِدَةً }!
وهذه اللوحة التصويرية الرائعة تعكس تمامًا معنى الآية { وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً }!
كلمة { وَاحِدَة } من 5 أحرف، وهذا العدد أوّليّ!
كلمة { وَاحِدَة } في الآية ترتيبها رقم 7 من بداية الآية، وهذا العدد أوّليّ!
كلمة { أمّة } من 3 أحرف، وهذا العدد أوّليّ!
حروف كلمة { أمّة } تكرّرت في الآية 11، مرّة وهذا العدد أوّليّ!
مجموع ترتيب كلمتي { أمّة وَاحِدَة } يساوي 13، وهذا العدد أوّليّ!

تأمّل مجموع الترتيب الهجائي للحروف التي ورد كل منها مرّة واحدة في الآية!
من بين الحروف الهجائية هناك 9 أحرف ترتيب أي منها عدد أوّلي.
العجيب أن مجموع تكرار هذه الأحرف التسعة في الآية يساوي 13 أيضًا!

تأمّل هذا الإيقاع العجيب:
أوّل عدد في قائمة الأعداد الأوّليّة هو 2
الحرف رقم 2 في قائمة الحروف الهجائية وهو الباء ورد في الآية مرّة واحدة!
ثاني عدد في قائمة الأعداد الأوّليّة هو 3
الحرف رقم 3 في قائمة الحروف الهجائية وهو التاء ورد في الآية مرّة واحدة!
ثالث عدد في قائمة الأعداد الأوّليّة هو 5
الحرف رقم 5 في قائمة الحروف الهجائية وهو الجيم ورد في الآية مرّة واحدة!
رابع عدد في قائمة الأعداد الأوّليّة هو 7
الحرف رقم 7 في قائمة الحروف الهجائية وهو الخاء ورد في الآية مرّة واحدة!
خامس عدد في قائمة الأعداد الأوّليّة هو 11
الحرف رقم 11 في قائمة الحروف الهجائية وهو الزاي ورد في الآية مرّة واحدة!
سادس عدد في قائمة الأعداد الأوّليّة هو 13
الحرف رقم 13 في قائمة الحروف الهجائية وهو الشين ورد في الآية مرّة واحدة!

عجيب!!
إذا تأمّلت هذه الأعداد الأوّليّة الستة تجدها متسلسلة على النحو الآتي:


المجموع
العدد الأوّلي2357111341
ترتيبه12345613

تأمّل..
مجموع سلسلة هذه الأعداد الأوّلية يساوي 41
41 عدد أوّليّ ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 13
13 هو مجموع تراتيب هذه الأعداد الأوّليّة نفسها!
13 هو آخر عدد أوّليّ في سلسلة هذه الأعداد الأوّليّة!

يتبع القسم الرابع والأخير
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى