متكلّم في المهد
إعداد: الدكتور أحمد مُحمَّد زين المنّاوي
القسم الأول
إعداد: الدكتور أحمد مُحمَّد زين المنّاوي
القسم الأول
ما أعظم تأييد الله..
من يصدق الله يصدقه الله..
يسخّر الكون للعبد الصالح..
يغيّر له نواميس الكون وقوانين الطبيعة..
يبدّل خواص الخلق لأجل عبد مخلص..
يجعل النار بردًا.. يشق البحر طريقًا..
يقسم القمر نصفين.. يُنطق الرضيع في مهده..
نعم.. تخيّل عبدًا صالحًا يدعو الناس إلى الإيمان بالواحد الأحد.. يكذبونه.. يضطهدونه.. يعذبونه.. يوشك على الهلاك.. حتى لا يفصل بينه وبين الهلاك سوى لحظة.. يثبت على الحق.. هنا.. تكون المفاجأة.. المعجزة.. النصر..
فكم تكلم في المهد رُضّع؟!.. سبعة..
منهم الطفل الرضيع الذي شهد ببراءة نبي الله يوسف –عليه السلام- عندما أرادت امرأة العزيز أن تغرّر به، وقد أشار القرآن الكريم لهذا الشاهد في سورة يوسف { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا }.
ومن الذين تكلّموا في المهد ابن المرأة البغيّة التي وضعت طفلًا ادعت أن أبوه جريج، وهو رجل زاهد عابد كان في بني إسرائيل اعتزل الناس وبنى لنفسه صومعة يتعبّد فيها، حيث توجّه هذا العابد إلى الغلام وطعنه بأصبعه وقال له: بالله يا غلام من أبوك؟ فأنطق الله ذلك الغلام في الحال ليقول: "أنا ابن الراعي" أمام دهشة الحاضرين.
ومن المتكلمين في المهد ابن ماشطة بنت فرعون التي أضرم فرعون لها النار، وألقى بأبنائها فيها الواحد تلو الآخر، وعندما جاء دورها هي وطفلها الرضيع الذي تحمله قال لها: "قعي يا أمي ولا تتقاعسي إنك على الحق".
ومن الذين تكلّموا في المهد أيضًا ابن صاحب اليمامة، حيث كان النبي -صلى الله عليه وسلّم- في حجة الوداع ونزل بدار بمكة، فدخل عليه رجل من أهل اليمامة بغلام يوم ولد، وقد لفه في خرقة، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
{ يا غلام من أنا }؟
فقال الغلام: "أنت رسول الله"، (ابن كثير (ت ٧٧٤)، البداية والنهاية ٦/١٦٧ • غريب [له] شاهد)
فكانت تلك إحدى معجزاته –صلى الله عليه وسلّم-.
إن أعظم المتكلمين في المهد هو المسيح عيسى ابن مريم –عليه السلام-. العجب بل كل العجب أن أناجيل النصارى الأربعة المعتمدة سكتت عن ذكر ذلك صراحة. وهذا السكوت يثير الدهشة لأن العقيدة النصرانية تقوم على الخوارق والمعجزات وكل ما هو مخالف للعقل الرشيد، وأن معجزة تكلم المسيح في المهد ضرورية لتأسيس المسيحية فكيف يتم تجاهلها وإهمالها؟!
مريم العذراء تحمل من غير زوج وتضع غلامًا بعيدًا عن أهلها، وتأتي بهذا الغلام وتعترف أنه ولدها وليس لقيطًا وجدته أو أُعطي لها لسبب من الأسباب، وبحسب شريعة قومها في ذلك الزمان فإن عقوبتها الحرق في نظر الرأي العام وليس لها أي مخرج من هذا المأزق! فكيف تخرج منه بل ويقبل به بعضهم نبيًّا رسولًا بل ربًّا وإلهًا! كيف أقنعت مريم اليهود بصدق قصتها، وأنها بريئة! ما دليل مريم على صدق قصتها؟ لن ينفع مريم هنا كلام ليس له سند قوي ودليل ملموس، ولا تحليل مختبري للحمض النووي لم يكن متاحًا في ذلك الزمان! إذًا لا بدّ من حدث خارق جليّ تخضع له الأعناق! هذا هو الشيء الوحيد الذي يقبله العقل الرشيد! التراث النصراني لا يقدم أي جواب لهذا السؤال المحوري!
تجدر الإشارة هنا إلى أن إنجيل لوقا تضمّن نصًّا مبهمًا وغامضًا يتحدّث عن شخصٍ ما فتح فمه وتكلّم ما أخاف من حوله وأصبح الناس يتعجّبون من أمره، حيث جاء النص على هذا النحو: "فمكثت مريم عندها نحو ثلاثة أشهر، ثم رجعت إلى بيتها. وأما أليصابات فتم زمانها لتلد، فولدت ابنًا. وسمع جيرانها وأقرباؤها أن الرب عظم رحمته لها، ففرحوا معها. وفي اليوم الثامن جاءوا ليختنوا الصبي، وسموه باسم أبيه زكريا. فأجابت أمه وقالت: لا! بل يسمى يوحنا. فقالوا لها: ليس أحد في عشيرتك تسمى بهذا الاسم. ثم أومأوا إلى أبيه، ماذا يريد أن يسمى. فطلب لوحًا وكتب قائلا: "اسمه يوحنا". فتعجب الجميع. وفي الحال انفتح فمه ولسانه وتكلم وبارك الله. فوقع خوف على كل جيرانهم. وتحدث بهذه الأمور جميعها في كل جبال اليهودية، فأودعها جميع السامعين في قلوبهم قائلين: أترى ماذا يكون هذا الصبي؟ وكانت يد الرب معه". (لوقا 1: 56 – 66).
النصارى يقولون إن المتحدّث هنا هو زكريا أو ابنه يوحنا، وهذا محال لأنه لا يوجد سبب لتكلم يوحنا بعد أن أنجبه أبواه، كما أن تحدّث زكريا بعد صمت دام ثلاثة أيام لن يخيف من حوله أو يثير إعجابهم، أو يصبح حدثًا عظيمًا يتناقله الناس! كما أن تعجّب الحاضرين كان من الصبي ولذلك قالوا: "أترى ماذا يكون هذا الصبي؟". الذي يظهر لنا من هذا النص -والله أعلم- أن لوقا قد خلط بين مولد يوحنا (يحيى) والمسيح! ويوجد مثل هذا الخلط في أكثر من موضع في هذا الإنجيل!
إن إنكار النصارى لتكلّم المسيح –عليه السلام- في المهد يجعل القرآن العظيم ينفرد بذكر هذه المعجزة، ما يعزّز عظمته وهيمنته على كتب السابقين! وبذلك فإن القرآن يجيب وحده عن هذا السؤال المحوري: كيف أقنعت مريم اليهود بصدق قصتها، وأنها بريئة وأنقذت بذلك نفسها من عقوبة الحرق بالنار؟ القرآن الكريم يقول إن كلام المسيح في المهد هو الذي أقام الحجة على اليهود وأثبت براءة مريم! وقد أشار القرآن إلى حديث المسيح عيسى –عليه السلام- في المهد في ثلاثة مواضع. ولكن ماذا كان قوله في المهد؟
إن القرآن الكريم يخبرنا بأوّل ما نطق به المسيح عيسى -عليه السلام- وهو في المهد:
{ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30)} [مريم]
أوّل ما قاله ثلاث كلمات: { إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ }!
فكيف إذًا جعلتم منه إلهًا تعبدونه من دون اللَّه؟! وكيف جعلتموه ابنًا وشريكًا للَّه؟
في المشهد التالي سوف نستمع إلى المسيح عيسى ابن مريم -عليه السلام- وهو يتكلَّم في المهد فيخاطب أمه أوّلًا، ثم يخاطب قومه بعدد من الكلمات. وقد اقترن اسم عيسى مع أمِّه مريم -عليهما السلام- في 23 موضعًا من القرآن الكريم، ولم يخاطب أمَّه إلا في موضع واحد فقط، حيث خاطبها وهو في مهدها ليخفِّف عنها من صدمة الخطب العظيم الذي انتابها بعد ولادته من دون أب، وهي المرأة العفيفة الطاهرة، التي اصطفاها اللَّه عزّ وجلّ على نساء العالمين، وهي التي يجمع المسلمون على محبتها وتبجيلها.
في سورة مريم جاء خطاب عيسى -عليه السلام- لأمه في 33 كلمة وهي التي تحتها خطّ في هذه الآيات:
{ فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا (26)}
بعد هذه الكلمات التي تلقّتها من وليدها، أتت به قومها تحمله، وكان ردَّ فعلهم قاسيًا، ولذلك أخذت بنصيحة ابنها ولم تكلمهم، وإنما أشارت إلى من في مهدها، وهو المسيح عيسى -عليه السلام- وقد صوّر لنا القرآن العظيم هذا المشهد في 33 كلمة، فتأمّل:
{ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29)}
كلمات هذه الآيات عددها 33 كلمة، والعجيب أن مجموع النقاط على حروف هذه الكلمات 66 نقطة، ويساوي 33 + 33
بعد أن تلقى إشارة أمِّه انطلق المسيح عيسى -عليه السلام- وهو في مهدها يخاطب قومه، وقد جاء خطابه لهم في 33 كلمة أيضًا انتهت بنهاية الآية رقم 33 على النحو الآتي:
{ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33)}
بعد أن انتهى كلام عيسى -عليه السلام- بنهاية الآية رقم 33، جاء بعدها مباشرة تعقيب القرآن العظيم على هذه الحادثة، ليدحض افتراءات النصارى في كل زمان ومكان، ويؤكد لهم ما قاله عيسى -عليه السلام- لقومه، وقد ورد ذلك في 33 كلمة أيضًا على النحو التالي:
{ ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (36)}
الآن توقَّف وتأمّل..
احسب بنفسك كلمات المسيح عيسى في النصوص الأربعة المتتالية الموجّهة إلى أمه -عليهما السلام-.. إنها 33 كلمة، واحسب كلمات القرآن الكريم وهو يصوّر مشهد قدوم مريم على قومها وهي تحمل ابنها -عليهما السلام- ورَدّ فعلهم على ذلك.. إنها 33 كلمة، واحسب كلمات المسيح -عليه السلام- الموجّهة إلى قومه.. إنها 33 كلمة، وتأمّل الآية التي انتهى فيها كلام المسيح -عليه السلام- تمامًا.. إنها الآية رقم 33، واحسب كلمات القرآن الكريم وهو يعقّب على هذه الحادثة.. إنها 33 كلمة!
ومعلوم أن عدد الأعوام التي قضاها عيسى -عليه السلام- في الأرض قبل أن يرفعه اللَّه عزّ وجلّ إليه 33 عامًا!
المسلمون يؤمنون بأن عيسى -عليه السلام- رفع إلى السماء، وعمره 33 عامًا!
النصارى يزعمون بأن عيسى -عليه السلام- (قُتل وصلب)، وعمره 33 عامًا!
وفي جميع الحالات، فإن العدد 33 متفق عليه!
الآن ما رأيكم في هذه الحقائق؟!
هل يستطيع أحد أن ينكر منها شيئًا وهذه النصوص كما هي بين أيدينا؟!
وهل يستطيع أحد أن يزعم أن العدد 33 تكرّر عشوائيًّا بهذه الطرق المتتالية!
وهل يستطيع أحد أن يزعم أن مُحمَّدًا -صلى الله عليه وسلّم- كان يحرص على عد كلمات القرآن الكريم بهذه الطريقة المحكمة حتى يوافق العدد المضمون الذي يتحدّث عنه النص؟!
لم ينته الأمر عند هذا الحد!
ننتقل الآن إلى بداية قصة مريم.. في سورة مريم:
{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19)}
مريم والغُلام..
أوّل مرّة يأتي ذكر [مَرْيَم ] جاء في الآية رقم 16 من سورة مريم.
وأوّل مرّة تأتي الإشارة إلى عيسى -عليه السلام- في سورة مريم جاءت في نهاية الآية 19 باسم { غُلَامًا }.
إذا قمت بحساب عدد الكلمات من بعد اسم { مَرْيَم } سيكون { غُلَامًا } هو الكلمة رقم 33 تحديدًا!
مريم وجبريل..
إن ولادة عيسى ابن مريم -عليهما السلام- من دون أب من أعظم "الآيات" أي المعجزات، لذلك لم يسمِّ القرآن الكريم أي أحد من البشر (آية) سوى عيسى -عليه السلام-! الآن أدعوك لنتأمّل معًا هذا الحوار اللطيف بين مريم -عليها السلام- ورسول اللَّه إليها جبريل -عليه السلام-:
{ قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا (21)}
تأمّل..
وجَّهت مريم إلى جبريل 17 كلمة تعادل تمامًا نصف عدد تكرار اسمها في القرآن الكريم، وفي المقابل وجَّه لها جبريل 16 كلمة من بداية الحوار حتى كلمة { آيَة } في الآية الأخيرة. وبذلك جاء حوارهما معًا من البداية حتى كلمة { آية } من 33 كلمة.. وكلمة { آية } هي الكلمة رقم 33 في هذا الحوار، والمقصود بكلمة { آية } الواردة في هذه الآية هو عيسى نفسه! بل إذا تأمّلت ترتيب كلمة { آية } من بداية سورة مريم تجدها الكلمة رقم 198، وهذا العدد يساوي 33 × 6
نظم عجيب..
تأمّل العدد 33، فهو يتكوّن من رقمين 3 و3، ولا يوجد غيرهما.
وتأمّل الرقم 9، فهو يساوي 3 × 3
وتأمّل العدد 27، فهو يساوي 3 × 3 × 3
وتأمّل العدد 81، فهو يساوي 3 × 3 × 3 × 3
هذه الأعداد الثلاثة 9 و27 و81 لا يتولَّد منها سوى الرقم 3 فقط.
الآن سوف نختار من سورة مريم الآيات الثلاث التي تحمل الأرقام 9 و27 و81:
{ قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9)}
{ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27)}
{ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81)}
تأمّل المفاجأة..
عدد كلمات هذه الآيات الثلاث = 33 كلمة!
عدد حروف الآية الثالثة والأخيرة = 33 حرفًا!
رقم الآية الأخيرة 81، وهذا العدد = 114 - 33
الآية الوسطى من هذه الآيات ترتيبها من بداية المصحف رقم 2277، وهذا العدد = 33 × 23 × 3
23 هو عدد أعوام الدعوة
تأمّل..
رقم الآية من بداية السورة هو 27، وترتيبها من بداية المصحف وهو 2277
لاحظ كيف يتوسط العدد 27 هذا العدد الرباعي، بحيث إنك إذا حذفت العدد 27 من وسطه يظل ما تبقى من العدد الرباعي هو 27 نفسه!
ولكن هل فكرت لماذا تميزت الآية الوسطى عن أخواتها؟ لا تتعجَّل لأنك ستعرف بعد قليل!
دعني أولًا أعرض عليك ما هو أعجب من ذلك!
تذكَّر جيّدًا أن الأعداد الثلاثة 9 و27 و81 لا يتولّد منها غير الرقم 3 فقط، ثم تأمّل هذه الحقائق:
مجموع أرقام الآيات الثلاث = 117
مجموع حروف الآيات الثلاث = 117 حرفًا!
ولكن لماذا العدد 117؟
لأن هذا العدد = 114 + 3
عدد سور القرآن الكريم + عدد الآيات نفسها!
احتفظ بهذا العدد (117)، لأننا سوف نحتاج إليه بعد قليل.
علاقة ثُلاثية جديدة..
ورد اسم [ مَرْيَم ] في سورة مريم 3 مرّات وفي 3 آيات، هي:
{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16)}
{ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27)}
{ ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34)}
الآن تأمّل وتعجَّب..
الآية الوسطى هي نفسها الآية الوسطى في المجموعة السابقة، وهي نفسها التي تحمل اسم { مَرْيَم } في المجموعتين! هل عرفت لماذا تميّزت الآية الوسطى عن أخواتها في المجموعة السابقة؟!
مجموع حروف هذه الآيات 117 حرفًا تمامًا، كما هو بالنسبة إلى مجموع حروف آيات المجموعة السابقة!
عدد كلمات هذه المجموعة 30 كلمة، وعدد كلمات المجموعة الأولى 33 كلمة، والفرق بينهما = 3
عدد كلمات الآيات الثلاث + عدد تكرار اسم { مَرْيَم } في سورة مريم = 33
عدد حروف الآيات الثلاث – عدد تكرار اسم { مَرْيَم } في سورة مريم = 114
وبطريقة أخرى فإن عدد حروف الآيات التي ورد فيها اسم { مَرْيَم } في سورة مريم وكلماتها = 114 + 33
اسم { مَرْيَم } ورد في القرآن الكريم 34 مرّة!
وآخر آية ورد فيها اسم { مَرْيَم } في سورة مريم رقمها 34، وعدد حروفها 34 حرفًا!
أوّل مرّة يأتي فيها ذكر { مَرْيَم } بعد 15 آية من بداية سورة مريم، وإذا أضفت هذا العدد إلى رقم ترتيب سورة مريم في المصحف وهو 19، يكون الناتج 34 وهو مجموع تكرار اسم { مَرْيَم } في القرآن الكريم!
هل تعلم؟!
ورد اسم { مَرْيَم } في سورة مريم 3 مرّات في 3 آيات.
مجموع كلمات هذه الآيات الثلاث = 30 كلمة.
أحرف اسم { مَرْيَم } تكرّرت في كلام المسيح إلى أمّه 30 مرّة.
أحرف اسم { مَرْيَم } تكرّرت في كلام المسيح إلى قومه 30 مرّة أيضًا!
تذكَّر العدد 27.. رقم الآية الوسطى.. فهذا العدد = 3 × 3 × 3
يتبع القسم الثاني
من يصدق الله يصدقه الله..
يسخّر الكون للعبد الصالح..
يغيّر له نواميس الكون وقوانين الطبيعة..
يبدّل خواص الخلق لأجل عبد مخلص..
يجعل النار بردًا.. يشق البحر طريقًا..
يقسم القمر نصفين.. يُنطق الرضيع في مهده..
نعم.. تخيّل عبدًا صالحًا يدعو الناس إلى الإيمان بالواحد الأحد.. يكذبونه.. يضطهدونه.. يعذبونه.. يوشك على الهلاك.. حتى لا يفصل بينه وبين الهلاك سوى لحظة.. يثبت على الحق.. هنا.. تكون المفاجأة.. المعجزة.. النصر..
فكم تكلم في المهد رُضّع؟!.. سبعة..
منهم الطفل الرضيع الذي شهد ببراءة نبي الله يوسف –عليه السلام- عندما أرادت امرأة العزيز أن تغرّر به، وقد أشار القرآن الكريم لهذا الشاهد في سورة يوسف { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا }.
ومن الذين تكلّموا في المهد ابن المرأة البغيّة التي وضعت طفلًا ادعت أن أبوه جريج، وهو رجل زاهد عابد كان في بني إسرائيل اعتزل الناس وبنى لنفسه صومعة يتعبّد فيها، حيث توجّه هذا العابد إلى الغلام وطعنه بأصبعه وقال له: بالله يا غلام من أبوك؟ فأنطق الله ذلك الغلام في الحال ليقول: "أنا ابن الراعي" أمام دهشة الحاضرين.
ومن المتكلمين في المهد ابن ماشطة بنت فرعون التي أضرم فرعون لها النار، وألقى بأبنائها فيها الواحد تلو الآخر، وعندما جاء دورها هي وطفلها الرضيع الذي تحمله قال لها: "قعي يا أمي ولا تتقاعسي إنك على الحق".
ومن الذين تكلّموا في المهد أيضًا ابن صاحب اليمامة، حيث كان النبي -صلى الله عليه وسلّم- في حجة الوداع ونزل بدار بمكة، فدخل عليه رجل من أهل اليمامة بغلام يوم ولد، وقد لفه في خرقة، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
{ يا غلام من أنا }؟
فقال الغلام: "أنت رسول الله"، (ابن كثير (ت ٧٧٤)، البداية والنهاية ٦/١٦٧ • غريب [له] شاهد)
فكانت تلك إحدى معجزاته –صلى الله عليه وسلّم-.
إن أعظم المتكلمين في المهد هو المسيح عيسى ابن مريم –عليه السلام-. العجب بل كل العجب أن أناجيل النصارى الأربعة المعتمدة سكتت عن ذكر ذلك صراحة. وهذا السكوت يثير الدهشة لأن العقيدة النصرانية تقوم على الخوارق والمعجزات وكل ما هو مخالف للعقل الرشيد، وأن معجزة تكلم المسيح في المهد ضرورية لتأسيس المسيحية فكيف يتم تجاهلها وإهمالها؟!
مريم العذراء تحمل من غير زوج وتضع غلامًا بعيدًا عن أهلها، وتأتي بهذا الغلام وتعترف أنه ولدها وليس لقيطًا وجدته أو أُعطي لها لسبب من الأسباب، وبحسب شريعة قومها في ذلك الزمان فإن عقوبتها الحرق في نظر الرأي العام وليس لها أي مخرج من هذا المأزق! فكيف تخرج منه بل ويقبل به بعضهم نبيًّا رسولًا بل ربًّا وإلهًا! كيف أقنعت مريم اليهود بصدق قصتها، وأنها بريئة! ما دليل مريم على صدق قصتها؟ لن ينفع مريم هنا كلام ليس له سند قوي ودليل ملموس، ولا تحليل مختبري للحمض النووي لم يكن متاحًا في ذلك الزمان! إذًا لا بدّ من حدث خارق جليّ تخضع له الأعناق! هذا هو الشيء الوحيد الذي يقبله العقل الرشيد! التراث النصراني لا يقدم أي جواب لهذا السؤال المحوري!
تجدر الإشارة هنا إلى أن إنجيل لوقا تضمّن نصًّا مبهمًا وغامضًا يتحدّث عن شخصٍ ما فتح فمه وتكلّم ما أخاف من حوله وأصبح الناس يتعجّبون من أمره، حيث جاء النص على هذا النحو: "فمكثت مريم عندها نحو ثلاثة أشهر، ثم رجعت إلى بيتها. وأما أليصابات فتم زمانها لتلد، فولدت ابنًا. وسمع جيرانها وأقرباؤها أن الرب عظم رحمته لها، ففرحوا معها. وفي اليوم الثامن جاءوا ليختنوا الصبي، وسموه باسم أبيه زكريا. فأجابت أمه وقالت: لا! بل يسمى يوحنا. فقالوا لها: ليس أحد في عشيرتك تسمى بهذا الاسم. ثم أومأوا إلى أبيه، ماذا يريد أن يسمى. فطلب لوحًا وكتب قائلا: "اسمه يوحنا". فتعجب الجميع. وفي الحال انفتح فمه ولسانه وتكلم وبارك الله. فوقع خوف على كل جيرانهم. وتحدث بهذه الأمور جميعها في كل جبال اليهودية، فأودعها جميع السامعين في قلوبهم قائلين: أترى ماذا يكون هذا الصبي؟ وكانت يد الرب معه". (لوقا 1: 56 – 66).
النصارى يقولون إن المتحدّث هنا هو زكريا أو ابنه يوحنا، وهذا محال لأنه لا يوجد سبب لتكلم يوحنا بعد أن أنجبه أبواه، كما أن تحدّث زكريا بعد صمت دام ثلاثة أيام لن يخيف من حوله أو يثير إعجابهم، أو يصبح حدثًا عظيمًا يتناقله الناس! كما أن تعجّب الحاضرين كان من الصبي ولذلك قالوا: "أترى ماذا يكون هذا الصبي؟". الذي يظهر لنا من هذا النص -والله أعلم- أن لوقا قد خلط بين مولد يوحنا (يحيى) والمسيح! ويوجد مثل هذا الخلط في أكثر من موضع في هذا الإنجيل!
إن إنكار النصارى لتكلّم المسيح –عليه السلام- في المهد يجعل القرآن العظيم ينفرد بذكر هذه المعجزة، ما يعزّز عظمته وهيمنته على كتب السابقين! وبذلك فإن القرآن يجيب وحده عن هذا السؤال المحوري: كيف أقنعت مريم اليهود بصدق قصتها، وأنها بريئة وأنقذت بذلك نفسها من عقوبة الحرق بالنار؟ القرآن الكريم يقول إن كلام المسيح في المهد هو الذي أقام الحجة على اليهود وأثبت براءة مريم! وقد أشار القرآن إلى حديث المسيح عيسى –عليه السلام- في المهد في ثلاثة مواضع. ولكن ماذا كان قوله في المهد؟
إن القرآن الكريم يخبرنا بأوّل ما نطق به المسيح عيسى -عليه السلام- وهو في المهد:
{ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30)} [مريم]
أوّل ما قاله ثلاث كلمات: { إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ }!
فكيف إذًا جعلتم منه إلهًا تعبدونه من دون اللَّه؟! وكيف جعلتموه ابنًا وشريكًا للَّه؟
في المشهد التالي سوف نستمع إلى المسيح عيسى ابن مريم -عليه السلام- وهو يتكلَّم في المهد فيخاطب أمه أوّلًا، ثم يخاطب قومه بعدد من الكلمات. وقد اقترن اسم عيسى مع أمِّه مريم -عليهما السلام- في 23 موضعًا من القرآن الكريم، ولم يخاطب أمَّه إلا في موضع واحد فقط، حيث خاطبها وهو في مهدها ليخفِّف عنها من صدمة الخطب العظيم الذي انتابها بعد ولادته من دون أب، وهي المرأة العفيفة الطاهرة، التي اصطفاها اللَّه عزّ وجلّ على نساء العالمين، وهي التي يجمع المسلمون على محبتها وتبجيلها.
في سورة مريم جاء خطاب عيسى -عليه السلام- لأمه في 33 كلمة وهي التي تحتها خطّ في هذه الآيات:
{ فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا (26)}
بعد هذه الكلمات التي تلقّتها من وليدها، أتت به قومها تحمله، وكان ردَّ فعلهم قاسيًا، ولذلك أخذت بنصيحة ابنها ولم تكلمهم، وإنما أشارت إلى من في مهدها، وهو المسيح عيسى -عليه السلام- وقد صوّر لنا القرآن العظيم هذا المشهد في 33 كلمة، فتأمّل:
{ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29)}
كلمات هذه الآيات عددها 33 كلمة، والعجيب أن مجموع النقاط على حروف هذه الكلمات 66 نقطة، ويساوي 33 + 33
بعد أن تلقى إشارة أمِّه انطلق المسيح عيسى -عليه السلام- وهو في مهدها يخاطب قومه، وقد جاء خطابه لهم في 33 كلمة أيضًا انتهت بنهاية الآية رقم 33 على النحو الآتي:
{ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33)}
بعد أن انتهى كلام عيسى -عليه السلام- بنهاية الآية رقم 33، جاء بعدها مباشرة تعقيب القرآن العظيم على هذه الحادثة، ليدحض افتراءات النصارى في كل زمان ومكان، ويؤكد لهم ما قاله عيسى -عليه السلام- لقومه، وقد ورد ذلك في 33 كلمة أيضًا على النحو التالي:
{ ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (36)}
الآن توقَّف وتأمّل..
احسب بنفسك كلمات المسيح عيسى في النصوص الأربعة المتتالية الموجّهة إلى أمه -عليهما السلام-.. إنها 33 كلمة، واحسب كلمات القرآن الكريم وهو يصوّر مشهد قدوم مريم على قومها وهي تحمل ابنها -عليهما السلام- ورَدّ فعلهم على ذلك.. إنها 33 كلمة، واحسب كلمات المسيح -عليه السلام- الموجّهة إلى قومه.. إنها 33 كلمة، وتأمّل الآية التي انتهى فيها كلام المسيح -عليه السلام- تمامًا.. إنها الآية رقم 33، واحسب كلمات القرآن الكريم وهو يعقّب على هذه الحادثة.. إنها 33 كلمة!
ومعلوم أن عدد الأعوام التي قضاها عيسى -عليه السلام- في الأرض قبل أن يرفعه اللَّه عزّ وجلّ إليه 33 عامًا!
المسلمون يؤمنون بأن عيسى -عليه السلام- رفع إلى السماء، وعمره 33 عامًا!
النصارى يزعمون بأن عيسى -عليه السلام- (قُتل وصلب)، وعمره 33 عامًا!
وفي جميع الحالات، فإن العدد 33 متفق عليه!
الآن ما رأيكم في هذه الحقائق؟!
هل يستطيع أحد أن ينكر منها شيئًا وهذه النصوص كما هي بين أيدينا؟!
وهل يستطيع أحد أن يزعم أن العدد 33 تكرّر عشوائيًّا بهذه الطرق المتتالية!
وهل يستطيع أحد أن يزعم أن مُحمَّدًا -صلى الله عليه وسلّم- كان يحرص على عد كلمات القرآن الكريم بهذه الطريقة المحكمة حتى يوافق العدد المضمون الذي يتحدّث عنه النص؟!
لم ينته الأمر عند هذا الحد!
ننتقل الآن إلى بداية قصة مريم.. في سورة مريم:
{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19)}
مريم والغُلام..
أوّل مرّة يأتي ذكر [مَرْيَم ] جاء في الآية رقم 16 من سورة مريم.
وأوّل مرّة تأتي الإشارة إلى عيسى -عليه السلام- في سورة مريم جاءت في نهاية الآية 19 باسم { غُلَامًا }.
إذا قمت بحساب عدد الكلمات من بعد اسم { مَرْيَم } سيكون { غُلَامًا } هو الكلمة رقم 33 تحديدًا!
مريم وجبريل..
إن ولادة عيسى ابن مريم -عليهما السلام- من دون أب من أعظم "الآيات" أي المعجزات، لذلك لم يسمِّ القرآن الكريم أي أحد من البشر (آية) سوى عيسى -عليه السلام-! الآن أدعوك لنتأمّل معًا هذا الحوار اللطيف بين مريم -عليها السلام- ورسول اللَّه إليها جبريل -عليه السلام-:
{ قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا (21)}
تأمّل..
وجَّهت مريم إلى جبريل 17 كلمة تعادل تمامًا نصف عدد تكرار اسمها في القرآن الكريم، وفي المقابل وجَّه لها جبريل 16 كلمة من بداية الحوار حتى كلمة { آيَة } في الآية الأخيرة. وبذلك جاء حوارهما معًا من البداية حتى كلمة { آية } من 33 كلمة.. وكلمة { آية } هي الكلمة رقم 33 في هذا الحوار، والمقصود بكلمة { آية } الواردة في هذه الآية هو عيسى نفسه! بل إذا تأمّلت ترتيب كلمة { آية } من بداية سورة مريم تجدها الكلمة رقم 198، وهذا العدد يساوي 33 × 6
نظم عجيب..
تأمّل العدد 33، فهو يتكوّن من رقمين 3 و3، ولا يوجد غيرهما.
وتأمّل الرقم 9، فهو يساوي 3 × 3
وتأمّل العدد 27، فهو يساوي 3 × 3 × 3
وتأمّل العدد 81، فهو يساوي 3 × 3 × 3 × 3
هذه الأعداد الثلاثة 9 و27 و81 لا يتولَّد منها سوى الرقم 3 فقط.
الآن سوف نختار من سورة مريم الآيات الثلاث التي تحمل الأرقام 9 و27 و81:
{ قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9)}
{ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27)}
{ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81)}
تأمّل المفاجأة..
عدد كلمات هذه الآيات الثلاث = 33 كلمة!
عدد حروف الآية الثالثة والأخيرة = 33 حرفًا!
رقم الآية الأخيرة 81، وهذا العدد = 114 - 33
الآية الوسطى من هذه الآيات ترتيبها من بداية المصحف رقم 2277، وهذا العدد = 33 × 23 × 3
23 هو عدد أعوام الدعوة
تأمّل..
رقم الآية من بداية السورة هو 27، وترتيبها من بداية المصحف وهو 2277
لاحظ كيف يتوسط العدد 27 هذا العدد الرباعي، بحيث إنك إذا حذفت العدد 27 من وسطه يظل ما تبقى من العدد الرباعي هو 27 نفسه!
ولكن هل فكرت لماذا تميزت الآية الوسطى عن أخواتها؟ لا تتعجَّل لأنك ستعرف بعد قليل!
دعني أولًا أعرض عليك ما هو أعجب من ذلك!
تذكَّر جيّدًا أن الأعداد الثلاثة 9 و27 و81 لا يتولّد منها غير الرقم 3 فقط، ثم تأمّل هذه الحقائق:
مجموع أرقام الآيات الثلاث = 117
مجموع حروف الآيات الثلاث = 117 حرفًا!
ولكن لماذا العدد 117؟
لأن هذا العدد = 114 + 3
عدد سور القرآن الكريم + عدد الآيات نفسها!
احتفظ بهذا العدد (117)، لأننا سوف نحتاج إليه بعد قليل.
علاقة ثُلاثية جديدة..
ورد اسم [ مَرْيَم ] في سورة مريم 3 مرّات وفي 3 آيات، هي:
{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16)}
{ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27)}
{ ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34)}
الآن تأمّل وتعجَّب..
الآية الوسطى هي نفسها الآية الوسطى في المجموعة السابقة، وهي نفسها التي تحمل اسم { مَرْيَم } في المجموعتين! هل عرفت لماذا تميّزت الآية الوسطى عن أخواتها في المجموعة السابقة؟!
مجموع حروف هذه الآيات 117 حرفًا تمامًا، كما هو بالنسبة إلى مجموع حروف آيات المجموعة السابقة!
عدد كلمات هذه المجموعة 30 كلمة، وعدد كلمات المجموعة الأولى 33 كلمة، والفرق بينهما = 3
عدد كلمات الآيات الثلاث + عدد تكرار اسم { مَرْيَم } في سورة مريم = 33
عدد حروف الآيات الثلاث – عدد تكرار اسم { مَرْيَم } في سورة مريم = 114
وبطريقة أخرى فإن عدد حروف الآيات التي ورد فيها اسم { مَرْيَم } في سورة مريم وكلماتها = 114 + 33
اسم { مَرْيَم } ورد في القرآن الكريم 34 مرّة!
وآخر آية ورد فيها اسم { مَرْيَم } في سورة مريم رقمها 34، وعدد حروفها 34 حرفًا!
أوّل مرّة يأتي فيها ذكر { مَرْيَم } بعد 15 آية من بداية سورة مريم، وإذا أضفت هذا العدد إلى رقم ترتيب سورة مريم في المصحف وهو 19، يكون الناتج 34 وهو مجموع تكرار اسم { مَرْيَم } في القرآن الكريم!
هل تعلم؟!
ورد اسم { مَرْيَم } في سورة مريم 3 مرّات في 3 آيات.
مجموع كلمات هذه الآيات الثلاث = 30 كلمة.
أحرف اسم { مَرْيَم } تكرّرت في كلام المسيح إلى أمّه 30 مرّة.
أحرف اسم { مَرْيَم } تكرّرت في كلام المسيح إلى قومه 30 مرّة أيضًا!
تذكَّر العدد 27.. رقم الآية الوسطى.. فهذا العدد = 3 × 3 × 3
يتبع القسم الثاني