حِجَج الكليم
إعداد: الدكتور أحمد مُحمَّد زين المنّاوي
إعداد: الدكتور أحمد مُحمَّد زين المنّاوي
كليم اللَّه موسى عليه السلام هو أكثر الأنبياء الذين ورد ذكرهم في القرآن، وقصصه من أعظم وأهم قصص القرآن الكريم، فهي ثريَّة بالدروس والعبر والمواقف والدلالات. وفي المشهد التالي سوف نقف مع موسى عليه السلام، وقد وصل إلى مشارف مدين بعد ثمانية أيام سيرًا على قدميه، وهو لا يدري إلى أين يتوجَّه، ولا إلى أين يذهب، وذلك لأنها المرّة الأولى التي يخرج فيها من بلده مصر.
القرآن العظيم يصوِّر لنا المشهد، فتأمّل:
{ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُوْنَ وَوَجَدَ مِنْ دُوْنِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُوْدَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُوْنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيْرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِيْ عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوْكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِيْنَ (25)} [القصص]
بعد 16 كلمة أي 8 + 8، يبدأ حوار بين موسى عليه السلام وامرأتي مدين.
يفتتح موسى الحوار بكلمتين بعدد المرأتين، فيقول:
{ مَا خَطْبُكُمَا } : 8 أحرف
تردَّان عليه بـقولهما:
{ لَا نَسْقِيْ حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُوْنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ } : 8 كلمات
وبأدب الدعاء والمناجاة والذوق العالي الرفيع يتوجه موسى إلى ربه فيقول:
{ رَبِّ إِنِّيْ لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } : 8 كلمات
وبعدها على الفور تُوجه دعوة كريمة إلى موسى عليه السلام:
{ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا } : 8 كلمات
وعندما جاء للأب خاطبه بالأب قوله:
{ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } : 6 كلمات!
عجيب!
اختلال مقصود!
قد يقول قائل لماذا اختل هذا الإيقاع ولماذا جاء عدد الكلمات 6، ولم يأت 8 كلمات؟
ولماذا تحوَّل الإيقاع من إيقاع ثماني إلى سداسي؟!
في حقيقة الأمر إن عدد الكلمات في هذا الموضع يجب أن تكون 6 تحديدًا! كيف ولماذا؟
قبل أن نرى ذلك دعنا نلتفت إلى النص قليلًا:
{ ثُمَّ تَوَلَّى } !
توقف قليلًا عند قوله تعالى: { فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ } .
فلم يقل سبحانه وتعالى مشى أو ذهب إلى الظل، بل { تَوَلّى } بكامل ما فيه، بقلبه وجسده وفكره! لم ينتظر معروفًا أو جزاءً أو مكافأةً أو كلمة ثناء من أحد على حسن صنيعه، وهو في أشد الحاجة إلى ذلك! وهو الذي وصل إلى مدين بعد ثمانية أيام سيرًا على قدميه بعد أن خرج من مصر من دون زاد ولا راحلة خائفا يترقَّب! فهؤلاء هم الأنبياء، وهذه هي أخلاقهم، اصطفاهم ربهم وأدَّبهم وجبلهم على أحسن الأخلاق قبل أن يرسلهم إلى البشر ليكونوا هم القدوة، ولا غرو في ذلك، ألم يقل اللَّه عزّ وجلّ لنبيه موسى عليه السلام:
{ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41)} [طه]؟!
هكذا هي أخلاق الرسل والأنبياء، حاول أن تتشبَّه بها، فإذا أحسنت لأحد فابتعد عنه، لا تحرج ضعفه، ولا تلزمه شكرك، واصرف عنه وجهك، حتى لا ترى ضعفه وذلَّه ماثلًا أمام عينيك، فتولَّ عنه بجسدك وفكرك وكل ما فيك، حتى قلبك الذي بين جنبيك ألجمه ولا تجعله يتمنى شكرًا أو ثناءً أو تقديرًا من أحد، ويكفيك ثواب اللَّه عزّ وجلّ، وليكن حاضرًا في ذهنك على الدوام قوله تعالى:
{ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)} [البقرة].
نعود ونتابع الإيقاع الثماني ولماذا تحوَّل فجأة إلى إيقاع سداسي!
حتى يحتفظ البناء الإحصائي بتوازنه كان لا بدّ لوالد المرأتين من أن يخاطب موسى بست كلمات!
لماذا؟ لأنك إذا رجعت بالقصة خطوة واحدة فقط إلى الوراء تجد أن هذه الكلمات الست جاءت استجابة لكلمات قالها موسى بعد خروجه من مصر متوجهًا إلى مدين وعددها 6 كلمات أيضًا!
وكان قد قالها موسى عليه السلام وقد خرج خائفًا بغير زاد ولا ظهر -مركب- وكان بين مصر ومدين مسيرةُ ثمانية أيام، ولم يكن له علمٌ بالطريق سوى حسن ظنه بربه سبحانه وتعالى.
فعندما توجَّه موسى قاصدًا مدين وطالبًا الأمان، توجه مناجيًا ربه بهذه الكلمات الست، فتأمّل:
{ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّيْ أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيْلِ (22)}
ولذلك واستجابة لهذه الكلمات الست جاءت كلمات الرجل الصالح في ست كلمات أيضًا:
{ ... فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِيْنَ (25)}
ست بست!
هل النبي شعيب عليه السلام هو والد المرأتين؟!
قبل أن أجيب عن هذا السؤال اسمح لي أن أعرض عليك هنا هذا التناظر العجيب، فتأمّل:
كلمات موسى: { عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيل }
(6 كلمات و24 حرفًا)
كلمات صاحب مدين: { لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }
(6 كلمات و24 حرفًا)
كلمات موسى الست انتهت بحرف اللَّام وبهذا الحرف نفسه بدأت كلمات صاحب مدين!
تحوَّل الإيقاع إلى إيقاع سداسي ولكن برغم ذلك لم يخرج البناء الإحصائي عن النظام الثُماني!
الرقم 8 لا يزال حاضرًا بقوة في المشهد حتى الآن!
ويمكنك أن ترى هذا الإيقاع من زاوية أخرى كالآتي:
{ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيل } : 6 كلمات و24 حرفًا!
{ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } : 6 كلمات و24 حرفًا!
ومعلوم أن العدد 24 هو أصغر قاسم مشترك يجمع الرقمين 6 و8
فالعدد 24 يساوي 6 × 4 ويساوي أيضًا 8 × 3
ولكن لماذا الرقم 8 تحديدًا؟
مزيد من عجائب الرقم 8
الرقم 8 ليس حكرًا على هذه الآيات فحسب، بل إن جميع الآيات التي حملت قصة موسى عليه السلام في سورة القصص مرتبطة بالرقم 8، وسوف أعرض عليك فيما يلي بعض النماذج الواضحة.
أوَّل لقاء جمع بين موسى عليه السلام وفرعون جاء في الآية رقم 8 من سورة القصص:
{ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُوْنَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُوْدَهُمَا كَانُوْا خَاطِئِيْنَ (8)}
إذا أحصيت كلمات سورة القصص تلاحظ أن أوَّل كلمة في هذه الآية ترتيبها رقم 80 من بداية القصة!
تأمّل مناجاة موسى عليه السلام لربه عزّ وجلّ في هذه الآية وقد جاءت هذه المناجاة من 8 كلمات:
{ قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُوْنَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِيْنَ (17)}
أوَّل ما قال اللَّه عزّ وجلّ لعبده ونبيه موسى عليه السلام 8 كلمات جاءت في هذه الآية:
{ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِيْنَ (30)}
وختمت الآية التي بعدها مباشرة بكلمات من اللَّه عزّ وجلّ إلى موسى عليه السلام وعددها 8 كلمات أيضًا:
{ وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوْسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (31)}
وأوَّل ما قال موسى عليه السلام لربه عزّ وجلّ 8 كلمات أيضًا جاءت في هذه الآية:
{ قَالَ رَبِّ إِنِّيْ قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُوْنِ (33)}
ولكن لماذا الرقم 8 تحديدًا؟
أوَّل ما يلفت نظرك تجاه سورة القصص التي وردت فيها هذه الآيات هو أن عدد آياتها 88 آية!
والأهم من ذلك أن علاقة موسى بشيخ مدين سوف تفضي إلى عهد بينهما مدته 8 حجج، أي سنوات أو مواسم!
لو تأمّلت كلمتي { ثَمَانِيَ حِجَج } التي سوف ترد في صلب الآية التالية تجد أنها تتكوَّن من 8 أحرف!
وهذا يردنا إلى الكلمات التي افتتح بها موسى كلامه مع المرأتين { مَا خَطْبُكُمَا } فهي من 8 أحرف أيضًا!
العدد 28
عدد آيات سورة القصص 88 آية، وترتيبها في المصحف رقم 28
ونص العهد الذي سوف يبرمه موسى عليه السلام مع صاحب مدين جاء في 28 كلمة!
{ قَالَ إِنِّي أُرِيْدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيْدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِيْنَ (27)} القصص
جاء العهد من 28 كلمة وقبل موسى عليه السلام العهد في الآية رقم 28:
{ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُوْلُ وَكِيْلٌ (28)}
ولكن جاءت كلمات موسى عليه السلام 14 كلمة أي بما يعادل تمامًا نصف كلمات العهد!
وبحسب البناء الرقمي للقرآن الكريم وهو بناء متوازن في جميع أركانه وجوانبه فقد تبقَّى لموسى 14 كلمة لا بد له من أن يقولها حتى يكتمل بذلك المشهد الرقمي كما يكتمل بها المشهد البياني أيضًا!
إذًا تبقَّى لموسى عليه السلام 14 كلمة أخرى سوف يحتفظ بها ليقولها لبنت صاحب مدين، ولكن بعد قضاء الأجل، ولا ننسى أن بنت صاحب مدين هي موضوع العهد نفسه، فتأمّل:
{ فَلَمَّا قَضَى مُوْسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّوْرِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّيْ آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُوْنَ (29)}
لقد جاءت كلمات موسى كما هو متوقع في 14 كلمة أيضًا وبذلك يكتمل النصاب تمامًا 28 كلمة!
جاء العهد في 28 كلمة وقبله موسى عليه السلام في الآية رقم 28 وقال لصاحب مدين وابنته 28 كلمة!
قبل أن نغادر الآية السابقة نتوقف لنتأمّل الكلمة رقم 4 وهي كلمة { الْأَجَل }!
عدد الحروف من بداية الآية وحتى آخر أحرف هذه الكلمة 16 حرفًا، وهذا العدد = 4 × 4
كلمة { الْأَجَل } ترتيبها من بداية الآية رقم 4 ومن نهايتها رقم 24، وهذا العدد = 4 × 6
أحرف كلمة { الْأَجَل } تكرّرت في الآية نفسها 40 مرّة، وهذا العدد = 4 × 10
وإذا أحصينا عدد كلمات سورة القصص من بدايتها فسنجد أن هذه الكلمة ترتيبها رقم 456
وهذا العدد يساوي بالتمام والكمال 4 × 114
تأكيدًا على هذه العلاقة تأمّل الآتي:
حرف الميم تكرّر في سورة الأنبياء 397 مرّة.
حرف الواو تكرّر في سورة الأنبياء 386 مرّة.
حرف السين تكرّر في سورة الأنبياء 99 مرّة.
الألف المقصورة (ى) تكرّر في سورة الأنبياء 30 مرّة.
هذه الأحرف الأربعة هي أحرف { مُوسَى }، وقد تكرَّرت في سورة الأنبياء 912 مرّة!
العدد 912 يساوي 114 × 8
تكرّر اسم { مُوسَى } في القرآن 136 مرّة، وهذا العدد = 17 × 8
ورد اسم { مُوسَى } في سورة الأنبياء مرّة واحدة فقط وجاء في هذه الآية:
{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ (48)} [الأنبياء]
عدد كلمات الآية 8 كلمات
رقم الآية 48، وهذا العدد = 8 × 6
تأمّل فيما يلي جانبًا من نمط تكرار حروف سورة الأنبياء:
حرف الخاء ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 7، وقد تكرّر في سورة الأنبياء 17 + 17 مرّة!
حرف الزاي ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 11، وقد تكرّر في سورة الأنبياء 17 مرّة!
حرف الطاء ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 16، وقد تكرّر في سورة الأنبياء 17 مرّة!
حرف الظاء ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 17، وقد تكرّر في سورة الأنبياء 17 مرّة!
مجموع الترتيب الهجائي لهذه الأحرف الأربعة 51، وهذا العدد = 17 × 3
مجموع تكرار هذه الأحرف في سورة الأنبياء هو 85، وهذا العدد = 17 × 5
مجموع الترتيب الهجائي لهذه الأحرف ومجموع تكرارها في سورة الأنبياء = 136
136 هو تكرار اسم { مُوسَى } في القرآن!
هل النبي شعيب والد الفتاتين؟!
هل شيخ مدين، والد الفتاتين، هو نبي اللَّه شعيب عليه السلام نبي قوم مدين؟!
حسب الترتيب الزمني لتسلسل الرسل والأنبياء، فقد جاء شعيب بعد لوط -عليهما السلام- مباشرة، والدليل على ذلك ما جاء على لسان شعيب عليه السلام في سورة هود:
{ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ } .
ومعلوم أن لوط عاش في نفس زمن إبراهيم -عليهما السلام- وقد كان هلاك قوم لوط في زمن إبراهيم عليه السلام بنص القرآن الكريم، والفارق الزمني بين إبراهيم وموسى -عليهما السلام- يزيد على 400 عام.
وبذلك، فإن والد المرأتين صاحب مدين ليس بشعيب النبي المعروف، كما اشتُهِر عند كثير من العلماء، ولا يوجد عند من يعتقد ذلك أي دليل يحتج به، سوى أن شعيبًا عليه السلام كان من مدين، وأن هذه القصة جرت في مدين أيضًا، وقد أهلك اللَّه قوم شعيب بتكذيبهم إيّاه.
وقد ورد اسم شعيب عليه السلام صريحًا في 11 موضعًا من القرآن الكريم، ولو كان هذا الشيخ هو شعيب عليه السلام لكان قد سماه القرآن الكريم أو قد سمته المرأتان باسمه.
إذًا من هو هذا الشيخ؟ لا أحد يستطيع أن يجيبك عن هذا السؤال!
ولكنني سوف أدلَّك على قاعدة عامة مهمَّة، وهي أن كل ما سكت عنه القرآن الكريم، فاسكت عنه أنت أيضًا ولا تبحث عنه، فلو كان في ذكر اسمه فائدة لذكره لنا القرآن! ويكفي أن نقول: صاحب مدين، أو شيخ مدين!
---------------------------------------------------------
المصدر:
مصحف المدينة المنَّورة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة).
عن موقع طريق القرآن
القرآن العظيم يصوِّر لنا المشهد، فتأمّل:
{ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُوْنَ وَوَجَدَ مِنْ دُوْنِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُوْدَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُوْنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيْرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِيْ عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوْكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِيْنَ (25)} [القصص]
بعد 16 كلمة أي 8 + 8، يبدأ حوار بين موسى عليه السلام وامرأتي مدين.
يفتتح موسى الحوار بكلمتين بعدد المرأتين، فيقول:
{ مَا خَطْبُكُمَا } : 8 أحرف
تردَّان عليه بـقولهما:
{ لَا نَسْقِيْ حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُوْنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ } : 8 كلمات
وبأدب الدعاء والمناجاة والذوق العالي الرفيع يتوجه موسى إلى ربه فيقول:
{ رَبِّ إِنِّيْ لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } : 8 كلمات
وبعدها على الفور تُوجه دعوة كريمة إلى موسى عليه السلام:
{ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا } : 8 كلمات
وعندما جاء للأب خاطبه بالأب قوله:
{ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } : 6 كلمات!
عجيب!
اختلال مقصود!
قد يقول قائل لماذا اختل هذا الإيقاع ولماذا جاء عدد الكلمات 6، ولم يأت 8 كلمات؟
ولماذا تحوَّل الإيقاع من إيقاع ثماني إلى سداسي؟!
في حقيقة الأمر إن عدد الكلمات في هذا الموضع يجب أن تكون 6 تحديدًا! كيف ولماذا؟
قبل أن نرى ذلك دعنا نلتفت إلى النص قليلًا:
{ ثُمَّ تَوَلَّى } !
توقف قليلًا عند قوله تعالى: { فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ } .
فلم يقل سبحانه وتعالى مشى أو ذهب إلى الظل، بل { تَوَلّى } بكامل ما فيه، بقلبه وجسده وفكره! لم ينتظر معروفًا أو جزاءً أو مكافأةً أو كلمة ثناء من أحد على حسن صنيعه، وهو في أشد الحاجة إلى ذلك! وهو الذي وصل إلى مدين بعد ثمانية أيام سيرًا على قدميه بعد أن خرج من مصر من دون زاد ولا راحلة خائفا يترقَّب! فهؤلاء هم الأنبياء، وهذه هي أخلاقهم، اصطفاهم ربهم وأدَّبهم وجبلهم على أحسن الأخلاق قبل أن يرسلهم إلى البشر ليكونوا هم القدوة، ولا غرو في ذلك، ألم يقل اللَّه عزّ وجلّ لنبيه موسى عليه السلام:
{ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41)} [طه]؟!
هكذا هي أخلاق الرسل والأنبياء، حاول أن تتشبَّه بها، فإذا أحسنت لأحد فابتعد عنه، لا تحرج ضعفه، ولا تلزمه شكرك، واصرف عنه وجهك، حتى لا ترى ضعفه وذلَّه ماثلًا أمام عينيك، فتولَّ عنه بجسدك وفكرك وكل ما فيك، حتى قلبك الذي بين جنبيك ألجمه ولا تجعله يتمنى شكرًا أو ثناءً أو تقديرًا من أحد، ويكفيك ثواب اللَّه عزّ وجلّ، وليكن حاضرًا في ذهنك على الدوام قوله تعالى:
{ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)} [البقرة].
نعود ونتابع الإيقاع الثماني ولماذا تحوَّل فجأة إلى إيقاع سداسي!
حتى يحتفظ البناء الإحصائي بتوازنه كان لا بدّ لوالد المرأتين من أن يخاطب موسى بست كلمات!
لماذا؟ لأنك إذا رجعت بالقصة خطوة واحدة فقط إلى الوراء تجد أن هذه الكلمات الست جاءت استجابة لكلمات قالها موسى بعد خروجه من مصر متوجهًا إلى مدين وعددها 6 كلمات أيضًا!
وكان قد قالها موسى عليه السلام وقد خرج خائفًا بغير زاد ولا ظهر -مركب- وكان بين مصر ومدين مسيرةُ ثمانية أيام، ولم يكن له علمٌ بالطريق سوى حسن ظنه بربه سبحانه وتعالى.
فعندما توجَّه موسى قاصدًا مدين وطالبًا الأمان، توجه مناجيًا ربه بهذه الكلمات الست، فتأمّل:
{ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّيْ أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيْلِ (22)}
ولذلك واستجابة لهذه الكلمات الست جاءت كلمات الرجل الصالح في ست كلمات أيضًا:
{ ... فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِيْنَ (25)}
ست بست!
هل النبي شعيب عليه السلام هو والد المرأتين؟!
قبل أن أجيب عن هذا السؤال اسمح لي أن أعرض عليك هنا هذا التناظر العجيب، فتأمّل:
كلمات موسى: { عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيل }
(6 كلمات و24 حرفًا)
كلمات صاحب مدين: { لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }
(6 كلمات و24 حرفًا)
كلمات موسى الست انتهت بحرف اللَّام وبهذا الحرف نفسه بدأت كلمات صاحب مدين!
تحوَّل الإيقاع إلى إيقاع سداسي ولكن برغم ذلك لم يخرج البناء الإحصائي عن النظام الثُماني!
الرقم 8 لا يزال حاضرًا بقوة في المشهد حتى الآن!
ويمكنك أن ترى هذا الإيقاع من زاوية أخرى كالآتي:
{ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيل } : 6 كلمات و24 حرفًا!
{ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } : 6 كلمات و24 حرفًا!
ومعلوم أن العدد 24 هو أصغر قاسم مشترك يجمع الرقمين 6 و8
فالعدد 24 يساوي 6 × 4 ويساوي أيضًا 8 × 3
ولكن لماذا الرقم 8 تحديدًا؟
مزيد من عجائب الرقم 8
الرقم 8 ليس حكرًا على هذه الآيات فحسب، بل إن جميع الآيات التي حملت قصة موسى عليه السلام في سورة القصص مرتبطة بالرقم 8، وسوف أعرض عليك فيما يلي بعض النماذج الواضحة.
أوَّل لقاء جمع بين موسى عليه السلام وفرعون جاء في الآية رقم 8 من سورة القصص:
{ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُوْنَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُوْدَهُمَا كَانُوْا خَاطِئِيْنَ (8)}
إذا أحصيت كلمات سورة القصص تلاحظ أن أوَّل كلمة في هذه الآية ترتيبها رقم 80 من بداية القصة!
تأمّل مناجاة موسى عليه السلام لربه عزّ وجلّ في هذه الآية وقد جاءت هذه المناجاة من 8 كلمات:
{ قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُوْنَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِيْنَ (17)}
أوَّل ما قال اللَّه عزّ وجلّ لعبده ونبيه موسى عليه السلام 8 كلمات جاءت في هذه الآية:
{ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِيْنَ (30)}
وختمت الآية التي بعدها مباشرة بكلمات من اللَّه عزّ وجلّ إلى موسى عليه السلام وعددها 8 كلمات أيضًا:
{ وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوْسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (31)}
وأوَّل ما قال موسى عليه السلام لربه عزّ وجلّ 8 كلمات أيضًا جاءت في هذه الآية:
{ قَالَ رَبِّ إِنِّيْ قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُوْنِ (33)}
ولكن لماذا الرقم 8 تحديدًا؟
أوَّل ما يلفت نظرك تجاه سورة القصص التي وردت فيها هذه الآيات هو أن عدد آياتها 88 آية!
والأهم من ذلك أن علاقة موسى بشيخ مدين سوف تفضي إلى عهد بينهما مدته 8 حجج، أي سنوات أو مواسم!
لو تأمّلت كلمتي { ثَمَانِيَ حِجَج } التي سوف ترد في صلب الآية التالية تجد أنها تتكوَّن من 8 أحرف!
وهذا يردنا إلى الكلمات التي افتتح بها موسى كلامه مع المرأتين { مَا خَطْبُكُمَا } فهي من 8 أحرف أيضًا!
العدد 28
عدد آيات سورة القصص 88 آية، وترتيبها في المصحف رقم 28
ونص العهد الذي سوف يبرمه موسى عليه السلام مع صاحب مدين جاء في 28 كلمة!
{ قَالَ إِنِّي أُرِيْدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيْدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِيْنَ (27)} القصص
جاء العهد من 28 كلمة وقبل موسى عليه السلام العهد في الآية رقم 28:
{ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُوْلُ وَكِيْلٌ (28)}
ولكن جاءت كلمات موسى عليه السلام 14 كلمة أي بما يعادل تمامًا نصف كلمات العهد!
وبحسب البناء الرقمي للقرآن الكريم وهو بناء متوازن في جميع أركانه وجوانبه فقد تبقَّى لموسى 14 كلمة لا بد له من أن يقولها حتى يكتمل بذلك المشهد الرقمي كما يكتمل بها المشهد البياني أيضًا!
إذًا تبقَّى لموسى عليه السلام 14 كلمة أخرى سوف يحتفظ بها ليقولها لبنت صاحب مدين، ولكن بعد قضاء الأجل، ولا ننسى أن بنت صاحب مدين هي موضوع العهد نفسه، فتأمّل:
{ فَلَمَّا قَضَى مُوْسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّوْرِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّيْ آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُوْنَ (29)}
لقد جاءت كلمات موسى كما هو متوقع في 14 كلمة أيضًا وبذلك يكتمل النصاب تمامًا 28 كلمة!
جاء العهد في 28 كلمة وقبله موسى عليه السلام في الآية رقم 28 وقال لصاحب مدين وابنته 28 كلمة!
قبل أن نغادر الآية السابقة نتوقف لنتأمّل الكلمة رقم 4 وهي كلمة { الْأَجَل }!
عدد الحروف من بداية الآية وحتى آخر أحرف هذه الكلمة 16 حرفًا، وهذا العدد = 4 × 4
كلمة { الْأَجَل } ترتيبها من بداية الآية رقم 4 ومن نهايتها رقم 24، وهذا العدد = 4 × 6
أحرف كلمة { الْأَجَل } تكرّرت في الآية نفسها 40 مرّة، وهذا العدد = 4 × 10
وإذا أحصينا عدد كلمات سورة القصص من بدايتها فسنجد أن هذه الكلمة ترتيبها رقم 456
وهذا العدد يساوي بالتمام والكمال 4 × 114
تأكيدًا على هذه العلاقة تأمّل الآتي:
حرف الميم تكرّر في سورة الأنبياء 397 مرّة.
حرف الواو تكرّر في سورة الأنبياء 386 مرّة.
حرف السين تكرّر في سورة الأنبياء 99 مرّة.
الألف المقصورة (ى) تكرّر في سورة الأنبياء 30 مرّة.
هذه الأحرف الأربعة هي أحرف { مُوسَى }، وقد تكرَّرت في سورة الأنبياء 912 مرّة!
العدد 912 يساوي 114 × 8
تكرّر اسم { مُوسَى } في القرآن 136 مرّة، وهذا العدد = 17 × 8
ورد اسم { مُوسَى } في سورة الأنبياء مرّة واحدة فقط وجاء في هذه الآية:
{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ (48)} [الأنبياء]
عدد كلمات الآية 8 كلمات
رقم الآية 48، وهذا العدد = 8 × 6
تأمّل فيما يلي جانبًا من نمط تكرار حروف سورة الأنبياء:
حرف الخاء ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 7، وقد تكرّر في سورة الأنبياء 17 + 17 مرّة!
حرف الزاي ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 11، وقد تكرّر في سورة الأنبياء 17 مرّة!
حرف الطاء ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 16، وقد تكرّر في سورة الأنبياء 17 مرّة!
حرف الظاء ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 17، وقد تكرّر في سورة الأنبياء 17 مرّة!
مجموع الترتيب الهجائي لهذه الأحرف الأربعة 51، وهذا العدد = 17 × 3
مجموع تكرار هذه الأحرف في سورة الأنبياء هو 85، وهذا العدد = 17 × 5
مجموع الترتيب الهجائي لهذه الأحرف ومجموع تكرارها في سورة الأنبياء = 136
136 هو تكرار اسم { مُوسَى } في القرآن!
هل النبي شعيب والد الفتاتين؟!
هل شيخ مدين، والد الفتاتين، هو نبي اللَّه شعيب عليه السلام نبي قوم مدين؟!
حسب الترتيب الزمني لتسلسل الرسل والأنبياء، فقد جاء شعيب بعد لوط -عليهما السلام- مباشرة، والدليل على ذلك ما جاء على لسان شعيب عليه السلام في سورة هود:
{ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ } .
ومعلوم أن لوط عاش في نفس زمن إبراهيم -عليهما السلام- وقد كان هلاك قوم لوط في زمن إبراهيم عليه السلام بنص القرآن الكريم، والفارق الزمني بين إبراهيم وموسى -عليهما السلام- يزيد على 400 عام.
وبذلك، فإن والد المرأتين صاحب مدين ليس بشعيب النبي المعروف، كما اشتُهِر عند كثير من العلماء، ولا يوجد عند من يعتقد ذلك أي دليل يحتج به، سوى أن شعيبًا عليه السلام كان من مدين، وأن هذه القصة جرت في مدين أيضًا، وقد أهلك اللَّه قوم شعيب بتكذيبهم إيّاه.
وقد ورد اسم شعيب عليه السلام صريحًا في 11 موضعًا من القرآن الكريم، ولو كان هذا الشيخ هو شعيب عليه السلام لكان قد سماه القرآن الكريم أو قد سمته المرأتان باسمه.
إذًا من هو هذا الشيخ؟ لا أحد يستطيع أن يجيبك عن هذا السؤال!
ولكنني سوف أدلَّك على قاعدة عامة مهمَّة، وهي أن كل ما سكت عنه القرآن الكريم، فاسكت عنه أنت أيضًا ولا تبحث عنه، فلو كان في ذكر اسمه فائدة لذكره لنا القرآن! ويكفي أن نقول: صاحب مدين، أو شيخ مدين!
---------------------------------------------------------
المصدر:
مصحف المدينة المنَّورة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة).
عن موقع طريق القرآن