تاريخ المدفعية
يرجع مفهوم المدفعية بشكله الأساسي الي العصور الوسطى حيث يأتي معناها من كلمة attillement و هي كلمة فرنسية قديمة و تعني التجهيزات أو المعدات.
بحلول القرن الثالث عشر كان لفظ artillier يطلق علي صانعي الآلات الحربية بشكل عام و لمدة 250 عام أطلق لفظ مدفعية artillery علي آلات جميع المعدات الحربية.
المعدات القديمة مثل المقلاع وبعض المعدات الحربية الاخري تعتبر من المدفعية و لكن المرة الأولي التي تم فيها تسجيل استعمال المدفعية التي تعمل بالبارود كانت في 28 يناير 1132 عندما استعمل الجنرال هان شيزونج من عائلة سونج الحاكمة في الصين استعمل ما يعرف بالهوشونج وهو مدفع بدائي في اختراق دفاعات مدينة بأقليم فيوجان شرقي الصين. انتقل استعمال أنواع متنوعة من الصين الي الشرق الأوسط حيث سماها العرب المدفع ثم وصلت الي أوروبا أخيراً في حدود ضيقة جدا في القرن 13.
كانت الأسلحة النارية ذات قلب أملس وتُصب من الحديد أو البرونز في قوالب. وتنوعت القذائف من كرات من الرصاص أو الحديد أو الصخر أو أسهم ضخمة أو أحيانا قطعاً من حطام أرض المعركة عند الحاجة. تم تطوير الأسلحة النارية قليلا خلال حرب المائة عام و انتشر استعمالها و ظهرت عدة محاولات لعمل مدفع ذو تحميل خلفي لكن بسبب محدودية الامكانات الهندسية كانت هذة المدافع أكثر خطورة حتي من المدافع ذات التحميل الامامي .
ظهرت بعد ذلك مدافع ضخمة للغاية لدرجة انة كان من الستحيل صبها في قوالب، فكانت تصنع من قطاعات معدنية مربوطة الي بعضها البعض.
وكانت لهذة المدافع مساوئ عديدة منها:
- صعوبة تحريكها ميدانيا .
- لا يمكن نقلها الا مفككة .
- كان لكل مدفع تصميمة الخاص .
- انعدام الدقة في اصابة الاهداف .
في القرن 15 و نتيجة للتطور في صناعتي البارود و الحديد اصبح من الممكن صناعة مدافع اقل حجما و ظهر أول مدفع متنقل علي عجلات يمكن استعمالة في ارض المعركة . كان هذا المدفع يجر علي عجلتان كبار الحجم بواسطة حيوانات و له ذيل يرتكز علي الارض لمنع الارتجاع. لم يستطيع هذا النوع من المدافع مجاراة السرعة المتزايدة للأحداث في أرض المعركة بحلول القرن 16 و ازدياد الأعتمند علي البندقية و بذلك أختفت المدافع تقريبا من المعارك .
تم إبتكار فكرة الكبسولة في العشرينيات من القرن 17 وكانت عبارة عن كيس نت القماش يجمع المقذوف والبارود معا و قد انتشرت الفكرة بسرعة في جميع انحاء العالم . ادت فكرة الكبسولة الي جعل التحميل اسرع و في نفس الوقت أكثر امانا . المشكلة الوحيدة التي واجهت الفكرة هي بقاء اجزاء من قماش الكيس المتهتكة داخل المدفع و تم التغلب علي هذه المشكلة بأبتكار اداة جديدة علي شكل حلزون لة مقبض لتنظيف ماسورة المدفع .
أعاد الجنرال جوستافوس ادولفوس استعمال المدافع في ميدان القتال حيث دفع صناعة الي ابتكار مدافع اقل حجما و اخف وزنا ، و لكن حتي ذلك الحين كانت نتيجة التحام الشاة هي التي تحدد نتيجة المعركة .
شهد القرن 17 أيضا العديد من الابتكارات و منهاالطلقات و المقذوفات المتفجرة و أنواع عديدة من المدافع المتخصصة مثل مدافع السفن و مدافع الهويزر و الهاون .
يعتبر كتاب "فن المدفعية العظيم (الجزء الاول)" و يعرف ايضا ب"فن المدفعية الكامل" "Artis Magnae Artilleriae pars prima" لكاتبة كازميرز سيميونويز و الذي تمت كتابتة في القرن 17 يعد أهم الكتب عن المدفعية في العصر الحديث علي الاطلاق و قد أستعمل في أوروبا لمدة قرنين من الزمان كمدخل اساسي لمعرفة المدافع .
توالي انتاج مدافع اصغر حجما و أخف وزنا واكن لم يتغير تصميم و طريقة عمل المدافع بشكل كبير حتي منتصف القرن 19 .
بدأت التجارب علي الششخنة لماسورة الأسلحة الخفيفة في القرن 15 و لكن الماكينات التي يمكن بواسطتها انجاز عملية الششخنة بدقة لم تتواجد الا في القرن 19 و لم تستعمل بشكل موسع الا في المراحل المتأخرة من الحرب الأهلية الأمريكية حين ظهرت مدافع رودمون بعياراتها المختلفه.
كان مهندس المدفعية الفرنسي جان بابتيست دي جريبوفال هو أول من وضع تصميم موحد للمدفع حيث طور مدفع هويزر عيار 6 بوصه و تم تعميم التصميم الموحد للمدفع و المقزوفات . أدي ذلك الي تسهيل و تسريع انتاج الدافع و إصلاحها . تم أيضا في تلك الفترة اختراع المشعل ذو الحجر و قد كانت المدافع تطلق قبل ذلك بأشعال كمية قليله من البارود بواسطة عود ثقاب أو فتيل ثم تصل النار الي القذيفة داخل المدفع عن طريق ثقب صغير و كان ذلك يسبب خطورة لان مياة الامطار كانت تتسبب في اطفاء الشعلة و استعمال بارود أكثر من اللازم كان يمكن أن يؤدي الي اشتعال كبير . بعكس طرق الاشعال الاخري فان المشعل ذو الحجر كان يصدر الشعلة عن طريق احتكاك حجر صوان صغير بسطح معدني قريب من المقزوف و لم يتطلب الامر لاطلاق المدفع الا سحب المطرقة ثم الضغط علي زر الاطلاق الذي يمكن ايصالة بحبل حيث يتم الإطلاق من مسافة امنة . كان لهذة الأبتكارات دور حاسم في فتوحات نابليون سنة 1789.
مدفعية ألمانية عام 1900
أبتداء من الستينيات من القرن 18 طرأ علي تصميم المدافع سلسلة من التطويرات ثم أزدادت سرعة هذة التطويرات في العقد السابع و ما بعدة . ظهر أول مدفع ذو تحميل خلفي في الثمانينيات و كام ذلك يعني ان طاقم المدفع كان يعمل طوال الوقت خلف حاجز امن . أول مدفع توجد به كل مواصفات المدفعية الحديثه كان المدفع الفرنسي 75 و كان أهم مميزاتة:
- إطلاق دانات ذات مظروف .
- تحميل خلفي فعال .
- توجية بصري حديث .
- مفجر داخلي .
- نظام مضاد للارتجاع باستعمال الهواء المضغوط .
المدفعية الحديثة
تصدي المدفعية الأردنية للدبابات الإسرائيلية في معركة الكرامة في 21 مارس عام 1968
يمكن تمييز المدفعية الحديثة بسهولة من الأتي:
- ذات عيار كبير .
- تطلق دانات متفجرة أو صواريخ .
- تحتاج الي وسائل خاصة للنقل و الإطلاق .
- توفيرها لما يعرف بالنيران غير المباشرة .
تدخل القطع التالية ضمن تعريف المدفعية الحديثة:
- المدافع بأنواعها مثل الهاوتزر و الهاون .
- المدافع الميدانية.
- المدافع الصاروخية (راجمات الصواريخ).
المدفعية الميدانية
تعتمد المدفعية الميدانية بشكل عام علي النيران غير المباشرة ولهذا توجب ان تكون جزء من نظام كامل. العوامل الأساسية في نظام المدفعية:
الإتصالات:
هي حجر الزاوية بالنسبة لنظام المدفعية. ينبغي أن تتوفر باستمرار و ان تكون علي مستوي مناسب من الكفاءة . تم خلال القرن 20 استعمال انواع متعددة من وسائل الأتصالات منها :
- أشارات موريس
- الأشارات الضوثية
- الأتصالات التليفونية
- اشارات الفاكس
- الموجات عالية التردد (HF)
- الموجات عالية التردد جدا (VHF)
- الاقمار الصناعية و وحدات تقوية الارسال
- سنترالات اتصالات الراديو الحديثة
للإتصالات اهمية خاصة بالنسبة للمدفعية حيث ترمز جميع الرسائل بشكل موحد ثم يتم ادخالها الي الحواسيب و تحليلها و حين تصل شبكات الاتصالات الي درجة عالية من التغطية يمكن لاي جندي متصل بهذة الشبكة في ساحة المعركة ان يرسل تقاريرعن الاهداف الحيوية و أن يطلب توجية ضربات مدفعية لهذة الاهداف .
القيادة
هي الجهة التي لها حق توجية المجهود و ذلك بتعيين تشكيلات أو وحدات و يوجد نوعان من التوجية التوجية الخاص و يكون لتعزيز وحدات معينة أثناء إشتباكها في العمليات أو التوجية العام و يكون لتعزيز الوحدات المقاتلة و توجية ضربات ألي العمق. في بعض الأحيان توضع قطع المدفعية التي تقوم بالتعزيز الخاص تحت القيادة المباشرة لقائد الوحدة التي تساندها. توزع قطع المدفعية التي توجة توجيها عاما الي وحدات و تشكيلات أكبر عددا و تكون تحت القيادة المباشرة لقيادات رفيعة بالجيش. و يتم نقلها الي حيث تكون الحاجة في ساحة المعركة و يكون علي قائد المدفعية تحديد الأولويات و بالتالي وضع قيود علي استعمال المدفعية في غير محلها.
تحديد الأهداف
له صور كثيره و لكنه بصفة عامة إما عن طريق مراقبة الهدف مباشرة أو أحيانا يكون بناء علي تحليلات لمعلومات من مصادر متعدده. فرق مراقبة الأهداف هي أكثر طرق الحصول علي الأهداف شيوعا إلا أن فرق المراقبة من الجو أستعملت منذ بداية استعمال أنظمة الضرب غير المباشر ثم أضيفت إليها بعد ذلك تقنية تصوير الأهداف جويا. يمكن لأي شخص يستطيع إدخال المعلومات الي نظام المدفعية أن يعمل كمصدر لتحديد الأهداف و مثال ذلك الجنود في المواقع المتقدمة علي خط النار, حيث يمكنهم مشاهدة الأهداف عينا. يوجد تفاوت كبير في أنواع الأجهزه التي تستعمل في الحصول علي الأهداف و هي:
- أول ما أستعمل من أدوات في هذا المجال كان البوصلة العادية و المنظار المقرب.
- أجهزة الرادار و أدخلت بحلول الحرب العالمية الثانيه
- مركبات المراقبة المتخصصة و التي ظهرت منذ الحرب العالمة الثانية و أدخلت عليها تطويرات عديدة بعد ذلك
- الطائرات غير المسلحة و تعتبر أخر إضافة الي هذا المجال و تم إستعمالها أول مره في بداية الستينيات من القرن العشرين
- أجهزة تحديد المسافات بواسطة الليزر و أجهزة الرؤيه الليليه و التي تم أبتكرت في منتصف السبعينيات من القرن العشرين
- أجهزة تحديد المواقع العالمية (GPS) و التي وفرت حلول أقل حجما مؤخرا
- وحدات متخصصة متحركه مدعمة برادارات مراقبة أرضية و مجسات أرضية علي الخطوط الأمامية
- تحليل التقارير الإستخباراتيه المتعددة
- تتطلب القذائف الموجهه بالليزر أن يكون جهاز التوجيه مسلطا علي الهدف عادة مع فرق التوجيه علي الأرض
هي الجانب التقني من قيادة المدفعية و تظهر أهميتة حينما يكون الهدف في مرمي العديد من قطع المدفعية و تعني السيطره بتحديد نوعية و كثافة النيران لتكون متناسبة مع طبيعة الهدف و الظروف المحيطة و الغرض من ضربه, و ذلك للحصول علي النتائج المطلوبه إستراتيجيا. المشكلة الكونية للمدفعية هي أنه في أثناء العمليات تكون الأهداف الهامة غالبا غير ملحة بينما تكون الأهداف الملحة غالبا غير هامه. بالطبع أهمية الهدف أمر نسبي فالذي يهم قائد كتيبه مشاة مثلا لا يمثل أي أهمية لقائد لواء مدرع.
بشكل عام يوجد نوعان من التعامل مع الأهداف هما
- ضرب الأهداف التي تمثل فرصا تظهر أثناء العمليات
- خطط إطلاق النار المعدة مسبقا و التي يمكن أن تدخل فيها أسلحة أخري مثل سلاح الطيران
التعديل الأخير: